آراء

آراء

حاك … يحيك مؤامرة

السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤

«يجب أن ننتبه إلى ما يحاك لنا في الخفاء» هل تعثرت اليوم بهذه الجملة في صحيفة ما؟ لا بد من ذلك، فهي جملة مستهلكة، متداولة، باتت تتواتر على ألسنة كثير من الكتّاب، بل والمسؤولين أيضاً، فهي عذر سهل بسيط لتبرير الأخطاء، والثورات، والانهيارات المتوالية في المنطقة مع العجز عن الإصلاح، فما حصل ويحصل ما هو إلا «مؤامرة، حيكت خيوطها بليل»، ولكن ماذا لو لم تكن هناك مؤامرة وأن المشكلة حقيقية، وأننا نعالجها بالدواء الخطأ؟ حينها ستتفاقم لتعود من جديد أكبر وأضخم وأعصى على العلاج. ثلاث قضايا في محيطنا، تكاد حقيقتها تضيع وسط روايات المؤامرة المتعددة، الربيع العربي، وداعش والحوثيون، فأين الحقيقة حيال كل منها؟ الربيع العربي، استحقاق تاريخي، كان لا بد أن يحصل، فهو نتيجة تراكم أخطاء وفشل أنظمة، يستطيع مؤرخ أن يعيد جذور الفشل إلى التأسيس الخاطئ لمعظم الدول العربية بعد الحرب العالمية الأولى، وإذا اختلف المؤرخون هناك، فهم لن يختلفوا لو عاودوا إلى ما بعد ذلك، لزمن الانقلابات العسكرية، وسيطرة عقيد وبكباشي متحمس بتحصيل علمي متواضع على مقاليد السلطة، ألغوا الطبقة السياسية المتعلمة التي سبقتهم، اتهموها بالفساد والاستبداد فغرقوا من بعدهم في فساد واستبداد أكبر، مع قلة خبرة وسوء إدارة، فتراجع الاقتصاد، وساء التعليم، وانتشر الظلم، تشكّلت طبقة حاكمة تحتكر السلطة والمال، فكان من الضروري أن يغضب الشعب.…

آراء

يا باغي «الجنسية» وينك؟

السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤

الأرزاق أقدار غامضة لا تأتي إن لم يحن أوانها وتنضج ظروفها. أحد الأصدقاء المغامرين افتتح عام 2011 مكتباً لخدمات التجنيس مراهناً على أن الربيع العربي سيفتح بوابة هرب لأنصار كل نظام ساقط حرصاً على نجاتهم بأموالهم، لكن الزمن خاتله فلم يأته الرزق. أمضى ثلاثة أعوام يدفع أشكالاً مختلفة من الأجور من دون رزق يذكر حتى جاءه صيف 2014 يحمل بشرى المكسب وثواب الصبر والانتظار، إذ خلعت الكويت قفازها كاشفة عن مخلب حاد لا يرتوي من دون إسقاط الجنسية، ولحقتها البحرين مظهرة ناباً قاطعاً حين تبتسم. صديقي لا علاقة له بالأيديولوجيا ولا يفرق بين «الإخوان» والمافيا، إلا أنه يتمتع بحس تجاري لاقط يفوق إدراك الحيوانات للمخاطر الطبيعية، فتيقن أن سوقه قامت وأيام نحسه انقضت منذ أن أدارت الكويت ظهرها لمن أسكنتهم دارها فسرقوا أمانها. استشعر بأنف التاجر أن الخليج مقبل على مرحلة حصاد طويلة وعريضة. قرون استشعاره كانت صادقة منــذ اليـوم الأول لأنه راهن على أناس ولاؤهم عابر ووطنيتهم مرحلية تحكمها الحاجة أكثر مما ترسخها الهوية. قال إن الخليج غضوب، فبقــدر ما يـــصادق بتــفــانٍ فإنه يتوقع المعاملة بالمثل، يضع إمكاناته تحت تـصرف من يلوذ به إلا أن الصدمات لا توقفه والعواطف لا تقيده حين يـــصل التهديد إلى وجوده، وإنه سعيد بهذا الغضب لأن رزقه ولد من بين شرره، متمنـــياً ألا تتنازع…

آراء

دعوهم يهاجرون..

السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤

ـ من حق الناس أن يحلموا بتربية أطفالهم في جو صحي ومتصالح مع الحياة، ولأن ذلك لا يحدث بكل أسف في أغلب الدول العربية، فإن الناس يهاجرون دائماً ويبحثون عن جنسيات تحترم آدميتهم وأحلام أطفالهم، والسعيد من تتوفر له فرص الهجرة.. ـ لا تلوموا العقول العربية المهاجرة؛ فأبسط حقوقهم أن يعيشوا في منأى عن هذا الجو الفاسد الذي يعيشه أغلب العرب في بلاد الفوضى السياسية تحديداً.. إن هجرتهم اضطرارية وليست اختيارية أبداً؛ اضطرار واقع عنيف وجاهلي ومتخلف، وليست هجرة ترف أو مباهاة كما يظن بعضهم. ـ لماذا تريدونهم أن يبقوا معكم؟ ليشاركوكم في مبايعة الخلفاء المزورين؟ أم ليساهموا معكم في كتابة القصائد الفاخرة عن رؤساء المليشيات التي تتكاثر كالنمل؟ أم إنكم تحاولون الاحتفاظ بهم كي يصبحوا عالة على العالم؟ الهجرة قد تكون حلاً حينما تتوافر شروطها. ـ كل عربي يستطيع الهجرة أو يحصل على جنسية تحترم آدميته؛ عليه أن يبادر إليها فوراً، وأن لا يفكر ولو للحظة واحدة في التأجيل أو إعادة التفكير.. قد يعود إلينا هؤلاء المهاجرون بحلول لعاهاتنا المستديمة.. من يدري؟!! وقد يتكاثرون هناك فيمسكون بزمام الأمور في يوم من الأيام.. من يدري أيضاً؟ ـ على الأقل قد يستطيعون تحسين صورتنا المختلة في كل بلاد العالم، وقد يخدموننا في المستقبل حينما يعودون إلينا بأطفال متعلمين ومتحضرين لا يحبون…

آراء

مأزق الوعي.. ماذا ننقد وكيف؟

السبت ١٦ أغسطس ٢٠١٤

تحت وطأة الأوضاع العربية الراهنة، لاسيما ذاك الإحباط المتفشي بسبب النتائج التي أفضت إليها ثورات «الربيع العربي» في غير بلد، ثمة ميل عربي متعاظم إلى مراجعة «تاريخنا» مأخوذاً بالجملة كقطعة واحدة لا تقطُّع فيها ولا انقطاع، وذلك بحثاً عن مسؤوليةٍ ما يتحملها هذا التاريخ عما آلَ بنا إليه من تردٍ. ويُلحَظ في عموم هذه المراجعة، وهي لا تزال في بداياتها على أية حال، وجود ثلاثة أصوات مختلفة يركز كلٌ منها على حقبة تاريخية بعينها وينظر إليها بوصفها مصدر ما نعانيه. فهناك من يذهب إلى تاريخ ما قبل الاحتكاك بالغرب، وهذا زمن مديد جداً ينطوي على حقب عدة ليست بالضرورة متجانسة في وجهتها أو في المعاني المفضية إليها، بل هي متنافرة في الكثير من وجوهها. وإنما بسبب هذا التنافر في أمور عدة، يسهل توحيد ذاك التاريخ بالإسلام، كونه العقيدة الجامعة على امتداد الحقب تلك، والأساس الذي ارتكزت إليه على نحو أو آخر محاولات الهندسة الاجتماعية والسياسية التي جرت تباعاً. وعلى نحو وثيق الصلة بالثقافة، يمكن التوقف عند نظام القرابة العربي وقيامه على عصبية الدم، مما زاد في التضييق المديد على نشأة مجتمع سياسي يتقدم فيه المواطنون الأفراد بوصفهم كذلك. وما من شك في أن ما عزز ويعزز هذا اللون من النقد صعود حركات الإسلام السياسي الراديكالية كجبهتي «النصرة» و«داعش»، وتوسع نفوذها…

