آراء

آراء

الدور السعودي المأمول في اليمن

الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤

صار من المؤكد أن يأتي فبراير (شباط) 2015 واليمن يواصل العيش تحت شعار المرحلة الانتقالية التي كان من المفترض أن تنتهي في فبراير 2014 لولا إصرار البعض على مواصلة العبث وإرباك العملية السياسية في مراحلها الأولى، وانهماك الأحزاب بتثبيت حصصها في الحكم. وساهم جمال بنعمر، مبعوث الأمم المتحدة، في مسايرتها والاندماج في دوره الأممي والاستمتاع بمزاياه، وكرر استخدام عبارته الأثيرة والمحببة «العملية السياسية مهددة بالانهيار»، وبرع في إيجاد كل مبررات تمديد مهمته عبر السعي للتمديد لكل الهيئات القائمة تحت عنوان «المرحلة الانتقالية ليست محددة بفترة زمنية، ولكن بمهام يجب الانتهاء منها». أنا لا أوجه انتقادا لرغبته مواصلة زياراته إلى اليمن، والتي بلغت حسب ما يصرح به أكثر من خمس وثلاثين رحلة مع مرافقيه، وهي على ما أعتقد، واحدة من أطول مهام مبعوث للأمم المتحدة إلى بلد لم يكن يواجه خطر حرب أهلية تحتاج معه إلى هذا الجهد والزمن، لأن هذا التصنيف لم يكن حينها ينطبق على الحالة اليمنية التي كانت تشهد صراعا محموما على السلطة بين الحلفاء السابقين، وانعكس ذلك على الأرض حشودا من الطرفين في الساحات اليمنية، لكن التباطؤ الذي أصاب عملية الانتقال بسبب التراخي والتكاسل المتعمدين من الجميع، واللذين أوقعا البلاد في حلقة مفرغة والدوران الحلزوني، وأظهرت كافة قواه السياسية المؤثرة أنانية وعبثية. يواجه اليمن اليوم قدرا يبدو…

آراء

أمة منتجة أمة مبتهجة

الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤

يحتفل وطني الغالي هذا الأسبوع بذكرى التأسيس وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة التي غرس أركانها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات من الجيل المؤسس، جيل من القادة تنازلوا عن أحلامهم الشخصية كي يكون لهم حلم واحد وهو قيام دولة الإمارات، فكان لهم ما توقعوا. وها هي السنون تمر سراعاً، ونطوي 43 عاماً من الإنجازات، هذا العمر عند غيرنا يمثل مرحلة الطفولة التي تتعلم فيها الدول الحبو قبل المشي، لكن عند قادة الإمارات نحن اليوم في مرحلة الرشد الذي تظهر علاماته في إنجازاته. فمن يزور دولة الإمارات، ويقارن صور الماضي القريب بما تحقق اليوم يعرف أننا في وطن حرق مراحل التنمية المتعارف عليها عند غيرنا، فإن قارنت الإمارات بدول تأسست في فترة متقاربة معنا، تجد أنهم ما زالوا في مرحلة الحبو، ولو قارنت الامارات ببعض الدول العربية التي قامت قبلنا لرأيت أنهم تحولوا إلى شيخوخة مبكرة بها أعراض الخرف الحضاري بشقيه المعنوي والمادي، بينما تسطع شمس الإمارات على ما حولها كي يستنيروا بنورها وينحوا نحوها، السؤال المحوري هنا: لماذا تميزت الإمارات عن غيرها؟ لا تكفي المساحة المخصصة للإجابة عن هذا السؤال، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله. لعلي هنا أسلط الضوء على ما أراه مهماً في هذه المناسبة، النية الصادقة مع العمل المخلص سمة…

آراء

نخبتنا الرياضية.. سبب “خيبتنا”

