آراء
الأحد ٢٠ يوليو ٢٠١٤
كانت والدتي، حفظها الله ورعاها، تطمح إلى أن أصبح مهندسا. تضاعفت هذه الأمنية عندما التحقت بكلية العمارة والتخطيط. منذ يومي الأول في الكلية وهي تناديني بالمهندس. حتى بعض أقاربي كانوا يطلقون عليها لقب أم المهندس. المشكلة لا تكمن هنا. المشكلة تكمن في أنني لم أستسغ التخصص، لم أشعر وأحس به، كنت مأخوذا بالصحافة. كانت الصحافة تجري في دمي. أذهب إلى محاضرتي كي أفرغ منها. جسدي في الكلية وقلبي في الصحيفة. كنت أسمع كثيرا قبل انضمامي إلى كلية العمارة عن حب من طرف واحد. عندما دخلتها تعرفت على اللا حب من الطرفين. عانيتُ كثيرا حتى حان موعد الطلاق. التحدي الكبير كان كيف أخبر والدتي؟ أو كيف أخذلها بأقل عدد من الخسائر؟ لم أستطع مواجهة دموعها وخيبة الأمل، التي تكسو وجهها. راوغت. خرجت من الجامعة دون أن تعلم. كلما شاهدتني سألتني عن الجامعة بحماس وأجبتها بفتور. إحساسها قادها إلى أن تعرف أني غادرت الجامعة وأني لن أكون مهندسا. كان شعورا أليما تجرعناه معا. مرضنا طويلا. هوت طموحاتها كثيرا. بعد أن تعافيت قليلا رتبت معي حقائب رحلتي الجديدة بلا حماس. فهي لا تعلم فربما أكون أضرب موعدا مع خيبة أمل جديدة. فلم تفق من الصدمة بعد. إذ ما زال الناس ينادونها بأم المهندس. تعبت أمي من الألم ومن التصويب للناس. مرت السنوات وتخرجت…
آراء
الأحد ٢٠ يوليو ٢٠١٤
بحسب دراسة نشرت في مجلة «أميركان بوليتكال سينس»، شاركت فيها كل من آنا جيتمانسكي من «مركز هرتزل» في إسرائيل، وتوماس زيتزوف في «جامعة واشنطن» - فإن تساقط الصواريخ الآتية من غزة على إسرائيل يزيد من تطرف الإسرائيليين، ويدفع بهم إلى اقتراع أكثر يمينية، بسبب إحساسهم الشديد بالخوف. وترى هذه الدراسة أنه كلما اقتربنا جغرافيا من غزة، ووصلنا إلى المناطق الأكثر عرضة للنار، وشعر السكان بالخطر، تصبح الآراء أكثر تطرفا. وللتذكير فقط، فإن الصواريخ المتواضعة الصنع والخائبة التوجيه، التي خرجت من غزة طوال 12 يوما ردا على عملية «الجرف الصامد»، مثلا، لم تقتل إسرائيليا واحدا، بينما قتلت الصواريخ الإسرائيلية، في المدة عينها، أكثر من 250 فلسطينيا، وتسببت في سقوط أكثر من 1800 جريح وهدم 350 منزلا. ورغم ذلك، فإن الدراسة تشير سريعا وعابرا، ومن دون توقف طويل، أو تعليق مسهب، إلى أن العنف المتبادل بين الطرفين، لا بد، سيؤدي، بمرور الوقت، إلى رفع مستوى التطرف في غزة أيضا. وتتعفف الدراسة عن القول إن الوضع الإنساني الفظيع، المفروض على الغزيين منذ عام 1967 كان كفيلا بأن يحولهم إلى وحوش كاسرة. هذا الصنف من الدراسات، المقنع بعلميته الماكرة، والمتخفي خلف أسماء كبرى لجامعات ومراكز أبحاث، قد تكون نتائجه صحيحة، لكنها مجتزأة، وموظفة بخبث يستحق الإدانة والتشهير، خاصة أنها تستخدم لتبرير العنصرية الإسرائيلية المتزايدة.…
آراء
الأحد ٢٠ يوليو ٢٠١٤
