آراء

آراء

في بيتنا متطرف

الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠١٤

بين كل فترة وأخرى ينشط الحديث عن «الفكر المتطرف» ومظاهره وأشكاله ودوافعه وعوامله ونحوها، وتتنوع كالعادة القراءات والتحليلات بل وتتباين وتتفاوت بمسافات هائلة ومتناقضة أحياناً، وأنا أضم صوتي هنا إلى القائلين بأن: «التطرف ليس فكراً.. بل هو طريقة تفكير»، والمرض عندنا في آليات التفكير، والعرض هو التطرف الذي يطل علينا بأشكال مختلفة سواء ارتدى العباءة الإسلامية أو غيرها ، وعند التأمل ستجد بيئتنا الاجتماعية هي بيئة حاضنة للتطرف والغلو، والآليات الاجتماعية والمتحكمة بصناعتها تجعل الفرد في منتهى القرب للاستجابة للانتماء المتطرف. «التطرف» كمنتج يتشكل بثلاثة قوالب رئيسة، فهناك التطرف في المعرفة، والتطرف في الشعور، والتطرف في السلوك، وهذه القوالب الثلاثة تتمازج فيما بينها وتتفاوت حسب شخصية وطبيعة وثقافة الشخص المتطرف، وكلها تعبر عن تربية حادة تتبنى رؤية أحادية تضيق بالخلاف مع الآخر الذي يجب أن يغتال وبأي طريقة. انخفاض هوامش التعبير، واحتكارها من قبل فئة واحدة يؤديان إلى احتقان متراكم يرفع من القابلية للتطرف، وإغلاق الأفواه يحول الألسن إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، وهذا النمط الاحتكاري للرأي الأوحد الموافق لرغبات المسيطر ينتشر بكثافة في مؤسساتنا الاجتماعية ابتداء من المنزل وليس انتهاء بوسائل الإعلام، وكل من يصل لمكان يريد فرض الرأي الموافق وإقصاء المخالف أو تهميشه وعرضه بأضعف حالاته. الإحساس بانعدام «الدور» وضعف التأثير يجعل الفرد يبحث عن…

آراء

هل يخسر الخليج قطر؟!

الإثنين ٢٥ أغسطس ٢٠١٤

لم تمر على دول الخليج أيام صعبة، كما هي أيامنا هذه، فلا تكفي التوترات غير المسبوقة التي تحيط بالمنطقة، ولا يكفي تبدل سياسات دولية كانت ثابتة وواضحة، ولا يكفي خمول الدولة الأقوى في العالم، ليأتي الخلاف الخليجي - القطري ويزيد الطين بلة، فالترقب سيد الموقف، خاصة بعد توافق السعودية والإمارات والبحرين على أن شقيقتهم قطر غير مستعدة فعلا، لا قولا، لتصحيح سياستها المتسببة بضرر بالغ لهم. اجتماعات ولقاءات ومباحثات، وزراء يذهبون، وآخرون قادمون، لجان تراقب وتسجل وترفع تقاريرها، ويبقى القرار الأخير في يد قادة الدول الثلاث، الذين صبروا صبرا لم يعد يمكن المراهنة على استمراره أكثر. من الواضح أن صدر الدول الخليجية لم يعد يحتمل سياسة الدوحة التي تكون أحياناً «شاطحة» عن شقيقاتها ومحيطها، كما أنه من الواضح أيضاً أنه لم يعد لدى قطر ما تقدمه لتواري أخطاء سياستها الموجّهة ضد مصالح شقيقاتها، بالإضافة إلى عدم قدرة قطر أصلا على التخلص من ملفات شائكة مع أطراف وجهات لا تستطيع إنهاء العلاقة معهم بسهولة. هل يمكن لقطر، مثلا، أن تصبح ذات يوم لتقول لـ«حزب الله» والحوثيين وجماعة الإخوان المسلمين وغيرهم: «شكر الله سعيكم.. أغلقنا ملفاتنا معكم»؟ هل بإمكانها فجأة أن تقطع علاقاتها مع كل من يسيء لجيرانها من أراضيها، وفي الوقت ذاته تحتضنهم وتؤويهم؟ للتذكير فقط، أنه بعد يوم واحد من…

