الإثنين ١١ فبراير ٢٠١٩
نشرت صحيفة الواشنطن بوست قبل أسابيع نقلا عن مصدر مجهول في المخابرات الأمريكية رفضت ذكر اسمه، ما قالت إنها معلومات خاصة تحصلت عليها عن رسائل «واتساب» جرت بين ولي العهد السعودي والمستشار بالديوان الملكي السعودي الأستاذ سعود القحطاني في يوم اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، زعمت فيها الصحيفة أنها تطرقت للحادثة، بالطبع جاءت تلك التسريبات - المزعومة - ضمن حملة الاستهداف الواضحة والممنهجة ضد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. دعونا نتذكر ما حصل.. تلقفت التسريبات -غيرالمؤكدة - وسائل الإعلام المنحازة ومكنة التهييج والخصوم السياسيين الذين وظفوها لمحاولة ضرب مكانة الأمير وتوريطه واتهام مستشاره سعود القحطاني، في قضية ثبت أن القيادة السعودية لم تكن على علم بها وأنها نتجت عن خلاف معزول حدث داخل القنصلية بين موظفين أمنيين وخاشقجي وتتم الآن محاكمتهم. فور نشر الصحيفة للتقرير بدأت حملة إذكاء هائلة ضد السعودية، باعتبار أن المصدر الذي استندت عليه الواشنطن بوست يعمل في المخابرات الأمريكية، وهو ما سيعزز مصداقية التسريب، لقد اضطر مسؤولون أمريكيون على اطلاع بتفاصيل التسريب وسقوط مصداقيته إلى تكذيبه والتأكيد على أنه مزاعم تناقض الحقيقة. ومع ذلك استمر تحالف قوى اليسار وقطر وتركيا في تدوير الخبر على أنه حقيقة مؤكدة من خلال التلويح بالمال والجوائز لمن يدخل في فريقهم، حتى استطاعت السعودية وعلى وجه الدقة المدعي العام…
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٨
ظاهرة الدولة الوطنية المتصاعدة في أمريكا وأوروبا ليست موضة سياسية طارئة، بل هي ردة فعل عميقة على ما يسمى بالعولمة ومحاولات قوى اليسار والمتطرفين الليبراليين والمنظمات العابرة لتفتيت الدول القديمة وتذويبها في أفكار وقيم أممية، ليصبح الانتماء للأفكار والتيارات أهم ومقدم على الانتماء للأوطان. خلال أحداث القاعدة الإرهابية في المدن السعودية 2003-2005 فوجئ السعوديون قيادة ومواطنين أن البعض من بينهم لايرى أهمية للوطن كقيمة ومرجعية، بل إن البعض كان يحتقر بالأساس الدعوة لها والتغني بها، داعيا إلى استبدالها بالأممية، كان موقفا صادما لكنه أيقظ في المقابل الكثير من المشاعر الوطنية والخوف على البلاد. الحوادث الجسيمة التي وقعت في المدن السعودية، والتباين الذي حدث من بعض «الحركيين» في فهمهم ونظرتهم للوطن وخطورة انعكاسها عموديا تجاه الشارع دفع الحكومة لتنفيذ مجموعة من الخطوات العاجلة لتعزيز حب الوطن وإعلاء مكانته، بعد عقود تصور فيها الجميع أنه تحصيل حاصل وموجود في وجدان الناس ولا يحتاج إلى مجرد التفكير فيه. الخطوات تمثلت في تعزيز مفهوم الوطنية وتقديمها على ما سواها، بالطبع لا تتقدم على الدين فهو رأس كل شيء، إلا أننا اكتشفنا أن الدين يعزز النظرة للوطن ويعمقها، ولم يكن كما صورها الحركيون أن الدين والوطن يفترقان ولا يجتمعان. كان مفهوم الأممية بمفهومها «الإخواني» والدعوة للخلافة العثمانية وتمجيدها وتعزيز صورتها في الخيال الرومانسي السعودي هو…
