آراء

آراء

السيرة الذاتية لشاب متطرف

الثلاثاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

كنت واضحا شفافا مع صديق الغربة والدراسة القديم وأنا أشرح له عتب الأسباب المتداخلة التي رمت بابنه البكر إلى مجاهل الجهاد المزعوم في صحاري بادية العراق والشام. الوالد، أحيانا، ومعه الأسرة وطريقة التربية، شركاء في هذه المأساة، ويؤسفني أنه عاد إلي واستمع لنصائحي بعد فوات الأوان. هو نفسه كان أكثر وضوحا وهو يهاتفني في لحظة متأخرة من مساء ما قبل الأمس، ليطلب مني كتابة كامل القصة، ولو حتى بالأسماء، من أجل العبرة وحتى لا تسقط أسر جديدة في ذات الشراك والفخ. تكمن ذروة المأساة كما قال لي والده بالضبط: حين يستقبلون من ابنهم البكر اتصالاته المتقطعة وهو يطلب من والده الإنقاذ من براثن تنظيم متطرف. يقول الأب المكلوم: لن أنسى أبدا تلك الجملة المكررة: "سيقتلونني يا والدي لو عرفوا أنني اتصلت". حملت "أحمد" طفلا صغيرا على أكتافي مع والده تناوبا في شوارع الغربة في المدن الأميركية، كنت أطمئن لالتزام هذا الصديق، وكنت أيضا أشاغبه حد الاختلاف والخصام في بعض مظاهر التشدد والتزمت. وحين زرته في الرياض لآخر مرة قبل عامين، قلت له ناصحا: انتبه لـ"أحمد" قبل وقوع الكارثة. ولأن بيننا من الحب العميق وفهم الطبائع ما سمح له بأن يودعني ضاحكا مبتسما بأوصاف ونعوت في حقي ولكنني أقبلها منه بذات الحب والأريحية. ويؤلمني جدا أن أكتب إملاءات صديق عزيز وهو…

آراء

عبد الرحمن الراشد..!

الثلاثاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

مجرد اسمه يركب عنواناً صحفياً مثيراً، تختلف ،تتفق لا يهم ،الا ان المعلم الصحفي الذي ترجل مؤخرا عن عرشه الإعلامي ، سيكون في الذاكرة الاعلامية لوقت طويل،لجيل واكثر.. يجوز لي اليوم ان اكتب عن مديري السابق - الصديق الدائم -كما لم افعل من قبل، بعد ان رحل طوعا واختيارا. الرجل مهني استثنائي لا تملك الا ان تتعلم منه ،حتى وان اصابك الحرقان بصمته احيانا في قمة الضوضاء، أو تجاهله لبعض الزوابع العابرة عن سبق اصرار و ترصد،الا ان ذلك كان جزءا من سلوك اداري يفتح المساحات ولا يغلقها ،مثل مكتبه تماما،والذي ظل مفتوحاً في وسط غرفة الاخبار،وغير معه سلوك ونمط وعمل غرف الاخبار في القنوات العربية، وضع بصمته،وفرض اسلوبه ليس على القناة التي يديرها ولكن على القنوات المنافسة في الوقت ذاته. استقال عن اصرار متكرر رغم تكرر ذات الابتسامة في كل مرة يذاع فيه الخبر، أو ترتفع بورصة الاشاعات، لكن كل من عمل معه مارسوا حالة انكار، انكار لقرار كنا نرجو ان يكون مؤجلاً. اعاد تاسيس العربية،او كما قال رئيس مجلس إدارة ام بي سي الشيخ وليد الابراهيم ،في تجمع كبير بجدة قبل أعوام ، ان الراشد استلم العربية من طابق واحد ،قبل ان يحولها الى ناطحة سحاب.الى مبنى في واجهة العالم، وفي قلب تاثيره.. ! عبدالرحمن الصحفي دائما والذي…

آراء

جرأة سائق ليموزين وافد!

الثلاثاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

حين نقرأ حادثة قفز فتاة في العقد الثاني من عمرها من سيارة "ليموزين" وهي تسير مسرعة بمدينة الدمام، خشيةً من السائق بعدما حاول التحرش بها، ليس بالضرورة أن نتكئ عليها كمبرر لقيادة المرأة السيارة، وإنما تصبح تلك القيادة أمرا تمليه الضرورة، ولا يحتاج لمثل هذه المبررات التي تتراكم وتتزاحم في واقعنا، حتى يبدو الأمر هربا من هنا وهناك. الواقعة صحيحة أثبتها توضيح للمتحدث الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية، حيث تبلغ مركز شرطة شمال الدمام من مواطنة بتعرضها لتحرش لفظي من سائق سيارة أجرة "ليموزين" أثناء إيصالها إلى أحد المواقع، والسائق الأجنبي لم يجد أي رادع أو وازع يضعه في موقعه من الإعراب الوظيفي والاكتفاء بمهنته من "سكات"، وإنما امتدت عينه إلى أعراض بنات البلد التي يخدم فيها. تلك جرأة فاجعة يفترض أن تجعلنا جميعا نعي خطورة ما في نيات وأنفس هؤلاء وغيرهم من ضعيفي الأنفس الذين يتجهون إلى المرأة بصورة غريزية معيبة، وحين نوازن بين حالة الخطر التي كانت فيها الفتاة وحالها لو أنها كانت تقود سيارتها، لما تعرضت لهذا الموقف الذي تماس مع ارتكاب جريمة لولا أنها نجت بنفسها من خلال أرجلها فيما كان بالإمكان أن تنجو من خلال سيارتها دون أن تتعرض للموقف بأكمله. الحادثة تذويب واقعي لجمود الاعتراض على قيادة المرأة للسيارة، ومطلوب من كل معترض أن يتعامل…

آراء

إيران – الغرب والدور الجزئيّ لعقد الماضي

الثلاثاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

باتت معروفة أسباب المضيّ في التفاوض بين إيران وأعضاء مجلس الأمن ومعهم ألمانيا، تماماً كما باتت معروفةً أسباب تعثّر التفاوض و «الفجوات» التي تنمّ عن خلاف لا يزال قائماً، وقد يبقى. لكنْ ربّما جاز الكلام، وراء ما هو معلن ومعروف، عن أحداث شهدتها العقود القليلة الفائتة وصارت مصدراً جزئيّاً لقناعات ولطرق في النظر والتأويل. فالأحداث هذه، لا سيّما قراءتها، ولّدت نوازع وميولاً لا تفصح عن نفسها بالضرورة إلاّ أنّها، مع هذا، تتحكّم ببعض التفاوض، وقد تتحكّم ببعض نتائجه نجاحاً أو فشلاً. فما من شكّ في أنّ إلحاح إيران، بل إصرارها، وما يوحيه من تفاؤل بالعثور على ضوء في آخر النفق، يستند إلى درس سهل الاستنتاج: ذاك أنّ الضغط الدوليّ في ما خصّ السلاح النوويّ، على إسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشماليّة، لم يُفلح مع أيّ من هذه الدول. ولئن استمرّ هذا الضغط على الأخيرة، فإنّ التعاطي مع التسلّح النوويّ للبلدان الثلاثة الأولى غدا تسليماً بأمر واقع وراسخ. وفي وسع الإيرانيّين أيضاً أن يراهنوا على أن قوّتهم، التي يُنكرون وجهتها النوويّة، لا تعوزها القضيّة التي تبرّرها. فهم، بُعيد قيام ثورتهم وجمهوريّتهم في 1979، تعرّضوا لهجوم عراقيّ ساحق كانت تتعاطف معه البلدان الغربيّة، فضلاً عن العربيّة. وهو هجوم ما لبث أن تحوّل حرباً دامت نحواً من عقد وتأدّى عنها مقتل قرابة مليون. لكنْ…

