آراء

آراء

50 عاما من “البربرة” والكلام الفاضي

الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣

ها قد مضى خمسون عاماً وأبناء العرب يجتمعون ويتناقشون.. يضربون لملتقياتهم موعداً محدداً من كل عام يكونون فيه ضيوفاً على أحدهم، مرة عند الأخ الأكبر ومرة عند الأصغر، وأخرى يحلون ضيوفاً على أخيهم الأرعن الذي يراهم أقل شأناً.. وفي سنة تالية يجرجرون خطواتهم للاجتماع عند أخيهم صاحب الصرعات، الذي به مس من الهوس وجنون العظمة، وهو الذي عليك أن تتوقع منه ما ليس بالحسبان، وفي العام الذي بعده يلتقون عند أخ لهم هو الأكثر صبراً وحلماً، يترفع عن نزق بعض الأشقاء وإملاءات البعض الآخر وتسول البقية، وهم يسعون قدر الإمكان ألا تتكرر هذه الملتقيات الدورية في مكان واحد أكثر من مرة، وهكذا مرت العقود والسنوات وأبناء العائلة العربية من الإخوة الأشقاء يلتقون في كل عام مرة أو مرتين لسبب طارئ يتجادلون ويتطارحون الهموم ويتعاتبون، لكنهم لا يصدقون مع بعضهم، بل إن منهم من يكيد للآخر. تراهم يتصافحون ويتعانقون، لكنهم يضرسون ويضمرون الشر لبعضهم. لم تكن نواياهم صافية تجاه بعضهم الآخر. تراهم يتبسمون لبعضهم أمام الكاميرات، والله يعلم ما تخفي صدورهم. كان الكبير فيهم لا يريد لأخيه الأصغر أن يتعلم ويتطور، بل يريده أن يبقى عالة ومتكلاً على غيره. وكان الأقحاح من هؤلاء الإخوة، الذين يعتمرون الغترة والطاقية، يتسمون بالصبر والروية ويتجاوزون عن تجاوزات إخوانهم الذين خرجوا قبل مئات السنين من…

آراء

سرير شاغر.. كارثة قادمة ومشكلة إدارة

الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣

الآن وفي الوضع الآمن والمطمئن والخالي من الكوارث؛ يلف الناس السبع دوخات كي يحصلوا على سرير شاغر في مستشفى درجة ثانية وثالثة. يتصلون على كل معارفهم ومعارف معارفهم في حكاية معتادة ومملة كلما مرض أحد أفراد الأسرة أو الأقارب. لكن أغلب المستشفيات تعتذر إليهم بكل أدب -وبعضها بكل صفاقة وقلة أدب- بأنه لا يوجد لديها سرير شاغر لاستقبال حالة طارئة، أو مريض يتطلب علاجاً نوعياً وعناية فائقة؛ فضلاً عن مآسي الإخلاء الطبي الذي له حكايات وقصص يندى لها الجبين، وقد لا يأتي في حالات كثيرة وموثقة إلا بعد أن يفارق المريض الحياة. أقسام الطوارئ لدينا تحولت إلى غرف تنويم في بعض المستشفيات ولأيام طويلة بسبب عدم توفر سرير شاغر، وربما يقضي المريض أكثر من أسبوع في ممر يتحول من شدة الزحمة -وربما سوء الإدارة وموت الضمير- إلى غرفة تنويم لا تمتلك أدنى مقومات النظافة، وهذا وضع نراه يومياً وتتعامل معه وزارة الصحة وكأنها تتعايش فقط مع مشكلة عصية على الحل! لكن ماذا لو حلت كارثة جماعية لا قدر الله؟ ماذا سيحدث؟ وكيف ستتصرف وزارة الصحة التي لا تستطيع حالياً مواجهة متطلبات المرضى العادية والمتكررة، ونحن -كما قلت- في وضع آمن ومستقر؟ أليس منطقياً جداً أن من لا يستطيع توفير سرير شاغر أيام الرخاء؛ سيصعب عليه توفيره في أيام الشدة؟ وهل…

