آراء

آراء

«اليوم العالمي للعربية» ليس للبكاء!

الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤

لم يسبق للعرب أن ذرفوا دموعا فياضة في رثاء لغتهم، كما فعلوا بمناسبة يومها العالمي. بدا وكأنهم وجدوا في هذه المناسبة متنفسا لينفثوا خيباتهم، وحزنهم ويأسهم كله دفعة واحدة في «لغة الضاد». مقال عن «المصريين الذين دمروا العربية»، آخر عن اللغة التي أصبحت «كالأيتام على مائدة اللئام»، وغيرهما عن «الفصحى التي تتعرض لأزمة غير مسبوقة»، هذا غير الحديث عن «التراجع المفجع» و«التحديات الكبيرة» و«وسائل الإعلام التي تدق إسفينا في نعش العربية» وانعدام مبادرات تبسيط النحو و«الهجرة العربية إلى لغات بديلة»، حتى ظننا أن العربية دفنت وأهلها انقرضوا. شحيحة الكتابات التي رسمت بارقة أمل، أو أضاءت على مبادرات عملية تسعى لسد الأبواب التي تأتي منها الريح. كانت لافتة، في هذا الخضم السوداوي أرقام مفرحة نشرها برنامج «أيام الإنترنت العربي»، ومن هذه البوارق السعيدة يجب أن نبدأ. فرغم كل النكران الذي يلقاه الحرف العربي، وعشق الشباب للأحرف اللاتينية وإصرارهم على استبدال أبجدية أجدادهم، ولجوئهم للكتابة بمختلف اللغات التي تعلموها، ها هي العربية السابعة على الشبكة الإنترنتية من ضمن اللغات الـ10 الأكثر استخداما، وهناك توقعات بأن تصبح الرابعة، خلال عام 2015، بل إن استخدام العربية نما بنسبة 2500 في المائة خلال عامين فقط، مما يعني أن العربية هي من بين اللغات الأكثر نموا رقميا. ومع ذلك فضلت إحدى الصحف أن تعنون تعليقا على…

آراء

فتوى تنطوي على مسوّغات علمانية!

الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤

هل فكر أحدنا ملياً في مضامين الفتوى الدينية السائدة، والتي تقول إن الإرهابي ليس كافراً؟ لا يتجه هذا السؤال إلى مدى صحة هذه الفتوى من عدمها وفقاً لعقيدة الإيمان وشروطها، ولا إلى أن عدم تكفير الإرهابي يلغي ضرورة قتاله. هناك ما يشبه الإجماع على ذلك، وكثيراً ما يستشهد في هذا السياق بموقف الخليفة الراشدي الرابع علي بن أبي طالب، وكيف أنه قاتل الخوارج، ورفض تكفيرهم في الوقت نفسه على رغم تطرفهم وجرأتهم على دم المسلم. لكن، إذا كان الأمر كذلك، فإن السؤال الذي يفرض نفسه في هذه الحال هو: هل يستقيم منطقياً عدم جواز تكفير المرء، واعتباره مؤمناً وهو إرهابي يستبيح دماء الناس لمجرد أنهم يختلفون معه سياسياً وفكرياً؟ من الواضح أن هذا يستقيم وفق منطق الفكر الديني. وهو ما رأيناه في مقالة الأسبوع الماضي التي بسطت فيها رأي شيخ معروف من السعودية هو صالح المغامسي، ورأي مؤسسة الأزهر في مصر. فالمغامسي يرى أنه لا يجوز تكفير أسامة بن لادن لأنه مات على التوحيد. يبدو أن الحكم على زعيم «القاعدة» لا يتجاوز أنه كان ضالاً أو عاصياً. من هنا، جاء مصطلح «الفئة الضالة»، وهو التسمية المستخدمة رسمياً في السعودية لوصف الإرهابيين. وهي تسمية جاءت من المؤسسة الدينية انطلاقاً من أنها تتبنى الرأي ذاته، وبناء عليه أخذت به الحكومة رسمياً. وترفض…

آراء

ما أكثر «الدواعش» بيننا.. والحل (….) !

الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤

يا له من مشهد مخيف بحمرة الدماء القانية التي تصبغه في كل بقعة من العالم، مثل شريط سينمائي من أفلام الرعب تتعدد صوره مثلما تتعدد ضحاياه. في أستراليا مسلم ذو سوابق جنائية يقتحم مقهى في سيدني ويحتجز زبائنه رهائن لمدة 16 ساعة، ثم يقتل منهم اثنين ويصيب آخرين ويبث الخوف في المدينة. في بيشاور تذبح «طالبان باكستان» أكثر من 100 طالب ومعلم داخل قاعات مدرستهم. عشرات القتلى في العراق بيد الجهاديين والمتطرفين. «داعش» يعدم 150 امرأة في الفلوجة ويقتل10 أطفال بعد تهجير عائلاتهم.تفجيرات وأشلاء بشرية في سورية تمزّقها بنادق متطرفي «داعش» و«النصرة» وقوات «نظام الأسد» والعالم يفشل في حمايتهم. إرهاب «بوكوحرام» في نيجيريا، وآخرها خطف 191 امرأة وطفل وقتل 35 شخصاً بهجوم على قرية غومسوري النائية. وفي الصومال تنفّذ جماعة «الشباب الإسلامي» أعمالاً إرهابية وآخرها ذبح 22 راكباً في باص. في اليمن، انتحاري من عناصر «القاعدة» يفجّر حزامه الناسف قرب باص تلميذات مدرسة ابتدائية، فيقتل 20 تلميذة. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2013 انتحاريو «القاعدة» يقتحمون مستشفى العرضي العسكري ويقتلون 56 طبيباً وممرضاً ومراجعاً ويصيبون 176 شخصاً. وفي السعودية، «داعشيون» يقتلون 9 مواطنين ويجرحون 19 شخصاً في قرية الدالوة بالأحساء (شرق المملكة). وفي قرية تابت في دارفور (غرب السودان) جنود الحكومة «الإسلامية» يقتحمون المنازل ويغتصبون 200 امرأة. من لا يموت بأسلحة…

آراء

وقفات حربية

الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠١٤

يعد الإمام محمد بن الحسن الشيباني، صاحب ومعاصر الإمام أبي حنيفة، وناشر مذهبه، أول من أفرد مؤلفات خاصة للعلاقات الدولية في الإسلام، وله في هذا الموضوع كتابان مشهوران هما: (السير الصغير) ثم (السير الكبير)، وضع فيهما أسس العلاقات الدولية في حال السلم والحرب، وحدَّد علاقة أهل الذمة بالمسلمين، وما يخصهم من أحكام، ونظَّم حالة السلم، وفصَّل الكلام عن سياسة الحرب في الإسلام، وأحكام المعاهدات، والصلح وغير ذلك مما يبحثه علماء القانون الدولي اليوم. شروحات كثيرة ورصينة ظهرت للكتابين، أكدت صحة تلقيب الإمام الشيباني برائد القانون الدولي، وأكدت أيضا قيمة الجمعيات الكثيرة التي أنشئت في الغرب من أجل إظهار آراء الإمام، ونشر مؤلفاته المتعلقة بأحكام القانون الدولي الإسلامي.. في الرياض، وبدعوة كريمة من سمو رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية الأمير تركي الفيصل، سعدت قبل أيام بحضور حلقة نقاش مركزة بعنوان (تقاليد الحرب في ضوء الشريعة الإسلامية، وتطبيقاتها في الصراعات المعاصرة)، للتحضير لعقد مؤتمر قريب عن (الإسلام ومعايير النزاع) دعت إليه (جامعة سيراكيوز) بنيويورك.. الحلقة أسهمت فيها مجموعة من المؤسسات العلمية الرائدة -المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية، ومعهد الولايات المتحدة للسلام، ومعهد الأمن القومي ومكافحة الإرهاب-، وحضرها مجموعة من هيئة كبار العلماء في المملكة، ومجموعة من المفتين في الدول العربية، ونخبة من الباحثين. افتتاح الحلقة وضح…