آراء

من هجمات سبتمبر إلى ذبح فولي.. الفكرة حية

الإثنين ٢٥ أغسطس ٢٠١٤

بعد إهمال وتجاهل، كبر تنظيم القاعدة بهجومه على الأراضي الأميركية في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، ليبدأ تاريخ «الحرب على الإرهاب». وها هو تاريخ جديد على وشك أن يبدأ، بعد أن هزّ العالم خبر ذبح تنظيم داعش للصحافي الأميركي جيمس فولي. فالحدث يؤذن بالمزيد من الجرائم على أيدي وسكاكين داعش. وسينجح في استنهاض القوى المعنية من جديد، الغربية ودول المنطقة، لأنها هي الأخرى مهددة من قبل التنظيم والمتعاطفين معه. وبين التاريخين، 11 سبتمبر و20 أغسطس (آب)، نحو 13 عاما من أكبر الحروب في التاريخ ضد جماعات متمردة. استخدمت فيها المواجهات العسكرية، والملاحقات الأمنية، والجوائز المالية، والحجز على حسابات بنكية، والبروباغندا الإعلامية. مع هذا كانت فاشلة، رغم قتل وأسر معظم القيادات الرئيسة لتنظيم القاعدة. الكثير منهم ماتوا، أو حبسوا، لكن الفكرة استمرت تنمو. إذن، عدونا ليس القاعدة ولا داعش والنصرة، بل الفكرة نفسها. فكرة التطرف الديني التي هي مصدر الإلهام والطاقة، وهي سبب ظهور أبو بكر البغدادي، زعيما لداعش كما كان القتيل أسامة بن لادن زعيما للقاعدة. والفكرة هي وراء عشرات الآلاف من الشباب الذين تقاطروا على سوريا والعراق مستعدين، بل راغبين، في الموت. حربنا، حرب العالم، مسلمين وغيرهم، هي ضد الفكرة الشريرة. القاعدة فكرة، وكذلك داعش. ليست جيشا، ولا خريطة، ولا نفطا، بل فكرة قيام جماعة «مقدسة» باسم…

آراء

حرب “الحور العين”.. الحافز الجنسي

الإثنين ٢٥ أغسطس ٢٠١٤

دعوني أفكر ولكن هذه المرة بصوت مقروء: لطالما تساءلت بيني وبين نفسي عن السبب الذي يجعل الانتحاريين السعوديين يشكلون النسبة العظمى من الذين يضحون بحياتهم في تخصص "الحور العين" وهو ما تبثه الأرقام والشواهد في مواقع القتال الساخنة. ولهذا قلت لنفسي: ربما أن السبب الأكبر يكمن في واقعنا المحافظ، الذي لعله يبالغ في العزل والفصل بين الجنسين نسبة لسطوة العادات والتقاليد التي تعتسف الأمر وتلبسه قناعاً دينياً بحسب كمية التشديد وفي جانب الترهيب. ينشأ الأطفال من الجنسين عندنا بشكل طبيعي ويتنامى الود بسبب القرابة أو الجيرة، ثم فجأة وعلى حين غرة يجد الشاب نفسه معزولاً بشكل تام وبقدر يفوق المعطى الديني بصورة يتداخل ويتشابك فيها الدين مع العرف والعادة، وهكذا تصبح "المرأة" أيقونة وهاجساً لا تكتمل الحياة السوية والمديدة معها إلا في الجنة. قد أكون مخطئاً لكنني أجد أن هذا الهاجس يتقلص لدى غيرنا، لأن مشهد الحياة الاجتماعية عندهم يتساوق ويتماشى مع الجبلة البشرية. أرجو أيضا أن يكون واضحا لدى الجميع أنني لا أدعو إلى حالة من الاختلاط التي تقود إلى محرم والعياذ بالله، لكنني أجتهد في تحري ما قد يجعلنا نتوسط في سلوكياتنا التي هي الآن وفي الغالب منحازة إما إلى اليمين، وإما إلى الشمال، دعك من مظهر نسائنا في الداخل فهو – في معظمه – انعكاس لما تواصى…

