يوسف الديني
يوسف الديني
كاتب سعودي

حلف الأزمات: الإعلام المضاد لرؤية السعودية واستقرار الخليج

الأربعاء ٠٧ أكتوبر ٢٠٢٠

  التحوُّلات الهائلة التي عاشتها السعودية منذ تدشين «رؤية 2030» لم تكن تبلغ ذروتها إلا بعد أن شفعها مهندسها ولي العهد السعودي بعدد من المقابلات والتصريحات التي أحدثت قطيعة مع التطرف بشقيه الديني والسياسي، لا سيما أنه سمَّى الأشياء بمسمَّياتها ضمن رؤية كلّية للمشهد في المنطقة. تحدث عن مشروع الملالي في طهران، والمشاريع الرديفة المتمثلة في تبنّي آيديولوجية الإسلام السياسي، وإعادة بعث تنظيم الإخوان بعد إخفاقه في الربيع العربي، وهو المشروع الذي يتقاطع مع مشروع ضخم للعثمانية القومية الإسلاموية الجديدة بقيادة إردوغان ومشروع تبني المعارضات للدول العربية ودول الخليج، في إطار دبلوماسية إعلامية تستثمر في الأزمات، وهو المشروع الذي أقحمت قطر سياساتها في المنطقة، بعد أن تم قطع الطريق عليها بشكل كبير في التقاطع مع التنظيمات الإرهابية في عدد من المواقع من أبرزها ليبيا، واضطرت بعد ضغوط هائلة من الرباعية إلى الضغط على القيادات التنظيمية لـ«الإخوان» إلى الانتقال إلى تركيا، وتأسيس منصات إعلامية للإعلام المضاد لدول الاعتدال. بمعنى آخر باتت المعركة تتجاوز الحدود الجغرافية لأسباب قانونية وسياسية إلى الحدود الرقمية، ومحاولة بناء دولة سيبرانية ممولة بالكاملة تتجاوز ضيق الجغرافيا المحدودة الذي تحاول الدوحة الخروج من مأزقه، ليس عبر الاستثمار في المستقبل وإمكانات الاقتصاد، وإنما في توسيع نطاق بناء سوق سوداء سياسية ضخمة في المنطقة، والتركيز على دق إسفين الخلاف بين…

90 عاماً: سردية السعودية الكبرى

الثلاثاء ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٠

غداً فصل جديد تكتب حروفه الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية، وهي تعيش أكثر لحظاتها بريقاً بفضل مخرجات «رؤية 2030»، وتجاوز أكثر أزمات المنطقة والعالم من «كورونا» إلى الاستقطاب السياسي إلى التحديات الاقتصادية، وصولاً إلى انكفاء الدول الإقليمية باتجاه معاكس لمنطق الدولة. ملالي طهران وحزب الأزمات وحلفاؤهم من جهة ومشروع إردوغان التوسعي للهيمنة في المنطقة، وجنوح قطر إلى رعاية المعارضات والتنظيمات المتطرفة، وتغليب صوت التأزيم عبر الاستثمار في الإسلام السياسي وتنظيماته كل هذه المشاريع يجمعها رابط واحد وهو معاندة التاريخ والجغرافيا والمستقبل واللحظة الراهنة الكل بما لديه من آيديولوجيات لا تخدم مفهوم الوطن ومنطق الدولة، بما يعنيه من فضيلة الاستقرار والاهتمام بالاستثمار في المواطن، والانتقال إلى متطلبات العصر الجديد الذي تفرضه التحولات العالمية والتي جاءت رؤية قائد التغيير وملهم الأجيال الشابة الجديدة ولي العهد السعودي، الذي لم يكتف بتدشين رؤية جريئة وشاملة، لكنه أيضاً لم يتردد في القطيعة مع خطاب التطرف، وأي محاولة لاختطاف منطق الدولة من الداخل أو الخارج، والسعي إلى الجمع بين ثلاثية تأسيسية لسعودية جديدة كلياً، قوامها الحرب على مثلث الفساد والتطرف والاستهداف الخارجي، ومشاريعه التي تقوم عليها دول وأحلاف وضعت مشروع الأمير نصب أعينها، في محاولة للعب على الشعارات الدينية، والأزمات المفتعلة، ومحاولة جرّ السعودية إلى التوترات الإقليمية المأزومة. والحال لم يواجه كيان سياسي في التاريخ…

