الجمعة ٢٣ سبتمبر ٢٠١٦
لم تكن أزمة «اللاجئين والمهاجرين وتحركاتهم الكبرى» لتتحول عنواناً للقمة الدولية التي عقدت في الأمم المتحدة، لولا امتداد أبشع حروب هذا القرن منذ الحرب العالمية الثانية، إلى أكثر من 5 سنوات، أي الحرب السورية التي شهدت تدفقاً للنازحين هو الأكبر نتيجة الجرائم التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه. فعلى ظهر النزوح السوري الذي فاض عن قدرة دول الجوار على الاحتمال، ركب النازحون من أفريقيا ودول آسيوية، قوارب الموت أو سلكوا طرق الهجرة غير الشرعية إلى دول أوروبا، مع كل المآسي التي أنتجتها غرقاً وموتاً وإذلالاً. ولم يكن قادة العالم ليخصصوا هذه القمة لللاجئين لولا أن الدول الراعية للإرهاب، لا سيما النظام السوري وإيران، استفادت من «تحركاتهم الكبرى»، من أجل دس المجموعات المتوحشة في صفوفهم، لارتكاب الجرائم الفظيعة في دول الغرب، بهدف وصم الثورة السورية بالإرهاب. وعلى رغم أن عدد اللاجئين في العالم يفوق عدد الذين غادروا سورية، ويبلغ وفق إحصاءات الأمم المتحدة 65 مليون نازح نتيجة النزاعات الدموية، فإن ما يجري في سورية هو المثل الفاقع عما دعا إليه بعض قادة الدول في نيويورك، وهو الحاجة إلى إيجاد الحلول للحروب، وللفقر، وعدم الاكتفاء بالإغاثة، لمعالجة الأزمة المتمادية. ففي سورية يشكل تفريغ المناطق بعد تجويع سكانها الذين يبقون على قيد الحياة، إذا نجوا من البراميل المتفجرة وقصف الطيران السوري والروسي، سلاحاً…
الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦
في كل مرة تجرى جولة جديدة من المفاوضات بين موسكو وواشنطن تحت عنوان البحث عن الحل السياسي المعلّق، تقوم قوات النظام السوري مع حلفائها الإيرانيين والميليشيات التابعة باندفاعة جديدة ضد مناطق المعارضة السورية، بغطاء روسي. هكذا تتجه بلدة داريا في ريف دمشق، والأحياء الشرقية لمدينة حلب إلى مرحلة جديدة من التدمير الممنهج والقتل العشوائي، والأخطر، إلى حرب الحصار والتجويع، لتضافا إلى عشرات المناطق التي يموت الأطفال والمدنيون فيها جوعاً وعطشاً، على مرأى من ناظري تنفيذ القرار الدولي الرقم 2254 الذي تنص بنوده على إدخال المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق بصرف النظر عن نجاح أو انطلاق مفاوضات الحل السياسي. وفي كل مرة تتصاعد تدابير وخطط الحلف الأطلسي بتوسيع تواجد قواته ضد «التهديد الروسي» في شرق أوروبا، كما حصل خلال قمة دول الحلف الأخيرة في وارسو، يكون الرد الروسي في بلاد الشام، ليتحول السوريون إلى حقل تجارب للسلاح الروسي، في تحدي الكرملين للعدائية الغربية لطموحاته باسترجاع النفوذ على بعض القارة العجوز. هكذا تعود القاذفات الروسية الاستراتيجية إلى الأجواء السورية فتقصف مواقع المعارضة في ريف حلب تحت مظلة قصف مواقع «داعش» و «جبهة النصرة» في تدمر والرقة، فتستهدف الفصائل غير المصنفة إرهابية، وتلك المصنفة معتدلة وتتيح للنظام إحداث تقدم على الجبهة يعينه على تشديد حصاره وممارسة وحشيته ضد المدنيين، فهؤلاء هم وقود الرسالة…
الجمعة ٠٨ يوليو ٢٠١٦