تتلازم الأحداث الحالية باليمن في مرحلة ما بعد الربيع بغياب واضح وأداء فاضح لعمل الحكومة الحالية، ولا يحتاج ذلك إلى براهين أكثر من الاستماع لصراخ الأحزاب المشاركة في تركيبتها العجيبة وكذا إلى شكوى المواطنين وأنينهم ومعاناتهم من الظلام الدامس وانقطاع لكل المشتقات النفطية لأشهر كانت كفيلة بسقوط أي حكومة في بلد يكون للمواطنين فيه قيمة واعتبار، ولا يمكن قبول الاكتفاء بمبررات إلقاء الاتهامات على نظام سابق لأن معظم القائمين على الأمور اليوم كانوا عماده ومسوقيه، ولم يعد مقنعا لأحد إطلاق الاتهامات منذ ثلاث سنوات دون تقديم دليل واحد أو محاكمة قاطع طريق أو مخرب لمنشآت الدولة، وهذا يعيد إلى الذاكرة نفس القاموس القديم الذي كان يستخدمه «النظام السابق» لتهديد معارضيه وترهيبهم، ويبدو أن الإعلام اليوم لم يعد قادرا على ابتكار مفردات جديدة ولا روايات مختلفة عن سابقاتها عدا الحديث الممل عن ضرورة تطبيق مخرجات الحوار وكأن المواطنين هم من يعرقلونها لا الذين بيدهم الأمر والمال. نفس الاستنتاج يمكن متابعته في الطريقة التي أديرت بها المعركة الأخيرة التي سمحت بسقوط مدينة عمران بأيدي أنصار الله، والتي تابعنا جميعا خلالها صمتا مريبا أثار سيلا من التساؤلات حول المدى الذي وصلت إليه هيكلة القوات المسلحة وعقيدتها وانتماؤها، كما يحق لنا التساؤل عن دور حكومة الوفاق الوطني في كل ما جرى ويجري حتى لا…
آراء
الأحد ٢٠ يوليو ٢٠١٤
ماذا لو تركنا هجاء الإرهاب جانباً للحظة وانشغلنا بدلاً من ذلك بالسؤال. والسؤال الذي يجب أن يحتل بؤرة اهتمامنا: لماذا ظهر الإرهاب أصلاً؟ وكيف تحول إلى ظاهرة تهدد الجميع؟ والسؤال الأهم في هذا السياق: ما هو دور الدولة العربية في ظهور هذا الإرهاب؟ وما حجم مسؤوليتها عنه؟ الإرهاب الذي تعاني منه المنطقة منذ أكثر من ثلاثة عقود إرهاب مؤدلج، ويملك مشروعاً سياسياً يقوم على آيديولوجيا مناهضة للدولة. ليس من نوع الإجرام المجاني أو المنظم الذي يريد البقاء في الظل داخل الدولة، لكن خارج أطرها القانونية. الإرهاب مشروع يريد أن ينسف الدولة وتاريخها ومنظومتها القانونية، ويطمح إلى استبدالها بـ «دولة» مختلفة، لها تاريخ مختلف وقانون مختلف. يتساوى في ذلك الإرهاب السنّي والإرهاب الشيعي. والمفارقة أنه من هنا تنبع مسؤولية الدولة عن هذا التطور... كيف؟ لو أمعنت النظر قليلاً لتبين لك أن العالم العربي يتعرض لعملية تفسخ بطيئة وطويلة. تخلق حال التفسخ فراغات سياسية وأمنية وآيديولوجية، والفراغات بطبيعتها جاذبة لأشياء كثيرة، منها التدخلات الأجنبية، ومنها الإرهاب أيضاً. مؤشرات التفسخ كثيرة ويتضافر بعضها مع الآخر. من هذه المؤشرات أنه بعد 100 عام على تأسيسها لا تزال الدولة العربية من دون مشروع سياسي أو حضاري. وليس مفاجئاً والحال كذلك أن جميع مشاريع التنمية العربية فشلت، في التعليم والتدريب والصناعة والزراعة. لماذا قامت هذه الدولة…
آراء
الأحد ٢٠ يوليو ٢٠١٤
