الثلاثاء ١٠ سبتمبر ٢٠٢٤
«مدرسة قوية تساوي مجتمعاً قوياً»، هي العبارة التي يجب أن ترسخ في أذهان من يخططون لأن تكون دولهم رائدة في العالم. ولذلك متى ما اقتنعنا بذلك في العالم العربي، وعملنا على برامج وطنية واضحة المعالم بعيداً عن جعل المشاريع الوطنية تبدو تجارية خاصة. فنحن في الطريق الصحيح لبناء دولة وأمة قوية. مخرجات المدارس اليوم في عالمنا العربي تعتبر متواضعة من حيث النوعية في العالم، لكون الأمر ليس مسألة ميزانيات خيالية تصرف على التعليم وهيئات وبنية تحتية حديثة فقط، بل هي منظومة متكاملة يخطط لها أبناء تلك الدول وفق معطيات ومصالح وأولويات وأهداف دولهم كجزء من السياسة الوطنية لتنميه مستدامة. التعليم هو محرك الاقتصاد والتفوق المعرفي الأول، كما يسام بقوة في إيجاد حلول مستدامة للتحديات التي تواجهها المجتمعات، إلى جانب كونه الركيزة الأساسية لجعل الدول مقرات دائمة لجلب المواهب، وأبرز العقول والمهارات والاختراعات والمنتجات في العالم، ومن منطلق آخر، فإن النظم التعليمية التي لا تخرّج العلماء والمفكرين والباحثين ورجال الأعمال والمخترعين وأهم قيادات القطاعات الحيوية على المستوى الدولي، هي نظم تعليمية يجب أن نتوقف عندها، ونعيد حساباتنا في جدواها ومدى مساهمتها في الريادة والتفوق الرقمي وتنويع المصادر المتجددة لاستمرارية الحياة، وبالتالي يعد الطلاب والمعلمون على حد سواء في المنظومات التعليمية هم حجر الأساس لجعل الدول في مصاف الدول الأبرز في العالم،…
الخميس ١٥ فبراير ٢٠٢٤
هناك مدرسة واقعية في السياسة والعلاقات الدولية تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، وأنه إذا ما تمكنت من مهاجمة خصمك في مواجهة معه يجب أن تكون ضرباتك حاسمة وأن تتأكد ألّا تقوم لخصمك قائمةً بعد خوض المعارك معه سواء في الميادين العسكرية أو غير العسكرية، وهو الثابت الوحيد الذي لا يتغير في سياسة العالم الغربي على وجه الخصوص وكل من يسعى لأن يصبح قوةً عظمى أو لاعباً مؤثراً في أي نظام عالمي متوازن، ولهذا تعدّ كل الصراعات والنزاعات والحروب في العالم ما هي سوى انعكاس مباشر للأيديولوجيات والعقائد الفكرية والاستراتيجية والروحية والاقتصادية والهويات الجامعة للشعوب والأمم المختلفة في ذلك الصراع الحتمي بين المجموعات البشرية. ويتساءل البعض هل ستتوقف إسرائيل عن شنّ غارات جوية على مدينة رفح الحدودية بجنوب قطاع غزة، حيث يقيم أكثر من مليون نازح فلسطيني؟ والجواب هو لا! بل الهجوم الإسرائيلي الواسع على رفح هو مجرد مسألة وقت إذا لم تنجح ورقة التلويح بالهجوم الواسع على رفح في تحقيق المكاسب المرغوبة لإسرائيل. ويبدو أن إسرائيل لن يوقفها أي تحذير أميركي أو غيره، لكون التحذيرات من جميع الأطراف الغربية كانت على استحياء وبمثابة إشارة غير ممانعة، وإن كانت مشروطة لبدأ العملية، وكلها تصبّ في جملة «إن أي هجوم على رفح دون المراعاة اللازمة للمدنيين سيكون كارثة»، وهي الرسالة غير المشفرة…
الأربعاء ١١ أكتوبر ٢٠٢٣