آراء

كلنا إعلاميون

الثلاثاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

حتى بعد أن أنهيت وظيفتي الأخيرة، في قناة «العربية»، بقيت التساؤلات مفتوحة، هل نحن خبازون نطعم الناس ما يحتاجون إليه، أم أننا غسالون ننظف العقول ونكويها؟ وإلى جانب سؤال الحيادية هذا، هناك سؤال آخر مكمل له يتكرر أكثر، إن كان انتشار الوسائل فوضى إعلامية، أم أنه هدم للجدران ونشر للحرية؟ الحياد تمرين فكري صعب جدا، وأدعي أنني حاولت ألا أقحم عملي في رأيي، وحاولت ألا أقحم رأيي في عملي أيضا. الأولى، كانت مهمة سهلة إلى حد ما. أما الثانية، فلا أدعي أنني نجحت فيها، فآراؤنا بطبيعتها تتسلط علينا، وتسيرنا. عندما انتقلت من هذه الجريدة إلى عملي في قناة «العربية»، قبل عشر سنوات، أول قرار اتخذته كان منع بث مقالاتي ضمن برنامج الصحافة على قناة «العربية»، لأن فيه تعارضا، وكذلك حظرت على نفسي المشاركة في الحوارات التلفزيونية. كانت تلك خطوات وظيفية سهلة، مثل نزع القشدة عن الحليب، لكن بقي أن أحبس رأيي عند التعامل مع الأحداث، وقد وجدت منعه عاطفيا بلا إنسانية، مثل نزع الدسم من الحليب، يجعله بلا طعم أو رائحة! ولأنني خريج إعلام أكاديميا، وتلميذ الصحافة الميدانية، وعايشت من هم أفضل مني خبرة وتجربة، سعيت لفصل الخبر عن الرأي، ولم أنجح كثيرا. وبعد هذه الفترة الطويلة أعترف، وبضمير مرتاح، أن هندسة «الخبر المجرد» وإنتاج «العمل الإعلامي الحاف» مجرد نظرية…

آراء

إقرار نظام حماية الطفل .. الأهم التنفيذ

الثلاثاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٤

أقر مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة الأسبوع الماضي من جملة القرارات التي اتخذها نظام حماية الطفل، والذي تزامن مع الاحتفال العالمي ليوم الطفل بمناسبة مرور 25 عاماً على اعتماد اتفاقية حماية الطفل. في البداية علينا أن نستبشر ونفرح بإقرار المملكة لهذا النظام المهم، الذي يُعنى بحماية الطفل وهم من دون الـ18 من العمر، ويفترض أن يقدم الحماية للأطفال من الإيذاء الجسدي والنفسي والجنسي، ويعطي الأطفال حقهم في التعليم المجاني من المراحل الأولى حتى المرحلة الجامعية. وبعضهم يرى أن إقرار هذا النظام قد تأخر كثيراً، وقد يكونوا محقين، ولكن هذا لا يهم، ما دام أن النظام قد أقر بعد دورة طويلة من الإجراءات في هيئة الخبراء، ومن ثم في مجلس الشورى، باعتقادي أن نظام حماية الطفل وإقراره مهم جداً؛ لأنه يتعاطى مع فئة اجتماعية هي بحاجة إلى الحماية من المؤسسات الرسمية والأهلية، وللتطور الاجتماعي في المملكة -كأي مجتمع آخر- لديه من السلبيات والممارسات الخاطئة تجاه بعض الفئات الاجتماعية، وهو ما يتطلب تدخل جهات الاختصاص في حال وجود انتهاكات لحقوق أي إنسان في أي مجتمع. لا يكفي أن ندَّعي أننا مجتمع إسلامي محافظ، وأنه ليس لدينا من يعانون من الظلم الاجتماعي بأشكاله المتعددة، إما بسبب الجنس أو اللون أو الفئة العمرية، ولا يكفي أن نتفاعل مع بعض الحالات من العنف ضد الأطفال،…

