آراء
الأحد ٠٩ نوفمبر ٢٠١٤
يشجب محمد الفواز حال دورات المياه في مسجد حيه؛ في كل مرة يدخلها للوضوء يُصاب بخيبة أمل، إثر عدم نظافتها. خاطب وزارة الأوقـــــاف، تحدث مع الإمام، طرق كل الأبواب من أجل الاهتمام بها، لكن وضعها لم يتغير كثيرا. قرر محمد قبل نحو عام أن يسهــم في مواجهة هذه المشكلة، خصص ساعتين أسبوعيا لتنظيـــف دورات ميـــاه مسجد حيه، شعر المصلون بالفرق الكبير الذي تركه محمد على دورات المياه؛ فلم تعد نظيفة فحسب، بل عطرة. استثمر محمد هذا الشعور الإيجابي تجاه مبادرته وكتب على باب دورة المياه: "إذا أردتموها نظيفة هكذا يجب أن نعمل معا، ونوزع العمل فيما بيننا". كان التجاوب غفيرا؛ فدورات مياه هذا المسجد الكائن في الظهران لم يعد تنظيفها مقتصرا على محمد؛ بات يشارك معه أكثر من 20 مصليا يتناوبون على تنظيفها طوال الأسبوع. أحس محمد أن الوقت أمسى مناسبا لكي يطور هذه المبادرة، عبر إشراك الأطفال فيها؛ حتى يصبح هذا السلوك مستداما؛ حاول دعوتهم لكنهم لم يتجاوبوا بما فيه الكفاية، رأى أن يكافئ المشاركين بجوائز مختلفة تبرع بها بعض المحسنين. يتم تكريم ثلاثة أطفال مميزين في أدائهم شهريا بأجهزة لوحية حديثة. دفعت هذه الخطوة الأطفال للمشاركة بكثافة. الجميل أن سلوك هؤلاء الأطفال لم ينعكس على مسجد الحي، وإنما منازلهم أيضا. فلقد لاحظ الآباء أن بعض أبنائهم باتوا يشاركون…
آراء
السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤
كان مانشيت صحيفة «الجزيرة» الصادرة من العاصمة السعودية الرياض الأربعاء الماضي رائعاً، إذ سطّر وبالخط الأحمر العريض «إرهابكم لن يفرقنا». رسالة مطمئنة، يحتاجها السعوديون وهم يرون جيرانهم من حولهم يتحاربون ويقتل بعضهم بعضاً وقد انقسموا طوائف وأحزاباً، ولكن، هل صحيح أنهم «لن يفرقوننا»؟ هل اختار العراقي الشيعي والسنّي هذه الحرب التي يعيشونها؟ هل لنا ان نتفكر كيف اشتعلت نار الطائفية في العراق ومن أشعلها؟ الطائفية والكراهية ليست اختيار عامة الشعوب، جُل الشعوب معتدلة وسطية، مثلهم مثل أهل الأحساء الذين صُدموا مساء الإثنين الماضي من أول وأخطر حادثة طائفية تجري في محافظتهم. المعتدون ليسوا من المنطقة، ولا يمثلون غالب السعوديين، إنهم فرقة تحمل كرهاً عميقاً نحو الشيعة، بل نحو «الآخر» عموماً بغض النظر عمّن يكون هذا الآخر. رؤيتهم للوطن والمجتمع لا تنسجم مع رأي الغالبية، ولو جرت انتخابات في السعودية لما فازوا بها، ولكنهم قادرون على جرّنا جميعاً إلى أتون الطائفية مثلما فعلوا في العراق، لماذا؟ لأننا مستعدون لذلك، لأننا لم نحصن أنفسنا من عدوى الطائفية عندما ألقوها علينا. اعتراف كهذا يرفض معظمنا الإقرار به، ولكنه الحقيقة، جولة سريعة في حِلَق العلم واستمع للطائفية والتحقير عندما يفتح موضوع الطوائف الأخرى، خصوصاً الشيعة، جولة أسرع في قنوات فضائية وستسمع قدراً أكبر من الكراهية بزعم الدفاع عن صحيح الدين، والكتب المدرسية، والفتاوى، والمقالات،…
