الأحد ١٦ أكتوبر ٢٠١٦
10 أعوام ونيّف مرت سريعة منذ تولينا رئاسة الحكومة في دولة الإمارات، 10 أعوام أطلقنا فيها خطط واستراتيجيات وبرامج، وأعدنا خلالها تشكيل الحكومة عدة مرات، وطورنا خلالها أنظمة لمتابعة الأداء وتطوير الخدمات، وشجعنا على الابتكار وعلى استخدام التكنولوجيا في كافة المؤسسات، ووضعنا الجوائز، وشكلنا الآلاف من فرق العمل، وعقدنا الكثير من الخلوات والاجتماعات، وأسسنا العديد من الأجهزة الحكومية الجديدة، فما هي النتيجة؟ لعل من المناسب أن نقف كل فترة، نراجع أداءنا، ونقيس تطورنا، ونتأكد من اتجاهاتنا. نعم نحن نقف اليوم على أعتاب عشر مضت وخمس سنوات قادمة وصولا للعام 2021 الذي وضعنا له الكثير من الأهداف والغايات، ووعدنا شعبنا بتحقيق العديد من الطموحات والإنجازات، فماذا تحقق في العشر السابقة، وماذا نريد خلال الخمسية القادمة؟ لعلي في هذه الرسالة السريعة ألقي الضوء على مجموعة المؤشرات فيما تحقق، وأترك الباقي للإخوة المسئولين في الحكومة، والإخوة المسئولين في الإعلام ليناقشوه بكل شفافية أمام المجتمع، بدون مجاملات أو مبالغات، بل بلغة الأرقام والحقائق، وبالأبحاث والدراسات، لكي نصحح المسار إن احتجنا، ونكثف الجهود إذا ارتأينا، وأيضا لنشكر المجتهدين، ونشجع المتأخرين. ويعلم الله لا نريد إلا مصلحة هذا الوطن، وعز وخير ونفع المواطن. لو نظرنا للسنوات العشر السابقة نظرة إجمالية، وبرغم ما مر خلالها من أزمات مالية دولية وتباطؤات اقتصادية عالمية، وما مرت فيه منطقتنا أيضا…
الأربعاء ٠٤ فبراير ٢٠١٥
في الكتاب الأخير للتنافسية الدولية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية بسويسرا، تم تصنيف حكومة الإمارات الحكومة الأكثر كفاءة عالمياً، ولا أذيع سراً عندما أقول: إن السبب الرئيس لتفوق أدائنا الحكومي هو أننا خلال سنوات طويلة لم نتعامل مع مؤسساتنا الحكومية على أنها جهات حكومية. بل على أنها مؤسسات خاصة تنافس القطاع الخاص، وتعمل بعقليته نفسها، وتتبنى أفضل ممارساته، وتقاس أعمالها وخدماتها بمعاييره نفسها، بل ذهبنا أبعد من ذلك وبدأنا نقيس سعادة متعاملينا ونصنف مراكز خدماتنا وفق أنظمة النجوم الفندقية المتعارف عليها عالمياً. وأثبتت التجربة نجاحها، حيث ارتفع أداء مؤسساتنا وحققنا الكثير من أهدافنا، ولعلنا نناقش ذلك بشيء من التوسع في القمة الحكومية المقبلة. ولكن شركات القطاع الخاص تمر بدورات في أعمالها، فهي تبدأ صغيرة ثم تنمو وتنطلق وتكبر، ثم يأتي من ينافسها ويطلق منتجات أفضل من منتجاتها، فيتراجع نموها ويتضاءل حجمها وتقل أهميتها ويضعف تأثيرها وقد تخرج من دائرة المنافسة. وهذا ما تثبته الكثير من الدراسات، فأكبر 500 شركة عالمياً في عام 1955 لم يبق منها اليوم إلا 11 % فقط، أما الـ89 % الباقية فقد خرجت تماماً من دورة الحياة والتأثير، بل الأكثر إدهاشاً في الموضوع أن متوسط عمر الشركات في تلك القائمة سابقاً كان 75 عاماً، أما اليوم وفي عالم سريع التغير والتفاعل، فإن متوسط أعمار الشركات…
الأحد ٢٨ سبتمبر ٢٠١٤
