آراء

آراء

في أصول العقيدة «الداعشية»

الإثنين ١٧ نوفمبر ٢٠١٤

لا مندوحة من الإقرار بأن الإسلام السُني بحاجة اليوم إلى إعلان حرب أفكار حقيقية لمواجهة خطاب التطرف الديني الذي تحول إلى معادلة جيوسياسية متمددة منذ إعلان «الخلافة الداعشية» التي اتسعت شبكة الولاء لها في مناطق كثيرة من العالم الإسلامي. ما يجهله الكثيرون هو أن للحالة «الداعشية» فكرها وخطابها العقدي، الذي يتجاوز حيزها السياسي، وهو فكر يمكن اختزاله في أطروحة رئيسية هي أن العقيدة موقف انتمائي له مضمون إيماني محدد وإطار سياسي حاضن هو الشكل «الأصلي النقي» للدولة الإسلامية الشاملة لدار الإسلام. من الخطأ التهوين من خطورة هذه الأطروحة التي تغذيها روافد عديدة منتشرة، أهمها النظرية السلفية الكلاسيكية في اعتبارها الإيمان عقيدة محددة التفاصيل وممارسة تعبدية ملازمة لها، ونظرية الإسلام السياسي في الدولة المجسدة لقيم وأحكام الدين. ورغم ان النظريتين تختلفان مع تصورات الإسلام السُني التقليدي، إلا أنهما أصبحتا من مسلمات الثقافة الاسلامية المشتركة، إلى حد انتفى الخيط الواصل بينهما والخطاب الراديكالي العنيف الذي يمتاح رؤيته ومواقفه منهما في سياق صدامي عنيف، للعوامل المجتمعية والاستراتيجية دور في تأجيجه وتوجيهه. ولنبدأ بالأطروحة الأولى المتعلقة بمفهوم الإيمان وما يرتبط به عكسياً من منظور تكفيري عنيف واقصائي، مذكرين بمركزية هذا الإشكال في تاريخ الفرق وصراع الفتن في الإسلام الوسيط. ومن دون الخوض في هذا الموضوع المتشعب، نكتفي بالإشارة إلى أن التقليد السُني تشكل في…

آراء

الطريق الذي اختارته دبي

الإثنين ١٧ نوفمبر ٢٠١٤

إذا كنت تسير في شارع الشيخ زايد في إمارة دبي بعد السابعة مساء، ستضيء لك الأبراج السكنية العالية بالأضواء الملونة، التي تعلو هذه المباني، واللوحات الدعائية والإعلانية التي تملأ جوانب الطريق، وأسماء كبرى الشركات العالمية التي تتخذ من هذه الإمارة مقراً إقليمياً لها في المنطقة، فيما البعض من هذه اللوحات تحمل صور المشاهير من الممثلين والشخصيات التجارية، الذين يزورون دبي لإقامة فعاليات، أو المشاركة في إحدى المناسبات المقامة، وفي مسافة قصيرة من جسر القرهود المتجه إلى منطقة جبل علي تنتشر المئات من الأبراج الفندقية والتجارية، في مقدمها برج خليفة أعلى مبنى في العالم، ستستمع بهذا المنظر في الليل وكأنها قصة رومانسية يتناوب في سردها كل برج شاهق، وتتذكر شوارع عالمية مثل أورشا رود في سنغافورة وبرود واي في نيويورك، من حيث انضباط حركة السير والنظام والترتيب، لا يمر عام من دون أن تعلن حكومة دبي منجزاً حضارياً جديداً يضاف إلى سكان هذه الإمارة، وحينما تحتفل الإمارات العربية المتحدة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل بمرور 43 عاماً على تأسيسها، إذ بدأت معظم المحال التجارية والمباني تعلق أعلام الدولة على أسطح المنازل أو في واجهتها وداخل المحال، فهي تحتفل بمسيرة إنجازات تحققت خلال أعوام قليلة، واستطاعت أن تضع لنفسها مكانة على خريطة العالم. الأسبوع الماضي أطلقت هيئة الطرق والمواصلات في دبي خدمة…

