آراء

آراء

لغتنا الملغومة!

الخميس ٣١ يوليو ٢٠١٤

هناك مصطلح شائع في أدبيات الحوار الإنجليزية، نمارسه في عالمنا العربي من دون أن نشعر، ونهدم به كثيرا من نقاشاتنا البناءة فضلا عن علاقتنا. هذا المصطلح هو Loaded Language، وأقرب تسمية له «اللغة الملغومة»! بمعنى أن نبطن حواراتنا بكلمات تجرح أو تحط من كرامة الآخرين. ومن هذه الطرق «السؤال الملغوم» الذي يبدو ظاهره بريئا وعفويا، غير أنه محاولة للتعريض بالآخرين أو إهانتهم أو الانتقام منهم، أو محاولة لفت أنظار السامعين إلى سلوك نراه شائنا في من نحاول الإساءة إليه. كأن يقول سياسي لخصمه مثلا: هل ما زلتم تضحكون على ناخبيكم بهذا الكلام المعسول؟ أو يقول مدير لمرؤوسه: إذن أنت وراء كل هذه المشكلة؟! أو يسأل شخص ما آخر يثير حنقه فيقول: هل ما زلت تضرب أطفالك؟ وهذه اللغة الملغومة قد تأتي على صيغة سؤال فيه نبرة افتراضية مزعومة تثير حفيظة المتلقي، خصوصا إذا لم تكن مبنية على أساس صحيح. وقد تأتي عبارات قاسية أو كلمات محددة تؤذي المتلقي. واستخدام اللغة الملغومة قد يعتبره البعض نوعا من التكتيك لإثارة المتلقي و«نرفزته»، لكنه في حقيقته سلاح ذو حدين، لأنه في بعض الأحيان يكون وسيلة العاجز عن مقارعة الحجة بالحجة، أو محاولة تدفع بالمتضرر للرد العنيف، ثم تنقلب طاولة الحوار البناء، ويفقد كل متابع رغبته في الاستماع، لأن كلا الطرفين انزلق إلى هاوية…

آراء

الظلام لن يستمر

الخميس ٣١ يوليو ٢٠١٤

لا يختلف صاحبا عقل في ظلامية عناصر "داعش" أو همجيتهم، غير أن الإشكال الذي يدعو للبحث والتفكير هو في كيفية تكاثر "الداعشيين" وسهولة تجمعهم في أماكن متفق عليها.. ثم امتدادهم وانتشارهم في المدن وسيطرتهم عليها واحدة تلو أخرى.. تحدثت منذ فترة عبر السكايب مع صديق في مدينة الرقة السورية بداية احتلالها من قبل "داعش" فأخبرني أن عدد أفراده في الرقة ما بين 600 و700. ومع هجوم المجموعات الأخرى على "داعش" قبل شهور في حلب ودير الزور وريف إدلب.. حدث الهروب الكبير إلى الرقة، إذ نسي المهاجمون أو تناسوا قطع الطرق المؤدية إليها، ولذلك لم يتمكن من هاجموا "داعش" في الرقة من طرده آنذاك لمجيء الدعم – وإن كان على شكل هروب- من المحافظات والمدن الأخرى. والصديق ذاته حدثني بعدها قبل حوالي شهرين قائلاً إنهم صاروا أكثر من ثمانية آلاف وإنهم يتكاثرون بسرعة، فهم يأتون بكثافة من خارج الدولة حتى صارت المدينة وأريافها تعج بهم.. وتوقع وقتها أنهم سيكونون على أطراف دمشق بعد ثلاثة شهور كحد أقصى، وبالفعل هذا ما حدث خلال الأيام الماضية، مما يعني أن المسألة ليست مجرد عبث، فتنظيم "داعش" لديه نية توسعية أعد العدة وخطط لها وينفذ ذلك بصورة شبه دقيقة كما يبدو، وإن تعثرت إحدى المراحل لظرف ما فالواقع يقول إنه استطاع تخطي العثرات لبلوغ مراده.…

