الإثنين ٠٥ سبتمبر ٢٠١٦
باستقبالها وفداً للحوثيين قبل أسبوع، فإن بغداد تكون قد اختارت المضي في تأكيد طائفيتها من جهة، وارتهان قراراتها لمصلحة طهران من جهة ثانية، وانضمامها إلى معسكر دعم الفوضى في المنطقة من جهة ثالثة. ويحدث ذلك على رغم أن الشعب العراقي والعراق كدولة يكادان يكونان أكبر المتضررين من هذه الفوضى، وتُدفع منذ سنوات ضريبة هائلة من دماء العراقيين وأمنهم واستقرارهم، ومن وحدة العراق كدولة، ومن تجانس مكوناته التي يُفترض أن تُظلها راية المواطنة المتساوية بوصفها شرطاً لا غنى عنه إذا أريد للعراق أن يستعيد نفَسه وأن يخرج من الدائرة المهلكة التي يندفع إليها، على رغم كل الدلائل على فشل النهج الطائفي الذي يراهن عليه فريق من الساسة العراقيين، وعلى رغم العاقبة الوخيمة الواضحة لكل من يراقب الأوضاع في العراق. من المفترض أن يكون الساسة العراقيون هم أول من يدرك تبعات تحدي الإجماع الدولي بعد التجارب المريرة التي خاضوها خلال أكثر من عقدين، ولم تؤدِّ فيها المراوغات ومحاولات التحايل والالتفاف إلا إلى تعميق المأساة وإطالة أمدها، ووضع بذور لتضرر كيان الدولة بصورة تتجاوز النظام الذي يمارس الخداع والمناورة إلى من يتحملون المسؤولية. ويعلم الساسة العراقيون أن الحوثيين لم يعتمدوا إلا على قوة السلاح الذي استخدموه للسيطرة على الدولة، مستندين إلى تحالف انتهازي قصير العمر مع علي عبدالله صالح، لن يلبث أن ينفض…
الإثنين ١٥ أغسطس ٢٠١٦
لم يكن فشل مفاوضات الكويت التي استمرت شهوراً بين وفد الحوثيين ووفد الحكومة الشرعية اليمينة غريباً، فسلوك الحوثيين على امتداد الأعوام الثلاثة الماضية يكشف أنهم كانوا يتحركون بإصرار نحو هدف ظنوا أنه أصبح قريب المنال، وهو إحكام السيطرة على اليمن وتحويله إلى محمية إيرانية جديدة تأتمر بأمر طهران وتتحرك وفقاً لما تمليه المصالح والخطط الإيرانية، من دون اكتراث لما يدفعه اليمنيون بمختلف طوائفهم واتجاهاتهم من ثمن فادح للمغامرات الحوثية. لم يكن الحوثيون ليستطيعوا التسلل ثم الانقضاض في غير أجواء الفوضى والاضطراب، لذا كان الغطاء الذي اتخذوه لتحركهم هو الاحتجاج على قرار عادي للحكومة برفع الدعم عن المشتقات النفطية في العام 2014، ليمضوا بعد ذلك في تنفيذ مخطط موضوع سلفاً لاستخدام القوة العسكرية في السيطرة على كامل اليمن، غير مكترثين لهاوية الفوضى والتمزق التي كانت نتيجة حتمية لما نووا الإقدام عليه، أو لما يواجهه اليمن من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة، وافتقار معظم الشعب إلى تلبية حاجاته المعيشية، والتدهور الحاد في الخدمات الصحية والتعليمية التي كانت أقرب إلى الانهيار التام. لا يؤمن الحوثيون بغير القوة، ولم يكن الجانب السياسي يعنيهم إلا بقدر ما يساند هذه القوة التي يتصورون أنها ستُخضع اليمن لهم، لذلك فإن اتفاقاتهم مع القوى السياسية اليمنية الأخرى منذ أيلول (سبتمبر) 2014 حين سيطروا على صنعاء، أو محاولاتهم إظهار…
