آراء
السبت ٢٢ مارس ٢٠١٤
مازحت القائم بالأعمال للشقيقة تونس في منظمة اليونسكو قائلاً: هل تعتقد أن هناك أمة مثل العرب مولعة بالكلام؟ فابتسم قائلاً إن للصحراء دورها، فالصحراء منفتحة ولا تعيق النظر والعرب أثرت فيهم هذه البيئة، فجعلتهم كثيري الكلام وعاشقين له. وفعلاً امتاز العرب بلغة الشعر وتفوقوا على العالم بحبهم للشعر والتغني بالحبيبة أو بالأمجاد، ويبدو أن ظلال البيئة التقليدية ما زالت ترسم بعض ملامح حياتنا، فنحن نحب الخطب ونحب التكرار ومولعون بالبيانات والخطب الرنانة، وهي أزمة ثقافية كما أراها، لكوننا قد نتكلم دون أن نصاحب الكلام بالفعل، وأحياناً ننسى ما قلناه ونعاود القول، إلى أن فهمنا العالم بأننا أمة عاشقة للكلام، وعرفنا بأننا قد نتكلم دون فعل. في انتكاسة 67 أصيب الشارع بصدمة وخرج الناس يطالبون جمال عبدالناصر بالعدول عن استقالته دون أن نشخص طبيعة الحدث وأسباب النكسة ومضينا في الطريق نعيد الفشل وكأننا نعشقه مثل عشق الحبيبة. وحدثت انتفاضات يضيق المجال عن عدها، وكلها تنتهي، ونمضي نسير في نفس الطريق. وكسر صدام حسين ركائز النظام العربي واحتل دولة عربية وأراد أن يمسحها من الخريطة، وتحرر الكويت، ويبقى النظام العربي الذي أفرز ظاهرة صدام على حاله دون عناء التفكير في تشخيص أمراض هذا النظام. ويأتي «الربيع العربي» بعد ذلك ويخرج الملايين في أكبر دولة عربية ويرفعون شعار الرحيل للرئيس مبارك ويتنحى، وقبل…
آراء
الجمعة ٢١ مارس ٢٠١٤
إن منطقة الخليج تواجه اليوم أكبر تحدٍّ للحفاظ على منظومتها الأمنية، التي ظلت متماسكة طوال فترة الأزمات التي مرت على المنطقة بدءاً بالحرب العراقية- الإيرانية، مروراً بالغزو العراقي للكويت، ووصولاً إلى زمن «الربيع العربي» الذي حوّل البلدان التي تغيرت إلى حالة أخرى انفلت الأمن والاستقرار من خلالها. منذ عقود ينظر البعض إلى هذه المنطقة نظرة فيها الكثير من الحقد والحسد على نعمة الأمن والأمان والاستقرار التي تسود فيها رغم وجود الأزمات من حولها وإن لم تكن لها يد فيها إلا أنها تشكل ضغطاً عليها بصورة أو بأخرى. فعندما بدأ شرر «الربيع العربي» في حرق كل مكتسبات الدول التي اشتعل فيها، كانت بعض الأدبيات تومئ إلى أن منطقة الخليج هي التالية، والذي تبنى هذا الطرح التيارات المتطرفة التي رأت في «الربيع العربي» منقذاً لكل ما تعاني من أزمات في كافة الاتجاهات، فتوهمت بأن أوان امتطاء موجة الديمقراطية والعدالة وغيرها من الشعارات البراقة قد حل بهذا «الربيع» الذي لم نر له اخضراراً ولا تنمية ولا أماناً. في بداية هذا «الربيع» قام بعض أصحاب الفكر الليبرالي بدعمه ظاناً بأن في ذلك خيراً للأمة التي تنتظر التغيير إلى الأفضل منذ عقود الانفراد بالسلطة والإخفاق في التنمية من قبل بعض الأنظمة ولكن بعد برهة من الزمن اكتشفوا أن الذي ركب ظهر هذا «الربيع» تيارات إسلامية…
آراء
الجمعة ٢١ مارس ٢٠١٤