آراء

هل دقّت نواقيس الخطر في إيران؟

الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٣

أطلق خامنئي شعار الاقتصاد المقاوم منذ بداية العقوبات النفطية على بلاده، مؤكداً ضرورة التنمية والإنتاج والصناعة، إلا أن غالبيّة المناطق الصناعيّة في إيران قد تحوّلت إلى مقابر للمعامل وخطوط الإنتاج فتعطلت 70% من المعامل بالكامل، وما تبقّى منها يعمل فقط بـ30% من طاقته الإنتاجيّة، كما انهارت العملة الإيرانيّة وشهدت البلاد تضخماً لم يسبق له مثيل منذ عشرات السنين. وأخيراً اعترف «شمس الدين حسيني» وزير الاقتصاد الإيراني بـ«استحالة تطبيق مشروع الاقتصاد المقاوم» المزعوم. وأمام كثافة التقارير المنهالة على «خامنئي» والمنذرة بوقوع كارثة اقتصادية وشيكة، أوعز الأخير مؤخراً إلى رؤساء السلطات الثلاث «لإيجاد الحلول للتخفيف من حدّة الضغوطات الاقتصاديّة». وكثيراً ما عبّر مسؤولون إيرانيون عن مخاوفهم الشديدة من «انفجار ثورة الجياع في إيران»، وحذّر أحد قادة الباسيج من أن «إرغام ملايين الجياع على عدم النزول إلى الشارع، أصعب بكثير من إرغام مرشحي الانتخابات الرئاسيّة المقبلة على التزام بيوتهم». وفي الوقت الذي تنفق فيه إيران المليارات على مشروعها التوسعي الاستعماري الطائفي في الشرق الأوسط، فإن الفقر والقحط والفساد والاختلاس يفتك بالجسد الإيراني من الداخل، وتتكرّر تجربة الاتحاد السوفييتي اليوم في إيران، ففي حين كان الاتحاد ينفق المليارات على إطلاق مشروعه العسكري الضخم في الدول الشرقيّة الحليفة، كان المواطن السوفييتي يعجز عن تأمين أبسط حاجياته اليوميّة، فأدّى ذلك إلى انهيار الاتحاد دون رجعة. المصدر:…

آراء

خريف مصر

الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣

صادر «الإخوان المسلمون» الثورة المصرية. وصلوا إلى السلطة ليبدأ اختبارهم. لم يغيروا شيئاً في سياسة الحكم الذي حلوا مكانه. عجزوا عن تلبية المطالب الشعبية. عجزهم لم يكن نتيجة عدم خبرتهم، على ما قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، بل كان نتيجة طبيعية لمسيرتهم التاريخية ولرؤيتهم إلى الاقتصاد والاجتماع والسياسة، فهم محافظون وقفوا ضد أي محاولة للإصلاح. ولم تكن الشركات المالية التي أسسوها باسم الدين سوى أدوات لنهب الفقراء وصغار الملاكين، تشهد على تلك الفضائح التي رافقت هذه الشركات في ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته. رفع المتظاهرون في القاهرة شعار «خيرت الشاطر = جمال مبارك»، الأول يوهم الناس بأن سلوكه «شرعي» سيعيدهم إلى جنتهم التاريخية المفقودة، فيما الثاني يوهمهم بأنه سيدخلهم جنة الدول الرأسمالية المتقدمة. وكلاهما يعمل على إفقارهم، باعتماد الرأسمالية المتوحشة، على أن الشاطر يتصدق عليهم. والصدقة والإحسان جزء أساسي من أيديولوجية «الإخوان» التبسيطية للاقتصاد. بواسطتها، وبخطابهم الديني يعتقدون أنهم يحلون مشكلة الفقر. كتب سمير أمين مقارناً حكم «الإخوان المسلمين» في مصر بالنموذج الباكستاني، حيث «يوجد برلمان بغالبية إسلاموية ومن ورائه مؤسسة عسكرية إسلامية هي الأخرى» لكن فشل النموذج كان، وما زال، مثالاً لفشل دول العالم الثالث، منذ انفصال إسلام آباد عن الهند في أربعينات القرن الماضي. وقارنه بنموذج حكم الإسلاميين في الصومال التي أصبحت عشرات الدويلات، ثم بالسودان، حيث أدت…

