الإثنين ٠٥ أكتوبر ٢٠١٥
هب العالم المتمدن للدفاع عن حق السوريين في اللجوء إلى مجتمعاته، واتخذت أغلبية مواطنيه مواقف أيدت استقبالهم باسم حق الإنسان في الحياة والرعاية، بينما عارضت أقلية عنصرية قدوم اللاجئين إلى بلدانها وطالبت بطردهم لأسباب ثقافية ودينية، مع أن معظم رجال الدين تبنوا الموقف الأول، الإنساني. بذلك، انطوى الانقسام على رمزية عظيمة الدلالات، وضعت الإنسانيين في صف اللاجئين، والعنصريين في صف النظام الذي هجر معظمهم، وقربت الرأي العام الواسع من مطالبهم، بينما اعتمد العنصريون أباطيل مما يتبناه النظام الأسدي ضدهم، تتهمهم بالأصولية والإرهاب. هذا الوضع بمغازيه المهمة، التي تبشر بإنهاء غربة الرأي العام العالمي عن القضية السورية، وبتشكله كرأي عام يرى فيها قضية عادلة يجب أن يتضامن معها، يمثل نقلة خطيرة المعاني يمكننا جعلها حاسمة التأثير سياسياً وإعلامياً بالنسبة لمواقف الدول من شعب سوريا، في ظل توفر عاملين: ـ وجود علامات جدية تؤكد تراجع سلبية الرأي العام العالمي حيال مأساة سوريا، بفضل احتكاكه الحالي مع جوانب ملموسة منها يجسدها معظم اللاجئين إلى أوروبا، واتساع حملات التضامن معهم إلى أوساط متزايدة من الناس، بالأخص من لهم منهم رمزية كثيفة وفاعلة في مجتمعاتهم كالفنانين والرياضيين والسياسيين والمثقفين ورجال الدين والنقابيين. هذه المنطويات المهمة للتضامن مع لاجئين صار ينظر إليهم كضحايا مأساة طالت وشرعت نتائجها تهدد جوارها القريب والبعيد، يمكن أن تترجم إلى سياسات…
الإثنين ٢٨ سبتمبر ٢٠١٥
تخلق في أيامنا، ومنذ بعض الوقت، تطوران خطران يتمثل أحدهما في تحول عميق يصيب الموقف الدولي من الأسد ونظامه، انتقل معه من القول بحتمية رحيله عن السلطة إلى القبول ببقائه فيها خلال المرحلة الانتقالية. ويتمثل ثانيهما في التغير الخطر الذي أحدثه في أوضاعنا السورية احتلال الجيش الروسي أجزاء عزيزة من وطننا، وقيامه ببناء قواعد عسكرية برية وبحرية وجوية فيها، انطلاقاً من الساحل وصولاً إلى حماه وحمص ودمشق، إضافة إلى ما يمكن أن يترتب على ما يملكه الغزاة من أسلحة فائقة التطور، سيكون لاستخدامها نتائج سلبية، ووخيمة، على الشعب السوري وثورته وقواه السياسية والعسكرية. يزيد من قلقنا إعلان أطراف من «المعارضة» قبولها الوجود العسكري الروس في بلادنا، واعتباره عاملاً يساعد على تحقيق حل سياسي لصالحنا، وما سيترتب على هذا القبول من انقسامات في الصف المعارض، ومن اختراقات روسية، وغير روسية للصف الوطني. أن روسيا لم ترسل جيشها إلي بلادنا من أجل تحقيق مطالب شعبنا، بل أرسلته لحماية شخص يحتل القصر الجمهوري في دمشق، تسببت جرائمه في أعظم نكبة حلت بشعبنا على مر العصور والدهور. ويؤكد أن قبول أي سوري بالغزو الروسي لوطننا يندرج في باب الخيانة الموصوفة، ويذكر في الوقت نفسه بأن مكافحة الإرهاب لا تستدعي تسليح الطائرات الروسية بصواريخ جو/جو مداها 300 كيلو متر.. وبصواريخ متوسطة المدى هي على الأرجح…
الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠١٣
انا من الذين يصدقون كل ما قاله الجيش الحر عن معلولا وبراءته من الاعتداء على اي شخص من سكانها واي موقع ديني فيها . وقد سبق لي أن شرحت في اكثر من مناسبة حقائق ما حدث فيها ، واكدت أن جيش وطيران السلطة هو الذي قصف مواقعها الدينية والأثرية ودمرها. لكن هذا لا يعفيني من قول بعض الملاحظات حول الإطار السياسي ، الداخلي والدولي ، الذي وقعت فيه احداثها . من المعروف ان الاسد كان يختنق بجريمة الكيماوي التي اراد بها قلب موازين القوى الداخلية لصالحه ، لكنها أدت إلى عكس ما اراده وأثارت عليه العالم ، بمن في ذلك بعض حكام طهران : شركاؤه في الحرب ضد سوريا ، وكذبة موسكو ، الذين يدافعون عنه ويديرون سياساته الخارجية وعلاقاته الدولية، بعد ان صار لافروف وزير خارجيته الحقيقي، وبوتين عرابه الرئاسي وحامي مافياته خارجيا وداخليا . في مأزق النظام ، الذي اضمر علامات على موته وادى إلى ردود افعال وحشود عسكرية لا قبل له بها ، كان من الضروري ان يفتعل حدثا خطيرا يعيد الصدقية لأكاذيب نشرها ، مارست تاثيرا جديا على الرأي العام العالمي ، وجعلته يقاوم ضربه ويرفض عملا عسكريا ضده، لو وقع لكانت فيه نهاية الاسد وعصاباته. والآن : اي موقع في سوريا يمكن ان يستثير المشاعر…
الأربعاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٣
ثمة جواب بسيط ومباشر عن هذا السؤال هو باختصار: لأن الإجرام هو جوهر وروح النظام الأسدي، الذي حكم سوريا بمعادلة قالت بكل صراحة: أحكمكم أو أقتلكم. واليوم، وبما أن الأسدية لم تعد قادرة على حكمهم، فإنها تقتلهم. هذا الجواب لا يمكن أن يشكك في صحته إنسان يتابع ما جرى في سوريا منذ خمسين عاما إلى اليوم، رأى خلالها كيف رفض قادة نظامها إجراء أي مراجعة لسياساتهم الأمنية/ العسكرية، رغم اتضاح خطئها وقصورها عن معالجة الواقع منذ بدء انتفاضة الشعب السوري منتصف شهر مارس (آذار) من عام 2011. تمسك قادة السلطة بإجرام الأسدية لأنه يعبر عن طبيعتهم، والدليل ما قدمه هؤلاء من دعم مطلق لبشار بدل الانقلاب عليه، وتأييد نهجه الانتحاري عوض العمل على تغييره بما لديهم من خبرة في الحكم، وما يلاحظونه من اختلاف بين الثورة وأي وضع سبق للنظام أن واجهه قبلها. سار هؤلاء وراء رئيسهم الأحمق دون اعتراض أو تردد، وها هم يواصلون سيرهم وراءه نحو الهاوية، رغم أنهم تولوا السلطة قبل ولادته بزمن طويل، وتعاملوا خلال خمسين عاما مع ملابسات الواقع السوري ومشكلاته. إلى ما سبق، هناك أيضا جواب غير مباشر يتعلق بالوضع الراهن الذي بلغه الصراع ضد الأسدية، التي بادرت قبل ثلاثة أشهر إلى شن هجومها الاستراتيجي الخامس ضد الشعب والجيش الحر، وسط تطبيل إعلامها وتزميره،…