آراء
السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤
الدعوة إلى التفكير في الخيار العلماني بالسعودية ترسخ فكرة الدولة الحكم التي لا تنحاز لتيار ضد آخر، وفي نفس الوقت، تمنع أي تيار من فرض أجندته على الآخرين. لا أميل لشعارات “الإسلام هو الحل”، أو “العلمانية هي الحل”، فالإسلام دين وليس حلا أو مشكلة، ولأن هذه الشعارات تسطيح يحمل في طياته رومانسية مفرطة ومستحيلة، ولعلي أرى أن أي فكرة أو منهج ممكن أن يحمل مقدمات الحلول أو طريقها، فحصر حل واحد لجميع المشاكل غير منطقي وغير واقعي. موضوع حاكمية الشريعة طرِح متأخرا في تاريخ المسلمين، ولم يكن موضوع جدال في دول المسلمين الأولى إلا في عهد علي بن أبي طالب، حين رفع الخوارج شعار “الحاكمية” فقاتلهم عليه! الغريب أن هذا الشعار ركيزة أساسية في تيارات الإسلام السياسي اليوم. إن الثورات السياسية التي شهدتها الدولة الأموية ثم الدولة العباسية كان موضوعها “العدل” وأحيانا “الأحق بالخلافة” لا الحاكمية. العدل هو الغاية، وكانت الحاكمية- من وجهة نظر البعض- سببا للعدل، وللأسف فإن “الإسلاموية” ركزت على السبب وتركت الغاية، وساندتها في ذلك، الأنظمة المستبدة التي تذرعت بالحاكمية أو بتطبيق الشريعة لتبرير القمع، فالعدل لا يحتاج التبرير على عكس الظلم، كما أن التلطي بعباءة الدين وسيلة ناجعة لتدجين المجتمعات وقمع المعترضين على الواقع. إن طروحات علماء عصر التنوير العربي كانت متصالحة مع فكرة العلمانية وحاسمة…
آراء
السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤
عشرات السنين بل لا أبالغ ان قلت مئات السنين لم نكتشف ان السنة والشيعة يجب أن يقتل أحدهما الآخر! لم نكتشف هذه الحقيقة إلا عندما أراد الغرب ذلك! يا لطيف ما الذي حل بالمسلمين؟! يقتلون بعضهم بعضا بدم بارد وليس مثل دينهم تحريما لقتل النفس ويشدد أن القاتل والمقتول بالنار ليس مثل دينهم حقنا للدماء وتحريما لقتل النفس .. يارب سترك، لم يسلمهم من بعضهم أن كلاهما يشهدان أن لا آله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، كل منهما يُكفر الآخر وكأن عنده من الله سلطان، يتنابزون بالروافض والنواصب؛ والخاسر الوحيد هو الأمة الأسلامية وهيبتها ، والرابح الوحيد هو عدو الإسلام والمسلمين ! اللهم إنا براء من مسلمي الفروع تاركي الأصول، براء ممن تركوا تبعية نبيك ورسولك وتشددوا في إتباع أصحابه وتقديسهم كرسل في تنزيه لم تمنحه ياربنا إلا لرسولنا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، اختطفوا أرحم وأشرف دين ليقتلوا بإسمه آلاف الأنفس البريئة وهم يعلمون أن من قتل واحدة منها كأنما قتل الناس جميعا، ما أعظمك من دين تُحرم قتل النفس بهذه الطريقة القطعية التي لا مجال لتحريفها أو تأويلها ! اجدادنا كانوا سدا منيعا ضد أي خطة تسفك دم إنسان يشهد بأن لا آله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؛فكان الغرب يخترعون خططا عبر تأجيج…