الإثنين ٠١ أغسطس ٢٠١٦
لم يعد سراً أن خرائط جديدة تُرسم للمنطقة. ويمكن هذه الخرائط أن تشمل حدوداً سياسية جديدة سيتم وضعها على ضوء ما ستتمخض عنه الحروب المشتعلة حالياً في العراق وسورية. ويمكن أيضاً أن تكون الخرائط الجديدة على شكل مناطق للنفوذ بين دول الجوار العربي التي ستستغل حال الوهن العربي العام لتحقيق امتدادات جيوسياسية داخل الدول العربية التي تمزقها الصراعات، وتلك التي تعاني بوادر ضعف يمكن تعميقها من طريق الضغط على نقاط الضعف فيها، اقتصادياً وعرقياً وطائفياً. ومن السيناريوات المحتملة في هذا السياق، اتفاق تركيا وإيران على تقاسم المنطقة من خلال تحديد مناطق نفوذ لكل منهما، إذ تصاعدت الأطماع الإقليمية للدولتين خلال السنوات الماضية، وأصبح لكل منهما وجود سياسي وعسكري قوي من خلال تدخلات عسكرية مباشرة وقوى وجماعات سياسية وعرقية تدين لإحداهما أو للأخرى بالولاء، وتتحرك داخل دولها وفق ما تمليه المصالح التركية أو الإيرانية وليس وفق المصلحة الوطنية. ويتم ذلك تحت عناوين طائفية غالباً، إذ يُستغل التشيّع السياسي والتسنن السياسي من جانب إيران وتركيا، لتحقيق مصالح قومية لكل منهما. تلتقي مصلحة تركيا وإيران في أن كل ضعف واختراق تحققه أي منهما في إحدى الدول العربية يصبّ في مصلحة الأخرى، وهما تبدوان أقرب إلى فكرة تقاسم النفوذ منهما إلى الصراع أو الصدام، بحيث أن أي مكسب تناله إيران أو تركيا لا ينتقص…
الإثنين ٢٥ يوليو ٢٠١٦
انتهى الانقلاب العسكري التركي في ساعتين، لكن توابعه ستستمر طويلاً على ما يبدو. وبعيداً من التفسيرات والتحليلات التي ناقشت طبيعة الانقلاب وحقيقة من يقف وراءه، فإن الحملة الأردوغانية الفاقدة للرشد، إذا استخدمنا تعبيراً ملطَّفاً، قامت حتى الآن بإبعاد 70 ألفاً عن وظائفهم بعد نحو أسبوع من المحاولة الانقلابية العجيبة، والمسلسل، كما يبدو، لا يزال مستمراً. قيل الكثير عن سلوك أردوغان وأتباعه خلال تسعة أيام مضت، وليست هناك حاجة إلى تكرار النتائج التي بدت واضحة للعيان عن حال من الهوس التي تلبست أردوغان وجنون العظمة الذي تملّكه وطاقات العنف والكراهية، التي انطلقت تعبر عن نفسها بلا رادع ولا ضابط، غير أن ما يلفت النظر هو «البصمة الإخوانية» الجلية في كل ما اتخذه أردوغان من إجراءات تثير القلق على مستقبل بلد إسلامي بحجم تركيا، وتلقي بظلال قاتمة على صيغ التعايش التي توافقت عليها فئات المجتمع وجماعاته ومكوناته، والتيارات السياسية والاجتماعية التي كانت تبحث، على رغم كل شيء، عن نقاط للتوافق تحت مظلة وطنية جامعة. «البصمة الإخوانية» تبدو في استهداف أردوغان قطاع التعليم تحديداً، إذ فُصل بعد خمسة أيام فقط من الانقلاب 15 ألف معلم من وظائفهم، وسُحبت رخص العمل من 21 ألف معلم في المدارس الخاصة. ولعلنا نذكر أن التسلل «الإخواني» المخادع في بلدان الخليج العربي وفي بلدان عربية وإسلامية أخرى بدأ…
