محمد برهومة
محمد برهومة
كاتب أردني

عن تكريم أبو ظبي ابن عربي

السبت ٠٦ مايو ٢٠١٧

يُحسب لمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب تكريمه هذا العام شخصية ابن عربي (1165-1240). وتكمن قيمة هذا التكريم للتصوّف الفلسفي، أنه يعيد إلى الواجهة النقاش في شأن الإصلاح الديني، عبر التركيز على عقلنة المُثــل والتجارب الدينية، وتوسيع مِروحة أنماط الـــديّن، وتقليص الفجوة بينها وبين الاختيار الفردي، وفرز ما تنطوي عليه تلك التجارب من معــــانٍ إنسانية تنظر إلى الإنسان باعتباره قيمـــة مركزية في الكون والحياة، وتأثير هذا كله في مسيرة ومحاولات الإصلاح الديني. إعادة الاعتبار لابن عربي تساهم في بلورة ما يسميه فهمي جدعان «الأصول البِذرية» للعقلانية والحداثة الأخلاقية الإسلاميتين مما وُجِد في مصنفات المعتزلة والتوحيدي والمعرِّي ومسكويه وابن سينا وابن رشد و «إخوان الصفا» وأهل التصوف، ممن كان الإنسان شاغِلَهم في النظر. وثمة باحثون لفتوا النظر إلى أن فكرة «الإنسان الكامل» ظهرت في الثقافة العربية، وانطوت في تضاعيفها على النظر إلى الإنسان كفكرة مركزية في الوجود، وعلى أنه قادر على بلوغ الدرجات العالية للإنسان الكامل. وهذه الفكرة تداولها ابن عربي والسهروَرْدي والحلاج وعبدالكريم الجيلي، وتم البحث في أن النزعة التنويرية لابن الراوندي ذاعت بين الناس إلى أنْ خبت وفقدت فرادتها نهاية القرن السابع الهجري. والحقيقة أن انطفاء هذه الجذوة أفضى إلى فكرٍ وفقهٍ وتراثٍ ديني يكرّس صورة للإنسان والعقل بوصفهما «قاصرين». ولا شك في أنّ تراجع التوجُّه إلى الإنسان كقيمة عليا…