آراء
الأربعاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٤
أعتقد أن أمام دول المنطقة فرصة نادرة للسيطرة على حالة الفوضى الأمنية الحاصلة فيها والقضاء على «المليشيات» الإرهابية التي لا تهدد دولا معينة فقط، بل تهدد كل المنطقة، بما فيها التي تعتمد عليها في الإخلال بالأمن الداخلي للآخرين؛ مثل إيران التي تخلت عن حليفها «المتعنت» نوري المالكي في حين أنها ترفض التخلي عن النظام في سوريا. عندي شك كبير في استمرار تعاون إيران مع السعودية، سواء بشأن العمل على استقرار العراق الذي يعتبر نموذجاً حقيقياً للفوضى الأمنية في المنطقة التي يتخوف الكثيرون من انتشارها، أو من خلال تهدئة الملفات الأخرى في المنطقة. والسبب في ذلك أن إيران معروفة تاريخياً بأنها لا تسعى إلى التعاون مع الآخرين طالما لم تكن تحت تهديد مباشر. وفي حالة المالكي فإن فشله في الحفاظ على المصالح الإيرانية في العراق الذي أدى إلى «ثورة السنة» هدد في بدايته بإنهاء السيطرة الإيرانية بالكامل في العراق. كما أن حالة تمدد ما يعرف بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وسيطرته على مساحات كبيرة في العراق، أجبرت إيران على أن تتخلى عنه (المالكي) وترغمه على قبول التنحي. عودتنا إيران على «تكتيكات» تقوم بها عندما تجد نفسها في مأزق، لكنها تعود إلى سياستها عندما تجد نفسها قد خرجت منه. حدث ذلك من قبل في لبنان وكذلك في الملف النووي. كما عودتنا…
آراء
الأربعاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٤
لم يعد سهلاً في هذه الأيام أن نعتزّ بانتمائنا العربي، فكيف لنا أن نشعر بالفخر والاعتزاز فيما تتكدّس جثث القتلى في سوريا والعراق وغزة وليبيا، بينما العالم العربي لا يحرّك ساكناً باستثناء طلب المساعدة من الولايات المتحدة وحلفائها، الذين لا يبادرون إلى التدخّل عسكرياً إلا عندما يتناسب ذلك مع مصالحهم الجيوسياسية؟ يُجيد الرئيس أوباما التلويح بإصبعه وإطلاق عبارات الشجب والتنديد، لكنه ينكفئ في الحالات الطارئة التي تتطلب تحرّكاً عاجلاً، فسياسته الخارجية ليست سوى متاهة من الارتباك والسير على غير هدى، وخير دليل على ذلك نسب التأييد له. تدخَّل لإنقاذ ليبيا من حاكمها الديكتاتوري، لكنه تركها للميليشيات المتناحرة، متجاهلاً النداءات التي وجّهتها الحكومة الليبية مؤخراً للحصول على المساعدات الطارئة. وتعهّد بتسليح المعارضة السورية لكنه عاد فنكث بوعده، وأسوأ من ذلك تراجعه عن التدخل العسكري في سوريا في اللحظة الأخيرة، ما أتاح لنظام الأسد أن يستمر في ذبح شعبه. وكذلك كشف عن ازدواجية شديدة في المعايير في تعامله مع المجزرة الإسرائيلية التي أودت بحياة نحو ألفَي فلسطيني في غزة، فلم يوجّه سوى انتقادات طفيفة للعدوان الإسرائيلي غير المتكافئ، فيما يستمر في تزويد نتانياهو بالأسلحة الثقيلة. علاوةً على ذلك، اختار البيت الأبيض توجيه انتقادات لاذعة لمصر التي تؤدّي حالياً دور الوسيط في المفاوضات الحسّاسة الجارية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وذلك على خلفية قيامها بسجن…
