آراء

آراء

دولة رائدة وإنجازات متواصلة

الثلاثاء ٠٢ ديسمبر ٢٠١٤

في الثاني من ديسمبر من كل عام لا تقتصر الفرحة على الاحتفالات باليوم الوطني، وإنما تسرح الذاكرة في شريط جميل منذ اليوم الأول الذي رفع فيه المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، علم الدولة إيذاناً بقيام دولة اتحادية، سيكون لها بعد سنوات قليلة شأن كبير في تحديد مسار الأحداث في المنطقة. ربما يعرف الجيل الجديد البدايات الأولى من خلال الكتابات والأحاديث والصور، لكن جيلنا الذي تابع الخطوات الوحدوية والجهود الكبيرة التي بُذلت أولًا بأول منذ بداياتها في عام 1968، يدرك جيداً حجم التحولات الهائلة التي حدثت في فترة زمنية قصيرة بفضل الإخلاص والإدارة الحكيمة والتفاني في العمل، في انسجام نادر بين القيادة وأفراد المجتمع. هذه التركيبة النادرة أفرزت إنجازات وتجربة تنموية رائدة نقلت اقتصاد بلد صغير إلى ثاني أكبر اقتصاد عربي وتجربة تنموية عالمية تقف إلى جانب أفضل وأنجح التجارب التنموية في العالم، تحولت معها المدن إلى مراكز جذب لكبريات الشركات وكبار المستثمرين بفضل تطور البنية التحتية والتسهيلات والمرافق التي تضاهي مثيلاتها في البلدان المتقدمة. وشريط الذكريات الجميل يدوّن تحول مطارات وموانئ الدولة من محطات صغيرة إلى أهم وأكبر المطارات والموانئ الدولية، والتي يصعب تصور وضع النقل الجوي والتجارة بين الدول بدونها، بعد أن تحولت الإمارات في ظل…

آراء

هل الشيعة محكومة أبديا بتعذيب الذات؟!

الثلاثاء ٠٢ ديسمبر ٢٠١٤

هل تبقى الشيعة محكومة، أبديا، بظاهرة الجلد وتعذيب الذات؟! سؤال كنت أطرحه، بمنطق الغرابة والحسرة، على أصدقاء أعزاء من شيعة مثقفين وعاديين، في دمشق وبيروت، كلما طفح أمامي موسم عاشوراء، بالدماء المتدفقة من الرؤوس الحليقة المشطوبة بالمدى والخناجر. والظهور المشقوقة بسلاسل الحديد. بشيء من الفكاهة «العلمانية» الممزوجة بخجل مريب، كان الأصدقاء المثقفون، ومعظمهم ينتسب إلى أحزاب سياسية «كافرة»، في تلك السنين الخوالي يجيبون بأن «أعراف» عاشوراء من لزوميات ما لا يلزم، ما دام أن هناك شيعة تشعر بندم تاريخي مزمن، على عدم نجدة وإنقاذ آل البيت، قبل كذا من مئات السنين. أما الصحاب الشيعة العاديون، فكانوا يجيبون بأن لولا محبة آل البيت لما كانت هناك شيعة. ثم يتحسسون رؤوسهم المشطوبة، وكأنهم يتأكدون أنها ما زالت موجودة، في زمن لم يكن، بعد، يعرف ظاهرة الرؤوس المقطوعة. تذكرني «خناقاتي» الفكاهية مع الأصدقاء الشيعة بـ«خناقة» الرئيس اللبناني فؤاد شهاب مع صديقه رئيس الحكومة صائب سلام. وقد رويت سابقا للقراء الأعزاء حكاية الجدل الذي كان يحتدم في مجلس الوزراء حول «حقوق» الطائفة الشيعية التي تعتبر نفسها مظلومة في التسوية التاريخية بين السنة والموارنة التي قام على أساسها استقلال لبنان، ولم يقعد بعدها. كان الرئيس الماروني يقول للرئيس السنِّي: «إذا كانت هناك حقوق للشيعة، فليأخذوها من السنّة». وكان صائب بيك يردّ ببلاغته المعهودة: «وماذا يعطي…