إن العواصف الشمسية والكوارث الطبيعة تتزايد، ولكن ما يدور في وسائل التواصل الاجتماعي من شائعات بانهيار الإنترنت بناءً على تحذيرات من وكالة «ناسا» الأميركية بشأن إغلاق الإنترنت العالمي لمدة أشهر بسبب عاصفة شمسية كبيرة هو غير صحيح ولم تصدر الوكالة أي تحذيرات بشأن نهاية العالم على الإنترنت، وتفاقمت المخاوف عبر الإنترنت أيضاً من خلال الأبحاث التي تمت مراجعتها من قبل بعض الباحثين في وقت سابق من هذا العام، والتي أظهرت أن الشمس قد تصل إلى ذروة نشاطها الحالي في عام 2024، أي قبل عام مما كان متوقعاً سابقاً. من جانب آخر لا يوجد دليل يدعم الشائعات المنتشرة بأن العاصفة الشمسية الكبرى التالية ستتسبب في انقطاع الإنترنت، وفي الوقت نفسه، تعد تأثيرات العواصف الشمسية الكبرى على الشبكات الكهربائية وأنظمة الاتصالات موثقة جيداً، لذلك من الجيد أن نكون حذرين ونقوم بمراقبة وتقييم مستمريْن لنظام الشمس والأرض ونظام الغلاف الشمسي، وإجراء المزيد من الدراسات للإدلاء ببيانات أكثر دقة فيما يتعلق بقوة العواصف الشمسية، وتطوير نموذج ذكاء اصطناعي يستخدم بيانات الأقمار الصناعية حول الرياح الشمسية لتوليد تنبؤات استباقية بالعواصف الشمسية. الإنترنت مصدر اتصالات موثوق به، وحتى لو توقف قسم كامل من الإنترنت عن العمل في أعقاب كارثة طبيعية أو هجوم نووي، فمن الممكن أن تظل الأقسام الأخرى تعمل، وفي حين أنه قد يتم فقدان…
الثلاثاء ١٨ يوليو ٢٠٢٣
حرب خفية تدور رحاها في عالم مواهب الذكاء الاصطناعي، وبالتحديد على جذب المواهب والقدرات البشرية الاستثنائية التي تقودها كبرى الشركات في العالم والدول على حد سواء، للفوز بالنصيب الأوفر من الموارد البشرية التي ستصنع الفارق في صناعة الذكاء الاصطناعي، وهم مدركون تماماً أن تفوق شركة صغيرة مثل (Open Ai) على شركة عملاقة مثل «جوجل» هو أمر لم يكن متوقعاً تماماً، والثورة التي تقودها شركات الذكاء الاصطناعي التي تعتبر صغيرة بالمقارنة مع عمالقة السوق التقليديين في هذا الإطار على غرار شركة نفيديا (Nvidia)، وهي شركة أشباه الموصلات الأكثر قيمةً في الولايات المتحدة الأميركية، والتي أضحت رائدة في سباق الذكاء الاصطناعي كمؤسسة ناشئة تزاحم شركات مثل مايكروسوفت وأمازون وميتا وأبل بفضل نوعية المواهب التي تمتلكها في مجال الذكاء الاصطناعي. وفي ظل الصراع المحتدم على المواهب يستخدم قادة تكنولوجيا المعلومات حلول الذكاء الاصطناعي لكسب الحرب على المواهب، ووفقاً لبحث أجرته شركة البنية التحتية الرقمية Equinix يرى 62% من صانعي القرار في مجال تكنولوجيا المعلومات العالميين أن النقص في الموظفين ذوي مهارات تكنولوجيا المعلومات هو أحد التهديدات الرئيسية لأعمالهم، إلى جانب كونه أحد أكبر التحديات التي تواجه مراكز البيانات حيث يعد نقص المواهب أحد أصعب التحديات التي يمكن معالجتها. ولكن هل يمكن أن يقدم الذكاء الاصطناعي حلاً؟ فالقلق يتصاعد يوماً بعد يوم بشأن المرشحين…
الثلاثاء ٢٨ مارس ٢٠٢٣
تعد الساحة الافتراضية بيئة غير منعزلة عن الشؤون الدولية، وتتحول تدريجياً للمحرك الأساسي لسياسات القوى العظمى في نظام يتسم بالفوضى الخلاّقة، وهو تماماً ما يحدث من خلال الشبكة العنكبوتية، وتسخير آخر ما وصل إليه الإنسان في علوم الحاسوب والشبكات الالكترونية، وتطورات تجعل الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات الكبرى قزماً في مواجهة موجات معرفة عملاقة يكاد يكون التغيير فيها شهرياً. ومن جانب آخر، تنمو شبكة الويب بشكل كبير وكذلك حجم البيانات التي تولّدها البشرية عاماً بعد عام، ويمثل هذا النمو تهديداً وجودياً لاحتكار الشركات والحكومات الكبرى للسيطرة