آراء

سيلفي مع عبدالرحمن الراشد

الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤

لا شك أن استقالة الزميل عبدالرحمن الراشد من منصبه كمدير عام لقناة العربية تشكل خسارة مؤثرة للمحطة الإخبارية التلفزيونية التي تسيدت المشهد الإعلامي العربي في سنوات قليلة، قدم عبدالرحمن الراشد للعربية خلاصة خبرته كصحفي لامع، وكان النجاح حليفه طبعا؛ لأنه صحفي ماهر وذكي وموضوعي وصبور ومتواصل مع كل جديد، وما هو أهم من ذلك هو خبرته في التعامل مع العقد المفاجئة التي تظهر هكذا دون مقدمات لتقلب الموازين رأسا على عقب.   بمغادرة عبدالرحمن الراشد لمكتبه في قناة العربية تكون الصحافة التلفزيونية خسرت صحفيا فذا لا تتوفر منه نسخة ثانية، أمثال عبدالرحمن الراشد لا يمكن العثور عليهم بسهولة.. لذلك تكون لحظات خروجهم من هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك لافتة للنظر، ولا أظن صحفيا سعوديا قد واجه موجات الهجوم الممنهجة مثلما حدث لعبدالرحمن الراشد، الذي كان ينظر ببرود شديد إلى هذا السيل الجارف من الاتهامات المجانية والشتائم القبيحة، الطريف أن الهجوم كان يأتي من أطراف متناحرة لا يمكن أن تتفق على شيء في هذه الدنيا إلا على بغضها له ولطريقته في إدارة القناة، ولكنه لم يكن يكترث.. أو أنه يكترث في بعض الأحيان، ولكنه لا يسمح لاكتراثه هذا بأن يغير في طريقة قياسه للأمور.. كانت التهم التي يرشقها به خصومه عديدة ومتنوعة وبعضها يفوق الخيال.. وبالطبع لو لم يكن أداء عبدالرحمن…

آراء

الاسترخاء المؤلم

الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤

هذا ما كان ينقص المأساة السورية التي تزداد هولاً ودماراً على مرأى العالم المتحضر، وما هو دون ذلك. لم يكن صعباً «تصوير» فيلم من دقيقة ونصف عن الفتى السوري البطل الذي يتعرض للقنص وينهض من «موته» لينقذ شقيقته من نيران القناص الغادر وسط صرخات التهليل والتكبير من خارج الصورة. الفيلم الذي لم يكن مقنعاً لكثيرين لحظة انتشاره كالنار في الهشيم على بعض الفضائيات التي «زينت» به أخبارها، وكذا على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب شكوك حامت حول دور للفتى يقوم به أمام الكاميرا، إذ بدا أن نهوضه بعد تعرضه للقنص يتضمن شيئاً تمثيلياً. الاستلهام الهوليوودي في إنتاج صورة شبيهة صار ثيمة معروفة، ويتقبّلها الجمهور بوصفها وثيقة للاسترخاء من داخل الشاشة وخارجها. تصبح الأمور أكثر تعقيداً لسببين: أولهما لن يقوم أحد بنقد الفيلم المصور، فهو وثيقة من وثائق المعارضة السورية في صراعها مع النظام السوري، بالتالي قد يصبح هذا النقد أداة في يد النظام، مع أن الأمور ليست على هذا النحو إطلاقاً. وإن كان هناك من بد في إعادة إنتاج هذا «الاسترخاء» المؤلم فعلى الأقل يجب أن تتحلى هذه الوثيقة بصدقية منقطعة النظير، حتى «يستجلبها» التاريخ في أعداده المقبلة. لكنّ الخطورة لا تكمن هنا بالدرجة الأولى، فبعدما عرفنا من محطة «بي بي سي» أنه «فيلم» صوّره مخرج نرويجي شاب اسمه لارس كليفتبيرغ…