آراء

لماذا فشل الربيع العربي؟

الخميس ٣١ يوليو ٢٠١٤

في إجابة أحد مذيعي قناة الجزيرة عن سؤال: إلى أين ذهبت مآلات الربيع العربي؟ قال: أعتقد أننا نشهد مرحلة فشل ذريعة لهذه الثورات؛ لأن الجميع نزل إلى الملعب على طريقة معمر القذافي الذي ألغى فكرة الفريقين في الميدان، داعيا الجمهور للمشاركة في اللعبة. وجميل جدا جدا أن يخرج مثل هذا الجواب من مذيع في قلب قناة الجزيرة، ذاك لأن قناة الجزيرة نفسها كانت من حيث لا تقصد، ربما، جزءا من هذه المآلات، وشريكا بنسبة لافتة في نزول العوام وكتائب الأمية السياسية إلى قلب ملعب السياسة. قناة الجزيرة مثلا هي من أعطت الشاشة لساعة كاملة إلى فلاح مصري لا يحمل الشهادة الابتدائية ثم يترشح لسباق الرئاسة. كانت الحجة أن مثل هذا المرشح "الأمي" مثال على كسر القاعدة لاحتكار السلطة، ومثل هذه الخطوة الإعلامية من أشهر قنوات العرب ليست بأكثر من سقطة مهنية، وخلل موضوعي، وأنا اليوم لا أحاكم القناة. أنا أتساءل عن الأسباب والكلام المحظور الذي يجرم السؤال عن فشل مآلات ربيع بني يعرب. فشل الربيع العربي؛ لأن الجميع نزل إلى ميدان السياسة. لك أن تعلم من الأرقام مثلا أن مصر سجلت في أول ستة أشهر من كذبة الثورة إعلان 78 حزبا سياسيا منها 13 حزبا بأجندة ناصرية. القوى الإسلامية انقسمت إلى تسعة أحزاب كان للتيار السلفي منها أربعة. لجنة الانتخابات…

آراء

فاتورة تعديات بوتين تساوي 50 مليار دولار

الأربعاء ٣٠ يوليو ٢٠١٤

وجهت محكمة في لاهاي ضربة للاقتصاد الروسي تتخطى كل العقوبات المتعلقة بأوكرانيا مجتمعة. قضت المحكمة الدائمة للتحكيم بأن على روسيا دفع 50.02 مليار دولار للمساهمين السابقين بشركة «يوكوس» للنفط، التي جرى تفكيكها بواسطة حكومة الرئيس بوتين عام 2004. يذكر الحكم بأن بوتين لم يكن مختلفا قبل عقد من الزمن عن الرجل الذي ضم حديثا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، ويستمر في إثارة الاضطرابات الانفصالية في ذلك البلد. هناك قدر من العدالة الخيالية في هذا القرار. رغم نشره قبل أيام، جرى تسليمه في هولندا بعد يوم من إسقاط الطائرة الماليزية (الرحلة رقم «MH17»). وعلى ما يبدو، فإن متمردين موالين لروسيا في شرق أوكرانيا هم من قاموا بذلك. ورغم أن الحكم لا علاقة له بجرأة بوتين الجيوسياسية، فإنه يعاقب الزعيم الروسي على نهج عدواني على غرار السياسة الداخلية، خلال الفترتين الأولى والثانية اللتين قضاهما في السلطة من عام 2000 وحتى 2008. وفي الواقع، فإن المحكمة التي أنشئت لحل النزاعات الدولية بعثت برسالة لبوتين مفادها أنه في العالم الحديث لا يمكنك الاستيلاء على الممتلكات دون تعويض أصحابها. فبعد أن تسلم السلطة في عام 2000 من سلفه المريض، بوريس يلتسين، كافح بوتين لإظهار أنه هو المسؤول. وكانت قلة من المليارديرات تعد أقوى من الكرملين إبان حكم يلتسين. وبحلول خريف عام 2003، أصبح لبوتين اليد…

آراء

“شياطين إبراهيم طالع”

