آراء
الجمعة ٠٨ أغسطس ٢٠١٤
في عددها الصادر في أغسطس 2014 نشرت مجلة «الأزهر» في افتتاحيتها التي كتبها الدكتور محمد عمارة مجموعة من المشاريع والمخططات التي قام بها الغرب لتفتيت العالم العربي والإسلامي بدءاً من الحملة الفرنسية التي قادها نابليون بونابرت على مصر عام 1798 لبناء إمبراطوريته الاستعمارية عبر تفتيت العالم العربي والإسلامي على أسس دينية ومذهبية وقومية لتسهيل ابتلاع ولاياته وأقاليمه، مروراً باتفاقية «سايكس -بيكو» التي رسمت من خلالها خرائط التجزئة الاستعمارية لشعوب العالم العربي والإسلامي التي عاشت قروناً طويلة في إطار «الرابطة الإسلامية»، وصولاً إلى المخطط الذي اقترحه المستشرق الصهيوني برنارد لويس عام 1980 والمنشور في مجلة وزارة الدفاع الأميركية، والذي تضمّن إعادة تفتيت العالم الإسلامي، عبر إضافة أكثر من ثلاثين كياناً سياسياً جديداً، بدعوى حل مشكلة الأقليات الدينية والمذهبية والثقافية. وظهر بعد ذلك مخطط «الشرق الأوسط الكبير» الذي تحدث عنه بوش الابن في سيناريو «الفوضى الخلاقة»، وحدد لتنفيذه، حسب المؤرخ الدكتور عاصم دسوقي (مجلة «أكتوبر» 27/يوليو/2014) أدوات كثيرة داخلية وخارجية، منها حركات راديكالية متشددة وعرقيات وطوائف وأقليات وميلشيات.. بهدف تقسيم الدول إلى دويلات ثم كانتونات وطوائف. وعندما تعيد مجلة «الأزهر» التذكير بمثل هذه المخططات والمشاريع والخرائط، فالهدف هو تبصير الأمة بخطورة ما يحاك ضدها، ذلك أن ما يحدث اليوم في وطننا العربي، سواء في فلسطين أو العراق أو سوريا أو اليمن أو…
آراء
الجمعة ٠٨ أغسطس ٢٠١٤
مررت طهران في الأيام الأخيرة أكثر من إشارة سياسية، عن إمكانية تخليها عن ترشيح رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي لولاية ثالثة، ولكن الرسائل الأوضح، حسبما ينقله مراقبون للوضع العراقي، ما جرى تسريبه إلى وسائل الإعلام عن اجتماعات جرت أخيرا بين قيادات ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه المالكي، بأن كتلتي «بدر»، بزعامة هادي العامري، و«مستقلون»، بزعامة حسين الشهرستاني (يملكان 55 مقعدا من أصل 93 لدولة القانون في البرلمان العراقي)، على استعداد للقبول بمرشح غير المالكي من دولة القانون، من أجل الحفاظ على وحدة التحالف الوطني، وعدم التفريط فيه وبأطرافه، ولكن بشرط الاتفاق بين جميع الكتل على الذهاب بمرشح واحد إلى البرلمان. تلميحات هادي العامري وحسين الشهرستاني، وهما الحليفان الأبرز لطهران، داخل ائتلاف دولة القانون بالانسحاب من الائتلاف، بمثابة الضربة القاسية لنوري المالكي، الذي يسعى، عبر الضغط على المحكمة الاتحادية، لكي يثبت أنه يمثل الكتلة الأكبر، ويحق له الترشح دستوريا لولاية ثالثة، ويجعلهما من جهة ثانية لاعبين مستقويين بإيران ضمن مكونات التحالف الوطني، في تسمية رئيس الوزراء، حسب رغبة طهران. فمنـذ شهرين، فشلت طهران في الالتفاف على المطالب التي أجمع عليها أغلب المكونات السياسية العراقية، التي طالبتها بالتخلي عن ترشيح نوري المالكي لولاية ثالثة، إضافة لمطالب المرجعية الدينية في النجف بضرورة التغيير وتشكيل حكومة وفاق وطني شامل، والأصوات التي أتت…
