ابن تيمية الحراني ووليام الأوكامي في حفريات التوافق المعرفي
جمعني بالفيلسوف المغربي الدكتور حمّو النقّاري لقاء في أحد المؤتمرات قبل أشهر عدة، وتطرقنا في حديثنا عن شخصية الفيلسوف اللاهوتي الإنكليزي وليام أوكام، وكان هذا الحديث بداية اهتمامي بهذا اللاهوتي المسيحي المثير حقاً للاهتمام، كما أن بروزه العلمي في العالم المسيحي خلال القرون الوسطى بما يحمله من آراء دينية وأفكار نقدية سبب آخر للاهتمام، وفي هذا المقام سيتم تناول هذه الشخصية من خلال مقارنة بشخصية أخرى مثيرة لاهتمام الباحثين في الشرق والغرب لقرون عدّة؛ وهي شخصية شيخ الإسلام ابن تيمية الحرّاني، وعن السبب في المقارنة والدوافع لها، سأطرح بعض الرؤى والتساؤلات حولها من خلال ما يلي: أولاً: هناك عوامل تشابه مذهلة بين الشخصيتين تجعل من الجدير طرح تساؤلات حول هذا التوافق النسبي والغريب بينهما، فأوكام عاش في الفترة (1295- 1349م) وابن تيمية عاش في الفترة (1236- 1328م) فهما قد عاشا متزامنين تقريباً، بلغا قمة عطائهما العلمي في القرن الـ14 الميلادي الموافق للثامن الهجري، والناظر في سيرتهما الحياتية تتأكد لديه مجالات عدة من التشابه، مثل بروزهما العلمي المبكر، فأوكام أُخذ إلى أكسفورد وهو في الـ12 من عمره لتلقي العلوم اللاهوتية الأولى ثم درّس فيها، وكذا رحل إلى باريس وفاق أقرانه في النبوغ والتحصيل، وكتب تعليقات مهمة على فلسفة أرسطو وبيتر لومبارد قبل عام 1324م وهو لا يزال حدثاً في الـ20، ومثله…