الأربعاء ٣٠ يوليو ٢٠١٤

الرمز الشعري، مختلف عن "الرمزية" بوصفها مذهبا أدبيا، إذ يعرف في اللغة بأنه: "الإشارة بالشفتين، أو العينين، أو الحاجبين، أو اليد، أو الفم، أو اللسان"، وصفته العامة هي الخفاء، مما يعني أن فهمه يحتاج إلى شيء من التأمل والذكاء. أما في الشعر والأدب، فهو كما يعرفه جبور عبدالنور: "الإشارة بكلمة تدل على محسوس، أو غير محسوس، إلى معنى غير محدّد بدقة، ومختلف حسب خيال الأديب، وقد يتفاوت القرّاء في فهمه وإدراك مداه، بمقدار ثقافتهم ورهافة حسهم، فيتبين بعضهم جانباً منه، وآخرون جانبا ثانيا، أو قد يبرز للعيان فيهتدي إليه المثقف بيسر". ومن الشّواهد الشعرية التي أدت الصورة فيها وظيفة الرمز، وجمعت في مصادر صورتها، بين: القرآن الكريم، والأسطورة، قصيدة عنوانها: "وقفة مع شيطان الشعر"، للشاعر إبراهيم طالع الألمعي، يصور فيها فئة ما، تدعي الأخلاق، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتكتب الشعر الحديث، لكنه لا يحدد هذه الفئة، وإنما يجعل أفرادها شياطين، ويبدو أن "شياطين إبراهيم طالع"، لم يكونوا من المصفدين في شهر رمضان، بل ازدادوا "شيطنة" وغواية، متوهمين أن الناس يجهلون صفة الأفعال الشيطانية. يقول الألمعي: شياطيننا لم يعد طلْعُها غريباً علينا رؤوسُ الشياطينِ أضحت لنا موردا تعارض عنا وتحمي حقوق البشرْ وتغـزل فينا من الشعر بيتاً حديثَ العروض… طليقاً من القافيهْ فإبراهيم طالع يستمد الصورة من قوله تعالى عن شجرة…

آراء

ثمن العدوان: الوحدة والموارد الطبيعية الفلسطينية

الأربعاء ٣٠ يوليو ٢٠١٤

دشن رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو العدوان على غزة  بذريعة قصة تفتقد للأدلة وأديرت اعلاميا فقط. فاسرائيل لم تقدم دليلا واحدا في قصة "اختطاف" المستوطنين الثلاثة في منطقة تسيطر عليها قواتها بالكامل في الضفة الغربية ما عدا ثوانٍ من تسجيل صوتي  قيل انه مكالمة هاتفية تمت بعد لحظات من الاختطاف من احد المستوطنين المختطفين يسمع فيها استغاثة هامسة وصوت شخص يصرخ بالعبرية "اخفضوا رؤوسكم". وبعد حملة من الرعب والقمع في الضفة الغربية، اعلنت اسرائيل انها وجدت جثث المستوطنين الثلاثة، لكنها لم تجر أي تشريح للجثث لبيان الاسباب الحقيقة لوفاتهم. هكذا، لا تشريح ولا أدلة، وبدلا من ذلك سارعت اسرائيل الى اتهام حركة "حماس" بالوقوف وراء حادث الاختطاف وسارعت واشنطن (كالعادة) بتوفير الغطاء والضوء الاخضر للعدوان عندما صرح وزير الخارجية الامريكي جون كيري "ان هناك مؤشرات تفيد بضلوع حماس في حادثة الاختطاف" في وقت كانت تقارير اسرائيلية غير مؤكدة تشير الى ان المستوطنين الثلاثة كانوا قد ماتوا في حادث سيارة قرب حيفا قبل ذلك بكثير. لكن هل يتطلب الانتقام لمقتل المستوطنين الثلاثة حشد ألوية النخبة في الجيش الاسرائيلي ضمن قوات يزيد عديدها على 60 ألف جندي؟ تبدو اهداف العدوان ابعد بكثير من مجرد الانتقام ضد القطاع المحاصر المكتظ بالسكان والذي لا تزيد مساحته عن 365 كليومتر مربع. ان الفشل الذي مني…