الإثنين ١٨ يوليو ٢٠١٦
من بين كل 12 شخصاً تقريباً في إيران يوجد شخص مدمن على المخدرات، وفقاً لما نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، في تقرير لها في أيار (مايو) 2015، إذ يبلغ عدد المدمنين ستة ملايين شخص. ومثل هذا الإحصاء يمكن له، مبدئياً، أن يقدِّم تصوراً عن أوضاع إيران في الوقت الحالي، فانتشار المخدرات في هذا الشكل الوبائي يشير إلى أن ثمة أزمة عميقة تضرب المجتمع كله، وتقود أفراده إلى البحث عن طريق للهرب من الواقع بفعل قسوته ومرارته، وفقدان الأمل في المستقبل، الذي يبدو محفوفاً بالمخاوف، ومن ثمَّ يكون تغييب العقل حلاً ملائماً للتكيف مع مشاعر الإحباط والعجز، وبخاصة لمن هم في مرحلة الشباب. إدمان المخدرات هو مجرد علامة ذات دلالة على هشاشة الداخل الإيراني ومشكلاته المتفاقمة بفعل السياسات التي اتبعتها إيران منذ عقود. ويمكن مثلاً الإشارة إلى أن إيران واحدة من أكثر دول العالم فساداً، وفق مؤشر الفساد الذي أصدرته مؤسسة الشفافية العالمية في العام 2015، فقد جاءت في المرتبة 130 بين 168 دولة تضمنها التقرير. ويعتمد هذا التقرير على بيانات تجمعها المؤسسة من 12 هيئة دولية، منها المنتدى الاقتصادي العالمي والبنك الدولي. وفي ما يخص حقوق الإنسان، ورد في تقرير منظمة العفو الدولية 2015-2016 عن إيران ما يلي: «ظل التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة ضد المعتقلين أمراً معتاداً، مع…
الإثنين ٢٠ يونيو ٢٠١٦
مساء الخميس الماضي، تعرضت النائب العمالية البريطانية جو كوكس لإطلاق نار، ليُعلن عن موتها بعد نحو سبع ساعات. واتضح أن القاتل من مناهضي موقفها المؤيد لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. ووفقاً لما رصدتُه بشكل شخصي طوال الساعات الثماني التي تلت الحادث، لم تحاول أي وسيلة إعلامية نقلت الخبر أن تتوقف كثيراً أمام التفاصيل التي تخص الفاعل، واكتفت بما تلقته من معلومات أولية حول اعتقال رجل خمسيني على صلة به. ماذا لو كان القاتل مسلماً؟ أتصور أن الوضع كان سيختلف كلياً، إذ سينتقل التركيز في هذه الحال إلى الفاعل، وستشهد الساعة الأولى تدفق مئات التحليلات والآراء من كل مكان في العالم، يغرق معها المشاهدون في تفاصيل تستعيد الحوادث الإرهابية التي تورط فيها مسلمون منذ عشرات السنين، وتُتداول فيها سيرة تنظيمات يجمع بينها أنها تتضمن «الإسلام» كجزء من أسمائها، وسيتبارى المتخصصون في تبيان الفروق بين الأسلوب المميز لكل جماعة في ارتكاب جرائمها الوحشية، والأصول الفكرية لهذه الجماعات متمثلة في القرآن والسنة والتراث الفقهي والشرعي. باختصار، سيكون الإسلام حاضراً في كل ما يتعلق بالجريمة، وحتى الذين يرفضون ربط الإسلام بالإرهاب يُصبحون جزءاً من هذه المنظومة، إذ يتحقق التلازم بين الإسلام والإرهاب حتى في حديث الرافضين، ويستدعي كلٌّ من المفهومين الآخر في عقول المتلقين. في هذا الإطار يمكن أن ننظر إلى حادثة أورلاندو، التي…
