آراء

آراء

الجحيم أن تكون وزيرا

السبت ٠٣ يناير ٢٠١٥

صاحب المنصب والجاه مغبوط من المحب ومحسود من الكاره. لكن بريق الصورة يتغير تدريجيا؛ إذ إن المسؤول الآن صار عرضة للنقد الشديد، إن لم يكن من خلال المنابر الرسمية؛ فإن ذلك يتم بالتأكيد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وأعرف جهات عدة، تولي الرصد الإلكتروني مكانة عالية، ليس من أجل الحساب والعقاب ضد الناقد، ولكن لأن هذه المواقع صارت أداة من أدوات قياس الرأي العام، والتعرف على الصورة النمطية، والسعي إلى تحسينها. شاركت قبل فترة في ورشة نظمتها إحدى المنشآت حول تحسين الصورة. قلت لهم أولى الخطوات أن تعيدوا صياغة خطابكم الإعلامي بشكل يجعلكم قريبين من الخبر والشائعة، حيث تتفاعلون مع الحدث بشكل مباشر، ولا يتم تأجيل الموضوع باعتبار أن الدوام انتهى وصاحب الصلاحية نائم. لم يعد الوزير يهنأ باله بعسل المنصب؛ إذ إن الأشواك تصادفه في كل لحظة. وهناك أناس يعتقدون أنهم صناع حلول، ويتحولون إلى ممارسة الافتراس لأن هذه الوزارة أو تلك لا تتجاوب مع ما يطرحونه. والوزير أحيانا يمارس صمتا مستفزا بالنسبة للناقد، لكن لسان حال هذا الوزير يقول "في فمي ماء" فهو لا يجرؤ أن يقول إن زميله الآخر في الوزارة يعطل جزءا من خطط الوزارة، لأن صلاحياته تتوقف عند جزئية معينة، ولا يمكنه تجاوزها حتى يوافق الوزير الآخر. كثيرة هي المشاريع التي يتم إجهاضها، لأن الصلاحيات…

آراء

البترول وفريضة التغيير

السبت ٠٣ يناير ٢٠١٥

يوجد دائما أسوأ من الأسوأ في العقول، والسلوك وطبائع النفوس، كثير منا تحول من العبادة بالظاهر إلى العبادة بلا معنى، حتى غار ضميره، ومات قلبه، وتصاغرت فيه الرحمة، وكثير منا تحول من مخافة الحرام إلى خوف العيب وقلق الفضيحة، هذا التحول الذي يرتكز على خصلة مخافة الناس وعدم الخوف من الله أو النظر إليه. وكثير منا تحول خلال ثلاثة عقود فقط من "مستهلك" إلى "مُهلك" يعبر المسافة الفاصلة بين الاستهلاك الطبيعي إلى الإهلاك العبثي المتعمد، المتهتك.. بطرت معيشتهم، تباعد السلوك فيهم حد الطغيان، وكفران النعمة، والتهاون بها، واليقين بالدوام وثبات الحال "وما أظن أن تبيد هذه أبدا". التحول للأسوأ يحدث قريبا من كل واحد فينا، يحدث فينا، أو يحدث بسببنا، دون أن نشعر، أو ربما دون وعي، أو لتلك الأسباب المتصلة بخصال المترفين، التي يأتي في أولها، أنهم أنساهم الله أنفسهم، نسيان بصيرة الذات نسيان هديها، سبيل رشادها، خيرها وزكاتها وصلاحها. أن ينسى المجتمع نفسه يعني أكثر مما نعتقد، أو أكثر مما نتصور إنه مكلف جدا. وخسائره باهظة جدا. 200 مليار ريال قيمة الطاقة الكهربائية المهدورة في دول مجلس التعاون سنويا! بما يكفي لغنى الفقراء ورفع حرمانهم، وكفاية حاجتهم. وبناء منازل فارهة لهم، وبناء مستشفيات ومدارس ومصانع عملاقة وضخمة. فقط من خلال قليل من الرشد والحس بالمسؤولية التي يتمانع الجميع…

