الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠١٤
لا أظن أن معركة غزة ستفضي إلى تحولات استراتيجية في المشهد الفلسطيني. سيكون المسار على الأرجح شبيها بما جرى في 2012 وقبلها. ويبدو أن المطلب الرئيس لحماس وحلفائها هو إحياء اتفاق 2012 الذي رعته القاهرة، والذي كان أهم مكاسبه هو فتح معبر رفح. إسرائيل ــــ على الجانب الآخر ــــ تريد تجريد غزة من صواريخها وتدمير الأنفاق التي استخدمت لكسر الحصار، لكن ليس مرجحا أن تحصل إسرائيل على هذا المطلب، فلا حماس ولا غيرها قادرة على ضمانه. فتح معبر رفح لن يفيد الفلسطينيين كثيرا، ولا سيما في ظل تردي العلاقة بين حماس والقاهرة، وعدم توافق القاهرة مع حركة حماس. أظن أن على الفلسطينيين والعرب المطالبة بفتح ميناء غزة، ليكون البوابة الرئيسة للقطاع المحاصر. نعلم أن إسرائيل كانت ترفض أي بحث في هذا الموضوع، لكني أظن أن الظروف الراهنة في المنطقة تسمح بالإصرار على هذا المطلب. وأظن أن العالم العربي وحلفاءه قادرون اليوم على فرض خيار كهذا. عنصر القوة الرئيس في الموقف…
الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠١٤
يضجّ المشرق العربيّ بالصراخ الجريح: هناك من يصرخ: سوريّة، ومن يصرخ: غزّة، ومن يصرخ: الموصل. وكلّ صارخ يلوم الرأي العامّ والإعلام الغربيّين على تقليلهما من شأن القضيّة التي يحمل. لكنْ في معظم الحالات، وليس في كلّها، يتلوّن الصراخ عندنا بلون صاحبه الدينيّ أو الطائفيّ أو الإثنيّ. صحيحٌ أنّ صرختين تتقاطعان أحياناً في صوت واحد، إلاّ أنّ موضع التركيز والأولويّة قليلاً ما يختفي. لكنّ المؤكّد أنّ الحذلقة الحسنة النيّة التي كان لا يزال يمكن سماعها قبل عشر سنوات، كالجمع والتركيب مثلاً بين الوطنيّ و»القوميّ» (مرموزاً إليه بغزّة) والاجتماعيّ والديموقراطيّ (بالموصل)، لم يعد يتّسع لها المكان. هذه صارت اليوم وعظاً محضاً. لكنْ، إلى ذلك، ثمّة في الموضوع الواحد مواضيع ومستويات لا يخفى التضارب، بل التناقض، في ما بينها. فهناك من هو مع غزّة، ومن هو مع حركة «حماس»، ومن هو مع فلسطين وفقاً لتأويل معيّن لها. وإذا كان الثلاثة يتّفقون في وصف الوحشيّة الإسرائيليّة، وفي إبداء الرغبة المبدئيّة في التخلّص من احتلال…
الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠١٤
يقدّر تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية (سوفان جروب) أن عدد المقاتلين السعوديين في صفوف داعش 3000، التقرير بعنوان "المقاتلون الأجانب في سورية"، ونشرت نتائجه وسائل الإعلام. حسناً، لنقل شيئاً هذه المرة عن جانب آخر فيما يخص السعوديين، غير مسؤوليتي الأداء السياسي والديني، وبالطبع لا يمكن فصله عنهما، حيث هو مصبّ مباشر لما يفعلانه. لنتحدث عن البيوت. هناك أزمة حقيقية في فهم فكرة "البيت" لدى العديد من الناس، إخفاق ممنهج ورهيب في وعي الوالدين ابتداء بما يلزم حقاً حيال معنى العائلة وأفرادها، يظهر هذا جلياً في نسب العنف الأسري، بدءاً من قسوة اللفظ والمعاملة، مروراً بالضرب، وانتهاءاً بحالات عنف، تصل أحياناً إلى القتل. إليكم هذه النسب، وهي على الموقع الرسمي لهيئة حقوق الإنسان السعودية الحكومية، وأنقلها بالحرف، مع ملاحظة أن هذا لم يكن قبل قرن من الزمان، حيث يُعذر الناس، بل السنة الماضية 1434: "أوردت دراسة حديثة، حول انتشار العنف الأسري في المجتمع السعودي أن 45 في المائة من الأطفال السعوديين يتعرضون…
جعفر الشايبكاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