آراء

قاعدة 10 آلاف ساعة

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠١٤

يشير اختصاصي الأعصاب، دانيال ليفيتين، إلى أن الدراسات أثبتت أن الوصول إلى الخبرة والتميز عالميا يتطلب عشرة آلاف ساعة من المران والتدريب. فقد أظهرت الاختبارات، التي خضع لها أشهر النجوم في الرياضة والأدب والفنون أن المخ يأخذ هذا الوقت من أجل أن يستوعب كل ما يحتاج أن يعرفه كي يحقق التمكن الحقيقي. لقد خصص المؤلف، مالكوم جلادويل، فصلا كاملا في كتابه Outliers (تتوفر نسخة مترجمة منه إلى العربية بعنوان: المميزون) عن قاعدة العشرة آلاف ساعة، التي تُنضج الموهبة وتجعلها جاهزة للالتهام والإلهام. يعتقد الكثير أن الموهبة وحدها تكفي لأن ننجح. فالحقيقة تختلف تماما عن هذا التصور والانطباع السطحي. فموهبة بلا مران وإعداد واستعداد لا تكفي للوصول إلى الحد الأدنى من النجاح. دعونا نضرب مثالا ببيل جيتس، المبرمج الأمريكي الشهير وأحد أثرياء العالم. تشير سجلات شركة "آي إس آي"، إلى أن جيتس قضى خلال سبعة أشهر فقط عام 1971 نحو 1575 ساعة من الوقت أمام جهاز حاسبها الرئيس، بمعدل ثماني ساعات في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع. لاحظوا ما أنفقه جيتس أمام هذا الجهاز في سبعة أشهر فقط للتدرب على البرمجة، فماذا عن بقية حياته؟ إنه قطعا صرف أكثر من عشرة آلاف ساعة في سبيل تطوير قدراته. لقد أخذه الشغف إلى أقصى مدى. سلبه من كل هواياته ورغباته واهتماماته الأخرى. كرّس…

آراء

من شوَّه صورة الإسلام؟!

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠١٤

مع كل هذا الذي يحدث في منطقتنا ومنها من إرهاب وقتل تحت راية «الجهاد» وباسم «الإسلام»، يكون السؤال في صيغة تبرير معلنة، عن حقيقة تشويه الإسلام فعليا من قبل من ينتمون وينسبون له في حالة تطرفهم القصوى التي تتجاوز أي معنى مقدس أو معتبر للإنسانية. الصور المتدفقة من الجماعات الإرهابية القتالية في الشام واليمن، كما تلك الصور التي ما زالت حاضرة في الذاكرة عن حفلات القتل الجماعي، والتفجيرات الرهيبة من قبل تنظيمات متطرفة جهادية من القاعدة وما تلاها، لا يمكن لها أن تقدم إلا صورة مشوهة للإسلام، في اكبر حملة تشويه تاريخية، في ظل وسائل اتصال حديثة ومباشرة تنقل الصور الرهيبة واللقطات العنيفة من قتل وجحيم لكل الكون. لذا سيكون السؤال المفتوح دائما، هل فعلا هؤلاء من يشوه الإسلام، وصورته العالمية، ومن المستفيد من هذا الكم المخيف من القتل والدم؟ الصورة أو المشهد لا يتوقف عند الجماعات التكفيرية الجهادية المتطرفة والمتعاطفين معها أو المبررين والمنظرين لها، لكنه يتجاوز ذلك إلى الأنظمة القمعية والقاتلة، ها هو عدد القتلى في سورية منذ اندلاع الثورة يصل إلى 200 ألف قتيل حتى الآن، فيما النظام يعلن بقاءه وتمسكه المنفرد بالسلطة غير مهتم بعدد القتلى والضحايا وحجم التدمير. قد يكون ما يحدث اليوم من تشويه تاريخي للإسلام مخزيا وكارثيا من قبل جماعات متطرفة إرهابية، لكن…

