ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

آكلو الأكباد

الثلاثاء ٣٠ يناير ٢٠٢٤

سأجعل التداعيات وخواطر الحديث تنقلنا وأنا أتحدث عن الكبد، وارتباطها بثقافات الشعوب، وخاصة العربية، وحضورها اليومي في مفردات الناس، إما بالسلب أو الإيجاب، ومن ثم سنعرج على الموضوع الرئيس، وهو الحديث عن آكلي الأكباد، لا فرق بين كبدة حيّة نيئة، مثلما يفعل اللبنانيون أو أهل شمال السودان الذين يعدون كبدة الجمل النيئة أكلة الأبطال في فطورهم، أو كانت كبدة مشوية أو مقلية مثلما هو فطور بعض الشعوب مثل اليمنيين والعراقيين، فهي مفيدة إن استسغتها لأنها مصدر مهم للحديد في الجسم، مثلها مثل لحم الخيل المنعوت للذين يعانون من فقر الدم. المهم أن الحديث عن الكبد يطول ويتشعب، ويمكن للإنسان أن يشرّق ويغرّب، ولا يأتي بقاصيه، ولعل من المشهورات في الجاهلية ماضغة الأكباد أو آكلة الأكباد «هند بنت عتبة» انتقاماً لمقتل أبيها عتبة، وأخيه شيبة، وأخيها الوليد في معركة بدر، وفعلت فعلتها التي جرحت الرسول الكريم حين لاكت كبد حمزة بن عبد المطلب، بعد استشهاده في معركة أحد، وحين فتح مكة أهدر دمها، لكنها أتته مسلمة ممن عرفوا بعد الفتح بالطلقاء، ولم ينظر لها الرسول الكريم قط. والعرب كانت تقول: ضربنا أكباد الإبل في طلب العلم، وآباط الأبل في طلب العمل، دليل التعب والمشقة، وضرب الدروب من أجل الحصول عليهما، وأهل الخليج يقولون: «لاعت جبدي، وغثيت جبدي»، بمعنى سببت لي حومة…

وسام على الصدر جهة الشمال

الأحد ٢٨ يناير ٢٠٢٤

من يرى قلعة الجاهلي لا يعتقد أنها مبنية بغير سواعد الرجال وللرجال، وأنها كانت عيناً على العين في السهد وفي الظلام، وأنها كانت ترساً ودرعاً عن سكانها، حين تلم الخطوب، وحين يكثر الحِمام، ندخلها ونحن نتذكر كم هي شامخة وعصيّة، وعلى رأس مشراف، لها تحركت كتائب وسرايا، وفيها مكث ضباط وجنود على مر السنين والأوقات، تعقبهم أرتال من آليات عسكرية تغلب عليها صبغة اللون الأخضر الزيتوني العسكري، ذكرها الرحالة، ودونت في كتب ورسائل وتقارير القادة والسياسيين الإنجليز، والمندوبين السامين للتاج الملكي البريطاني. بالأمس احتفت هذه القلعة بنخبة من المتقاعدين العسكريين القدامى، رفاق السلاح والتعب والصبر وسنوات الجَلَد، والذين يتذكرونها قديماً وهي مطلية بالنورة البيضاء، ويعرفون بابها الرئيسي جهة الشمال، لأن الكثير منهم مسك «الزام» عند مدخلها بندقيته «الكند»، و«دريسه» الخاكي والقميص الرصاصي والشماغ الأحمر، والعقال الذي تزين منتصفه بخنجر فضي، وليس لونها الطيني، ولا بابها الرئيسي الآن جهة الغرب معادلاً الشارع العام، لقد بقي أولئك الرجال المتقاعدون يتذاكرون السنوات البعيدة، وكم مكثوا فيها قبل أن تتبدل السرايا والكتائب منها وإليها، إما صوب المنامة أو جهة محطة الشارقة أو نحو الحمراء وجبل الظنة أو المرفأ، تذكروا مكتب القائد العام، و«ميز» الضباط، و«الكانتين»، وأبراج الحراسة الليلية، دائماً الأشياء التي تعيها ذاكرة الشباب تبقى طرية كما هي في الذاكرة، كان هناك كثير من…

