آراء
الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤
وصلتني ردود على مقال الأسبوع الماضي، التي عنونتها «مديرك ما يدانيك»، تؤكد وجود فئة من الموظفين الذين لا يحسنون التصرف مع مديريهم، وتطلب أن يكون هناك مقال للمدير السيئ، وهم أيضاً كثر، فكانت الاستجابة مع مقال اليوم. الخبير في مجال الإدارة، دان روك وويل، وضع ثلاث صفات لهذا المدير السيئ، منها: لا يسمع لأحد، ويستخدم منصبه لمصالحه الشخصية، والأدهى والأمر أنه دائماً هو العالِم بكل شيء، بمعنى عامل «أبوالعريف»! إن كان لديك مدير يحمل كل هذه الصفات فقد وضع لك دان طرقاً عدة للتعامل معه: الأول: لابد أن تتقبل هذا الواقع، هذا التقبل يدعوك إلى التكيّف معه، بشرط دون أن تتغير لتتصف بصفات مديرك السيئة، وإلا حلت الكارثة «وكأنك يا بوزيد ما غزيت»! الثاني: ليس من مهامك أن تغير من صفات مديرك السيئة، مثل هذه الصراحة مع مديرك قد توقعك في حفرة قد لا تخرج منها إلا بأضرار أنت في غنى عنها. الثالث: أن يكون مديرك سيئاً بما فيه الكفاية هي فرصة عظيمة لتطوير الكثير من صفاتك ومهاراتك، مثل: التواضع، الصبر، الغفران، الاحترام، المرونة، الهدوء وغيرها. تطوير هذه المهارات تحت قيادة مدير سيئ ستساعدك كثيراً في مستقبلك الوظيفي عندما تواجه مثل هؤلاء القادة السيئين. الرابع: حاول أن تتشارك معه في فرق العمل المختلفة، لا تعتذر بحجة أنك «ما تدانيه» تكيّف…
آراء
الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤
بدأت المسيرات تتخذ شكلاً آخر، ولكنها تشابهت في أننا الضحية فيها كلها. مسيرة في مسقط رأس الأجداد (صنعاء) ضخمة ومخيفة يطالب الحاقدون فيها بالقصاص منا جميعاً، ويصفوننا بأننا «ألف ألف يزيد!»، ألسنتهم عربية مثلنا، ولكن قلوبهم مازالت تهفو إلى ملك حطمه رجال «القادسية». مسيرة أخرى في أقدم مدن التاريخ (حلب الشهباء)، تتشح بالسواد تحمل جهلاً فوق جهل، تستخدم وجوهنا وتاريخنا ومقدساتنا في تشويه الوجوه والتاريخ والمقدسات ذاتها، لا تعرف شرقها من غربها ولا تعرف خيرها من شرها، انتزعت الرحمة من قلوب أصحابها، فأصبحت الغاية تبرر الوسيلة، وبدلاً من الانقضاض على عشرات الأعداء المحيطين بهم، لم يجدوا أفضل من أن يبدأوا التضحية بأبناء جلدتهم أولاً، بدعوى أن تأمين البيت من الداخل أهم! مسيرة ثالثة تقودها قطعان المستوطنين يوم أمس، تقتحم المسجد الأقصى بالرشاشات وأسلحة العوزي التي زودتهم بها سلطات جيش الدفاع الإسرائيلي، وهذه الأخيرة بالطبع كان لها صدى، وأعتقد أنه سيكبر، لأن الفكر العربي المسلم مازال يشوّه فقه الأولويات، فالعالم الإسلامي كله قد ينتفض من جاكرتا إلى الرباط إذا تم اقتحام مسجد، ولكن العالم نفسه كله لا تحركه آلاف من جثث الأطفال حول العالم، وهنا المشكلة الحقيقية. حين نقدس الحجر أكثر من البشر، حين نثور لأفعال سفيهة، ولا نأبه لصور حقيقية تمثل عشرات الجثث البريئة. حين يكون التعرض لفكرة أو وجهة…
آراء
الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤
لم يكن للأحداث المتسارعة في العراق وسيطرة «داعش» على أجزاء من شماله أن تكون بعيدة عن الدوائر السياسية والعسكرية في إيران. ويمكن القول إن عدم دعوة إيران لمؤتمر جدة ومن بعده مؤتمر باريس، يعتبر تاريخا لقياس الموقف الإيراني من التحالف الدولي قبل انعقاد هذين المؤتمرين وبعدهما. ونسير مع القارئ هنا لمحاولة قراءة الموقف الإيراني وما طرأ عليه من تغيرات قبل وبعد. الوجه الحسن لـ«داعش» تمثل في وجود مساعٍ دولية لمواجهته والتسليم بأن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق سوى باستثمار جميع الطاقات في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي. ومع ظهور إشارات إيجابية من الدول الغربية مثل فرنسا وبريطانيا وحتى أميركا في مسألة الاستفادة من إيران في المجهود الدولي ضد «داعش»، كانت التصريحات الإيرانية تسير حول عدم وجود إشكالية في المشاركة في هذا الجهد، شريطة أن تكون أميركا كما قال الرئيس الإيراني جادة في محاربتها للإرهاب. وعبارة «جادة» تحمل معها منظوراً إيرانياً لعله يكون مغايراً لما تحمله بقية الدول المشاركة في هذا التحالف. فالجدية في محاربة هذا التنظيم يقرأها النظام الإيراني على أنه يتوجب معها الاعتراف بالحكومات التي تواجه على أرضها هذا التنظيم، وبالتالي ضرورة التنسيق معها لمواجهته، وبذلك تعتبر هذه التحركات جادة لمواجهة الإرهاب وليس لها مآربها الأخرى. فسارت الموافقة الإيرانية غير المباشرة والمغلفة بردود فعل إيجابية، مترقبة لموقف إيجابي من…
آراء
الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤
نشرت مجموعة بوسطن الاستشارية تقريرا مهما عن الشباب في السعودية بعنوان: ما أكثر ما يهم الشباب في السعودية؟ وتناول التقرير أرقاما وإحصائيات جديرة بالتوقف والتأمل. فلقد أشار التقرير إلى أن نحو1.9 مليون سعودي وسعودية سيدخلون مجال العمل خلال العشر سنوات المقبلة. فنمو حجم القوى العاملة في المملكة إلى الثلث سيزيد من التحديات، التي تواجهها الدولة لتوفير هذا الكم الهائل من الوظائف في القطاعين العام والخاص. وأكد التقرير الذي أعده ثلاثة باحثين أن 57 في المائة من طلاب الثانوية في المملكة لا يملكون الحد الأدنى من المؤهلات المعرفية، التي تجعلهم طلابا فاعلين في الجامعات. كما أن 63 في المائة من طلاب الجامعات السعودية يتخصصون في علوم الزراعة والتعليم والآداب والعلوم الإنسانية، التي لا توفر المهارات اللازمة التي تحتاج إليها سوق العمل. وتناول التقرير، الذي صدر في يونيو 2014 موضوعا مهما يؤرق ملايين الشباب وهو موضوع السكن. فقد أشار إلى أن متوسط تكلفة المنزل في السعودية تعادل ثمانية أضعاف متوسط دخل الفرد السنوي، بينما تكلفة المنزل في أمريكا على سبيل المثال تعادل نحو ثلاثة أضعاف دخل الفرد فقط، ما يعكس التكلفة الباهظة لامتلاك منزلٍ في السعودية. وأشارت الدراسة إلى أن الشباب السعودي يكافح عدم توافر وسائل الترفيه وقلة الخيارات أمامه بالانكباب على منصات الإعلام الاجتماعي التي ينفق في أرجائها ملايين الساعات. إذ…