آراء

ماذا فعلتَ في سورية ؟

الإثنين ١٧ نوفمبر ٢٠١٤

في قمة العشرين في بريزبن جلس القيصر مجروحاً. انقضى زمن القبل والعناقات الحارة وتوزيع شهادات حسن السلوك. تغيّر موقع الرجل، وتغيّرت صورته. استقبله الزعماء الغربيون بالشكوك. أجلسوه في موقع المتهم. ولولا اللياقات الديبلوماسية لقالوا له: انظر دم الأوكرانيين على أصابعك. ولدى هؤلاء دم الأوكرانيين شيء ودم السوريين شيء آخر، وهو معني بالوليمتين. كان موقفه صعباً. لم يعد باستطاعته التنديد بالتفرد الأميركي، وإلقاء اللوم على القيادة الأحادية للعالم، والتذكير بما ارتكبه الأميركيون في العراق، وما فعله «الأطلسي» في ليبيا. لم يعد بريئاً. صار متهماً. يعرف قسوة ما يقال عنه، وأن سلوكه أعاد إطلاق سموم الحرب الباردة، وأن سياسته تتسم بالشراهة والبلطجة، وأن هاجسه ترهيب الدول المحيطة بروسيا، وأنه يستخدم سلاح النفط والغاز وزعزعة الاستقرار لتركيعها. ويهدد القارة العجوز بسلاح الصقيع. لم يكن الجو مواتياً في القمة. ثم أن الأرقام لا تكذب. العقوبات الغربية أوجعت الاقتصاد الروسي. الروبل يتقلص أمام الدولار، وانخفاض سعر النفط ليس خبراً ساراً. غادر القيصر قبل اختتام القمة. تذرّع بحاجته إلى النوم. أغلب الظن أنه يحتاج إلى مراجعة السياسة الثأرية التي يقودها «الرفيق» سيرغي لافروف. المشكلة ليست فقط في أوكرانيا. إذا نظر إلى الشرق الأوسط لن يشعر بالارتياح. هذا هو المشهد في العراق وسورية. طائرة أميركية في الجو والجنرال قاسم سليماني على الأرض. يزرع لافروف فيحصد سليماني. ليس…

آراء

القائمة الإماراتية الحاسمة

الإثنين ١٧ نوفمبر ٢٠١٤

صارت الإمارات الدولة الخليجية الأولى، بعد السعودية، التي تصنف تنظيم أنصار الله اليمني الحوثي إرهابيا، ولهذه الخطوة معانٍ كثيرة، أبرزها إعادة ترتيب العلاقات في المنطقة التي مرت بتبدلات سياسية خطيرة. مُنعت الجماعة لأنها تدار إيرانيا، وتوظف للاستيلاء على الدولة اليمنية ضمن حرب إقليمية. وجماعة «الحوثي» واحدة من 84 حزبا ومنظمة صنفتها الإمارات رسميا إرهابية، وقد أثارت الخطوة الإماراتية غضب البعض، وبشكل خاص، جاءت الاعتراضات من الكتائب الإعلامية المنتمية لجماعات الإخوان المسلمين، والتي صنفت على رأس القائمة الإرهابية. وبدلا من الدفاع عن سجل الإخوان أو تبرئتهم، كانت حجتهم استنكارهم عدم تضمين حزب الله اللبناني على القائمة. طبعا، الحزب مصنف وممنوع منذ زمن بعيد. كما أن القائمة ضمت فصائل موالية له، مثل «حزب الله السعودي في الحجاز»، وهي جماعة تتبع إيران، وكذلك «حزب الله الخليجي»، ومنظمة بدر، و«عصائب أهل الحق» العراقيتين، وجميعها شيعية متطرفة. كما ضمّت القائمة الإرهابية تنظيمات سنية متطرفة مثل «القاعدة» و«داعش» «وحركة أحرار الشام» في سوريا، وكتيبة «أنصار الشريعة» في ليبيا، وجماعة «أنصار الشريعة» في تونس، وجماعة «أنصار بيت المقدس»، و«الجماعة الإسلامية»، وجماعة «أجناد» المصرية، وأحزاب «الأمة» في الخليج وهي سلفية متطرفة. في الماضي كانت الجماعات الإرهابية محدودة العدد، ولها عناوين واضحة، لكن اليوم نتيجة للفوضى والحروب المشتعلة في ثلث الدول العربية، كثرت أعدادها واشتبهت على الناس. دائما كانت…