آراء

هل العلة في البدلة العسكرية؟

الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣

دعت هيئة حقوق الإنسان المديرية العامة للجوازات لوقف انتهاكات سوء المعاملة للوافدين، بعد أن رصدت 10 ملاحظات على أداء جوازات مكة المكرمة، وانتقدت الهيئة في تقرير مفصل، نشرت جزءا منه "الوطن" الجمعة الماضية، عدم تفعيل "الجوازات" لتعميم وزارة الداخلية المتضمن الإلزام بتجديد إقامة العامل الذي له دعوى منظورة مع كفيله، في وقت فتحت فيه هيئة حقوق الإنسان النار وبشدة على مخالفة تكدس المراجعين أمام البوابات وعدم السماح بدخولهم دون وجود الكفيل. واشتملت الملاحظات التي رصدتها هيئة حقوق الإنسان على سوء المكان المخصص للإيقاف بإدارة الوافدين، محذرة من مغبة انتشار الأمراض فيه. وأشار التقرير إلى تسجيل حالة استغرق ترحيل أسرة أحد الوافدين خلالها عامين كاملين، فيما نبهت لوجود تجاوزات في مسألة احتفاظ الكفيل بوثائق العامل، في مخالفة لقرار مجلس الوزراء الصادر بهذا الخصوص. وشددت الهيئة على ضرورة إيجاد نص نظامي يكفل الحماية القانونية لأبناء المواطنة السعودية لحين الانتهاء من معاملة منحهم الجنسية السعودية، ومنحهم الأولوية في كفالة أمهم لهم تحت مسمى "ابن مواطنة". التقرير المنشور في "الوطن" تضمن الكثير من الملاحظات على الجوازات، وفي ظني أن قطاعات الشرطة والجوازات والمرور بحاجة إلى إعادة تأهيل وتطوير ومراقبة لمبانيها وآلية العمل فيها وأساليب التعامل مع المراجعين والمخالفين والمتهمين، وفي ظني أن هذه القطاعات بحاجة بشكل عاجل إلى حملات علاقات عامة داخلية تسعى إلى…

آراء

شخصنة الرسالة!!

الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣

(في النقد الثقافي)، يضع الدكتور/ «عبدالله الغذَّامي» إصبعه على عصب التخلف «المُزْمِنِ» في العالم العربي ويسميه: «الشَّعْرَنَة»؛ فالمادح يعرف أنه يكذب، والممدوح يكافئه بسخاء، وهو يعرف أنه يكذب! والجمهور يعرف أنه يكذب ومع هذا يكافئه بالإعجاب والتصفيق، ويتزلَّفُ إلى الممدوح به وهو يكذب كذباً مركَّباً ويعرف ذلك، والممدوح يعرف أن الجمهور يكذب فوق كذب المادح ولكنه يطرب حتى يصدِّق؛ فيصبح «فرعونَ» لا يرى لهم إلا ما يرى! وهكذا تتم «صناعة الطاغية»، حسب الغذامي! طيب: ماذا لو كان المدح صحيحاً، والمادح صادقاً، والممدوح جديراً به؛ كما في «فن المدائح النبوية»؟ كان لابد أن تعود الأمة المنهارة إلى «رمزها الأعظم»، ولكنها عادت إلى «شخصه» الكريم، وأمعنت في الانشغال «به» عن رسالته العظيمة؛ حيث جاء الدين متحدياً مبادراً إلى نزال «أمة شاعرة غاوية»، بقرآن ليس شعراً، ورسولٍ يقول عنه تعالى: «وما علَّمناه الشعرَ وما ينبغي له»، والجميع يشهد له بالصدق والأمانة؛ وعليه فلا بد أن تكون رسالته واقعية قابلة للحياة الأبدية، ممكنة للتطبيق في كل زمان ومكان؛ كما نردد «نظرياً»!! وقد انتصر على الزيف في (23) عاماً فقط، واستطاع أتباعه من الصحابة الكرام أن يطبقوا رسالته ثلاثين عاماً أخرى، قبل أن تعود «الجاهلية» وتلتف عليها بحيلةٍ هي الأخطر: تحجيم الرسالة في شخص نبيها الكريم؛ لتبدوَ مثالية لا ترقى إليها طبيعة البشر العاديين المكلفين…