على أفراد المجتمعات في العالم بطبيعة الحال، وخاصةً عندما تظهر تقنية لإضفاء اللامركزية على هيكل سلطة النخب، فإن تلك النخب نفسها ستحاول ملاءمة تلك التكنولوجيا للاحتفاظ بالسيطرة والحفاظ على النظام، وهذا هو السرد الأساسي لمعرفة كيف ستتقارب الرأسمالية والجغرافيا السياسية والحركات الناشطة السرية، وتشن حرباً على ساحة المعركة المفتوحة على شبكة الإنترنت، ومن ثم تفرض تداعيات تلك المعارك طبيعة العالم الرقمي على مدى العقود القادمة. وعلى مدى العقود التالية، ستواصل العديد من شركات الويب امتلاك الإنترنت من خلال التأثير بشكل كبير على الإعلام، والاستمرار في شراء الشركات الإعلامية والاستحواذ على ملكية وسائل الإعلام بصورة شبه كلية، وستفرض عليها الجهات الحكومية المعنية التعاون، و«بلقنة»َ الويب من أجل الأمن القومي للأمم. وبينما ترغب الشركات في التحكم في…
الثلاثاء ٢٥ فبراير ٢٠٢٠
لطالما تم تلقيننا بأنه حتى نصل للريادة لا بدّ لنا من تسخير التخصّص وتوظيف الموارد البشرية وفقاً لذلك التخصّص، وبأن هذا هو المسار الوحيد نحو الريادة ومراتب الاستدامة العليا. وبصورة عامة فقد تم تأسيسنا بأن الشهادة العلمية هي مفتاح الريادة وليس نوع المعرفة المكتسبة - وإن كانت خارج الإطار الأكاديمي التقليدي- وأن المتخصّص في الطب أو الهندسة على سبيل المثال حتى يبدع ويصل للريادة لا بدّ له من الالتزام بالتخصّص الذي درسه، وأن لا يتصور نفسه متفوقًا في مجال آخر. ومن غير المعقول أن يعيد الإنسان توجهاته، وإنْ كان اختياره لذلك التخصّص أو الوظيفة مخالفاً في الأساس لميوله الطبيعية للمجال الذي قد يبدع فيه ويفوق فيه كل التوقعات، وليس فقط أن يتقنه ويصبح محترفاً فيه، وهنا تكمن الإشكالية وما هي القيمة التي نتحدث عنها ليل نهار كمجتمع عربي ومسلم، هل هي ثقافة الحياة أم ثقافة الموت؟ وهل هي ثقافة الريادة كمفهوم وممارسة صمّاء أم كفكر يهدم الانتظار المعرفي؟ وهل نقبل بتصادم الأفكار وإتاحة الفرصة لأن يكون للعقل فاعلية نقدية وليس جهاز تسجيل يعيد ما يسمع؟ أم نبدع حصرياً في تقديس النمطيّة والسبات في دائرة ومساحة الراحة والاعتيادية في النظريات العلمية؟ ولا سيما أن الريادة تتطلّب مخالفة النسق السائد والخروج عن الطابور والتفرّد. فالأسماء لا حصر لها عندما نتطرّق إلى الرواد…
الثلاثاء ١٤ يناير ٢٠٢٠
تعدّ إدارة الأزمات السياسية على الصعيد الدبلوماسي خليطاً بين المعرفة والفن والموهبة والتفكير الإبداعي، والتنسيق والتعاون بين فرق العمل التي تعمل بمبدأ التكاملية، وهي فرق تعمل ولا تنتظر حدوث الأزمة بل تتعامل مع احتمالية حدوثها أو جذورها قبل أن تقع، وإنْ وقعت تكون جميع إجراءات التخفيف قد اتخذت لامتصاص الأزمة وحلها في أسرع وقت ممكن بأقل جهد وتكلفة، وقد تخلق أزمة لحل أزمة أخرى أو تحويل مسار قوة الأزمة لاتجاه معاكس والسعي لتفكيك عناصر القوة في مركز الأزمة، أو إبعاد مصالح أهم اللاعبين فيها عن بعض وتحييدهم أو جعلهم في مواجهة بعضهم البعض أو نشر الخلاف والتشكيك بينهم، وجعل الطرق المؤدية لتجميع مصادرهم متفرّقة، وألا تلتقي أبدأ أو سدّ وعرقلة مسارات الوصول، وشراء الوقت الكافي لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تساهم في رفع مستوى الجاهزية للاستجابة. وأفضل طريقة لإدارة الأزمة هي منعها من الحدوث في المقام الأول، وإنْ كان أحياناً وجود أزمة هو حل لأزمة أكبر منها، أو تشتيت الانتباه لتحقيق هدف أكبر من خلال جعل الخصم يضع كل جهوده وإمكانياته في حل أزمة معينة بينما الأزمة الحقيقية غير مباشرة أو في طور التكوين، وحتى تكتمل أركانها وإن لم تكن مفاجأة ستحاول الجهة التي تعرضت لأزمات أخرى، وهي تعالجها أن تصبّ جمّ تركيزها على الأزمة الأكبر التي تتبلور، وبالتالي توفر…