آراء

فكّر قبل أن تحكم

السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤

هرع أحد الأطباء إلى المستشفى فور تلقيه اتصالا هاتفيا لإجراء عملية جراحية عاجلة. وحينما وصل وجد والد الطفل المريض ينتظره في الممر وقد انتفخت أوداجه فصب على الطبيب جامّ غضبه، وقال بصوت مرتفع: «لماذا تأخرت يا دكتور! ألا تعلم أن حياة ابني في خطر، أليس لديك ذرة شعور بالمسؤولية!». صدم الدكتور، لكنه ابتسم ابتسامة صفراء واعتذر، ثم قال للأب: «لقد كنتُ خارج المستشفى وجئت بأقصى سرعة، فأرجو أن تهدأ وتطمئن حتى أؤدي واجبي على أكمل وجه». رد الأب غاضبا: «أهدأ؟! لو كان ابنك في مكان ابني لما تصرفت بهذا البرود.. ما شعورك حينما يلقى ابنك حتفه وهو ينتظر حضرة الطبيب يصل متأخرا إلى غرفة العمليات!». ابتسم الطبيب مجددا وقال: «لا تقلق، سنبذل قصارى جهدنا لإنجاح العملية، ولا تنس ابنك من صالح دعائك». أطلق الأب تنهيدة غاضبة وهمهم بكلام غير مفهوم نمّ عن امتعاض شديد. استغرقت العملية بضع ساعات. ثم خرج الطبيب وقد تهللت أساريره، وقال للأب: «أبشرك؛ لقد نجحت العملية وصحة ابنك على ما يرام». لم ينتظر الطبيب رد الأب فمضى وهو يقول: «إن كان لديك سؤال فيمكن للممرضة أن تجيبك». الأمر الذي فاقم من غضب الأب، فالتفت إلى الممرضة، وكانت تتابع كل المشهد منذ البداية، فقال لها: «ما هذا الغرور؟! ألا يقف ويتأكد إن كان لدي أسئلة معينة». فاغرورقت…

آراء

لماذا تنتحر الحضارات الجميلة؟

السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤

أول شيء صفعني في وجهي ما إن دخلت المكتبات الفرنسية مؤخرا، كتاب ضخم يحمل عنوانا عريضا بالخط الأحمر اللافت للنظر فورا: «الانتحار الفرنسي»! قلت بيني وبين نفسي: يا سبحان الله هم يتحدثون عن الانتحار الفرنسي رغم غناهم وتفوقهم في شتى المجالات فماذا يمكن أن نقول نحن إذن؟ من سيؤلف كتابا ضخما بعنوان: الانتحار العربي أو التفكك العربي أو الانهيار العربي؟ لكن دعونا من هذه المقارنات البائسة وغير المجدية لسبب بسيط هو أن المقارنة ممنوعة هنا. لماذا أيها الفطحل؟ لأنك ينبغي أن تقارن المتفوق مع المتفوق والمتخلف مع المتخلف، أي فرنسا مع ألمانيا أو إنجلترا وليس فرنسا مع العرب أو العجم. إنهم يرفضون أن نُقارن بهم حتى ولو على سبيل الانتحار! في البداية رفضت شراء الكتاب عندما عرفت أن صاحبه هو مجرد صحافي وليس مفكرا مشهورا أو أستاذا جامعيا كبيرا. ثم مرت الأيام والأسابيع وأدركت فجأة أني لا أستطيع أن أتحاشاه مهما فعلت. في كل مرة أجده أمامي في واجهة جميع المكتبات التي زرتها. لكأنه يلاحقني من مكان إلى آخر. ولكني قاومت وقاومت حتى استسلمت في آخر لحظة فاشتريته من مطار أورلي قبل مغادرتي لفرنسا بـ5 دقائق فقط! قلت يا رجل لماذا لا تتصفحه وتطلع على أطروحته؛ فقد يكون فيه شيء مفيد ومثير للتأمل والاعتبار؟ صحيح أن فلسفة التاريخ العميقة ليست…