آراء
السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤
العنف بين الشباب يشغل العالم وتعمل الدول على معرفة أسباب انتشاره بيهم، خصوصاً بعد ظهور «داعش» كتنظيم دولي استطاع أن يغرر بكثير من الشباب على اختلاف ثقافاتهم. واليوم ينشغل العالم بقضية العنف بين الشباب المسلم والعربي دون أن ندرك أبعاد الظاهرة المدمرة لطاقات الشباب الذي أخذ بالتحول نحو سلوك العنف المدمر للذات وللمجتمع. انتشر «السلوك العدواني»، بلغة علم النفس، بين شباب دول الخليج العربي، وهي دول تعتبر مترفة اقتصادياً، لذلك أصبح السؤال المحير أكثر إلحاحاً: لماذا يتحول الشباب نحو العنف؟ ومن هنا يبدو الأمر محيرا عند التفكير في أسباب اتجاه بعض الشباب نحو التشدد والتطرف والإرهاب، وهي ظاهرة خطيرة تشير إلى أن سلوك العنف يستشري في المجتمع وأن على الدول وضع استراتيجيات لمعرفة أسباب الظاهرة وأبعادها المستقبلية. والعنف -كما نعرف- ليس غريزة وإنما سلوك يتعلمه الإنسان من البيئة الحاضنة، ليتحول إلى سلوك ثم إلى أيديولوجية مسيطرة تبرر له سلوكه. وقد تساعد على ذلك الغرائز النفسية والأجواء التربوية والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الشباب، فيتحول الإحباط الناشئ من كل ذلك إلى تراكم مضغوط يمكن أن ينفجر في أي لحظة. وكما نعلم فإن الذات تنزع إلى الخلاص من الضغط، ويكون العدوان أحياناً السلوك الدفاعي للذات في سعيها وراء الخلاص من ضغط الإحباط. كثير من الدراسات شخصت الوضع وحددت الأسباب في…
آراء
السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤
إحياء ذكرى عاشوراء في دمشق (كما غطّته «الحياة» الاثنين الفائت) حدث غير عاديّ في دلالاته. وهذا لا يعود فحسب إلى «أمويّة» العاصمة السوريّة والغلبة الكاسحة تقليديّاً للونها السنّيّ، ولا إلى حقيقة أنّ إحياء عاشوراء على هذا النحو غيرُ معهود في تلك المدينة. إنّه يرجع، أوّلاً وأساساً، إلى أنّ الأقلّيّة العلويّة ليست، بالتعريف، شيعيّة إثني عشرّية، ولا تحتفي تالياً بعاشوراء، علماً أنّها هي الطائفة الأقلّيّة الأكبر في سوريّة التي يمثّل شيعتها أقلّيّة ضئيلة العدد. لقد جاء في الخبر: «شهدت شوارع دمشق إحياء غير مسبوق من حيث التنظيم والكثافة لذكرى عاشوراء بفضل تسهيلات قدّمها نظام الرئيس بشار الأسد، وشارك فيها شيعة من سوريّة ولبنان والعراق وإيران وعناصر ميليشيات تقاتل إلى جانب القوّات النظاميّة ضدّ المعارضة السوريّة». وترافق الحدث الدينيّ والطقسيّ هذا مع حدث سياسيّ وعسكريّ مفاده أنّ إيران وحّدت تنظيمات شيعيّة عراقيّة وأفغانيّة وسواها تقاتل في سوريّة تحت قيادة إيرانيّة. لكنْ في اليمن أيضاً جدّ تطوّر مشابه. والخبر اليمنيّ يقول بدوره: «أحيت جماعة الحوثيّين في صنعاء أمس وللمرة الأولى، ذكرى عاشوراء على طريقة الشيعة الإثني عشريّة، وغطّت الشعارات واللافتات السود شوارع المدينة». حصل هذا بعد كلّ ما راج عن اعتناق الحوثيّين، المدعومين من إيران، الشيعيّةَ الإثني عشريّة، علماً بوجود رأيٍ يفيد أنّ المذهب الزيديّ الذي صدر عنه الحوثيّون يقع في نقطة وسطى…