آراء

عقدة الهروب من المشكلة

الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠١٤

هناك نوع من الناس يتفادى مواجهة المشكلة، إما عمدا أو من دون أن يشعر. وسبب ذلك يعود إلى مشكلات عائلية أو تجارب سابقة، بحسب خبيرة إدارة الخلافات د.سوزان رينز في كتابها «إدارة الخلافات». فهذه الفئة من الناس التي تتفادى أو بالأحرى تهرب من مواجهة المشكلة هي أحد أنواع متعددة من السلوكيات التي تدرس في علم إدارة الخلافات، والتي منها المواجهة والتوافق والتعاون والتضحية وغيرها. ما يهمنا هنا أولئك الذين يهربون من المشكلات التي تعترضهم لاعتقادهم أن الوقت كفيل بحلها. وهذه النظرة قاصرة، لأن الهروب من مواجهة المشكلة ليس بالضرورة حلا لها، فبعض المشكلات مثل كرة الثلج إن لم نتصد لها كبرت وصارت تداعيات تجاهلها أكبر. غير أن بعض المشكلات تبدو صغيرة، ومن المرجح أنها سرعان ما ستزول، حينها يصبح أمر تجنب مواجهتها خيارا بديهيا، إلا إذا كان المسؤول يريد اقتناص فرصة توبيخ المتسببين بها حتى لا يتكرر الخطأ. وفي بعض الأحيان يتعمد بعض المسؤولين عدم تجاهل المشكلة إذا كانت مثلا من الأخطاء التي إن اعتاد عليها الموظفون أوجدت حولهم بيئة من الفوضى كسوء تعاملهم مع الزملاء أو فظاظة التعامل مع المراجعين والعملاء. فهذا النوع من المشكلات إذا تم غض الطرف عنه فإنه قد تتفشى بسببه في المنظومة حالة من التسيب. أما مشكلة الذي يتجنبون المواجهة فتكمن في أنهم يتخيلون أنه…

آراء

إعادة تكوين نظام الاعتدال العربي

الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠١٤

مع تعدد القراءات للتطورات الإقليمية، لا سيما في العراق بعد صعود «داعش» وسيطرته على أجزاء منه وعبثه بتركيبته الاجتماعية والديموغرافية التاريخية، فإن مفاعيل مواجهة كل ذلك تستدعي المراقبة الدقيقة للتغييرات الحاصلة في المنطقة إزاء الخطر الداعشي. الحاجة الملحة لمحاربة هذه الظاهرة فرضت على القيادة الإيرانية التراجع عن تشبثها بالمعادلة الحاكمة التي أرستها لسنوات بحكم نفوذها في بغداد، فوحش التطرف والإرهاب الذي كان برز في سورية قبل العراق، والذي كان النظام في دمشق سهّل بروزه بهدف شيطنة المعارضة المعتدلة ووصمها بالإرهاب، بتأييد من إيران نفسها، أفلت من عقاله الى درجة بات يهدد بالتوسع إلى الحدود الإيرانية نفسها، فضلاً عن أنه أخذ يتسبب بتداعيات تمس المصالح الاستراتيجية لطهران طالما أنه أنشأ أمراً واقعاً من مخاطره احتمال استقلال إقليم كردستان وضمه أراضي عراقية، الأمر الذي يشكل خطراً مباشراً على مستقبل وحدة الأراضي الإيرانية لاحقاً بوجود ملايين الأكراد فيها. اضطرت طهران للتضحية بنوري المالكي بعدما أبلغها من استنجدت بهم من دول الغرب والإقليم، أن المساعدة في محاربة «داعش» مشروطة بقيام حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها المكونات السياسية والطائفية العراقية كلها، بدلاً من معادلة التفرد التي رعتها القيادة الإيرانية لمصلحة مقياس وحيد هو الولاء لها ولسياساتها، الى درجة أن «الحرس الثوري» الإيراني بات يعتمد بغداد متنفساً للاقتصاد الإيراني، يقاسمها ثروتها النفطية في موازنات الدفاع عن…