آراء
الخميس ٠٩ أكتوبر ٢٠١٤
كمتابع للشأن الإعلامي ومتخصص في مجال العلاقات العامة فإن من أهم ما يلفت نظري عند متابعة وسائل الإعلام هو الدور الذي تلعبه تلك الوسائل في تثبيت مفاهيم، ومحاربة أخرى، وهو الدور الذي مهما استقل الإعلام يبقى أسيرا لدور فكري يؤمن به ويعمل على دعمه بكل ما أوتي من قوة الحجة والإثبات الخبري والتحليلي. لا يختلف اثنان على أن قناة العربية ومنذ أن انطلقت عملت على حمل لواء محاربة الفكر الإسلامي المتطرف، في حين أن بقية القنوات الإخبارية المنافسة تعمل بشيء من التقية بين الدعم المبطن لتلك الجماعات وما بين النقد المعلن المزركش بتبريرات محركها الأساسي مواقف سياسية لدول تدعم هذا التأرجح البراجماتي. قناة العربية انطلقت في بداياتها لتحارب بشكل صريح الفكر القاعدي الذي كان عند ظهوره يكتسب الكثير من التعاطف الشعبي، حيث أفردت لذلك برامج واستقطبت محللين متخصصين في هذا الشأن، وذلك من أجل تعرية هذا الفكر المعادي للاعتدال الإسلامي، والساعي لقلب أنظمة حكم مستقرة في منطقة موبوءة بالاختلافات والأطماع الإقليمية والدولية، وهو ما فسره البعض دون وعي حقيقي بأنه عداء للإسلام ذاته. اليوم وبعد أن اضمحلت "القاعدة" باعتبارها أملا رومانسيا لدى بعض ممن اختلطت في أذهانهم خلفيات الحقائق وأصبحت من الماضي بدأت قناة العربية في تصدر المشهد الإعلامي من جديد باعتبارها رأس الحربة الإعلامي في حرب تعرية ما يسمى…
آراء
الخميس ٠٩ أكتوبر ٢٠١٤
وسأعود اليوم لما ذكرته قبل ثلاثة أيام عن النماذج التي حولت هذا الدين العظيم إلى دين أقبية وكهوف وتنظيمات سرية. خذ من هذه النماذج أن شخصا مثل أبي بكر البغدادي يعيش في نطاق بشري من عشرة أفراد وقد يختلف حتى مجرد اثنين على تحديد صورته وهويته، ومن الدهشة أنه يدعو لخلافة ودولة. في اليد الأخرى تقول الأنباء إن دائرة حسن نصر الله لم تتعد 40 فردا خلال السنة الماضية، وإن عبدالملك الحوثي يتنقل في اليوم الواحد ما بين عشرة مقار أمنية. في الأنموذج الثالث دخل جهيمان العتيبي إلى الحرم الشريف بتنظيم سري وقبض عليه مع نفر من مريديه داخل أقبية مغلقة. وأودّ أن أقول إن رسالة الإسلام هي رسالة جهر ونور وضياء لا ديانة أقبية وكهوف وأفكار شاردة مغلقة. خذ من الأمثلة: أن محمدا صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح بصدر مفتوح ورأس مرفوع إلى وسط ما تقول عنه كتب التاريخ إنهم 20 ألف مقاتل من أعدائه. تقول كتب التاريخ أيضا إن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حين اعتزل الفتنة ذهب داعيا إلى وسط الصين حاملا دعوة جهرية تدعو إلى العدل والرحمة. وبفضل هذا الفرد الأمة تدين الملايين من سكان آسيا الوسطى وغرب الصين بهذا الدين العظيم. خذ أيضا من نماذج الذين حملوا راية الإسلام…
