آراء

آراء

هل تنفجر إيران من الداخل؟

الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠١٣

تخطّت إيران في سلوكها الإقليمي والدولي طوال عقود، مثيلاتها من الدول التي تبرر عجزها عن التطور واستجابة الدعوات إلى التغيير باستحضار الخارج وسيلة للتهويل ومتنفساً للاحتقان، فصورته عدواً متربصاً يغار من نجاحاتها، وعقبة أمام تعميم نموذجها الذي لا يضاهى لا بد من تطويعها، واعتمدت هذا المبدأ في بناء شبكة من المخالب والأسنان لزعزعة الاستقرار هنا وهناك، وفي رسم خطوط حمر مرفقة بتهديدات من نوع تلقين الدروس وتغيير الخرائط والإزالة والإفناء. لكن ما أن تحول هذا الخارج فجأة إلى محاور ومفاوض، حتى وجدت مراكز القوى داخل النظام نفسها في مواجهة بعضها، بعدما انهارت الفزاعات التي استخدمتها طويلاً لترويع الداخل وردعه وإلهائه. وكان «الحرس الثوري» الذي كرس نظام «آيات الله» في بنائه جهوداً ضخمة وموازنات أضخم، وحوّله إلى قوات مسلحة موازية للجيش الرسمي، بل تفوقه في بعض المجالات، أحد أهم منفذي السياسة التي تقوم على إنكار الداخل ولجمه وابتكار الخصوم وراء الحدود. وعنى هذا أنه سيكون أكثر المتضررين في حال حصول أي تبديل في الأولويات. وسرعان ما جاء قرار البدء بالتفاوض مع «الأعداء» ليؤكد هذا الاحتمال ويوقظ الخلافات العميقة من سباتها، فنشبت في البدء منازلة خجولة قطعها «المرشد» بإعلانه أنه ليس من الضروري تدخل «الحرس» في السياسة. ثم تكررت المناوشات بين فريقي روحاني وجعفري، من دون أن تخرج عن الحدود التي رسمها…

آراء

قمة الكويت وتحديات الإقليم

الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠١٣

بعد التوقيع على اتفاق جنيف النووي بين ايران والغرب كان السؤال الأهم هو: كيف ستتأثر مكانة دول مجلس التعاون الخليجي كمنظومة على خارطة القوى الإقليمية والدولية؟ ولعل السؤال يزداد أهمية مع وجود ارهاصات ودلائل مقنعة أن الاعلان عن الاتفاق النووي سيولد أجواء من الثقة المصلحية بين المُوقعين، مما قد يمهد التوصل لاتفاق نهائي في المستقبل ليس فقط حول البرنامج النووي الإيراني،بل حول الدور الايراني في سوريا وافغانستان وربما اليمن والبحرين. كما أن الاتفاق يأتي في توقيت غير جيد بالنسبة للعلاقات السعودية الامريكية، ولذا يمكن القول إن ما حصل في جنيف في 23 نوفمبر 2013م، مثل نهاية لمرحلة القلق الفعلي لمعظم دول الخليج من احتمال حصول تقارب دراماتيكي بين طهران وواشنطن، ونهاية مرحلة غلب على دول مجلس التعاون الخليجي ومنذ 1981م صفة «الدول الحليفة ذات القيمة الاستراتيجية». وعودة للسؤال هل يمكن أن يكون التقارب الغربي مع إيران ذا أبعاد تتجاوز مشكلة النووي إلى تقليص وتحجيم منظومة مجلس التعاون الخليجي؟.. الاجابة: إن تحجيم دور دول مجلس التعاون هو احتمال لا يمكن الاستهانة به، خاصة إذا ما نظرنا إلى حقيقة أن الذين هندسوا هذا التقارب، هم ذاتهم حلفاء دول الخليج، والذين كانوا يشتكون من ايران منذ مدة طويلة، ويحتجون بنبرة عالية تعبر عن مدى انزعاجهم منها.. إلا أن هذا التقارب المريب لا بد…