تناول عديد من الكتاب المحليين التفاعلات المحلية مع بروز الحالة الداعشية وتداعياتها، وأسهب بعضهم في تحليل ودراسة أسباب قيام هذه الحركة المتطرفة كلٌّ حسب رؤيته وتوجهاته، ولكن قليلاً منهم من تناول حجم التأييد الضمني والعلني الذي تلقاه توجهات هذه الحركة محلياً. مع كل أسف لا توجد لدينا مراكز أبحاث ودراسات متخصصة تتناول دراسة التوجهات الفكرية والسياسية في المملكة، وتستقصي مدى التأثيرات التفاعلية مع القضايا والتطورات الإقليمية، كي يمكن تشكيل رؤية علمية دقيقة للتعاطي معها. لذا فإن كثيراً منا يعطي تصورات وانطباعات عامة، بعضها ليس دقيقاً حول هذا الموضوع، ولكنه قد يشكل مقاربة مبدئية حول هذه الظاهرة وغيرها. ما لفت انتباهي هو حجم التأييد الذي تلقاه حركة داعش في الأوساط المحلية، خاصة في أوساط الشباب وعديد من المثقفين والعلماء، بصورة لم أكن أتوقعها، وذلك من خلال النقاشات والحوارات والتعليقات التي أقرأها وأشارك فيها. الجماعات الجهادية المتطرفة كطالبان والقاعدة وداعش وحركة جهيمان التي سبقتها كلها جماعات أصولية متطرفة لها روابطها المحلية وتداخلاتها…
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
عاشت أوروبا آخر لحظات القرن التاسع عشر سياسياً وحضارياً مع يوم 28 يونيو 1914، عندما تم اغتيال ولي عهد الإمبراطورية النمساوية على يد أحد متطرفي الصرب. فقد أطلق هذا الحدث سلسلة من الأحداث والكوارث على امتداد أوروبا وآسيا والعالم العربي، تمثلت في محن الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918، التي غيرت إلى الأبد تاريخ وجغرافيا الكثير من الأمم والبلدان، وأدت إلى سقوط أسر حاكمة وامبراطوريات، وظهور دول وأنظمة جديدة كل الجدة على التاريخ الأوروبي خاصة، كالاتحاد السوفييتي! أنزلت الحرب دماراً واسعاً بالكثير من المدن والمناطق والآثار الأوروبية من منازل وقصور وكنائس، ولقى فيها ملايين الأوروبيين من عسكريين ومدنيين حتفهم. فقد التقى الجيشان الألماني والفرنسي في معركة فردان Verdun على امتداد أشهر ابتداء من فبراير 1916. وعندما انجلى دخان البنادق والمدافع والقنابل، كانت خسائر الطرفين من القتلى متساوية، إذ خسر كل منهما 400 ألف رجل، قرابة المليون إنسان للطرفين! لا نكاد نصدق اليوم كيف كانت بداية تلك الحرب. فما أن انتشر…
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
انتهت المسيحية في الموصل بعد ألفي سنة من وجودها هناك. وهي في طريقها إلى الانقراض في فلسطين أيضا. لم يبقَ في مهد المسيح أكثر من 200 ألف مسيحي، يعضّون على الجرح ويناضلون من أجل البقاء. في مصر حيث التجمع المسيحي العربي الأكبر، شهدنا تنكيلا وتفجير دور عبادة وإرعابا. وفي سوريا كنائس تحطم، وراهبات ورهبان منهم من يُخطف ومن يُقتل، ومقابر جماعية يند لها الجبين. ثمة من يسأل: لماذا هذا الاستشراس على المسيحيين في المنطقة المحيطة بفلسطين؟ والسؤال الأهم: لماذا يتواطأ المسلمون أنفسهم، إن لم يكن بالفعل الشائن، فبالصمت المريب والمعيب على أكبر عمليات «تطهير ديني» عرفتها منطقتهم في التاريخ الحديث؟ «داعش» ليس تنظيما أرعن، يوزع الموت والخراب في صحراء معزولة، لولا البيئات الحاضنة والسكوت المطبق، وأحيانا الدعم المحلي. أحد الفارين من الموصل يبكي قهرا أمام الكاميرا وهو يتحدث عن جيرانه الذين فرحوا بنبأ إخلاء المنزل: «أسعدهم أن يستولوا على بيتنا». كاتب من الموصل سطر رسالة مبكية يخاطب فيها المسلمين قائلا:…