آراء
الخميس ٠٩ أكتوبر ٢٠١٤
أواخر عام 2011 كان طرفا الصراع في سورية يعتقدان بأن ثمة أملاً بنهاية قريبة وممكنة للأزمة. فلا مصلحة للنظام في أن تطول، والمعارضة بمختلف أطيافها لا تريد تخريب البلد أو مزيداً من الضحايا. وإذا بمسؤول كبير من صلب النظام يفاجئ مجالسين يثق بهم بقوله: للأسف، لا حلّ قريباً، وأخشى ألا يكون هناك حلٌ أبداً، فإيران مصممة على القتال حتى آخر عَلَوي في سورية! واليوم، بعد مضي نحو أربعة أعوام، ومع بلوغ ضحايا الطائفة العلوية مئة وسبعة آلاف بينهم أكثر من ستين ألف عسكري، يمرّ أبناؤها بمشاعر مريرة إزاء تطوّرات تتناقض كثيراً مع ما بنته من آمال في حسم عسكري تعهّده النظام، وفي انفراج سياسي وعد بإنجازه بعد الانتخابات الرئاسية. فما صُوِّر بأنه «الحسم» لم ينهِ الأزمة، وما قيل أنه انفراج تمخّض عن حكومة هزيلة ينصبّ عليها حالياً كل انتقادات العلويين، فهم كسائر الموجودين في سورية يخشون انتقاد النظام. في الآونة الأخيرة توالت خيبات الأمل والمآسي، وشاهد العلويّون أبشع المذابح على أيدي تنظيم «داعش» في محافظة الرقة، من سقوط الثكنة الكبيرة التي كانت مقر الفرقة 17 المحاصر منذ منتصف عام 2013، فمقر اللواء 93، ثم مطار الطبقة، بالإضافة إلى فظائع رافقت السيطرة على حقل الشاعر النفطي في حمص الذي استطاعت قوات النظام استعادته لاحقاً. مئات القتلى في غضون أيام ليسوا جميعاً…
آراء
الخميس ٠٩ أكتوبر ٢٠١٤
قبل ثلاث سنوات كان «داعش» فرقة ذئاب صغيرة من بضع عشرات، اليوم هو قطيع من نحو ثلاثين ألفا، والسبب الاستهانة بخطره كجماعة فكرية تكفيرية انتحارية تبنت شعارا جذابا؛ مقاتلة النظام السوري الذي قتل عشرات الآلاف من المدنيين. وهكذا أصبح خطاب «داعش» السياسي، إنسانيا وأخلاقيا ودينيا، مقنعا جدا لكل المسلمين في أنحاء العالم. إذا فهم المسؤولون الأميركيون هذه المقدمة البسيطة فإنهم سيدركون كيفية معالجة الوضع الخطير في العراق وسوريا، لكن إن استمروا في جهلهم فإنه سيستحيل عليهم كسب المعركة مهما كان حجم النيران والجهود العسكرية المبذولة في إطار التحالف القائم. حاليا، واشنطن ترفض فكرة إقامة المنطقة المحمية للاجئين السوريين، داخل أو على حدود بلادهم، حيث يمكن أن يلجأ إليها ملايين النازحين، الهاربين من النظام. ونتيجة القرار الخاطئ ستكون ترك ملايين اليائسين السوريين فريسة لـ«داعش» و«النصرة»، اللذين يبيعان لشباب اللاجئين وعودا بهزيمة النظام ودخول الجنة. سيكون سهلا على «داعش» أن يجند آلافا من الفارين السوريين، إذا اقتنعوا بأن التحالف الغربي الدولي همه فقط مقاتلة «داعش» لا حمايتهم، فـ«داعش» بالنسبة لهم قتل بضعة آلاف من الناس، أما نظام الأسد فقد قتل منهم أكثر من ربع مليون إنسان. ولو تمكن المتطرفون من استمالة اللاجئين فسيستحيل على العالم الانتصار عليهم. على الحكومة الأميركية أن تدرك أن «داعش» هو نتيجة للفوضى، والفراغ، وضعف السلطة المركزية في…
آراء