آراء

أرسين في هجرتين قسريتين

الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠١٣

مثقف حقيقي صاحب موقف، جريء حتى في قراراته المستقبلية.. فنان تشكيلي من طراز رفيع، وصاحب مكتبة تضم كنوزا معرفية متشعبة المشارب، وفوق ذلك كله فهو قارئ ذو ذائقة راقية وصاحب حرف أنيق. برغم كون أرسين قيومجيان أرمني الأصل إلا أنه لم ينسلخ عن كينونته السورية، وأزيد عليها عروبته، فهو عروبي أكثر من كثير من العرب.. عاش حياته كلها في الرقة، وحين تكالبت الأقدار على مدينته التي يحب، لم يذهب إلى أرمينيا، شأن كثير من أرمن سورية الذين استقبلوا بترحاب في موطن أجدادهم، بل هاجر إلى السويد مع أهله الرقيين الذين ولد ونشأ وكبر معهم. وطوال مرحلة الهجرة وصولا إلى شبه الاستقرار مرّوا جميعاً بمختلف الظروف القاسية التي عانوها، ولم تفارق مخيلته صورة الوطن، وببراعة المثقف المرهف يقول: (ثمة تناسق وتناغم وتكامل بين سوريا والسويد، فالسويد لم تعد بحاجة إلى سجونها، وسوريا لم تعد بحاجة إلى شعبها). يمتلك الصديق أرسين قدرة كبيرة على رسم المفارقة بحروفه بعد أن افتقدنا ريشته زمنا، وها هو أول من أمس يرسم لوحة تداخلت فيها المدرسة الواقعية بالوحشية، وعبرها يصنع مشهدا يجعل المرء يفكر قبل لحظة اكتشاف الحقيقة. فيقول: (في مثل هذا اليوم العاشر من كانون الأول – ديسمبر - عام 1896 توفي ألفرد نوبل. وفي مثل هذا اليوم من كل عام تقام مراسم الاحتفال لتوزيع…

آراء

كوفي آنتوني!

الخميس ١٢ ديسمبر ٢٠١٣

قرر«آنتوني ديناتل» السفر من مدينته الجميلة كارديف الويلزية إلى عاصمة الضباب لندن في رحلة تستغرق ـــ تقريباً ـــ ساعة بالقطار، ولأنه أراد استغلال هذه الساعة في إنهاء بعض المهام من خلال حاسوبه المحمول؛ قامَ بالحجز على الدرجة الأولى في شركة القطاراتFirst Great Western، حيث تتوافر مساحة أكبر من المكان، والهدوء الذي هو بأمسّ الحاجة إليه. وبما أنّ آنتوني لا يعمل إلا وفنجان القهوة في يمينه؛ طلب القهوةَ، فاعتذروا عن تقديمها له لعدم توافرها خلال هذه الرحلة! استغرب الاعتذار! فحضَرَتْه فكرة التواصل مع الشركة مباشرة.. رفع هاتفه ودخل على حسابها في «تويتر» ورفع شكواه. يحكي آنتوني، قائلاً: لم تمضِ خمس دقائق إلا وجاءني رد يطلب مني تفاصيل هذه الرحلة بالكامل، فقمت بكتابتها وإرسالها إليهم فوراً، وحين وقوفنا في المحطة القادمة، رأيت أحد موظفي الشركة يدخل قاطرة الدرجة الأولى متجها نحوي، قائلا: مستر آنتوني نعتذر عن هذه الخدمة، وإليكَ كوب القهوة الذي طلبته! التقيت مع «آنتوني» في ورشة تدريبية أقيمت هنا في دبي، تحدث فيها عن CrowdSourcing، وهو مفهوم جديد بدأ منذ سنوات قليلة في أميركا وأوروبا، يقوم على أن «الفكرة لا تقتصر على من هم في محيط العمل، أو حتى المجتمع، وليست مجرد (إيميل) يُرْسَل إلى جهة الاختصاص، إنها (عالمية)، ولا حدود لمقدمها، لأنّها تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي»، تماما كما…