آراء

الثروة النفسية

الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠١٤

قام عالما النفس إد داينر وروبرت بيزواس بدراسة مهمة استغرقت منهما سنوات طويلة، وكانت حول مفهوم السعادة، وذلك باعتبار أن السعادة تمثل حجر الزاوية في الثروة النفسية، وهي حالة عقلية مبهجة ونافعة وفعالة وسارة تأتي في ظروف الحياة المواتية والملائمة، كما أنها دواء لكل نفس عليلة، ووسيلة لتعزيز الصحة النفسية والبدنية للإنسان، وهي مورد مهم يمكن أن يأخذ منه الإنسان ما يرغب في تحقيقه خاصة في عصرنا الحالي وما يعتريه من أزمات وحروب وصراعات، حيث صار الإنسان يبحث عن حالة من الاستقرار النفسي والهدوء وراحة البال، ويتعطش إلى لحظة فرح وسعادة. وقد أصدر العالمان كتابهما «السعادة.. كشف أسرار الثروة النفسية»، متضمناً ما توصلا إليه من نتائج في غاية الأهمية حول موضوع السعادة. وقد جاءت النتائج، بعد جمع وتحليل المعلومات من عشرات آلاف الأشخاص من مئة دولة وأبحاث كثيرة عن السعادة البشرية وأخرى تختص بالحياة الانفعالية للمعدمين وذوي الثراء الفاحش، وبحوث حول الدور الذي تلعبه العلاقات الاجتماعية والدين والثقافة والسلوكيات الإيجابية بالنسبة للسعادة. ولم يتوقف الباحثان عند سرد نتائج الدراسة، بل اهتما أيضاً بتشخيص المفهوم وتفسيره وتحليل كل ما يتعلق بهذا الموضوع بصورة عميقة وفعالة وقياس الاختلافات النفسية والجسمية والعقلية والفكرية والإبداعية التي تحدث ما بين البشر أثناء سعيهم للوصول إلى لذة السعادة. وبهذه الدراسة أضاف داينر وبيزواس إلى علم النفس…

آراء

متغيرات العراق والسياسات الإيرانية بالمنطقة

الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠١٤

ما جاء التغيير بالعراق، بقدر ما تأمل المعارضون السياسيون والمسلحون. لكن الأميركيين رحبوا به، وكذلك السعوديون، وبعض الأطراف الإيرانية، ومعظم الأطراف العراقية. فحيدر العبادي الذي سماه رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم لرئاسة الحكومة الجديدة خلفا للمالكي من قادة حزب الدعوة في المنفى وبعد الغزو. ومع أنه ما أظهر خلافا مع المالكي، فالمعروف أنه ما تولى مناصب رفيعة في إدارته. ويضاف لذلك أمر آخر لصالحه، هو أنه لم يعرف بالتعاون مع الميليشيات المسلحة التي شكلها الإيرانيون لدى سائر الأطراف الشيعية منذ عام 2004. إن الطريف أن المالكي وبعض معاونيه القريبين، كانوا هم الوحيدين الذين اعترضوا، وصدقوا بأي حجة: بحجة أن معصوم خالف الدستور، بعدم اختيار المالكي، زعيم أكبر كتلة بالبرلمان! أما المالكي نفسه والذي حكم السنوات الأربع الثانية بمفرده تقريبا، فإنه بالطبع ما خرج على الدستور قيد أنملة، رغم سقوط ثلاثين ألف قتيل في تفجيرات ما استطاعت أجهزة أمنه تلافيها، ورغم بقاء أهم المرافق معطلة مع مضي عشر سنوات على الاحتلال، وثلاث على الجلاء، ورغم الخروج على كل الاتفاقيات السياسية التي أنجزت لتشكيل الحكومة بعد انتخابات عام 2010 وتولي المالكي لمعظم الوزارات غصبا عن الجميع، وأخيرا رغم انهيار الجيش العراقي المليوني أمام هجمات «داعش» خلال ساعات. وهو الانهيار الذي ما استطاع الجنرال سليماني رأب صدعه، بعشرات الألوف من الميليشيات العراقية، والآلاف…