«حزب الله»… من الانسداد السياسي إلى الدروع البشرية

الثلاثاء ٢٥ أغسطس ٢٠٢٠

انسداد الحالة السياسية في المنطقة، أدَّى إلى ظهور طبقة جديدة من تجار الأزمات وحالة اللااستقرار، من الذين ترتفع حناجرهم ضد القرارات السيادية لدول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي تهدف إلى إعادة موضعة مسألة الأمن القومي والإقليمي للمنطقة، فوق اعتبارات الدبلوماسية الناعمة التي ساهمت في وقت مضى إلى تفاقم استغلال الحياد والنأي بالنفس عن الصراعات السياسية الداخلية، مع الاكتفاء بالتدخل الإيجابي والدعم اللامحدود، كما هو الحال مع مواقف السعودية في الأزمة اللبنانية منذ الحرب الأهلية التي لم يتجاوز هذا البلد المكبّل بنزاعاته مناخها. وكان تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، القرارَ الشجاع والاستراتيجية الاستباقية التي اتخذتها السعودية منذ سنوات لحظة فاصلة، لإعادة النظر في الحياد الدبلوماسي الذي بات مع تدخل الحزب في أمن المنطقة من العبث في سوريا، وصولاً إلى تدريب ميليشيا الحوثيين في اليمن؛ مما جعله ينتقل إلى ذراع أزمات دولية لملالي طهران، بعد أن نجح في انسداد الحالة السياسية في لبنان من خلال التحوّل إلى دولة داخل الدولة. الانتفاضات الشعبية ضد هيمنة الحزب وإصراره على تدمير ما تبقى من لبنان، نقل مسار الحديث من تجاوزات «حزب الله» السياسية داخل لبنان من تعطيل الحكومة إلى الاستحواذ على الشارع، بل الحديث عن مواجهة مباشرة واستهداف أمن اللبنانيين أنفسهم. لم يعد خافياً تقاطر التقارير الدولية التي توثق إلى استراتيجية «حزب الله»…

هل باتت ميليشيا الحوثي الأداة المفضلة لـ«الحرس الثوري»؟!

الثلاثاء ٠٤ فبراير ٢٠٢٠

على أثر الإخفاقات المتتالية لملالي طهران بعد تصفية قاسم سليماني، يمكن رصد التحركات الأولى لاستراتيجياتها التعويضية من خلال تفعيل أذرعها في المنطقة التي استثمرت فيها طويلاً، وتعاني تلك الأذرع كما طهران مصدّرة الثورة من حالة الارتباك والثورات المضادة من الكتل الموالية لها على المستوى الآيديولوجي، حيث تتعاظم الاحتجاجات في المناطق التابعة لسيطرة ميليشياتها الشيعية. هذا السياق يرجّح أن يتم الاستثمار في تأزيم الحالة اليمنية، خصوصاً مع تردي الأوضاع المعيشية وموجات تجنيد الأطفال وزرع الألغام، والدافع الأكبر هو ارتباك المجتمع الدولي على مستوى المؤسسات والدول الفاعلة في الملف اليمني في تصنيف ميليشيا الحوثي كذراع لطهران لا كطرف نزاع سياسي، رغم كل التقارير التي تصدرها تلك المنظمات حول سلوك الميليشيا التدميري. ومع ظهور نجم جديد في «الحرس الثوري» يقابله الآن تلميع لشخصية مقابلة في ميليشيا الحوثي، وهو عبد الخالق الحوثي شقيق زعيم «أنصار الله» وقائد المنطقة المركزية، الذي يستعير في خطاباته ادعاءات الملالي بالنصر الإلهي، وآخرها ما ذكره عن معركة نهم بأنها من آيات الله التي ليس لها نظير بعد الحرب العالمية الثانية! هذه الوقاحة والادعاءات الكاذبة ما كان لها أن تمر لو أن ثمة إجماعاً دولياً على ضرورة إعادة تقييم الحالة اليمنية وفقاً لليقظة المدفوعة بمصالح اقتصادية وبراغماتية حول سلوك إيران، خصوصاً ما بعد مقتل سليماني وانفجار الأوضاع في العراق ولبنان…

منبر الملالي: خامنئي وترسيم آيديولوجيا الهيمنة!