آراء

كيف تبدو السعودية في رؤية كيسنجر؟

الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤

منذ إدارة الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، بات هنري كيسنجر يعتبر أحد أبرز السياسيين الأميركيين منذ سبعينات القرن الماضي وحتى الآن. بدأ مشواره السياسي كمستشار للأمن القومي، ثم وزيراً للخارجية للرئيسين نيكسون وجيرالد فورد. ترك بصماته في السياسة الخارجية الأميركية أولاً من خلال دوره في إنهاء حرب فيتنام، والانفتاح على الصين، ثم الصراع العربي - الإسرائيلي. في الأخير كان نجم ما كان يعرف حينها بـ«سياسة الخطوة خطوة»، ثم فك الارتباط بين القوات العربية والإسرائيلية على الجبهتين المصرية والسورية، وذلك بعد وقف إطلاق النار في حرب أكتوبر (رمضان) عام 1973. بعد ذلك لعب دوراً مهماً في تسهيل التحول الذي بدأه الرئيس المصري الراحل أنور السادات عندما قرر أن ينهي تحالف مصر مع الاتحاد السوفياتي آنذاك، وأن يستبدله بالتحالف مع الولايات المتحدة. إذا أخذنا هذا في الاعتبار، مضافاً إليه تاريخ كيسنجر مع المنطقة، وتاريخ حضور النفوذ الأميركي في هذه المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يصبح من المهم التعرف إلى رأي من يمكن اعتباره عميد الديبلوماسية الأميركية. مرت أكثر من أربعة عقود على تقاعد كيسنجر من العمل السياسي، وبالتالي تحرر من قيود المركز الرسمي. كيف ينظر في هذه المرحلة الحرجة إلى السعودية كحليف للولايات المتحدة، وكعضو في ما يسميه النظام الدولي؟ هذا ما نجد إضاءات عنه في كتابه الأخير بعنوان «النظام العالمي…

آراء

“الشروطي” و”القاضي الاختياري”

الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤

الأيام الماضية كانت حافلة بكثير من التصريحات والآراء عن الإعلان عن الخطوة الموفقة، والطفرة النوعية لوزارة العدل في إسنادها الوكالات وتوثيق المبايعات والعقود لمن تتوافر فيهم شروط "الإسناد"؛ وذلك بحسب المواد الخمس عشرة التي تضمنتها اللائحة التي دشن معالي وزير العدل العمل بها.. المأمول من هذه الخطوة المنتظرة منذ فترة هو الرقي بخدمات التوثيق العدلية في المملكة، وتمكين الجميع من الاستفادة منها في كل زمان ومكان، بالإضافة إلى الإفادة من (550) كاتب عدل للالتحاق بالعمل في السلك القضائي. هنا سأكتب عما لم أراه؛ لعل المهتم بهذا الحدث المهم أن يحسن المواكبة له.. الموثق ـ كما يعرفه المهتمون ـ هو من يمارس القضاء الاختياري؛ التعاقدي: التوافقي أو الوقائي، وهو ضابط رسمي مفوض لإضفاء الطابع الرسمي على الاتفاقيات والعقود ـ في اللائحة: يعهد إلى الموثق توثيق: بيع العقارات. قسمة المال المنقول. الوكالات وفسخها. تأجير العقارات والمنقولات. عقود الشركات، وملاحق التعديل، وقرارات ذوي الصلاحية فيها. التصرفات الواقعة على العلامات التجارية، وبراءات الاختراع، وحقوق المؤلف. العقود الواقعة على المال المنقول. إقرار الكفالة الحضورية والغُرمية. الإقرار بالمبالغ المالية، وتسلمها، والتنازل عنها". مهنة التوثيق لا ترتبط ـ كثيرا ـ بمهنة المحاماة، وإن كان المحامي أبرز المرشحين؛ وذلك لأن التداخل بين المهنتين معلوم؛ فالموثق كما ذكرت قاض اختياري للمحافظة وقائيا على الحقوق والأملاك، وهو يعمل على إحكام…

