محمد وردي
محمد وردي
محرر المحتوى في منتدى أبوظبي للسلم

بنية التنوير في فكر الشيخ عبدالله بن بيه

الثلاثاء ١٥ يوليو ٢٠٢٥

خاص لـ هات بوست:    تتضافر البنية الفكرية في خطاب العلامة الشيخ عبدالله بن بيه؛ بوشائج منطقية/عقلانية في عملية بناء الإنسان، كما يجب أن يكون (بالمعنى الفلسفي)، أو بأقرب صورة ممكنة من الكمال العُلوي؛ بالمعنيين الديني والأخلاقي؛ باعتبار أن الإطار العلمي الناظم لمشروعه الثقافي؛ يتكامل بمنهجية مُبسّطة في سياق نسق مفهومي، يجمع عقلانياً وإيمانياً ما بين "كلّي القرآن"، و"كلّي العصر والزمان"، ليس في قراءة النصوص واستنباط فقه الواقع، وملاحظة أو رصد تحوّلات الإنسان واختلاف الأزمنة وتباين الأمكنة فحسب، وإنما أيضاً؛ في عملية بناء إطار فكري، متماسك بنظام لغوي، دلالي/تأويلي، إسلامي/ثقافي جديد، مفتوح على المستقبل؛ من خلال نحت مفاهيم ومقولات جديدة في سياق إمكانية تحرير النصوص من راهنيتها الزمانية والمكانية؛ طالما أن غرضها بالمعنى الإسلامي الصرف، هو تحصيل السعادتين للإنسان في العاجلة والآجلة.    وهي مفاهيم ومقولات جديدة لا تخرج عن سياق مفهوم "كلّي القرآن"؛ بقدر ما تندرج فيه ضمنياً في الخطاب، الذي يعني النظر إلى القرآن الكريم؛ باعتباره رؤية حياة متكاملة للإنسان في كل زمان أو مكان، فهو إطار شامل أو فضاء متكامل؛ بكلّياته وجزئيّاته. ومنها تتشكل خلاصة مقاصد الشريعة، كما حدّدها الرعيل الأول من علماء المسلمين؛ بالضروريات الخمس، "حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمِلك"، فهذه الضروريات التي تحتفي بالإنسان، وليس شيئاً آخر سواه؛ باعتباره قيمة أعلى في الموجودات أو…

سردية السلم والتنوير في فكر الشيخ عبدالله بن بيه

الأربعاء ٠٢ يوليو ٢٠٢٥

يتواءم خطاب العلامة الشيخ عبدالله بن بيه مع مقتضيات "بذل السلام للعالم" المفهومية والدلالية بالمعنى الإسلامي العميق، ومقتضيات المعرفة العقلانية؛ بالمعنى الفلسفي الرائج ثقافياً في الوعي المعاصر، ومقتضيات فلسفة الفقه المقاصدي في إطار ما يسميه الخطاب منهجية "التبيين"، أي أن واجب العلماء أو الفقهاء "التبيين"، ومعنى ذلك أن كل حكم يتعلّق بثلاث جهات، هي جهات التبيين والتعيين والتمكين: فالتبيين هو موقف لإظهار الحكم للناس، أما التعيين فيتعلّق بأعيان من يتجه الحكم إليه، فالأول هو مهمة العلماء والفقهاء، وأما الثاني فهو مهمة القضاة، وأما الثالث فهو مهمة الجهات التنفيذية". يتركز جوهر مفهوم ودلالات "بذل السلام للعالم" في الخطاب بشكل رئيس على ثلاثة محاور: - تأصيل السلم ومبدأ أو ثقافة الحوار والمصالحات. - الحفر المعرفي بإرث السلم في الإسلام وتصحيح المفاهيم؛ ممّا لحقها من تجريف أو ما طالها من تحريف، وإعادتها إلى طبيعتها الرحمانية، حيث تكون كما في أصلها؛ سياجاً للمحبة والسلام. - صناعة نموذج ثقافي عربي إسلامي؛ في الردّ على خطاب العنف والإرهاب الذي يستخدم الدين لأغراضه المدمّرة.. نموذج ينهل من ثراء الموروث الثقافي العربي والإسلامي، وتعدّد روافده الحضارية، وتنوّع نظمه الاجتماعية. ويمكن ملاحظة العالمية أو البعد الكوني في سرديّة السلم الجديدة التي يقدمها الخطاب على أربعة مستويات، تؤسّس لوعي حداثوي في سياق عقلاني إنساني شامل: - المستوى الأول: يندرج في…

التنوير وثقافة الحوار في فكر الشيخ عبدالله بن بيه

الأربعاء ٢٥ يونيو ٢٠٢٥

خاص لـ هات بوست:  إن الحوار واجب ديني، وضرورة إنسانية، وليس أمراً موسمياً. ولذا أمر به الباري عزّ وجلّ فقال، "وجادلهم بالتي هي أحسن". إذ بالحوار يتحقَّق التعارف والتعريف القرآني، فهو مفتاح لحل مشاكل العالم؛ حيث يقدم كما يقول أفلاطون البدائل عن العنف؛ لأنه بالحوار يُبحث عن المشترك، وعن الحلّ الوسط الذي يضمن مصالح الطرفين، وعن تأجيل الحسم العنيف، وعن الملائمات والمواءمات، التي هي من طبيعة الوجود، ولهذا أقرّها الإسلام، وأتاح الحلول التوفيقية التي تراعي السياقات، وفق موازين المصالح والمفاسد المعتبرة. فاعتماد الحوار لحلّ المشكلات القائمة، يوصل إلى إدراك أن الكثير منها وهمي، لا تنبني عليه مصالح حقيقية. وبهذه الحلول التوفيقية التي يثمرها الحوار، تَفقد كثير من القطائع والمفاصلات والأسئلة الحدّية مغزاها، وتتعزز ثقافة التسامح وقبول الآخر في النفوس؛ قبل النصوص. ويفصِّل خطاب الشيخ عبدالله بن بيه الأسس المنهجية التي عليها ينبني ومن خلالها يتجذّر مفهوم التسامح والتعايش السعيد في التصور الإسلامي، وهي على ثلاث مراحل: 1- جمع النصوص المتعلقة بموضوع التعايش؛ لنستنطقها ونجمع متفرقاتها، ونغوص إلى الحكم والمقاصد. 2- تقديم التفسير الصحيح للنصوص المغايرة أو النافية للتسامح والتعايش؛ لتفنيدها قولا بالموجب، طبقا لضوابط الاستنباط ومسالك التأويل المقارب. 3 - إنزال المفاهيم على الواقع المعاصر، أي لغة الحياة المدنية والقانون. أما السلم؛ فالشيخ ابن بيه يؤكد أن معاني التسامح والتعايش…