آلاف المسيحيين العراقيين ارتحلوا من مدينتهم الموصل إلى المناطق السنية الكردية شمالا، بعد أن هددهم تنظيم داعش بالقتل والتدمير، إن لم يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية. وشرع المتطرفون بتنفيذ تهديداتهم فحرقوا الكنيسة المطرانية في المدينة، ليبدأ فصل جديد من الكراهية والإرهاب! وهنا تأتي مسألتان، دينية وسياسية، في فهم الوضع والتعاطي معه، ولا أقول معالجته، لأن الفاعلين جماعات فوضوية وإرهابية خارجة عن السلطة وتلاحق في أنحاء العالم. دينيا، نتوقع من كل المراجع والمؤسسات الدينية أن تستنكر وتدين وتواجه هذا الغلو المتزايد، الذي يهدد اليوم النسيج الاجتماعي، والتعايش الديني في المنطقة. فـ«داعش» ومثيلاتها، من التنظيمات المتطرفة السنية والشيعية، تهاجم أولا أتباع طوائفها، وذلك قبل أصحاب العقائد الأخرى، ثم الأديان الأخرى. وقد قامت «داعش» في العراق بهدم مقامات دينية للصوفية السنية، والأضرحة الشيعية، وكفرت وقتلت السنة الذين لا يبايعونها. وسبق لها في سوريا أن خطفت راهبات معلولا، ولم تطلق سراحهن إلا بفدية مالية كبيرة. وهي تعيث شرا بشكل أكبر في المناطق السنية التي تعتبرها أهدافها الرئيسة، من أجل إقامة سلطتها. أما الشق السياسي في الأزمة، فيتمثل في اختراق وتوجيه هذه الجماعات المتطرفة، وتتكاثر البراهين على أنها تستخدم لخلط الأوراق. والعراق ليس إلا الجزء الثاني من الرواية، ومن المبكر الادعاء حول كيف وإلى أين تتمدد هذه الجماعات المشبوهة في العراق، نحو بغداد أم الأردن…
آراء
السبت ١٩ يوليو ٢٠١٤
تحول انستقرام من تطبيقٍ لعرض ومشاركة الصور عبر الأجهزة الذكية إلى مركزٍ تجاري افتراضي حديث. وجدَت حواء نفسها أخيراً في بيئة عملٍ مريحة لطالما حلمت بها. بيئةٌ تكفيها عناء ومشقة الإجراءات البيروقراطية والشروط التعجيزية وعقبات التمويل قبل أن تبدأ في تنفيذ مشروعها الصغير. ولمن لا يعلم فانستقرام اليوم عبارة عن منطقة تجارة حرة وسوق مفتوحة بكل ما تحلمه هذه المصطلحات من معنى. إنه اتجاهٌ جديدٌ آخذٌ في التنامي بين أوساط المجتمعات النسائية خصوصاً. والعجيب في الأمر أن سيدات الأعمال الانستقراميات يحظين بثقة المستهلك ، حيث يحضر انستقرام في الأحاديث النسائية كماركة مسجلة. تتباهى إحداهن أمام الأخريات بأنها طلبت سلعة معينة عبر التطبيق الذكي. لقد فتح انستقرام آفاقاً جديدة للمستثمرات الجدد في مجالات الأزياء والموضة و المكياج والمستلزمات النسائية ومستلزمات الأطفال وغيرها الكثير، وتحضير المأكولات والحلويات و تجهيز الولائم و المناسبات. شخصياً كنت قد وقفت على تجربتين لمتاجر انستقرامية . التجربة الأولى لأبٍ وأمٍ سافرا خصيصاً إلى الصين لانتقاء بضائع لا تتوافر في السوق المحلية وعهدا بالبضاعة لبناتهن كي يتولين إدارة المتجر تسويقاً و وتواصلاً مع الزبائن و تلبيةً لطلبات التوصيل عبر شركات الشحن الجوي والبريد. التجربة الثانية لموظفة في حقل طبي دقيق. لكنها أعادت إحياء هوايتها القديمة في تصميم الأزياء لتصقلها وتجعل منها علامة تجارية تخصها وتحمل بصمتها. ويضاهي دخلها…
