آراء
الإثنين ٢٤ مارس ٢٠١٤
قد يستغرب القارئ الكريم من وصف شعور سلبي مثل اليأس بالإيجابية، وهو استغراب مبرر طبعاً، ولكن الغموض سينجلي من تلقاء نفسه، عندما نلمس فعالية هذا الشعور في علاج حالات غير صحية، يمكن أن نطلق عليها مسمى «الأمل الكاذب». فالإنسان في مراحل استثنائية من حياته، وتحت وطأة ظروف معينة، يرى الوهم في صورة أمل، فيتشبث به، تشبث الغريق بطوق نجاته، ويمارس مع نفسه كل الحيل اللاشعورية، لإقناعها بمنطقية أحلامه، لكن مع مرور الأيام وتكرار خيبات الأمل، تسطع شمس الحقيقة في وجهه، وكلما تأخر وقت السطوع كانت الخسارة أكبر. فلاعب الكرة صاحب القدرات المتواضعة، عندما يحلم باللعب في صفوف ناد عالمي، فهو في واقع الأمر يتمسك بأمل كاذب، غير قابل للتحقق في الظروف الطبيعية، وبالتالي يكون في حاجة ماسة للاستيقاظ من هذا الوهم، لإعادة توجيه بوصلته نحو حلم آخر، أكثر توافقاً مع قدراته. والأمر نفسه ينطبق على المشاعر، فالفتاة التي تتشبث بأمل الارتباط بشاب لم يضعها يوماً في حسبانه، هي في واقع الأمر ترتكب جريمة في حق نفسها، وتهدر على نفسها الكثير من الفرص، وقد يأتي عليها يوم، تندم فيه على كل دقيقة أضاعتها في انتظار سراب كاذب. قبل أيام التقيت بفنان قديم، قليل الظهور حالياً، وأثناء حديثي معه، سألته عن أسباب ابتعاده عن التمثيل، فأجابني قائلاً «ضللت لسنوات طويلة أحلم بالنجومية،…
آراء
الإثنين ٢٤ مارس ٢٠١٤
"قطر اختارت ألا تبقى على هامش التاريخ"، هكذا صرح وزير خارجيتها قبل أسبوعين تقريبا في باريس، وهو اختيار مستحق لقطر الدولة المستقلة ذات السيادة، التي لا يستطيع أحد أن ينكر عليها حقها في أن تلعب أدوارا تاريخية.. ولكن كيف يمكن المواءمة بين رغبة قطر هذه، ومصالح جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي، الذين يعتقدون أن الأدوار التاريخية التي تلعبها قطر تهدد أمنهم واستقرارهم، وتخرق المبادئ التي تم الاتفاق والتوقيع عليها في النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية؟ هذا هو السؤال الذي يبدو محيّراً إلى حدما، فقطر ما زالت مصرة على أنها بريئة من هذا الخرق الذي تُتهَم به، وأنها ملتزمة بكافة المبادئ التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي، وأنها تنفذ كافة التزاماتها وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بين دول المجلس، بشأن الحفاظ على دول المجلس كافة وحماية أمنها واستقرارها، كما جاء في بيان مجلس الوزراء القطري تعقيبا على قرار سحب السفراء. لكن هذا لا يعني أن قطر سترضى أن تبقى على هامش التاريخ، لأنها "قررت الاضطلاع بدور كبير في الشؤون العالمية، والتواصل مع الدول الأخرى، والتوسط في النزاعات، والعمل على إنهاء النزاعات العنيفة، ورعاية اللاجئين"، كما جاء في تصريحات وزير الخارجية القطري، الذي أكد أن "استقلال السياسة الخارجية لقطر غير قابل للتفاوض". لهذا فلا مجال لثني قطر عن البحث…
آراء