آراء
الأربعاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٤
أعود اليوم للكتابة، بعد إجازة تمددت من شهر إلى شهر ونصف، كما يعود الطالب الكسول من إجازة الصيف الطويل إلى المدرسة. يدرك الكاتب أن دوره في المجتمع «هامشي» عندما ينقطع عن الكتابة مدةً من الزمن ثم يعود فلا يجد شيئاً في الحياة قد توقّف أو تعطّل بسبب غياب مقالاته! الحقيقة التي لا يريد الكتّاب الاعتراف بها هي أنهم ليسوا ضروريين للمجتمع بل إن المجتمع هو الضروري لهم، فلولا مشكلات المجتمع وإخفاقاته لما وجد الكتّاب شيئاً يكتبونه. قال قائلٌ منهم: لكنّ الكتّاب هم الذين يساهمون في تعزيز النجاحات وإبرازها، وفي تحليل الإخفاقات وتفكيكها. هذا الزعم صحيح إلى حدود ضيقة جداً، إذ هو ينطبق على فئة ضئيلة من الكتّاب هم المخلصون الصادقون. والخبر السيئ هنا هو أن أغلب، وأؤكد على أغلب وليس كل، الكتّاب المخلصين الصادقين هم كتّاب ضعفاء عادة وقدراتهم الكتابية والإقناعية محدودة، وذوو نمطية موغلة في الرتابة. لماذا؟! لأن أغلب، وأؤكد على أغلب وليس كل، الكتّاب المتمكنين البارعين «العفاريت» لا يتركهم السوق هكذا أحراراً يزاولون صدقهم وإخلاصهم كما يشاؤون، بل يختطفهم (السوق) ليعيد برمجة صدقهم وإخلاصهم حسب الحاجة. ومن استطاع من القلة الضئيلة من هؤلاء الكتّاب / العفاريت أن يفلت من الاختطاف هو الذي سيغضب، بصدق وإخلاص، من مقالي هذا! عدا القلة القليلة من الصادقين / المتمكنين، فإن الكتّاب عموماً…
آراء
الأربعاء ٢٠ أغسطس ٢٠١٤
هل أصبحت «داعش» الأساس الذي تُبنى عليه سياسات المجتمع الدولي إزاء تعقيدات أزمات الشرق الأوسط، وهنا أتعمد استخدام كلمتي «أزمات» و«تعقيدات» بصيغة الجمع. أنا لست ممن يجدون الأعذار لـ«داعش» ومن سار على نهجها، ولا من أولئك الذين يجهدون في البحث عن مبررات أو أسباب تخفيفية لجرائمها، إذ لا عذر لمن يرى القتل - والقتل وحده - وسيلة لممارسة السلطة والتعامل مع الناس. ولا أحسب أنه يجوز لنا في القرن الـ21، في خضم ثورة المعلوماتية والتواصل، السماح لجماعات ظلامية وظالمة باحتكار الإسلام، بعدما كان الدارسون في جنديسابور وبغداد وفاس وقرطبة في طليعة مَن مدّنوا البشرية وأسهموا في حضاراتها الإنسانية وتقدمها في مجال العلوم والفلك والطب والفلسفة والترجمة وغيرها. لا... لا أعذار لـ«داعش» ولا لغيرها من الزُّمَر التي قررت، من دون أن تشاور المسلمين، تشويه سمعة دينهم، وتدمير حيواتهم ومستقبل أجيالهم، فتخوض حربا متخلفة عديمة التكافؤ مع مجتمع دولي قادر في أي لحظة على إفنائها... لا يمنعه من ذلك سوى تحفّظ كتلتين هما: أولا، الجماعات التقدمية والليبرالية التي ترفض، من منطلقات مبدئية، استخدام العنف حتى مع مستخدميه. وثانيا، التيارات العنصرية المتطرفة التي ترى أن البيئات التي نَمَت فيها مثلُ هذه الحركات المتطرفة المتخلفة تستحقها، لأنها - حسب زعمها - إنما هي بيئتها الحاضنة، ومن ثم يجب أن تدفع من استقرارها ثمن احتضانها…