لم يكذّب النظام السوري خبراً حين اعتمد الخديعة بموازاة إعلانه هدنة الـ72 ساعة والتي بدأت أول يوم من عيد الفطر، أي الأربعاء الماضي وتنتهي اليوم، بعدما وافق عليها «الجيش السوري الحر» وفصائل أخرى. أعلن النظام الهدنة لكنه واصل هجومه في ريف حلب الشمالي لقطع الطريق الوحيد الذي يربط المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بمناطق سورية أخرى، لإحكام الحصار الذي يسعى إليه منذ أشهر على حلب. وتبين أمس أن المعركة للسيطرة على المعبر الوحيد للمعارضة هي معارك كر وفر. ولم تكن الفصائل المسلحة أقل استعداداً لخرق الهدنة لأنها كانت تتوقع أن يبادر النظام إلى الإفادة منها لتحسين مواقعه. جاءت هدنة اللاهدنة هذه بعد مستجدات ميدانية وسياسية، لتزيد من حال الفوضى والتناقضات في الحرب اللامتناهية التي دمرت سورية، وأبرزها التقارب الروسي- التركي، الذي سيؤثر في الطموح الكردي باقتطاع إقليم في إطار فيديرالي لسورية، وليعيق هذا التوجه بعدما كانت موسكو فتحت باباً لقبول هذا الطموح الكردي في مشروع الدستور الذي أعدته على أساس فيديرالي. وزاد الأمر تعقيداً حين أعلنت التشكيلات الكردية في شمال شرقي سورية عن مشروع دستور للإقليم الكردي، فتقاطعت مصلحة المعارضة السورية مع مصلحة النظام في رفض الاستقلال الذاتي الكردي على طريقة كردستان العراق. بل أن هذا التقاطع شمل إيران التي اندلعت اشتباكات بين قواتها وبين المسلحين الأكراد الإيرانيين الذين يلوذون…
الجمعة ١٧ يونيو ٢٠١٦
تنذر معضلة العقوبات الأميركية المالية ضد «حزب الله» ومن يتعامل معه بعد التفجير الذي استهدف «بنك لبنان والمهجر» ليل الأحد الماضي في بيروت، بالتحول إلى مشكلة لبنانية داخلية فيما مصدر الأزمة خارجي. فالعقوبات لمن لا يعرف، موجهة في الجزء الأكبر منها، أساساً، ضد المصارف الأميركية التي تقبل التعاملات المالية التي عليها شبهة استفادة الحزب ومن يتعاملون معه على الصعيد المالي منها، وليست موجهة مباشرة إلى المصارف اللبنانية. إلا أن الأخيرة معرضة لخطر وقف المصارف الأميركية الوسيطة والمراسلة التعامل معها، إذا اكتشفت أن بين معاملاتها التي هي مضطرة إلى تمريرها عبر هذه المصارف إذا كانت بالدولار الأميركي، ما يمت بالصلة إلى الحزب. وهذا يمنع المصرف اللبناني من القيام بالتحويلات لزبائنه العاديين ويجمد أعماله وكذلك أعمال هؤلاء الزبائن. كما أن في القانون الأميركي ما يحظر على سائر المصارف في العالم قبول تعاملات مالية عليها شبهة الصلة بتبييض أموال لمصلحة الحزب، بما فيها المصارف اللبنانية، حتى لو كانت بعملة غير الدولار، كما جاء في المراسيم التطبيقية للقانون الأميركي في 15 نيسان (أبريل) الماضي. ولهذا أصدر مصرف لبنان المركزي في 17 أيار(مايو) الماضي تعميمه الذي ربط أي تدابير من أي مصرف، حيال أي حساب مالي عليه الشبهة، بإعلام «هيئة التحقيق الخاصة» فيه وأخذ رأيها... فهدف التعميم هو طمأنة المصارف الأميركية المراسلة حيال إمكان أن…
الجمعة ١٠ يونيو ٢٠١٦
لا حرج عند الرئيس السوري بشار الأسد في القول إن «حمام الدم لن يتوقف»... كأنه يتحدث عن «حمام الهنا» الذي تشتهر به الأحياء الدمشقية والحلبية... طبعاً هو برر ذلك بأنه لن يتوقف عن محاربة الإرهاب. لم يختلف خطاب الأسد الأخير عن خطاباته السابقة. إنكار كامل للواقع واسترسال في تجاهل وجود معارضين لنظامه المستبد، عبر وصمهم جميعاً من دون استثناء بـ «الإرهاب» الذي يريد «اقتلاع جذوره»، فضلاً عن مساواته الرافضين حكمه العائلي وبطشه، بـ «داعش» وسائر التنظيمات الإرهابية. الإنكار يبلغ درجة تجاهل وجود الخصوم الفعليين في الداخل عندما يقول «لم نرَ أطرافاً أخرى ... لا يوجد أطراف أخرى»، في حديثه عن وفد المعارضة في مفاوضات جنيف - 3 التي أفشلتها براميله المتفجرة ومحاولة جيشه مع الإيرانيين السيطرة على حلب منذ سريان الهدنة أواخر شباط (فبراير) الماضي. لا جديد في وصف الأسد معارضيه بالخونة، ورفضه «المرحلة الانتقالية» وفق جنيف 2012 ومفهومه لها. فوفق خطته للحل، يطلب استسلام المعارضة، وصولاً إلى مؤتمر وطني للحوار. الجديد أنه ينسف جنيف - 3 وكل المحاولات الروسية - الأميركية لإحيائه، ويتحدث عن أن سورية «لا ترضى الخنوع ولا تقبل الوصاية»، مقرناً ذلك بالإصرار على تحرير حلب وعلى استعادة كل شبر من سورية من الفصائل المعارضة. لكن المضحك في هذا الجديد هو رفضه «الوصاية»، في وقت تجتاح الجيوش…