آراء

«داعش» قد تظهر في غزة

الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠١٤

لا أظن أن معركة غزة ستفضي إلى تحولات استراتيجية في المشهد الفلسطيني. سيكون المسار على الأرجح شبيها بما جرى في 2012 وقبلها. ويبدو أن المطلب الرئيس لحماس وحلفائها هو إحياء اتفاق 2012 الذي رعته القاهرة، والذي كان أهم مكاسبه هو فتح معبر رفح. إسرائيل ــــ على الجانب الآخر ــــ تريد تجريد غزة من صواريخها وتدمير الأنفاق التي استخدمت لكسر الحصار، لكن ليس مرجحا أن تحصل إسرائيل على هذا المطلب، فلا حماس ولا غيرها قادرة على ضمانه. فتح معبر رفح لن يفيد الفلسطينيين كثيرا، ولا سيما في ظل تردي العلاقة بين حماس والقاهرة، وعدم توافق القاهرة مع حركة حماس. أظن أن على الفلسطينيين والعرب المطالبة بفتح ميناء غزة، ليكون البوابة الرئيسة للقطاع المحاصر. نعلم أن إسرائيل كانت ترفض أي بحث في هذا الموضوع، لكني أظن أن الظروف الراهنة في المنطقة تسمح بالإصرار على هذا المطلب. وأظن أن العالم العربي وحلفاءه قادرون اليوم على فرض خيار كهذا. عنصر القوة الرئيس في الموقف الفلسطيني هو صمود المقاومة وسلاحها الذي أربك الحياة في إسرائيل طيلة أيام الحرب، ومنع جيشها من اجتياح غزة كما تمنى قادتها. وفي جانب الحلفاء نشير إلى استعداد بعض الدول الإسلامية لإرسال سفن إغاثة عبر الميناء المحاصر. وعلى المستوى الدولي شهدنا تعاطفا مع الغزاويين لم يسبق له مثيل في الأعوام السالفة.…

آراء

غزّة وحربنا الأهليّة هنا أيضاً

الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠١٤

يضجّ المشرق العربيّ بالصراخ الجريح: هناك من يصرخ: سوريّة، ومن يصرخ: غزّة، ومن يصرخ: الموصل. وكلّ صارخ يلوم الرأي العامّ والإعلام الغربيّين على تقليلهما من شأن القضيّة التي يحمل. لكنْ في معظم الحالات، وليس في كلّها، يتلوّن الصراخ عندنا بلون صاحبه الدينيّ أو الطائفيّ أو الإثنيّ. صحيحٌ أنّ صرختين تتقاطعان أحياناً في صوت واحد، إلاّ أنّ موضع التركيز والأولويّة قليلاً ما يختفي. لكنّ المؤكّد أنّ الحذلقة الحسنة النيّة التي كان لا يزال يمكن سماعها قبل عشر سنوات، كالجمع والتركيب مثلاً بين الوطنيّ و»القوميّ» (مرموزاً إليه بغزّة) والاجتماعيّ والديموقراطيّ (بالموصل)، لم يعد يتّسع لها المكان. هذه صارت اليوم وعظاً محضاً. لكنْ، إلى ذلك، ثمّة في الموضوع الواحد مواضيع ومستويات لا يخفى التضارب، بل التناقض، في ما بينها. فهناك من هو مع غزّة، ومن هو مع حركة «حماس»، ومن هو مع فلسطين وفقاً لتأويل معيّن لها. وإذا كان الثلاثة يتّفقون في وصف الوحشيّة الإسرائيليّة، وفي إبداء الرغبة المبدئيّة في التخلّص من احتلال الدولة العبريّة والاستيطان اليهوديّ، فإنّهم يختلفون في ما تبقّى، وهو ليس في حال من الأحوال مجرّد تفاصيل. فالذي يؤيّد غزّة والغزيّين يريد، إلى جانب وقف الحرب ووضع حدّ للمأساة الإنسانيّة المتمادية، إنهاء عزلة القطاع المحاصَر برّاً وبحراً، وتثمير خطوة كهذه في مشروع وطنيّ فلسطينيّ يُنهي الاحتلال الإسرائيليّ ويفضي إلى نشأة…