آراء
الجمعة ٠٨ أغسطس ٢٠١٤
منذ سقوط الموصل بأيدي المسلَّحين في 10-11 يونيو (حزيران) 2014، انصرفتُ مثل كثيرين غيري إلى تعداد الحرائق التي أقبل الإيرانيون على إشعالها في العالم العربي، ردا على خسارتهم الصاعقة في العراق. ذكرتُ الحوثيين باليمن، وذكرت المصائب التي نزلت بغزة في الثوران الحماسي المفاجئ للمقاومة، وذكرْتُ استشراس النظام السوري و«حزب الله» لأخذ حلب بعد حمص، وذكرتُ إصرار الإيرانيين على النظام السوري لمواجهة «داعش» بسوريا بعد أن لم يعد استخدام «داعش» مفيدا. وما خطر لأحدٍ منا أن يحاول الإيرانيون إشعال الموقف بشرق لبنان. نحن نعلم منذ أكثر من سنتين أنّ عرسال تحولت إلى شوكةٍ في خاصرة حزب الله، بسبب موقعها على الحدود، والجرود والجبال الوعرة التي تمتدُّ فوقها على مساحة مائة كيلومتر، وأنّ عرسال تؤوي عائلات مهجَّرين سوريين ارتفعت أعدادهم لأكثر من مائة ألف؛ في حين أنّ سكان البلدة لا تزيد أعدادُهم في الأصل على الثلاثين ألفا! ما توقعتُ هذا الاشتعال لأنّ الحزب أعلن انتصاره في كل مكانٍ، وزايَدَ في ذلك على النظام السوري نفسه. ثم لأنّ بدء النزاع إن أمكن توجيهه؛ فإنّ المآلات لا يمكن ضبطها. إنما والحقُّ يقال؛ فإنّ أهل تلك المنطقة من السنة والشيعة العقلاء حذّروا وأنذروا من ذلك خلال الشهرين الماضيين. إذ خلال الأسابيع الماضية قال لنا أهالي ثلاث قرى بمنطقة بعلبك إنّ صدامات كرّ وفرّ جرت وتجري…
آراء
الخميس ٠٧ أغسطس ٢٠١٤
في العيد خرجت مع أسرتي لأتناول طعام العشاء في أحد المطاعم في السعودية. كان المطعم مزدحماً جداً، لذا تعالت الأصوات. لكن أشد ما لفت نظري هناك هو مناداة الرجال لنسائهم بأسماء ما أنزل بها من سلطان. فمنهم من استدعى زوجته بقوله: (يا ولد)، ومنهم من ناداها (بابا). الغريب أيضاً أن إحداهن كانت قد حجزت طاولة باسم رجل، وحين نادوا على اسم الرجل ليجلس على طاولته تبين أن الزبائن كن نساء فقط. ويكأن إعطاء اسم أنثى وهمي لعامل الحجز يعد حراماً أو عيباً. إن قضية الاستعارة والخجل من ذكر أسماء النساء قضية يظن بعضهم أن لها أصلاً في الدين والشرع. وهذا أمر مجانب للصواب، وفهم سقيم، وأحكام مغلوطة. ومحط الغرابة والاستفهام أن وزارة التربية والتعليم تشارك أيضاً في الحط والانتقاص من قيمة المرأة المسلمة. فهي بدل أن تسمي مدارس البنات الحكومية تيمناً بأسماء الصحابيات، والعالمات، والفقيهات، والفضليات المشهورات، تسميها بأرقام فقط. بل إنه حين ينادي الآباء أو السائقون على الطالبات الصغيرات ليخرجن من المدرسة يعتبرون المناداة بأسمائهن عيباً وعاراً. أما الأزواج فهم حين يأتون على ذكر اسم زوجاتهم، فإن آحادهم غالباً ما يتحرج من ذلك. فيقول: (البيت)، أو (الأهل)، أو (أم الأولاد)، أو (أم المؤمنين)، أو (العيال)، أو (وزارة الداخلية)... الأنكى من ذلك أنه في بعض بطاقات الدعوة لحفلات الزفاف لا…
