الخميس ١٥ يناير ٢٠١٥
حين تقول النيابة العامة في البحرين، إنها تواجه الشيخ علي سلمان، أمين عام جمعية «الوفاق» المعارضة، وهي تحقق معه هذه الأيام، بما جاء في كلماته، وخُطبه، نصا، فأظن أنها تريد أن تواجهه إلى جانب هذا، بشيء آخر، هو أن ينتبه الشيخ علي، إلى أن ما جاز في اليمن، على يد جماعة الحوثيين، حتى وإن كان قد جاز مؤقتا، وإلى حين، فإنه لا يجوز بالمرة في البحرين! فالشيء الذي جاز في اليمن، أو بمعنى آخر تصورت جماعة الحوثيين، أنه يمكن أن يجوز، ثم يمر، إنما هو الانخراط في تغيير النظام الحاكم بالقوة، وهو أيضا الشيء ذاته الذي لا يفهم المرء، كيف فات على الشيخ علي أن يدركه، رغم أنه واضح أمام كل عين! وربما نذكر، الآن، أن قوات درع الجزيرة، عندما دخلت المنامة، قبل نحو عامين، كانت تريد أن تبعث برسالة إلى الشيخ علي، وإلى جمعيته، وإلى الذين وراءه، بأن ما يتصورون أنه يمكن أن يحدث في البحرين، لن يحدث، وأن وراء الدولة البحرينية، 5 دول خليجية، هي أعضاء معها، وشركاء، في مجلس التعاون الخليجي، ثم في قوة درع الجزيرة، التي من بين مهامها، دفع ما كان أمين عام «الوفاق» والذين من خلفه، يفكرون فيه، بمثل ما فكّر الحوثيون، في اليمن، فيما بعد، ثم راحوا ينفذون بحماقة ما فكروا فيه. ولا…
الخميس ٠٦ نوفمبر ٢٠١٤
كتب الأستاذ طارق الحُميد، رئيس تحرير «الشرق الأوسط» الأسبق، يوم الثلاثاء قبل الماضي، على هذه الصفحة يقول ما معناه، إن وزارة الإعلام أهم من أن تُترك في التشكيلة الحكومية اليمنية الجديدة، لحزب المؤتمر الشعبي، الذي يقوده الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وإنها لا بد أن تكون وزارة سيادية يختار الرئيس هادي منصور وزيرها بنفسه، بحيث يكون وزيرها الجديد شخصا منتميا في عمله لليمن فقط كدولة وكوطن، لا لحزب هنا أو هناك، ولا حتى لرئيس سابق كان سببا بسياساته فيما انحدر إليه اليمن الآن. من جانبي، أوافق الأستاذ الحُميد على رأيه تماما، وأراه محقا بنسبة مائة في المائة، فيما ذهب إليه، وأتمنى لو ينصت الرئيس اليمني إلى هذا الرأي، وأن يأخذ به في أقرب فرصة، لأن اليمن في أيامه المقبلة لا يحتمل إعلاما يفرق، ولكنه في حاجة حقيقية إلى إعلام يجمع شتات ما كان الرئيس السابق قد بعثره! إذ ليس من المعقول أن تكون السلطة في صنعاء التي تكتوي هذه الأيام بحصيلة سياسات صالح، على موعد، مرة أخرى، مع سياسات له ولحزبه، سوف يروجها قطعا، إذا ما بقيت «الإعلام» في حوزته.. ليس معقولا.. لأنه إذا كان لليمن أن ينعم بشيء من الاستقرار.. شيء فقط.. فلن يكون هذا، إلا بأن يبتعد الرئيس السابق عن الصورة كليا، لا أن يكون حاضرا، فضلا…
الخميس ٠٢ أكتوبر ٢٠١٤
سوف يبقى يوم 21 سبتمبر (أيلول) 2014، يومًا كئيبًا في حياة كل يمني، ففيه زحف الحوثيون إلى العاصمة صنعاء، وسيطروا على أغلب مقرات الحكومة في أنحائها، فيما يشبه الكابوس الذي لا ينافسه في ثقله، إلا ثقل جبال صنعاء ذاتها. وعندما أقول «كل يمني» فإنما أقصد المواطن الذي يظل ولاؤه النهائي هناك لبلده وحده، ولوطنه وحده، ولأرضه وحدها، لا لأرض غيرها، ولا لوطن غيره، ولا لبلد سواه. وليس هناك يوم آخر أكثر كآبة لكل يمني من ذلك اليوم إلا يوم 23 من الشهر نفسه، أي بعدها بـ48 ساعة، عندما خرج فيه الرئيس عبد ربه منصور