انتصر لنفسك

الثلاثاء ١٦ يناير ٢٠٢٤

من ضمن الدراسات التي يجريها علماء النفس، هناك دراسة تخص موضوع الترقب والتحفز والانتظار، ومدى تأثيرها على مختلف الناس بمختلف الأجناس والأعمار، حيث ثبت للعلماء الدارسين والمراقبين أن ما نسبته 95% من الناس، حينما يتصل بهم أحد، ويقول لهم: «أريدكم في موضوع أو أريد التحدث معكم بخصوص مسألة»، يصابون بالتوتر والقلق، ويبدأ الانتظار يقتلهم، وينسجون قصصاً متخيلة، وسيناريوهات محتملة، وربما أدى بهم ذلك الصراع مع النفس لبعض الوقت لطرح نهايات أو صنع ردات فعل متعددة، وقد ينسى ذلك الشخص المتصل الموضوع، ويسهو عن الاتصال، وكأن المنتظر على جمر الغضا لا يعنيه، ولا ذلك الذي ما برح يضرب أخماساً بأسداس لم يسبب له أي قلق. نصيحة من علماء النفس: لا تدعوا أحداً يخلق لكم فيلم الرعب ذاك، ولا يشغلكم بطلبه، ولا يدعكم في دوامة الأسئلة، ولا في ساعات الانتظار التي تتحرك دقاتها ببطء وإلى الخلف، والخير أن تبت الموضوع معه حالاً وفي ذاك التو أو على الأقل يكون واضحاً بطلبه، ولا تدعه يتصنع الجدّية، ويمارس عليك بعضاً من الغموض والإثارة، لأنه إن فعل أثّر على نفسيتك، وأعطب صحتك، وعطل نشاطك أو أقل القليل أنه لم يجعلك على طبيعتك وهدوء نفسك. ويبدو أن هناك أناساً متخصصين في إتلاف أعصاب عباد الله، كأن يتصل بك واحد، وبالكاد تسمع هسيس صوته، ويجر عليك تلك…

متفرقات عام جديد

الثلاثاء ٠٢ يناير ٢٠٢٤

- عام مضى، عام ولى وانتهى، عام تركناه خلفنا وانقضى، كانت له بصماته وابتساماته على العام والخاص، على المكان، وفي نفوس كثير من الناس، مثلما له علاماته وأحزانه التي تبقي في ذاكرة المكان وقلوب الأشخاص الآهلين في المكان، ولأننا ضد عشاق الظلام، ومحبون للنور، دائماً ما نعلق آمالنا وأمانينا على ظهر العام المقبل، القادم كعربة جامحة تجرها جياد السباق، ونستودع تعبنا وآلامنا العام المنصرم الذي يتلاشى في ظلال الزمان، ولا يبقى منا، ولا فينا إلا وقائع يومنا المُعاش. - في العام الذي ودعناه بالأمس، سجلت الإمارات وطناً وأفراداً ومؤسسات ريادة وسبقاً وزهواً بنجاحات مختلفة على كثير من الصُعد، هي نجاحات متتالية سابقة ولاحقة، ومقبلة، لأن ميزة الإمارات وامتيازها أنها متحركة على الدوام، لا شيء ثابتاً عندها وفيها، إلا الأخلاق والقيم والمُثل، وما تواصت به الأجيال، وتلك النظرة الإنسانية المتسامحة مع الجميع، ومن أجل الجميع. - تحية واجبة ومستحقة، ومباركة كريمة لازمة بالعام الجديد للقائد، رئيس دولتنا، تاج رؤوسنا، لأنه فرح وفخر الدار، ولأنه جالب السعادة والأمن والأمان للدار وأهل الدار، ومن سكن الدار، ولأنه يحمل الثقيلة عنا، ويترك الخفيفة لنا، ولأن طلعة محياه تعني لنا الكثير، ولأن بسمته تحمل لنا الكثير، ولأن كلمة الرضا منه تُحمّلنا الكثير، لذا وجبت تلك القبلة لـ «أبو خالد» على الرأس فخر الرجال، وعلى الجبين…