قبل عامين ونيِّف ذهبت إلى تركيا ضمن وفدٍ برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، حيث قابلنا رئيس الوزراء إردوغان، ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو. وكان موضوع الحديث الأوضاع بلبنان بعد قيام الثورة السورية، وإقامة حزب الله حكومة بلبنان برئاسة نجيب ميقاتي صديق بشار الأسد وتركيا. وقد بدأ إردوغان حديثه بالشكوى الساخطة على بشار الأسد الذي وضع فيه آمالا كبارا منذ لقائه الأول به في عام 2004. وعندما انتقل الحديث إلى لبنان أقبل الزعيم التركي على طمأنتنا، راجيا مُهادنة حكومة ميقاتي لأنه في النهاية هو (أي إردوغان) بمعنى ما زعيم السنة في المنطقة، وخامنئي زعيم الشيعة، وسيكون هناك تعاوُنٌ بين الزعيمين لحل المشكلات في سوريا والعراق ولبنان! وما أعجبت المقاربة الطائفية هذه الرئيس السنيورة، فقاطع إردوغان قائلا: «نحن لا ننقسم إلى سنة وشيعة، بل نحن جميعا عرب. والمدخل إلينا لستَ أنت ولا خامنئي، بل السعودية ومصر. وقد كنتَ قبل دقائق تشكو من الأسد وقتْله لشعبه وأنتَ الذي اخترتَهُ مدخلا لعلاقة تركيا الجديدة بالعرب، وهذا دليلٌ آخر يا دولة الرئيس على عدم معرفتك بنا»! إن الوضع اليوم وبعد ثلاث سنواتٍ من الثورة في سوريا أننا نجد أنفسنا أمةً وبلدانا بين ثلاث قوى تستخدم الدين ضدنا: إسرائيل الدولة اليهودية أو دولة اليهود، وإيران دولة الشيعة، وتركيا التي تزعم حكومتها وليس شعبها أنها دولة السنة، وهي…
آراء
الجمعة ٢١ مارس ٢٠١٤
رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أراد إيصال رسالة سهلة للناس بأن المجتمع في حاجة للسلطة ضد الفوضى، فقال إنه من دونها لن يستطيع الناس حماية حتى مؤخراتهم. وكانت تلك العبارة المثيرة كافية لإشغال الناس أسبوعا بأكثر من مليون تعليق ظريف عليها. في السابق، ما كان لرئيس الهيئة أن يتباسط في حديثه، ولا كان بإمكان أحد معرفة ردود فعل الناس على تصريح خارج النص كهذا. اليوم، نحن في عالم تفاعلي، ما نكتبه نسمع صداه لحظيا، لا يهم إن كان الرد منطقيا أو تحرشيا. في السابق، كانت الساحة الإعلامية سهلة التضاريس، وكان التربع عليها أمرا يسهل حسمه، إما بالسيطرة عليها من خلال القرارات، مثل منح أو منع الرخص الطباعية والإذاعية، وإما باستثمارات ضخمة. الآن، التراخيص لم تعد ضرورية للتواصل في الهواء المفتوح، والاستثمارات الفردية الصغيرة قادرة على تكوين نشاط إعلامي يستطيع من خلال التوأمة والتشارك والتدوير احتلال مساحة جيدة في السوق. هل هذه الحالة الجديدة حققت رضا نقاد الوضع القديم؟ ليس تماما، لقد كبرت السوق الإعلامية على الجميع وانشطرت إلى آلاف من الوحدات الجماهيرية. ثم إنه بين المتاجرة والمتعة ضاعت الجماعات الأخرى التي كانت تتمنى كسر الاحتكار الحكومي والتجاري. السعودية، مثلا، من أكثر الدول استهلاكا للهواتف التفاعلية، بل يضعها تقرير الأمم المتحدة كأكثر بلد في العالم نسبة الهواتف الجوالة فيه…
آراء
الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤
عندما تبدأ الدول العظمى بالانكفاء، فإن التاريخ يقول: إن مناطق نفوذها تضربها الفوضى، أو محاولات الإحلال من دول أخرى، ولا يخفى على متابع أن أميركا، ومنذ تولي أوباما، أعلنت تحولا استراتيجيا نحو آسيا والمحيط الهادئ، وردة نحو الداخل، عجلت بتطبيقها الكارثة الاقتصادية الممتدة من 2008 حتى الآن.. وتبنى الديمقراطيون مبدأ تحويل القوة.. أي لا بأس بعالم متعدد الأقطاب، والاكتفاء بالقوة الناعمة في العالم، وتدخل عسكري محدود في حال الضرورة القصوى.. ولأن الشرق الأوسط، أحد أهم مناطق النفوذ الأميركي، وخصوصا الخليج الذي لم يعد نفطه عصب الحياة في أميركا، بل جزء يسير منها، ولأن التاريخ يقول إن الإمبراطوريات العظمى، إذا أحست بزوال نفوذها تحاول أن تنشر الفوضى لكي تصعب السيطرة من البديل، فقد تبنى التحول الأميركي التحالف مع الإخوان المسلمين كوكيل يحكم المنطقة بوجه إسلامي، ويملأ مناطق الانسحاب، ويضمن أمن الحليف (إسرائيل).. وينشر نموذج الدولة الفاشلة، وكان الربيع العربي فرصة مواتية أو مصنوعة لبدء الانكفاء، وتسليم الشرق الأوسط للحليف الجديد الذي فشل فشلاً ذريعا وسقط معه رهان كبير.. فبدلت ورقة الإخوان بإيران والتحالف مع المحور الشيعي (المنضبط) حسب تصريحاتهم، لكن حجر العثرة نحو انكفاء أمن مع فوضى منضبطة هي دول الخليج، خصوصاً السعودية والإمارات؛ ولأن الربيع العربي أورث الفوضى بدرجاتها في كل الدول التي مر عليها.. فقد سقط كنموذج يمكن أن…
آراء
الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤
لولا الثلاثين عاماً الأولى من عمر الخلافة الإسلامية لوُضعت قواعد الحكم في الإسلام في خانة الأفكار العظيمة لكن غير القابلة للتجسّد، مثل أفكار المدينة الفاضلة التي وضعها أفلاطون، لكن بما أن تلك القواعد طُبقت بصورة جيدة في فترة ما ولو كانت قصيرة، فهذا يُبعد عنها شبهة عدم الصلاحية، ولا يضير تلك القواعد أنها طبّقت بعد ذلك لقرون طويلة بشكل مشوّه وبانتقائية أفرغتها من معناها. وكل النظريات العظيمة والأفكار الخيّرة والمبادئ السامية ما لم تجسّد على الأرض وتعطي البرهان العملي على إمكانية تحققها، فإنها تذهب فوراً إلى خانة الأوهام والمثاليات والطوبائيات، فحين نقول إن من يزرع خيراً يحصد خيراً، ثم لا نجد شخصاً واحداً زرع خيراً ووجد خيراً، فإن قولنا ذلك يصبح مجرد كلام جميل لكن لا قيمة له. وحين نؤمن بالإنسان العربي، وعقله، ومواهبه، وإرادته، وقدراته، وطاقاته، واختياراته، وإدارته، وتخطيطه.. ونؤمن باختصار بأن العربي لا يقل شأناً عن غيره، وبأنه قادر على منافسته والتفوّق عليه، ثم ننظر يميناً وشمالًا فلا نرى إلا طائرات عربية تُلقي بالبراميل على رؤوس العرب، ولا نرى سوى عرب يجزّون رؤوس عرب آخرين ويقطعون أوصالهم، ولا نرى إلا قتلى إثر احتجاجات قاموا بها على تبرئة متهمين في قتل أشخاص آخرين، ولا نرى سوى تفجير في سوق شعبي، ثم نرى تفجيراً أمام باب الطوارئ في أقرب مستشفى…