آراء

دوران العالم.. حول النفط

السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤

في المنتدى الاستراتيجي العربي 2014 كان النفط هو البطل الحقيقي أو المتحدث الرئيسي وليس فوكوياما ولا كروجمان ولا غيرهما من المتحدثين الأجلاء. لماذا؟ لأن النفط لا زال عصب الاقتصاد وسيبقى كذلك حسب الدراسات المستقبلية إلى أكثر من قرن قادم على أقل تقدير، وهو ما يعني عدم التسرع في إطلاق الأحكام الجزافية على هذه الطاقة المستدامة في كل العالم. فالنفط بحد ذاته قصة حضارة مستقلة، لأن الأمر لا يتعلق بسعر البرميل انخفاضاً وصعوداً، بل بما ترتب على هذه الأغلى حتى الآن من الذهب والفضة وجميع المعادن الثمينة الأخرى على وجه المقارنة العامة. فالنفط ومشتقاته ليس بترولاً ولا ديزلاً ولا زيت تشحيم، بل هو أكثر وأكبر من ذلك أهمية، والناظر إلى عصر ما قبل النفط وما بعده لابد أن يقف احتراماً أمام هذه النعمة الربانية العظمى بالمطلق. فالعالم أجمع على أتم الاستعداد لخوض الحروب تلو الأخرى لو أن أحداً مسّ هذه الطاقة الفاعلة قيد أنملة، لأن الحروب سبب رئيسي في زيادة أسعارها ووقفها يعين على مدى استعداد ذلك لترسية سبل الأمن والأمان والاستقرار من أجل ضمان تدفق هذه السلعة المنقطعة النظير في فوائدها الجمة سواء في المأكل أو الملبس أو حتى في أعلى سلم الرفاهية للبشر. وإلى هذه الساعة ليس هناك مصدر للطاقة أرخص ولا معجزة اقتصادية أكبر منها فالقاصي والداني يستفيد…

آراء

كشف الوجه.. قرار سياسي!!

السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤

فاجأني ابن أختي في المرحلة المتوسطة طارحاً هذا السؤال: لماذا النساء يكشفن الوجه في جدة دون مشكلات أو مضايقات بينما في عرعر تعد جريمة ويتم ملاحقة النساء لتغطية الوجه! ثم هجم عليّ بسؤال تكميلي آخر قائلا: هل النظام في جدة يختلف عن بقية المناطق! ساق هذه الأسئلة بعد موجة الأسبوع الماضي بعدما خرج الشيخ أحمد الغامدي مع زوجته كاشفة الوجه طارحاً ومؤيداً ما يقتنع به من أدلة وبراهين تؤكد جواز كشف الوجه.. أجمل ما في موضوع الغامدي أنه طبق ما يعتقد به في موضوع ذي حساسية عالية في المجتمع.. سواء كنا مع أو ضد إلا أن الرد المتزمت والمتشدد جاء كعادته ناسفاً أي مبدأ للرأي الآخر ووصل الأمر بطلب التأديب والتعذيب والنيل حتى من شرفه شرفه وهذه ليست من صفات أهل العلم! من لديه أدلة وبراهين تعارض ما لديه فليطرحها بعيداً عن التشنج والتطرف؛ لأن المسألة خلافية خصوصاً بالمقارنة مع أكثر من مليار مسلم حيث نجد أن السعودية تمثل أقل نسبة! فالملك عبدالله -حفظه الله- يستقبل المواطنات السعوديات وهن كاشفات الوجه ونشاهدهن في التليفزيون ويختلطن كاشفات في مجلس الشورى والمستشفيات؛ بل لدينا رائدات مثل الأميرة لولوة الفيصل وبسمة بنت سعود والدكتورة خولة الكريع وغيرهن فلماذا لا ينكر عليهن ذلك بينما الأخريات ممنوعات!! أعود لسؤال ابن أختي لأقول له إنني لا…