مات ثعلب السياسة

الثلاثاء ٠٥ ديسمبر ٢٠٢٣

«هنري الفريد كيسنجر» ولد في مقاطعة بافاريا بألمانيا عام 1923، باسم «هاينز»، هرب من ألمانيا النازية مع عائلته عام 1938 وعمره 15 عاماً إلى لندن ثم إلى أميركا، حصل على الجنسية الأميركية وعمره 20 عاماً، والده «لويس» مدرس، وأمه «بولا ستيرن» مدبرة منزل، له أخ وحيد هو «والتر» يصغره بعام، ومات قبله بعام تقريباً، اسم «كيسنجر» جاء بتسمية من جده الثالث نسبة لبلدة اشتهرت بالمياه المعدنية في بافاريا اسمها «باد كيسينغن»، بدأ حياته لاعب كرة قدم جناحاً في ناد ألماني عريق، لكنه وجد مضايقات من عصابة «شباب هتلر»، ومنع من دخول صالات الرياضة، ثم تم فصل أبيه من التدريس، بعد وصوله إلى أميركا عمل في القوات الأميركية البرية برتبة رقيب، اشترك في الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام، تخرج محاسباً من كلية نيويورك، ثم درس العلوم السياسية في جامعة «هارفارد» ونال الماجستير والدكتوراه منها بتخصصات في السياسة والفلسفة، ثم درّس فيها فيما بعد، أصبح مستشاراً للأمن القومي الأميركي عام 1969، ثم وزيراً للخارجية الأميركية عام 1973. كان يجيد الألمانية والإنجليزية بلكنة ألمانية لا تخفى على أحد، وبسبب انخراطه في التفاوض وإجراءات وقف إطلاق النار في فيتنام، حصل كيسنجر على جائزة نوبل للسلام في عام 1973 في وقت عصيب وينذر بكثير من الخلافات، وتجدد الاشتباكات، واستقال حينها عضوان من لجنة جائزة نوبل…

في وداع رجل هادئ ودافئ وطيب

الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠٢٣

«علاء نصّار» فنان مصري، برؤية مختلفة في فن الإخراج الصحفي عن المدرسة التقليدية، له لمسة جمالية لا تخطئها العين، ولا يمكن إلا أن تسجل نقطة لصالحه من أول لقاء، إن كنت صحفياً وعاملاً في بلاط صاحبة الجلالة، ولك تلك النظرة الفاحصة والمهنية، وهذا مدعاة لمعرفته والتعامل معه، واحترام عمله وتقديره، غير أن «علاء نصّار» إضافة لذلك هو شخص جميل وإنسان هادئ ودافئ وطيب بكل معنى الهدوء والعِشرة الطيبة والتركيز في جودة العمل والحرص على روح الأخوة والزمالة، وكثيراً ما يمنعه حياؤه من رد الإساءة أو محاولة النيل من الآخر، لأنه ببساطة دون أعداء يصنعهم، وأكبر من أعداء يصنعون أنفسهم في طريقه، هو دائماً خارج حسابات الغيرة المهنية، لأنه واثق من نفسه، ومن عمله، ولا يحب أن يكون له أعداء بالمطلق. عرفته من مؤسسة الأهرام، وأثناء الكتابة في مجلة «نصف الدنيا» التابعة للأهرام، ورئيس تحريرها «سناء البيسي»، بعدها زاملني في العمل مع مجلة «المرأة اليوم» وكل مطبوعات المؤسسة العربية للصحافة «الرجل اليوم» و«أطفال اليوم» و«عيناوي» وغيرها، وحين انتقل إلى جريدة الاتحاد، كانت لمسته الجميلة واضحة على صفحات الجريدة، خاصة في الصفحة الأولى، والصفحة الأخيرة التي نسميها «الصفحة الأولى الثانية» لما لها من خصوصية، أخذته من اهتمامات الناس، ومن يحبون أن يقرؤوا الجريدة بطريقة معاكسة. كنت على صلة بـ«علاء نصّار» بشكل يومي،…

«مطار زايد الدولي»