آراء

إدارة أزماتنا في عصر المعلومات الرقمية

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣

عدت مؤخرا من جاكرتا بعد أن شاركت بورقة في المؤتمر العالمي الثالث للإعلام الإسلامي، عنوانها "إدارة الأزمات في عصر المعلومات الرقمية".. ورغم أن المحور الذي تحدثت فيه يحمل عنوان "الأداء الإعلامي الإسلامي المنشود في الأزمات والتقلبات السياسية"، إلا أنني آثرت أن أفتتح ورقتي بالإشارة إلى أن الأزمات التي يمر بها العالم الإسلامي اليوم ليست سياسية فحسب، ولكنها قبل ذلك أزمات اقتصادية واجتماعية وبيئية وتكنولوجية، وتعليمية أيضاَ. وأياً كان نوع الأزمة أو حجمها فإن التعامل معها لا يجب أن يأتي كردة فعل كما يحدث للأسف في معظم الأزمات التي نمر بها عربياً وإسلامياً، فمفهوم "إدارة الأزمات" يتطلب التخطيط للأزمة قبل وقوعها واتخاذ ما يلزم من استعدادات وتجهيزات لمواجهتها. هذا التخطيط الاستباقي للأزمة لا يؤدي فقط إلى توفير الوقت والجهد والموارد عند حدوثها، ولكنه يمكن أيضاَ أن يخفف من حدتها وتأثيراتها السلبية من خلال برامج التوعية والتوجيه والتحضير الاعلامي التي تتضمنها الخطة. ثورة المعلومات الرقمية أحدثت العديد من التأثيرات المتعلقة بإدارة الأزمات، ومن ذلك سرعة انتشار المعلومة، فمع شبكات التواصل الاجتماعي فان كل ما يلزم هو شخص هاوٍ موجود بجواله الذكي في موقع الحدث لكي يقوم بنشر الخبر في نفس اللحظة إلى كافة أنحاء العالم. الثورة المعلوماتية أعادت أيضا تعريف الخبر، فالناس اليوم لم تعد تريد الانتظار لمعرفة تطورات الخبر، ولكنها تريد…

آراء

خمس قضايا كبرى تنتظر المدرسة العقلانية

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣

أشرت في المقالة السابقة إلى أن المدرسة العقلانية الجديدة تدرك أن أمور الغيب وما يندرج في باب العقيدة ليست في نطاق إمكانات العقل البشري، فالمدارس الفلسفية التي حاولت استكشاف أمور الغيب من طريق المنطق أو العلم التجريبي أو من استخدام ما يسمى بالإلهام أو الأساطير أو السحر وغيرها من الوسائل، لم تصل إلى إجابات يطمئن لها الإنسان «العاقل»، ولهذا كان لزاماً للعقل البشري أن يطمئن إلى ما جاء به الوحي الإلهي، وهو في عقيدتنا الكتاب الخاتم القرآن الكريم والسنة الصحيحة. وإذا كنا نحن المسلمين نؤمن بصحيح العقيدة ونعتبرها ركناً أساساً للنجاة يوم القيامة، فإننا في الوقت نفسه نحترم عقائد الآخرين، انطلاقاً من تعاليم القرآن والسنة ذاتها التي احترمت حرية الإنسان في اختيار معتقده، بل اعتبرت أن الحرية هي شرط الحساب يوم الدين، وامتثالاً لقول الله تعالى: «وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ». وفي الإطار نفسه، فإن المدرسة العقلانية الجديدة تدرك أيضاً أن ما يندرج في باب العبادات كالصلاة والصيام والزكاة والحج والعبادات الأخرى التي يتقرب بها العبد إلى ربه، هي أيضاً ليست في مجال تبرير العقل البشري وتأويله لأسباب وجوبها ولا لكيفية أدائها، فلا يمكن أن نبرر لماذا فرضت الصلاة بهذا…