آراء
الخميس ٠٧ أغسطس ٢٠١٤
سبق أن كتبت هنا تلميحاً، واليوم لا ينفع التلميح، فالوضع بات أكثر من طاقة شعب على التحمل، فأن تصبح مشبوهاً لأن حرباً تدور في بلدك لمجرد أنك تحمل جنسيتها فتغدو منبوذا من العالم كله، وترفض الدول استقبالك أيا كنت ومهما كان وضعك الثقافي والإعلامي فتلك كارثة بحق شعب لم يرتكب ذنبا، ويدفع ثمن صراع على السلطة وطموحات قتلة ومرتزقة وجماعات إرهابية يتناهبون ويتبارون قتلا وتدميرا. مثال ذلك فهم الإسبان الثقافة من باب أعوج، فأي سوري لديهم هو مشروع لاجئ، ولأن بلادهم مشبعة بالعاطلين عن العمل واقتصادهم في حالة يرثى لها من التردي، فقد قرروا ألا يمنحوا تأشيرات للسوريين حتى وإن كانت سياحية، ولا يهمهم إن كان من يريد السياحة شخص لديه عدة مؤلفات وآلاف المقالات ومئات المحاضرات والأمسيات الأدبية، فجريمته لدى الإسبان أنه "سوري" وتلك صارت كما يبدو تتخطى التهمة لديهم إلى الوصمة وإلى الامتهان وعدم إبداء أي احترام. ما أكتبه ليس نقلا عن أحد، بل تجربة شخصية مسنودة بالوثائق مررت بها خلال الشهرين الماضيين، واستنفدت كل الطرق لإقناع الإسبان بأني شخص جيد، ومستقر في دول الخليج العربي طوال العقدين الماضيين، ووضعي مريح ماديا ووظيفيا ولا أحتاج أن أتشرد مع عائلتي في حكاية لجوء ومخاطرة بمستقبل الأطفال أو فقدان عملي وخلاف ذلك، ووصلت المساعي إلى السفير الإسباني في أبوظبي شخصيا،…
آراء
الخميس ٠٧ أغسطس ٢٠١٤
على رف الصحف، وأمامي في البقالة المجاورة لسكني الموقت في مدينة جدة، تبارت الصفحات الأولى في نشر الخبر الصادم عن ضبط عمالة (إيبولا) في هذه المدينة، وأضيفوا (اسمي) إلى العنوان؛ لأنني تقريباً وصلت مع (إيبولا) إلى جدة في اللحظة نفسها، وكنت من قبل أشفق على أطفالي المدمنين لهذه المدينة الساحرة من (هكذا) عناوين في ظرف السنوات الماضية، كنت أخاف عليهم من حمى الضنك حتى ضربت (كورونا) بكذبتها الإعلامية وهيلمانها الذي تقول عنه الجرائد ذاتها إنه يدر على عوالم البيزنس ما ناهز 18 مليار ريال من إعلانات الصابون وسوائل المطهرات، حتى الكمامة وإعلانات التوعية، ناهيك عن مليارات الأدوية الوقائية وجيوش التوعية الوقائية. اليوم، وبصوت مرتفع سأقول: آن لنا أن نواجه أخبار الفيروسات والأمراض الوبائية بفعل المنطق لا بصوت العاطفة، نحن بالأرقام على رأس دول الكون بأكملها في فاتورة الخسائر المفتوحة لهيلمان أنفلونزا (الخنازير)، اشترينا لقاحاً واحداً لكل أربعة مواطنين بينما اكتفت السويد بلقاح واحد لكل أربعين مواطنا، نحن اقتصاد ضخم تستهدفه حملات الفيروس من "سارس"، إلى "الطيور"، ومن "الخنازير"، إلى "كورونا" ومن "إيبولا" في الأسماء من أجل العناوين، كنت أقرأ عناوين الصحف في البقالة بصحبة الصغيرين، محمد وخلدون، في عيونهما تقرأ رسائل الخوف وتكاد أن تقرأ النوايا: هل نهرب من (إيبولا) بعد أن صمدنا من قبل مع كل الأسماء والصفات للفيروسات…
آراء
الخميس ٠٧ أغسطس ٢٠١٤