آراء

بزنس العائلة… النشاط الغائب

الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠١٤

بحسب صحيفة «المدينة» طرح صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) 2.6 مليون سيرة ذاتية لعاطلين عن العمل، وهو رقم زاد بنسبة 8 في المئة بين شهري تموز (يوليو) وآذار (مارس) 2014. وعلى العكس انخفضت الوظائف التي يوفرها القطاع الخاص من 29 ألف وظيفة في مارس إلى 27 ألف وظيفة في يوليو بنسبة بلغت 7 في المئة. بالتأكيد رقم البطالة ما زال كبيراً ومخيفاً، ويزيده سوءاً معرفة أن عدد العاطلين عن العمل من حملة البكالوريوس وما فوقها بلغ 541 ألف عاطل، أي ما نسبته 20 في المئة من عدد العاطلين الإجمالي (حوالى 7 آلاف من حملة الماجستير والدكتوراه). هذه الأرقام تؤكد عدم جدوى ما تقوم به وزارة العمل وبرنامجها المسمى «نطاقات» من جهود لتوطين الوظائف وسعودة القطاعات. فالبرنامج أفرز سعودة صورية أكثر من كونها سعودة حقيقية، وكانت الوظائف أقرب لزواج المسيار، الذي سرعان ما تحدد نهايته قبل أن يبدأ. ولا أود أن أحمّل وزارة العمل كل اللوم على ما يحصل في سوق العمل المشوّهة حقيقة لا مجازاً، ولكنها تبقى المسؤول الأول عن السعودة والتوظيف، ولا يجوز أن تضيّع وقتها كثيراً على السعودة الوهمية التي نراها حالياً. ولذا أرى أن تركز الوزارة حالياً على تفتيش دفاتر الشركات الكبيرة مثل «أرامكو» و«سابك»، و«موبايلي» و«الاتصالات» و«زين» وغيرها، فما نراه أن هذه الشركات وغيرها ما زالت…

آراء

فليرفع «حزب الله» يده عن الجيش اللبناني

الخميس ١٤ أغسطس ٢٠١٤

بعد أعوام متتالية لم تُسمع خلالها كلمة «السيادة» من أفواه الفريق السياسي الذي يهيمن عليه «حزب الله» في لبنان، كان لا بدّ من أن ينتهك مسلحو «داعش» و «جبهة النصرة» الحدود ويهاجموا الجيش اللبناني ليتذكّر هذا الفريق أن ثمة شيئاً اسمه «السيادة» وأن ما حصل اعتداء عليها. كانوا يستهزئون بالفريق الآخر عندما يتحدث عن السيادة والاستقلال، عن الدولة ومؤسساتها، وبالأخص عن الجيش كمؤسسة شرعية وحيدة مخوّلة حمل السلاح. بديهي أن هجوم الارهابيين عبر الحدود «اعتداء على السيادة»، ومن الطبيعي أن يتصدّى لهم الجيش ويطردهم، ومن الواجب أن يتضامن اللبنانيون جميعاً مع الجيش. وهل كان متوقعاً أن يتضامن أحد مع «داعش» أو النصرة» مثلاً؟ هذان التنظيمان لا يعنيان أي طرف سياسي معروف في لبنان، بل لا يعنيان الشريحة الواسعة التي تعاطفت مع الشعب السوري في انتفاضته على نظام فعل كل شيء ليثبت إجرامه في حق ما يُفترض أنه بلده ومَن يُفترض أنه شعبه. وإذا وُجد فعلاً مَن يتماهى مع «داعش» وأشباهه فهو بالتأكيد هامشي لا يستطيع أن يفرض نفسه على البلد، وبالأخص على المجتمع السنّي الذي برهن تاريخياً أنه حارس «الدولة» مثلما أن المسيحيين ولا سيما الموارنة حراس «النظام». وخلال العقود الثلاثة الأخيرة أدخل الشيعة اضافةً مهمةً الى قيم هذه الجمهورية بخوضهم مقاومة باسلة أجبرت المحتل الاسرائيلي على الانسحاب من جنوب…

آراء

تعاطي أميركا مع «داعش» يعزز ما نسب إلى كلينتون!

