الأحد ١٦ أغسطس ٢٠١٥
نشرت أخيرا صحيفة "التلجراف" البريطانية مقالا عن مستقبل اقتصادنا في ظل تهاوي أسعار النفط، فيه الكثير من المبالغات وقليل من الحقائق، تحت عنوان: Saudi Arabia may go broke before the US oil industry buckles وتوقع كاتب المقال أن يتدهور اقتصاد المملكة قبل أن يهوي إنتاج الصخري الأمريكي. وهو يعني، ضمنيّا، أن هدف السعودية من عدم تخفيض إنتاجها كان الضغط على الأسعار من أجل تعطيل إنتاج البترول الصخري وما في حكمه، وهو ما سنعلق عليه لاحقا. ودعونا ننظر إلى الموضوع بواقعية وإيجابية. فليس سرا أن 90 في المائة من دخل ميزانية الدولة يأتي من البترول، كما ذكر الكاتب. ونحن، ومنذ سنوات طويلة، نحاول قدر الإمكان العمل على تنويع الدخل. فهذا من أهم الأمور التي تشغل بال المخلصين من أبناء هذا الوطن. ونشارك كاتب المقال في أن أمامنا تحديات اقتصادية كبيرة، لا علاقة لها بالصخري. ومستقبل اقتصادنا على المدى المتوسط ليس بالسوء الذي وصفه الكاتب، ما دمنا نملك هذه الثروة. وكلنا أمل بأن نشاهد على أرض الواقع خطوات بناءة نحو بناء اقتصاد ينمو ويزدهر من ذات نفسه، وليس اعتمادا على المصادر البترولية. وصحيح أن الظروف الحالية تحتم علينا استنزاف جزء من مدخراتنا المالية. ولكننا لسنا غافلين عما يتطلبه المستقبل، وأمامنا الكثير من الاختيارات. لعل أهمها تحجيم بعض المشاريع التي ليس لها ضرورة…
الأحد ٢٦ يوليو ٢٠١٥
سؤال المليون، ما الشيء الذي ينقصنا حتى ندخل في ميادين صناعة الطاقة الشمسية الفسيحة؟ أو بالأحرى، ما الذي يمنعنا من ذلك؟ والفوائض المالية جاهزة للاستثمار. وشبابنا المتعطش للعمل، وهي مصدر متميز للوظائف، عاطل عن العمل. أجواؤنا، مثل غيرنا ممن يستخدمون المواد الهيدروكربونية بشراهة شديدة، ملوثة بنواتج الاحتراق المضرة بالصحة. والطاقة الشمسية نظيفة. أرضنا واسعة، بل هي الأرحب بين جميع بلدان العالم لاستقبال أعداد كبيرة من مرايا وخلايا توليد الطاقة الشمسية. ونحن نحرق سنويا مئات الملايين من براميل النفط لتوليد التيار الكهربائي. ونصرف المليارات من الدولارات من أجل إنشاء عدد من المرافق التقليدية لتوليد الطاقة الكهربائية خلال وقت قصير، أي لبضع ساعات، أثناء وقت ذروة الاستهلاك الذي يصادف وسط النهار، وهو ذروة عطاء الطاقة الشمسية. فلو أننا أنشأنا محطات توليد التيار الكهربائي بواسطة مرافق الطاقة الشمسية والرياح لاستطعنا توفير مبالغ كبيرة ولحصلنا على وظائف إضافية لشبابنا. والحاجة إلى تغطية الذروة ستستمر لسنوات طويلة، دونما حاجة إلى تخزين الطاقة الشمسية خلال العشر أو عشرين سنة القادمة. هذه حقائق وليست أوهاما. ولعلنا نضيف إلى تلك المزايا والمحفزات ظاهرة إيجابية نادرا ما تحدث في عصرنا الحاضر. وهي الانخفاض المستمر منذ عشرات السنين لتكلفة إنشاء مرافق توليد الطاقة الشمسية، حتى وصلت إلى مستويات جعلتها تنافس جميع مصادر الطاقة الأخرى في عقر دارها. ولو استخدمنا المنطق،…
الأحد ١٥ فبراير ٢٠١٥