آراء
السبت ١٩ يوليو ٢٠١٤
تختلف العادات والذكريات في رمضان العقود القديمة عن الوضع الحالي؛ حيث اختلف كثير من الذكريات، عما نعيشه الآن، خصوصا أنه في الماضي، لم تكن هناك كهرباء، أو شبكات المياه التي تصل إلى المنازل، وكنا نسعى في عصر كل يوم في إمارة الفجيرة إلى توفير المياه من الآبار. بدأت الصيام عندما كان عمري قرابة السنوات السبع؛ حيث حل علينا فصل الصيف، والمعروف عن دول الخليج العربي أن درجات الحرارة ترتفع كثيرا، وتصطحبها أحيانا رياح جنوبية شديدة الحرارة، تسمى برياح (سهيلي)، وهي الرياح القادمة من نجم سهيل. كنا نلجأ إلى رش الماء على الإزار، ثم نرتديه على أجسامنا مرة أخرى، كي يعمل على الترطيب وتخفيف حرارة الصيف، إلا أن الإزار كان يجف، في غضون خمس دقائق. الذكريات الرمضانية، تخلد في الذاكرة، بعد أن أصبح كل شيء متوافر لدينا. في الماضي، كنا نخرج من صلاة التراويح، ونتوجه إلى منزل أحد الأشخاص في الحي؛ حيث هناك جدولة عرف عنها الجميع، للالتقاء هناك، يتجاذب خلالها الجميع أطراف الحديث، ثم بعدها نذهب إلى المسجد للعبادة وقراءة القرآن، حتى يحين وقت السحور، قرابة الفجر. لم يكن لدينا في الماضي تنقلات ميسرة، مثل ما هو في الوقت الحاضر، وهذه من نعم الله علينا، وسهلت الحكومة ذلك من خلال النهضة العمرانية، وأصبح الشخص يستطيع التنقل من شمال الإمارات المتحدة…
آراء
السبت ١٩ يوليو ٢٠١٤
كانت جلسة سلام في البداية. الحديث فيها بين مجموعة أصدقاء. على رصيف أحد مقاهي الرياض. كنا نتحدث عن الوعي. الكلمات تأتي مرتبة وثرية. وعي السائق في هذا البلد. تهذيب وابتسامة الرجل والمرأة في ذاك البلد.. وتصالح الناس مع لغة الاعتذار في بلد آخر. كلمات تتسابق، تستمد وهجها من تجارب ومشاهدات شخصية، لتتحول إلى جذوة فاخرة، تستمتع بجلد الذات. نحن من الشعوب المثقفة جدا. حتى وإن رغب البعض في سماع كلام يخالف ذلك. شواهد هذا الأمر نشاهدها في نهمنا على ارتياد معارض الكتب، وارتفاع مبيعاتها، واستخدامنا الأعلى عربيا لمواقع التدوين الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي... إلخ. لكن هذه الثقافة لا يتم تحويلها إلى ممارسات أنيقة. الكثير منا لديه شجاعة الاعتراف بأنه يشارك في فضيحة الوعي المتناقض بين المعرفة والسلوك. لكن السبب أن محفزات سلوك الوعي، تقطعها خروقات ومخالفات الآخرين، التي تصادر حقك عندما تكون متسقا مع ما تعرفه من أنظمة وسلوكيات. بكلام واضح: المخالفات المرورية مثلا، تتم عن سابق إصرار، وليست نابعة عن جهل أو قلة وعي. الأمر نفسه يتكرر في الطابور الذي تجد نفسك أمامه في المطار أو في أي مكان آخر. لكنك حتما ستجد من يتخطى هذا الطابور، غير عابئ بالآخرين الذين يتابعون الفضيحة وينتظرون يدا نظامية تنتصف لهم. وقد يحدث هذا أو لا يحدث. على رصيف المقهى، تحدثنا طويلا…
آراء