المليار دولار الإضافي الذي تعهدت به السعودية لدعم الجيش اللبناني، أول من أمس، ليس هدية بل عمل سياسي ضمن تطويق الحرب القائمة في لبنان ومحيطه. وقد كان بإمكانها أن تمنح المليار دولار لبناء ميليشيا سنية لبنانية. والأسباب كثيرة لإقامة ميليشيا سنية، سعودية الميل، من محاربة «داعش» السنية، إلى ردع «حزب الله» الشيعي، وكذلك مخابرات الأسد. عوضا عن ذلك، اختارت السعودية أن تدعم مؤسسة الجيش اللبناني، في بلد الميليشيات المسيحية والدرزية والشيعية. فلماذا تدعم السعودية الجيش وليس أحمد الأسير، أو خالد الظاهر، أو عدنان إمامة، وغيرهم من السنة الذين يبحثون عن ممول؟ ليس في صالح السعودية أن يتحول لبنان إلى ساحة ميليشيات طائفية تتقاتل بالنيابة عن دول المنطقة، وليس من مصلحة سنة لبنان ولا شيعته دعم حمل السلاح، والتنمر على الدولة. والرأي العام اللبناني، رغم الاغتيالات والشحن السياسي، يظل في معظمه يرفض الاحتكام إلى السلاح بعد تجربة الحرب الأهلية المدمرة في السبعينات. لهذا كان الخيار هو دعم الدولة اللبنانية، وتسليح مؤسسته العسكرية الجيش ليقوم بواجباته في حماية السنة وبقية مكونات البلد. ولنتذكر، رغم أن «حزب الله» يحمل سلاحا أفضل ولديه مقاتلون أكثر منذ 30 عاما إلا أنه فشل في اكتساب الشرعية، رغم زعمه أنه مقاومة وحارس لحدود لبنان. ومن المتوقع أن يغضب من دعم الجيش وتقويته جماعات مثل «حزب الله»، فهو…
آراء
الخميس ٠٧ أغسطس ٢٠١٤
«فلسطين بؤبؤ عيني، أنا مسلم قبل كل شيء، ولا يمكن أن أفرط في فلسطين». الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه. هناك محاولة آثمة من قبل الحكومة الإسرائيلية وأذنابها لإظهار أن المملكة العربية السعودية تتغاضى عن المجازر الإسرائيلية الإجرامية والهمجية في غزة. إن التصريحات التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون والتصريحات الجانبية التي يدلي بها المسؤولون الغربيون خارج سياق الموضوع، وكذلك التصريحات التي ينقلها الصحافيون عن مسؤولين عرب لا تُذكر أسماؤهم... إلخ، ما هي إلا سلسلة من المصادر المفترضة التي تزعم بأن المملكة التزمت الصمت، حيال الهجوم الإسرائيلي على شعب غزة. بل إن بعض هؤلاء حاول أن يصور أن ما كتبتُه عن رؤيتي لما سيكون عليه الحال في ظل السلام بين العالمين العربي والإسلامي وإسرائيل، بأنه دليل على أن المملكة قامت بالتعاون والتنسيق مع إسرائيل حول قضايا مثل إيران، وأنها تقوم بذلك الآن مع غزة. وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. في الرابع عشر من يوليو (تموز)، أصدر مجلس الوزراء السعودي بيانه الأسبوعي، وأقتبس منه ما يلي: «خاصة ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي الخطير على أرض فلسطين ومقدساتها، مثمنا توجيه خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - بتقديم دعم عاجل قدره مائتا مليون ريال للهلال الأحمر الفلسطيني، لتأمين الاحتياجات العاجلة من الأدوية والمستلزمات الطبية لعلاج ضحايا…
آراء
الخميس ٠٧ أغسطس ٢٠١٤