هذا ما يعتقده إلياس هِنكلي، وهو مستشار استراتيجي للاستثمار في الطاقة، فقد كتب مقالا تحليليّا طويلا، حول سياسة المملكة الإنتاجية خلال أزمة أسعار النفط الحالية. والمقال تحت عنوان مثير، "لحظة تاريخية: السعودية تتوقع قدوم نهاية عصر النفط"، نشره في مجلة "إنيرجي ترِند إنسيدر". بداية تحليله كانت مقبولة إلى حدّ ما، حول أسباب رغبة السعودية في التمسك بإنتاج أكبر كمية ممكنة من النفط، على الرغم من احتمال حدوث انخفاض كبير في الأسعار. لكنه سرعان ما جنح إلى الاعتقاد بأن السعودية الآن حريصة على بيع البرميل بربح ولو متواضع، فهو خير لها من أن يظل البرميل تحت الأرض لا تجد له زبونا! وأقول يا سبحان الله، هل بلغ بنا الأمر إلى هذا المستوى من التفكير غير المنطقي؟ وقد ذكر في بداية الحديث احتمال أمرين، إما أن السعودية كانت فعلا تحاول حماية حصتها في السوق النفطية، وإن كانت لم تحدد، حسب "علمنا"، مستوى إنتاجها الذي تريد الإبقاء عليه. ولم يتطرق الكاتب، كما اعتاد كثيرون، إلى احتمال نية السعودية كبح جماح إنتاج النفط الصخري، الذي كان من الواضح أنها لم تعره اهتماما ولم تعتبره أصلا منافسا لإنتاجها. ولكن هنكلي استنتج، وهو بطبيعة الحال مخطئ، أن هدف السعودية من رفع كمية إنتاجها، حتى ولو كان ذلك على حساب تدني الأسعار، إنما هو بقصد التخلص من…
الأحد ٠٨ فبراير ٢٠١٥
قرأت، ضمن تحليل لشركة النفط البريطانية، "بريتش بتروليوم"، موضوعا يتعلق بمستقبل إنتاج النفط الصخري في روسيا. والنفط الصخري هو حديث الساعة في وقتنا الحاضر. وقد اشتهر "الصخري" بعد أن تمكنت شركات البترول في الولايات المتحدة من إنتاجه رغم ارتفاع تكلفته وصعوبة الوصول إليه. وكلمة السر في ذلك، هي صعود الأسعار إلى ما يقارب 100 دولار للبرميل. الاندفاع الشديد للشركات الأمريكية، نحو سباق إنتاج "الصخري" يشبه إلى حد بعيد، ثورة "القولد رش" في كاليفورنيا قبل أكثر من 150 عاما. فقد تسابقت شركات النفط الصغيرة منها والكبيرة إلى قنص حصة من كعكة "الصخري". والذي لا يعرفه كثيرون، هو أن الرابح في عمليات إنتاج "الصخري" في الوقت الحاضر ليست شركات الإنتاج نفسها، رغم ضخامة الاستثمار، ولكنها شركات الحفر وشركات معدات ضخ سوائل التكسير الهيدرولوكي والأعمال المساندة، أي الأعمال الخدمية بوجه عام. ذلك إلى جانب، بطبيعة الحال، خلق مئات الألوف من الوظائف العامة والمتخصصة في محيط مناطق الإنتاج. ولكن إنتاج "الصخري" في الوقت الحالي عند مستوى الأسعار الحالية هو خصوصية أمريكية دون أي جدال. ولذلك فقد تنبأت الشركة البريطانية بأن تلحق روسيا بأمريكا ولكن بعد 20 عاما وليس في الحال، نظرا لعدم توافر الإمكانات المشابهة للظروف الأمريكية. وقد تطرقنا سابقا إلى هذا المجال في أكثر من مقال، وأوضحنا المميزات التي تتمتع بها شركات إنتاج…
الأحد ٢٥ يناير ٢٠١٥
مع اقتراب زمن الانخفاض الكبير لمعظم إنتاج مصادر الطاقة النفطية الرخيصة، أو ما يسمى النفط التقليدي، على الأرجح في غضون العقود الأربعة المقبلة، تتضارب الآراء حول المصير الذي سيؤول إليه مصيرنا والوضع الاقتصادي العالمي. ونحن حتما نعني بذلك بداية تناقص الإنتاج من الحقول الرئيسة التي بلغت من العمر عتيا، وليس النضوب الكامل. ويتضح من مجريات الأمور ومن توجه الدول المصدرة للنفط أنها على استعداد لبذل الغالي والرخيص من أجل إبقاء كميات الإنتاج عند أعلى مستوى ممكن لها، وذلك عن طريق الاستمرار في رفع مستوى الإنفاق ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. وهذا دون شك سيرفع من قيمة التكلفة، التي ستتناسب طرديا مع امتداد عمر الحقل، إلى درجة قد تؤثر في الدخل الصافي للدول المنتجة، وربما تضر بمستقبل الحقول النفطية. والخيار الآخر، غير المفضل