الأحد ٢٣ مارس ٢٠١٤
يصادف النصف من شعبان من كل عام مولد المهدي المنتظر عند الشيعة الاثني عشرية الذي سيعود حسب المعتقد الشيعي من غيبته الكبرى، ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت جورا وظلما. وبعيدا عن الجوانب العقائدية الدينية لهذا الطرح، ومدى تأييد البعض لهذه الفكرة وآخر مستنكر لها، نسير مع القارئ هنا لنفتح جانبا آخر مهما والذي يتمثل في التوظيف الإيراني لهذه المناسبة، إذ لا يقتصر هذا التوظيف على الداخل الإيراني فحسب، بل تنعكس أصداؤه لتمتد خارج حدود إيران مغلفة بتوجهات تخلق معها إشكاليات جدية، تؤدي في بعض الأحيان للدفع بالبعض لتغليب المذهبية على الوطنية. يعقِد النظام الإيراني كل عام مؤتمرا دوليا للعقيدة المهدوية جاءت آخر دوراته (التاسعة) بتاريخ 23 - 6 - 2013، وبحضور رئيس مجلس الخبراء مهدوي كني ورئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، بالإضافة إلى 48 شخصية دولية من كندا والسويد والنرويج والأردن ولبنان ومصر والعراق وباكستان وبوركينا فاسو والفلبين وتنزانيا وغيرها من الدول العربية والأجنبية. وقد تم إرسال 213 ورقة كتبت باللغة الفارسية والإنجليزية تتحدث عن العقيدة المهدوية. استعرض منها 22 ورقة بالفارسية و15 ورقة بالإنجليزية. وبالإضافة إلى مثل هذه المؤتمرات نلاحظ حرصا كبيرا من النظام الإيراني على استمرار عقد الأنشطة والدورات في هذا السياق، إذ أعلن على سبيل المثال المساعد للشؤون التعليمية في مؤسسة المهدي الموعود عن عقد…
آراء
الأحد ٢٣ مارس ٢٠١٤
يواجه الرئيس هادي بمفرده المخاطر المحيطة بعملية التغيير التي يشهدها اليمن وتبعات انتقال السلطة إليه من الرئيس السابق في 21 فبراير (شباط) 2012، وهو يدير البلاد من خلال القفز فوق حقول ألغام متحركة ودون مساعدة من الحكومة التي فرضت أسماءها من الورثة غير الشرعيين لثورة الشباب، وهي الحكومة التي يرأسها الأستاذ محمد باسندوة الذي اعترف بعدم قدرته على التحكم في الوزراء لأنهم مختارون من أحزابهم دون أن يتدخل في التحقق من كفاءاتهم وقدراتهم الإدارية. ووضع مرتبك كهذا يجعل الرئيس هادي يقف وحيدا في فوهة المدفع دون سند من جهاز الدولة، وهو وإن كان قد تمكن من تفكيك المفاصل القديمة في الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة، لكن هذا الفعل لم تتبعه إجراءات مماثلة في الجهاز المدني بسبب الأطماع الحزبية الضيقة، ولم يكن ذلك كافيا لأن المواطن العادي تعنيه معيشته اليومية ومستقبل أبنائه وتوفير الخدمات، وهي قضايا تثبت مرة أخرى أن الحكومة الحالية بتركيبتها العجيبة صارت مركز إرباك للرئاسة لا عونا لها، ومنبعا للقلق لا عاملا للهدوء. الرئيس هادي عنده من الصلاحيات الدستورية أكثر مما تمنحه القرارات الدولية لأنها تجعل ما يقرره مشوبا بالسند الخارجي أكبر من الوطني، وعنده من الدعمين الإقليمي والدولي ما يمكنه من نزع فتيل الأزمات التي تهدد كيان الوطن، والحال القائم يشكل بيئة مثالية للمزيد من الانفلات الأمني والتعدي…