هادي على اليمنيين، ليتكلم للمرة الأولى، شارحًا في أسى أبعاد ما جرى! ورغم كثرة ما قاله الرئيس منصور، فإنني توقفت بشكل خاص أمام الفقرة التي قال فيها ما يلي: «عندما تسلمت الدولة في عام 2012 لم أتسلم منها إلا شبه دولة لسلطة مفككة، ومؤسسات متغولة في الفساد، وجيشا مقسم الولاءات، ومحافظات عدة خارج سيطرة الدولة، ولم يكن من الممكن تغيير كل هذا في عامين قضيتهما في إطفاء الأزمات، ومحاولة تحقيق التوافقات، وتجنيب البلاد الحروب قدر ما استطعت، وأعترف لكم بأن الكرسي الذي أجلس عليه، لم يكن أبدًا وجاهة ولا منصبًا، بل كان كرسيًا من نار، وأمانة ثقيلة أجمعتم في مرحلة معينة على تكليفي إياها». تأملت هذه…
الإثنين ٣١ مارس ٢٠١٤
الجماعات أو التنظيمات التي أصدرت المملكة العربية السعودية، قرارا يوم 7 مارس (آذار) الحالي، بوضعها على لائحة الإرهاب، شيء، بينما جماعة أو تنظيم الإخوان، شيء آخر.. أو بمعنى أدق، فإن هذا ما كنا نفترضه ونتوقعه. إذ لم يكن أحد يتخيل، أن يأتي يوم، توضع فيه الجماعة الإخوانية مع تنظيم القاعدة، وجبهة النصرة، و«داعش»، وحزب الله داخل السعودية، وجماعة الحوثيين، في سلة واحدة! ومصدر عدم التخيل هنا، أن «الجماعة» كانت تصور نفسها لنا، وللغرب قبلنا، على أنها جماعة معتدلة، وأنها لا تعرف العنف، وأنها تنبذ الإرهاب، وأنها تؤمن بالحوار، وتقدم العقل على ما سواه، فإذا بها بعد 25 يناير (كانون الثاني) 2011 بشكل خاص، وبعد ثورات ما يُسمى بالربيع العربي، بوجه عام، تخير المصريين بين أن تحكمهم، أو تقتلهم، ثم تخير السعوديين بين أن تصل إلى الحكم عندهم، أو تتآمر على نظام الحكم القائم لهدم أركانه، وكذلك الحال في معظم دول الخليج، وبدرجات وأشكال مختلفة! وقد كانت السعودية هي آخر دولة يمكن أن يصل الأمر بينها، وبين الإخوان تحديدا، إلى نقطة اللاعودة هكذا، لولا أن الإخوان فيما يبدو لنا جميعا، لم يفرقوا بين المملكة، وبين سائر الدول، مع أنها تفرقة كان على الإخوان أن ينتبهوا إليها جيدا، وبكامل وعيهم، لأسباب ثلاثة أساسية: السبب الأول، أن حسن البنا، مرشد الجماعة الأول، ومؤسسها،…
الإثنين ٢٤ فبراير ٢٠١٤
كثيرون في مصر تمنوا، لو أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب «مصر القوية» لم يعتذر عن عدم الترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة، لولا أنه قد لاذ بالفرار، عند لحظة المواجهة الحقيقية بينه، كمرشح إسلامي، وبين ناخبيه المفترضين!. وليس غريبا، أن يطلق المصريون على الحزب، بعد اعتذار رئيسه، وربما قبله أيضا، اسم «مصر الطرية» بدلا من «مصر القوية».. فالمعنى المقصود من وراء التسمية واضح للغاية كما ترى، وفوق وضوحه، فإنه لاذع إلى أقصى حد، ويحمل أكثر من إيحاء! وعندما برر الرجل، اعتذاره، ذكر أسبابا كثيرة، لم تكن مقنعة كلها، أو في أغلبها، لا لشيء، إلا لأنه لم يذكر بينها السبب الحقيقي، الذي دعاه إلى الهروب من المواجهة! فالعقل يقول، إنه من المفترض أن تكون فرصته بين الناخبين كبيرة هذه المرة، إذا ما قورنت بفرصته في انتخابات 2012 التي فاز فيها محمد مرسي.. ففيها، كان ثلاثة مرشحين إسلاميين يتنافسون على أصوات الناخبين، بدءا من «مرسي» نفسه، ومرورا بـ«أبو الفتوح» وانتهاء بالدكتور العوا، الذي نال عددا ضئيلا للغاية من الأصوات، بما يدل على أنه كان يبالغ تماما في تصور شعبيته بين الناس، ويتوهم أشياء لا وجود لها! وقتها، حل «أبو الفتوح» رابعا، بعد «مرسي» وشفيق، أو العكس، ثم صباحي فخرج من الجولة الأولى، ليصوت جزء لا بأس به، من مؤيديه، في…
