محمد عبدالله محمد
محمد عبدالله محمد
كاتب بحريني

ختامها مِسك

الجمعة ٣٠ ديسمبر ٢٠١٦

كنتُ في جلسة ارتشاف علمٍ وأدبٍ مع واحد من ألمع أساتذة اللغة الإنجليزية والترجمة الأدبية. إنه محمد رياض جزّار أحد قامات جامعة البحرين، والذي تعتز بلادي أن يكون مُعلٍّماً ومربياً لأجيالها. ومن المسائل التي كنا نتحدث فيها هي البر بالوالدين، فحدَّثني جزّار قصة أستاذه بجامعة دمشق (الذي سأذكر اسمه لاحقاً) قبل ما يزيد عن نصف قرن. يقول جزّار: عندما كنتُ في السنة الجامعية الأولى في جامعة دمشق وفي يوم من الأيام، انتهت محاضرتنا في علم الاجتماع، وكانت عن «روح الجماعات» وأطروحات غوستاف لوبون في سيكولوجيا الجماهير، لكن جمعاً من الطلاب والطالبات تجمَّعن حول أستاذ المادة كما هي العادة يتبادلون أطراف الحديث في المادة الأكاديمية المطروحة. وعندما كانت إحدى الطالبات تسأل الأستاذ المذكور نَهَتها زميلتها قائلة بأنكِ قد تُؤخِّرينه عن بيته، فتطفّلت ثالثة سائلة إيّاه: هل أنتَ متزوّج يا دكتور؟ فبدا الإحراج عليه إلى الحدّ الذي احمرّت وجنتاه، فردّ قائلاً: لا! فما كان من تلك الطالبة وزميلاتها إلاّ وقد زادوا في فضولهم مبتسمين لمعرفة السبب، فقال لهنّ أستاذهنّ بهدوء: والدتي مريضة جداً، وأنا وحيدها، فأخشى إنْ أنا تزوَّجت الآن أن أقصِّر في خدمتها، فآثرت أن يكون اهتمامي خالصاً لها. فوقع جوابه على الجميع وقعاً مختلفاً. كان ذلك الأستاذ هو فخر الأدب العربي الحديث وعلوم الفلسفة والاجتماع (ليس في سورية فقط بل…