آراء

قولوها ولا تخافوا

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠١٤

في إطار جهود علماء الأمة في مواجهة الأفكار المتطرفة ونشر صحيح الإسلام؛ جاء بيان مفتي عام البلاد سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ـ بارك الله فيه ـ (تبصرة وذكرى) كافيا ووافيا في التحذير من "جرائم ما يسمى بداعش والقاعدة وما تفرع عنهما من جماعات". وبدلالة المنطوق والمفهوم ـ كما يسمى عند علماء أصول الفقه ـ نفهم أن عبارة (ما تفرع عنهما من جماعات) تدخل فيها كافة التنظيمات والمخططات والجماعات الإرهابية التي تنتشر في البلدان الإسلامية تحت مسميات مختلفة، كطالبان في آسيا، وبوكو حرام في نيجيريا وغيرهما، فكل هذه وتلك لا علاقة لها إلا بمن (صنعها)، وسماها بتسميات متعددة تتغير على فترات متباعدة من بلد إلى آخر، ولا تهدف إلا إلى تفتيت الأمة عن طريق الأفكار المتطرفة والعنف والقتل والإرهاب، بدليل ما هو ماثل للعيان في العراق وأفغانستان ونيجيريا وغيرها من البلدان، من قتل وسفك دم واغتصاب وعنف مستمر. المواجهة لهذه التنظيمات والجماعات باتت أمرا حتميا؛ وهذه المواجهة سهلة إن اعتمدت على النشر الصحيح للدين الإسلامي، والدعم الكامل للفكر الوسطي المعتدل؛ إذ هو حائط الصد ضد هذه التنظيمات الإرهابية ومخططاتها. لا شك أن الفترة الأخيرة شهدت انتشار صورة مشوهة عن بعض مفاهيم الإسلام، خاصة مفهوم الجهاد، وانتشرت الدعايات المضادة للإسلام، والتي لا تنفك متعمدة على ربط الإسلام بمصطلح الإرهاب،…

آراء

مواجهة الإرهاب بين القانون والتربية

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠١٤

أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة قانون مكافحة الجرائم الإرهابية. وهو أمرٌ قامت به من قبل دول عربية وإقليمية وعالمية. والذي أراه أن إصدار قوانين ضد الإرهاب، ومن أجل مكافحته والمعاقبة على ارتكابه، أمر مطلوب ولابد منه، وذلك لثلاثة أسباب جوهرية؛ الأول هَول الظاهرة وتعقيداتها وتداخُلاتها وتشابكاتها المحلية والإقليمية والدولية، والتي ما عاد أي قانون عادي للعقوبات يغطيها. والسبب الثاني أنه لا عقوبة إلا بنص؛ فبدلا من أن تلجأ السلطات إلى إجراءات أمنية احترازية، يأتي القانون ليجعل كل شيء واضحاً، لأن الدول المحترمة هي دول حكم القانون، الذي يتضمن ضمانات لأمن الدولة واستقرارها من جهة، ولحريات المواطنين واحترام حُرُماتهم وحقهم في الخصوصية وصون السمعة من جهة ثانية. والسبب الثالث: حق الدولة وواجبها في الدفاع عن نفسها ومواطنيها في مواجهة أي خطر، ولا طريقة لذلك غير إصدار قانون بمقتضى الحق السيادي، وبالتلاؤم مع القوانين الدولية ذات الصلة بموضوع الإرهاب. ذلك هو واجب السلطات العامة، وقد قامت وتقوم به. والحقيقة أن ظاهرة التطرف الديني بحد ذاتها تعني إفساداً للدين، بوضعه من جانب فئة مهما صغُرت في مواجهة المواطنين الآخرين ضد اعتقادهم الديني، وضد أمنهم واستقرارهم، فضلا عن إشاعة التفرقة بين أبناء الأمة بما يتجاوز حدود الدولة إلى نواح كثيرة، إسلامية وغير إسلامية. وهذا يعني…