الإثنين ٠٣ فبراير ٢٠١٤
هل صحيح أن حماس الغرب، عموما، ثم الأميركان خصوصا، لإزاحة نظام بشار الأسد عن الحكم في دمشق، يتراجع يوما بعد يوم، وأنه الآن، غيره زمان، عند بداية ثورة السوريين عليه، في أوائل 2011؟! وهل صحيح أن انحسار هذا الحماس، راجع في أساسه، إلى أنهم اكتشفوا أن الجماعات المتطرفة على الأرض السورية، من أول جبهة النصرة، ومرورا بـ«داعش» وانتهاء بـ«القاعدة» عموما، هي بديل الأسد إذا سقط؟! إذا افترضنا نظريا، أن هذا الاعتقاد صحيح لديهم، وهو صحيح نسبيا فيما يبدو، فإن السؤال هو: كيف يخاف الغرب من التطرف في دمشق، ويخشي مجيئه إلى الحكم، ويتحسب لذلك بغض بصره عما يرتكبه نظام الرئيس السوري، ثم ينحاز في الوقت ذاته، وبالتوازي، إلى «الإخوان» في القاهرة، فيتعاطف معهم، حتى بعد سقوطهم، بمثل ما مال إليهم، في وقت وجودهم في السلطة؟! لا جدال طبعا، في أن المصلحة الغربية المجردة، هي الحاكمة في الحالتين، وأن انحياز واشنطن - مثلا - إلى الإخوان، منذ ما بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، إلى أن حكموا، لم يكن أبدا لأن الإدارة الأميركية تحبهم، ولا كان من أجل سواد عيونهم، وإنما لأنها، كإدارة أميركية، ومن ورائها كثيرون في عواصم عدة في أوروبا، رأت أن الجماعة الإخوانية سوف تحقق لهم، وهي في مواقع الحكم، خدمات جليلة لم تكن متاحة، في أيام حكم…
الإثنين ٢١ أكتوبر ٢٠١٣
الشيء الذي لا يجب أن يفوتنا، أن أول زيارة للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور إلى الخارج، كانت إلى السعودية، وأن أول زيارة للرئيس المصري السابق الدكتور محمد مرسي إلى الخارج، بعد وصوله إلى كرسي الرئاسة، كانت إلى السعودية أيضا.. ولكن.. شتان ما بين هذه، وتلك! .. وقتها، كما نذكر جميعا، كان «مرسي» قد قضى في الحكم أسبوعين، أو ثلاثة، وكان كثيرون يتساءلون عما سوف يفعله، بعد أن أصبح رئيسا، وما إذا كان سيلتزم بما تعهد به، عندما كان لا يزال مرشحا، أم لا؟! وحين التقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فإنه، أي مرسي، قد ألقى بتصريحات في ختام الزيارة أثارت في حينها استياء مكتوما لدى المصريين أنفسهم، لأنه راح يتكلم عن أن في العالم الإسلامي سُنة، وشيعة، وأنه بزيارته إلى المملكة كان يضيف مع السعودية إلى الحلف الأول، في مواجهة الحلف الثاني، وكان لسان حال كثيرين سمعوا كلامه، أنه ليس من المواءمة السياسية في شيء، أن يبدأ رئيس مصر زيارته الأولى إلى الرياض، بإثارة مثل هذا الموضوع، لسببين أساسيين، أولهما أن السعودية تتجه في سياستها عموما، إلى الجمع بين المسلمين كافة، لا التفرقة بينهم، خاصة وأن فيها الأراضي المقدسة التي يقصدها كل مسلم، بلا استثناء، أيا كان توجهه السياسي، وأيا كان موقع البلد الذي ينتمي إليه.…
الإثنين ١٦ سبتمبر ٢٠١٣