آراء

عرض شديد الروعة في برودواي وإشارة مخيفة

الجمعة ٠٢ يناير ٢٠١٥

أفضل أنا وابنتي أن نقوم برحلة سنوية إلى مدينة نيويورك لمشاهدة عروض برودواي. تمتعنا بوقت جميل خلال الأيام القليلة الماضية عند مشاهدتنا لبعض الأعمال الكلاسيكية الناجحة، مع مشاهدة «استعراض عيد الميلاد» في قاعة «راديو سيتي هول». لكننا لم نكن مستعدين لحضور استعراض غنائي قررنا مشاهدته في اللحظات الأخيرة بناء على أبحاث ابنتي على أرض الواقع. سيتم إغلاق هذا العمل الإنتاجي الأسبوع المقبل رغم أنه رائع، بعد مرور شهرين ونصف الشهر فقط على بدء عرضه في برودواي. يدل هذا، في تأكيد على نظرة اقتصادية قديمة بشأن الإشارات والمعلومات غير المتكافئة، على الكثير بشأن قوة العلامة التجارية على حساب الجودة في هذا العالم الغريب الذي نعيش فيه. العمل عنوانه «عرض جانبي»، مقتبس من قصة حقيقية عن ديزي وفيوليت هيلتون، وهما توأمتان ملتصقتان اكتشفهما وكيل أعمال كان في زيارة إلى عمل «عرض غريب» في ولاية تكساس. وفي محاولة منهما للتخلص من أغلال حياة الاستغلال الفظيعة التي يحدق خلالها الناس في شكلهما الغريب، رحلت الفتاتان عن تكساس من أجل أن تصبحا نجمتين غنائيتين ومشهورتين على مستوى البلاد. يشاركنا هذا العمل الإنتاجي، من خلال أغان ورقصات قوية وجذابة، في الارتفاعات والانخفاضات التي تواجهها التوأمتان. فهو يولي اهتماما خاصا للإجابة عن سؤال يتمثل في: هل يمكنهما من خلال الموهبة والعمل الشاق الهروب من نظرة المجتمع ومعاملته…

آراء

هل تتغير طبيعة الدين؟!

الجمعة ٠٢ يناير ٢٠١٥

عادت الصحف الأميركية والأوروبية لبحث أسباب قوة «داعش»، وأسرار جاذبيته في أوساط شبان العرب والمسلمين في بلدانهم وفي المهاجر. وهذه العودة أو الرجعة تشبه ما كان الاستراتيجيون ومسؤولو الدول الغربية قد صاروا إليه في عامي 2004 و2005.. يومها ذهب رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي في فترة بوش الأولى، إلى ضرورة شن «حرب أفكار» على «القاعدة» وبناتها، باعتبار أن الحروب العسكرية على الإرهاب ليست كافية للقضاء على الظاهرة. ومثل هذا النقاش يعود الآن للجريان والسريان؛ إذ بعد قرابة الستة أشهر من الحرب العالمية على إرهاب «داعش»، ما بدا أن تنظيم الدولة قد ضعف، كما أن جاذبيته ما تراجعت لدى مقاتليه أو لدى متابعيه والمنجذبين نحوه على وسائل التواصل. ما سر قوة «داعش» المعنوية وليس المادية؟ القوة المادية للتنظيم والتنظيمات المشابهة مثل «حزب الله» اللبناني معروفة؛ فلدى «داعش» موارد مادية كبيرة من حقول النفط والغاز التي استولى عليها، ومن وسائل الابتزاز والفدية، ومن استغلال المحاصيل في النواحي التي سيطر عليها، ومما استولى عليه من موارد الدول في سوريا والعراق. والموارد المادية هذه يمكن إضعافها إلى حد كبير، كما حصل في قصة «تجفيف منابع وموارد الإرهاب»، طوال عقد ونصف العقد. أما التنظيمات الشيعية؛ وأبرزها «حزب الله»، فإن مواردها من إيران، ومما استولت وتستولي عليه في البلدان التي تسيطر فيها. وهذه الموارد يمكن إضعافها أيضا،…

آراء

من غطفان إلى المدير!