الخميس ٠٦ ديسمبر ٢٠١٨
عندما قال الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - للأمير محمد بن سلمان بعد أن ألقى القسم بين يديه إثر تعيينه وزير دولة عضو مجلس الوزراء السعودي العام 2014: «إن شاء الله أنك تحكم أرضك»، لم يكن الملك الحكيم يلقي كلاماً جزافاً، فهو الملك وليس في حاجة لمثل ذلك، فما عرف عن الملك عبدالله أنه مباشر في آرائه لا يجامل وما في قلبه على لسانه. لم تكن تلك نبوءة لمجدد يأتي على رأس القرن الثالث من تاريخ الدولة السعودية فقط، بل كانت خياراً إستراتيجياً لدولة بلغت عقوداً طويلة، وأصبح من الملح عليها أن تقف مع نفسها، وتتعامل مع الواقع، وتغير ما يحتاج التغيير وتنطلق نحو مئة عام أخرى. سنعود للوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي وصلته الدولة السعودية وحاجتها للتطوير والتقدم قبل أن تدهمها الشيخوخة أو الترهل. خلال أكثر من مئة عام مرت السعودية بأطوار مختلفة، ربما لا تمر بها الدول والإمبراطوريات إلا عبر مئات السنين، وقفت خلالها كدولة حديثة واثقة من نفسها وصنعت الإنجازات، بدءاً من معارك التوحيد وصراعات المنطقة والحروب التي لا تنتهي في هذه البقعة من العالم، وليس انتهاء بما يحصل اليوم من إعادة تموضع وتغيير عميق في التحالفات الإستراتيجية. السؤال المهم هل كانت السعودية ستصل في يوم ما إلى ما يمكن تسميته بانسداد أفق اجتماعي واقتصادي…
الأحد ٢٥ نوفمبر ٢٠١٨
خلال مائة عام مضت من تأسيس البلاد السعودية وتوحد أراضيها تحت راية وحُكم واحد مكملة دولتها الثالثة، استطاعت الرياض المرور من أزمات وصراعات وحروب طاحنة بمرونة وحنكة وطول صبر، ربما كانت واحدة من تلك الحروب كفيلة بإزالة إمبراطوريات كاملة، لا يزال السعوديون يتذكرون مؤامرات انقلابات الخمسينات والستينات الميلادية التي داهمت العالم العربي وهزت أركانه وغيرت من الشكل السياسي والاجتماعي لدوله، وما تلاها من حروب معلنة وغير معلنة استهدفت وحدة السعودية وحدودها واقتصادها ودورها العربي والإسلامي، حتى وصلنا إلى ما يسمى بأزمة إسطنبول الحالية وما شهده العالم من انقضاض لقوى وتحالفات هدفها القضاء على المملكة. هناك سؤال يطرحه كثير من «المخاصمين» للرياض، وبعض المندهشين من تفوق أدائها السياسي خلال الأزمات، وما هي مميزات مؤسسة الحكم السعودية التي لا يجاريها فيها أحد واستطاعت أن تحميها من عواصف عاتية وصلت إلى حد التحالف «الوقح» بين قوى متناقضة واستخدام كل الحيل والأساليب للإطاحة بها. لا شك أنه الدهاء والحلم والعفو وطول الصبر الذي عرف به ملوك وأمراء آل سعود وطبقوه في سياساتهم وتعاملهم، دهاء ينعكس في تحرك الدولة السياسي وصبرها وقت ما يقتضي الصبر، وصمودها أمام أعدائها مهما كانت قوتهم، والإطاحة بهم حينما تحين ساعتهم التي دائماً ما تأتي بتوقيت الدرعية. مؤسسة الحكم السعودية راهنت أولاً على مواطنيها، فهم درعها الحصين وجبالها الملتفة حولها…