آراء
الجمعة ٠٧ نوفمبر ٢٠١٤
قبل الكتابة عن (جمال) لابد من كلمة شكر إلى مجموعة جميرا على تفاعلها المباشر مع مقال «دو خمس نجوم»، حيث تم التواصل معي لتوضيح الإشكال بأن الأمر كان مجرد تصرف فردي وليس من سياسة المجموعة، وفي مبادرة طيبة قاموا بإرسال منتجات المجموعة إلى صديقي (محمد). وبالعودة إلى (جمال) صاحب الشخصية الاجتماعية المرحة، الذي عرفته في المرحلة الثانوية خلال دراستنا في مدرسة أحمد بن حنبل بالشارقة، فقد كان «رياضياً» عاشقاً لكرة القدم، إذْ لعب في الفريق الأول بنادي الشارقة منذ موسم 89 -90 لمدة ثلاثة مواسم، أذكر أنه كان متألقاً بشكل لافت. يقول (جمال): توظفتُ بعد حصولي على الثانوية في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وظللتُ أمارس هوايتي كلاعب في النادي، إلا أنني ـ في الحقيقة ـ كنت «غير مرتاح»، خصوصاً حينما رأيتُ زملائي شقوا طريقهم إلى الجامعة وشرعوا في التخرج الواحد تلو الآخر، وهكذا جاء القرار الصعب! قررتُ أن أتركَ عالم الرياضة والروتين اليومي لأسافرَ بعيداً ـ مبتَعثاً من الدولة ـ إلى أميركا، وهناكَ بدأتُ رحلة جديدة مع تخصص «علم الإنسان». يدين جمال بنجاحه إلى هذه المرحلة العلمية من حياته؛ حيث صنعت منه إنساناً مختلفاً، إنساناً يحمل همّ التغيير، إنساناً لديه طموح ورؤية. قضى سنواته هناك يدرس ويعمل، عمل في المقاهي وواصل تعليمه حتى الدكتوراه إلا أنه ـ وللأسف ـ لم…
آراء
الجمعة ٠٧ نوفمبر ٢٠١٤
هل نكشفها أم نحتفظ بها في صدورنا؟ يقول فيلسوف اسكتلندا الشهير "روبرت لويس ستيفنسون": احتفظ بمخاوفك داخل نفسك، أما شجاعتك فأشرك معها الآخرين". قد تبدو نصيحة بالية لا تتفق مع الظروف التي نعيشها الآن في بلدنا، ولكن تحتاج إلى نقاش في مسألة كشف الخوف كعنصر من عناصر الشجاعة إذا صحت مقوماته. فهناك مخاطر خارجية تدور حولنا وهي واضحة، ولكن هناك مخاطر داخلية أكبر خطرا وهي أقل وضوحا. وفات الحديث الآن، أو أنه ليس الوقت المناسب لمناقشة من كان السبب أو المتسبب، أو ما هي الأسباب التي ولدت مجتمعا غاضبا؟ ثم كيف أننا حلمنا طويلا أن الخطر الداخلي بالذات بعيد عنا، وأننا مجتمع السكينة والطيبة والتعامل الهادئ، فإذا الغضب العارم الذي لا يرى إلا بواسطة عينين من الكراهية والانتقام يعم بعض فئاته. لقد تحولنا بسرعة الضوء من مجتمع هادئ، جزيرة سلام معزولة عما يجري في العالم من قلاقل، فإذا القلاقل تصنع في داخل بلدنا، وفوجئنا أن جزيرة السلام الهادئة تنفث فيها أيضا البراكين! دعوني أوضح ما يدور في ذهني بالاستعانة بقصة واقعية حدثت للكاتب الإنجليزي الشهير، والمعروف بالخيال العلمي "هـ. ج. ويلز". كان ويلز في أحد الأيام جالسا في حديقة "هايد بارك" في لندن عندما لمح شابا يضع يديه في جيب معطفه، ثم يخرجهما ويفركهما، ثم يعود لوضعهما في الجيب من…