آراء
الأحد ٢٣ مارس ٢٠١٤
صحيح أن موقع المملكة وهويتها العربية الإسلامية يحتمان عليها التعامل مع دول الجوار ومع عدد من دول العالم العربي والإسلامي بطريقة معينة، تغلب عليها أحياناً المجاملة، انطلاقاً من كونها تحتضن قبلة المسلمين. غير أن هناك موقعاً آخر تتمتع به المملكة، كونها المصدَر الأكبر في العالم للطاقة. ليس ذلك فقط، بل وكونها لعقود عدة تتمتع بسياسة نفطية متزنة، تحفظ الاستقرار والثقة للمستهلكين في شتى أقطار المعمورة. يا لها من مهمة صعبة، خصوصاً عندما نضع ذلك في جغرافيا موقع المملكة، وقربها من الصراعات السياسية التي تعيشها منطقتنا لعقود طويلة. لعل هذه السياسة النفطية البارعة، إضافة إلى ثقة العالم باستقرار المملكة داخلياً - بفضل الله - كانتا الركيزتين الأُوليين في ضمّ المملكة إلى قائمة الـ20 عالمياً، ومنحها مقعداً في هذه المنظومة المهمة. عندما نقتنع بهذه المكانة وأهميتها، فإنه يتحتم علينا حقيقة العمل وبشكل أكبر وأكثر تركيزاً وتفصيلاً من خلال هذا المكان، وأقصد بذلك تقوية هذه العلاقات مع تلك الدول، وتفادي الدخول في صراعات «الديكة» التي تحيط بنا. نعم نهتم بما يدور حولنا، ونسعى إلى احتواء الأزمات للحد الذي لا يضر بنا، ولكن مرتبة ذلك لا يجب أن تكون الأولى في سلم أولوياتنا، طالما أن ذلك لن يشكل لنا من الناحية الأمنية خطراً. ولو أن هذه الكيانات التي تشعل الفتن يميناً ويساراً هي من…
آراء
الأحد ٢٣ مارس ٢٠١٤
في إطار حديثي عن فصل الدين عن الدولة، أجد من المناسب تناول قضية المثقف وعلاقته بالمذهب الديني. هذه قضية ذات صلة بالموضوع، إلى جانب أن أحداث المرحلة تفرض هذا التناول. سأتناول هذا الموضوع من زاوية محدودة بأمل التوسع فيها لاحقاً. أنطلق هنا من فرضية أن المثقف يتماهى أحياناً في مواقفه في شكل أو آخر مع انتماءات اجتماعية أو سياسية أو فكرية، تأخذ أحياناً منحاً مذهبياً. في بعض الحالات يحدث هذا بشكل واع ومقصود، وفي حالات أخر يحدث بشكل عفوي غير مقصود، والتماهي في كلا الحالتين ليس بالضرورة، لأن هذا المثقف متدين. لربما لا يكون كذلك، لكنه بموقفه هذا يمثل - كما يمثل المتدينون وغيرهم - صيغة من الصيغ التي يتخذها المثقف بحسب ظروف وإكراهات المرحلة، فكما أن هناك مثقفاً علمانياً وتقليدياً واشتراكياً وليبرالياً، فهناك مثقف مسيحي، وآخر إسلامي، وثالث سني، ورابع شيعي، ...إلى آخره.. سأتحدث هنا عن المثقف الشيعي في الخليج العربي، وبشكل خاص في السعودية، وذلك في إطار الظروف السياسية التي تعتمل في المنطقة بعد ثورات الربيع العربي. بماذا يتميز المثقف الشيعي عن غيره، بما يجعل من موقفه ظاهرة تستحق التأمل؟ أولاً أنه يطالب بحقوقه السياسية وبمساواته مع الآخرين داخل بلده، وهذا حق له تماماً، ويتخذ موقفاً نقدياً أحياناً ما يكون حاداً من الدولة التي ينتمي إليها، وهذا أيضاً…
آراء
السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤
كل الشكر لنادي حائل الأدبي الثقافي ولفرع هيئة حقوق الإنسان بحائل على إقامة ندوة متميزة بعنوان «وطنٌ خالٍ من التمييز» بمناسبة اليوم العربي لحقوق الإنسان. فموضوع الندوة مهم للغاية، واختيار اليوم العربي لحقوق الإنسان هو توقيت موفق. غير أن ما يلفت الاهتمام هو أن تأتي هذه المبادرة الطيبة من هيئة حكومية رسمية هي هيئة حقوق الإنسان وبمشاركة جهة ثقافية هي نادي حائل الممول حكومياً وتطرح موضوعاً بالغ الحساسية وبمثل تلك الصراحة الرقمية التي أظهرها الاستبيان الذي نُشِرتْ نتائجه في الصحافة المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي. وقد جاء في جريدة الوطن أن الاستفتاء الذي أجرته هيئة حقوق الإنسان على 1500 شخص عن التمييز القبلي والمناطقي أن 57 بالمائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم يشعرون بالتمييز العنصري بينما أجاب 19 بالمائة أنهم يشعرون بالتمييز أحياناً. سنفترض أن هذا الاستطلاع الذي أجرته الهيئة قد تم وفق المفاهيم والمعايير الإحصائية العلمية السليمة، وبالتالي فهو يعبر عن الحقيقة وفق درجة معنوية معينة (بالمفهوم الإحصائي) ومقبول - على الأقل - كمؤشر يستفاد منه لدراسة هذه الظاهرة. صحيح الأرقام مقلقة، لكنني لم أتفاجأ بالنتيجة التي أسفر عنها الاستطلاع، فنحن لازلنا بعد حوالي قرن من توحيد البلاد غير قادرين على التخلص من بقايا المناطقية والقبلية. وأنا لا أتحدث هنا عن اهتمام الإنسان بمنطقته أو بقبيلته، فمثل هذا الاهتمام هو أمرٌ…
آراء
السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤
من السهل لوم ضيفنا القادم باراك أوباما على عجزه وقلة حيلته في الشرق الأوسط، وهو يرى العالم المحيط بحلفائه ومخزن العالم النفطي يتداعى، ولكن ماذا عن عجز أهل الدار؟ عجز السعودية وتركيا والأردن وهي ترى حالاً هائلة من اللاإستقرار تحيط بها في العراق وسورية واليمن، والله أعلم ما تحمل الأيام لمصر، السند والثقل العربي... سابقاً. لم تعد القضية انتصار بشار الأسد ونظامه، فبقاؤه حتى الآن وبعد ثلاثة أعوام من الثورة والرفض الشعبي له انتصار، وليست القضية في تغوّل إيران في عالمنا، وهو أمر حاصل وجلي وأصبح مع مرور الوقت مقبولاً أميركياً وعالمياً، وفق نظرية «حكم القوي» و«إنما العاجز من لا يستبد»، والتي تعود إلى السياسة العالمية بانتصار القيصر الروسي الجديد بوتين واحتلاله جزيرة القرم الأوكرانية، وضمها إلى روسيا في أكبر عملية تغيير قسري للحدود الدولية منذ الحرب الثانية. كتبت مقالة قبل عام ونصف العام، دعوت فيها إلى تحرك عسكري سعودي - تركي - أردني في سورية، يفرض الأمر الواقع لمصلحة دول المنطقة الحرة التي تريد الاستقرار. قلت في نهايتها: «إن كلفة حرب أهلية في سورية تستمر بضعة أعوام، أكبر من كلفة تدخل سريع ينهي الأزمة خلال أيام على رغم خطورته»، وها هي الثورة السورية تتحول إلى حرب أهلية، وبدأنا ندفع كلفتها الباهظة، وها هي تدخل عامها الرابع من دون أي…