الأحد ٠٤ نوفمبر ٢٠١٨
في العام 1925 واجهت الدولة الناشئة في نجد والحجاز أول أزمة دولية لها، كانت حملة عداء هائلة تسببت بها قوى إقليمية ومنظمات إسلامية وفقهية على خلاف مع المذهب الفقهي السائد في الجزيرة العربية، كان الهدف تشويه الملك عبدالعزيز آل سعود الزعيم الجديد في المنطقة وتعطيل مسيرته وتهديد دولته الناشئة، التهمة كانت جاهزة، لقد قام «الوهابيون»، حسب وصفهم، بالمساس بالحجرة النبوية وهدموا القبة الخضراء و«الضريح الشريف»، بالطبع لم تكن سوى إشاعة مغرضة روجها أعداء الدولة الفتية. كانت دولة الملك عبدالعزيز فقيرة ولا تمتلك بنية تحتية للدفاع عن نفسها وتكذيب تلك الأباطيل، إلا أن الإشاعة انتقلت في العالم الإسلامي كالنار في الهشيم لأنها مست أقدس أقداس المسلمين، بالتأكيد أن جيش الملك الذي دخل إلى المدينة المنورة صلحاً وبدعوة من أهلها لم يخالف أعرافه الإسلامية، بل إن الأهالي أصروا على أن يستلم المدينة ابن الملك الأمير محمد بن عبدالعزيز، وقد كان دخولا سلميا حافظ على كرامة الناس وحمى المقدسات. لن تنسى المملكة العربية السعودية أن موسكو دعمت موقف الملك عبدالعزيز من عدم تعرض الأماكن المقدسة أو القبر الشريف لأي هدم أو تعديات، بل وثمنت موسكو حماية الملك للحرمين الشريفين، كان موقفا دوليا مهما حد من الهجمة المسعورة، مع التذكير بأن موسكو كانت أول عاصمة خارج المنطقة تعترف بالملك عبدالعزيز سلطاناً على نجد والحجاز…
الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٨
لسنوات طويلة كانت السعودية أرضاً للفرص ومنتهى أحلام وآمال ملايين من الشباب والعائلات من كل أصقاع العالم، تدفقوا منذ الخمسينات الميلادية وربما قبل ذلك إلى المملكة الناشئة، بدأت حياتهم من العمل في متاجرنا ومصانعنا وشركاتنا، بنوا مستقبلهم ورعوا عائلاتهم وازدهرت أوطانهم بسبب التحويلات المالية الكبرى التي أرسلوها. كانت السعودية في حالة نمو متسارع وخلية عمل تكاد لا تهدأ، أرض مترامية الأطراف متباعدة المدن والقرى والهجر كل متر منها في حاجة للتنمية والتطوير، ومن محاسن الصدف أن خرج من باطنها الكنز الذي ساعدها في تمويل أحلام بنائها. لعل أصعب ما واجه الخطط الهائلة التي قادتها الدولة، كان عدم توفر الأيدي العاملة المحلية القادرة على سد احتياجات مشاريع النمو السريعة والكبيرة، الصعوبة الأخرى كانت غياب أي بنية سابقة، فالأراضي قاحلة والمدن فقيرة والبلاد في حاجة لكل شيء من المياه الصالحة للشرب للطرقات والتعليم والزراعة والصناعة والبناء والتجارة والصحة، تقريبا كل شيء، فكانت التكلفة مضاعفة ومحاولة اختصار الزمن أكثر كلفة. اضطرت الدولة لاستقدام عشرات الملايين من العمال والخبراء والفنيين لتحقيق إرادتها في تنفيذ تنمية مستدامة لشعبها، تنقلهم من فقر الحياة إلى غناها، كانت فرصة للشباب المغامر المتحمس القادم من الفلبين شرقا حتى أقصى المدن الأمريكية غربا، لم يكن الأمر يحتاج أكثر من تأشيرة وعقد عمل ليصلوا إلى أرض الأحلام الجديدة، يقضون فيها بضعة…