آراء

في وداع قاسم سليماني

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠١٤

انتشر على موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، فيديو يمجد أفعال وبطولات قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، ويشكره على ما قدمه من جهود فيما وصفته كلمات النشيد، بـ«حفظ المذهب» و«نصر الشيعة» في العالم. الفيلم - الفيديو أنتجه جهاز الإعلام الحربي في حركة النجباء العراقية، والمعروفة أيضا بالمقاومة الإسلامية في العراق، وهي فصيل عراقي شيعي مسلح يجري تدريبه وتجهيزه وتعبئته عقائديا، وتطويره تنظيميا وعسكريا، بالطريقة ذاتها التي جرى بها إنشاء حزب الله اللبناني. توقيت انتشار الفيديو الذي يمدح فيه المنشد أفعال الجنرال سليماني وأعماله، ودفاعه عن قوة الشيعة وحماية أهل المذهب في العراق وسوريا ولبنان، تزامن مع إعلان قيادة الحرس الثوري الإيراني، تكليف اللواء في الحرس حسين همداني، ملف العراق بديلا عن الجنرال سليماني، الذي يعده الكثيرون بأنه صاحب القرار الفصل في العراق، إضافة إلى أكثر من ملف خارجي حساس بالنسبة لطهران منذ أكثر من 10 سنوات. لم يعد مستبعدا أن أحداث العراق الأخيرة دفعت القيادة الإيرانية إلى إعادة تقويم شامل للحالة العراقية، خصوصا بعد أن فرض العراقيون شرط تغيير نوري المالكي، كمقدمة ضرورية لإعادة ترميم العملية السياسية، التي انهارت بالكامل بعد أزمة الموصل، إضافة إلى تراكمات السياسة الإقصائية التي اتبعتها حكومة المالكي في السنوات الثماني الأخيرة، والتي جرت بإشراف مباشر من الجنرال قاسم سليماني، الذي حمى المالكي طوال…

آراء

المجتمع الدولي لن ينقذ اليمن

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠١٤

عندما أعلن الرئيس عبد ربه منصور هادي، في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي انتهاء لقاءات «مؤتمر الحوار الوطني الشامل» تعلقت آمال الكثيرين داخل اليمن، وكذا الدول المعنية باستقرار الأوضاع الداخلية فيه، حتى يتفرغ الجميع للحفاظ على ما تبقى من هياكل الدولة التي دمرتها سنوات الربيع، كما حدث في غير قطر عربي، لكن سرعان ما تبخرت الأوهام وعادت الحروب شبه اليومية إلى كل مناطق اليمن، بدءا من انعدام المشتقات النفطية على مدى أشهر، وانقطاعات الكهرباء لأيام، ومعارك في شمال العاصمة (الاتحادية) يثبت فيها الحوثيون خطوط إقليمهم كما يبتغون، بعيدا عما رسمه جمال بنعمر، وأقرته قسرا لجنة تنصلت بعض الأحزاب من توقيع ممثليها على وثيقتها، ثم معارك تجري في جنوب شرقي البلاد يسعى معها الجهاديون لبسط سيطرتهم بعيدا عن أعين الأجهزة المعنية.. وتجري كل هذه المعارك تحت الشعار الجميل الذي كان يزين جدران منتجع «الموفنبيك» الجميل؛ «اليمن الجديد». انفض سامر المنتجع، وبدأ السراب يتلاشى من أذهان اليمنيين، واليأس يملأ المواطن العادي، وتبدت الحقائق كما جسدتها معاناتهم اليومية، في وقت لم تكن الأحزاب اليمنية معنية بما يرغب فيه المواطنون، ولم تكُ يوما معبرة عن همومهم وتطلعاتهم، بل إن شغلها الشاغل لم يتعدَ الحفاظ على مواقعها التي انتزعتها بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، واعتبرت ما حصلت عليه استحقاقا لا يقبل المساومة ولا التنازل.. ومن…

آراء

حاك… يحيك إخواناً!