الأحد ٣٠ نوفمبر ٢٠١٤

لم تكن المرة الأولى ولن تكون الأخيرة تلك التي يخرج علينا مسؤول أو شخصية رياضية شهيرة، أو محلل محسوب على الإعلام الرياضي بتصريح أو تغريدة أو إشارة تؤكد أن أزمتنا الحقيقية في نخبتنا الرياضية بالدرجة الأولى، وليست في الجمهور وحده، الذي يهوى البعض تحميله مسؤولية كل الموبقات. سأكون واضحاً وأقولها بلا مبالغة أو مواربة: إن نخبتنا الرياضية - إلا قليلا - متحيزة بتعصب، مندفعة بغير مسؤولية، ومهتمة بحساباتها الضيقة على حساب المصلحة العامة. ولم يكن غريباً وهذه هي الحال التي تعاني منها رياضتنا أن يخرج الدكتور حافظ المدلج، عضو اللجنة التنفيذية ورئيس لجنة التسويق بالاتحاد الآسيوي، ليحمل الجمهور مسؤولية هزيمة المنتخب السعودي أمام نظيره القطري وخسارته كأس الخليج، والسبب أن الجمهور شكل طاقة سلبية بصمته عن التشجيع! الجمهور هو المسؤول!.. جملة قيلت من المدلج ومن أكثر من كاتب وإعلامي رياضي، ففي البداية الجمهور مسؤول لأنه لم يحضر، وفي النهاية الجمهور مسؤول لأنه حضر صامتاً، ولم يهتم أحد - كثيراً - بالبحث عن أسباب عدم حضور الجمهور في البداية، وحضوره في النهاية صامتاً. لماذا تطلبون "الفزعة" من الجمهور ثم تنقلبون عليه بسرعة وتحملونه ثمن الإخفاق والفشل وتهاون مدرب وانهزامية لاعبين؟ قبل أن نلوم الجمهور علينا أن نسأل أنفسنا.. ماذا قدمت النخبة غير التغريدات المثيرة والتصريحات النارية و"الهوشات" العنترية التي لن تقدم…

آراء

كيف نواجه مخاوف هبوط سعر النفط؟

السبت ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

سعر النفط هوى أمس إلى نحو 72 دولارا لبرميل برنت، وهوت معه أسواق الأسهم الخليجية، وتنبأ أحد خبراء البترول أنه سيهبط إلى ما دون 60 دولارا في الأشهر القليلة المقبلة. من الطبيعي أن نشعر بآلام مفاجئة في المعدة. كل فرد سيتساءل: كيف سيكون حالنا، ونحن عمليا نعيش على مداخيل النفط بشكل شبه كلي؟ هنا، لن أخوض في الحلول البعيدة ولا المتوسطة، ولا في أي علاجات اقتصادية أو إدارية حكومية؛ فالأهم في الوقت الحاضر هو التعامل مع السوق والناس، بطريقة حضارية بدلا من تركهم في الظلام يملي الخوف عليهم قراراته، كما رأينا يحدث لسوق الأسهم التي أصيبت بنزف حاد. لماذا لا يتحدث المسؤولون بشكل شفاف، وصادق، ومكرر، ومكثف، عن ماذا يمكن أن يحدث في مستقبل الأيام القليلة واللاحقة؟ وما الذي تنوي الحكومة فعله؟ هل نحن مقبلون على أزمة خطيرة جراء تناقص المداخيل النفطية؟ وماذا سيعنيه لأكثر من مليوني موظف، والـ10 ملايين الذين يعيشون عليهم، والـ10 ملايين الآخرين الذين يعيشون على من ينفق من مدخوله الحكومي، الذي هو في الأصل من البترول، وهناك 10 ملايين إنسان يعتاشون على مخدوميهم! ما الذي يمكن أن يحدث إن هوى السعر إلى 60 دولارا للبرميل أو 50 أو حتى 30؟ لماذا لا نسمع ما علينا أن نسمعه، حتى لو كانت الأخبار سيئة، فنحن من عليه أن…