آراء

حيوية إماراتية متجددة في الملفات الصعبة

الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤

بالنسبة إلى العرب تبقى دولة الإمارات العربية المتحدة التجربة الاتحادية الوحيدة التي أصبحت صنواً للنجاح والتماسك والفاعلية، وبالنسبة إلى كثيرين في العالم، حكومات ومؤسسات وأفراداً، بات اسم الإمارات عنواناً مألوفاً للعديد من رموز المعاصرة والحداثة: التنمية، الاستقرار، والانفتاح. ورغم سخونة موقعها الجيوسياسي والاضطرابات القريبة منه، لم تتوقف الإمارات عن إكمال مسيرتها خطوةً خطوة، ومشاريع تلو مشاريع، مؤكدة بذلك جملة من المبادئ: السلمية الأصيلة المربكة لأي خصوم، الوسطية التلقائية المحصّنة من أي غلو، التنمية المستدامة التي تتلمسها فئات المجتمع كافةً في الداخل، والاستعداد الإيجابي للتعاون مع الخارج في كل ما يخدم أهداف السلم العالمي. البلد الذي يستطيع أن يعيش الفكرة والصورة اللتين يريدهما لنفسه، هو بلا شك بلد محظوظ جداً بمقاييس هذه الأيام، ولكي يتأمن له ذلك لابد من تضافر عناصر عدة، أبرزها: حكم رشيد تملك قيادته رؤية لمسار البلد، وشعب تتماهى طموحاته مع تلك الرؤية التي لا تنفك تفاجئ نفسها بل تتخطاها. ولا يختلف اثنان على الروح المستقبلية الفذة التي أشاعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولا على الاستمرارية اللافتة والمتجددة التي تسم عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وتعطي مؤشرات ثابتة إلى أن الإمارات لا تعيش ليومها بل باتت تعيش الغد وبوتيرة متسارعة إلى حد يفاجئ مواطنيها والمقيمين فيها. في اليوم الوطني الثالث والأربعين لدولة…

آراء

السعودة ضارة.. ننصحك بالابتعاد عنها

الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤

الواقع أننا نحن العرب مجرد رقم هامشي أو مجرد مستهلك لمعظم مقومات المدنية الحديثة، وهذا نتاج كوننا لم نسهم في إبداع وخلق أسس هذه المدنية، وعليه وجب دائماً وبداية أن نعود للمبدع الأول أو للصانع الأساس لنتعلم منه ونحتذي نهجه، ثم لاحقاً يمكننا أن نضيف إلى ذلك شيئا من هويتنا أو ذائقتنا أو خصوصيتنا. أقول هذا الكلام توطئة للدخول في جدلية وجدارة الدعوة للسعودة التي تخرج رأسها كلما دار الحديث عن البطالة والعطالة بين شبابنا. وأنا هنا لو قلت رأيي بوضوح فإنني كمن يفتح على نفسه عش الدبابير، لكنني رغم كل شيء سأقول بوضوح وصراحة لا أداهن فيها: إنني ضد هذه الشوفينية المستعرة، وإنني مع أحقية المواطن المقتدر بالوظيفة، لكن الاقتدار لا يتوفر للجميع إلا بالتدريب والمحاكاة وهذه لا يقدمها ولا يتقنها إلا أولئك السابقون في مدارج التنمية والمدنية، وهم في الأعم الأغلب من غير السعوديين بل ومن غير العرب، وهذا هو الذي يعزز عندي الحاجه إلى إيكال كثير من مشاريعنا التنموية إلى الإدارة الأجنبية التي أتقنت وأحسنت في بلادها بالقدر الذي يدفعنا للاستعانة بها في إدارة كثير من قطاعاتنا الخدمية، ثم يصار في هذه الأثناء إلى تدريب أبنائنا على رأس العمل من خلال وجود هذه الطاقات الإدارية الخبيرة. لقد كانت مصر سباقة في تمدنها وتنميتها العصرية الحديثة، وكان انعكاس…