آراء

داعش.. تحقيق نسبة التوحش

الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠١٤

يقدّر تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية (سوفان جروب) أن عدد المقاتلين السعوديين في صفوف داعش 3000، التقرير بعنوان "المقاتلون الأجانب في سورية"، ونشرت نتائجه وسائل الإعلام. حسناً، لنقل شيئاً هذه المرة عن جانب آخر فيما يخص السعوديين، غير مسؤوليتي الأداء السياسي والديني، وبالطبع لا يمكن فصله عنهما، حيث هو مصبّ مباشر لما يفعلانه. لنتحدث عن البيوت. هناك أزمة حقيقية في فهم فكرة "البيت" لدى العديد من الناس، إخفاق ممنهج ورهيب في وعي الوالدين ابتداء بما يلزم حقاً حيال معنى العائلة وأفرادها، يظهر هذا جلياً في نسب العنف الأسري، بدءاً من قسوة اللفظ والمعاملة، مروراً بالضرب، وانتهاءاً بحالات عنف، تصل أحياناً إلى القتل. إليكم هذه النسب، وهي على الموقع الرسمي لهيئة حقوق الإنسان السعودية الحكومية، وأنقلها بالحرف، مع ملاحظة أن هذا لم يكن قبل قرن من الزمان، حيث يُعذر الناس، بل السنة الماضية 1434: "أوردت دراسة حديثة، حول انتشار العنف الأسري في المجتمع السعودي أن 45 في المائة من الأطفال السعوديين يتعرضون لصور من الإيذاء في حياتهم اليومية، فيما وصل 83 في المائة من الحالات التي تتعرض للعنف الأسري إلى دور الملاحظة والتوجيه والرعاية عن طريق الشرطة، وأن 72 في المائة من الضحايا يصلون عن طريق أحد الوالدين. وهناك دراسات أخرى توضح أن آثار العنف الأسري غالباً ما تظهر بعد سن البلوغ،…

أخبار المسافة الآمنة –  بقلم: جمال الشحي

المسافة الآمنة – بقلم: جمال الشحي

الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠١٤

هل تكترث بنا الحياة؟ نتعلق بجلابيبها وتمضي مستمرة، نمسك أطرافها بقوة نحسب أننا أمسكناها، تسحبنا خلفها وتكمل طريقها! هكذا هي الحياة لا تعبأ بنا وكثيراً ما لا تلتفت إلينا. ماضية في دربها وفق طبيعتها، صارمة في قوانينها لم تنظر خلفها أبداً أو تنتظر أحد ولم يختل ميزانها لجهة أو فرد! لها أنظمة وقوانين تتحكم بها وتتحرك وفقها، عكس الإنسان، الكائن الوحيد الذي له حرية الاختيار. نخطئ حين نعتقد بأنها تهتم كثيرا ً بنا! ربما يصاحبنا هذا الوهم لنحس بأهميتنا ونبني عليها سعادتنا! جميل هذا الإحساس الواهم بأن هناك من يكترث بنا نريد أن نشعر بأهميتنا وأن لنا قيمة، هذا الشعور يشتت أحياناً لنتناسى ونحن في خضم الحياة أن نكترث بأنفسنا، وعندما ننساها ينسانا الفرح وتهجرنا السعادة. كي نمر بسلام في طرقاتها وممراتها لا بد أن نكترث بها، طريقنا الطويل معها يلزمنا أن ننتبه ونكترث. يقول يوسف زيدان في روايته عزازيل "لعل الحياة لا تكترث بنا أصلا فنلاحقها نحن بصنوف الحيل حتى يغمرنا التعلق بالتمني والتقلب في الترقب والأمل، عسانا ننسى مع مر السنين أننا في خاتمة التطواف مسلوبون لا محالة" علاقتنا بالحياة في بعض جوانبها كالعلاقات بين الأشخاص يجمعنا معهم مكان ويحكمنا زمان، في محطاتنا المتفرقة نتعرف إليهم، نقترب منهم بحذر ونجعل بيننا حواجز نعتقد أنها تحمينا ويعتقدون إنها تحميهم!…