آراء

واشنطن تراقب استنزاف خصومها في سورية

الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣

يدرك أي مراقب أن زمن دولة الأسد في سورية انتهى. قد يطول أو يقصر زمن النهاية، وكلف السوريين كثيراً حتى الآن، لكن بشار الأسد لم يعد خياراً لكل الأطراف المعنية بالأزمة، ما عدا - ربما - إيران. في الداخل ومع كل هذا الدمار الذي أوقعته قوات النظام في أغلب المدن السورية، ومع كل الدماء التي سالت ولا تزال تسيل على التراب السوري، وعدد النازحين الذي يتصاعد في شكل يومي، يصعب القول أن أكثر من بعض الطائفة العلوية، وبعضاً من أبناء الأقليات الأخرى، يقف إلى جانب النظام. كل المظاهر الخارجية التي توحي بأن بشار يحظى ببعض الدعم، ما هي إلا أمر مفروض بالقوة على الجميع، وأن أي خيار آخر سيكون مكلفاً لمن يقدم عليه، ونائب الرئيس، فاروق الشرع، وما انتهى إليه، شاهد على ذلك! تحوّل الشرع الذي كان من أخلص حلفاء النظام إلى عبء سياسي عليه، فلا النظام يستطيع تصفيته في الظروف الحالية، ولا يسمح له بالخروج حتى من بيته من دون مرافق. رفيق الأسد الأب أصبح رهينة الأسد الابن، ولذلك يمكن القول أن نصف الشعب السوري، على أقل تقدير، يريد رحيل النظام، ورحيل الأسد تحديداً بأي ثمن. وهذا واضح من ثلاثة مؤشرات: أولاً: حجم المعارضة العسكرية التي تستنزف النظام عسكرياً، وثانياً: أن المعارضة السياسية في الداخل، وتحديداً الهيئة الوطنية للتنسيق،…

آراء

موهوب.. ولكن!

الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣

كثيراً ما يتساءل البعض: هل أنا موهوب؟ وهل لديَّ موهبة؟! أثبتت الدراسات والبحوث العلمية أن الموهوبين يمثلون نسبة 2% – 5% من المجتمع، حيث يبرز منهم العلماء والمفكرون والقادة والمبتكرون، والذين اعتمد عليهم العالم منذ أقدم العصور في تقدمه الحضاري على ما تنتجه أفكارهم وعقولهم من اختراعات وإبداعات. فالموهبة فطرية، يهبك إياها الله، عز وجل، كموهبة الصوت الجميل أو الرسم.. أما الميول فهو مكتَسب عن طريق البيئة المحيطة، فإذا طوَّر الميول أصبح موهبة! ولكن كثيراً من المواهب جاءت إلى الدنيا ورحلت ولم تُكتَشف! فالبعض لا يكتشف موهبتَه، والبعض الآخر يكتشفها بـ«الصدفة».. أو عن طريق معلم أو أحد الوالدين! الدعم شيء ضروري لاستمرار الموهبة والميول وتطورهما، لكن إذا لم تجد دعماً.. فهل تتوقف؟ لا! إذا كنت تحب الكتابة أنشئ لك مدونة إلكترونية! إذا كنت تحب التصوير، التصميم، الرسم، أنشئ لك صفحة في موقع فليكر! إذا كنت تميل للتقنية برمجْ هاتفَك وطوِّرْه! تستطيع أن تطور موهبتَك عبر كثير من الشروحات «المجانيَّة» في الإنترنت.. فهناك مدونات تتحدث عن الرسم أو التقنية وحتى البرمجة! في مواقع التواصل الاجتماعي ستجد من يدعمك بالنقد البنَّاء! أو التشجيع والكلمة الطيبة. انتبه أن تخلط بين النقد البنَّاء والنقد المُثبِّط! فالأول اجعله أمام عينك، والآخر تحت قدميك! أعداء النجاح «المثبطين» موجدون في مجتمعِنا، حاول ألا تجعل مساحة لأقوالهم في…