الإثنين ٠٦ يونيو ٢٠١٦
في اللحظات التي كانت تشهد الاستعداد لتحرير مدينة الفلوجة العراقية من قبضة تنظيم «داعش» ظهر قاسم سليماني ظهوراً سريعاً على أطراف المدينة العراقية المبتلاة بالنكبات منذ عقد ونصف العقد تقريباً، تاركاً وراءه سحباً من التوتر والتوجس والغضب الذي حوّل جزءاً من المناقشة الدائرة حول تحرير الفلوجة نحو الحديث عن هذا الظهور المنذر بالشرور. لا نتحدث هنا عن أذرع «الحرس الثوري» الإيراني التي تعبث بالعراق، على رغم التأثير الكارثي لها، ولا نتحدث هنا عن القوى العراقية التي تجعل إرضاء طهران وتنفيذ أوامرها هدفاً لها وليس العراق ومصلحة العراقيين، ولا نتحدث هنا عن الزعماء السياسيين والدينيين الذين ارتضوا بأن يجعلوا العراق العربي بكل ثقله وإمكاناته وقدراته مجرد ورقة لعب تستخدمها إيران في اللحظة التي تراها ملائمة. لا نتحدث عن «دور» قاسم سليماني، بل عن «إطلالة» قاسم سليماني في ذلك الوقت تحديداً. ولنا أن نسأل: هل كان هناك ما يمنع أن يمارس قاسم سليماني مهماته تحت غطاء السرية الذي يتقنه؟ لقد اعتادت إيران على أن تتحرك في الظلام وتثير القلاقل والمشكلات من وراء ستار، كما تفعل في البحرين واليمن ولبنان وفي كل مكان يمكنها فيه أن تصطنع أتباعاً وموالين، ولذا يجب أن يُنظر إلى السلوك العكسي بالإعلان الصارخ عن وجود قاسم سليماني بصفته عملاً مقصوداً تماماً وله أهدافه المحددة التي لا يحققها العمل…
الإثنين ١٦ مايو ٢٠١٦
ظلت الولايات المتحدة حجر الزاوية في التحالفات الخليجية منذ عقود، وتعززت هذه العلاقة بقوة بعد حرب تحرير الكويت. ثم استمر التحالف الوثيق لأكثر من عقدين ونصف العقد، حتى بات يُنظر إليه بوصفه من الثوابت غير القابلة للتغير، وبخاصة أن المصالح المشتركة بين طرفيه - الولايات المتحدة ودول الخليج - بقيت على حالها. التزمت دول الخليج العربي بمقتضيات هذا التحالف، مع الاحتفاظ بمساحة كافية من حرية الحركة تجاه قضايا ذات طابع خاص، وعلى رأسها الموقف من القضية الفلسطينية، إذ انتقدت دول الخليج على الدوام الدور الأميركي غير المتوازن فيها. التحالف كان مفيداً للطرفين بالتأكيد، وهذا ما سمح باستمراره، غير أن الجانب الأميركي أخل إخلالاً جسيماً بالجانب الأكثر أهمية في تعهداته والتزاماته، وهو الإسهام في حفظ الاستقرار في المنطقة، بل على العكس من ذلك، أصبحت التحركات الأميركية تثير من الريبة أكثر ما تثير من الاطمئنان. وإذا كان أهم الأخطار الأمنية في المنطقة في الوقت الحالي يتمحور حول إيران والتمدد الهائل للإرهاب، فإن سلوك الولايات المتحدة في الملفين يدعم قوى الاضطراب والفوضى، ويعبث بأسس استقرار المنطقة وأمنها. ومن هنا، فإن بناء دول الخليج تحالفات جديدة من أجل ضمان استقرار المنطقة يصبح فرض عين سياسياً، على اعتبار أن الاستقرار هو الحاضنة الطبيعية للتطور السياسي والاقتصادي الذي شهدته جميع دول مجلس التعاون. وهذه التحالفات الجديدة…