حتى قبل أن تصمت المدافع نهائيا، فإنه يمكن القول إن حركة حماس قد أخطأت الحسابات عندما ذهبت إلى مغامرة حرب غزة، معتمدة على تقديرات غير صحيحة بالنسبة للمدى الذي سيذهب فيه الإسرائيليون بهذه الحرب ومدى ما يمكن أن يفعله التحالف «الإخواني» الذي يضم أيضا قطر ورجب طيب إردوغان، وهذا بالإضافة لانخداعها، أي حركة المقاومة الإسلامية، بإرغاء إيران وإزبادها وتهديدها بـ«مسح» إسرائيل عن وجه الأرض. كانت حماس تظن أن بنيامين نتنياهو سيهدد ويتوعد ولن يذهب إلى حد خوض غمار هذه الحرب الطاحنة، وأنه إذا ذهب إليها فإنه سيضطر مرغما إلى إيقافها بعد أول رشقة صواريخ، وأنه إن لم يفعل هذا فإن العالم سيتدخل وسيفرض وقف إطلاق النار فرضا، وعندها ستبادر حركة المقاومة الإسلامية بإعلان انتصارها وانتصار تحالفها، مما سيغير الكثير من المعادلات في هذه المنطقة الملتهبة. لقد كان تقدير حماس ومعها «التحالف الإخواني»، أن عدم ذهاب نتنياهو بعيدا في هذه الحرب وأن اضطراره إلى وقف إطلاق نار مبكر تحت ضغط كل هذه الاعتبارات الآنفة الذكر - سوف يسقطان ورقة منظمة التحرير الفلسطينية وورقة السلطة الوطنية وسوف ينهيان زعامة محمود عباس (أبو مازن) ويقضيان على الدور القيادي والريادي الذي بقيت حركة فتح تلعبه على مدى نحو خمسين عاما من مسيرة الكفاح المسلح والعمل الوطني الفلسطيني المتواصل الذي حقق إنجازات؛ أهمها الاعتراف بدولة…
آراء
الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٤
أثر بالغ تركته كلمات خادم الحرمين الشريفين التي وجهها لعلماء الدين الممثلين لـ«المؤسسة الدينية الرسمية» في المملكة، حين انتقد كسلهم في تبيان الحق للناس حول الفتن التي تتربص بالبلاد والعباد وعلى رأسها «التطرف الديني» الذي يحوِّل البسطاء والصغار من أبناء الوطن إلى إرهابيين وقتلة في ظل دعوات التضليل والتغرير بهم بشعارات دينية مزيفة. معاتبة «المؤسسة الدينية الرسمية» بهذه الصرامة وأمام العدسات ليست مشهداً معتاداً في السعودية، لكنه الشكل الوحيد المتناسب مع خطورة الوضع السياسي والثقافي والأمني الذي تعيشه الأمة هذه الأيام، فالخَطْب جلل والدماء تُغرق شوارع المدن في الدول من حولنا، والاتجار بالشعارات الدينية بلغ أوجه بشكل غير مسبوق عبر التاريخ الحديث، حتى بات الخوارج «الشواذ» كما وصفهم «الملك» يعيثون فساداً في الأرض من دون رادع من المجتمع الدولي الذي اتخذ موقف المتفرج على ما يحدث في سورية والعراق واليمن وليبيا، وهو ما يعني أن صمت علماء الدين الآن «فتنة» تصطف بمحاذاة الفتن الأخرى، فكتمانهم للعلم الذي هو أمانة في أعناقهم خيانة لله ولرسوله ولعامة المسلمين، ولاسيما أن دعاة ومشايخ الضلال والتحزب والإرهاب لم تهدأ ألسنتهم عن التحريض والتضليل والتغرير بالعوام لتمزيق الأمة. خلال السنوات القليلة الماضية فقد السعوديون ثقتهم في دعاة الفضائيات ونجوم «الكاسيت الديني» الذين أسقطتهم ثورة وسائط نقل المعلومات وعلى رأسها شبكات التواصل الاجتماعي، فشاهدوا بأعينهم الشيوخ…
آراء
الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٤