آراء

الحكومة الجديدة: الاقتصاد والدستور

الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤

يتعرض اليمن منذ ثلاث سنوات لعملية نهب منظمة لدور الدولة وتدمير ما تبقى من بنيتها الاجتماعية والسياسية والإدارية، وشارك الكل بحسب قدراتهم في اللهث وراء اقتسام ما توهموا أنه تركة نظام رحل وتصوروا أن وجوده قد انتهى أو تقلص داخل هياكل المؤسسات القائمة، وساهم في خلق هذا السراب اندفاع، من دون تردد ولا كلل، من المجتمع الدولي لتأييد النظام الجديد وإغراقه بالوعود التي انتهت إلى كلمات لا تشبع جائعا ولا تعالج مريضا.. كتبت على هذه الصفحة قبل أكثر من عام أن الرئيس هادي لن ينجح، إلا إذا استمر المجتمع الدولي ومجلس التعاون متعاونين لإنجاح التحولات التي يتمناها اليمنيون، ولكن الأمر للأسف لم يكن كذلك فتوارى دور المجلس وضعف تأثيره على الأحداث، مما أتاح الفرصة لإخراج دوله من دائرة التأثير الذي هو - حكما - ليس شأنا داخليا يمنيا صرفا، بل تتعدى تبعات تدهور الأوضاع فيه إلى خارج حدوده وإلى جعله ساحة صراع إقليمي لا يستفيد منها، بل على العكس سيدفع فاتورته منفردا، وسيبقى مثخنا بجراح هذه المعارك دون أن يكون له فيها ناقة ولا جمل. بعد أيام، سيكون على الحكومة الجديدة تقديم برنامج عملها إلى مجلس النواب، ومن المؤكد أنها ستحصل على ثقته، إذ لن يكون مقبولا ولا معقولا حجبها، مما يؤدي إلى استمرار الدوران في حلقة مفرغة نتيجة جشع…

آراء

القنابل لن تحل جذور المشاكل

الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤

منذ أن بدأت أميركا حربها على الإرهاب، كانت القنابل الموجهة أحد أهم طرقها للتعامل مع ظاهرة الإرهاب عند «طالبان» و«القاعدة» أو «داعش» في الوقت الراهن. لكن الأصوات بدأت في التعالي من هنا وهناك حول جودة هذه الأساليب في التعامل مع الإرهاب وهل أصبح العالم بعدها أكثر أمنا أم أن هذا الأمر قاد تلك العصابات المتشددة إلى مزيد من الدهاء والعنف، لعلي قبل أن يتهمني بعضكم بالتعاطف مع الإرهاب أنقل لكم ما قاله «كريستوفر هارمر»، محلل الشؤون العسكرية البحرية الأميركي والباحث في مؤسسة دراسات الحرب، في حديث لـCNN، «الجيش الأميركي يقصف طالبان منذ 13 سنة دون نجاح». إن الإرهاب تطور في أساليبه كما ذكرت الـDPA: «قالت الاستخبارات الخارجية الألمانية: إن تنظيم داعش أخطر منظمة إرهابية على مستوى العالم، ويسبق في خطورته تنظيم القاعدة، ويعتبر جهاز الاستخبارات أن داعش أكثر المنظمات الإرهابية ثراء والأفضل تنظيما وتسليحا، وقال رئيس الجهاز جيرهارد شيندلر في خطابه أمام مؤتمر استخباراتي في برلين إن: «داعش يمتلك ويستخدم مفاتيح الإرهاب كافة، من الهجمات الإرهابية التقليدية، وصولاً إلى العمليات العسكرية المخطط لها بعناية وشمولية». وبالرغم من أن دول التحالف ضد الإرهاب لديها خطط وبرامج للحصار المالي والأيديولوجي إضافة للجهد العسكري، إلا أن الخرق اتسع على الراقع كما يُقال، فالمزيد من التأيد بات يأتي من دول مختلفة حسب تقرير نشرته…