الجمعة ٠٣ يونيو ٢٠١٦
الفضيلة الرئيسة لانعقاد مؤتمر باريس اليوم حول الحلول السلمية للقضية الفلسطينية هي أنه يذكر العرب الغارقين في الحروب الداخلية وأنهار الدماء الناجمة عنها بقضيتهم الأم، التي تراجع اهتمامهم بها على رغم مركزيتها وأولويتها. يبدو المؤتمر بالنسبة إلى النخب والقيادات العربية المنشغلة بالحرب السورية والعقبات أمام استئناف المفاوضات في جنيف، وبـ «داعش» وبأزمة اليمن والخروق العسكرية للهدنة فيه وبتحرير الفلوجة وبمحاولة تثبيت حكومة الوفاق في ليبيا... كأنه حدث يأتي في وقت مستقطع من مجريات حروب تختلط فيها المذهبية بأعلى درجاتها والعرقية مع المصالح الدولية التي أخذت تقود المنطقة إلى التقسيم وتغيير الخرائط التي تؤسس لحروب جديدة وليس لتسويات واتفاقات. كان يمكن اعتبار الاهتمام الفرنسي بعقد المؤتمر تعبيراً عن قناعة غربية بأن وضع حد للتطرف والنزاعات في المنطقة يتطلب التوصل إلى الحل السلمي الموعود لقضية فلسطين، طبقاً للقناعة بأن إنهاء مأساة الشعب الفلسطيني يسحب البساط من تحت أرجل التيارات الإرهابية التي باتت تعمل في أوروبا ودول الغرب. وكان يمكن الحديث عن صحوة غربية حيال القضية المركزية التي تسكن وجدان العرب وتشكل السبب الجوهري لموقف أجيال ضد الدول التي تغاضت عن الشراسة الإسرائيلية في السعي إلى إلغاء الحق الفلسطيني. إلا أن المجتمع الدولي الذي يعجز عن تطبيق قراراته الدولية حيال الأزمات المستجدة، وفي أبسط بنودها، مثل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في…
الجمعة ٢٧ مايو ٢٠١٦
أكد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله المؤكد أول أمس، بإعلانه أن المنطقة ذاهبة إلى «حماوة» من الآن حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، مستدلاًّ من هذا الواقع على أن «هذا يرتب علينا في لبنان المزيد من التلاقي على رغم الخصومات، والعمل من أجل تدوير الزوايا». فهو منغمس في القتال وفي كل الأزمات المحيطة بلبنان، من سورية إلى اليمن والعراق، وفي التدخل في البحرين ودول الخليج، طبقاً للسلوك الإيراني المعروف. وهو يتكلم من موقع الشريك في قرار التدخل الإيراني في هذه الدول، خصوصاً أنه أُوكلت إليه إدارة هذا التدخل بوسائله العسكرية والسياسية والإعلامية والتفاوضية، كما في اليمن مثلاً. وإذا كان قائد «حزب الله» ردّ الحماوة إلى أن «الإدارة الأميركية الحالية بحاجة إلى إنجازات سياسية وعسكرية لتوظفها في معركة الانتخابات الأميركية لتبقى في السلطة»، فإن الوجه الآخر لهذه الحماوة هو أن المحور الذي ينتمي إليه «معني بأن يكون مستعداً للحفاظ على ما أنجز ثم الانتصار». ينسب فريق إيران إلى الأميركيين وغيرهم من الدول، ما يقوم به هو بنفسه لتعديل موازين القوى في دول عدة، عبر عشرات آلاف المقاتلين المستجلبين، كما في سورية، ويسهل عليه اتهام الفصائل السورية المسلحة بخرق الهدنة، ويستفيد من التفجيرات الإجرامية التي يقوم بها «داعش»، في وقت لا يتردد في التبشير «بتحقيق إنجازات…
الجمعة ٢٠ مايو ٢٠١٦