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
رغم كبر السوق السعودي "ماليا" و"شركات" إلا أنه لم يوضع ويصنف ضمن الأسواق "المصنفة" عالميا ولا ضمن الأسواق الناشئة، باعتباره سوقا مغلقا حتى الآن، وهذا يعتبر خللا بالسوق أو أي سوق، والأسواق الدولية تخضع لمعايير عالمية ومؤشرات حتى يمكن تصنيفها، سواء من ستاندر ان بورز أو داو جونز او فوتسي أو غيرها، فكل هذه المؤشرات لم تضع السوق السعودي ضمن المؤشرات العالمية، في حين أن اسواق مجاورة صغيرة مصنفة ودخلت ضمن الأسواق الناشئة، فالعبرة ليس بحجم الأموال ورؤوس الأموال او غيره، بل "بمرونة" القوانين والأنظمة التي تسمح بدخول الأجنبي المستثمر، الذي يعتبر مؤشرا لعالمية السوق ومعايير دولية وهذا ما هو غير متاح لليوم، فتم استبعاد السوق السعودي من اي تصنيف عالمي، وهذا يعتبر السبب الجوهري الأول للسماح للأجانب بالدخول "خلال سنة 2015" السوق السعودي، والسوق لدينا لا تنقصه السيولة ولا التداول وزخمه وقوته ولا شيء من ذلك بل يعتبر من أنشط الأسواق العالمية كتداول يومي والأول هو السوق الإيطالي، وهذا…
مصطفى النعمانكاتب وسياسي يمني عمل سفيراً لليمن في عدة عواصم كان آخرها مدريد
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
تميز حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح بظاهرة استنساخ الأحزاب وعرفت بـ(تفريخ الأحزاب)، وإحداث انشقاقات داخلها، والعمل على إضعافها. ونجح في هذه المهمة المستهجنة سياسيا مع الأحزاب التي تعتمد على الدعم المادي الخارجي مثل الناصريين والبعثيين، لكن استعصى الإسلاميون والاشتراكيون عليه، وإن كان قد نجح في استقطاب عدد من أعضائهم بالإغداق عليهم ماليا ومنحهم مواقع في أعلى السلم الحزبي في حزبه الحاكم حينها (المؤتمر الشعبي العام)، وصار هؤلاء أصحاب صولة وجولة وكلمة الفصل في أروقة الحزب، الذي التحقوا به هربا من شظف العيش ولمنحهم الأمان حينها... كان هدف الرئيس السابق هو أن يفقد المواطن الشعور بأهمية الأحزاب كمنظمات سياسية قادرة على الوصول إلى السلطة بطريقة مشروعة، وزاد أنه كان يتحكم في صناديق الاقتراع ويسمح لهذه الأحزاب بمقاعد محدودة لإعطاء الانطباع بأن مجلس النواب يضم في جنباته ألوانا سياسية مختلفة حتى وإن كانت باهتة وفاقدة المصداقية لدى العامة. سوق ما بعد الربيع شهدت عملية مشابهة تجسدت بتكاثر مفزع للمواقع الإعلامية…
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
وأقصد بذلك الإنسان العربي المسلم ولا أعمم بطبيعة الحال. أكتب هذا الموضوع بحرقة وحيرة وأنا متسمر أمام شاشات التلفزة التي تنقل مواكب رهيبة لعشرات العربات السوداء المصنعة خصيصاً لنقل الجنائز وهي تجوب طرقات هولندا الخضراء، حاملة جثامين الهولنديين من ضحايا الطائرة الماليزية المنكوبة فوق شرق أوكرانيا. على جنبات هذه الطرق اصطف آلاف السكان يحملون الورود وينثرونها على العربات التي تسير ببطء شديد. عدد الركاب الهولنديين في تلك الطائرة شكل ثلثي إجمالي عدد الركاب البالغ عددهم ٢٨٩ مسافراً. في هذا السياق نستذكر أيضاً مراسيم التأبين في نيويورك ولندن ومدريد وغيرها بعد هجمات القاعدة قبل عقد من الزمان، وقد تحولت إلى حدث سنوي مهم في تلك المدن. شعوري بالحرقة أتى بسبب اهتمام هذه الأقوام بالأنفس وتقديسهم للأرواح المفقودة خلافاً لما نمارسه في عالمنا وليت الأمر يتوقف على ذلك. سبق هذا المشهد في هولندا بطبيعة الحال وما زال مستمراً تغطية سقوط تلك الطائرة في لحظاتها الأولى والتغطية المستمرة لهجوم إسرائيل الوحشي على غزة،…
