آراء

آراء

خلفاء المخابرات

الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٤

ـ أفضل هدية نحملها إلى أعدائنا في هذا الزمن العاثر؛ أن يصبح في كل حارة عربية خليفة، ومجموعة مهابيل يصفقون له بغباء وربما بحسن نية.. «فرق تسد» بشكل عصري وعلى موضة الأحداث العربية المختلة، ومزاج البشر المتهافتين على القتل والبشاعة.. ـ تنام المدن العربية مثخنة بالوجع والجراح والمستقبل الغامض، وتصحو على خبر مبايعة بليدة لخليفة عابر صنعته المخابرات ومولته وجمعت له الأتباع.. هذا لا يحدث إلا في بلاد العرب؛ حيث يغيب العقل، وتصحو الغرائز بشكل سافر ولا إنساني. ـ الآن ليس أمام أغلب مدننا العربية الطيبة إلا خيارات محدودة جداً كي تختار الأقل وطأة من بين الصعاب المتعددة؛ فإما رئيس ميليشيا، وإما زعيم عصابة تأتي على ظهر دبابة أجنبية، وإما خليفة بمسوح مخابراتية لا تخطئها العين.. خيارات وجع وندامة وانغلاق أفق!! ـ كأن بعضنا لم يتعلموا في المدارس أن الخلافة بجلالها وعظمتها كانت أرقى نظام حكم وصلت إليه البشرية في عصرها، وكأنهم لم يقرأوا سير الخلفاء الحقيقيين في عدلهم وتسامحهم ومروءاتهم الأسمى من كل طائفة ومذهب.. ألم تعلموا أن الخلفاء لا يقطعون الرؤوس بالمجان؟!! ـ الحقيقة المرة أن خلفاء المخابرات وأمراء الحروب المعاصرين هم أسوأ نكتة يمكن أن تستثمر للضحك على الأذهان الحليقة، ويمكن ترويجها في كل العالم بما يضرنا ولا ينفعنا أو يعيد لنا أرضاً مسلوبة أو وطناً مستباحاً..…

آراء

خيار المالكي مغادرة العراق

الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠١٤

أزمة غزة لن تفلح في صرف الأنظار عن حربي العراق وسوريا، اللتين قد تغيران مسار المنطقة، وخاصة العراق. فقد ينجح العراقيون أخيرا في تحقيق انتقال آمن سلس إلى حكومة جديدة، بتأييد أغلبية الشعب العراقي. وبذلك تطوى صفحة من الخوف والفوضى، وتفتح صفحة جديدة، وعهد جديد. الاتفاق على حكومة جديدة، ورئاسات ثلاث جديدة، سينقذ العراق من الفوضى والتقسيم، وسيمكن العراقيين من مواجهة الجماعات الإرهابية، وإصلاح العلاقة مع كل دول الجوار. يفصل بين العراق وهذا التغيير خطوة واحدة؛ تعيين رئيس وزراء جديد. ففي بغداد، لا يزال يحاصر السياسيون رئيس الوزراء العنيد، المنتهية صلاحيته، نوري المالكي. وبعد أن استنفد كل الحيل، قال: إنه يوافق على الخروج وبثمن ليس رخيصا، رغم أنه يفترض أنه يدفع الثمن أو يخرج بخفيه. وضع 28 شرطا، يطلب الحصانة له ولمئات من أتباعه، فلا يحاسبون على الفساد والجرائم التي ارتكبوها في ثماني سنوات من حكمه الحديدي، مع مناصب تعويضية وأموال وعقارات!! تأخر المالكي كثيرا في إملاءاته، فهو طرح شروطه بعد أن أجمعت القوى السياسية والدينية والخارجية على إخراجه، ولم يعد له ما يحق له أن يساوم عليه سوى منحه حصانة ما، وحتى الحصانة قد لا تدوم طويلا إذا ما اكتشف لاحقا أكثر مما هو معروف عن سوء إدارته. الخيار الطبيعي للمالكي أن يغادر العراق إن كان ينشد سلامته، ويمنع…