الخميس ٢٠ سبتمبر ٢٠١٨
هناك سؤال يشرح إلى حد كبير كل ما يحصل في المنطقة الممتدة من الرياض إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، هل كسرت السعودية الطوق الذي حاولت الإدارة الأمريكية السابقة جاهدة محاصرتها داخله ؟ طوق صنع على عين أوباما وبمساندة من إيران وقطر والتنظيم العالمي للإخوان، تمهيدا لتحقيق أحد أمرين، إما «انهيار داخلي» تعقبه فوضى تشبه إلى حد كبير ما حصل في ليبيا نظرا لتقارب الظروف الاقتصادية والبنية الاجتماعية والقبلية بين البلدين، أو إجبار الرياض على التراجع عن أدوارها العربية والإسلامية وفرض أجندات إقليمية ودولية عليها، بما فيها قيم اجتماعية ودينية مرفوضة شعبيا لخلق انفصال بينها وبين جبهتها الداخلية. الجواب.. بالتأكيد فعلت السعودية ذلك وبنجاح «مؤلم ومر» لأعدائها، لكن ما هو الطوق الذي كسر وكيف حصل ذلك.. بدأت المؤامرة بالتشكل داخل رحم الإدارة الأمريكية منذ وصول باراك أوباما وطاقم عمله اليساري للحكم العام 2008، إلا أنه تسارع أكثر مع دخول الاحتجاجات أو ما سمي بالربيع العربي إلى دول البحرين واليمن وسورية ومصر وتونس وليبيا، كانت أياما صعبة على السياسيين السعوديين، فالعالم العربي يشتعل وينهار من حولها وهي بين نارين، المحافظة على سلمها وأمنها الداخلي من محاولات تفتيته، والحد من الخسائر بين الحلفاء الأوفياء والدول الشقيقة التي تم الانقلاب عليهم بمباركة أمريكية. استوعبت الرياض الصدمة الأولى وبدأت في تقليل الأضرار، والتزمت أمام الله…
الإثنين ١٧ سبتمبر ٢٠١٨
عزيزي السعودي هناك من يريدك أن تؤمن إيماناً كاملاً أن قطر وتركيا وإيران والحوثيين والإخوان وحزب الله والقاعدة وسعد الفقيه والمسعري والعهد الجديد والمفك والظواهري وجمال خاشقجي وأبو بكر البغدادي، لا هم لهم إلا مستقبل المملكة ونماؤها وازدهارها، وأنهم لا ينامون الليل سهرا وأرقا بحثا عن مصالح السعوديين وتحقيق نهضتهم وتطلعاتهم وتوفير الأمن والأمان لهم. ويجب أن تقتنع ودون تردد بأن محاولة محاصرتك دوليا وتشويه سمعتك والتقليل من شأنك هي من باب المحبة وربما مزاح لطيف من قطر ومرتزقتها ليس أكثر، وأن حرب الحوثيين الممولة من الدوحة وقتلهم لمئات الشهداء من أبناء عمك وإخوانك هو لأهداف المماحكة السياسية، وأن قصفهم لمدنك الحدودية وإطلاقهم لمئات الصواريخ التي تصنع في إيران وتمول من «تميم وأبيه وإخوانه» هدفها نثر الورود والسعادة في مدنك وشوارعك لا نشر الموت والدمار كما تتوقع. كما أن قطر التي دعمت القاعدة وأدخلت قادتها عبد العزيز المقرن وخالد حاج والمجاطي بجوازات سفر قطرية للسعودية، وبثت عبر قناة الجزيرة رسائل بن لادن ومقابلات مع الإرهابيين ومولت مخربي العوامية وهربت لهم الذخائر والمتفجرات كانت تريد تحسين حياتك وحياة أولادك، وعليه يجب ألا تغضب ولا تشارك في الدفاع عن وطنك. هل يفاجئك أن حمد بن خليفة وبن جاسم وتميم ونصر الله وخامنئي لا يستيقظون صباحا إلا بحثا عن حلول لمشاكل المملكة والدفاع…