آراء
الجمعة ٠٧ نوفمبر ٢٠١٤
عندما تأمل عالم الإدارة د. جيمس بيرنز عبر دراساته الشهيرة، القادة، وجدهم ينقسمون إلى نوعين. الأول قائد تحويلي (transformational)، أي لديه المقدرة على إجراء تحول أو تغيير نوعي في المؤسسة وفي أتباعه. ولذا فهو يتمتع بمقدرة كبيرة على تحفيز من حوله لأنه «ملهِم» ومحفز ولديه رؤية ثاقبة ولا يعمل لنفسه، بل لمصلحة المؤسسة. وهذا النوع يذكرني ببعض القادة ممن ينحصر جل اهتمامهم في حماية كراسيهم ربما لأنهم موقنون بضعفهم فتجدهم مثلا يتحاشون تعيين نواب لهم خشية أن «يخطفوا منهم الأضواء». ومنهم من لا يهدأ له بال إلا بإحاطة نفسه بضعفاء يسيرهم كيفما شاء، ولا يعلم أن القائد يستمد قوته من قوة فريقه. ولحسن الحظ، فإن هذه السلبيات لا يفعلها القائد التحويلي المؤثر. أما النوع الثاني فهو القائد الإجرائي (transactional)، أي «التقليدي» الذي ينصب جل اهتمامه على تسيير الإجراءات اليومية. فهو ديدنه التأكد من أن أتباعه أو مرؤوسيه يطبقون الأهداف المكتوبة. ويعاملهم بمبدأ الثواب والعقاب، ولذا فإن علاقته مع الآخرين «تبادلية»، وهو اسم آخر اشتهر به هذا النوع من القيادة. هاتان النظريتان انتشرتا بشكل كبير في عالم الإدارة، وهما من الأنماط الحديثة في القيادة حتى جاء علماء من أمثال الدكتور برنارد باس ورفاقه فتمكنوا عبر نموذج تقييمي من قياس صفات محددة تحدد من هو القائد التحويلي الذي تظهر بصماته الجادة في…
آراء
الجمعة ٠٧ نوفمبر ٢٠١٤
شهدت مدننا العربية يوم الثلاثاء الماضي، ومن بغداد والنجف وكربلاء إلى دمشق، وبيروت، وصنعاء، والكويت، والبحرين، بل وإلى حي الجمالية بالقاهرة بجوار الحسين والأزهر، البعض من شاطبي الرؤوس وضاربي الصدور، بمناسبة عاشوراء، ذكرى استشهاد الإمام الحسين بجوار الكوفة بالعراق في مواجهة عسكر أموي، عام 61 هـ/ 680 - 681 م. والشيعة يحتفون بذكرى المأساة منذ القرن الرابع الهجري. وقد استجدت «الشعائر الحسينية» على الشيعة اللبنانيين في أربعينات وخمسينات القرن العشرين مستوردة من إيران والعراق. وبسبب علاقتها برمزيات المذهب واستمراره؛ فإنها ما كانت تثير سخط أحد أو استنكاره، باستثناء كبار علماء المذهب الجعفري، الذين كانوا، ولا يزالون، ينكرون على العامة والمهيجين التطبير (ضرب الرؤوس بالفؤوس) وتمزيق الثياب، وإدماء الصدور. ولكي لا نطيل في التفاصيل التاريخية والدلالات، نقول إن الأمر تغير بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، فتحت الإشراف والتشكيل الإيراني، وإعادة التنشئة والتوجيه حتى لزيدية اليمن، صارت الميليشيات باسم آل البيت والعاشورائيات صناعة للانقسامات داخل المجتمعات العربية بين الشيعة والسنة، كما صارت - في هذا العام والأعوام السابقة - احتفالات بانتصارات (يعني الخامنئي وميليشياته المنشورة في العالم العربي) على الخصوم المسلمين الآخرين وبزعم الثأر للحسين! ففي الوقت الذي كنا نشهد فيه حشود عاشوراء في أحياء دمشق الداخلية (وليس بينهم سوري واحد، بل هم ممن أتوا «للثأر» من الشعب السوري واستقدمهم رئيسه!)،…