الأربعاء ٠٨ أكتوبر ٢٠١٤
تأتي هذه المقالة استكمالاً لسابقتها، في سلسلة تسرد الوقائع كما هي، حول "ماهية داعش" و"ماذا يجري في اليمن"، وتقوم فكرة هذه السلسلة على مشاركة، واندماج القارئ مع الكاتب، في عملية "عصف ذهني" للإجابة عن هذين السؤالين، مستبعداً كل ما قد يعتبر مشكوكاً في صحته، أو مبنيا على مجرد انطباعات، أو ظنون، أو تصورات مسبقة، ولينحصر دور المقالة في استعراض المثبت بالأدلة، ووضعها على الطاولة، ليتلقفها القارئ، ويقوم بعمليات التحليل، والربط، والاستنتاج، ولا سيما أننا اليوم كقراء وشباب ومجتمع، أصبحنا أكثر وعياً ونباهة، وأضحى الرهان على الوعي المجتمعي، ووعي الرأي العام، الذي يعول عليه، خصوصا لدينا في المملكة، حيث المواطن الأساس، فنحن رأس مال هذا الوطن. وكنت قد سردت في السابق ثلاث حقائق مثبتة عن "داعش"، تمثلت في حملها للأيديولوجيا ذاتها التي تحملها "القاعدة"، ولا سيما أن قادتها الأوائل عناصر في "القاعدة"، وبايعوا زعيمها الأول، الإخواني "ابن لادن"، ثم بايعوا الإخواني العتيد "الظواهري"، الذي أنشأ أول ذراع عسكرية لتنظيم الإخوان "الجهاد الإسلامي" بعد تفكك "التنظيم الخاص" للجماعة، ثم بعد ملاحقته وعناصره، اختفى، ليظهر في أفغانستان، حيث دمج عناصره بعناصر ابن لادن، ثم ليظهر مجدداً في إيران بين عامي (1994 - 1997)، ولا يُعرف على سبيل الجزم حتى الآن سبب وجوده طيلة تلك السنوات هناك، وليعود بعدها لأفغانستان، محملاً باقتراح – وربما…
آراء
الأربعاء ٠٨ أكتوبر ٢٠١٤
ربما يكون في الأمر منعطف تاريخي، لحظة بارقة موحية ليس بمجرد حدث، وإنما كاشفة لتغيير كبير. خبر قيام رائد طيار مريم المنصوري بقيادة سرب قاذفات «إف - 16» لقصف مواقع تنظيم داعش الإرهابي، يذكر بلحظات فارقة أخرى في التاريخ العربي الحديث. في يوم ما من أيام ثورة 1919 المصرية خرجت هدى شعراوي لكي تقود مظاهرات ضد الاحتلال البريطاني لمصر. لم يكن الخروج ساعتها مجرد تعبير عن شعور وطني، ومشاركة في دعوة للاستقلال، أو بلورة لحالة جديدة من النهوض للأمة المصرية، وإنما كان إعلانا عن أن المرأة، نصف المجتمع، هي الأخرى «مواطنة» ينطبق عليها ما ينطبق على كل المواطنين الآخرين من حقوق وواجبات. كان الظهور الذي سجلته الصورة تتويجا لمسيرة طويلة بدأت بما كانت تفعله الدول المتحضرة بتعليم «البنات»، وهو ما بدأ في مصر في ستينات القرن التاسع عشر، فكانت النتيجة ليس فقط وجود مجتمع نسائي متعلم ومتواصل مع الحداثة، وإنما أيضا فاعل في المجتمع من خلال جمعيات أهلية تشارك في ترقية الجماعة المصرية. كان ذلك في مجموعه عصرا جديدا، يخرج بمصر، ومن بعدها المنطقة كلها، من عصر «الحريم» العثماني إلى العصر الحديث بمنجزاته كلها العلمية والتكنولوجية، والأهم الاجتماعية التي يكون فيها لكل إنسان، رجلا كان أو امرأة، قدر ونصيب. إذا كان ذلك ما فعلته «هدى شعراوي» فإن السيدة التي تلتها…
آراء
الأربعاء ٠٨ أكتوبر ٢٠١٤