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
كثيرون فوجئوا برد فعل بعض الكتاب والإعلاميين العرب إزاء الحرب الإسرائيلية على غزة. بعض المصريين ذهب في موقفه بعيداً إلى حد يثير الذهول. الجزء الثاني من عنوان هذه المقالة مثال، وهو ليس مثالاً يتيماً. استعرت هذا الجزء من الكاتب المصري مصطفى النجار الذي جعله عنواناً لمقالته في صحيفة «المصري اليوم» (18 تموز / يوليو، 2014). والمدهش أن العنوان، بحسب النجار، هو ما قالته إحدى مذيعات التلفزيون الرسمي المصري عن أهل غزة في سياق حديثها عن المبادرة المصرية. هو مدهش أولاً: لأن مضمونه يستهين بآلام ودماء شعب عربي محاصر يتعرض لأبشع أنواع القتل والتدمير. وثانياً: لأنه يكشف موقفاً من الصراع العربي - الإسرائيلي كان مكبوتاً لدى بعضهم ثم انفجر في هذه اللحظة. وثالثاً: لأنه قيل من على شاشة تلفزيون رسمي. هل حصل هذا التزاماً بحرية التعبير؟ أبداً. حصل لأنه سمح لثقافة الكراهية في الإعلام نكاية بـ»الإخوان». وهي ثقافة تطاول كل مخالف. هذا يشير إلى التحول الذي أصاب الخطاب الرسمي المصري حيال…
الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤
المصطلحات متى علقت بذاكرة الناس ارتبطت بدلالاتها وتشكلت لها في الأذهان صورا تزين وتشين وفق ما يوحي به المصطلح. والمصطلح يقصد به إخراج لفظ معين من معناه الذي يعرف به إلى معنى آخر باتفاق الجماعة على ذلك، مثل لفظ الزكاة الذي يعني النماء والزيادة، لكنه أخرج من هذا المعنى ليدل على عبادة تتضمن التصدق بالمال وفق شروط معينة. من المصطلحات التي اصطنعتها جماعة الوعاظ ليكون مصطلحا معبرا عن معنى (الزنا). لفظ (النساء)، فحين يقولون: (اتقوا النساء فإنهن حبائل الشيطان) أو (ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء) أو (أكثر ذنوب أهل النار في النساء) أو غيرها من التعبيرات التي تجعل النساء أس البلاء ورمز الشيطان، إنما هم يريدون التحذير من الوقوع في الزنا والضعف أمام مغرياته، لكنهم وظفوا لفظ (النساء) ليكون هو المصطلح المختار للفظ (الزنا)، فأساءوا إلى النساء إساءة بالغة عندما جعلوا دلالة لفظ النساء تتمحور حول ذلك الإثم. استخدام لفظ النساء للتحذير من الوقوع في…
السبت ٢٦ يوليو ٢٠١٤
مع قيام الثورة الإيرانيّة، قبل ثلاث سنوات على الضربة القاتلة التي وُجّهت إلى المقاومة الفلسسطينيّة، وبعد تسع سنوات على رحيل جمال عبد الناصر مهزوماً، بدا كأنّ الشيعيّة السياسيّة شرعت تستولي على القضيّة الفلسطينيّة التي عاشت طويلاً بوصفها القضيّة السنّيّة الأولى. لم تكن تسمية الأمور على هذا النحو تسميةً مقبولة في ظلّ الإيديولوجيّات الوطنيّة والقوميّة واليساريّة، أي الحداثيّة على أنواعها. لكنّ الواقع كان يشي بهذه الحقيقة على مستويات عدّة. فمقاومة «حزب الله» الشيعيّة صفّت المقاومات اللبنانيّة التي ترعرعت في كنف منظّمة التحرير الفلسطينيّة، فيما كانت سوريّة، مباشرةً في طرابلس ومداورةً عبر حركة «أمل» في المخيّمات، تستكمل الإجهاز على المقاومة الفلسطينيّة. وإذ استطاعت دمشق، الموصوف نظامها بالفئويّة العلويّة، أن تقود الخطّ الممانع، لا سيّما وهي الحاضرة والمتمكّنة في «الساحة اللبنانيّة»، ذهبت طهران خطوة أبعد. فهي، بعد إنشائها «حزب الله»، وعلى إيقاع «يوم القدس»، وضجيج «يا قدس عائدون»، وجدت في الحرب التي شنّها عليها صدّام حسين فرصتها لانتزاع القرار «القوميّ» من بغداد ذات…