آراء
الجمعة ٠٧ نوفمبر ٢٠١٤
عدة حوادث حصلت مؤخرا وقتلتني قتلا.. منعتني من النوم وأقضت مضجعي. الأولى هي حادثة رجم امرأة في ريف حماه بمشاركة والدها! والثانية هي إعدام المهندسة الإيرانية الشابة ريحانة جباري (26 سنة) من قبل جلاوزة الأصولية الإيرانية وقضائهم الخنفشاري القراقوشي الذي لا يرحم. والثالثة هي انتحار امرأة كردية لكيلا تقع في يد «داعش». ورابعها استرقاق نساء الإيزيديين من قبل الداعشيين وإعادة قانون العبودية شرعا! وخامسها وسادسها وسابعها... إلخ. لا ينبغي أن ننسى ما تفعله بوكو حرام بنساء نيجيريا المختطفات بالعشرات والمئات. والآن أصبحن «زوجات» شرعيات بالاغتصاب مثل الإيزيديات. هناك حقد من المتطرفين على المرأة. وفي ذات الوقت هناك خوف منها ورعب لا يكاد يوصف. أنا أعرف ذلك أكثر من سواي لأني ابن مشايخ. فوالدي كان أصوليا متزمتا من الطراز الأول. كل العصور الوسطى الظلامية اجتمعت فيه، مع أنه كانت له مزايا أخرى لا يمكن إنكارها. ينبغي الاعتراف بأن الأصوليين يحتقرون المرأة في أعماقهم ولو استطاعوا لخنقوها خنقا. إنهم يشتبهون بكل حركاتها وسكناتها. ومؤخرا سمعت بأن إخوان تركيا فكروا في سن قانون يمنع المرأة من الضحك في الشارع «حفاظا على الأخلاق»! فضحكة المرأة خطرة جدا وقد تذهب بعقول قوم مؤمنين.. وهناك عبارة تقول: «المرأة شر كلها، وشر ما فيها أنه لا بد منها». وأنا أقول العكس تماما: المرأة خير كلها، وخير ما…
آراء
الخميس ٠٦ نوفمبر ٢٠١٤
كنت قد انتهيت تماما من كتابة فكرة (مقالي) لهذا الصباح وتحت العنوان المنتهي، سؤال لمعالي الوزير، لولا أنني قرأت الخبر العاجل بتكليف وزير جديد لوزارة الثقافة والإعلام، وشكرا من الأعماق لصديق الحرف والكلمة معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة على كل يوم من مسيرتك الطويلة في خدمة هذا الوطن. والآن آن لي أن أغير مجرد العنوان إلى ما هو مكتوب بعاليه. عن التغريدة الأخيرة لمعالي الوزير وهو يقول: (لكل من سأل: لقد أمرت بإغلاق مكتب قناة وصال في الرياض ومنع أي بث لها من المملكة. وهي ليست قناة سعودية من الأساس). هذا الظرف الوطني الدقيق لا يحتمل شطب كلمة ولا تغيير مجرد حرف. ولهذا سأعود في المقال (المعدل) إلى آخر 25 حرفا في تغريدة معالي الوزير حين قال: هي ليست قناة سعودية من الأساس. فكرت ثم تأملت. أحسنت الظنون وأسأتها أيضا. إن لم تكن هذه القناة سعودية من الأساس، وهي تبث من قلب الرياض، فلمن إذاً ستكون؟ ومن الملاك؟ وما الأجندة وراءها؟ وما الهدف؟ إذا كان وزير الإعلام لا يعرف فكيف لنا أن نعرف؟ إن لم تكن القناة سعودية من الأساس فمن هم الأساس إذاً؟ هل هي لجماعة الإخوان أم لجماعة التبليغ والدعوة؟ هل هي للسلفية الجهادية أم لحماس؟ هل هي قناة أنصار بيت المقدس أم هي تحويلة (فضائية) لداعش؟ هل هي…