آراء

في الهجوم على الغامدي .. حشفاً وسوء كيلة

السبت ٢٠ ديسمبر ٢٠١٤

لا تستطيع إلا الإعجاب وأنت تشاهد الشيخ أحمد الغامدي الرئيس السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة يظهر مع زوجته الكاشفة لوجهها في برنامج بدرية البشر على شاشة «إم بي سي». فالرجل يعرف أنه يضع يده في نار أشعلها المتطرفون منذ عقود ولا يزالون. غير أنه -ومهما قالوا عن أسبابه- أبلغنا رسالة عميقة مفادها بأن هناك ما هو أقوى من أضعف الإيمان. الشيخ الشجاع لم يفكر بغضب الأوصياء على الدين أو قبيلة «ما» أو عادات لم يأمر بها الله من سلطان، بل إنه وبقناعة مستمدة من التاريخ الإسلامي أيقن أنه على حق، فأقدم على الظهور بعد دعوته من البرنامج، من دون تردد، فلِمَ يخاف وهو لم يُغضب إلا من عشعش الجهل في حياته؟ في المقابل كل الهجوم الذي تلقاه الشيخ بسبب هذا الظهور يثبت للمرة الألف أن هناك الكثير ممن لا يؤمن بالاختلاف، وأن كثيراً منا قد سلَّم عقله رهينة لمن هم كثيراً أدنى منه في سلم الوعي، لمجرد أنه ملتزم بإطار الدين المتشدد، على رغم مخالفة ذلك للشواهد الكثيرة التي نقرأ عنها في سيرة سيد البشر محمد -صلى الله عليه وسلم- أو صحبه الكرام، وكيفية تعاملهم مع زوجاتهم أو بناتهم أو أخواتهم. قبل أعوام الشيخ الغامدي نفسه وفي حديثه عن الاختلاط، حاول بعض الشباب الذهاب إلى بيته…

آراء

افتروا.. فقالوا.. وَجْهُكِ عورة

الجمعة ١٩ ديسمبر ٢٠١٤

منذ ادعت مدرسة الفقه والحديث بأن المرأة (عورة) والترّهات تتوالى والحقوق تنتهك.. إذ لا يتفق و(العورة) إلا أن تحبس خلف حجاب لا تَرى ولا تُرى، لذلك لم يكن صعباً على عقول التراثيين أن يؤسسوا لحجبها بحجة منع الاختلاط وسط فضيحة الكائن العورة، فكل إنسان يحمل هوية وجود حية لا يقبل اختلاطه بكائنات "عوراتية"، فالفضاء مفتوح له حيث يُعرَف ويُعَرَّف بهويته الأم (الوجه) بينما تظل هي خلف الأحجبة والأردية والأسوار محجوبة مسلوبة الإرادة والحقوق.. هذا باختصار مجمل تداعيات الكذبة الأم لمفهوم المرأة عورة في الحكاية "العوراتية"الغاشمة.. لقد نجحت مدرسة الفقه بدس سم الوباء "العوراتي" لتخلق أزمة علاقة مع المرأة؛ فتحبسها بين جدران أربعة وتسلب حقوقها إلا ماجاء عن طريق الصدقة.. فالذهن الذكوري الفقهي يدرك أن إخراج إنسانٍ من قائمة الإنسانية إلى قائمة العوراتية لابد أن تسيل بسببه الكذبات في حق "طبيعته وتكوينه وأخلاقه".. لذلك أسس لعقيدة قصور المؤنث ونقصانه وسلبيته واعوجاجه وبتأبيد قهري ممزوج بأباطيل الفتنة والكيد والشيطنة والخبث ليتم القبض على هذا الكائن الأنثوي وأسره مدى الحياة.. فتفننت مدرسة الفقه الحديثية في اعتباراتها الغاشمة ضد المرأة بالترويج لأحاديث تتصف بالشذوذ والنكارة بحسب نظرة أصحابها الأصلية كعرب أجلاف، متجاوزة منطق الأمور ومفاهيم الإسلام الكلية وآيات القرآن الواضحة التي تكرم المرأة وتهبها المساواة في أصل الخلقة والتكوين وفي التكاليف ومترتباتها ثواباً وعقاباً،…