آراء
الثلاثاء ١٩ أغسطس ٢٠١٤
الجهاد ذروة سنام الإسلام، لاجدال في ذلك، لكنه ليس العمل الوحيد المؤدي إلى الجنة، هناك أعمال أخرى سابقة على الجهاد في الفضل والأجر. أدبياتنا قصرت دخول الجنة على الشهداء، ولذلك أسرع إليه كثير من المسلمين وبخاصة الذين أسرفوا على أنفسهم، ظنا منهم أن الشهادة هي أقرب الطرق إلى الجنة دون التأكد فيما إذا كانت الطريق التي سلكوها صحيحة أم خاطئة، وباعتقاد أنهم يدخلون الجنة بعمل الجهاد وليس برحمة الله أولاً وفضله. الجنة لا تؤتى بعقوق الوالدين، وتضييع الواجبات والمسؤوليات، والكذب والتزوير، ومخالفة الأنظمة التي سُنّت تأكيدا لخلافة الإنسان على هذه الأرض وعمارته لها. بعض الذين نفروا للقتال كانت نواياهم طيبة، ولكن الطريق إلى جهنم مفروشة بالنوايا الحسنة (السذاجة)، التي لا تتوافق مع كون المؤمن "كيّس فطِن"، وأنه "لايلدغ من جحر مرتين". بعض المتسللين إلى الجهاد يكتشفون فداحة ما ارتكبوه، فهم لايعرفون تحت أية راية ينحرون نفوسهم، والحظيظ منهم من يتمكن من العودة إلى بلاده نادما. أذكر حوارا صحفيا أجريته مع الرئيس برهان الدين رباني -رحمه الله- قال فيه بأنكم في العالم العربي وضعتم المجاهدين الأفغان في مصاف الصحابة: "وفينا من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ومن يقاتل حمية، وقطاع طرق وتجار مخدرات"، وكأنه يتنبأ بما حدث لاحقا من اقتتال قادة المجاهدين الأفغان. حينذاك، كنا أربعة زملاء بزينا السعودي في…
آراء
الثلاثاء ١٩ أغسطس ٢٠١٤
العنف بالغٌ أقصاه اليوم في عموم المنطقة العربيّة. وهو، بذاته، ليس جديداً علينا. فلو اقتصرنا على الأنظمة التي سادت في الخمسين عاماً المنصرمة لوجدناه أعظم سلعة نستورد من تجارب التوتاليتاريّات الغربيّة، وأعظم سلعة نصدّر إلى بلدان مجاورة تحاول الاقتصاد في بذل العنف. لقد كنّا دائماً في عرضه واستعراضه كرماً على درب. لكنّ المشهديّة الصارخة للعنف كما تمارسه حركات كـ «داعش» وأخواتها تعطيه مزيداً من الأبعاد والمعاني: فهنا نحن أمام زواج كامل بين أقصى الهمجيّة النازحة بنا إلى أزمنة خلت، وبين حداثيّة أداتيّة تتجسّد في السلاح والتراتُب والتنظيم والاستخدام الموسّع لوسائل التواصل الاجتماعيّ، فضلاً عن العقيدة. إنّها البربريّة وقد استعانت بأضراس صناعيّة. ونبذ الآخر وصل أيضاً إلى أقصاه في المنطقة العربيّة. وهذا، بدوره، ليس جديداً: فأكراد العراق سبق أن ضُربوا بالسلاح الكيماويّ، وأقباط مصر سبق أن اعتُبر عددهم سرّاً من أسرار الأمن القوميّ لمصر، ومسيحيّو لبنان سبق أن وُصموا بانعزاليّة ودُُفّعوا غالياً مقابل التهمة هذه. لكنّ ما يحصل اليوم يرقى إلى انتقال من طغيان الإبادة السياسيّة والثقافيّة للجماعات المختلفة إلى طغيان الإبادة الجسديّة لها. فهذا ما تقوله أحوال المسيحيّين والإيزيديّين والشبك وسواهم في العراق، وهذا ما تخافه أقلّيّات أخرى تتوزّع ما بين مصر والعراق. لقد باتت تطالعنا محاولات صريحة لـ»إبادة النسل»، لا من خلال القتل والذبح فحسب، بل أيضاً عبر التزويج…