الإثنين ٠٩ مايو ٢٠١٦
في أيلول (سبتمبر) 2011 كان رجب طيب أردوغان في زيارة لمصر، وخلال حفلة عشاء أقامها السفير التركي على شرف رئيس وزراء بلاده (آنذاك) وجّه إليه أحد الحضور من أعضاء تنظيم «الإخوان المسلمين» في مصر، والذين كانوا يدبّرون المكائد للوصول إلى الحكم وقتها، سؤالاً وصف فيه حزب «العدالة والتنمية» بأنه إسلامي، فردّ أردوغان بوضوح ان «حزب العدالة والتنمية ليس حزباً إسلامياً». وفي حديث تلفزيوني خلال الزيارة نفسها قال أردوغان إن «العلمانية لا تعني أن يكون الأشخاص كذلك، فأنا مثلاً لست علمانياً، لكنني رئيس وزراء لدولة علمانية». وقد تسبب هذا الموقف في صدمة لـ «إخوان» مصر الذين سمعوا ما لم يتوقعوه ممن أملوا بأن يكون حليفهم الأهم في المنطقة. كان هذا قبل أن يغيّر أردوغان رهاناته ويدخل بكل ثقله في مغامرة لم يحسب عواقبها جيداً، بتحالفه مع «الإخوان المسلمين» في مصر وفي دول عربية مختلفة بعد حديثه هذا بشهور، ودعمه لكل محاولاتهم في زعزعة الاستقرار ونسج المؤامرات على الأنظمة الشرعية. ويبدو أن إعراض أوروبا عن تركيا وفشلها في دخول الاتحاد الأوروبي الذي وقفت أنقرة على أعتابه مريقة كبرياءها، قد أحدث رد فعل قوياً لديه، جعله، وهو الرجل الذي يحب «المشاريع» الكبرى، يبحث عن مشروع بديل، لا سيما أن الجانب الايديولوجي في نفسه يبقى مؤثراً. راودت أحلام «السلطنة» رجب طيب أردوغان، لأنها تتفق…
الأحد ٠١ مايو ٢٠١٦
ربما يكون السيناريو الأكثر خطراً على مستقبل العالم العربي، ومنطقة الخليج تحديداً، هو نشوء تحالف تبادل منافع بين ثلاثة أطراف تُضمر للدول العربية عداء وكراهية لا حدَّ لهما. وهذه الأطراف الثلاثة هي: إيران وذيولها من التنظيمات الشيعية المتطرفة، وجماعة «الإخوان المسلمين»، والسلفية الجهادية متمثلة بـ «القاعدة» و «داعش». ومثل هذا السيناريو ليس مُستبعداً، على رغم ما يبدو من عداء مُستحكم بين إيران وتنظيماتها الشيعية والسلفية الجهادية، فالتقاء المصالح بين أضلاع «مثلث الخراب» يجعل التئام شملها وارداً جداً في لحظة معينة يحدث فيها اتفاق ضمني على تأجيل الخلافات أو تناسيها إلى حين، وإيجاد شكل من أشكال التعاون على الهدف المشترك، وهو إسقاط الدولة الوطنية العربية. الرابط بين الطرفين اللذين يبدوان متنافرين، أي إيران والتنظيمات الشيعية من جهة، و «القاعدة» و «داعش» من جهة أخرى، سيكون جماعة «الإخوان المسلمين»، التي حرص مؤسسوها على وضع الأسس لممارسة الانتهازية السياسية من خلال التوصيف، الذي وضعه حسن البنا لها في كتابه «الرسائل»، وهي أنها «دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، وشركة اقتصادية، وهيئة اجتماعية». وهذا الإطار الفضفاض يتيح للجماعة أن تكون كل شيء وعكسه، وأن تتلوّن وفق رياح المصلحة. علاقة «الإخوان» بإيران علاقة قديمة ووثيقة، وكان وفد التنظيم العالمي لـ «الإخوان المسلمين» من أوائل الوفود التي وصلت طهران للتهنئة بالثورة الإيرانية…