يختصر اغتيال القيادي في «حزب الله» مصطفى بدر الدين المأزق الذي بلغته طهران في سياساتها بالمنطقة، لا سيما في سورية. وفضلاً عن أن رواية الحزب عن أن «الجماعات التكفيرية» هي التي نفذت الاغتيال لم تقنع الكثير من الأوساط، بما فيها بعض محيط الحزب، فإن الارتباك الذي عبر عنه هذا الاتهام يعود إلى التعقيدات التي باتت تحيط بالدور الإيراني في المنطقة وفي سورية. فالاغتيال ضربة موجعة لإيران قبل أن يكون موجعاً للحزب نفسه. ويصبح هذا الاستنتاج حقيقة ساطعة إذا صحت التقارير التي تحدثت عن أن قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني كان مجتمعاً مع بدر الدين قبل العملية، أو أنه كان سيلتقيه. في كل الأحوال يصعب النظر إلى هذا الحدث بعيداً من الصورة الأوسع للأحداث التي سبقته ورافقته وتبعته. فإيران خسرت قبل أيام قليلة منه، في خان طومان في ريف حلب، عدداً كبيراً من العسكريين (اعترفت بـ18 بينهم ضابطان كبيران) وعشرات من أعضاء الميليشيات المتعددة الجنسية التي يديرها «الحرس الثوري»، من بينهم مقاتلون للحزب، ما دفع الإعلام في طهران إلى وصف الموقعة بالـ «كارثة». و «لام» بعض القادة الإيرانيين الروس لأن طيرانهم لم يتدخل لمواجهة فصائل «جيش الفتح». وإذا كان هذا الجزء من الصورة لا يلغي ما سبقه من «نجاح» قوات النظام وإيران في حملة القصف الرهيب والأرض المحروقة ضد مناطق…
الجمعة ١٣ مايو ٢٠١٦
تستمر روسيا والولايات المتحدة الأميركية في التأرجح بين تثبيت الهدنة في سورية وبين تغطية خرقها من جانب النظام السوري. وكلما بلغت المجازر التي يرتكبها بدم بارد، في ريف حلب وحماة وريف دمشق، تستبقان ارتفاع الأصوات الأوروبية والعربية، بالعودة إلى «بلفة» تثبيت الهدنة وتوسيعها، مع زرع أسباب خرقها عبر دعوة المعارضة إلى التمايز عن «جبهة النصرة»، فتستفيد موسكو من تداخل مواقع التنظيمات المعتدلة مع مواقع «النصرة»، لتبرير اندفاع بشار الأسد والقوات الإيرانية نحو «الانتصار». هكذا فعلت الدولتان العظميان حين أصدرتا بيانهما المشترك عن تثبيت الهدنة ليل الأحد الماضي، لاستباق اجتماع باريس الاثنين، للبحث في تقديم المساعدة للمعارضة السورية في وجه مشاهد الإبادة التي ميزت خروق الهدنة من النظام، وللقوطبة على اجتماع «أصدقاء سورية» الـ17 في باريس الثلثاء المقبل. الهدف هو الحؤول دون الرد بتمرير الأسلحة النوعية التي ظهرت منها صواريخ «تاو» في يد المعارضة قبل أيام، رداً على مجازر النظام، ما أتاح إنزال خسائر بدباباته وبمقاتلي الجيش الإيراني في ريف حلب وحماة. تلجأ موسكو إلى واشنطن لإعادة إحياء المفاوضات السياسية بعد أن أجازت التصعيد الهمجي للنظام خلال الأسابيع الماضية، من أجل لجم مواقف من نوع الذي أدلى به وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أول من أمس، حين قال أن «الأسلحة التي تم تزويد المعارضة بها أكثر فتكاً وقوة من تلك التي…
الجمعة ٠١ أبريل ٢٠١٦
يتأرجح بشار الأسد وصحبه بين إيران وبين روسيا. ينام على اطمئنان إلى أن موسكو لن تتخلى عنه، لأن «الشعب السوري يقرر مصيره»، ثم يستفيق على أنباء عن أن الروس يناقشون مسألة إزاحته من السلطة، تارة مع الأميركيين وأخرى مع السعوديين وثالثة مع الفرنسيين. يطرب لسماع جون كيري يقول إن لا بد من الإفادة من نظامه لمحاربة «داعش» والإرهاب، فيبدي استعداداً للتعاون مع واشنطن في مكافحة الإرهاب، ثم تنتكس معنوياته عندما يقول الأميركيون باستحالة بدء العملية الانتقالية وفق القرار الدولي 2254 وبيان جنيف في ظل وجود الأسد. يرفض التوافق الأميركي الروسي على تقديمه التنازلات حتى تنطلق العملية السياسية، منتشياً بالنجاحات التي حققتها الجيوش والميليشيات التابعة له وللإيرانيين بفضل الطيران