آراء
الثلاثاء ١٩ أغسطس ٢٠١٤
تفسيرات ابن خلدون للتحولات الاجتماعية والسياسية التي لخصها في مقدمته المشهورة، أثرت في كثير من كتاب العرب المعاصرين، سيما الإسلاميين منهم. ومنها مثلا ما قرره عن ميل الأمم المغلوبة إلى تقليد الغالب في كل شيء. لا أعلم إن كان الفقهاء قد تأثروا أيضا بهذه الآراء، لكني طالما وجدت نفسي حائرا إزاء ميل أغلبهم للتأكيد على الحدود الفاصلة بين المسلمين وغيرهم من أمم العالم. وأذكر نقاشا أجريته قبل زمن بعيد مع المرحوم محمد طاهر الخاقاني وهو فقيه معروف بحسن استنباطه، وإن لم يشتهر بين الناس، سألته عن سبب تشدده في أحكام العلاقة مع أهل الكتاب، فأخبرني أنه يفتي بذلك لعامة الناس، تلافيا لتأثرهم بثقافة الغالب ونمط حياته. وذكر لي رأي ابن خلدون، ولم أكن مطلعا عليه قبل إذن. فيما بعد وجدت معظم الفتاوى المتصلة بغير المسلمين ــــ بل حتى بالمسلمين المخالفين في المذهب ــــ ميالة إلى القطيعة معهم والتحذير منهم. وهذا سلوك عام عند فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم. سبب استرجاع هذه المسائل التي ضاعت في تلافيف الذاكرة، هو ما شهدته من ردود فعل علماء المسلمين على الفظائع التي ارتكبتها داعش في حق المسيحيين والإيزيديين في شمال العراق. فقد لاحظت أن معظم من استنكر تلك الأفعال الشنيعة، برر رفضه لها بكونها مسيئة لصورة الإسلام في العالم، وليس بكونها في ذاتها أفعالا…
آراء
الثلاثاء ١٩ أغسطس ٢٠١٤
ـ ابن الوزير عصامي مكافح ما شاء الله تبارك الله؛ صحيح أن الأبواب فُتحت أمامه لأنه ابن معالي الوزير، وصحيح أن التجار يتلطفون إليه ويمدحون أخلاقه العالية وسعة علمه واطلاعه لأنه ابن معاليه، وصحيح أنه (ما يتبع ثنتين) لكنه عصامي مكافح الله يحفظه. ـ ابن القاضي عصامي مكافح؛ صحيح أنه يعيش ستة أشهر خارج البلد في رحلات استجمام متتابعة، وأنه لا يدري من أين تشرق ومن أين تغرب؟ لكن الله وفقه فأصبح من هوامير الأراضي الكبار، وله مكاتب عقار في كل شارع ويُنهي أموره في كل محكمة بيسر وسهولة.. رجاء لا تفهمونا غلط الولد عصامي مكافح باسم الله عليه. ـ ابن المليونير رائع باستمرار ويعتبر أكبر عصامي مكافح في العالم؛ مع أن السيد الوالد وضع في حسابه كم مليوناً في بداية حياته، وبعد أن أضاع نصفها على «المكيفات» عوضه الوالد أيضاً عسى أن تكون هذه آخر الأحزان والنزوات والضلالات.. لكنه عصامي جداً ومكافح جداً، ومن يشبهك يا عصامي؟! ـ ابن المدير العام عصامي ومكافح من الدرجة الأولى؛ طبعاً لم يؤثر عليه أبداً أنه لم يكمل تعليمه، وأنه (داشر شوية وفاغر باستمرار)..هو الآن صاحب منصب معقول في إدارة أبيه، وله عدة مشاريع تجارية ناجحة وتنافس في السوق، والسبب لأنه عصامي مكافح، ولا تفهمونا غلط رجاء. ـ أما ابن الموظف البسيط فقد…
آراء
الثلاثاء ١٩ أغسطس ٢٠١٤