الخميس ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٣

كان حلماً وأمنية ورجاء ونداء منذ عام 2018؛ لأننا كنا في مئوية الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، وأَسْبَغ عليه رحمته، وجعل مثواه جنانه، وجزاه على أعماله خير الجزاء، وعلى إحسانه أفضل الحسنات، وفضل الدعاء، ولأننا كنا نحتفي في عام 2018 بعام زايد، كان ذاك الحلم والأمنية والرجاء والنداء أن يحمل مطار عاصمتنا الجميلة اسمه للذكرى، وليس للتذكير، فأمثاله لا يغيبون عن الذكر والذاكرة ما بقي الخير في الناس، وبقي الشرف والنبل وقيم الحق والجمال، ولأن أفضال ومكرمات الرجل علينا كثيرة، ونخجل من كثرها، ولا نعرف كيف نرد أقلها، ولأنه رجل تاريخي لا يتكرر، نفخر به، مثلما تفخر به وبمنجزاته دول غيرنا، تحترم التاريخ، وتعرف الرجال، ولأنه صنع لنا وطناً هو اليوم في مصاف دول ناهضة في كافة المجالات، وسبّاقة للإبداع والابتكار، والمنافسة على الريادة من أجل التقدم والرقي وإسعاد الناس، ولأننا نحب الرجل، ولا يبارحنا كظلنا، ويتراءى لنا في كل مكان شهد خطواته، ومرت من هناك أحلامه، وجعل من الرمال نخيلاً وأشجاراً وجنات للطير والأنعام والإنسان، وترك لنا في كل مكان مشفى ومدرسة وبيوتاً تليق بمن كان يسميهم «أولادي»، من أجل كل ذلك، ومن أجل كل شيء جميل في الحياة، ومن أجل أن تظل تلك الفرحة دائمة في الصدور، ومن أجل ذاكرة أجيال مقبلة وقادمة، وربما كانت طرية، كنت أتمنى…

أشياء تصدمنا في الحياة

الإثنين ١٦ أكتوبر ٢٠٢٣

- أشياء تصدمنا في الحياة.. أن نجد المدعين يعيبون علينا أن نتضامن بالأفعال، ولا نتظاهر بالأقوال، ولا نتجمهر للمظهر، نقدم ما في اليد، تاركين العاضين على الأصابع، نلجم اللسان، تاركين من يهوون الرغاء في العراء، لأن من يبتغي الخير والعون، لا يعدم وسائله. - أشياء تصدمنا في الحياة.. أن نجد إنساناً بيننا لا يحمد على ما نحن فيه، فالخير مبتغى، والسلم والأمن مطلب، والنعمة يسند بقاءها الثناء، ولو قارن هذا على ما عليه ذاك لوصل لتلك الوصية الخالدة، القناعة، لأنها سكن النفس، وطمأنينة القلب. - أشياء تصدمنا في الحياة.. أن البعض لا يبالي بسواد الوجه، مستعد لأن تتقاطر دموعه، ولا يخجل من نفسه، من أجل شيء من أمور الحياة، لو صبر على دنياه، وجالد عمره، ونأى بنفسه، لأتى إليه صاغراً دون تلك المهانة، ذُل الرجال. - أشياء تصدمنا في الحياة.. أن يتقاتل أبناء البطن الواحد على شيء عابر، فلا أبقوا للود حبلاً، ولا قدسوا كرامة ذلك البطن الذي حملهم وهناً على وهن، النُبل ثمنه في الحياة باهظ، ولا يقوى عليه إلا قلة من الرجال. - أشياء تصدمنا في الحياة.. أن ينكر شخص معروفاً، ويجحد صاحب المعروف، فلا الشيطان أوصاه، فيدرك ردّة جزاء المعروف، ولا هو قادر على أن يُبين عن شحمة الصدر التي يكبّرها الحقد، ولا صاحب المعروف يدري أو…