عند كثير من المنتجين، أن ندع مستوى الإنتاج يهبط تدريجيا وطبيعيا حتى يبلغ النهاية بعد عمر أطول وتكلفة أقل. وفي وقتنا الحاضر، ليس لدى المجتمع الدولي مصادر للطاقة بالتكلفة نفسها وسهولة الإنتاج ويسر المناولة والقدر الكافي، كما هو الحال مع مصادر النفط التقليدي، ذي التكلفة المتوسطة والمقبولة، بل كل ما لدينا هي خيارات أفضلها صعبة المنال ومكلفة ماليا، مع شح شديد في العطاء، كالنفط الصخري والرملي النفطي والصخر النفطي والمصادر المتجددة. يليها الجيل الثالث من المصادر غير التقليدية…
الخميس ١٨ ديسمبر ٢٠١٤
ليست هذه أول مرة تنخفض فيها أسعار النفط بمثل هذا الانخفاض المرعب، ولن تكون بطبيعة الحال الأخيرة. فقد هبطت الأسعار في منتصف الثمانينيات وفي أواخر التسعينيات، وكذلك في نهاية العقد الماضي عندما هوت من 147 إلى 35 دولارا للبرميل. وقد نجد بعض المبررات لتلك الانخفاضات، من وجود كميات هائلة من الإمدادات في السوق النفطية في الحالين الأوليين تفوق بكثير الطلب العالمي. أما في الحال الثالثة، فلم يكن هناك مبرر اقتصادي أو منطقي لصعود الأسعار في عام 2008 إلى نحو 150 دولارا للبرميل خلال فترة زمنية وجيزة. لكن السعر ما لبث أن هبط فجأة إلى مستوى متدن جدا، عند حدود 35 دولارا للبرميل. أما الانخفاض الأخير، من 115 دولارا إلى ما دون الـ60، أي بنحو 50 في المائة، في وقت تساوى فيه الطلب العالمي مع الإنتاج، فهو أمر مختلف تماما. فمجموع الإنتاج اليوم، من السوائل النفطية، في حدود 92 مليون برميل. والطلب يحوم حول هذا المستوى. ولم يكن من المفروض أن تتعرض السوق لمثل هذه الهزة العنيفة لولا تكالب عدة عوامل تصادف وجودها في وقت واحد. وربما أن توقيت حدوثها مع قرب الاجتماع الدوري لأعضاء منظمة دول "أوبك" كان قد لعب دورا بارزا في تضخيم الحدث. وتغلبت العواطف والحالة النفسية على العقل والمنطق. تلك العوامل تمثلت في ارتفاع قيمة الدولار، الذي…
الأحد ١٦ مارس ٢٠١٤
لفت نظري وأثار حفيظتي مقطع من جملة وردت ضمن مقال لأحد الكتاب المهتمين بشؤون مصادر الطاقة، كان قد نُشِر أخيرا في إحدى صحفنا المحلية. وربما أنني الوحيد أو من القِلة الذين لديهم حساسية مفرطة عند سماع الحث على ما يشبه الإسراف في استهلاك مصادر الطاقة النفطية القابلة للنضوب، وخصوصًا تلك التي تتميز بتدني تكلفة إنتاجها. وكان الكاتب الفاضل يتحدث عن موضوع مُجمَل الطلب على النفط وارتباطه بمستقبل الأسعار. فأورد الجملة الآتية: "كان نمو الطلب على النفط في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مُخيبًا للآمال على مدى الربع الرابع بالكامل"! وأظن أنه يقصد آمال المنتجين. وهذا يعني بالقول الصريح أنه يجب على المجتمع الدولي بذل أقصى مجهود ممكن من أجل وبهدف استهلاك أكبر كمية ممكنة من النفط. وكأن البشر يستخرجون المواد النفطية من البحار والمحيطات التي لا تنفد، وليس من مكامن محدودة الحجم تقبع في أعماق الأرض، ولا نكتشف وجودها إلا بشق الأنفس وبذل الغالي والرخيص. وهناك حقيقة لا بدَّ من التمعُّن في مضمونها، فبما أن النفط مادة استهلاكية ناضبة، فمن الطبيعي أن يكون كثيره قليلا؛ أي أنه مهما بلغ مقدار الاحتياطي النفطي، فإن مآله إلى الزوال. وليس من الحكمة أن نحاول بشتى السبل المتاحة، إعلاميًّا وماديًّا ومعنويًّا، أن نعمل على تضخيم المخزونات النفطية التي لا تزال لم…