آراء

هل السكوت عن “داعش” علامة الرضا؟

الإثنين ٠٤ أغسطس ٢٠١٤

لكأن الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ يستظهر ما في دواخلنا، عندما التفت إلى العلماء والمشايخ وقال: إنه فيكم كسل وصمت. مشيرا بذلك إلى الصمت المطبق حول الأفعال الشنيعة والإرهاب الذي يمارسه تنظيم "داعش"، ويدعي أن ما يقوم به من أفعال شنيعة ومشينة تمثل الإسلام، ومعلوم أن دين السلامة والسماحة يرفض هذه الأفعال تحت أي ظرف، وتجاه أي إنسان مهما كان دينه أو طائفته. كلما تقاطرت على هاتفي وسائط مرئية لبعض أفعال هذه الطغمة المارقة من حزّ للرؤوس، وقطع للرقاب، وقتل للمجاميع البشرية دونما رحمة، ودون أي محاكمة، ثم يعقب تلك الأفعال تكبير وتلاوة لبعض الآيات القرآنية الكريمة، التي يتم اعتسافها وإخراجها من سياقها والاستشهاد بها على أفعالهم التي ينبذها القرآن الكريم الذي به يستشهدون. كنت بعد تلك المشاهد المروعة أتساءل داخل نفسي: عن دور العلماء في دفع هذه الأفعال، والتشنيع بها، وردع المتقولين بنسبة هذا التوحش إلى دين الإسلام. كنت أنتظر، وكثيرون غيري، أن يتولى العلماء تباعا توضيح الحكم في مثل هذه السلوكيات الخارجة عن سماحة الإسلام، والإعلام بحجم الجرم الذي يرتكبه مثل هؤلاء في حق هذا الدين، الذي تشوهه مثل هذه التصرفات، التي تنسب إليه، خاصة ما ينتج عن انتشار مثل هذه "الأفلام" في العالم، فتكون هذه التصرفات حجة على عنف الإسلام وإرهابه. كنا، نحن المواطنين،…

آراء

بانتظار ربيع غزة

الإثنين ٠٤ أغسطس ٢٠١٤

تقول الأخبار إن الرأي العام الإسرائيلي يضغط على حكومة بنيامين نتنياهو باتجاه إنهاء الحرب، حفاظاً على أرواح الجنود الإسرائيليين الذين مات منهم العشرات حتى كتابة هذه المقالة! هـــل سمعنا في المقابل عن ضغط مماثل من الشعب الغزّاوي على حكومة «حماس» المقالة لإنقاذ حياة فلسطينيي غزة الذين فقدوا حتى الساعة عشرات المئات من أبنائهم وبناتهم المدنيين؟! أمر آخر... الحكومة الإسرائيلية تتحدث بين الحين والآخر عن شروط وقف الحرب على غزة، وعن متطلباتها وأجندتها في التفاوض، فهل سمعنا كلاماً واحداً لا يتغير لقادة «حماس» حول ماذا يريدون بالضبط قوله وسماعه في جولات التفاوض؟! من الواضح أنه ليس هناك رأي عام في غزة الآن مع استمرار الحرب أو ضدها. الفلسطينيون في غزة الذين يتنقلون ما بين المدارس والمساجد والملاجئ غير قادرين على التعبير عن رأيهم في هذه الحرب المفروضة عليهم، لأنهم يعيشون تحت سلطة قمعية لا تختلف كثيراً عن «الهوى العربي» في إدارة الدول. هم هناك يسمعون عبر الأخبار ويقرأون عبر وسائل التواصل الاجتماعي جولات الكر والفر التي يقوم بها الآخرون نيابة عنهم، ويعايشون يومياً الشيزوفرينيا العربية التي تتحدث مرة عن الانتصارات العربية والهزيمة اليهودية وتدعوهم إلى مواصلة المواجهة، وتتحدث مرة إلى المجتمع الدولي، طالبةً منه التدخل الفوري لإنقاذ الفلسطينيين من آلة البطش الإسرائيلية. في السعودية ومصر والمغرب والكويت والإمارات والعراق والجزائر تنقسم…

آراء

من الموصل إلى عرسال

الإثنين ٠٤ أغسطس ٢٠١٤

تجاوزت أصول اللياقة ووضعت الخريطة في جيبي. تمنيت أن يكون المتحدث مخطئاً. كان ذلك في بدايات صيف 2012 ولم يكن الحديث للنشر. لكنني كنت مهتماً بمعرفة وجهة نظر الرجل الذي يتيح له موقعه اللقاء بصناع القرار في العالم. قال الرجل إن المعارضة السورية قد لا تستطيع إسقاط النظام بسبب طبيعته وتحالفاته الإقليمية والدولية. وإن النظام قد لا يستطيع سحق المعارضة بسبب طبيعتها والتعاطف الإقليمي والدولي معها. يمكن حينها أن نواجه وضعاً شديد الخطورة. النظام يقيم على جزء من الأرض والمعارضة تقيم على جزء آخر والحرب مفتوحة. أعرب عن خشيته من أن تصبح كتلة سنية تضم ملايين الأفراد عرضة لإغراءات التطرف. هذا يعني قيام نوع من أفغانستان جديدة لكن هذه المرة على أرض عربية وفي قلب العالم العربي. جدد تخوفه من تفكك سوري طويل الأمد. سألت مستوضحاً. طلب إحضار خريطة ورسم عليها بقلمه. أشار إلى المناطق التي يمكن أن يحاول الأكراد الإمساك بالقرار فيها. إلى المناطق التي ستشهد تحركات الكتلة السنية. منطقة للنظام ستشهد إصراراً منه على الاحتفاظ بدمشق. سيصر أيضاً على استعادة حمص لضمان الطريق بين دمشق والساحل. رسم خطاً من حمص باتجاه البقاع اللبناني لضمان طرق مفتوحة وآمنة مع العمق الحليف في لبنان. أعرب عن تخوفه من احتكاك طائفي هناك إذا اعتبرت بلدة عرسال السنية شوكة في خاصرة الوضع…