الجمعة ٠٢ يناير ٢٠١٥

نقض يهود بني النضير عهدهم مع رسول الله وحاولوا قتله، فاضطر عليه الصلاة والسلام إلى محاصرتهم وطردهم خارج المدينة المنورة. لم يسكت بنو النضير على هذا الهوان، فجمعوا القبائل في جيش واحد (الأحزاب) لغزو المدينة، وهنا حدث هذان الموقفان: الموقف الأول: الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يجمع صحابته ويشاورهم، فيقول الصحابي الجليل سلمان الفارسي: يا رسول الله، إنا كنا ــ بأرض فارس ــ إذا تخوّفنا الخيل، خندقنا علينا، فهل لك يا رسول الله أن تخندق؟ فأعجب رأيُ سلمان المسلمين. وحينذاك قال المهاجرون: سلمان منّا، وقالت الأنصار: سلمان منا، فقال رسول الله: «سلمان منّا أهل البيت». الموقف الثاني: عندما اشتدّ الحصار طلب رسولنا الكريم مفاوضة قبيلة غطفان للانسحاب من الأحزاب، بشرط أن يدفع لهم ثلث ثمار المدينة لمدة عام، فوافقوا، إلا أن الحبيب محمداً لم يوقّع على الاتفاقية مباشرة، بل نادى أصحابه ليستشيرهم، فقال السعدان (سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة): يا رسول الله، أمراً تحبه فنصنعه، أم شيئاً أمرك الله به لابدَّ لنا من العمل به، أم شيئاً تصنعه لنا؟ فقال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنعُ ذلك إلا لأني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردتُ أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمرٍ ما، فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد…

آراء

الحلاق «عظيم»

الجمعة ٠٢ يناير ٢٠١٥

لدى ابن عمي صديق اسمه عبد اللطيف. تربط هذا الرجل علاقة وثيقة بحلاق هندي يدعى عظيم. تمتد هذه العلاقة إلى نحو 20 سنة. لا يحلق عبد اللطيف إلا عند عظيم. إذا طال شعر عبد اللطيف وأصبح أشعث أغبر اكتشفنا أن عظيم يقضي إجازته السنوية عند أسرته في الهند. فعبد اللطيف مؤمن بأن عظيم الوحيد القادر على إدارة تضاريس رأسه. فهو يرى أن الساعات الطويلة التي صرفها على رأسه جعلته الوحيد الذي يستطيع إخفاء عيوبه وشعره المتلوي في بعض أجزائه. فعندما يجلس عبد اللطيف على كرسي عظيم لا يترجل منه إلا بعد نحو ساعة أو أكثر. واصل صديق ابن عمي ارتياده لهذا الحلاق رغم تهكم رفاقه المستمر عليه وعلى العلاقة الغريبة بينهما. فكلما خرج من باب الاستراحة التي تجمعه مع أصدقائه قالوا له بصوت يكاد أن يكون واحدا: أكيد ستذهب للكوافيرة عظيم قياسا على الوقت والمبلغ الذي ينفقه في صالون عظيم. فلا يكتفي عبد اللطيف بدفع أجر الحلاقة، بل يمنحه في كل مرة يزوره فيها ما يقدر بنحو 100 ريال سعودي رغم أن التكلفة لا تتجاوز 20 ريالا أو نحوها في "صوالين" الحلاقة المجاورة. كان يردد عبداللطيف على مسامع أصدقائه المحتجين أنها نقوده وهو حر بها. وأن جل ما يهمه أنه يشعر بسعادة كلما نظر إلى المرآة بعد الحلاقة. قبل فترة…