آراء

ليس كل النساء حريماً

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣

ينتشر كثير من السمات السلبية بين الرجال، لكنها تنتشر بين الحريم أكثر، وسأقف لأبيّن للمرة الألف أن هناك فارقاً بين النساء والحريم، فالحريم هي ثقافة تعيش فيها النساء ويعززها المجتمع عبر مؤسساته ولا ينجو منها ألا من رحم ربي، لكن ليس كل النساء حريماً، وليس كل الحريم نساءً أيضاً، فهناك ذكور تجدهم أسوأ من الحريم. لم أفهم كثيراً «سيكولوجية الحريم» إلى أن تنبّهت لتصرف بعض الطفلات الصغيرات، فوجدت أن كثيراً من تصرفاتهن أشبه بتصرفات الحريم ذاتها، لأصل إلى فرضية أن الحريم هن طفلات، مما يعني أن النمو العاطفي والذهني للحريم لم يتطور وبقي عند سن الطفولة، لهذا يحار الرجال في فهم الحريم حين تندفع في وجوههم انفعالات امرأة، إن حباً أو حنقاً أو دلالاً أو غيرة أو سوء فهم. وعدم النضج العاطفي عند النساء ليس طبعاً أصيلاً، ولا عيباً خلقياً ولا ذهنياً ولا جينياً، لكن تشكيل عقول النساء عبر التاريخ مرّ بحالة ثقافية تشبه تلك التي مرّت بها أقدام النساء في الصين، فمن أجل إبقاء أقدام النساء صغيرة في الصين قديماً كشكل متعارف عليه ضمن معايير جمال المزاج هناك، فإنه كان يلزم كل أم أن تضع قدم طفلتها وهي رضيعة في قالب صغير كي تمنع نموها فلا تكبر، والنتيجة تكون في العادة على مقاييس المجتمع، قدماً صغيرة جميلة لكنها مشوهة…

آراء

حزب (مكافحة الحزبية)!

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣

أشرت في مقالات سابقة، حديثة وقديمة، إلى ما أحدثته «الحزبية» في مجتمعاتنا من التفرقة والضغينة والكيد المتبادل. أتحدث هنا عن الحزبية بمفهوماتها المعوّجّة وتطبيقاتها السيئة... حزبية التضاد لا التنوع كما هو في الأنساق المدنية المتطورة، لن أقول في الغرب فقط بل وفي عدد من دول الشرق أيضاً. وأعظم من هذا دلالة التعبير القرآني في قوله تعالى: (كل حزبٍ بما لديهم فرحون). وأود أن أتناول الآن، وربما في مقال قادم، كيفية مقاومة هذه الحزبية ذات المحتوى التجزيئي الهدّام وآلية التصدي لتصنيفاتها الاعتباطية. لكن قبل أن ندخل في هذا النقاش الشائك يجب أن أَحْذر وأُحذّر من أن نقع في ما وقعت فيه فئة من الناس أرادت أن تكافح الحزبية فوقعت فيها وفي ما هو أشد منها! وإليكم حكاية هؤلاء بإيجاز: تبنّى أحد الدعاة، قبل أكثر من عقدين من الزمن، خطّاً واضحاً يحمل رسالة نبيلة ننشدها جميعاً، كرّس فيها خطبه ومواعظه في التحذير من الحزبية التي بدأت آنذاك تكشّر عن أنيابها وتنهش وحدة المجتمع. لكن سلامة الهدف لا تفضي بالضرورة إلى سلامة الوسيلة والطريقة المسلوكة نحو الهدف. ولذا فقد انضم لذلك التوجه أناس شوهوا الوسيلة وعبثوا بالطريقة، ما أفضى بهم إلى أن ضلوا الطريق فتغير الهدف. ليس من الإنصاف القول بأن كل أتباع هذا التوجه هم من المنتفعين والمرتزقة، ففيهم من هو مخلص…