آراء

«فيرغستون».. هل حوادث القتل العنصرية «تجاوزات فردية»؟

السبت ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

في آذار (مارس) 1991، كان المواطن الأميركي رودني كينغ يقود سيارته، متجاوزاً حد السرعة الرسمي في مدينة لوس أنجلوس، وهو ما أدى إلى إيقافه من مجموعة من رجال الشرطة. يبدو هذا الموقف -إيقاف سائق سيارة بسبب مخالفة مرورية- أمراً عادياً جداً، يحدث ملايين المرات في العالم يومياً. لكن حادثة رودني كينغ لم تكن عادية، كما كشفت الأحداث اللاحقة. أنزل رجال الشرطة «كينغ» من سيارته، وضربه خمسة منهم بوحشية، بينما اكتفى الآخرون بالمشاهدة. في هذه اللحظة رأى جورج هوليداي الحادثة من منزله القريب من موقع الحدث، وصور الاعتداء على كينغ، وأرسل الفيديو إلى محطة تلفزيون محلية، نشرت أجزاء منه على الفور. لم تنتهِ القصة عند هذا الحدث، بل هذه هي البداية فقط. لاحقاً تمت تبرئة أفراد الشرطة من جريمة الاعتداء بالضرب على مواطن، واستخدام القوة المبالغ فيها بلا مبرر. ووجهت أصابع الاتهام، من بعض أفراد المجتمع، إلى «العنصرية»، إذ إن المعتدى عليه «رودني كينغ» مواطن أسود البشرة، بينما كان أفراد الشرطة، وهيئة المحلفين الذي حكموا عليهم بالبراءة من أصحاب البشرة البيضاء. أدت هذه الحادثة إلى أعمال شغب واسعة النطاق في لوس أنجلوس عام 1992، قتل على إثرها قرابة 60 شخصاً، وجرح قرابة 2400 ضحية، واعتقل نحو 16 ألف مواطن، مع خسائر مادية قدرت ببليون دولار. لم تتوقف أعمال الشغب إلا بفرض…

آراء

عن “القصيبي” شاعرا

السبت ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

قدمت يوم الأربعاء الماضي في جمعية الثقافة والفنون بالرياض، ورقة عن غازي القصيبي، أختصر هنا بعض الأفكار عن شاعريته من خلال بعض دواوينه ونقده الشخصي لأعماله، فلو تأملنا في سيرة حياته سنلاحظ أنه لم يكتب مذكراته بالمعنى المتعارف عليه فقط لكن كل عمل أدبي له كان عبارة عن جزء من سيرة حياته، يسير بنا مع غازي خطوة بخطوة وأول خطاه مع الشعر بديوان وآخرها كذلك كانت بقصيدة! عاش 70 عاما متنقلا في حياته وتعليمه وعمله بين محطات في مدن شهيرة. بدأ امتداد غازي الطفل ليستخرج لنا اللؤلؤ من جزائره في البحرين في ديوان: (أشعار من جزائر اللؤلؤ)، فقد كان والده عبدالرحمن القصيبي ويلقب بـ"شيخ اللؤلؤ"، كان وكيلاً سياسياًّ للملك عبدالعزيز في البحرين، ونلاحظ الارتباط بالمكان وبتسمية والده بشيخ اللؤلؤ وبين عنوان الديوان يقول: "آه ! كم أشقى بشيء مبهم ثائر.. يشعل نارا في دمي مرسلاً أصداءه عبر فمي عالم يسبح فيه قلمي" حياته في البحرين، كانت انفتاحا على حياة لم تكن ممكنة لو بقي في وطنه نظرا للغنى الثقافي في الكتب والحياة التي عاشها هناك ولعلاقاته الشعرية خاصة بصديقه الشاعر البحريني عبدالرحمن رفيع، وكان الشاعران من بداياتهما صديقين للشعر ولهما صولات وجولات ومعارضات ومنافسات. يقول غازي في سيرة شعرية بعد أن ذكر أنه بدأ يقرأ الشعر وأعجب بحافظ وشوقي والجواهري:…