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠١٤

عمل الإخوان المسلمون على تسويق أنفسهم سياسياً وإعلامياً على أنهم حركة اعتدال ووسطية وأن البديل منهم هو جماعات إرهابية وتكفيرية، وتناسوا أن محاضن جماعات العنف والتكفير في العالم العربي إنما كانت إخوانية، وأنهم صنعوها لكي يتمكنوا من تسويق التنظيم الرئيسي للإخوان. ومثلت الأحداث التي عصفت بالعالم العربي خلال السنوات الثلاث الأخيرة وتجربة حكم «الإخوان» لمصر والأدوار التي قاموا بها في تونس وليبيا واليمن وغيرها درساً عملياً لمن أراد أن يعرف حقيقة هذا التنظيم والدور الفعلي الذي قام به في تدمير الأوطان وليس تغيير أنظمة الحكم في تلك الدول. وعلى رغم هذا فإن العقول التي تمكن تنظيم الإخوان من تلويثها لم تتمكن من التفكير خارج السياق الممنهج للإخوان، فقامت بإعادة أسطوانة تسويق الإخوان كحركة اعتدال ووسطية، وقد تم ذلك من خلال حملة مقالات ولقاءات حوارية في بعض الفضائيات ومشاركات في مواقع التواصل الاجتماعي. ويأتي مقال الكاتب جمال خاشقجي كنموذج واضح وجلي لذلك والذي عنونه بـ «حاك... يحيك مؤامرة» «الحياة» 16/8/2014)، وأراد من خلاله اعتبار ما يسمى الربيع العربي كاستحقاق تاريخي، وأن داعش هي حركة سياسية دينية غاضبة، وأن الحوثيين هم «انتقام الزيدية الأصولية المتأخر». ورفض بصورة قاطعة ان تكون هناك مؤامرة او ادوار خارجية صنعت كل ذلك، وطالب القارئ بأن لا يلتفت إلى كل الأدلة والإثباتات التى تتعلق بصناعة الفوضى الخلاقة…

آراء

الجاهلية لا تنتصر..

السبت ٢٣ أغسطس ٢٠١٤

ـ تغييب كلمة يعتبر ردة فعل من الطراز الأول، وجاهلية واستتباب خرف، ومن يظن أن الكلمات الحرة تُنسى بسهولة فهو خارج التاريخ، أو على الأقل يحاول أن يصنع واقعاً مختلاً لا علاقة له بسير المواقف والأحداث ومزاج البشر الأسوياء!! ـ الكلمة هي التي تصنع التاريخ دائماً، والنفوذ يحاول إلغاء التاريخ الذي ليس على مزاج القادرين، وما بينهما ثمة صراع خفي تقوده في العادة مجموعة من عشاق إخفاء الحقائق وتزويرها لمصالح وقتية شخصية. ـ صرخة النافذ لا تعني أنه متأذ من كلماتك فقط؛ بل تعني (وهذا هو الأسوأ) أنه وصل إلى مرحلة لا يستطيع أن يسمع فيها إلا صوته، ولا أن يقرأ فيها سوى كلمات التمجيد، ولذلك يستغرب أن يأتي أحد ويقول له لقد أخطأت، ويعيده إلى بشريته.. إنه يمر بمرحلة جنون العظمة، وكل من يمر بها لا يريد أن يسمع أو يقرأ إلا معلقات المدح. ـ في نفسية النافذ مشكلات أزلية لا يمكن عدها ولا حصرها، وفي العادة فهو ينفصل عن الوقوع بمجرد إحساسه الأول بالنفوذ، ومن يُنمون فيه هذا الإحساس السيئ هم من يجني عليه في نهاية الأمر، ومن يتخلون عنه قبل أن ينجلي الغبار.. أغلبهم يصبحون شهوداً عليه لا له! ـ الجاهلية لا تنتصر على الكلمات في هذا العصر؛ بل تشدها من أذنيها وتحررها من سطوة الرجعية والتخلف،…