آراء
الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤
حينما كان شاباً «كان يلبس أبهى الثياب وأغلاها، ويضمّخ نفسه بأبهج عطور دنياه، حتى إنه ليعبر طريقاً ما، فيعلم الناس أنه عبره، وكان يتأنق في كل شيء، حتى المشية التي انفرد بها وشغف الشباب بمحاكاتها، وعرفت لفرط أناقتها واختيالها بـ«المشية العمرية». وفجأة حدث التغيير «كان يقسم تفاحاً أفاءه الله على المسلمين، فتناول ابن له صغير تفاحة، فأخذها من فمه، وأوجع فمه فبكى الطفل الصغير، وذهب لأمه فاطمة، فأرسلت من اشترى له تفاحاً. وعاد إلى البيت وما عاد معه بتفاحة واحدة، فقال لفاطمة: في البيت تفاح؟ إني أَشُمُ الرائحة، قالت: لا، وقصّت عليه القصة ــ قصة ابنه ــ فَذَرفت عيناه الدموع، وقال: والله لقد انتزعتها من فم ابني وكأنما أنتزعها من قلبي، لكني كرهتُ أن أضيع نفسي بتفاحة من فيْء المسلمين قبل أن يُقَسَّم الفَيءُ». في تجربة ثانية لي، وقبل أسابيع تم تكليفي بتدريس دورة الطلبة الجامعيين مادة «جودة الأداء الشرطي» في أكاديمية شرطة دبي، وبناءً على نصيحة صديقي د.علي سباع بأن تكون البداية مع «الطموح»، لأنّ تطبيق الجودة والتميز يتطلب طموحاً لا حدود له حيثما طُبّقَ ومتى طُبّق. وبينما أنا أقول «بسم الله» استعداداً لعرض المحاضرة، كنت أُسائلُ نفسي: من أين أبدأ؟ هل أبدأ من مقولات وخبرات رواد التنمية والقيادة الغربيين؟! ولكن ومن حيث أدري ولا أدري عادت بي الذاكرة…
آراء
الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤
يطالب بعض أعضاء مجلس الشورى بتفعيل الدور الرقابي على الأداء الحكومي، وتأتي هذه المطالبة بسبب ضعف الأداء الرقابي بشكل عام في المجلس، وذلك لتقرير مبدأ إبراء الذمة الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، على أنهم سيكونون مسئولين عن الإخفاق الحكومي وتعثر المشاريع، في ظل الصرف الحكومي الهائل في التنمية، ويكمن في مبدأ إبراء الذمة أهم خطوات الإصلاح في العمل السياسي، لكنه ينتظر الخطوة الأهم في تفعيل ذلك الدور الرقابي. تنطوي فلسفة الرقابة على التحقق عمَّا إذا كان كل شيء يَحدث طبقاً للخطة الموضوعة من قبل الجهات التشريعية، وتطبيقاً للتعليمات الصادرة من الجهات العليا، وانسجاماً مع المبادئ المحددة، والتي من أهم أغراضها ومهامها الإشارة إلى نقاط الضعف والأخطاء التي تقع فيها الجهات التنفيذية، بغرض معالجتها، ومنع تكرار حدوثها، وفي نفس الوقت تكون بمثابة المرآة لمبدأ المحاسبة للمخالفين للتعليمات، وهو مبدأ سام، وتأخرت كثيراً تطبيقاته في التاريخ الاجتماعي السياسي عند المسلمين. تعود فلسفة الرقابة في الغرب إلى إرث قديم في التاريخ الأوروبي، وبالتحديد إلى الحقبة الرومانية قبل الميلاد فيما يُعرف بمجلس الشيوخ، وقد كانت السلطة التشريعية والرقابية العليا في الجمهورية الرومانية التي نشأت عام 509 ق.م واستمرت حتى عند تحول روما إلى إمبراطورية علم 27 ق.م، بينما لم يعرف العرب قبل الإسلام نظام الدولة التي تحكم الأرض والبشر، وكانوا يتصرفون في…
