مصطفى الزرعوني
مصطفى الزرعوني
كاتب إماراتي

نُشهدك أنه أدى الأمانة

الأحد ١٥ مايو ٢٠٢٢

«اللهم إنا نشهدك أن خليفة بن زايد قد أدى أمانته.. وخدم رعيته.. وأحب شعبه.. اللهم إن شعبه قد رضي عنه.. فارضَ عنه.. وتغمده بواسع رحمتك». هكذا ودّع أبناء الإمارات وشيوخها، ولي الأمر والراعي المسؤول وقائد رحلة التمكين، في يوم حزين، يأبى فيه المودع أن يلفظ كلمته الأخيرة- ألماً لا اعتراضاً- ولكن يبقى العزاء في بقاء المآثر العظام ودولة العز التي ارتفعت شأناً وقوةً وأبهةً في زمن قائد خاض غمار التغيير بعزيمة وإصرار. قيادة رشيدة.. حكيمة في رؤاها.. طموحها وأحلامها طالت عنان السماء.. عادلة وسخية في الداخل مع الشعب وطموحاته واحتياجاته.. عازمة حازمة في الخارج وقضاياه.. وجسر جسور صوب الخير والإلهام.. ومثال في القوة التي حفظت الكيان الفيدرالي فظل ثابتاً وراسخاً.. هذه هي باختصار قيادة فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. يصنع الرجال التاريخ وليس العكس، هكذا كان فقيد الوطن المغفور له الشيخ خليفة، نموذجاً يشهد له الزمن، ورجلاً من رجالات الدولة العظام الذين اشتقوا من مدرسة المؤسس الشيخ زايد بن سلطان دروس الحكمة والرشد والعمل الوطني، فكبر وهو ملازم ذلك الكنف، وناهل من معينه الشهامة والقيم الأصيلة النابعة من هوية عربية وإسلامية، والعلوم الأساسية وأساليب معايشة الناس.. ومن شابه أباه فما ظلم. ابن الصحراء هو من راهن على تحويل ذلك الرمل الناعم إلى معجزات، فكان فذ…

الحشاشون الجدد

الخميس ٣١ مايو ٢٠١٨

عملت مجموعة من التيارات المتطرفة على تكوين حالة جماهيرية لاغتيال العقل بطرق شتى كالضغط مجتمعياً ليُسيّروا الجموع خلفهم مكونين حركة شعوبية تدافع باستماتة عنهم. هؤلاء يمكن أن نطلق عليهم النسخة المُحدثة من الحشاشين الذين اتخذوا من «الموت، وهو قصر كان أتباع الصباح يحتمون فيه ويخططون لعمليات الاغتيال منه»، معقلاً .. ولكن هذه المرة أصبحوا جزءاً منا لا يفصلهم جبل ولا قصر، والفضاء ساحة لتدريبهم على عمليات الاغتيال حسب أهوائهم الفكرية. ويبدو أن هناك تشابهاً في الفكرة واختلافاً في التنفيذ بين «الحشاشين» ومن نراهم اليوم، فقد كان حسن الصباح يضع مريديه، وهم مخدّرون في غرفة مجهزة لهذا الغرض، ليصحوا في اليوم التالي منتظرين موعد تنفيذ أي عملية انتحارية تسرع اللقاء بما وعدوا به، والحالة تتكرر اليوم في ترديد بعض مشايخ الدين هذه الأجندة، وتتوقف الدعوة بحسب مستوى فكر الجمهور المستهدف. استخدم السالف ذكرهم أدوات عدة لذلك كالأشرطة التي كانوا يوزعونها بالمجان في الطرقات وعلى إشارات المرور وبرامج الراديو والتلفزة، وكوّنوا منهجاً إسلاموياً وحدوي التفكير مربوط شعوبياً لا يُؤْمِن بالتنوع والاختلاف في فهم العقيدة ويرفض الحوار بجعل جميع الأمور مسلّمات وتحويل أقوال بعض مشايخهم إلى قواعد ربانية. ويصعب على أي شخص عاش في هذا المربع العازل عشرات السنين أن يتقبل غيره. والموضوع الأهم هنا هو أن على أصحاب هذا الفكر احترام الرأي…

الأخوة المتصارعون (2-2)

الخميس ٢٤ مايو ٢٠١٨

بعض الخزعبلات التي مارسها العديد من الدعاة لإبعاد الفرد عن التفكر في إيمانه بعقلانية، أدت إلى ترك بعض الناس للدين وتوجههم إلى الإلحاد، لما ظهر أمامهم من حديث غير عقلاني في وسائل الإعلام لعشرات السنين من هؤلاء المشايخ، بل أسهموا في شحن المسلمين ليتقاتلوا جميعاً باسم الله الذي يعبدونه جميعهم. المراجعات ضرورية لفكر الفرد في معرفة الله، فدعوا الناس إلى التفكر فيه وعشقه كما تريد دون إدخال نمط الحياة اليومي والعادات لتصبح شرطاً للإسلام مع تقادم الوقت، وعليه ليس كل ما درسته أو وجدت آباءك عليه صحيحاً. وأتى هذا البرنامج التلفزيوني الذي يحمل اسم «لعلهم يعقلون» ليعطيك الحق بأن تفكر وتتمعن فيما تريد، وكيف ترى الله في نفسك، وتؤمن به عقائدياً وفكرياً لا سلوكياً فقط، وليس كل ما يقوله ضيف البرنامج د. محمد شحرور بالضرورة أن يكون مقدساً لك، فهذا الباب مفتوح لنقد النقد الذي يقدمه، ويعطيك الحق بأن تتمعن وتبحث عمّا تريد لا أن تلقن دينك وكيف تُمارس حياتك، وهذا ما لا تريده فئة من المتشددين أو المتخوفين من الذين يريدون ممارسة الوصاية على آرائك الفكرية، وأقواها الدينية، لكي تكون عبداً لأهوائهم لا لربك. ولذلك نراهم يبدعون ويبتكرون أساليب جديدة في تخويف الناس من التفكير وطرح الأسئلة حتى على نفسه عادّين إياها شركيات وضلالاً، بل الإسلام أكبر منهم، وترك…