آراء الثورة الحقيقية بدأت هنا

الثورة الحقيقية بدأت هنا

الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤

كلما ارتقت دولة الإمارات درجة في سُلّم تحقيق السعادة لشعبها، خرجت علينا منظمة من المنظمات بتقرير يشوه الصورة الجميلة التي يعرفها الجميع عن دولة الإمارات وقيادتها وشعبها، والمقيمين على أرضها من مختلف الجنسيات. لذا لم يشذ تقرير منظمة العفو الدولية الأخير عن هذه القاعدة، فصدر متزامناً مع احتلال دولة الإمارات مركزاً متقدماً على مؤشر السعادة الصادر عن مؤسسة «موف هاب» لهذا العام، والذي نشرته مجلة «تايم» الأميركية الأسبوع الماضي. التقرير الذي تضمن مغالطات كثيرة، جعلنا نشعر بأنه يتحدث عن بلد آخر غير دولة الإمارات التي نعيش فيها، فادّعى تعرض العشرات من الناشطين للمضايقة والاعتقال والتعذيب، وقال إنه يرفع الغطاء عن مناخ الخوف الذي اجتاح البلد منذ عام 2011، بعد الانتفاضات الشعبية العارمة التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط، حسب تعبيره. ولا ندري عن أي مناخ وأي خوف يتحدث التقرير؟! ، فقد كانت دولة الإمارات وما زالت أكثر الدول أماناً، وشعبها أكثر الشعوب التفافاً حول قيادته. ورغم بشاعة ما جاء في التقرير المتحامل على دولة الإمارات وقيادتها وشعبها، إلا أن الأبشع منه كان تعليق نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة، حسيبة حاج صحراوي، التي ادعت أنه «تحت بريق واجهة الألق والروعة، ثمة جانب أكثر ظلمة تكشفت معالمه في الإمارات العربية المتحدة»! تقرير مسيء وتعليق أكثر إساءة، وإذا كانت سلطات…

آراء

“العرب” تودع “الراشد”

الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤

تنطلق قناة العرب خلال الأسابيع القادمة في وقت يشهد فيه الفضاء التلفزيوني الإخباري تغيرات عديدة نتيجة تبدل في الأجواء السياسية من جهة، ونتيجة لإعادة هيكلة قنوات متنافسة من جهة أخرى. يقول البعض إن توقيت انطلاق القناة والذي من المتوقع أن يكون قبل نهاية هذا العام يأتي مواتيا لعدة اعتبارات أهمها أنها تأتي بعد استقالة عبدالرحمن الراشد من إدارة قناة العربية، وهي القناة المهيمنة على القنوات الإخبارية الموجهة للسعودية بشكل خاص، إضافة للمصالحة الخليجية، والتي من المؤكد أنها ستؤثر إيجابا في خفض حدة اللغة الإعلامية التي تنتهجها قناة الجزيرة حيال دول الخليج، وهو ما يعني أن هناك إعادة رسم للخارطة الإعلامية للقنوات الإخبارية من حيث الخطاب والتوجه والقدرة على المنافسة في أجواء من تبدل الأسماء والاتجاهات. قناة العرب والتي تصف نفسها قناة سعودية خاصة، تغطي الخبر السياسي الإقليمي والعالمي دون تسييس، عبر تزويد المشاهد بالأخبار الدقيقة المحايدة المعتمدة على التحري والتحليل العميق؛ تقع في تقديري في خطأ قد يلاحظه البعض وقد يتجاوزه البعض الآخر، فالقول بأن القناة ستعمل على تغطية الخبر السياسي بالحياد عبر التحليل العميق، يحوي في مكوناته الثلاثة ذاتها تناقضا فيما بينها ويطرح منذ البداية أكثر من سؤال. فكيف يحدث الحياد والخبر الذي ينقل قد تم تحليله تحليلا عميقا، أليس التحليل يبنى وفق منطلقات تعتمد على رأي المحلل أو…