آراء

قهقهة التركيات

الإثنين ٠٤ أغسطس ٢٠١٤

هناك شيء من العدوى الإيجابية يصيب من يتصفح هاشتاغ «قهقهة» على «تويتر»، أو هذا ما أصابني على الأقل. هذا الهاشتاغ يعج بصور فتيات ونساء تركيات مبتسمات ضاحكات مليئات بالحياة. تنتقل سريعا تلك الطاقة الطافحة من وجوههن لتتسرب تلقائيا نحو الناظر إليها فيشعر بالحاجة إلى الانتساب إليهن والوقوف معهن. هكذا وجدت نفسي أتصور وأدرج صورتي ضمن هذا الوسم أو الهاشتاغ تضامنا مع حق التركيات وحق أي امرأة في العالم في أن تضحك وتبتسم. الأرجح أن نائب رئيس الوزراء التركي «بولينت أرينتش» قد صمّت أذناه وأرهق نظره من وجوه وأصوات النساء الضاحكات المقهقهات في تركيا اللواتي ملأت صورهن وفيديوهاتهن الفضاء الإلكتروني وتكاد لا تتوقف عن التزايد في الأيام الأخيرة. و«أرينتش»، وهو أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، كان قد حاضر ثاني أيام عيد الفطر عن الآداب العامة من منظوره، مسهبا في الحديث عن ضرورة «مراعاة» النساء للأخلاق في الأماكن العامة فلا يتحدثن بأمور «تافهة» عبر الهاتف أمام الناس، حاثا المرأة التركية على عدم الضحك في العلن «حفاظا على الأخلاق» كما قال. سقطة نائب رئيس الوزراء هذا دوّت في السماء التركية ضحكات وقهقهات كثيرة ملأت فضاءات تركيا والعالم أيضا. فقد شنت نساء وفتيات حملة صاخبة أشهرها كان هاشتاغ «قهقهة» على «تويتر». آلاف الصور والتعليقات والضحكات ضج بها العالم الإلكتروني، وفي الشوارع أيضا، حيث سارت…

آراء

قاسم سليماني.. هل تسمعني؟

الإثنين ٠٤ أغسطس ٢٠١٤

إن المتتبع للشأن الإيراني يدرك مدى ما تشكله أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة من أهمية كبيرة لدى متخذ القرار في إيران؛ فبالإضافة إلى الجانب الإنساني والديني الذي يجري على ألسنة المسؤولين الإيرانيين وتغص به وسائل الإعلام الإيرانية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يأتي هذا العدوان بعيدا عن جوانبه الاستراتيجية التي تمس المصلحة الإيرانية في المنطقة. فالمعتدي الغاشم، ونقصد هنا إسرائيل، لطالما ظل وقودا لآيديولوجيا النظام الإيراني الحالي، في تهييج العواطف الدينية. وفي المقابل تأتي حماس ومن ورائها «الجهاد الإسلامي» بوصفها عاملا مساعدا في مواجهة إسرائيل وتوسيع نطاق المحيط الأمني الإيراني. ولما كان لهذا الأمر جوانبه الاستراتيجية فقد تصدى له عدد من أرفع المسؤولين في النظام الإيراني، لا سيما المرشد علي خامنئي. غير أن ما يعطي لهذه الحالة بُعدا يؤكد الأهمية الاستراتيجية لاستمرار المقاومة من المنظور الإيراني، هو انفراد قائد فيلق القدس اللواء سليماني، الذي تندر تصريحاته، برسالة موجهة للمقاومة في غزة. يبدأ سليماني رسالته بالآية القرآنية «ألا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» صدق الله العظيم. وبالتالي فالآية تؤكد ضرورة القتال وتحديدا اليهود، وهو ما جعل سليماني يذكر هذه الآية دون غيرها. يؤكد سليماني أن الشعب الفلسطيني في غزة لا يُلقن العدو وحده درسا، بل…