آراء

نكهة السروال والفانيلة

الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣

يبدو أن الشاب أراد أن يتحرر من نمطية الثوب وسماته الرسمية فبحث في مخزونه من الأزياء فلم يجد زياً خفيفاً وظريفاً ينفع للمشاوير العابرة والطارئة سوى السروال والفانيلة فليس بعدهما سوى الفروة والبشت والجاكيت والدقلة وكلها أشد تعقيداً من الثوب وأكثر إرهاقا. محلياً لا فرق بين الزي الرسمي والبسيط إلا درجة التأنق والكي، والخروج بثوب غير مكويّ دلالة قذارة أو حاجة. سابقاً لم يكن الخروج بالسروال والفانيلة شائعا بل إن كونهما ملابس منزلية كان ذلك مقتصراً على فئات شعبية ومجموعات من العزاب أما اليوم فهو المقابل للجينز والقميص وهو تحول لافت في درجة الذوق ومعايير المسلك الاجتماعي، فإما أن يكون تمرداً ورفضاً غير مباشر للثوب خصوصاً أن التهمة تتجه إلى الشباب عموماً، أو أنه الخيار الوحيد للخلاص من الثوب دون نبذ الانتماء إليه. ظاهرة السروال والفانيلة مقتصرة على الرياض وضواحيها لأن ثقافتها ترى في البنطلون انسلاخاً وتغريباً بينما السروال جزء من الهوية أو امتداد لثوب النوم الذي دخل كل مكان فلم يعد ثمة مجال لثورة في الأزياء سوى اعتبار السروال والفانيلة «كاجوال» سعودياً يعمق الخصوصية ويقلص النفقات ويحافظ على وحدة اللون ويستثمر الوقت الضائع في تبديل الملابس. السروال والفانيلة ليس مجرد زي بل هوية ثقافية سواء أكان القصد الراحة أو الإغواء أو التمرد أو حتى الكسل والاستخفاف. أبو سروال وفانيلة…

آراء

«شبك» وأخواتها: هذيان على حواف المعنى

السبت ٢٦ يناير ٢٠١٣

تتزايد في لغتنا اليومية استخدامات كلمة «الشبك» وأخواتها مثل «التشبيك» و»الشبوك» و»شبّكها» أو «بيشبكها». ويعكس هذا الحضور المتزايد للكلمة ومشتقاتها حضوراً مجتمعياً كبيراً لمعنى واحد متفرد للكلمة في الاستخدامات اليومية. فالاستخدامات الحالية للكلمة لا تحيل، مثلاً، إلى معاني شبك شخصين في علاقة حب، أو حتى عداء، كما في أغنية عبدالحليم حافظ «اللي شبكنا يخلصنا». كما أن الاستخدامات اليومية لهذه الكلمة لا تحيل إلى معاني الشبكات وتشبيك المؤسسات والبشر في منظومات تواصلية، كما هو الاستخدام الدارج في لغة تقنيات الاتصال، وهي لغة تمتلك خواص الاكتساح والغزو في كافة مجتمعات الأرض. بل إن الاستخدام الدارج الآن لكلمة شبك ومشتقاتها في لغتنا اليومية طرد من فضائه الدلالي كل المعاني المحتملة لهذه الكلمة مبقياً على معنى واحد وحيد كاسح مسيطر، ذاك هو تشبيك الأراضي وإحاطتها بالسياجات والعقوم سواء وسط المدن الرازحة تحت أزمات إسكانية خانقة أو في فيافي الجزيرة العربية وقفارها. ولقد أثار الحضور المتنامي لهذه الكلمة في المحكي اليومي اهتمامي وفضولي فطفقت أتتبعها بوصفها منتجاً محلياً خالصاً. أول ما تساءلت عنه هو سبب الشيوع المفاجئ لهذه الكلمة وحضورها الطاغي مؤخراً في محكياتنا وأحاديثنا. تساءلت: هل هو الحسد؟ هل غالبية المواطنين السعوديين تحسد القلة القليلة التي من الله عليها بنعمة تملك هذه الأراضي الشاسعة وسط البنيان وخارجه؟ ربما! فالمعدمون لا يخلون من نقائص الحقد…