آراء

هل الحكومة جادة في مكافحة الفساد؟

الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤

أعتقد أن الهاجس الأول للمواطن السعودي هو الفرق بين الصرف الهائل على التنمية، وهزالة المخرجات الحقيقية للتنمية على المستوى المعيشي. إذا كان الهاجس الأول هو هذا، فإن الهم الأول للمواطن هو الحصول على السكن الملائم، بما يحفظ كرامته وأسرته وصحته وراحته النفسية. هذا الهم يتشارك فيه على الأقل ثلاثة أرباع المواطنين السعوديين. الحديث عن الهاجس الأول والهم الأول للمواطن السعودي هو أهم قضية ويجب البحث فيه مراراً وتكراراً حتى يوجد الحل، كما أن البحث فيه يقود حتماً إلى الحديث عن الفساد المستشري الذي يعقّد الأمور ويجعلها مستعصية على الحلول رغم توفر السيولة المالية، على الأقل حتى الآن. الاستعصاء على الحلول سببه الأول والوحيد هو استعصاء رموز الفساد الكبار على التوقيف أمام القضاء الشرعي للمساءلة وإنزال العقوبة المستحقة واسترداد المسروقات. أصبحت كلمة «رموز الفساد» أكثر كلمة متداولة في المجالس السعودية. المشكلة هي بقاء رموز الفساد بدون أسماء، وفي وضع يشبه وضع نائب الفاعل والمبني للمجهول في اللغة العربية. تعلمنا في الابتدائية أن نائب الفاعل يبقى دائماً مرفوعاً، لأنه يقع بعد فعل فاعله مجهول. تخرجنا من الثانوية والجامعة والدكتوراه، ولا يزال وضع نائب الفاعل والمبني للمجهول كما هو. للتذكير فقط، يُعرب نائب الفاعل في النحو العربي بطريقة المبني للمجهول، فيكون مرفوعاً دائماً بالضمة الظاهرة على آخره. لا بأس، لكن الذي تخفيه القواعد…

آراء

الاتحاد..رمز التلاحم في مواجهة التحديات

الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤

لطالما ظلت التجربة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً ونموذجاً لأولئك الباحثين عن التجارب الاتحادية الناجحة في المنطقة. وبات المنظرون والمفكرون يتخذون من هذه التجربة مقياساً ومؤشراً في دراستهم للتجارب الوحدوية الأخرى. ونحن بدورنا وفي خضم احتفالاتنا بعيدنا الوطني الثالث والأربعين يتوجب علينا أن نعود من جديد وننظر إلى تجربتنا الاتحادية لنستخلص منها تلك العوامل التي أسهمت في تدعيم ذلك الاتحاد وديمومته الممزوجة بالتطور في جميع المجالات. ولعل أولى تلك العوامل التي أسهمت بداية في ظهور هذا الاتحاد بعد توفيق الله ورحمته لهذا الشعب هو وجود شخصية ذات توجهات وحدوية لديها إيمان راسخ بأهمية الوحدة والاتحاد، إنه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، الذي يقول عن الاتحاد «إن الأصل هو الوحدة، أما التجزئة فهي الاستثناء المؤقت وغير الدائم»، وبالتالي فـ«الاتحاد هو طريق القوة وطريق العزة والمنعة والخير المشترك». العامل الثاني هو وجود قناعة ودعم من قبل المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم. فجاء ذلك الاتحاد بين إمارة أبوظبي ودبي ليكون نواةً ودافعاً ومحفزاً قوياً باتجاه انضمام بقية الإمارات الأخرى لهذا الاتحاد. يقول في ذلك طيب الله ثراه «هذا الحلم الجميل الذي بدأ في قرية السميح باتفاق بين دبي وأبوظبي على التنسيق في الشؤون الأمنية والخارجية، والدفاع وتوحيد الجوازات، صار…