السبت ١٩ يوليو ٢٠١٤
قرأت تقريرا قبل فترة، عبر "فوربس الشرق الأوسط"، ولا أعرف لم خطر على بالي فجأة، وعدت أفتش عنه، ربما لأني - أعتقد - أنه مهم من ناحية، وربما لأنه من الواجب أن تطلعوا عليه - بنظري -، ولذلك قررت أن أنقل كثيرا منه، وأعلق على بعضها، حيث إن التقرير المعنون بـ"6 أشياء ينبغي فعلها قبل انقضاء الأجل" كفيل بتشغيل حركة النقل داخل الجماجم، وإعادة الحسابات مجددا.. والستة أشياء هي: الأول: جد عملا تستمتع بالقيام به كل يوم: يعمل معظمنا ليلا ونهارا دون أن يخطر في باله أنه سيتقاعد في يوم من الأيام، بل إن ما يشغل تفكيرنا هو توفير بيئة وظروف أفضل لأطفالنا في المستقبل. وأقول: بلا تردد، إذا كنت لا تحب عملك، استقل غدا، وكن أقوى من كل شيء، واعمل في شيء تحبه، وتؤديه بشغف. الثاني: ضع قائمة بأمنياتك في الحياة: دفع الفيلم الشهير بعنوان "قائمة الأمنيات" من بطولة جاك نيكلسون ومورغان فريمان، الكثير من الأشخاص إلى تدوين قائمة بما يتمنون فعله في حياتهم والسعي من أجل تحقيقها.. وأقول: تذكر أنه لا قيمة للحياة بلا أمان.. الأماني تصنع القوة في دواخلنا دائما! الثالث: أعدّ الوثائق اللازمة لحماية نفسك: ينبغي على كل بالغ، كبيرا كان أم صغيرا، أن يجهز الأوراق القانونية الضرورية التي تخول شخصا آخر بتولي زمام الأمور المالية…
آراء
السبت ١٩ يوليو ٢٠١٤
في 1982 كانت بيروت أوّل عاصمة عربيّة تخضع لاحتلال إسرائيليّ. كان مجرّد الإشارة إلى هذه الحقيقة جارحاً للعرب، من دون أن يرتّب انجراحُهم شيئاً أو ردّاً ملموسين. لكنّ 1982 سجّل أيضاً آخر احتلال إسرائيليّ لعاصمة عربيّة، وهذا ليس بسبب افتقار الدولة العبريّة إلى القوّة أو إلى الرغبة في الإخضاع، بل لأسباب أخرى تتعلّق بما آلت إليه العواصم نفسها وأحوال شعوبها ومجتمعاتها. فها هي عاصمة العراق، بغداد، تتعرّض اليوم لمحاولة إخضاع على أيدي «داعش»، فيما عاصمة اليمن، صنعاء، تتعرّض، هي الأخرى، لمحاولة مشابهة يقودها الحوثيّون. أمّا طرابلس التي أُحرق مطارها باشتباكات فصائلها، فثمّة شكّ عميق يكنّه ليبيّو الشرق بجدارتها أن تكون عاصمة. وبدوره فإنّ المشروع الفلسطينيّ المشطور بين الضفّة وغزّة لم يعثر على عاصمة موحّدة، ولو موقّتة في انتظار أن يُبتّ أمر القدس. وهو تحوّل متعدّد الأوجه والمعاني، متعرّج الطرق: فمنذ ما قبل 1982 راحت تتبلور القضايا النزاعيّة الكثيرة في العالم العربيّ، وقد تمّ ذاك التبلور واكتمل بحيث غدا البحث عن «قضيّة عربيّة مركزيّة» في مواجهة إسرائيل أشبه بالبحث عن الذهب في الغرب الأميركيّ. وما يعزّز الاستنتاج هذا تزامن الحصارين اللذين تتعرّض لهما بغداد وصنعاء مع الحرب على غزّة التي لم يجد باقي العرب، وسط اهتماماتهم الكثيرة وهمومهم المباشرة، مكاناً للتضامن معها. ثمّ إنّ إسرائيل لم تعد من يقتحم العواصم ويحتلّها…
آراء
الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤
على رغم العيوب والصعوبات التي تكتنف بعض تعاملاتها، وعلى رغم عدم إيمان كثيرين بأهميتها، إلا أن الصيرفة الإسلامية حققت نمواً كبيراً خلال الأعوام القليلة الماضية، وأصبحت إحدى أهم الصناعات التي تتنافس على استقطابها الدول، بل إن نموها في دول الغرب يفوق المتوقع والمنتظر، إذ وجدت فيها هذه الدول صناعة مطلوبة توفر المال والعملة الصعبة. وبالأرقام حققت الصيرفة الإسلامية نمواً سنوياً يتراوح بين 10 و15 في المئة بحسب المنطقة والدولة التي توجد فيها، ويشار إليها في بعض الكتابات بالصناعة الأسرع نمواً في العالم، كما حققت انتشاراً جغرافياً كبيراً خلال الأعوام الـ20 الماضية، فهناك نحو 400 مصرف تقدم خدمات الصيرفة الإسلامية، ويبلغ حجم تداولاتها تريليوني دولار تقريباً في 80 دولة حول العالم، وزاد حجم التمويل بالصكوك الشرعية في العام الماضي بأكثر من 50 في المئة، لتصل قيمتها إلى 130 بليون دولار، بحسب تقرير لـ«بي بي سي» البريطانية. أما تمركز الصيرفة الإسلامية فتتنافس عليه ثلاث دول، هي بريطانيا ودبي وماليزيا، ففي الأولى قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال افتتاحه فعاليات المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي في لندن أواخر العام الماضي: «إن العاصمة البريطانية أكبر مركز للتمويلات الإسلامية خارج العالم الإسلامي، واليوم يمتد طموحنا إلى ما هو أبعد من ذلك، لا أريد أن تكون لندن أكبر عاصمة للتمويل الإسلامي في العالم الغربي، بل أود…
آراء
الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤
مرَّ عقد على فقدنا للشيخ زايد «طيب الله ثراه»، ومرَّ ذات الزمن ونحن ماضون في الوفاء بعهده والمضي على سيرته، إننا أمام زايد الإنسان الذي خلق الله فيه الخير جبلة وفطرة، بعيداً عن التكلف والتصنع لأنه فيه سجية. لقد أمضى زايد رحمه الله حياته كلها منذ توليه مسؤولية الحكم في سباق مع الخير، فأعماله كانت تسبق أقواله بشهادة الآخرين لأنه كان لا يحب البوح والإعلان عمّا يقدمه من عطاءات خيرية وإنسانية من أجل مراعاة مشاعر من امتدت لهم يد العون والمساعدة. بل إن نظرة الشيخ زايد رحمه الله كانت أبعد من ذلك بكثير فقد كان يعامل البشرية وفق مبدأ العائلة الواحدة والجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو من عوز تداعت سائر الأعضاء لسد هذا العجز. ولو أردنا رسم خريطة لعطاءات زايد منذ قيام الاتحاد إلى ساعة مفارقته الحياة، لعجزت الخريطة عن تحمل هذا العبء، وذلك لصعوبة الحصر والعد فيما هو معلن فمن يعلم بما لم يعلن غير الله سبحانه. وحسبنا أن نكتفي منها بلمحات سريعة ومقتطفات لملامح الخير في سيرته، ونبدأ في العام الذي تمّ الإعلان فيه عن قيام كيان الدولة الاتحادية حيث تبرع الشيخ زايد رحمه الله بمبلغ 50 ألف دولار لدعم أنشطة منظمة اليونيسيف في برامجها الهادفة لمساعدة الطفولة التي يدرك زايد معانيها الإنسانية في بداية التكوين ومدى…