آراء

فرحة الإمارات بيومها الوطني

السبت ٢٩ نوفمبر ٢٠١٤

في الثاني من ديسمبر من كل عام، تمر علينا الذكرى الغالية بتأسيس الاتحاد، وهي مناسبة سعيدة يحتفل بها كل مواطن ومقيم على تراب وطننا العزيز، ويبتهج بها الجميع لما حققه هذا الصرح الشامخ من رفاهية وأمن وطمأنينة لكل من وطأت قدماه هذه الأرض الطيبة. وفي هذا العام، تهل علينا الذكرى الثالثة والأربعون لهذا الحدث العظيم الذي غيّر وجه هذه الأرض، ونقلها نقلة حضارية كبرى من مجموعة بلدات وقرى إلى مدن كبرى عالمية الطابع، تزخر بمظاهر التقدم والمدنية والتحضر والرقي التي باتت نبراساً تتطلع إليه جميع أمم الأرض شرقاً وغرباً لكي تحتذي به، بل وتقلده تيمناً بتجربة كونية فريدة، حققها بعزيمة الرجال، قيادة وشعباً، رجال ذوو شكيمة قوية، يتطلعون إلى الإنجاز بصبر وحكمة وتأنّ قلّما سبقهم إليه شعب أو أمة من أمم الأرض الأخرى، لكي ينجزوا خلال فترة زمنية قصيرة هي قياسية بكل المعايير ما لم تنجزه الدول والشعوب الأخرى في مئات السنين. إن ما يفرح القيادة الرشيدة وأبناء هذا الشعب الأوفياء المخلصين بعد أن أطفأت الدولة الاتحادية الشمعة الثالثة والأربعين من عمرها المديد، أن الاتحاد يسير نحو المزيد من اللحمة والترابط والقوة والصلابة، ووجود اتفاق لدى الجميع على أن الاتحاد هو مظلتهم وملاذهم الآمن، وهو السفينة الكبرى التي يوجدون على ظهرها، وتسير بهم بثبات وعزم نحو بر الأمان، وهي تمخر…

آراء

للتذكير فقط

الجمعة ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤

حلّ موسم الأمطار وكالعادة غرقت المدن الكبرى ونجت الصغرى. توزعت الحفر بالتساوي بين الأحياء الحديثة والقديمة، وساوى الأداء الرديء بين كل أركان المدن الكبيرة. لعل أكبر إحصائية قرأتها كانت عن حفر مدينة جدة التي قاربت 700، وأتصور أنها تجاوزتها مع الأمطار الأخيرة. ردة فعل المواطنين في كل موقع أكدت الثقة بأن الحفر هي التي ستفوز في النهاية، وأن ضحاياها سواء بشرا أو ممتلكات ستزيد على الأعوام السابقة، إن كانت هناك شفافية مع الإعلام. وصلتني رسالة ساخرة تقول "من أجل سلامتك عزيزي السائق: إذا كنت لا تعلم الحفر بالطريق أثناء السيول فامش خلف السيارة التي أمامك فإذا سقطت، فاعرف أنها حفرة وابتعد عنها. مع تحيات أمانة جدة ... نعمل لراحتكم". جدة ليست المدينة الوحيدة التي يعاني سكانها كلما نزلت قطرة من رحمة الله، بل أكاد لا أستثني مدينة من تلك المعادلة المؤلمة. المعروف أن الأعمال التي تتعلق بالشوارع وصلاحيتها ومناسيبها هي جزء من عقود تنفذها شركات متمرسة، كما أن التشغيل والصيانة لتلك الشوارع يتمّان من خلال عقود كذلك، فلمَ لا تكون مواصفاتنا علمية، وتسلّمنا للمشاريع صحيحا؟ سؤال متكرر. يقول البعض إن السبب هو الانفجار السكاني الذي يعوق التخطيط، والطفرة المالية التي تريد كل الجهات أن تستفيد منها، حتى وإن أدت العمل بشكل غير مرضٍ. تلك الحجة الواهية هي من قبيل الضحك…