آراء

الخيارات كلها الماء

الجمعة ٠٢ يناير ٢٠١٥

في أعلى مستوى للاهتمام، رعى الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد في الأسبوع الماضي، جائزة المياه التي تركز على تطوير الموارد وإيجاد الحلول، وهو أمر في غاية الأهمية إذا علما أننا من أفقر بلاد الأرض في المياه، ولدينا شعب هو الأكثر استهلاكا وهدرا للمياه، وكأنه على مورد غير ناضب، ومع هذا الفقر تتأخر الحلول لحد البطء، فكل منجزات التكنولوجيا الموعودة للمياه لم تخرج عن كونها مخترعات موصوفة، ولم تطبق بعد حلولٌ عملية مثل التحلية بالطاقة الشمسية غير الناضبة، أو التحلية بأسلوب أسهل من هذه الأساليب الصناعية المكلفة. تاريخيا تأقلم الآباء على شرب الماء القليل وإرواء زرع محدود لا يتعدى الكمية القليلة التي يزودهم بها المطر سنويا وتتسرب لآبارهم الجوفية، لكن الأجيال الجديدة لم تعد تحد من استهلاكها ولا ترشده، صار الماء لا يكفي مع هذا التوسع العمراني وتجمع معظم الناس في مدن كبيرة تاركين موارد قراهم ومناطقهم الزراعية ليرهقوا موارد المدن من الماء. بدأ التفكير في توفير المياه بشكل مستدام في العالم مع بدايات القرن الماضي، ففي 1930م بني سد هوفر العظيم، وفي الخمسينيات بني السد العالي في مصر، وهما ليسا أول السدود في التاريخ فقد سبقهما الكثير لكنهما الأعظمان، اللذان كان وراءهما هاجس أهمية الماء الحلو الصالح للشرب، واليوم تبنى في الصين قناة يزيد طولها على ألف متر لنقل…

آراء

العام الإيراني.. سوريًا

الخميس ٠١ يناير ٢٠١٥

نحن ندخل على عام يحمل معه ملفات الحروب الإقليمية، وتبقى القضية السورية هي قلب الأزمات التي تضخ الخطر إلى بقية المناطق. السبب ليس في النزاع بين الطرفين السوريين، الحكومة والمعارضة، بل لأنه صراع بين دول الشرق الأوسط. فإن نجح الإيرانيون في الإبقاء على النظام برئيسه بشار الأسد، سيكونون قد حققوا عمليا الاستيلاء على العراق وسوريا ولبنان. سوريا هي مفتاح أمن العراق. وتبعا لذلك، تكون إيران قد نجحت في فرض وجودها على منطقة الخليج، ومن الطبيعي أن تعترف الولايات المتحدة بالواقع الإقليمي الجديد، الذي يكون قد غير ميزان القوى القديم، الذي دام لعقود في المنطقة. والمثير أن انتصار الإيرانيين لن يتم من خلال المعارك العسكرية على الأرض، بل عبر المناورات السياسية. أما ميدانيا، فإن حليفهم، الأسد، لا يزال منذ سنتين محاصرا في العاصمة دمشق، ولا يبسط سلطته إلا على ثلث سوريا، وفي العراق وضع السلطة المركزية ضعيف، ومحكوم بدعم داخلي وخارجي. أما كيف يمكن لإيران أن تفلح سياسيا فيما فشلت فيه عسكريا، فإنه يعود إلى مشروع دبلوماسي من مناورتين؛ الأولى: إقناع الغرب بأنها تستطيع أن تواجه الجماعات المتمردة، مثل «داعش» في سوريا والعراق، وها هي إيران تشارك لأول مرة في تاريخ الجمهورية في القتال جنبا إلى جنب مع القوات الأميركية، في قصف مواقع «داعش»، وتقاتل بقوات وخبراء عسكريين على الأرض أيضا…