الثلاثاء ٢٩ أكتوبر ٢٠١٩
حسن نصر الله يتهم ثورة الشارع اللبناني بأنها ممّولة وتسيّر من الخارج، وقام بالتلويح ببطاقة الحرب الأهلية وبأنه الطرف الأقوى في المعادلة السياسية، ومن يحدّد كيف يحكم لبنان واضعاً من ينادي بالتغيير ضمن الإقامة الجبرية للفكر المنفرد، وتوجهّات حزبه الذي يهيمن بحضور طاغٍ في كل مؤسسات الدولة ويتحكّم بالسياسة والاقتصاد، وكانت رسالته أقرب للتوبيخ والوعظ الكاذب لبقاء العهد البائد، وقد أعطيت الأوامر لعناصره لكي تحول الثورة السلمية لصراع دموي وتأجيج شبيحة «حزب الله» المتنكرين بملابس الجيش والشرطة الوضع، ناهيك عن المندسين من حزبه بين المتظاهرين واختراق الحزب للجيش والأجهزة الأمنية، وتواجد كبير في الأجهزة الشرطية البلدية. فقد تستطيع ذيول الحزب تعطيل الاحتجاجات، ولكنهم سيكونون مجرد موانئ تقف في وجه طوفان يكبر كل دقيقة حتى يعبر الموانئ، ويصل لكل بيت، وخاصةً أن في يد المتظاهرين أهم سلاح وهو العصيان المدني، ووقف التعامل مع مؤسسات الأحزاب ومصالح رموزها التجارية والصناعية التي تغصّ بها البلاد. وهذه المصالح تكاد تكون كماشة لا يستطيع الاقتصاد المحلي التحرّك دون إذن منها، والامتناع عن دفع أية مبالغ للخدمات تعبيراً عن واقع مرير يعيشه هذا الشعب من خدمات متردية وبنى تحتية متدنية، إلى معدل بطالة غير مسبوق ونسبة فقر مرتفعة وغلاء للمعيشة، وتنمية معطلة لدولة أصبحت تعتمد على الاقتراض والإعانات والمساعدات الخارجية، ومن ثم تعود لتدفع تلك المبالغ…
الثلاثاء ٣٠ يوليو ٢٠١٩
هل سيصبح الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة والأسلحة البيولوجية وبرمجة العقول أهم الأدوات في ترسانة الإرهاب المستقبلية؟ وهل سيهجر الإرهابيون طرقهم التقليدية بلا رجعة؟ فمن غير المتوقع أن يضحّي الإرهابيون بحياتهم في العمليات المستقبلية بالكم المتعارف عليه في يومنا هذا لإيصال رسالة للآخرين، أو لتحقيق هدف ما من وراء إزهاق الأرواح والخروج عن القانون، أو إلحاق الأذى وإنزال الدمار والخراب بممتلكات الآخرين، ونشر الفوضى والرعب في المجتمعات البشرية، وسيلجأ الإرهابيون للبرمجة وتطوير الجيل القادم من الطائرات من دون طيار، أو المركبات ذاتيّة القيادة لسهولة الحصول على مكوناتها في الأسواق السوداء والأسواق الإلكترونية، أو إعادة تصنيع ما هو متوفّر بصورة اعتيادية في الأسواق والاعتماد على الذكاء الاصطناعي ليصبحوا أكثر قوةً ودموية. فقد يكون أكبر الفائزين في سباق التسلّح غير المتكافئ هي الدول المارقة الصغيرة، والجهات والجماعات الفعّالة غير الحكومية مثل الإرهابيين والذين يمكنهم الوصول إلى هذه الأسلحة بسهولة، حيث إن تكلفة الطائرات الصغيرة القاتلة أكثر بقليل من ثمن الهاتف الذكي، ويمكن للقتلة المحتملين ببساطة تحميل صورة وعنوان المستهدف في الطائرة الصغيرة من دون طيار، وتحديد هوية الشخص والقضاء عليه وتدمير الطائرة لنفسها بعد العملية مباشرةً، كما يمكن استخدامها في الابتزاز والاختطاف، وما سيفعله الإرهابيون بالتكنولوجيا الناشئة ليس له حدود وخاصةً عندما يصبح الذكاء الاصطناعي أرخص تكلفةّ ومتوفراً على نطاق واسع للجميع. ومن…
الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٧
يمثل عدم اعتراف إيران بعروبة الخليج العربي، والإصرار على مسمى الخليج الفارسي، التهديد الدائم للأمن الاستراتيجي والاستقرار في دول مجلس التعاون، وهي النقطة الأهم في فحوى الصراع قبل أن يكون صراعاً طائفياً أو تنافساً اقتصادياً أو حدودياً، أو تنافساً مفتوحاً على الموارد وغيرها من الأمور التي في مجملها واقع لا ينكره أحد، ولكن الصراع الوجودي على هوية المنطقة هو الصراع الأهم.. فإيران تعتبر معظم مناطق الخليج العربي مناطق تابعة لها تاريخياً، وتطالب بها عبر تصريحات رسمية من كبار مسؤوليها، والمناطق الأخرى تريد وضع اليد عليها بحكم البعد الديني، وهو هدف غير معلن، وفي الوقت نفسه غير قابل للنقاش في الاستراتيجية الإيرانية الأمنية الكبرى في مشروع نظام أمة الولي الفقيه! وأهم التحديات الاستراتيجية بطبيعة الحال التقليدية المتفق عليها مثل التسليح الإيراني النووي، وتنامي العداء العسكري ومضيق هرمز والتوغل الإيراني في الدول العربية سياسياً ومذهبياً وتحديات أخرى أشبعت نقاشاً وتحليلاً، ولكن من أهم التحديات التي لا يتم الحديث عنها لحساسيتها، هو تحدي الاستيطان الإيراني للمناطق الخليجية، وشراء محموم للأراضي والممتلكات في المدن الخليجية عبر طرق ووسائل مختلفة، بجانب تحدي السيطرة على أهم الموارد الحيوية عن طريق لربما بعض المصدرين والتجار من القادمين الجدد على السوق الخليجية بعكس التجار الإيرانيين الذين يعملون في الخليج العربي منذ عقود، وليس لهم أجندات خاصة بصورة عامة،…
الثلاثاء ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦
لا يولد الإنسان بهويته وإنما بقابليته لتبني هوية أكثر من الأخرى، لكنه يبنى لاحقاً- وبمساعدة مجتمعه- سجناً لعقله يرسخ فيه من خلال الإرث الديني والفلكلور والموروث الشعبي من شعر وقصص وأساطير وقيم وسلوك اجتماعي، مبادئ عامة لحياته تصبغ بالصبغة المحلية، ويتحول الدين إلى وكالة خاصة لجزء معين من العالم وشعوب بعينها، وكأنه نزل لتلك الحضارة ولغتها وعاداتها فقط، فتكون الفجوة حيث تصبح اللغة وفهمها والتأويلات التي تحتويها أهم ركيزة في الدين نفسه والمشعل الذي تستنير به الشعوب في كهوف ظلام تعتيم لاهوتي تأوي إليها النفوس مفتونة، وتطمس إنسانية الإنسان، وتستبدل بالنزعة الفردية في التفرد في فهم الدين. ولذلك عندما تقابل أي شخص عربي مسلم تشعر بأنك لم تقابل شخصاً مختلفاً، وكأن الفكر والمنهجية في فهم الأمور وتفسيرها وقبولها نسخ من عقل لعقل. فهل الخلل الذي نعانيه في عالمنا الإسلامي، هو خلل في البنية التحتية للقيم المتوارثة وليس كيف تدار السياسة، أو يدار الدين في المجتمع؟ وماذا عن المسميات والتصنيفات التي تمنح كل شخص وصمةً خاصة إذا فكر في الخروج عن الخط الذي رسمه له الكهنوت ليحدد له طريقة تناوله وممارسته للدين، وحتى لو كان معتدلاً ويحترم القوانين والنظم وينبذ ويرفض العنف والتطرف والغلو؟ فالدين كشعور داخلي يولد به الإنسان، وله جذور عميقة في النفس الإنسانية والمورثات الجينية واحتياج يلازم الإنسان…