آراء

العرب.. «كلام فاضي»

الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠١٤

مع ما يحدث في غزة هذه الأيام من بطش إسرائيلي فتاك طاول النساء والأطفال والشيوخ والمدارس والمستشفيات وحتى محطة الكهرباء بلا رحمة ولا إنسانية، يقف المرء مذهولاً وحائراً.. هل هذا هو قدرنا كعرب؟ في الوقت نفس ما الغريب فهذا المشهد تكرر كثيراً؟ السؤال لماذا لا ننتصر؟ كيف أصبحنا نرى عدد قتلانا المرتفع دليلاً على الصمود ونفخر به؟ ما الأسباب الحقيقية وراء هزائمنا المتتالية؟ هل سنعاني كل عامين من هذا القتل وإزهاق الأرواح البريئة؟ وهل هي فقط كل عامين أم كل عامين وعقد وعقدين؟ حسناً، إلى متى؟ ولماذا؟ نحن العرب كما هو واضح لم نتغير أبداً ولم نستوعب من التاريخ شيئاً. مازلنا نردد عبارات الماضي ونستخدم أسلحة الماضي وهي على كل حال مفردات وعبارات فقط. فعبارات «الصمود» و«التحدي» و«تلقين العدو الدروس» و«محاربة الرجعية» و«الجهاد في سبيل الله» هي ما نكرره في كل وقت وهي مؤشرات النصر لدينا، وكأن العالم يسير على هوانا ويحتكم لعواطفنا. منذ نهاية حرب ٤٨ ونحن في صراع ليس مع إسرائيل فقط بل مع أنفسنا في الواقع. أتت ثورة ٢٣ حزيران (يوليو) عام ٥2 وركز فيها عبدالناصر - رحمه الله - على مناوشة أشقائه العرب «الرجعيين». غامر في اليمن وعاد بخفي حنين. ثم غامر في سيناء وحدثت النكسة الكبرى وضاعت سيناء والضفة والجولان وشيء من لبنان. لكن الذي…

آراء

“الدوام.. لله”

الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠١٤

مرت أيام العيد السعيد ولياليه بكل بهجة، ولله الحمد والمنة، واليوم يعود أهل الوظائف إلى وظائفهم.. سيباشر المخلص منهم الدوام من أوله، ولن يخرج أو يغادر إلا إن انتهى من عمله؛ رغبة في الوعد، وخوفا من الوعيد. ففي الحديث: "إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض" قيل: وما بركات الأرض؟ قال: "زهرة الدنيا"، ثم قال: "إن هذا المال خضرة حلوة، من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، وإن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيدا يوم القيامة". ويقول صلوات ربي عليه: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟". وقال عليه الصلاة والسلام: "إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به"، وقال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك"، وقال لسيدنا سعد بن أبي وقاص: "يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة". وقال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من…

آراء

إسرائيل وهزيمة الـ«هاشتاغ»

الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠١٤

منذ الانتفاضة الأولى عام 1987، لم تتلق إسرائيل ضربة إعلامية مفصلية وقاسمة، كالتي تنزل عليها اليوم، دون أن تتمكن من ردها. الجيش الإلكتروني، الذي رعته برموش العين، بهدف الترويج وبث المعلومات، وتفنيد آراء المنتقدين، كما فبركة الشائعات عبر الصور والأفلام، بقي عاجزا، أمام فداحة جريمة حي الشجاعية، ونحر الأطفال بالصواريخ وهم يلعبون على شاطئ البحر. تلك اللحظة التي ظهرت فيها جثث الصبية عارية، وممددة ووحيدة وهامدة، كانت حاسمة، برأي مراقبين، في كشف الجنون المتمادي لإسرائيل في استهداف المدنيين عمدا، ثم كرّت سبحة المشاهد المروّعة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ترهيب الصحافيين، تطويع الأقنية التلفزيونية، تحريك مراكز النفوذ في كل من أميركا وأوروبا، لم يكن فعالا ولا مجديا. المقال الذي نشره رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان جاء مدويا. لم يكن سهلا، قبل أيام فقط، أن يصرح الرجل علنا بأن «الجيش الإسرائيلي يمارس إرهابا منظما وممنهجا في فلسطين والضفة الغربية»، واصفا ما تشهده غزة بـ«المجازر»، مطالبا بلاده «المنحازة إلى القوة» بـ«صحوة ضمير» و«رفع الصوت» قائلا: «حان وقت كشف الادعاءات والأكاذيب ونشر الحقائق الكاملة لا أنصافها فقط». ولا يرى دوفيلبان حلا غير «وضع الأراضي المحتلة تحت الوصاية الدولية، وإرسال قوة سلام يمكنها حماية المدنيين». أسوأ من ذلك بالنسبة لإسرائيل أن يؤيد كلام دوفيلبان القاسي جدا، سرب من السياسيين اليساريين، معتبرين أن الرجل ينطق…

آراء

إسرائيل لن توقف عدوانها!

الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠١٤

أعلم أن تناول موضوع، يمثل جزءا من حياة المواطن العربي ومشاعره منذ أكثر من 65 عاما، أمر شائك وصعب، ولكن مهمة الكاتب هي محاولة تناول القضايا – من وجهة نظره الشخصية – بعيدا ما أمكن عن العواطف، وأن يطرح ما يراه وسيلة أنجع لتفادي المصير الأسوأ، فإن أصاب فقد نال أجرين وإن أخطأ فله حتما أجر، وفي الحالين هو اجتهاد لا يفرضه ولا يحدد به سياسات أحد وليس ملزما لغيره، وهو في أحسن الأحوال سباحة ضد التيار تعرض الكاتب إلى كل مفردات القاموس العربي من التخوين وصولا إلى استباحة الدم. منذ أكثر من شهر لم تتوقف آلة الدمار والتقتيل الإسرائيلية عن ضرب كل موقع داخل غزة، زعمت وجود صواريخ أو مقاتلين فيه، ولكن النتيجة لم تكن سوى قتل أطفال رضع وشيوخ ونساء ومدنيين وتدمير منشآت تعود ملكية أغلبها لمواطنين مقهورين أصلا منذ الإعلان الشهير عن «تحرير غزة»، والذي بشر مطلقوه بتحويلها إلى فردوس فلسطيني وصرخوا بالشعارات المستهلكة وانشغلوا بحجاب المرأة قبل توفير لقمة العيش وإغلاق المقاهي قبل حماية الحريات وصيانتها. أدرك أن شعارات «لا صوت يعلو على صوت المعركة» و«يا قدس قادمون»، ما زالت تدغدغ الكثيرين ممن يقدمون العاطفة على العقل، ويفضلون الغيبيات على المرئيات، ويرفضون التعامل مع الواقع، ويهربون إلى أوهام غرستها سياسات من قفزوا إلى السلطة بغتة، وتشبثوا…

آراء

الخوف على الإسلام ومن أصولياته

الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠١٤

كنتُ منهمكاً بكتابة دراسة عن «القرآن والتأويلية الأشعرية» بحسب الباقلاّني، عندما أرسل إلي أحد الأصدقاء كتاباً لرجل ذي اسم مستعار في الغالب هو «عباس عبد النور» وعنوانه: «محنتي مع القرآن ومع الله في القرآن». إن الطريف كان بالنسبة لي أن الدعاوى ضد القرآن التي يرد عليها الباقلاّني في كتابه: «الانتصار للقرآن» قبل أكثر من ألف عام، هي نفسها التي يذكرها ويؤكّدها المسمى «عبد النور» مثل الغموض والتكرار والابتسار وغير المفهوم والقاسي ومتناقض التفسيرات. ويبدو بالفعل أن الرجل (يقول إنه مصري) كان مسلماً لأنه يعرف كثيراً عن الإسلام والقرآن. إنما هناك احتمال أن يكون كاهناً مسيحياً ذا ثقافة استشراقية، مثل اللبنانيين المسيحيين الذين انصرفوا لكتابة نقائض ضد الإسلام خلال الحرب الأهلية! أما الأمر الطريف الآخر، فهو أن كل النقائض التي يذكرها الكاهن «عبد النور» على القرآن، هي ذاتُها ما كان يستخدمه المسلمون قديماً وحديثاً في الردود على اليهود والمسيحيين في العهدين القديم والجديد! وما أردتُ من وراء معالجة هذا الموضوع أو التعرض له، إحياء الاهتمام لدى القراء بالدفاع عن الإسلام. فهذا الموضوع ليس مكانه الصحف السيارة ولا التلفزيون والقنوات الفضائية، بل أردْت عرض المحنة الهائلة التي نعاني منها نحن العرب والمسلمين في السنوات والعقود الأخيرة. فهناك أُصوليات عنيفة صاعدة في قلب ديننا ومن حوله، وهي تضرب وتخرّب في ديار المسلمين ومجتمعاتهم…