الخميس ١٣ سبتمبر ٢٠١٨
مخطئ من يعتقد أن دور الحزب «الديموقراطي» الأمريكي المشبوه في المنطقة العربية بدأ مع دخول أوباما البيت الأبيض، بل هو أخطر وأعمق وأقدم من ذلك بكثير. سأضع حادثة تفجيرات الخبر، التي وقعت خلال فترة رئاسة بيل كيلنتون، منطلقاً للمقال عائدين بعد ذلك إلى إدارتي كارتر وباراك أوباما. في عام 1996 حصل تفجير إرهابي ضخم في مدينة الخبر السعودية استهدف مقراً سكنياً لخبراء عسكريين أمريكان، لم تستهدف «الخبر» عبثا؛ إذ كان إرهابيون من الجنسية السعودية يشكلون خلية إيرانية في المنطقة الشرقية حيث أكبر مخازن النفط في العالم. استطاعت الخلية المكونة من عبدالكريم حسين الناصر، أحمد المغسل، علي سعيد الحوري، إبراهيم صالح اليعقوب وشخص مجهول الهوية لبناني الجنسية، تصنيع متفجرات قدر حجمها بعشرة آلاف كيلو من مادة تي إن تي شديدة التأثير. قامت الخلية بشراء شاحنة (صهريج مياه) لتكون أداة للتفجير، أفراد الخلية تدربوا في طهران وفي قاعدة سرية لحزب الله في البقاع اللبناني على مدى أشهر، عادوا للسعودية بطرق مختلفة والتقوا في المنطقة الشرقية، وأشرف على العملية خبير أمني تابع لحزب الله دخل تحت غطاء مزور. في ليلة الحادثة غادر نصف الخلية إضافة لخبير حزب الله، بعدها توجه أحد الإرهابيين بالشاحنة إلى المجمع، أوقف الشاحنة ثم فجرها عن بعد ليلتحق بسيارة مرافقه، تمكنت الخلية من الهروب إلى خارج البلاد. خلال ثوانٍ…
الإثنين ٠٣ سبتمبر ٢٠١٨
في 25 يونيو 2013 اضطر أمير قطر السابق حمد بن خليفة للقيام بتنازل مر عن الحكم لصالح ابنه تميم بن حمد، أما ظروف التخلي «كرهاً» فلها ظروفها التي سنتناولها لاحقاً بعد أن نمر على الطريقة التي استخدمها للوصول لإمارة دولته، وكيف اختار أولياء عهده بعد ذلك قبل الوصول أخيراً إلى تميم. مر حكم حمد بمنعطفات عديدة تعكس شخصيته وما تكتنزه من رغبات وطموحات تتجاوز الأخلاق والمنطق والمعقول، لعل أهمها اغتياله عمه سحيم بن حمد منتصف الثمانينات - حسب رواية ابن سحيم الشيخ سلطان - الذي كان الرجل الثاني في قطر وشريكا لأخيه الشيخ خليفة بعد توليه مقاليد الحكم إثر قيامه بانقلاب على ابن عمه في فبراير 1972. كان اغتيال الشيخ سحيم تمهيدا داميا لوصول حمد بن خليفة للحكم وإزاحة أي مصدر تهديد قد يعيق تلك النفس الشغوفة مهما كان الثمن، وهو ما حصل لاحقا في العام 1995 فلم يعد حمد قادراً على الانتظار أكثر من ذلك ليقود انقلابا على والده ومصدرا أوامر بالقبض عليه عبر الإنتربول الدولي. ضمن تكتيك حمد - المؤقت - وضع أخاه الشيخ عبدالله وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء، ولم ينس مكافأة مهندس الانقلابات حمد بن جاسم الذي عينه بدوره وزيراً للخارجية. بقي عبدالله مجرد واجهة حتى أزاحه ووضع ابنه جاسم وليا للعهد، وحمد بن جاسم رئيسا…