الخميس ١٤ أغسطس ٢٠١٤

بغض النظر عمَّا نُسب إلى وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون أنها قالت، في كتابها الأخير «خيارات صعبة»، إن الإدارة الأميركية هي من قام بتأسيس «الدولة الإسلامية في العراق والشام» فإن المؤكد أن سكوت الأميركيين على هذا التنظيم الإرهابي وعدم مواجهته وهو لا يزال في بداياته الأولى يدل على أنهم ليسوا متقاعسين فحسب، وإنما قد يكونون متورطين في حسابات وتقديرات خاطئة جعلت الأمور تصل إلى ما وصلت إليه، وجعلت «داعش» تتحول مع الوقت إلى هذا البعبع المرعب. لقد ترك الأميركيون، ومعهم حلفاؤهم الأوروبيون، «داعش» تكبر وتُوسِّعُ مناطق سيطرتها إنْ في سوريا وإنْ في العراق، وهذا يثير ألف سؤال وسؤال، ويعطي مصداقية لما قالته هيلاري كلينتون في كتابها الآنف الذكر. ثم إن الغارات الجوية التي نفذتها الطائرات الأميركية لمنع تغلغل مقاتلي «الدولة الإسلامية» في كردستان العراقية قد جاءت خجولة ومحدودة، وربما من قبيل مجرد رفع العتب، وحيث قال ناطق عسكري أميركي إن هذه الغارات ستبقى محدودة، وإنه لن يتم الانتقال بها لا إلى الموصل ولا إلى مناطق العراق الأخرى التي إما سيطرت عليها أو تهددها القوات «الداعشية» الزاحفة. لقد أثار موقف الولايات المتحدة من هذا التنظيم الإرهابي، الذي حقق انتشارا في سوريا وفي العراق وكأنه لا يواجه مقاومة على الإطلاق، شكوكا وتساؤلات كثيرة ليس على مستوى الأفراد ولا على مستوى تنظيمات…

آراء

واشنطن تصل متأخرة!

الخميس ١٤ أغسطس ٢٠١٤

لا تتسم إدارة أوباما بالتردد فقط، وإنما بالتأخر الشديد أيضاً، فبعد أن مضى ما يقارب السنوات الست في البيت الأبيض، ولم يبق له سوى سنتين، قرر الرئيس الأميركي الاهتمام بأفريقيا، ودعا إلى عقد قمة أميركية أفريقية في بداية شهر أغسطس الجاري بغياب رئيس أهم دولة أفريقية وعربية، حيث اعتذر الرئيس المصري عن قبول الدعوة بسبب طريقة تقديمها، ما قلل من قيمة هذه القمة ذات الطابع الاقتصادي بصورة أساسية. التوجه الأميركي نحو القارة السمراء جاء متأخراً كثيراً، وذلك بعد أن استثمرت الصين على مدى عشرين عاماً أكثر من 20 مليار دولار، وهيمنت على العديد من قطاعات الإنتاج الخاصة بالموارد الطبيعية هناك، وعززت من وجودها إلى درجة أضحت معها صعوبة دخول الأسواق الأفريقية دون تعاون مع الشركات الصينية، وبالأخص في قطاعات الطاقة والتعدين واستخراج الثروات الطبيعية الكثيرة التي تزخر بها العديد من البلدان الأفريقية. لقد كان هناك خلال العقد الماضي اهتمام أميركي بأفريقيا، إلا أنه تركز في الاهتمام العسكري الذي تمخض عنه إنشاء قيادة أميركية مركزية للقارة الأفريقية، ما يعني زيادة الإنفاق العسكري وتحمل أعباء إضافية دون عوائد اقتصادية على عكس التوجه الصيني، الذي يهتم أساساً بالجوانب الاقتصادية، مع عدم إهمال الجوانب الأخرى. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تنطلق من المثل الإنجليزي الذي يقول «أن تبدأ متأخراً خيراً من ألا تبدأ أبداً»،…