آراء
الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤
(وما أكثرَ الإخوانَ حين تعدُّهم*** ولكنَّهم في النائبات قليلُ). قيل وما النائبات؟ ولماذا لا يكونون «نائبين»، فأطرق برأسه برهة وهو يتمعن في العقول التي تخاطبه، وقال: «الله يخلف علينا». و«الإخوان» - وبعيداً عن النائبات والنائبين وأنواع الاختلاط - هنا شقان، فمن جهة هناك إخوة لنا نعتز بهم، وتربطنا بهم صلات الدم والدين والدنيا، وهناك «الإخوان» المتأزمون أو المسلمون. سمُّوهم ما شئتم، فلدينا في المحصلة نوعان من الإخوان، الأول: سنتحدث عنه الآن، وهم بعض من تناولوني شتماً وقدحاً إثر مقالتي السابقة: «عمان وديموقراطية قطر»، وكنتُ إلى ما قبل المقالة أعتقد بأن الصمت صفة عُمانية إلى درجة دفعت مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» إلى التساؤل غير مرة: أين العُمانيون من هذه المنصة؟ لماذا لا يطرحون قضاياهم ويناقشونها؟ بيد أنني اكتشفتُ أن الصمت الذي كنا نتوقعه يقتصر على الحكومة وفي القضايا المصيرية فقط. أما الشعب فلديه القدرة على الكلام. الآن وبغض النظر عن ماهية ذلك الكلام الذي يطلقونه فإنهم يشاركون ويناقشون ويتقنون كيل الشتائم، إذاً هم - يا للمفارقة - مثلنا، لكن السؤال: أين كانوا قبل ذلك الوقت؟ العُمانيون الذين يخرجون اليوم ليقدموا لنا دروساً في السياسة - مستشهدين بسياسة حكومتهم ويدافعون وينافحون عنها - هم أبرز المغيبين عن المشهد السياسي العربي والإقليمي، وهم يعلمون قبل غيرهم أن حكومتهم في واقع الأمر…
آراء
الخميس ٢٠ مارس ٢٠١٤
القبض على موظف هيئة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر في سهرة فرفشة هو مثل القبض على موظف مرور يقطع الإشارة، أو موظف أمن يسطو، أو موظف جمارك يهرب، أو محاسب يختلس، أو حتى مواطن يخون، هو فعل يخص صاحبه ولا يتعداه للجهة التي ينتمي إليها، إذن نحن هنا أمام موظف لا إدارة، والخطأ يخص ولا يعم! أما جهاز الهيئة عندما يتبرأ من فعل هذا الموظف، ويقول بأنه موظف إداري لا يمثل رجال الهيئة الذين يحرصون على أن يكونوا قدوة لمجتمعهم ــ كما نشرته عكاظ أمس، فإنه يمارس نرجسية زائفة ليس بحاجة لممارستها، فلا أحد يؤمن حقا بأن جهاز الهيئة منزه عن الأخطاء، أو أن رجاله من طينة المعصومين من الزلل، فهو جهاز حكومي شأنه شأن كل جهاز يضم كوادر بشرية ومعاملات إدارية ووجود المقصرين ووقوع الأخطاء وارد، بل هو الطبيعي في عالم البشر! اللافت في الخبر ليس وجود موظف ينتمي للهيئة، بل وجود أم مع بناتها ضمن السهرة الصاخبة، فما الذي يدفع أما لتقديم بناتها لقطيع الذئاب بدلا من أن تحيطهن بروحها وجسدها لتحميهن من الأنياب الحادة التي تريد نهشهن؟! إذا استطعتم تفسير تصرف الأم، ستجدون أن تفسير تصرف موظف الهيئة أسهل!. المصدر: عكاظ