الثلاثاء ٢١ يناير ٢٠٢٠

على الهواء نقلت قناة «الجزيرة مباشر» التي منذ افتتاحها تشير إلى مواعيد برامجها بتوقيت «مكة المكرمة»، خطبة الجمعة لخامنئي من طهران، والتي تجاوزت في دلالاتها ورمزيتها كونها خطبة جمعة دينية لتكثف بشكل عميق مأزق «الإسلام السياسي» الشيعي وذهنية الملالي كما هو الحال مأزق الإسلام السياسي الذي تتبنى خطابه القناة مع دول كنظام إردوغان وكيانات سياسية أخرى تشكّل محور «الأزمات» في المنطقة. خامنئي عبر خطبة الجمعة الرمزية أراد استعادة هويّة دولة الملالي التي أصابها تصدّع كبير في الداخل ما بعد سليماني كما هو الحال مع الخارج حتى مع الدول التي تسعى ببراغماتية وانتهازية شديدة إلى إعادة النظر في علاقتها معه كالدول الأوروبية. مسألة استثمار الشعائر الدينية في ترسيخ الآيديولوجيا المتطرفة ومشروع تصدير الثورة كانت هدف خامنئي الذي حاول إعادة ترسيم هويّة الملالي التي تخلط أوراق الديني والسياسي مع إشارات لا تخطئها العين وإن كانت ضمن طقوس ترسيخ النزعة العنفية كما رأينا مشهد التلويح بالسلاح وإطلاق صيحات التهديد والوعيد وباقي منمنمات «الخطاب» الشعاراتي الذي يتدثر به الملالي مقابل فشلهم في إدارة الأزمة السياسية التي أصابت قلب «هويّة» النظام أكثر من قلب «سليماني» الذي جسّد تلك الهويّة. تاريخياً، يبتعد الآيات والقادة الدينيون عن إلقاء الخطبة بأنفسهم مكلِّفين نواباً لهم، إلا أن صعود خامنئي للمنبر هذه المرة كان استثناءً تطلّبته المرحلة بعد آخر خطبة…

هل تلقى الملالي «الضربة القاضية»؟!

الثلاثاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٩

من العراق إلى لبنان تكشف لكل من يتابع وكلاء ملالي طهران مدى الانكسارات العميقة التي تلقتها طهران هنالك؛ وتكشفت أيضاً مسألة أخرى بغض النظر عن قدرة الشعب الإيراني على التحرر من هيمنة وإطباق الملالي على الحياة السياسية في إيران؛ وهي مسألة الضعف والهشاشة التي بلغتها هيمنة الإسلام الشيعي المسيّس الذي دشنته الثورة الإيرانية، وما كان له أن يبقى إلا في ظل إهمال المجتمع الدولي وغفلة دول المنطقة عن حجم الخطر، لا سيما على مستوى المكونات السياسية التي كانت تعاند أنظمتها وتعارضها وتتحالف مع تلك الثورة؛ وفي مقدمتها الإسلام السياسي السني الذي يحمل مشروعاً تقويضياً لمنطق الدولة كانت تقوده جماعة الإخوان المسلمين الجماعة الأم التي انسلت منها جماعات العنف المسلح، ثم لحقتها معارضات أخرى من أقصى اليسار وصولاً إلى القوميين والأطراف الذين لم يمانعوا أن يتحالفوا مع أنظمة كنظام الخميني في سبيل الانقضاض على السلم الأهلي. الحركات الاحتجاجية في إيران وفي المناطق التي تمثل وكلاءها بلبنان والعراق أثبتت أنها هذه المرة عملت على تجاوز هويّة الملالي السياسية في تصدير الثورة والتلبس بمشروع أممي عابر للدول والقارات، كما الحال في مشروع إردوغان المشابه، وأن ذلك المشروع فشل في تحقيق الحد الأدنى من عيش الرفاه والمساواة في الداخل مع موجات من القمع والاعتقال وتكميم الأفواه فاقت حتى ما شهدناه في احتجاجات ما سمّي…