آراء

نحن حراك لا يرى مشكلاته ولا أعتقده يريد أن يراها

الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤

في مقابلة أخيرة لي مع د. سليمان الهتلان، مقدم برنامج "حديث الخليج" على قناة "الحرة"، وأحد أفضل مقدمي البرامج في عالمنا العربي وأكثرهم ثقافة، سألني الدكتور: ما هي المشاكل الأكثر بروزاً على الساحة الكويتية التي أعتقد أنها بحاجة إلى تعامل مباشر؟ ولقد أدهشتني إجابتي وأنا أسمعها بعد ذلك؛ فقد عددت بعض المشاكل الاجتماعية والإنسانية والفكرية، لكنني لم آتِ إلى مشكلة المعارضة والمشاركة، أو بالأحرى إلى ما خلّفته هذه المشكلة من انشقاق في الصف الكويتي، لقد اختفت المشكلة، أو تلاشت أعراضها أو توارت مخلفاتها، وما بقي منها إلا ذكرى حزينة لحراك معارض مقاطع مشوش، لم يستطع أن يتماسك حتى وهو في أوجه.  ولطالما قلنا إن أقطاب المعارضة لا يقلون فساداً عن "المتعارض معهم"، ورددنا أن خراب هؤلاء يماثل، إن لم يَفُق، خراب أولئك، ولكنه المبدأ الذي كَتب علينا الاصطفاف في ذات الخانة، وهذا حديث طويل قديم ماعت أواصره، لكن ما كنت أؤمن به في ذلك الوقت، وهو الذي مازلت أنعاه اليوم، هو الحراك الليبرالي المقاطع، هؤلاء الشباب الرائعون الذين أصروا على قول لا، لكنهم قالوها ثم توقفوا عندها، وربما كلنا توقفنا عندها ولم نأخذ خطوة واحدة بعدها، يا شماتة الشامتين فينا. لا يهمني مسير البراك والطبطبائي ومجموعتهما، لم أؤمن في يوم إلا بخراب نهجهم، وكنت حين أنتقدهم يتهمني البعض بشق صف…

آراء

التدين الحقيقي وفهم الليبراليين العرب!

الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤

ربما يكون أول الليبراليين العرب الإمام أبا حنيفة النعمان القائل: «ليعلم من يضيق قلبه بنا أن صدرنا يتسع له». الليبرالية ليست غير الإيمان بالحرية والحق في الاختلاف، والتنوير هو الإيمان بالعقل، ولكن البعض لا يعرف الليبرالية ويحاكمها أو يشخصنها في بعض نماذجها السلبية أو البراغماتية فقط. ليبراليون ومدنيون كثر يعبرون عن هذا النموذج، أبهروني- ولا زالوا- يأتي في مقدمتهم عبدالعزيز باشا فهمي (1951) القاضي والمحامي الذي ينقض احتكار الدين واتهامات التكفير والتخوين على الليبراليين، يعرف عبدالعزيز باشا بأبي دستور 1923 فقد رأس لجنة صياغته وكان قائدها الفعلي، وهو أول رئيس لمحكمة النقض، وتولى وزارة المعارف (التعليم حينئذ) سنة 1926، واستقال إثر أزمة كتاب الإسلام وأصول الحكم لعلي عبدالرازق، التي أقيل الأخير بسببها من هيئة كبار العلماء. رأس حزب «الأحرار الدستوريون» فترة قليلة، صديقه وحميمه أحمد لطفي السيد أستاذ الجيل، تزاملا في التعليم في مدرسة الحقوق وفي المحاماة، وفي الابتعاث وفي النضال الفكري والوطني التنويري والعقلاني. أنجبا معاً التلاميذ الأساتذة، والعديد من الأدوار والمؤسسات كالجمعية التشريعية المصرية سنة 1908، شاركا في فض الفتنة والإصلاح بين عنصري الأمة المسلمين والمسيحيين عقب اغتيال بطرس باشا غالي في المؤتمر المصري سنة 1911، وشاركا في بناء الجامعة المصرية، وأدارها لطفي السيد واستقدم لها سعد زغلول كبار أساتذة زمانه من الشرق والغرب، وقادا مع آخرين ثورة…