آراء

العائدون

الإثنين ٠١ ديسمبر ٢٠١٤

غريبة خريطة «هذه» الطريق: إيران تسعى إلى العودة إلى الإمبراطورية الفارسية وأيام داريوس الكبير، وتركيا تسعى إلى العودة إلى أيام الإمبراطورية العثمانية والسلطان سليم والسلطان سليمان «القانوني». والمتطرفون يريدون العودة إلى العصر الحجري. والشعب العربي وحده خارج من بلدانه تاركا أرضه، لا يعرف أي قنابل يرد وأي خناجر يتقي، بعدما انتقلنا من عذر خناجر الصدور. لم نعد أكثر من موضوع على جدول أعمال. استقالت مفوضة اللاجئين في الأمم المتحدة، لأن المسألة أصبحت أكبر منها ومن الأمم: نصف الشعب السوري في حاجة إلى مأوى وطعام ومياه وكل شيء بشري مُتخيّل. والدكتور وليد المعلم، يُبشّر من موسكو، أنه «لا بدّ من وضع آلية للتفاوض». «آلية» لماذا؟ للتفاوض؟ على ماذا يا دكتور؟ السيدة أموس تقول إن نصف الشعب السوري في عراء الحياة والأرض. ونصف سوريا يقال إنه برلين 1945. وثلث سوريا في كنف الكهوف. ومعاليك تتحدث عن «آلية». وهذه الأسرة الدولية وصِيتُها المعروف تتحدث عن العودة إلى جنيف واحد. أي من الصفر. وفي هذا الباب تعبير بلاغي عبقري لعلي عبد الله صالح يوم كان يجلس على آلية التفاوض في اليمن: «تصفير العدّاد». وهو، كما ترى، مأخوذ من قيادة السيارات وليس قيادة الأمم. هذا أقصى ما يعدنا به الزعماء بعد 30 عاما من الحكم: تصفير العدّاد. أو أقصى ما يُبشّر به رئيس الدبلوماسية السورية…

آراء

الطاغية الأكبر في ثلاث أيام !

الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤

استحالت ساحات مواقع "التناحر " الإجتماعي في عالمنا العربي منذ يومين الى "ساحة الفنا " ؛ فتلك التي تترحم على الفنانة اللبنانية الراحلة "صباح" والآخر الذي يكفرها لمجرد وجهة نظره التي تستقي من أن الرحمة لا تجوز إلا على المسلم ! لم يكتف القدر بنا لكشف الطاغوت الذي نحصره في صدورنا ؛ حتى ارتحل الشاعر اللبناني سعيد عقل عن عمر ١٠٢ عاما بعد ارتحال الصبوحة  بيومٍ واحد ؛ قرابة التسعون عاما التي أوسعها شعرا وأدبا واصطفته فيروز حين غنت له قصائد لا يمكن أبدا وصفها إلا بقطعٍ من الفن ؛ ارتحاله كشف للذين اكتفوا بشعره عن مواقفه السياسية بمعرفة موقفه من الفلسطينين وحرب جنوب لبنان وتأييده العدو الصهيوني ذات نرجسية يبدو أنها عبرت بالرجل وازاحته تماماً من الإنسانية وحتى المنطقية ! شتائم ودعاء رصف عالم إلالكترون ووثائق وأدلة ترصد تصريحاته حول صبرا وشاتيلا ؛ وبين المنابر أو حتى " المناحر" ومرات "الطناجر " التي كانت  تتداول وسم #سعيد_عقل ترى العجب العجاب! فمن تغريدة تصفه بشاعر الإنسانية وسيد الحرف الأثير الى تغريدة تصفه بالعمالة وأحيانا "الهمالة" ! مضى يومٌ  آخر ؛ ووصل الكويت  الكاتبة الجزائرية المهمة أحلام  مستغانمي التي عرفت وجع العالم العربي المحروم من العاطفة ؛ فأسست علم وبرتكول الخيبات العاطفية واستفادت من رقة الأدب الفرنسي وترجماته ووضعت أعمال  ذات…