آراء

داعشيون بيننا

الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤

تناول عديد من الكتاب المحليين التفاعلات المحلية مع بروز الحالة الداعشية وتداعياتها، وأسهب بعضهم في تحليل ودراسة أسباب قيام هذه الحركة المتطرفة كلٌّ حسب رؤيته وتوجهاته، ولكن قليلاً منهم من تناول حجم التأييد الضمني والعلني الذي تلقاه توجهات هذه الحركة محلياً. مع كل أسف لا توجد لدينا مراكز أبحاث ودراسات متخصصة تتناول دراسة التوجهات الفكرية والسياسية في المملكة، وتستقصي مدى التأثيرات التفاعلية مع القضايا والتطورات الإقليمية، كي يمكن تشكيل رؤية علمية دقيقة للتعاطي معها. لذا فإن كثيراً منا يعطي تصورات وانطباعات عامة، بعضها ليس دقيقاً حول هذا الموضوع، ولكنه قد يشكل مقاربة مبدئية حول هذه الظاهرة وغيرها. ما لفت انتباهي هو حجم التأييد الذي تلقاه حركة داعش في الأوساط المحلية، خاصة في أوساط الشباب وعديد من المثقفين والعلماء، بصورة لم أكن أتوقعها، وذلك من خلال النقاشات والحوارات والتعليقات التي أقرأها وأشارك فيها. الجماعات الجهادية المتطرفة كطالبان والقاعدة وداعش وحركة جهيمان التي سبقتها كلها جماعات أصولية متطرفة لها روابطها المحلية وتداخلاتها مع الوضع الداخلي إما بصورة مباشرة أو غير ذلك. ولعل هناك كثيرين في وطننا ممن يحملون نفس التوجهات والأفكار لهذه الجماعات، ويؤيدون ما تقوم به هذه الجماعات من أعمال إرهابية ضد مخالفيهم من أنظمة سياسية أو وجود اجتماعي. بعضهم هنا يرى توافقاً ذهنياً بين ممارسات هذه الجماعات وبين المنظومة الفكرية…

آراء

في مئوية حرب طاحنة

الأحد ٢٧ يوليو ٢٠١٤

عاشت أوروبا آخر لحظات القرن التاسع عشر سياسياً وحضارياً مع يوم 28 يونيو 1914، عندما تم اغتيال ولي عهد الإمبراطورية النمساوية على يد أحد متطرفي الصرب. فقد أطلق هذا الحدث سلسلة من الأحداث والكوارث على امتداد أوروبا وآسيا والعالم العربي، تمثلت في محن الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918، التي غيرت إلى الأبد تاريخ وجغرافيا الكثير من الأمم والبلدان، وأدت إلى سقوط أسر حاكمة وامبراطوريات، وظهور دول وأنظمة جديدة كل الجدة على التاريخ الأوروبي خاصة، كالاتحاد السوفييتي! أنزلت الحرب دماراً واسعاً بالكثير من المدن والمناطق والآثار الأوروبية من منازل وقصور وكنائس، ولقى فيها ملايين الأوروبيين من عسكريين ومدنيين حتفهم. فقد التقى الجيشان الألماني والفرنسي في معركة فردان Verdun على امتداد أشهر ابتداء من فبراير 1916. وعندما انجلى دخان البنادق والمدافع والقنابل، كانت خسائر الطرفين من القتلى متساوية، إذ خسر كل منهما 400 ألف رجل، قرابة المليون إنسان للطرفين! لا نكاد نصدق اليوم كيف كانت بداية تلك الحرب. فما أن انتشر خبر اغتيال ولي عهد النمسا يوم 28 يونيو 1914، حيث عُرف أن «منظمة اليد السوداء» الصربية هي التي سلحت القاتل ومن معه، حتى توالت التطورات: أعلنت حكومة النمسا والمجر الحرب على صربيا حليفة روسيا. وقررت الإمبراطورية القيصرية الروسية نجدة وحماية «الصرب» مهما كان الثمن، وهو موقف روسي رأيناه يتكرر حتى…