آراء

المتطرفون من ذهنية التحريم إلى قمع الاختلاف

الخميس ٠١ يناير ٢٠١٥

ذكرنا في المقال السابق كيف أن واقعة: خروج الشيخ أحمد الغامدي مع زوجته في الإعلام الفضائي كانت واقعة مفصلية/ استثنائية في سياقها، إذ تماسّت مع أكثر المسائل حساسية في وعي المجتمعات التقليدي (= قضية المرأة)؛ لأن المرأة في المجتمعات التقليدية المُتزمتة هي أقنوم المحرمات. وقد بقي كثير من النقاط التي سنحاول التفصيل فيها، بحيث نستكمل بها النقاط السابقة، مما هو في سياقها؛ ولا يمكن فصلها عنها. وهي – اختصارا – في النقاط التالية: 5- كنا قد أشرنا إلى كون تلك الخطوة الجريئة لا يمكن فهمها من حيث كونها تكشف عن الوعي المتأزم في مسألة كشف الوجه تحديدا (التي هي مسألة جزئية)، وإنما فهمها الأعمق يتحقق في التعاطي معها بوصفها مسألة استشكالية تكشف عما هو أكبر منها؛ مقارنة ببقية المسائل التفصيلية الأخرى، كما تكشف - من جهة أخرى – عن طبيعة العقل الفقهي السائد، وعن مستوى الوعي الاجتماعي، ومدى تقبّله للخلاف، الذي هو (= الوعي الاجتماعي) يتفاعل – جدليا - مع ذلك العقل الفقهي. فهي – في هذا السياق - مسألة كاشفة، مسألة قادرة على إضاءة أكثر العتمات عماءً في وعينا، وعلى أن تعري حقيقة تحيّزاتنا، من حيث مواقفنا العامة من التشدد ومن الاعتدال. كلنا كُنّا – ولا نزال – ندّعي الاعتدال في طرحنا الفكري، وفي ممارستنا العملية، ونغضب ممن يصفنا…

آراء

“جاروش” رأس السنة

الخميس ٠١ يناير ٢٠١٥

لغاية اللحظة لا أستطيع التمييز بين صوت "المطرب" الشهير إياه وبين "الجاروشة". والجاروش أو الجاروشة رحى لطحن القمح والحبوب وجرشه، ويصدر عنه صوت غليظ مزعج يشبه إلى حد كبير صوت ذلك المغني الذي يصر البعض على أن يسموه مطربا، والبون شاسع بينه وبين الطرب مهما تعصّر واحمرّ واصفرّ وتنفخت أوداجه وادّعى الاندماج. وضع صاحبنا يؤكد أن الغناء يكاد يصبح مهنة من لا مهنة له، ويشير أيضا إلى التردي في الغناء العربي وهبوط سوية الذائقة الجمعية، ولو نظرنا إلى الأجيال الغنائية التي ظهرت في العقود الأخيرة، لما وجدنا بينها من أثبت الجدارة لدخول تاريخ الفن العربي كالأصوات القديمة مما قبل سيد درويش وصولا إلى جيل عبدالحليم، مع وجود استثناءات تعد على أصابع اليد مثل: صباح فخري وطلال مداح ووديع الصافي وغيرهم، وإن كان هؤلاء أيضا مجايلين لمرحلة عبدالحليم. في السابق، لم يكن يصل سوى الأجدر والمتمكن موسيقيا والعارف بأسرار الموسيقى والمقامات، غير أن الحال تغير ليصبح كل من هبّ ودبّ يتسلق مادام الإعلام جاهزا لمساعدته، ومادامت الذائقة لم تعد تميز. ويروى أن محمد عبدالوهاب زار حلب قبل ثمانين عاما، وفي حفله الأول فوجئ بحضور يعد على أصابع اليد، لكنه اضطر للغناء بموجب العقد، وفي نهاية الحفل أخبره الحضور من موسيقيي و"سمّيعة" حلب ـ منهم علي الدرويش وعمر البطش ـ أنه نجح…