آراء

كيف نجح الشيخ الغامدي؟

الخميس ١٨ ديسمبر ٢٠١٤

فداحة خسائر سوق الأسهم، وتدهور أسعار البترول لأول مرة منذ سنوات، وأنباء مجازر «داعش»، واعتداءات إرهابيين في الرياض ومحيطها، وحمى مباريات كرة القدم، كلها توارت في السعودية هذا الأسبوع أمام قصة واحدة. فقد ظهر الشيخ أحمد قاسم الغامدي مع زوجته كاشفة وجهها، على شاشة التلفزيون. وبالمقاييس المحلية، هذه تعتبر مثل قنبلة نووية وسرعان ما تحولت إلى قضية جدل لم يسكت بعد، انتشرت على كل المستويات والمنصات. وهي قد تبدو مسألة تافهة في أي بلد إسلامي آخر إنما هنا شكلت صدمة للغاضبين، ومفاجأة باهرة للمؤيدين، مؤكدة على انقسام حاد داخل المجتمع السعودي، الذي يموج بتيارات تعبر عن تنوعه. هناك من هدد بمقاضاته، لا أدري على ماذا؟ وهناك من اعتبره رائدا تحديثيا سيخلده التاريخ. والحقيقة الأكيدة أن الشيخ أحمد خض الشارع وخلط الأوراق من جديد، مع أن هناك الكثير قبله فعلوها لكنه رجل الدين الأول، وسبق له أن تولى مناصب دينية مؤثرة، وقبل تحدي خصومه الذين اتهموه بالنفاق ونصح الغير بما لا يستطيع فعله. وعلى برنامج الزميلة بدرية البشر، على «إم بي سي»، جاء برفقة زوجته متباهيا ومتحديا، ولم تسكت الساحات الإعلامية حوله بعد. والحقيقة أن الجديد ليس فقط في جرأة شيخ على تحدي الخط التقليدي، بل في الحرية التي مكنت وصول الرسائل الممنوعة، في شجاعة الإعلاميين، وفي قناعة بعض رجال الدين…

آراء

الإخلاص للثقافة إنجاز

الخميس ١٨ ديسمبر ٢٠١٤

حين تنكسر الرسميات في جلسة ما، ويتحول فيها الحوار إلى حديث مودة مشبعة بالهم الثقافي الذي يحمله الحضور جميعهم، فإن الثمار لا بد أن تكون إيجابية، والأفكار يفترض بها أن تأتي تلقائيا من الموجودين لتصب في نهر واحد يرفد فكرة النهوض والتطوير..  هكذا كانت الجلسة قبل يومين، ولم يكن حوارا عاديا ذلك الذي جمعني في مجلس مديرة ومؤسِّسة مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون السيدة هدى الخميس كانو في أبوظبي مع نخبة من الإعلاميين والأدباء مثل الإعلامي الدكتور سليمان الهتلان، ورئيس تحرير صحيفة "ذا ناشيونال" محمد العتيبة، والروائي سلطان العميمي، والكاتب والناشر جمال الشحي، والروائي سلطان الرميثي.. فالكلّ يريد للثقافة بفروعها وفنونها أن ترتقي أكثر، والصعود بالذائقة الجمعية قاسم مشترك لمعظم الرؤى التي أتت لتشكل لوحة حيّة تمازجت فيها الألوان والمدارس الفنية لتبلغ الغاية المنشودة التي أخلصت لها صاحبة الدعوة والمتمثلة في حوار الثقافات. ليس سهلا في هذا الزمن أن تكرس جهودك لفكرة صعبة، فعلى الرغم من سهولة التواصل مع الآخر غير أن حوار الثقافات مسألة معقدة لو نظرنا إلى البيئة المحيطة على مستوى المنطقة، فالتنظيمات المتطرفة تسيء لصورة مجتمعاتنا الشرقية، لذلك لا يعد أمرا سهلا اختراق الغرب بثقافتنا أو استضافة ثقافته لنتعرف عليها عن قرب كما تفعل مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون.. فرسالة المجموعة التي حدثتنا عنها السيدة "كانو" تأسست على مرتكزات…