آراء

في غيابي

السبت ٢٦ يناير ٢٠١٣

في غيابي الطارئ، لأسبوعين، عن الكتابة مرت على الأمتين السعودية والعربية بضعة أحداث جسام رفع الله عني أسبابها فرفعت عنها قلمي. من مدينتي سأبدأ سرد أحداث (الغياب) قبل أن تستيقظ الأمة من (الغيبوبة). أمين مدينتي يهدد مجلجلاً بمقاطعة هذه الصحيفة حتى كدنا نقول: ليته فعل. ولو أنني كتبت عن تهديده لقلت له: إن كان في الجعبة فعل يستحق أن تتحدث عنه فأمامك صحف جوبا والخرطوم. اختر أن تتحدث أينما شئت وخصوصاً عن أنباء التجديد والتعاقد لأنها الجديد الوحيد الذي يستحق أن تتحدث عنه. في غيابي أيضاً، خرجت وجوه الخيبة من كأس الخليج وكان اللافت الأبرز وهم يركبون (باص العودة) ليس إلا (لواقط) المايك على الآذان يستمعون فيها إلى ما لذ وطاب. كأنهم داخلون إلى (قهوة) لا إلى وطن بشعب وعلم. اختلط الأمر لدى رفاق الكابتن (ياسر) فلم يعرفوا الفرق ما بين جسر الملك فهد وبين (جسر اللوزية). في غيابي أيضاً، اعتذر القسم المعني بمجلس الشورى لهذه الصحيفة عن تزويدها بالسيرة الذاتية لبعض المعينين الجدد بالمجلس الموقر. الذين ذهبوا إلى الشيخ (جوجل) أيضا لقراءة السيرة الذاتية اكتشفوا أن فضيلته اعتذر لأن بضعة وعشرين عضواً جديداً ليس لهم من (نقرة) ولا اسم ولا رسم على كل هذا العنكبوت الإلكتروني الهائل. اكتشفت، وللمفارقة، أن ذات الشيخ (الجوجلي) الذي أنكر أسماء بعض أعضاء الشورى…

آراء

باليد التي تعطيك الورد يلتصق العطر

السبت ٢٦ يناير ٢٠١٣

راهب يبيع سيارته الفيراري كنت قد قرأت مؤخراً كتاب «الراهب الذي باع سيارته الفيراري»، للكاتب روبن شارما، وهي قصة خيالية عن ثري يملك الكثير ويصاب بأزمة قلبية مفاجئة، ويقرر بعدها بيع كل ما يملك والرحيل في رحلة بحث إلى حضارة قديمة، ليجد أجوبة لكثير من أسئلة حياته، ويرجع بعدها بشخصية صحية مختلفة، حاول الكاتب، من خلال كتابه، إرسال رسائل عن تطوير الذات، والهدوء الروحي الذي يجعل الإنسان يتصالح مع نفسه، بعيداً عن الصخب الذي يغطي حياتنا. نجح الكاتب في إيصال الكثير من الرسائل من خلال قصة خيالية بسيطة، وقد حقق الكتاب نجاحاً لافتاً بسبب محتواه الجيد وعنوانه المثير. أعتقد أنه من الصعوبة بمكان أن نترك ونبيع كل ما نملك ونهاجر في رحلة بحث، كما فعل بطل القصة، نحن مثقلون بالتزامات وأولويات تبطئ كثيراً من خطواتنا في طريق الحياة السريع، وأحد أكبر مشكلاتنا أن خياراتنا أحياناً ليست بأيدينا، وحريتنا مقيدة بحريات من حولنا، لا نقدر بسهولة أن نغادرهم أو يغادروننا، في رحيلك بعيداً لطلب حياتك وتركك لحياة ثانية خلفك بانتظارك، هذا الأمر يتطلب كثيراً من الأنانية وحب الذات، هناك الكثير من القسوة في أن تمضي وحيداً وتترك وراءك من ينتظرك، لكن لكل شيء في هذه الدنيا ضريبة ندفعها مقدماً حتى في النجاح! شؤون صغيرة.. تمر بها أنت دون التفات.. تساوي لدي…