الإثنين ٢٥ أبريل ٢٠١٦
بالتوازي مع القضاء على التهديد الحوثي وإنهاء مغامرة إيران في جنوب الجزيرة العربية، يتعيّن أن تكون مواجهة «تنظيم القاعدة» في اليمن في صدارة الاهتمامات الخليجية، للقضاء على التهديد الذي يمثله التنظيم لليمن وللمنطقة ككل. الأيدي الإيرانية لم تكن بعيدة من تنامي «القاعدة» في اليمن، فالانتهازية الإيرانية لم تترك وسيلة إلا واتبعتها. وفي إطار أحلام الهيمنة، وسعي إيران من أجل تحويل اليمن إلى محمية تابعة لها، ودفع الحوثيين إلى ابتلاع اليمن وفرض الأمر الواقع بالقوة المسلحة، خلقت إيران حاضنة للتطرف الذي تغذى على الشحن الطائفي والشحن الطائفي المضاد. واكتسبت القاعدة زخم تحركها في اليمن من استيلائها على كميات أسلحة هائلة تركتها قوات الحوثي وصالح وهي تغادر مدن الجنوب اليمني. هناك علامات استفهام جدية تحيط بواقعة ترك هذه الأسلحة غنيمة سهلة لـ «القاعدة»، ومعها مبالغ نقدية كبيرة تُقدَّر بمئة مليون دولار في فرع البنك المركزي بمدينة المكلا، وخصوصاً أنها كانت تكراراً لما حدث في الموصل في منتصف عام 2014، حين ترك الجيش العراقي كميات هائلة من الأسلحة والأموال ليستولي عليها «داعش» ببساطة. والسؤال هو: هل كان تكرار الواقعة بحذافيرها في العراق واليمن من قبيل الصدفة، أم أن هناك من قرر حدوث ذلك لغرض في نفسه؟ هل هي صدفة أيضاً، أن ينطلق تنظيم «داعش» الوحشي من سورية والعراق، وهما البلدان اللذان تلعب فيهما…
الإثنين ١٨ أبريل ٢٠١٦
تحاول الدول العربية، بلا استثناء، تجاوز التحديات الخطيرة التي نجمت عن أحداث السنوات الخمس الأخيرة، والتي تحاول النيل من استقرارها، وتعمل الدول العربية كذلك على تجنّب أية ألغام يمكن أن تنفجر في أية لحظة وتفتت كيانات الدول وتزلزلها، وذلك من خلال استغلال نقاط ضعف كامنة، أو تهيئة الأوضاع لظهور مثل هذه النقاط التي ستصبح أقرب إلى صدوع تعتمد على تباينات طائفية أو إثنية أو اقتصادية أو فئوية، ومن ثم يتم الضغط بأقصى قوة ممكنة على تلك الصدوع لتعميقها وتوسيعها، وهو ما يمكن في النهاية أن يؤدي إلى تحطّم كيان الدولة من داخله، وتحوله قطعاً متناثرة متصارعة في ما بينها بعنف على الأغلب. وعلى رغم أن واقع دول الخليج العربية يختلف بقوة عن واقع غيرها من الدول العربية الأخرى التي شهدت مثل هذه الفتن، فإن ذلك لا يعني انتهاء الخطر. وخصوصاً أن هناك من سيسعى دائماً إلى تجريب اللعبة ذاتها مع ابتكار أشكال جديدة للتناقضات والتباينات التي يمكن لها أن تشكّل نقطة ضعف يمكن استغلالها. ولعل الموقف الثابت والقوي للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في شكل أساسي، كان عاملاً مهماً لمنع المخطط الشيطاني من تحقيق أهدافه. وفي ظل هذه الظروف، فإنه يبدو من المستغرب أن تشهد عاصمة خليجية، عقد مؤتمر للتعليم الشرعي تقف وراءه وتتبناه جماعة «الإخوان المسلمين»، التي…