صباحات ليتها ظلت تلك الصباحات

الأحد ٠٨ أكتوبر ٢٠٢٣

مرت علينا أوقات جميلة ومسلية ومفيدة ومتجددة، تلك التي كانت قبل بدء ساعات الدوام الحقيقي، كانت تعد بالدقائق في حساب ساعات أيدينا، ولكنها كانت طويلة وممتدة حسب فائدتها وغنائها بإثراء شخصياتنا، وتجديد ذاكرتنا ونشاطنا اليومي، هي الأوقات الصباحية التي نقتنص فيها الأحاديث المختلفة مع فنجان القهوة أو كأس الشاي بالحليب، ياه.. كم أحن لها الآن، وأتذكر كم كانت ممتعة في أماكن مختلفة، ومع أصدقاء وزملاء مختلفين، بعضهم تركناه في مكاتب الوظيفة، بعضهم تركنا مع تقلبات الأمكنة والوظائف، والبعض الآخر شطت به الحياة في مختلف دروبها، ولم يبق -إنْ تذكروا- إلا تلك اللحظات الصباحية التي كان يجمعنا فيها فنجان القهوة وكأس الشاي بالحليب. في تلك اللحظات التي قد تمتد لساعة من اليقظة الحقيقية، كانت تجنح بِنَا السياسة والثقافة وأحداث الحياة، وكرة القدم، وتعليقات كثيرة على الجيل الطالع، وحنين حقيقي لزمننا الذي نعده الأنقى، يمكن أن نطرح فيها كتاباً جديداً أو كتاباً قديماً منسياً، في بعض أماكن العمل، وحين يكون المقابل غير عادي ومتميزاً في تجربته وتنوع قراءاته، نظفر بشيء من المعرفة الغائبة أو المسكوت عنها، قد يأخذنا الشاعر بن حريز أو الهاملي ذات صباح، وتكون المفردة العامية حاضرة وبقوة، ومبهجة للقلب، ومتعطشة لها الذاكرة، ربما في يوم آخر يكون هناك نقاش بشأن فيلم جديد، ويقدم الكثير، كانت تلك الأوقات لا تتجاوز…

لِمَ يخاف الإعلاميون من «A.I»؟

الأربعاء ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٣

دبي تجمعنا كل عام في عرسها الإعلامي الجميل، طارحة الجديد والمختلف والمدهش، وتجمعنا برؤوس إعلامية من الوطن العربي والعالم، وهو أمر امتد إلى 21 عاماً من ريادة الفكرة، ونضجها وتطورها وسباقها نحو المستقبل وآفاقه المفتوحة على كل الاتجاهات والأبعاد، وهو جهد وتعب مضنٍ واستمرارية في التجديد من قبل فريق الزميلة «منى المري»، لكي يواكب إعلام دبي أحلام المدينة الكونية دبي، في نهار يوم الملتقى الأول، فرحت بفوز «د. محمد الرميحي» بجائزة «شخصية العام الإعلامية» فمثله وبعطائه الذي امتد قرابة الأربعين عاماً وتزيد في الحقل الإعلامي والصحفي والبحث الاجتماعي والأكاديمي، لا شك أنه أهل لها، وهي فرحة وإن جاءت متأخرة، فإنها من التي تبرّد القلب، وتروي الجوف، فهي مستحقة من قبلُ ومن بعدُ، وفرحت أيضاً للالتفات لكاتبة عربية، متميزة في طرحها ومواضيعها وقلمها، هي «د. سوسن الأبطح» بنيلها جائزة أفضل كاتب عمود، للزميلة العزيزة، أقول: إن الأعمال الجميلة لا يمكن أن تضيع هباء، وإن تأخر الشكر، لكنه يصل، وهو خير من ألا يصل. تلك ربما هي مقدمة واجبة وضرورية للأشياء التي تفرح في الحياة، تقديراً للعاملين في هذا المجال الإعلامي الشاق، والذي يعده بعضهم عملاً مريحاً، مبهرجاً بالأضواء والأشعة العاكسة لكاميرات التصوير، وهو في حقيقته أشبه بالمشي في حقل ألغام أو مثل لاعب السيرك الذي يمشي متوازناً على حبل، دليله فقط…

