السبت ١٢ يناير ٢٠١٣
تساءل الكاتب الايراني المخضرم أمير طاهري في مقاله بصحيفة الشرق الاوسط 4 يناير: اذا كان العام 2012 قد عد بمثابة النسخة العربية للعام 1848 في اوروبا مثلما يلحظ الكثير من المراقبين، فهل سيكون العام 2013 هو النسخة العربية أيضا للعام 1852 الذي شهد انقلابات عسكرية في اوروبا؟ في الحقيقة، كثيرون غير طاهري طرحوا مثل هذا التساؤل، فالتشابه بين ربيع اوروبا في 1848 والربيع العربي في 2011 كبير الى الحد الذي يصح معه القول بأن التاريخ يعيد نفسه، لكن الصحيح أيضا ان النسخة الثانية من الحدث التاريخي عادة ما تكون مشوهة مثلما اثبت التاريخ ايضاً. الثورة ضد الاستبداد، هي القاسم المشترك الرئيسي بين ما جرى في اوروبا عام 1848 وماجرى في العام العربي في 2011. لقد اجتذبت ثورات 1848 الأوروبية و2011 العربية طبقات مختلفة في النضال ضد الاستبداد. ففي اوروبا كانت الطبقة الوسطى الناشئة والعمال والفلاحين الجياع وراء ثورات 1838، لكن في النهاية ذهبت كل ثمار هذه الثورات الى البورجوازية الناشئة (بعد الثورة الصناعية) التي كانت تشارك فيها ايضا. وفيما مثل تدهور المحاصيل الزراعية في تلك السنوات وانتشار المجاعة دافعا قويا للثورات الاوروبية في ذلك العام، فإن الازمة الاقتصادية العالمية لم تكن سوى اشارة لليأس من امكانية حل المشكلات المزمنة مثل البطالة والفقر والفساد التي يعاني منها ملايين من العرب. وعلى…
الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٢
من تلك السنوات السوداء للحرب الأهلية اللبنانية، ثمة قصة تظهر لنا المعدن الحقيقي لرجل الدولة. فمع تقسيم بيروت، كان القسم الغربي من المدينة يغرق في ظلام دامس في ظل وجود محطات الكهرباء في القسم الشرقي منها، هكذا كان على سكان بيروت الغربية أن يعيشوا في الظلام والانقطاع المتكرر للكهرباء. ومن قلب الظلمات، اعتقد المواطن العادي بل وحتى بعض الساسة أن الحل يكمن في بناء محطات كهرباء في بيروت الغربية، وهكذا بدأت الأصوات تتعالى بهذا الطلب، بل إن بعض الساسة اللبنانيين بدأوا يضغطون على رئيس الوزراء في ذلك الوقت الدكتور سليم الحص لبناء مثل هذه المحطات. ظاهرياً، يبدو المطلب مشروعاً ومنطقياً يمكن أن يسهم في إنهاء معاناة سكان بيروت الغربية، مع هذا فإن "الحص" رفض القيام بذلك بإصرار برغم تهديد بعض وزراء حكومته له باستهداف حياته. لقد قال الرجل إنه إذا بنينا محطات في بيروت الغربية فإننا سنكرس تقسيم المدينة. كان ذاك في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، في وقت لم يكن فيه لا "الحص" ولا أي مواطن لبناني يجرؤ على التفكير بأن بيروت ستعود مدينة موحدة وأن الحرب الأهلية ستنتهي. فما الذي كان يحرك "الحص" لرفض القيام بخطوة كانت ستجلب له الشعبية وتصفيق الجمهور؟ أي إيمان هذا الذي دفعه لرفض ما بدا أنه مطلب مشروع في نظر الغالبية من الناس؟…
الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٢
بعد شهور قليلة من انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، أعلن الرئيس الاسرائيلي الحالي شمعون بيريز أن "الاسلام هو العدو الجديد للغرب لأنه ينطوي على نفس الطبيعية الشمولية للشيوعية". قليلون إستوقفتهم تلك العبارة في البلدان العربية والاسلامية وفهموا مدلوها جيداً. الآن ومن غبار معركة الفيلم المسيء للنبي محمد (ص)، تشخص تلك الكلمات من جديد بقوة في الافق. لقد حكمت تلك العبارة وطبعت بقوة مجريات الأحداث من العام 2001 وحتى العام 2011. لقد كانت هجمات 11 سبتمبر هدية وكان بيريز مبتهجاً دون شك وهو يرى الحرب المتنامية ضد من إعتبرهم "اعداء الغرب" الجدد. فالحرب العالمية ضد الإرهاب التي دشنها جورج دبليو بوش بعد الهجمات بقليل ضد تنظيم "القاعدة"، تحولت بالنهاية الى حرب ضد الاسلام نفسه. وفي مسعاهم لفهم دوافع الغضب والتطرف لدى الشبان المسلمين، ذهب مؤرخون واكاديميون وباحثون غربيون عميقا في البحث لكن بافكار نمطية جاهزة مسبقاً قادت بالنهاية الى أن يصبح الاسلام نفسه هو المتهم. لقد عكست تلك المفاهيم النمطية نفسها (وبغباء شديد) في ضغوط مارستها ادارة بوش ضد الحكومات العربية لتغيير المناهج الدراسية، خصوصا مناهج التربية الدينية وشطب كل الآيات القرآنية التي تضم مفردة "الجهاد". باختصار شديد، اصبح الاسلام تحت المجهر، لكن الاهداف كانت استراتيجية: ان الغرب لا يمكنه التعايش مع العالم الاسلامي". هدف يعيد التذكير بأن صمويل هنتغتون ونظريته…