آراء

النفط السعودي واستقرار العالم

الأحد ١٦ نوفمبر ٢٠١٤

هنا في مدينة بريزبن الأسترالية، حيث تعقد القمة السنوية لقمة العشرين، الأنظار معلقة بانتظار كلمة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي رئيس وفد بلاده نيابة عن خادم الحرمين الشريفين. تعقد القمة وأسعار النفط تصل إلى أدنى مستوياتها في 4 سنوات دون 77 دولارا، بينما وكالة الطاقة الدولية تتوقع استمرار تدهور الأسعار، ومجموعة العشرين لن تستطيع دعم النمو العالمي، سواء مع ارتفاع أسعار النفط بشدة أو مع انخفاضه أيضا بشدة، فكيف تعاطت السعودية مع هذا القلق الكبير الذي يتزامن مع انعقاد أهم قمة في العالم؟ 3 رسائل بالغة الأهمية، في ظني، أرسلها الأمير سلمان في كلمته أمس، متعلقة بأسواق النفط العالمية؛ الأولى أن بلاده مستمرة في سياستها المتوازنة ودورها الإيجابي والمؤثر لتعزيز استقرار أسواق الطاقة، والأخذ في الاعتبار مصالح الدول المنتجة والمستهلكة، وهذا الأمر لو لم تقم به السعودية لما خرج العالم من كبوته إثر الأزمة المالية العالمية 2008 وما تبع ذلك من ارتفاع أسعار النفط لـ150 دولارا، لولا الموقف السعودي في الأخذ بمصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء. والرسالة الثانية هي التأكيد على أن السعودية ليست في حالة خصومة مع الوقود الأحفوري الذي يساهم في توازن أسواق الطاقة العالمية، وكذلك ضمان إمدادات الطاقة، أي أن الرياض تؤكد أن النفط الأحفوري ليس في باب المنافسة مع النفط التقليدي…

آراء

شكوك متبادلة

السبت ١٥ نوفمبر ٢٠١٤

نما الشك الأميركي تجاه الحليف العربي، منذ عام 2001 عندما تم الإجهاز على أكبر مبنى في نيويورك، واستهدف الهجوم أيضا البيت الأبيض، ومقر الوزارة الأكبر في الولايات المتحدة (البنتاغون)، واختفت لساعات قيادات أقوى دولة في التاريخ الحديث من جراء تلك المفاجأة المذهلة. لقد ظهر (مارد) خفي قد شق طريقه من اللاشيء، لم تستطع كل استخبارات البلد الكبير أن تتوقعه، أو حتى تتصور حدوثه، وتصاعد ذلك الشك في السنوات اللاحقة بترجمته إلى سياسات تقبلها بعضنا بصدر رحب، وقد كتب في هذا الأمر المجلدات، وجرى فيه حبر كثير، وما زال، لتفسير ما حدث على أوجه مختلفة، وفرز أيضا سياسات ما زالت آثارها على الأرض ونتائجها تظهر تباعا. قابل ذلك الشك الأميركي تجاه العرب (المسلمين) شك أخرى معاكس نما بعد أحداث 2011؛ فقد أنتج (الربيع العربي) شكا عربيا (مسلما) نما بسرعة، مقتنعا بأن كل ما حدث في (ربيع العرب) هو من تخطيط وترتيب وحث أجهزة الولايات المتحدة، وهذا التدبير هو الذي أطاح بأنظمة (الجملوكيات) وفي طريقها للإطاحة بالباقي! من تبنى النظريتين لا يقصر عن الحصول على (شواهد) واضحة تؤكد رؤيته، فيما قيل أو كتب أو حتى اتخذ من سياسات، لتأكيد وجهة نظره تلك. ما يفكر فيه الأميركان ذلك خاص بهم، صح أو خطأ، ما يهمني مناقشته هو التصاعد في الشك، وتصور ليس دقيقا…