آراء
الأربعاء ١٩ مارس ٢٠١٤
في سبتمبر من العام 2004، أسقط البرلمان التركي الذي كانت تهيمن عليه غالبية من حزب العدالة والتنمية مسودة قانون يجرم الزنا. وفي مطلعالشهر الماضي، اجاز البرلمان الذي تهيمهن عليه نفس الغالبية قانونا لتشديد الرقابة على الانترنت وصف بأنه هجوم على حرية التعبير في تركيا.بين هذين الحدثين 11 عاماً لتجربة فريدة لحزب اسلامي في الحكم، لكن في هذه السنوات الطويلة ما يستدعي القلق ايضاً. في العام 2004، كان قد مضى أقل من عام على تولي رجب طيب اردوغان منصب رئيس الوزراء، وكان الوقت هو وقت تأهيل تركيا لشروط العضوية في الاتحادالاوروبي وكان صرف النظر عن قانون تجريم الزنا مجرد خطوة صغيرة في جهود حثيثة حولت تركيا الى ورشة كبرى لتأهليها لمقاييس عضوية الاتحادالاوروبي. لقد كان اسقاط ذلك القانون، خطوة خلبت الباب الغرب في وقت كان كل ما يمت لمفردة "اسلامي" بصلة يقابل بشكوك عميقة. لكن في العالمالعربي، لم تكن تلك الخطوة مقبولة او مبررة لحزب اسلامي لأن الاخلاق هي حجر الزاوية في خطاب الأحزاب والجماعات الاسلامية في البلدان العربية، حتىالآن على الأقل. سيكون من قبيل المبالغة وصف تلك الخطوة في 2004 على انها لمسة ليبرالية تشربها الاسلاميون الاتراك، بل هي اقرب لخطوة تنم عن ذكاء عملي. لكن لميمض عام واحد الا وظهر مصطلح جديد لوصف التغييرات التي قادها أردوغان وحزبه حيث…
آراء
الأربعاء ١٩ مارس ٢٠١٤
تُعد المملكة العربية السعودية، لأكثر مِن نصف قرن، مأوى لـ«الإخوان المسلمين»، ولولاها ما نجوا من ضربة مصر الناصرية لهم. لذا فإن اعتبارهم، أسوة ببقية الجماعات الإسلامية، جماعة إرهابية، كان قراراً مفاجئاً لهم، ومن يطلع على خفوت لهجة ردهم يشعر أن لديهم أمل بالتراجع عنه. فبعد هذا التاريخ من الصِّلات قد يحصل اختلاف ينتهي باللوم أو القطيعة، ولا يصل إلى اعتبارهم جماعة إرهابية. بدأت الصلة بُعيد تأسيسهم (مارس 1928)، فعقب التأسيس بشهور وصل موفد من السعودية يطلب مدرسين، وجاءت رسالة إلى حسن البنا (اغتيل 1949): «نرجو التفضل بالحضور يوم الخميس المقبل، الساعة 7 مساءً بإدارة الجريدة، وذلك لمقابلة حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حافظ وهبة مستشار جلالة الملك ابن سعود، للاتفاق معه على السفر وشروط الخدمة في المعهد السعودي بمكة» (البنا، مذكرات الدعوة والداعية). بيد أن البنا أراد العمل السياسي فاشترط: «ألا أُعتبر موظفاً، يتلقى مجرد تعليمات لتنفيذها، بل صاحب فكرة يعمل على أن تجد مجالها الصالح في دولة ناشئة هي أمل من آمال الإسلام والمسلمين..» (المصدر نفسه). يُفهم من هذا أن البنا أراد له ما كان لمحمد بن عبدالوهاب (ت 1792) في الدولة السعودية الأولى! وحسب البنا نفسه فإن وزارة المعارف المصرية رفضت الانتداب، وكان الشرط كما جاء على لسان وهبة (ت 1967) موافقة المعارف. فانتهت تلك الفرصة، ولا نعلم…