آراء
السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤
شاهدتُ قبل أيام فيلماً اسمه «سارقة الكتب» يروي قصة فتاة صغيرة تُضطر للعيش في إحدى القرى الألمانية مع رجل وامرأته، تبنّياها إبّان الحرب العالمية الثانية بعد أن تخلّت أمها عنها. يتكون المنزل الذي تعيش فيه من سرداب، وغرفة نوم وغرفة جلوس وطعام، وعِلِّيّة صغيرة في الطابق الأول بها سريرها الصغير. تدخل الفتاة المدرسة ولكنها لا تعرف القراءة، فيبدأ والدها الجديد بتعليمها الحروف الأبجدية ويرسم لها الكلمات على جدران السرداب السوداء، حتى تحولت تلك الجدران المهترئة إلى قاموس للكلمات. ولأن النازيين يمنعون الناس من القراءة، فإن كل كتاب تجده الفتاة يصير ثروة بالنسبة إليها. وصادف أنها عندما أتت إلى العائلة كانت تحمل معها كتاباً عن كيفية دفن الموتى، وبما أنه الكتاب الوحيد الموجود في المنزل، قام الأب بتعليمها القراءة فيه. وفي يوم من الأيام أشعل أفراد الحزب النازي ناراً عظيمة في وسط القرية ودعوا الناس لحرق كتبهم فيها، وعندما خمدت النار، تسللت الطفلة وسرقت كتاباً لم يحترق بعد، فحملتهُ بين يديها وكأنها تحمل الكون بنجومه وكواكبه، واتجهت تعدو إلى البيت. تُصوّر لنا القصة مدى محدودية الأشياء وبساطتها وندرتها في حياة القرية، فالطعام قليل، والمنازل صغيرة، والحريات مقيّدة جداً من الدولة، ومصادر الدخل تكاد تكون معدومة، ولكن، تستطيع سارقة الكتب، والطفل الذي رافقها خلال القصة، أن يجدا السعادة باللعب في الساحات القديمة،…
آراء
السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤
كن مقاوماً أو... مت في 1975 ظهر من يفتي بـ «عزل حزب الكتائب» ردّاً على ارتكاب بضعة كتائبيّين مقتلة بوسطة عين الرمانة. المطالبة بالعزل فُسّرت، تبعاً لتركيبة البلد الطائفيّة، مطالبة بعزل المسيحيّين الذين ما لبثوا أن التفّوا حول حزب لم تكن إلاّ قلّة منهم تواليه. اليوم تغيّرت طباع الأزمنة، فلم يعد الخصم يوصف بحزبه أو بأيديولوجيته المفترضة، بل صار يوصف بطائفته أو، لحجب شبهة الطائفيّة عن الواصف، بمنطقته. في هذا المعنى، وانطلاقاً ممّا شهدته بلدة عرسال البقاعيّة قبل أيّام، ثمّة ميل، على ما يبدو، إلى عزل السنّة. العزل بدأ بحصار ربّما أنهاه دخول القوى الأمنيّة إلاّ أنّ شروط عودته قائمة دوماً، خصوصاً في ظلّ تصاعد اللغة التعبويّة حيال عرسال. تجربة المحاور في طرابلس لا تنمّ إلاّ عن تلك العودة المرجّحة. ومثلما استحقّ المسيحيّون العزل لأنّهم «انعزاليّون»، يستحقّه السنّة اليوم لأنّها «تكفيريّون». بطبيعة الحال لا يقال هذا الكلام بصراحة خارج الغرف المغلقة. ما يقال في العلن، وهو تكرار لما قيل في 1975 – 1976 عن المسيحيّين، أنّ السنّة «إخواننا» وأنّ أكثريّتهم من «الشرفاء». لكنّ ما يجري على خطّ يمتدّ من وادي خالد شمالاً إلى عرسال شرقاً، مروراً بطرابلس وبقع متناثرة من بيروت، يشي بالعزل الذي تنضح به ثقافة استبداديّة متمكّنة. ومثلما أدّى عزل المسيحيّين في حرب السنتين إلى تعزيز القوى الأكثر…