المنتمون إلى جماعة الإخوان ليسوا كلهم من نوعية محمد بديع، أو محمود عزت، أو محمد البلتاجي، أو.. أو.. إلى آخر القائمة التي تضم عقولا متحجرة، وأفكارا متشددة، وأشخاصا لا يرون في مصر إلا الجماعة وفقط.. والغريب أن المعتدل في هذه الجماعة الإخوانية إما أن يخرج منها، ولا يطيق البقاء فيها، وهو ما فعله رجال من أمثال كمال الهلباوي، أو محمد حبيب، أو ثروت الخرباوي، أو مختار نوح، وغيرهم طبعا، وإما أن يتحول عن اعتداله إلى تشدد مقيت، لدرجة أنه يزايد على المتشددين أنفسهم في تشددهم.. وليس أقرب إلى هذا المثال الأخير، من عصام العريان، الذي كنا نعرفه في ما قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني) رجلا معتدلا في أفكاره، مرنا في مواقفه، سمحا في التعامل مع الآخرين خارج «الإخوان»، فإذا به بعد وصول «الإخوان» إلى السلطة، وتحديدا طوال العام الذي قضاه مرسي في الحكم، شخص آخر تماما، وإذا به ملكي، كما يقال، أكثر من الملك ذاته، إلى الدرجة التي راح معها كثيرون يشفقون عليه، ويتساءلون في حسرة عما أصابه، فكشف فيه عن وجه لم نكن نراه، ولا كنا نتوقعه! وأغلب الظن أن هذا التحول قد أصاب العريان في اللحظة التي قررت فيها الجماعة حرمانه من رئاسة حزب «الحرية والعدالة» ذراعها السياسية، وهو موقع كان سيجعله خلفا لمرسي الذي كان أول…
الخميس ١٥ أغسطس ٢٠١٣
لسبب سوف أوضحه حالا، أشعر بأن هناك علاقة من نوع ما، بين نتائج انتخابات برلمان الكويت 2013التي جرت يوم 27 يوليو (تموز) الماضي، وبين سقوط الإخوان في مصر، في 3من يوليو نفسه. ففي ديسمبر، من العام الماضي، كانت الكويت قد شهدت انتخابات برلمانية، أدت إلى فوز 17نائبا شيعيا في مجلس الأمة، من بين 05 نائبا، هم إجمالي عدد نواب البرلمان هناك. وكان فوز هذا العدد، مفاجئا وقتها، وكان مثار دهشة، ومثار تعليقات كثيرة، وواسعة، وكان مصدر الدهشة، في أساسه، راجعا إلى أن هذا العدد الذي يمثل أكثر من ثلث عدد أعضاء البرلمان، لا يعبر بصدق، عن الواقع كما هو، لأن الشيعة في الدولة الكويتية، الذين هم مواطنون كويتيون كاملو الحقوق والواجبات طبعا، لا يمثلون ثلث عدد سكان الدولة، بل هم، من الناحية العددية المجردة، أقل، وبالتالي، فوجود 17 نائبا عنهم في برلمان البلد، لا يعبر عن الحقيقة القائمة على الأرض. وبطبيعة الحال، فقد قيل كلام كثير، عن أسباب ذلك، في حينه، وكيف أن دعوات المقاطعة التي أطلقتها قوى المعارضة، قبل الانتخابات، وأثناءها، قد أثرت سلبا، على نسبة الحضور، في دوائر انتخابية بعينها، بما أدى في النهاية، إلى خروج النتيجة في صورتها النهائية، بذلك الشكل غير المتوازن. وأذكر أنني كتبت في هذه الصحيفة، بعد إعلان النتيجة وقتها على نحو ما جاءت…
الخميس ١٨ يوليو ٢٠١٣
لا بد أن الذين انتخبوا الدكتور محمد بديع، مرشدا عاما لجماعة الإخوان، في يناير (كانون الثاني) 2010 يندبون حظهم الآن، لسوء ما فعلوه، ويتمنون لو عاد بهم الزمان، ليصححوا خطأهم، ويُبعدوا هذا الرجل عن الجماعة، لولا أن الزمان، كما نعرف، لا يعود، ولولا أن «لو» هذه، تفتح عمل الشيطان.. لا أكثر! ولا بد أن هؤلاء الذين يندبون حظهم، هم أنفسهم، كانوا قبل عام بالضبط من الآن، وتحديدا يوم انتخاب «مرسي» رئيسا لمصر، يفركون أيديهم، فرحا، وبهجة، وسرورا، واستبشارا، لأن واحدا منهم، قد وصل إلى السلطة أخيرا، وأخيرا جدا، وبعد نضال من الجماعة كلها، دام 83 عاما، منذ نشأتها على يد حسن البنا، عام 1928 إلى أن تخلى مبارك عن الحكم، في 2011. لا