تظهر لنا الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم بين فترة وأخرى مدى الترابط المالي والتجاري بين مختلف دول العالم، وأظهرت لنا أزمة «داعش» مدى الترابط الأمني بين مختلف دول العالم. لا يمكن لأي سياسي يعيش في أوروبا أو أميركا أو شرق آسيا أو حتى روسيا وأستراليا أن يتجاهل ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، فحتى لو كان بعيدا عن النيران فستصله حرارتها لأن الحدود الحقيقية بين دول العالم سقطت، والحواجز ألغيت، وإلا فكيف يمكن أن نفسر قدرة هذا التنظيم الذي لم يتعد عمره العشر سنوات على استقطاب مقاتلين من 80 دولة حول العالم، وحشد أكثر من 30 ألف مقاتل مستعدين للموت ولارتكاب أبشع أنواع الفظائع والقتل التي شهدها العالم في العقود الأخيرة؟ لقد أثبتت «داعش» أن العالم أصبح اليوم أكثر عولمة من أي وقت مضى. «داعش» منظمة إرهابية بربرية وحشية لا تمثل الإسلام، ولا تمثل أيضا الحد الأدنى من الإنسانية الحقيقية. ولكن التغلب على هذا التنظيم ليس بالسهولة التي يمكن أن يتوقعها الكثيرون. البنية العسكرية للتنظيم يمكن هزيمتها خلال الفترة القريبة المقبلة بالإمكانات المتوفرة لدى التحالف الدولي الجديد، والإمارات ستكون جزءا فاعلا في هذا التحالف بالتعاون مع الدول التي يمكنها تحمل مسؤوليات هذا الخطر الجديد. ولكن ماذا عن البنية الفكرية لهذا التنظيم؟ لا يمكن فصل البنية العسكرية عن البنية الفكرية…
الثلاثاء ١١ يونيو ٢٠١٣
قبل أكثر من ألف ومائتي عام ابتكر الخلفاء العباسيون مفهوم التواصل المنظم بين الحضارات. ولم يسجل التاريخ المكتوب انفتاح حكام مثلهم على حضارات الآخرين وثقافتهم. وكانت حصيلة ذلك أن جمعت بغداد كل ما أبدعه العقل البشري في مكان واحد، وأسست أول جامعة في العالم، «بيت الحكمة» الذي ضمت مكتبته أفضل ما أنتجته الثقافات الإغريقية والسريانية والرومانية والفارسية والهندية من علوم وآداب. وفي مطلع القرن التاسع الميلادي أصبحت بغداد في عهد الخليفة المأمون، حاضرة العالم الثقافية والعلمية، ومقصد المفكرين والمترجمين من كل الأعراق والأديان، وجسر التواصل بين العقول الشغوفة بالمعرفة والباحثة عن خير الإنسان وسعادته، ومنها انطلقت الحضارة العربية الإسلامية وسادت في العالم القديم لأكثر من خمسة قرون، وأهدت البشرية إنجازات عظيمة، ومهدت عبر إشبيلية وقرطبة وغرناطة للنهضة الأوروبية الكبرى. مازالت فكرة الانفتاح الثقافي وتواصل العقول من أجل بناء مستقبل أفضل فكرة صحيحة، بل لعلها الفكرة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها لمواجهة تحديات كثيرة تواجهها البشرية. اختبرنا هذه الفكرة في دولة الإمارات خلال الأربعين سنة الماضية. اهتممنا ببناء عقل الإنسان، وانفتحنا على عصرنا، واستقطبنا أفضل المواهب أيضاً، فأصبحت الإمارات اليوم نموذجاً لتعايش الثقافات ومركزاً رئيسياً عالمياً يربط بين جهات العالم الأربع. تضاعف ناتجنا الإجمالي أكثر من مائة وتسعين مرة خلال أربعين سنة فقط، وانتقلنا من دولة لا تمتلك أية جامعة لدولة…