الحب بجميع أشكاله العذري وغير العذري مطارد ومرغوب فيه بين كل شعوب الأرض، وتغنّت به كل الشعوب وصورته في ملاحمها الشعرية قديماً وحديثاً، خصوصاً في ثقافتنا العربية ما قبل الإسلام وما بعده. الحب حال إنسانية ستبقى ما دام الإنسان باقياً، وحاولت الأديان وأخلاقيات المجتمعات تهذيب سلوكياته، ولكن الحب حال «تمرد» بجماله على كل ذلك، وكم نركض لقراءة الروايات الرومانسية التي يكون الحب محورها في مطلع شبابنا، ونظل نتابع الأفلام السينمائية العربية والأجنبية التي تصوّر قصص الحب والغرام التي قد تعوّض معايشة الحب على أرض الواقع، أي أن الحب الإنساني ومنه العاطفي يهذّب النفس ويرتقي بها إلى أعلى درجات الخيال والتضحية والعذابات، وبيئتنا المحلية خلدت الكثير من قصص الحب وتوارثتها الأجيال في قصص شعبية ترويها الجدات والأمهات، وذهب غالب شعرنا العربي من الفصيح والشعبي وبقيت قصائد الحب وقصصه الجميلة! الحب حال إنسانية صافية باقية تعبّر عن مكنونات النفس البشرية، وكم تسمرنا أمام شاشات التلفزة نتابع قصص الحب والغرام ومعاناة المحبين وفراقهم، في لحظة من هذا الزمن يأتي من يحارب الحب ويحاول أن يجعله حالاً «إجرامية»، وكأننا شعوب هذه المنطقة حرّم علينا الحب، وقد لا أكون مبالغاً إذا قلت إن التشدد والتطرف في مجتمعاتنا هو بسبب قتلنا لمفهوم الحب في حياتنا، وقد تكون الحياة بائسة ومملة وجامدة المشاعر متى ما حورب الحب…
آراء
الثلاثاء ١٩ أغسطس ٢٠١٤
الموقف السعودي المعلن والثابت من الإرهاب وطوائفه واضح: ظاهرة الإرهاب هي أخطر التحدِّيات التي تواجه المجتمع الدولي في الوقت الراهن، التي لم تعد محاربتها شأنًا محليًّا ينحصر في حدود دولة ما. السعوديَّة عانت كثيرًا من الإرهاب الذي ضرب مدنها وشوارعها وبعض منشآتها. ولأكثر من عقد لم تكن المواجهة اعتيادية لكنها ظلَّت قوية جدًا، شرسة جدًا، ومتشعبة أيضًا. إلا أن النجاحات الأمنيَّة الكبيرة في المواجهات المباشرة، كما الضربات الاستباقية للخلايا الإرهابيَّة استطاعت أن تحسم جزءًا مهمًا من معركتنا مع الإرهاب ونفوذه وتمويله ومشايخه ودعاته والمتعاطفين معه. آخر الجهد السعودي الكبير على مستويات الاستباقات الدوليَّة، تمثل في دعم المملكة للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب بمبلغ 100 مليون دولار، عبر الأمم المتحدة قدم للأمين العام للمنظمة الأممية. صحيح أن الحرب ستستمر طويلاً لتجفيف المنابع الفكرية ومصادر التمويل المادِّية، عبر جبهات عدَّة يتداخل فيها الأمني بالإعلامي والثقافي والفكري وحتى السياسي. لكن لنركز الآن على أشيائنا الصغيرة، أو التي تبدو كذلك لكنها خطرة ومؤثِّرة جدًا في التأسيس للفكر المتطرف، الذي من شأنه أن يقود - بشكل مباشر أو غير مباشر- إلى صناعة إرهابيين! أحادية الفكر.. سواء أكان فكرًا مستندًا على خلفية دينية أو أيدلوجية هو في الغالب من يصنع القوالب الجاهزة باتجاه واحد، حين يكون الاجتهاد الديني -مثلاً- وحيدًا غير قابل للاختلاف والتفاوت، يصبح التسامح متعذرًا…
آراء