آراء

السعودية وقمة العشرين والبترول

السبت ١٥ نوفمبر ٢٠١٤

وصل الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية، إلى مدينة بريزبن الأسترالية، للمشاركة في قمة العشرين، وقد سبقته عاصفة من التساؤلات، والتحليلات، حول مسار أسعار النفط، هل هي حرب ضد إيران وروسيا، أم ضد إنتاج الولايات المتحدة من النفط، أو مجرد فصل جديد من الدورة البترولية التاريخية؟ وفي قمة بريزبن للدول العشرين الأكبر اقتصاديا في العالم، ليس موضوع الطاقة وحده سيناقش، بل ستكون هناك لقاءات سياسية جانبية أكثر إلحاحا، فمن المتوقع أن تثار قضايا الحرب والسلام في سوريا والعراق وإيران، والتطرف المسلح، إلى جانب أوكرانيا، والبيئة وإيبولا. السعودية هي الدولة الكبرى في مجموعة أوبك، إنتاجا وتصديرا، وتملك مفتاح استقرار سوق الطاقة، لكنها ليست من هواة خلط البترول بالسياسة، تدرك أنها لعبة خطيرة قد تهدد قوت مواطنيها. وبعد أن قيل الكثير حول الأسعار المتدحرجة، تحدث أخيرا وزير البترول السعودي، المهندس علي النعيمي، نافيا وجود أي دوافع سياسية خلف خفض الأسعار، وأن السوق وحدها من تتحكم فيه. يرد بذلك على مقولة ترددت كثيرا في الأيام الأخيرة، تدعي أن السعودية تريد الضغط على إيران وروسيا سياسيا بتخفيض سعر البترول، لإجبارهما على تبني مواقف سياسية مناسبة! وعند تأمل هذا التفسير نجده يخالف المنطق لأسباب بديهية؛ أولها أنه لا توجد مواقف سياسية مطلوبة من الدولتين تستوجب هذه المغامرة الخطيرة التي تمس الدخل…

آراء

أزمة العقار.. الطريق المسدود

السبت ١٥ نوفمبر ٢٠١٤

يمكن القول إنّ حلول وزارة الإسكان التي تركّزتْ فقط طوال الفترة الأخيرة على دعم جانب التمويل بالنسبة للأفراد وصلتْ إلى آخر طريقٍ ممكنٍ لها! حيث دفعتْ بآخر ورقةٍ لديها ممثلةً في برنامج التمويل الإضافي، الذي يقوم على كونه برنامج تمويل مشتركا يعمل وفق التالي: إمّا (1) إضافة قرض إضافي من المصرف المموّل إلى قرض صندوق التنمية العقارية ليشتري المواطن عقاراً جاهزاً. أو (2) شراء المصرف المموّل الأرض للمواطن، ويقوم صندوق التنمية العقارية بتمويل بناء العقار عليها. أو (3) تمكين المواطن الحاصل على قرض من صندوق التنمية العقارية، الذي قد أتمّ بناء منزله، من الاستفادة من القرض الإضافي لبناء دور جديد، أو شقة على عقاره، ورهْن عقاره لدى المصرف المموّل. أو (4) إمكانية اقتراض المواطن من المصرف المموّل قرضاً إضافياً في حال عدم تغطية قرض صندوق التنمية العقارية لتكاليف بناء عقاره، ورهن ذلك العقار لكل من الصندوق والمصرف المموّل حسب حصّة كلٍ منهما. هكذا فهمتْ وزارة الإسكان "توجيه مجلس الوزراء بالتسهيل على المواطنين لامتلاك مساكن لهم"! بأن تفتح على كاهل المواطن أبواباً أخرى تضاعف المديونيات عليهم، دون النظر من قريبٍ أو بعيدٍ إلى صلب الأزمة العقارية لدينا المتمثلة في احتكار الأراضي، وما نتج عنه من ارتفاعاتٍ قياسية للأسعار. في المقابل لم نرَ منها حتى تاريخه بعد هذه الأعوام منذ تأسيس الوزارة…