واقع لا يحاكي الواقع
«إلى متى؟» طَرْح هذا السؤال بتلك الصيغة هو أفضل طريقة للاحتجاج على فكرة غياب موضوع خطورة طرح برامج الواقع التي تمسّ خصوصية المجتمعات، وتستفز مشاعر المتابعين، خاصة إذا كان المعروض ينافي هوية المكان وسياقه الثقافي وطريقته في التعبير عن نفسه، مقارنة بالمجتمعات الأخرى، كما أن هذا الإلحاح الذي تبديه المنصات الإعلامية والترفيهية في إنتاج أو استقطاب «برامج تلفزيون الواقع» التي تلعب على وتر الإثارة، الحريات المزعومة والصور النمطية، يهدف إلى تحقيق أغراض جذب الاشتراكات ورفع مستوى المشاهدات، خاصة بين فئات الشباب واليافعين، واستقطاب المزيد من المعلنين على حساب الاستقرار النفسي والأمان الثقافي للمتلقي، فما هي مخاطر السكوت عن هذا النقاش المشروع؟ لقد كان السائد أن برامج الواقع تستقطب الفئات المهمشة في المجتمعات، وتمنح من لا يملك صوتاً للتعبير حضوراً ومنطقاً قد يقتنع به كثر، لكن الحقيقة أن فئات الشباب واليافعين ليست مهمشة، بل فاعلة بشكل كبير في توجهات المحتوى، ومؤثرة في الحراك الاجتماعي والفكري والاقتصادي، وما نغذي به هذه الفئة علي اعتبار أنه جزء من الواقع اليومي والمعيش، هو بذرة في نسيج المجتمع قد لا تكون صالحة بالضرورة، ما يؤثر وبشكل كبير على خيارات جيل الغد في السعي اليومي، والعلاقات الإنسانية، وحتى الانتماء للمنظومة القيمية، وهي الدرع الذي نرفعه في وجه الهزات المتسارعة في هذا العصر. الحقيقة أن فئات الشباب…