أعداء الإمارات.. أعداء أنفسهم

الثلاثاء ٢٢ أغسطس ٢٠٢٣

رغم أنهم فئة قليلة وباغية، إلا أن لأصواتهم النشاز ضجيج، مهمته سرقة الفرحة، وتضييق الصدر المنشرح، وتعكير صفو الضحكة، هم لا يهمون العقلاء الحكماء والواعون، لكنهم يجرحون سعادة الناس البسطاء والمحبون بصدق، شهادة نجاح وتفوق وتميز أي فعل إماراتي، والذي يحمل علامة «صنع في الإمارات» رغم أنها علامة الجودة، وفخر الصناعة، وسعادة للعرب من المحبين وللأصدقاء من المودين، إلا أنها غدت شوكة في حلق الجاحدين، لماذا أصبحت هذه الجملة تثير عقيرة الآخرين الحاقدين، وتجعلهم ينفثون ما في صدورهم من غل دفين؟ علامة «صنع في الإمارات» جملة لا يحبها المبغضون، ولا أصحاب الأجندات، ولا الفاشلين الذين يجيدون في التآمر، وزرع الضغائن، والفرح بالحرائق في كل مكان. كل نجاح تصنعه الإمارات ويحمل علامتها المنيرة والمتميزة سواء في التفوق الاقتصادي أو الصناعي أو خلق الريادة في الأعمال الإبداعية والخدمات الحضارية وفي الإنشاءات المعمارية، بل حتى في فعل الخير والإحسان للآخر المحتاج أو المبتلي بفعل كوارث طبيعية، في الإمارات هذا التوقيع الذي يحمل مهز وختم الإمارات في كل أعمالها المتفردة والريادية لم يأت إلا بعد تعب وجهد ونجاح ومتابعة، لكن سيخرج له أعداء النجاح، وغرماء الجغرافيا، والتاريخ، والمستأجرون والذين يحبون أن يحاربوا عن بعد، ومن جحور وكهوف الظلام، وسيشوهونه بكلمة ساخرة، وسيمسحون درجة تفوقه بعبارة هازئة، لا لعيب في الصناعة، ولا لعدم الجودة، ولا…

صباحات دراويش الكتابة والمبدعين

الإثنين ٢١ أغسطس ٢٠٢٣

- من الأشياء المضجرة في حياة الفنانين والأدباء أن يتعكر صفو فجرهم الندي، ويسرق منهم فرح الصبح البكور، هذا الوقت لهم، ولا يتنازلون عن امتلاكه أو القبول بشراكة فيه، حتى الوظيفة العمومية تظل تضيق عليهم؛ لأنها تقتسم معهم صباحهم الحلو، هو لهم بمسمياته الكثيرة، وهو الأقرب لأجنحتهم التي تشبه خفق الطيور، بحثاً عن الهدوء والسكينة والطمأنينة، والبعد عن صغائر الأمور القاتلة، مدركين أن الإنسان يمكنه أن يشرب من الخير، ولا يعرف الأذى، هؤلاء الجميلين يستقبلون فاتحة صباحهم بطقوسهم المختلفة والمختارة، والتي لا تضر أحداً. - واحد يذهب باتجاه الماء والمناشف القطنية الملونة وروائح الصابون والعطور، يشعر أن الصباح غير مكتمل إن غابت رائحة من يعشقها، ويتذكرها حد الوجع، صباح هذا الفنان ملون بالطيب، ويتمناه للكثير. - آخر يحب أن يتدثر بتلك البيجامة القطنية الثقيلة، مستشعراً قرصة البرد على الشرفة، يختلط صباحه بتلك القهوة المُرّة، وعودين من السيجارة، وصوت فيروز قادماً من راديو ما زال بعافية زمان، ويذكره بأيام زمان، يفرح بسقاية تلك الزهور التي تعطي لصباح هذا المبدع كل يوم ألقاً. - صباح يتمطى كسلاً ذلك الذي يجبر هذا الكاتب الذي ما أن يستيقظ حتى يجعل عقارب ساعته تمشي وفق إيقاع من المهل، وبلا عجل، فتصبح ساعته كساعة «دالي» اللينة، والمنسابة والمتماهية مع الضوء والظل، يحب كل الأشياء أن تأتيه…