سأعترف اليوم أن بداخلي قاموسا مكتنزا بمفردات الحزن ما يجعلني قلما سائلا للآلام والمراثي. أنا كاتب تأبين ونعي. كنت ما قبل البارحة معزيا ومواسيا للصديق الأديب المؤدب علي مغاوي في فاجعة نجله الأكبر وفي الرحيل الثقيل للحفيدة سلاف. في المأساة التي تصارعها أسرة مكتملة مع آلام وجراح.. ابتسام.. حين تفيق بإذن الله من الغيبوبة على (صحوة) رحيل الزوج والبنت. وأنا اليوم لا أكتب مأساة الصديق ولا رحيل خالد وسلاف. صاحبنا مطمئن جدا على الميت، ولكنه يبكي مأساة.. ابتسام.. حين تفيق على هذه الصدمة. قصة هذا الصديق المؤمن بقضاء الله وقدره هي قصة آلاف من البيوت السعودية التي فتحت آلاف سرادق العزاء تحت فوضى الطريق والاستهتار بأرواح الناس دون قانون أو محاسبة. قصة خالد لوحدها تستحق ألف نظرة تأمل ومليار وقفة. قبل سنوات قليلة نجا.. خالد.. بأعجوبة من خطأ مستهتر، وللأسف، على ذات الطريق، وصارع لأشهر طويلة كي يعود لأكسجين الحياة الطبيعي وذهب إلى غرب الأرض لتدليك وترميم مجاري الدماء والحياة إلى ساقيه. بذل الكبير علي مغاوي كل ماله وجاهه وجهده كي تبقى نبتة خالد حية يسير فيها ماء الحياة وهو لم ينسى وقفة الإنسان.. خالد الفيصل.. معه في أحلك الظروف السابقة. لكن الأخ الغالي أبو خالد، لم يكن، سامحه الله، يعلم حين بذل كل المستحيل من أجل نبتة.. خالد.. من…
آراء
الأربعاء ٠٨ أكتوبر ٢٠١٤
ليست وظيفة العالم إنقاذ المدن المحاصرة. على العكس تماماً. فـ»العالم» مُمثلاً بقواه المؤثرة، هو الذي يزج المدن في حالات حصار ميؤوس منها لتكون مهمته بالضبط هي التفرج على المحاصرين يبادون على أيدي أعدائهم. قبل أسابيع قليلة، مارس العالم وظيفته هذه ووقف صامتاً أمام مذبحة رهيبة تعرض لها أهل غزة المطوقون منذ أعوام عدة من الشقيق ومن المحتل سواء بسواء. كانت معدلات الضحايا المدنيين اليومية تزيد على المئة. استعرضت الشاشات أشلاء الأطفال والأطراف المبتورة والرؤوس المهشمة بفعل الآلة الوحشية الإسرائيلية. وفاق الدمار الوصف وأتى على ما يشبه البنية التحتية التي أشادها الغزيون متحدّين صعوبات خارقة. وباستثناء تظاهرات محدودة الأهمية والأثر وبعض التحركات في الأوساط الأكاديمية واليسارية، التزم العالم اللامبالاة والتجاهل. انتهت الحرب وبقي الحصار. في رام الله 2002 وسراييفو 1992-95 وبيروت 1982، كانت الحالات متشابهة. العالم، ببساطة ووعي، لا يريد التدخل. المأساة الإنسانية لا تعنيه والحسابات السياسية الباردة تتولاها نخبة (في الدول الديموقراطية) أو طغمة (في الدول المشابهة لدولنا)، تُحسن إدارة العلاقات العامة والتوجيه الإعلامي وتسويق المواقف. ومن السهولة بمكان إلقاء اللوم على المحاصَرين وتحميلهم وزر الخطايا التي أفضت إلى وقوعهم بين براثن الوحوش المهاجمة. فياسر عرفات، على سبيل المثال، فجّر انتفاضة لا أفق سياسياً لها. ومسلمو البوسنة يطالبون باستقلال لا يستحقونه، ورعونة منظمة التحرير وتورطها في الحرب الأهلية استدرجا إسرائيل…