الإثنين ٠٦ أغسطس ٢٠١٨
لم يكن خروج سفر الحوالي المقعد والمريض لعشر سنوات مضت، وما رافق تلك العودة من نشر لكتابه المثير للجدل «المسلمون والحضارة الغربية»، والاحتفاء المريب به من مثلث الشر «قطر، الإخوان، القاعدة» صدفة كما أريد لنا أن نفهمها، كما لم يكن خروج حمزة بن أسامة بن لادن وعودته للأضواء بتلك العدائية والغرور والصدامية والدعوة للقتل وسكب الدماء هي الأخرى صدفة. فماذا يدور في الخفاء يا ترى. لنعد للخلف قليلا إلى أواسط الستينات الميلادية لنحاول تفكيك ما يحصل اليوم، إذ لطالما بحث الإخوان عن شخصيتين يعتقدون أنهما تمثلان رأس مشروعهم للمواجهة والتمكين. أولا.. مفكر «إسلاموي» يكون مصدر فخرهم ومرجعيتهم العقائدية، وتستمد جماهيرهم منه الإلهام والأفكار، يتم من خلاله التعبئة ضد الخصوم ويستخلص من أدبياته المبادئ والفتاوى، فحسن البنا لم يكن سوى مؤسس للجماعة بلا عمق ديني ولا فكري وكل المرشدين من بعده كانوا كذلك. لذلك كان من الضروري «للجماعة» اختراع مرجعية فكرية يتم تضخيمها والاحتفاء بإنتاجها وتحويلها إلى أيقونة «للنضال والتضحية من أجل مصلحة التنظيم أو الشهادة» كما يزعمونها. من هنا خلقت شخصية سيد قطب، لقد وجد الإخوان في قطب، المفكر العلماني السابق، ضالتهم، وخصوصا مع انقلابه على مفاهيمه القديمة والتحاقه بالجماعة. أخذوا من أدبيات سيد قطب ما سهل عليهم اغتيال السادات بل اغتيال العالم الإسلامي كله فيما بعد، مستندين إلى نظريتي…
الخميس ٢١ يونيو ٢٠١٨
دعونا نسترجع الأحداث عشية يوم 4 يونيو 1984، لقد كانت الحرب الإيرانية في ذروتها والتدخل الدولي، خاصة الأمريكي والسوفيتي، بدأ يأخذ مساراً أكثر خشونة بعدما مدت إيران اعتداءاتها نحو ناقلات النفط التي أغرق بالفعل عدد منها، كانت طهران تقصد من ذلك إحداث ضغط اقتصادي على الدول المساندة لبغداد وزيادة فواتيرها، دفع الدول الغربية لوقف تصدير أسلحته للعراق والضغط على حلفائها للتوقف عن دعم العراق عسكرياً واقتصادياً، لقد كانت عملية يائسة من ملالي إيران إثر دخولهم في دوامة حرب لا نهاية لها. كان الدعم السعودي للشقيقة العراق متدفقاً بكافة أوجهه، فسقوط بغداد كان يعني بلا شك سقوط المنطقة كلها تحت وطأة الإرهاب والهيمنة الإيرانية، في يوم 5 يونيو من نفس العام وقع ما لم يكن في الحسبان، فقد اكتشفت طائرات الأواكس السعودية - التي وصلت للتو إلى قواتها الجوية - سرباً من الطائرات الإيرانية يقترب من المجال الجوي للمملكة، كانت الطائرات المقاتلة الإيرانية في وضع هجومي وفي الاتجاه نحو قصف مدينة الدمام، اعترضتها الطائرات السعودية واشتبكت معها فوراً، أسقط معظمها وفر الباقي. كانت طهران تقصد من تلك المغامرة اختبار نوايا وجس نبض للقوة والتحفز والاستعداد العسكري السعودي، الذي كان في كامل قوته ويقظته، فالملك فهد قائد عظيم ويتمتع باحترام ونفوذ كبيرين في العالم، وطاقمه السياسي والأمني محترف؛ إذ كان يقف إلى…