الثلاثاء ١٩ أغسطس ٢٠١٤
عندما تجلس إلى بعض العراقيين، وتسمع أنين كلماتهم وقهرهم، والخطر الذي يطوّق حياتهم وأمنهم، تعرف كمعانى العراقيون من الدماء والإرهاب والدمار وخراب الديار بسبب سياسات نوري المالكي وطائفيته وديكتاتوريته وفساده وفشله. ما أعرفه شخصياً، حينما تسلّم المالكي رئاسة وزراء العراق عام 2006، أبدت السعودية رغبة في التعاون معه وهنأته رسمياً، وأعلنت استعدادها لمساعدة العراق في تجاوز ظروفه، لكن المالكي كان في كل مرة يراوغ ويتذاكى ويكذب إزاء ما يتم الاتفاق عليه وما يعد به، وعندما انكشف زيف وعوده وسوء إدارته وخبث سياساته، تجاهلته الرياض نهائياً، فحاول آنذاك الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، التوسط عند العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمقابلة المالكي أو الرد عليه، فرفض بشدة، مشدداً على أن العراق أكبر من المالكي، وأنه شخص غير صادق ومراوغ، وسيقود العراق إلى مستنقع خطر. وكذلك حاول بعض المسؤولين الأميركان لاحقاً، فكان العاهل السعودي يرد بالإجابة نفسها التي رد بها على بوش. أخيراً، عندما انتفض العراقيون على طائفية وسياسة المالكي المخزية، ما كان من واشنطن وطهران إلا أن لفظتاه سريعاً بطريقة أشبه بالتخلص من «كرت» سياسي محترق، منتهي الصلاحية، ويتضح ذلك من خلال تطابق لغة تصريحاتهما وتقارب لحظاتها الزمانية، ما جعل المالكي يخرج «مجبراً صاغراً»، لكن «بعد خراب مالطا»! مارس المالكي صاحب مشروع «فرسنة» العراق، كل أصناف الطائفية البغيضة والعنصرية النتنة والإقصائية…
آراء
الإثنين ١٨ أغسطس ٢٠١٤
تقول التشنيعة التي تم تداولها عبر الوسائط: في اليابان الخروج من الحمام بالبصمة، فإذا كان الحمام نظيفا يفتح لك الباب، أما إن كان وسخا فلازم ترجع تنظفه، ثم تكمل النكتة هكذا: "لو هالنظام عندنا كان نصف الشعب مسجون بالحمام". بصراحة ضحكت حتى بانت نواجذي، وافترت ثغور النواعم، وخشش "جمع خشة" الخواشن الذين قرأت عليهم تلك المعلومة. وبغض النظر عن مدى صدق هذه المعلومة "مع أن اليابانيين يحرون بها"، إلا أن الصدق هنا يكمن في المبني للمعلوم، وأن الذي لا شك فيه أن هذه "التشنيعة" تتلبسنا لو طبق لدينا هذا النظام الغريب. إننا نعرف عيوبنا الساطعة التي لا تنسجم إطلاقا مع مقتضيات التمدن والأخذ بأسباب الحضارة الحديثة، ويتضح ذلك جليا في استخدام الحمامات العامة، وكذلك التعسف في استخدام الطرق والسيارات حتى صارت خطرا محدقا والأكيد أن السعودي من أكثر العرب هجرة وسفرا ـ ليس للعمل ـ ولكن للتسلية والترفيه، وتأمل ما لدى "الآخر" من تسهيلات وخدمات، تسهم في سعادة البشر. ويدرك السعودي الذي يسافر في كل الاتجاهات وفي كل المواسم، أن هذه الحياة المتيسرة إنما وصلت إلى هذا الحد بسبب تطبيق النظام والقانون الذي يحفظ حقوق الفرد أمام غيره، كما يحفظ حقوق الآخرين أمام أي انتهاك أو اختراق، إضافة إلى احترام حذافير ومواد النظام الذي توافق عليه الناس هناك وارتضوه وطبقوه…