آراء

عمان.. وجهة نظر مختلفة

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣

لا أتذكر متى كانت آخر مرة تصدرت سلطنة عمان الأخبار، لم تكن أبدا في عناوين الأخبار الرئيسة. وهذه ميزة في منطقتنا، حيث لا يحتل عناوينها عادة إلا الأشرار أو الضحايا. إنما تصريح عُماني واحد ضد انتقال مجلس التعاون الخليجي إلى حالة الاتحاد لفت انتباه الكثيرين.. ما عداه القليل قيل أو نقل عن مسقط. في مجلس التعاون، اعتدنا حالتين متناقضتين؛ صاخبة جدا تمثلها قطر، وأخرى هادئة جدا هي عُمان، وقد استوعبهما المجلس، على الرغم من التناقضات الحادة. سلطنة عمان عُرفت بأنها أكثر الأعضاء انسجاما، بل أكثرهم مثالية من حيث العلاقة المستمرة مع الجميع، تقريبا. أما بالنسبة للاتحاد الخليجي المقترح، فلا أعتقد أنه يستوجب الاحتجاج بمثل ما صرح به الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي، في البحرين، قبل أيام. المشروع مطروح منذ نحو عامين، ومن حق أي دولة عضو أن تقبله أو ترفضه، أو على الأقل أن تتمناه. ربما ملاحظاتي البسيطة هي حول مبررات الوزير الذي قال، معللا رفضه، إنه ليس هناك ما يدعو للاستعجال نحو الاتحاد. وهذا صحيح، لولا أن المجلس بلغ من العمر عتيا؛ 33 عاما! وأن الاتحاد المقترح، الذي استكثره، هو أقل حتى من الوحدة التي وردت في ديباجة تأسيس المجلس، قبل ثلاثة عقود. والصيغة المقترحة هي نموذج الاتحاد الأوروبي، الذي لا يلزم أي دولة بما…

آراء

المبتعثة عهد الجرف: فن إخفاء الشفرة في الصورة

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣

يعد فن تشفير الرسائل من الممارسات الإنسانية القديمة جداً، وهو فن ترميزي للأسرار بكتابتها كرسائل مخفية لا يمكن لأحد أن يشك بوجودها ولا يعرفها أحد سوى المرسل والمستلم كنوع من السرية. يعرف فن التشفير علمياً باسم «ستيغانو جرافي» Steganography ، ويذكر التاريخ أن أول من استخدم تقنية الستيغانوغرافي هو اليوناني ديماريتوس، حيث لجأ إلى الكتابة المباشرة على لوح خشبي وغطاه بشمع وكانت الكتابة شيفرة تحذير لليونانيين بشأن هجوم محتمل. كما كان الوشم على رأس الرسول المحلوق أحد الوسائل المتداولة آنذاك، حيث استخدم اليونانيون القدامى كتابة الوشم على رأس المرسول وهو حليق ثم يترك حتى ينمو شعر رأسه مجدداً قبل إرساله إلى المرسل، الذي يقوم بحلق رأس الرسول والتعرف على الشيفرة. وفي الحرب العالمية الثانية لجأ الفرنسيون إلى حيلة مبتكرة وهي كتابة الشيفرة على ظهور الأتباع بأحبار مخفية. كما كتبت رسائل موس من خلال حياكتها داخل أنسجة القماش، وقد عرف العرب منذ القدم التشفير وأجادوا فيه بما أسموه «علم التعمية». فحظي بمقامه بين سائر العلوم واستعمل العرب مصطلح «تعمية» كناية لتحويل النصوص الواضحة إلى أخرى غير مفهومة باستخدام طرق محددة يستطيع من يفحصها أن يفهم النص المشفر. وقد كان العلماء المسلمون والعرب أول من اكتشف وسائل استخراج الشفرات وقراءتها وكتابتها وتدوينها، ساعدهم في ذلك تقدمهم في علم الرياضيات الذي أعطاهم الأدوات…