المساومة أم المقاومة: سلوك ملالي طهران وحلفائها

الثلاثاء ١٨ يونيو ٢٠١٩

الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الآن في لحظة فاصلة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط والخليج، لكن الإشكالية تبدأ ولا تنتهي من تقييم سياسات الإهمال لسلوك دولة ملالي طهران وأذرعها كـ«حزب الله» والحوثي والعشرات من الميليشيات العقائدية التي زرعتها كألغام لتهديد استقرار المنطقة تحت مرجعية «الحرس الثوري» المعبّر عن هويّة إيران الثورية. جزء من أزمة المجتمع الدولي تكمن في التعامل مع إيران بمنطق الدولة بسبب ذرائعية إمدادات النفط؛ الأمر الذي تجاوز إيران إلى إسباغ صفة السياسة إلى أذرعها وميليشياتها كما نرى في أخطاء المؤسسات الدولية ومنها الأمم المتحدة والمؤسسات الصحافية الغربية المناوئة لترمب في التعامل مع الحوثيين بلغة الدبلوماسية المتحيّزة كأطراف نزاع لا ميليشيا انقلبت على الشرعية في اليمن، وجرفت البلد الذي يعاني منذ عقود من حالة «اللادولة» إلى دولة ميليشيا مهددة للأمن الدولي، لكنها أيضاً تقتل اليمنيين كما حدث في أول أيام العيد تجاه تعز، وتنهب المساعدات الإغاثية، وتحاول تكوين اقتصادات مستقلة وكوادر مجتمعية وقبلية تدين لها بالولاء. سلوك إيران اليوم انتقل من شعار المقاومة إلى استراتيجية المساومة، وبدا ذلك واضحاً في استهدافها الأخير لأمن الخليج خصوصاً بعد زيارة رئيس الوزراء الياباني. سلوك المقاومة يمارسه المرشد وملاليه عبر شعارات العداء للغرب والولايات المتحدة لكسب التعاطف، بينما يتخصص «الحرس الثوري» في تدعيم المساومة عبر العمليات التخريبية والتلويح بقطع طرق إمداد الطاقة، إضافة…

السعودية المستهدفة: بروباغندا غير مسبوقة

الثلاثاء ٠٦ نوفمبر ٢٠١٨

لا يمكن فهم الهجوم المستمر على السعودية في هذه الأيام دون أخذه في سياقات خارج ملف جمال خاشقجي، سواء على مستوى الشخص وما أحاط به من قبل وبعد من إشكالات وأسئلة تتجاوز مسألة مقتله الأليم والبشع، أو على مستوى جمال كحالة سياسية ستكون أكثر نموذج يتذكره السعوديون جيداً في الابتزاز والمغالطة وسقوط رموز إعلامية وسياسية كبرى في فخ استباق التحقيقات وفقدان الأدلة، إلى اتخاذ موقف بشكل مؤدلج حيناً، وبشكل غير أخلاقي وانتهازي في أحايين كثيرة، كما شهدنا خلال الفترة السابقة. ما يحدث هذه الأيام تجاه المملكة هو استغلال المكانة الاستثنائية لهذه الدولة على مستوى الجغرافيا والتاريخ والإمكانات والفرص الاقتصادية ثم النفط، وصفقات الأسلحة والاستثمارات الضخمة، وهما محفّزان يمكن من خلالهما فهم هذا الاضطراب والتناقضات في التصريحات والمواقف، خصوصاً في بعض الدول الأوروبية والأجنحة السياسية المتصارعة في الولايات المتحدة. لفهم سياق هذا الصخب، يجب الرجوع إلى مدخل مفاهيمي مهم، وهو الدعاية السياسية (البروباغندا)، وهي واحدة من أهم الأدوات؛ يتم توظيفها في عالم السياسة والاقتصاد بهدف تغيير الصورة النمطية، أو المبالغة في تحشيد الجماهير لاتخاذ موقف من قضية ما يتجاوز حجمها، وبحسب الفيلسوف الأميركي جيسون ستانلي مؤلف كتاب «كيف تعمل البروباغندا»، فإن الهدف المركزي للدعاية هو العمل على «صياغة الرأي العام» و«كسب تأييد مختلف المجموعات الاجتماعية» و«بناء رؤية محددة للعالم»، وهذا ما…