آراء
السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤
أبشركم أن أوباما قرر أن ليس من مصلحته أن يدخل حرباً في سورية، وأن يترك «القاعدة» وأخواتها تحارب حزب الله في سورية حتى يقضي أحدهما على الآخر، وبدلاً من أن تحارب أميركا عدوين، وجدت أن من مصلحتها أن توفر طاقتها، وتقتصر على دعاء شهير لدينا يقول: «اللهم اجعل حيلهم بينهم»، أي اجعلهم يقتتلان بكل طاقتهما، ففي النهاية سينتصر واحد، لكن المنتصر سيخسر نصف قوته وشجاعته وحماقته، وربما تورثه الحرب حكمة أن ينشد السلامة في المواجهات الأخرى. ما يهمني ليس قرار أميركا الذكي، ولا قدرتها اللعب على حبلين، فهي مرة تدخل حرباً - كما في العراق - لتزرع ورد الديموقراطية ومرة - كما في سورية - تحمي مصلحتها الشخصية، وفي كلا الحالتين يموت الشعب. المهم من هذا كله أن هذه الحرب المفيدة لأميركا بين حزب الله و «القاعدة» ليست حرباً صامتة، بل تحتاج دعاية وأيديولوجيا تخدمها وتقنع شبابها وميليشياتها «أن قتلاها في الجنة وقتلى الطرف الآخر في النار». أما الاكتشاف المذهل الذي وصلتُ إليه أخيراً هو أن هذه الحرب هي بين السنة والشيعة، وفي كل بقعة عربية هناك إما أقلية شيعية أو عربية، وربما أدركتم خلال الأعوام الماضية وبعد أن شاهدتم مسلسل الثورات أن الحكام ليسوا هم من ظلموا وقهروا فقط، بل إن الشعوب العربية أشد ظلماً وقهراً، وإن كنتم تظنون…
آراء
السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤
يقول لي صاحبي، أستاذ جامعتي: وبعد هذا السرد الجارف عن تجربتك الطارئة القصيرة في "غزوة اليابان" ما الذي يمكن لك أن تكتبه عن النقيض؟ ما هو الجانب المضيء الجميل الذي تراه في وطنك وبلدك ولم تره أو تشاهده في اليابان؟ قلت له فوراً وبلا تردد.. هما جملتان. الأولى سؤال الحياة لقيمة الإنسان، والآخر، يكمن في الفرصة المشرعة حينما تتوافر لدى الفرد رغبة التغيير وحوافز الطموح. وجواباً عن السؤال سأقول بكل صراحة ووضوح إن حياة الفرد الياباني وطبيعة السباق التنافسي قد حولت هذا الفرد إلى آلة صماء، وهو فيها ليس إلا مسماراً في قلب هذه الآلة. ولكم جميعاً من الخيال أن طوكيو تتصدر مدن الدنيا في حالات الانتحار تبعاً لشعور الفرد بالضياع إذا لم يستطع مقاومة طبيعة التنافسية والمنافسة. الياباني فرد مكبل بالقوانين وضغوط العمل ولهذا لم أجد باليابان أي مظهر للاحتفاء بالحياة ولا شيء من بهجة الحياة الاجتماعية. لم أشاهد في طوكيو، مثلاً، فكرة "المقهى" وصخب الحياة الليلية بعيد الساعة السادسة. أشعر مع المقارنة أن وطني مفعم بالبهجة للإنسان، وأنه أيضاً يعطيه مساحة هائلة من الحرية. وفي جواب الجملة الثانية، أشعر أنه ما زال في وطني مزيد من الفرص وسلالم النجاح لمن أراد بناء حياة كريمة بشرط الإصرار والطموح. شعرت بالحزن الشديد وأنا أناقش أستاذا بجامعة "واسيدا" على طاولة عشاء…