بد، إذن، أنهم عاشوا لحظة الفرحة هذه، بمثل ما عاشوا ويعيشون لحظة التعاسة في وقتنا الراهن، غير أن الأمور، تقاس، كما قيل، بخواتيمها. وسوف يأتي يوم، يقال فيه، عن محمد بديع، المرشد العام الثامن للجماعة، إنه إذا كان قد صعد بجماعته، إلى ذروة الحكم في مصر، فإنه هو نفسه قد هوى بها إلى سابع أرض، وكأنه، بحق، رجل الصعود المتألق، ثم السقوط المدوي معا! ولو أن أحدا سأل، عما إذا كان في إمكان بديع، منذ اللحظة الأولى، أن يؤمِّن صعود الإخوان، فسوف يكون الجواب، أن هذا كان…
السبت ٢٩ يونيو ٢٠١٣
فى كل مرة يخطب الدكتور مرسى، يردد عبارة واحدة لا تتغير، وهى أن النظام السابق لن يعود، وقد أصبحت العبارة من طول ترديدها، تثير الإشفاق على صاحبها، والضحك مما يقوله، أكثر مما تثير أى شىء آخر، لسببين أساسيين، أولهما أن نظام مبارك لن يعود فعلاً، وثانيهما أن أحداً لم يطالب بعودته فى أى وقت، ولا يريد «مرسى» إلى اليوم أن يفهم، أن ذهاب الإخوان، ليس معناه أبداً، عودة «مبارك» أو نظامه الحاكم، وإنما معناه الرئيسى أن تعود الثورة إلى شبابها الذين قاموا بها ودفعوا ثمنها، وأن يعود البلد المختطف لأصحابه.. لا أكثر من هذا، ولا أقل! وحين كنت فى مدينة طنجة المغربية، مساء الأربعاء، أى بعد أن ألقى «مرسى» خطابه الأخير بدقائق، فإننى أردت أن أتعرف على صدى الخطاب عند إخواننا المغاربة، فقال لى رجل شاهد ما قاله «مرسى» فى خطابه من أوله إلى آخره إنه، أى الخطاب، يكاد يكون هو نفسه خطاب «مبارك» قبل أن يتخلى عن الحكم! والحقيقة أن الرئيس قد جاءته ثلاث فرص من السماء، ليتجنب بها ما يمكن أن يحدث غداً، فإذا به يبددها جميعاً بقلب بارد، وكأنه يفعل ذلك عن قصد، وعن عمد، ثم كأنه كلما كان عليه أن يختار بين أمرين، اختار أسوأهما! كان أمامه أن يتدارك أمره، يوم راح يخطب من أجل سوريا،…
الأحد ٣٠ ديسمبر ٢٠١٢
قبل أسبوعين، كان الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، قد دعا إلى حوار يجمع بين قيادات «الجماعة» من ناحية، وقادة سائر القوى السياسية من ناحية أخرى، لعل الأطراف جميعها تصل إلى اتفاق، أو توافق على الأقل، حول الوضع السياسي المتأزم في البلاد بوجه عام. يومها، قال الدكتور محمد أبو الغار، الطبيب الشهير، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي، والذي يمثل في الوقت نفسه، أحد قادة «جبهة الإنقاذ» التي تشكلت مؤخرا، إنهم في «الجبهة» مستعدون للاستجابة لدعوة المرشد لأنه صاحب القرار الحقيقي في البلد، وليس الدكتور مرسي، وإن الاستجابة مشروطة بتحقيق أشياء محددة على المستوى السياسي، كان من بينها - مثلا - تأجيل الاستفتاء على الدستور في مرحلته الثانية التي جرت السبت قبل الماضي. طبعا.. لم يكن من المتوقع أن يستجيب الدكتور بديع، لهذا الشرط الخاص بالاستفتاء، ولا لغيره، ولذلك، فالدعوة جرى إطلاقها في الهواء، كأنها رصاصة طائشة، مصوبة إلى غير هدف، كما أن الحوار الذي كان مزمعا، لم يتم بالتالي! غير أن الشيء اللافت للنظر، أن كثيرين لم يتوقفوا ليتساءلوا عن الصفة التي بها دعا المرشد إلى حوار من هذا النوع، وعلى هذا المستوى.. إذ الجماعة لا تتوقف طول الوقت، عن القول إنها لا تتدخل في الشأن الرئاسي، بشكل خاص، ولا في الشأن السياسي، بوجه عام، فإذا بها، في لحظة…