آراء

ماذا فعل سامي؟

الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤

أرسل لي صديق تجربة جميلة خاضها العام الماضي مع أبناء عمومته. يقول الأخ سامي في رسالته إنه كان يلاحظ غياب الكثير من أقاربه الأيتام، الذين فقدوا آباءهم، من المناسبات الاجتماعية. وحزن عندما شاهد بعضهم يفتقد أبسط المهارات الاجتماعية، إثر عدم خروجهم من المنزل كثيرا وانطوائهم. فقرر أن يستلهم من الهدي النبوي: "خيركم خيركم لأهله" مبادرة يحسن فيها سلوك أقاربه الأيتام. جمع أربعة شباب في عقدهم الثالث من أسرته وطلب منهم أن يقيموا بالتناوب برنامجا أسبوعيا لأطفال الأسرة الأيتام وغيرهم؛ حتى لا تشعر الشريحة المستهدفة بأي شعور بالنقص. وكذلك ليتداخلوا مع بقية أبناء عمومتهم. وضعوا جدولا لشهرين مقبلين. في الأسبوع الأول استأجروا استراحة واحتفلوا بالمتفوقين. الأسبوع الثاني أقاموا في الاستراحة نفسها مسابقة لتلخيص كتاب، والفائز يحصل على قسيمة شراء من متجر لبيع الإلكترونيات. الأسبوع الثالث حضروا مباراة كرة قدم مع بعض. الأسبوع الذي يليه جلبوا مدربا للخط العربي لتدريب الصغار على تحسين خطوطهم. سمع القاصي والداني في عائلتهم عن هذا المشروع؛ فسجل الكثير من الشباب المتطوعين من أقاربهم للمساعدة والدعم. أمسى لكل أسبوع مسؤول، وأصبح هناك تنافس على تقديم برامج مميزة ومختلفة. برامج نوعية ولافتة. أحدها عن تعليم مبادئ البرمجة، وآخر على التصوير بالفيديو. وتدربوا على أساسيات في تعديل وتحرير الصور. لاحظت أمهات الأسرة، سواء أمهات الأيتام أو غيرهن، تطور أبنائهن…

آراء

المكرر يحلو

الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤

بعد جلسة مطولة مع متخصصين في مرض اضطراب الهوية الجنسية، الذي أفردت عنه مقالا كاملا قبل ثلاثة أشهر، وعنوانه "المضطربون جنسيا ليسوا شواذا"، وصل الحضور من شرعيين وأطباء إلى أن مفتاح مصير المرضى بهذا المرض عند الأطباء النفسيين، فهم من يقرر بداية أن دعاوى المضطربين صادقة، أو غير ذلك، ثم انتهى الشرعيون إلى سؤال في غاية الأهمية وهو: هل يعتد بالأمور النفسية في الأحكام الشرعية؟.. الحقيقة أنه راق لي جدا السؤال المُنتهى إليه في الجلسة، وبشكل استباقي أخذت أخطط للكتابة عنه، ليستعان به مستقبلا، وزادت قناعتي في أهمية أن يتناول الفقهاء المعاصرون هذا الأمر بصورة أكثر توسعا، لا سيما أن الفقهاء المتقدمين لم يذكروا المرض النفسي في مؤلفاتهم القديمة، إنما عرضوا للمجنون، والمعتوه، والصغير غير المميز، والسكران، والغضبان، والمكره، وكلها وإن كانت أمورا نفسية، لكنها ليست من الأمراض النفسية.. لا شك أن الكل متفق على أن الإنسان متكون من أعضاء ومشاعر، وهذه الأخيرة كما تقدم معنا مفتاحها عند الأطباء في الدرجة الأولى، فهم وحدهم من يستطيع أن يفرق بين الرغبة الكاذبة، والحقيقة اللازمة.. الهوية الجنسية ـ يا فقهاء الدين ـ غير ثابتة بمجرد الولادة، بل إنها عرضة للتغير بسبب المؤثرات الخارجية من تربية وبيئة اجتماعية وثقافية وغيرها، فالتلقي والتطبع والتأثر بعوامل التربية والبيئة الاجتماعية تؤثر فيها، وعوامل التربية والبيئة متداخلة…