الروسي، فيطلب «المزيد من الانتصارات»، لكنه ينتكس ويتراجع إزاء الإعلان الروسي سحب جزء من القوات من سورية، لأن موسكو لا تنوي خوض الحرب على كل أراضي بلاد الشام، ولأنها خطوة تهدف من بين أهداف عدة، إلى إفهامه أن لا مجال لكسر التوافق الدولي، فيتأزم نفسياً ومعه الحلقة الضيقة المحيطة به، ويعود للارتياب بما ينويه القيصر. ثم يسترجع خياره الأول بأن الدعم الإيراني له هو البديل الفعلي الذي يتغنى به المحيطون به، وبأنه يعوض عن أي تخلّ روسي محتمل نتيجة صفقة ما مع الأميركيين. وبين الخيارين، لا يتردد الرجل المنفصل عن الواقع منذ…
الجمعة ٢٥ مارس ٢٠١٦
يكثر الحديث هذه الأيام عن الآمال بحوار إيراني - سعودي. وموجة الآمال هذه تنطلق من بعض أوجه التهدئة على الحدود السعودية - اليمنية نتيجة زيارة وفد من الحوثيين للمملكة قبل أسابيع، والتي بنى عليها مراقبون من أجل توقع العودة إلى طاولة التفاوض على الحل السياسي، وصولاً إلى زيارة موفد إيراني الكويت قبل أسابيع مقترحاً عليها أن تكون الوسيط مع السعودية. وكان انطلاق مفاوضات جنيف – 3 على الحل السياسي في سورية محفزاً لهذه الآمال والتوقعات التي ما لبثت أن عاكستها الأجواء الفعلية التي تعكس حقيقة الصراع بين المملكة وإيران نتيجة تمادي التدخلات الإيرانية في المنطقة. وذهب حلفاء إيران إلى حد القول إن دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما دول الخليج إلى حل المشاكل مع إيران بالحوار، سيدفع بالأولى إلى الانسجام مع هذه الرغبة. لا يوحي الهجوم الإيراني المتصاعد ضد السعودية عبر «حزب الله» في لبنان، وآخره كلام الأمين العام السيد حسن نصرالله الإثنين الماضي، بإمكان تحقق هذه الآمال، مع أنه كرر القول إن طهران تطالب المملكة بالحوار منذ مدة لكن الأخيرة ترفض. فالتهدئة المفترضة للحوثيين على الحدود مع السعودية هي حتى إشعار آخر، استثناء في الصراع الدائر هناك، نظراً إلى أنها تمت بوساطة قبلية فرضتها آلية العلاقات القبلية بين البلدين. هذا فضلاً عن أن التصعيد العسكري وحشد المقاومة وجيش الشرعية المزيد…
الخميس ٠٣ مارس ٢٠١٦
لم يكن منتظراً من «حزب الله» أن يوقف إطلاق النار (السياسي على الأقل) على المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، طالما أنه يخرق وقف النار في سورية منذ بدء الهدنة السورية السبت الماضي. وهو يشترك مع قوات النظام السوري وروسيا والميليشيات التابعة لإيران و»حرسها الثوري»، المنتشرة من محافظة درعا جنوباً وفي محيط دمشق، وصولاً الى ريف حلب ومحيطها شمالاً. وإذا كان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله قال في خطابه الأخير الثلثاء الماضي، إن «المعركة الكبرى» التي يخوضها «اليوم في المنطقة ستحدد مصيرها، ومنها مصير لبنان»، رافضاً المنطق القائل بأن لا علاقة للبنان بهذه المعركة، فعليه ألا يستغرب أو يستنكر أن تواجهه دول المنطقة في المقابل، بمثل ما يواجهها به من الخصومة والعداء والهجوم. في كل خطاب يلقيه لتبرير سياسته وتقديم مطالعته لإشاحة النظر عند الجمهور اللبناني على الأقل، عن أن انخراطه في هذه المعركة هو تنفيذ لأجندة إيرانية بالتدخل في الحروب الدائرة في عدد من الدول العربية تسعى طهران إلى تقويض استقرارها لتسهيل توسيع نفوذها الإقليمي، يستخدم نصرالله تعابير من نوع: «لنحكِ الأمور مثلما هي»، و «نحن معنيون بأن نقول الحقائق»...، وهو بذلك ينسب لنفسه موقع من يمتلك الحقيقة المطلقة والوقائع الصافية. أسهب الأمين العام لـ «حزب الله» في سرد ما اعتبره حقائق من دون أن يأتي على ذكر…