بعد أيام يعود شبابنا إلى مدارسهم، في ظرف مليء بالهموم. ثمة اتفاق ــــ فيما يبدو ــــ بين شرائح واسعة من المثقفين ونخبة البلد على الدور المحوري للتعليم في تفكيك الحاضن الاجتماعي للعنف ودعاته. ولاتقاء الإفراط في التوقعات، ينبغي التأكيد على أن هذا جهد وقائي يحجم دعوات العنف، لكنه لا يقضي على المجموعات القائمة. هذه مهمة تقوم بها جهات أخرى بوسائل مختلفة. لا أملك تصورا عمليا كاملا حول كيفية قيام المدرسة بتلك المهمة. لكني سأنطلق من فرضية الحاجة إلى تغيير الباراديم أو فلسفة العمل السائدة في نظامنا التعليمي، وأضع بعض الأفكار التي أظنها مفيدة في هذا السياق. أولى وأخطر المهمات في رأيي هي تعزيز قابلية الشباب لمقاومة الأفكار الهدامة، ومفتاحها تربية العقل النقدي الذي يحاور ويجادل ويتأمل ولا ينبهر ببليغ الكلام أو التصوير. هذا يقتضي تخصيص جانب من وقت الصف للنقاش في المنهج أو خارجه. تعويد الشباب على النقاش يرسخ ثقتهم بذواتهم وأهليتهم لنقد الأفكار ومجادلتها. الثانية: نشر احترام الحياة والإنسان والزمن. ومفتاحها التركيز على تدريس العالم المعاصر بدل التاريخ القديم. ومحاولة فهمه وفهم الفرص التي وفرتها تجارب البشر وإبداعاتهم، وكيفية استثمارها لتحسين مستوى المعيشة وتحقيق الطموحات. لقد جرت عادتنا على تقديم تاريخ انتقائي لشبابنا، يركز على الجوانب المشرقة لماضي المسلمين دون التعرض لتكلفتها المادية والمعنوية والإنسانية، ودون الإشارة إلى الجانب…
آراء
الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٤
باستثناء حرب 1973، فإن القيمة الثابتة للجيوش للعربية تنحصر في الأغاني الوطنية المصحوبة باستعراضات عسكرية ترهب كل عدو من الجرأة على الحدود. أخافت هذه الأغاني المتفجرة -غضباً وغيرة على الوطن- كل الأعداء باستثناء إسرائيل، التي تمطت في جلستها عام 1967 ومدت ذراعيها ثم لم ترفعهما حتى الآن. ظلت الجيوش العربية تلتهم الموازنات، وتستبدل قطع سلاحها القديمة بأخرى جديدة، ويجوب قادتها وأفرادها أنحاء العالم تدريباً وتطويراً، وتزرع الفساد، وتستغل رتبها العسكرية في إثارة الرعب الداخلي، وتخدم تجارة السلاح العالمي، من دون أن تترك يوماً بصمة فارقة تبرهن على امتيازها، مع أنها معذورة في ذلك، لأن الزمن خذلها فلم يمنحها فرصة تأكيد قوتها وشدة بطشها. في ثلاث سنوات تدفقت الفرص الاختبارية على كثير من هذه الجيوش، لكنها لم تأت من حرب مباشرة، بل عبر جماعات إرهابية نبتت فجأة فشتتتْ شمل كل جيش واجهته، على رغم أنها غير مدربة عسكرياً، ولا تملك طيراناً أو أسلحة شديدة الخطورة، لكنها تملك خياراً نسيته هذه الجيوش، وهو أن الموت مقدم على الحياة، وهو المبدأ ذاته -افتراضياً- التي تتكئ عليه الجيوش باعتبارها فداء الوطن، تدفع بأرواحها من أجل حياته وصيانة حدوده وسلامة أهاليه. جوليا بطرس هي الصفة النضالية الحية عربياً منذ أغنيتها الأولى «غابت شمس الحق» 1985 لتدعم حنجرتها القوية الغاضبة كل مناسبة وطنية، سواء أكانت استعراضاً…