الأحد ٢٨ أبريل ٢٠١٩
جمعني بالفيلسوف المغربي الدكتور حمّو النقّاري لقاء في أحد المؤتمرات قبل أشهر عدة، وتطرقنا في حديثنا عن شخصية الفيلسوف اللاهوتي الإنكليزي وليام أوكام، وكان هذا الحديث بداية اهتمامي بهذا اللاهوتي المسيحي المثير حقاً للاهتمام، كما أن بروزه العلمي في العالم المسيحي خلال القرون الوسطى بما يحمله من آراء دينية وأفكار نقدية سبب آخر للاهتمام، وفي هذا المقام سيتم تناول هذه الشخصية من خلال مقارنة بشخصية أخرى مثيرة لاهتمام الباحثين في الشرق والغرب لقرون عدّة؛ وهي شخصية شيخ الإسلام ابن تيمية الحرّاني، وعن السبب في المقارنة والدوافع لها، سأطرح بعض الرؤى والتساؤلات حولها من خلال ما يلي: أولاً: هناك عوامل تشابه مذهلة بين الشخصيتين تجعل من الجدير طرح تساؤلات حول هذا التوافق النسبي والغريب بينهما، فأوكام عاش في الفترة (1295- 1349م) وابن تيمية عاش في الفترة (1236- 1328م) فهما قد عاشا متزامنين تقريباً، بلغا قمة عطائهما العلمي في القرن الـ14 الميلادي الموافق للثامن الهجري، والناظر في سيرتهما الحياتية تتأكد لديه مجالات عدة من التشابه، مثل بروزهما العلمي المبكر، فأوكام أُخذ إلى أكسفورد وهو في الـ12 من عمره لتلقي العلوم اللاهوتية الأولى ثم درّس فيها، وكذا رحل إلى باريس وفاق أقرانه في النبوغ والتحصيل، وكتب تعليقات مهمة على فلسفة أرسطو وبيتر لومبارد قبل عام 1324م وهو لا يزال حدثاً في الـ20، ومثله…
الإثنين ١٦ مارس ٢٠١٥
تمر بالعالم الإسلامي في عصرنا الحاضر نوازل مدلهمة وحروب مستعرة وهويات متصارعة وتنمية متعثرة وعلاقات متوترة وفوضى متربصة ومجتمعات تنشد الاستقرار والعيش الكريم، والمسلم في هذه الأحوال المضطربة يعيش حيرة وقلقاً ويبحث عن أمل ينقذ حلمه بالمستقبل، كما أن نكساته مريعة جراء سرعة وقوع التحولات واندهاشه من تقلب القناعات في أحزاب وأشخاص ومرجعيات دينية، ما انعكس على تردده في منح أي موثوقية لأي أحد. هذه الحال تكاثر حولها السؤال وطلب المخارج من تلك الكوارث، وهذا السؤال لا يزال مفتوحاً مادامت الحال تزداد اضطرابا وتوتراً، وأعتقد أن العودة في دراسة الظواهر إلى جذورها النابتة وأسبابها الباعثة مدخل مهم لمعالجتها والبحث عن علاج لها. واليوم نجد أن هناك إسلاماً يتفاقم جهل أبنائه به كلما أرادوا الدفاع عنه، كمن يريد قتل ذبابة بمرزبة تهشم كل ما تقع عليه، فلا الإسلام نفعوا ولا العدو منعوا، وأغلب الأدبيات والإنتاج الذي يصدر في هذه الحقبة توصيف للظواهر بلا معالجة، أو علاج لوجه من وجوه الأزمة مع غفلة عن الوجوه الأخرى المؤثرة في التوصيف والحكم. وهنا أحاول رسم ملامح عامة لخطابٍ إسلامي عام ينظر إلى المستقبل بفقه حاضر، ويشعر بحجم المعاناة التي يعيشها الفرد والمجتمع المسلم اليوم، ألخصها في النقاط العشر التالية: 1- تعميق الخطاب الإيماني الموصول بالقيم بعدما جردته النفعية من روحه النابضة، والموصول بالعمران الدنيوي…