حرب السعوديين ضد الإرهاب: الثابت والمتحول

الثلاثاء ١٠ يوليو ٢٠١٨

الضربة الاستباقية الناجحة في حادثة الطرفية تجدد حقائق إضافية تجاه مسألة الإرهاب، وطريقة التعامل معه في السعودية التي تحمل سجلاً نجاحاً على مستوى التعامل الأمني، وتحولاً لافتاً على مستوى مواجهة الأفكار ورد الفعل المجتمعي الذي يمكن قراءته عبر عينة واسعة التنوع والأطياف في مواقع التواصل الاجتماعي. أولى تلك الحقائق أن الحرب على الإرهاب طويلة وممتدة، سواء على مستوى المواجهة المباشرة أو على مستوى تفكيك آليات وخطاب المنظومة الإرهابية، بدءاً من الأفكار والعقول والرموز والشخصيات، ووصولاً إلى ملمح مهم دشنته رؤيا ولي العهد السعودي في حواراته الأخيرة، وهو التعامل مع مناخ الإرهاب الذي يساهم في إنتاجه، وأيضاً في تغذيته متى ما استغلت التنظيمات المتطرفة أحداث العالم للاستقطاب والتجنيد، مناخ الإرهاب وفقاً لرؤية الأمير محمد بن سلمان هو التشدد والتطرف، الذي يتوسل شعارات دينية ذات أهداف سياسية، خصوصاً تلك المشاريع الانقلابية التي نشأت مع تاريخ الإرهاب الحديث الذي وإن تشابه مع حالات الإرهاب في التاريخ، إلا أنه امتاز عنها إلى تحوله إلى مشروع انقلابي أممي تقوده مجموعة من الانتحاريين، لكن تقف وراءه تيارات واسعة من المنتفعين من استهداف الأنظمة والاستقرار، بدءاً من الدول ومروراً بتنظيمات سياسية، ووصولاً إلى شخصيات رمزية، ورغم كل ملامح الخراب الذي تشكلها هذه المشاريع إلا أن الضربات الاستباقية الأمنية عملت على التقدم بخطوة لا سيما في الفترة الأخيرة،…

الحديدة… بوابة عبور الأزمة اليمنية

الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٨

ظلت الحديدة البوابة التي يتكئ عليها الحوثي وعصابته الميليشياوية باعتبارها أهم الموانئ لعبور الإغاثات الإنسانية وما تبقى له بعد تحرر عدن والجنوب من قبضته وصمود مدينة تعز القلب النابض للحراك السياسي والمقاومة... ميناء الحديدة المتاخم للحدود الجنوبية مع السعودية يحيط به مليون نسمة تقريباً يستغلهم الحوثي دروعاً بشرية وملاذاً إنسانياً يمكن الاحتماء به أمام المنظمات الدولية التي رغم احتجاجها ضد الأوضاع الإنسانية في اليمن لا تفهم بشكل جيد التركيبة اليمنية... هناك كثير من الجهل بالسياق اليمني سياسياً واجتماعياً وحتى على مستوى تقاسم الولاءات وما بعد غياب وتهشم الأحزاب السياسية الرئيسية؛ حزب المؤتمر بعد مقتل الرئيس صالح وبقية الأحزاب المهاجرة التي تقدم رؤيتها للمنظمات ليمن آخر غير اليمن على الأرض، وهو ما نراه جلياً في ردات الفعل البائسة على قناة الجزيرة التي تستضيف ما تبقى من فلول الإصلاح المهاجرين لتركيا وبعض المحللين المنضوين تحت راية الميليشيا في بعض الدول الأوروبية خصوصاً ألمانيا، والذين كعادة المنظمات يشكلون رؤيتهم عن اليمن من خلال هذه الجيوب السياسية المؤدلجة. أكثر من 50 في المائة من المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية تدخل عبر ميناء الحديدة وتعتبر مصدر دخل لاقتصاد الميليشيا عبر الإتاوات التي تفرضها على جميع التجار وحتى المنظمات، كما أن ميناءها هو ملاذ الميليشيا لدخول الأسلحة الإيرانية، لكن المهم هو أن جزءاً من بقاء هذه العصابة…