آراء

النفط الصخري يحرج المنتجين التقليديين

الأربعاء ٣١ ديسمبر ٢٠١٤

أحرج النفط الصخري الأميركي منتجي النفط التقليدي من دول منظمة «أوبك» ومن خارجها، هو النفط الأعلى كلفة وإنتاجاً وتصنيعاً في العالم. وأصحاب النفط التقليدي الأقل كلفة بفارق يقدَّر بأكثر من 50 دولاراً للبرميل لا يستطيعون أن ينافسوا هذا الضيف الثقيل الذي ينافسهم في أسواقهم التقليدية وهز عرشهم خلال فترة وجيزة. والجميع يخسرون لكن لا يعرفون متى الحل وكيف سيكون. النفط الصخري بأرقامه العالية أحرج المنتجين التقليديين بتكاليفهم المنخفضة. لكن كلفة استخراج النفط التقليدي من باطن الأرض إلى سطحه إذ لا تتجاوز ما متوسطه 17 دولاراً للبرميل، لا تلبث أن تقفز بعد تجاوز النفط سطح الأرض. وثمة أمر اتخذ أهمية قصوى هو رقم لا علاقة له بكلفة الإنتاج. هو السعر التوازني أي السعر المقدر لبرميل النفط في مشاريع الموازنات التي تعدها الدول المنتجة، الأعضاء في «أوبك» وغير الأعضاء من المستقلين. وبات السؤال التالي «كم يجب أن يكون سعر البرميل كي تحقق الدول المنتجة موازنات متوازنة؟» يتحكم في المستوى المطلوب لأسعار النفط. يتراوح السعر التوازني الحالي لدول «أوبك» بين 55 و124 دولاراً للبرميل، إلا أن المتوسط لغالبية أعضاء المنظمة هو في حدود 120 دولاراً للبرميل. وهذه هي الحقيقة المرة. ولهذا السبب يطالب أعضاء في المنظمة بخفض الإنتاج لترتفع أسعار النفط مرة أخرى إلى ما فوق 100 دولار. لكن الأسواق مشبعة بالنفط، بالإضافة…

آراء

الفكرة والأفكار والمفكر

الأربعاء ٣١ ديسمبر ٢٠١٤

تفسير قديم شائع لكل من يعمل بالتفكير، أو ينشغل بالفكر والأفكار، وهو أنه يعاني بشدة وأن هذه المعاناة لا بد أن تسلمه حقا للمرض. ولذلك يقولون في ريف مصر عن أي شخص يعجزون عن تشخيص مرضه، أنه مصاب بالفكر. أو عنده فكر. ويجدون سندا لذلك في الحدوتة الشعبية الشهيرة عن الهدهد وسيدنا سليمان. حدث أن سيدنا سليمان غضب غضبا شديدا على الهدهد لسبب لم تهتم الحدوتة بذكره، فاستدعاه وقال له بحدة: لقد عفوت عنك مرارا على الرغم من أخطائك الكثيرة، واستهانتك بأوامري وتعليماتي، لذلك سيكون عقابي لك مختلفا عن كل مرة.. ستتعلم هذه المرة معنى العقاب الحقيقي.. سأحرمك من النوم.. ستعجز عن الطيران، ستعجز عن المشي، سأرسل لك بالشيء الوحيد الذي تعجز عن مواجهته والذي يدفعك إلى الموت ببطء.. سأرسل لك بالفكر.. اتفضل.. مع السلامة. طار الهدهد مبتعدا، طار خارج المدينة، وقد أخذ «يفكر» باضطراب شديد في ذلك العقاب الذي سيلحق به، ترى.. ما هي طبيعة ذلك العقاب المسمى بـ«الفكر»؟ هل هو طائر جارح من فصيلة الصقور والنسور ينزل عليه بغتة من أجواز السماء العليا فيمزقه إربا إربا. أم هو حيوان من وحوش الغابة الغادرة القادرة على القفز عاليا واصطيادي من فوق الشجرة؟ أم هو من فصيلة الميكروبات والفيروسات سيتسلل من خلال تنفسي إلى جسمي ليدمره ببطء..؟ فزعه الناتج عن…