آراء

علمنة الوعي وعلمنة الدولة

الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤

ما هي علمنة الوعي؟ إذا كانت العلمانية (بفتح العين والميم وتسكين اللام) تشير إلى الحياة الدنيا بدلالتها الشاملة، تصبح العلمنة هي عملية الوعي بالقوانين والنواميس التي تحكم الحياة الدنيا (الطبيعة والإنسان والمجتمع والتاريخ)، وضرورة الاعتراف بها وبإكراهاتها، وبالتالي التعامل معها بما يحقق مصلحة الإنسان والمجتمع. لكن عملية الوعي هذه ليست بالسهولة والبساطة التي يوحي بها هذا التعريف. على العكس، علمنة الوعي هي عملية ثقافية اجتماعية سياسية طويلة ومتدرجة، مرت وتمر بصعوبات ومعوقات متعددة، منها ما يتعلق بدرجة التعليم والوعي، ومنها ما يتعلق بهيمنة أيديولوجيا، دينية أو غيرها، أو بحال سياسية تعرقل، أو تشجع صيرورة هذا الوعي. والحقيقة أن علمنة الوعي بهذا المعنى هي في مقابل الوعي الديني، بما في ذلك الوعي المذهبي، عندما يتخذ صيغة أيديولوجية شاملة تهدف إلى السيطرة على الوعي الإنساني، والتضييق عليه ليصبح في حال ارتياب من فكرة العلمنة. ظاهرة العنصرية التي عرفتها الولايات المتحدة حتى ستينات القرن الماضي، وجنوب أفريقيا حتى أواخر القرن ذاته، كانت تستند في ما تستند إليه إلى مبررات أيديولوجية دينية. كانت العنصرية تقاوم عملية علمنة وعي المجتمع بالحقيقة الطبيعية للإنسان، وأن لون هذا الإنسان لا يعبر عن جوهره، ولا عن شخصيته. في منطقتنا هناك حال الطائفية في الإسلام، وهي مثال آخر على وعي ديني منحرف، يجعل من المذهب الأصل في جوهر الإنسان،…

آراء

عبدالرحمن الراشد.. التميّز

الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤

الذي يدفعني إلى كتابة هذا الموضوع، هو الشعور العظيم بالسعادة والفخر بنجاح قيادات سعودية للإعلام السعودي، والذي بدأ منذ ثلاثة عقود تقريباً، بتأسيس صحيفة «الشرق الأوسط» وشقيقاتها، مروراً باستحواذ المال السعودي على صحيفة «الحياة» المرموقة، والتطور الذي تحقق لها، ثم تأسيس مجموعة «إم بي سي»، ومجموعة روتانا. ومما يؤسف له، أن معظم هذه القيادات والنجاحات التي تحققت تحت أيديهم، ربما لم تكن لتتحقق لولا وجود هذه المؤسسات خارج الوطن، ولكن تلك قصة أخرى لن أتناولها اليوم. بالأمس غادر الإعلام قيادي متفرغ، وأحد أبرز فرسان الإعلام السعودي - وأقصد عبدالرحمن الراشد - محطة «العربية» الإخبارية، مأسوفاً عليه من الكثيرين، بعد عقد من الزمن استطاع خلاله، على رغم المنافسة الشريفة وغير الشريفة بواسطة بعض المحطات الأخرى، وضع هذه القناة على رأس القنوات الإخبارية العربية، مصدراً موثوقاً به لوكالات الأنباء والمحطات الإخبارية العالمية. نعم نجحنا في مجال الصحف - كما أشرت - لكن من كان يتخيل أن تؤسس رؤوس الأموال السعودية قناة إخبارية بإدارة سعودية، ثم تتربع في هذه المكانة المرموقة عربياً وعالمياً. ما هي خبراتنا التلفزيونية الإخبارية في المملكة، ونحن لا نعرف عن نشرات الأخبار إلا «استقبل وودع» وصوراً مصحوبة بسمفونية لبيتهوفن، أقول: ما هذه الخبرات التي تؤهلنا لمثل هذا الإنجاز؟ لكنه حدث بالفعل بتوفيق من الله أولاً، ثم بفضل الرؤية الثاقبة…