آراء

ديمقراطية المتأسلمين.. مراوغة الفكر وحيرة الممارسة

الجمعة ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤

هل صحيح أن الحركية الإسلامية تصالحت مع الديمقراطية منذ ثلاثينيات القرن العشرين؟ إذا قيل الحركة الإسلامية في ثلاثينيات القرن العشرين، فالمراد بها حركة "الإخوان المسلمين" تحديدا؛ لأنها هي الحركة التي كانت فاعلة على الساحة آنذاك، وهي التي كانت تطرح الإسلام بوصفه: دينا وسياسة. وكلنا نعلم أن الحركة/ جماعة الإخوان، وخاصة في تلك الفترة المؤسسة، كانت رهينة – بالكامل – إلى آراء مؤسسها الشيخ: حسن البنا، الذي لم تكن الحركة إلا تجسيد لآرائه في الواقع. وبالتالي، فالحكم على التصالح في ثلاثينيات القرن الميلادي المنصرم لا يكون إلا من خلال آراء البنا تحديدا. قرأتُ كل ما كتبه البنا، ولم أجد فيه أي تصالح حقيقي مع الديمقراطية. أنا هنا أتكلم عن الطرح الفكري، وليس عن الممارسة العملية التي قد تخضع لعدة اعتبارات. البنا قَبِل المشاركة في الانتخابات البرلمانية بوصفها واقعا لا بد من الاستفادة منه، لا بوصفها مشروعة - سياسيا/ دينيا - من وجهة نظره التي يرى أنه هي صحيح الدين. أنا لا أتهمه بهذا، وإنما هذا هو منطوق طرحه الفكري كله في هذا الشأن. الرجل كان ضد الأحزاب، وكان يدعو صراحة – وبكل قوة – إلى إلغاء الأحزاب. وطبعا، القول بإلغاء الأحزاب يعني – بالضرورة – القول بإلغاء الديمقراطية من الأساس. طبعا، هناك آراء جانبية مراوغة؛ ولكن لا يفهم منها البتة أن…

آراء

أحلى علبة

الجمعة ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤

واجهت، مريم المساعد، مقاومة شديدة من أمها لتناول أدوية السكر بانتظام. كانت ترفض أخذ الأدوية في مواعيدها. تردد الأم دائما: "لن يموت أحد قبل يومه". كلما ضغطت عليها مريم أجابت الأم بسؤال حاد كسكين يقطع مشاعرها إربا: "لمَ تريدينني أن أموت مرتين. تكفيني موتة واحدة. الأدوية تميتني؟". استسلمت مريم بسبب إصرار أمها على عدم تناول أدويتها. لكن بعد أن حذرت الطبيبة أمها من أن حالتها الصحية ستسوء إذا أقلعت عن تناول الأدوية، لم تجد مريم خيارا سوى المحاولة مجددا. اخترعت مريم طريقة جديدة لإغراء أمها لتناول الأدوية. شرعت مريم في وضع ورقة في علبة صغيرة خصصتها لأدوية أمها. في كل مرة تكتب جملة. كتبت أول مرة: "أحبك يا أمي. يا ليتني أملك عينين كبيرتين مثل عينيك، وابتسامة مثل التي تعلو وجهك". وسألت أمها مرة قائلة: "يمه...هل تعلمين أن صوتك حلو حتى إذا صرختِ عليّ. أرجوك، لا تحرميني من حسك؟". وأحيانا تضع في العلبة صورا لأحفاد أمها. وخلف كل صورة جملة بخط يد الحفيد. فعلت العلبة الأعاجيب بأمها. أصبحت تتناول دواءها دون مقاومة، بل صارت تفتح العلبة قبل موعد الدواء في انتظار المفاجأة التي تضعها لها صغيرتها كل يوم. تقول مريم (24 عاما) إنها لم تكن تتصور يوما ما أن أمها ستلتزم بتعليمات الطبيب وتتناول الدواء، بيد أنها فعلت، والسبب العلبة.…

آراء

عبدالله في 10 دقائق!