ما بعد «طالبان»: «داعش» والإيغال في إدارة التوحش

الثلاثاء ٢٤ أبريل ٢٠١٨

قدرة تنظيم داعش الإرهابي على التجدد والتأقلم على المستجدات الجيوسياسية في مناطق التوتر التي يعمل عليها - «الولايات» بحسب توصيفه - كبيرة وهائلة. صحيح جداً أنه يخوض معارك وجودية على الحدود بين العراق وسوريا؛ إلا أن تلك الحرب رمزية بالنسبة للتنظيم الذي يتعامل مع فقدان حلم ومشروع الخلافة على أنه ليس نهاية التجربة وإعلان الفشل، قدر أنه يريد الاستثمار في مناطق جديدة لتحشيد المقاتلين والكوادر العنفية من جديد، كما هو الحال في استهدافه قارتين بعيدتين عن عاصمة خلافته المزعومة، أفريقيا في الشمال، وقارة آسيا، خصوصاً في أفغانستان التي زاحم فيها تنظيم داعش حركة طالبان منذ عام 2015، حين انشق عن «طالبان» عدد كبير من الكوادر العنفية وبايعت البغدادي؛ خصوصاً في منطقة خراسان التي كانت تتحفظ على مبادرات «طالبان» السياسية. الأحد الماضي أوغل «داعش» في استراتيجية «التوحش»، عبر عمليات نوعية مروعة ومرعبة، حيث تبنى انفجاراً كبيراً راح ضحيته نحو 60 شخصاً، مستهدفاً مركز تسجيل الناخبين في العاصمة الأفغانية، وأصيب أكثر من 120 آخرين. من بين القتلى نساء وأطفال جاءوا لتسجيل بياناتهم، وهو ما يؤكد أن توحش «داعش» كان المقصود به إرسال رسالة لمنافسيه على الأرض، وتحديداً «طالبان» و«القاعدة» من جهة، والحكومة الأفغانية من جهة أخرى. رسالة «داعش» إلى «طالبان» هي الرسالة نفسها التي يطلقها في كل مكان يذهب إليه، «ابتلاع التنظيمات…

ما وراء استدعاء «القاعدة» وبعثها من جديد؟

الثلاثاء ٠٣ أبريل ٢٠١٨

اللعب بكارت التنظيمات الإرهابية، وحتى بمواقف مدفوعة الثمن السياسي من قِبل دول إقليمية وعلى رأسها نظام ملالي طهران، أمر قديم تاريخياً، لكن الجديد هذه المرة محاولات بعث تنظيم القاعدة من جديد عبر تحريك الأجيال الجديدة الشابّة فيه بقيادة نجل أسامة بن لادن الذي مكث طويلاً في طهران واليوم يظهر لهدف واحد محدد وهو تحشيد القاعديين ضد السعودية والولايات المتحدة، والحديث عن تحالف الدولتين على طريقة المؤامرة الكبرى التي كانت تستقطب سابقاً فتيان «القاعدة» فتأخذهم الحماسة، لكنه اليوم متجاوَز على الأقل من الشريحة الأوسع من المتلقين الشباب الذين لديهم قطيعة مع خطاب التطرف السياسي، والتجنيد عادةً ما يتم لصالح تنظيمات أكثر راديكالية وتوحشاً كـ«داعش»، لأسباب لا تعود للخطاب السياسي وإنما لأزمة هويّة منذ سنوات، ولذلك تراجع منسوب المنضمين إلى تلك التنظيمات من الخليج لصالح بلدان أخرى تعيش أزمة الاندماج الهوياتي كأوروبا فرنسا والمغرب العربي تونس. قصة «التوريث» ورمزية «اللقب» في تنظيم القاعدة مسألة تستحق النقاش والمراجعة التحليلية، فمن المعلوم أن نسغ تنظيم القاعدة ولبها الآيديولوجي هو مزيج من الآيديولوجيا الجهادية التي صاغها عبد الله عزام مبكراً في «مطبخ بيشاور»، مستمداً من صناعة «الجيل الفريد» المجاهد كما يطرحه سيد قطب الذي تدور حول طروحاته الانعزالية مقولات الإسلام السياسي، لا سيما في أجنحة الصقور في التيارات الإخوانية والسرورية، وتلقاها منه الجهاديون الأوائل الذين…