آراء

حوار رسمي في تويتر

الأربعاء ١١ ديسمبر ٢٠١٣

أشعر بألم، حينما أجد غيابا كاملا لأجهزتنا الرسمية على تويتر. وهي إن وجدت لا تعدو أن تكون مجرد مرسل من طرف واحد، يقول ما يريد ولا يتفاعل. وأغلب ما يقال هو في الحقيقة ليس جديدا. هذا الأمر يعكس تباطؤا في الاستفادة من هذه الوسيلة المهمة. في مقابل ذلك، تظهر تجارب عربية وأجنبية حاملة في ثناياها نماذج شديدة الفاعلية. هناك نقاشات مفتوحة مع ممثلي الخارجية الفرنسية والبريطانية. وبعضها تتناول قضايا تقع في دائرة اهتمام من يتخاطبون إليهم. المتحدثة الرسمية باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط روز ماري ديفز فتحت أمس نقاشا عن الوضع حول سورية واجتماع جنيف 2 لمدة ساعتين في فترة ما بعد الظهر. وقد طرحت على المتحدثة سؤالا قلت فيه: تبدو الصورة في الميدان في منتهى الفوضى، مع تسيد داعش وقوى القاعدة والميليشيات التابعة لحزب الله. كيف سينجح جنيف 2؟ وقد أجابت عن سؤالي قائلة: تنامي التطرف مصدر قلق بالغ لنا، وسيستمر في التزايد ما لم يتم وضع حد للصراع بسرعة، لذا إنهاؤه أمر ملح. كان هناك أسئلة مهمة للغاية، وكانت هناك إجابات عن هذه الأسئلة. نحن في السعودية والخليج العربي، بحاجة إلى مثل هذه الفاعلية مع الداخل والخارج. تصوروا لو فتح ممثل للخارجية نقاشا مفتوحا عبر تويتر يفسر الموقف المتخوف لدول الخليج من التوافق الأمريكي الإيراني. أو لو…

آراء

حول مجلس التعاون وموقع المملكة

الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠١٣

أشعر أن كثيرا من الناس، وربما بعض السياسيين، قد صدموا بتصريحات يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني التي تتلخص في أن مجلس التعاون لا يخلو من خلافات بين الدول الأعضاء، وأن فكرة تطوير المجلس إلى اتحاد كونفيدرالي، التي طرحت قبل بضع سنوات، لم تعد قائمة، لأن بعض الأعضاء ــــ ومنهم عمان ـــ ليسوا راغبين فيها. الصدمة التي تظهر في طيات الصحف مرجعها في ظني قلة المتابعة لأعمال المجلس. ثمة قائمة طويلة من الاتفاقات التي أقرت على مستوى القمة أو على المستوى الوزاري، ولم تنفذ أو أنها تعطلت في منتصف الطريق. وقد كتب عنها الكثير في أوقات متفرقة. على مستوى السياسة الخارجية فإن تباين الأولويات بين دول المجلس لا يخفى على أحد. وهو ظاهر بأجلى صوره في الموقف من الأزمات الإقليمية. ما يهمني في حقيقة الأمر هو موقف المملكة التي يبدو أنها تولي اهتماما بالغا لمجلس التعاون والعلاقات مع أعضائه. وأجد أنها أعطت هذا الموضوع أكثر من حقه وصرفت وقتا وجهدا في غير طائل. في نهاية المطاف فإن الحجم البشري والاقتصادي والسياسي للمملكة لا يقاس أبدا بمجموع الدول الأعضاء الأخرى، فضلا عن آحادها. ولعل القراء يعرفون ــــ كمثال على الحجم الاقتصادي ــــ أن استهلاك الكهرباء في المنطقة الشرقية بمفردها يعادل أو يتجاوز استهلاك الكهرباء في مجموع دول المجلس الأخرى. بعبارة أخرى…