الجمعة ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤

قد لا يعلم الأستاذ عبدالله المديفر أنني أعرض كلامه ــ الذي خاطب به الجمهور في تيدكس الرياض ــ لكل دفعة أقوم بتدريسها في أكاديمية شرطة دبي. ولا يعلم أنه ساعدني ــ من حيثُ لا يدري ــ في تقديم محاضرة «ترومون» لموظفي بنك دبي الإسلامي قبل أيام، وفي الحوار الذي أعقبها حول «الإيجابية» في حياتنا. لقد سُجّل كلامه في مقطع فيديو من 10 دقائق، هي بمعيار الزمن قليلة لكنها بمعيار حياتنا كثيرة وطويلة. أولى قواعد عبدالله قوله: إن عمر الإنسان الذهبي هو 30 سنة؛ ما بين 20 و30 يعمل ليتعلم، ومن 30 إلى 40 يعمل لينجز، ومن الـ40 حتى يناهز الـ50 يعمل ليربح، وحينها تكتمل قاعدة النجاح، لكنّ النجاح لا يتحقق بهذه البساطة. في عام 2005 جلس عبدالله مع نفسه وأخذ ورقة وقلماً وراح يكتب: في عام 2013 سأقدم برنامجاً حوارياً! ليجيب على سؤال مهم يتجاهله الكثيرون، هو: وين رايح، وين ساير، في رحلة هذه الحياة؟ وبعد أن عرف عبدالله وين ساير، بدأ «يشتغل» خلال هذه السنوات على نفسه ــ كما يقولون بالعاميّة ــ بحضور الدورات التدريبية واكتساب الخبرة والمعرفة، حتى واتته الظروف في عام 2011 فطرق الباب واستغلّها وحقق حلمه. وهذا درس آخر يخبرنا به عبدالله بأن نطرق نحنُ أبواب الفرص، ولا ننتظر قدومها؛ فقد لا تأتينا أبداً. منْ يشاهد…

آراء

أنت.. الشرطي الوديع!

الجمعة ٢٨ نوفمبر ٢٠١٤

هناك تكتيك سيكولوجي شهير يلعبه عادة محققان في محاولة منهما لاستنطاق متهم ما أو دفعه للاعتراف بجريمة ارتكبها. فمثلا حينما يعذب أو يعنّف أو يهدد أو يضرب «محقق سيئ» متهما فإنه يتفق مع المحقق «الوديع» ليأتي ويعامل المتهم بلطف ثم يعقد معه اتفاقا كان يقول له: «لا عليك إذا اعترفت أنا سأخرج من هذا المعتقل، أو إذا قلت كذا سأخرجك من السجن الانفرادي إلى آخر مريح». وهذا الدور الوديع ليس مقتصرا على أروقة التحقيقات، فكثيرا ما نحتاج إلى وداعة في التعامل مع الآخرين، لا سيما حينما يأخذ هؤلاء قسطا كافيا من التوبيخ من المسؤول الذي يعلونا جميعا كالمدير العام أو الوكيل وغيره. ولأن الوديع لغة مشتق من «الوداعة»، أي الشخص الهادئ الساكن ذو لين ودعة، فإن الموظف الوديع كثيرا ما يجد فيه الموظف المهموم ملاذه. فهو أذن صاغية وحانية تبدو كالحمل الوديع. لكن هذا الحمل الوديع سرعان ما يتحول في بعض الحالات إلى ذئب يكشر عن أنيابه عندما يريد أن يوقف أحدا عند حده. وهذا هو التوازن المطلوب في العلاقات الإنسانية. ولولا المحقق أو «الشرطي الفظ» (bad cop) الذي يعنّف ويتهم ويهين وينغص على المرء عيشه لما برز دور الشرطي الوديع المتعاطف (good cop). فلا بد من وجود حالة يتعاطف معها شخص فيكسب مودة المتضرر. فمصائب قوم عند قوم فوائد.…