آراء

آراء

فعل الخادم بالسيد

الإثنين ١٧ مارس ٢٠١٤

عندنا مثل محلي عن خادمين يقول أحدهما للآخر: يا سعيد، عمي ذبحني بالمكدة، ودي أذبحه وأتخلص منه. يرد الخادم الآخر: إذبح عمك بالودك (أي الشحم والسمن). المعنى المحتوى في المثل هو أنك تستطيع القضاء على عدوك بتوفير الترف الغذائي له، لأن العنصر الإجرامي في ذلك لا يمكن اكتشافه. أيام الأبيض والأسود ، ربما قبل أربعين سنة شاهدت فلما إنجليزيا، نقلا عن عمل قصصي أدبي شهير بعنوان: الخادم (The Servant). تبدأ القصة في قصر ثري إنجليزي لم يهتم بتربية ابنه الوحيد جيدا، وتركه يغوص في ملذات اللهو، يسهر ويشرب ويرقص ثم ينام حتى تغرب الشمس، ليصحو من أجل ليل جديد. المشرف على شؤون القصر التنظيمية والتموينية كان أجيرا شابا (يسمى Butler في الفلم)، تسلم المهمة بعد وفاة والده الذي كان يقوم بنفس العمل في القصر من قبل. كان المستخدم شابا قويا وذكيا، لا يتفوه بكلمة حتى يسأل، وإن تكلم اختصر، ينفذ الطلبات بإتقان وصمت ودون تدخل أو تذمر. الوالد الثري يريد حياة مريحة مرتبة ومنظمة، له ضيوفه الأثرياء وناديه وهواياته، والابن اللعوب له صاحباته وأصحابه وسهراتهم الصاخبة ونمطه المعيشي في الليل والنوم في النهار. لم يكن الفلم يظهر أي مؤشرات لفظية أو تلميحية تدل على انزعاج الخادم أو رضاه عن أي شيء.. إلا بطريقتين، إما بزم الشفتين ورفع الحاجبين إلى الأعلى…

آراء

إلغاء معرض الكتاب!

الإثنين ١٧ مارس ٢٠١٤

عندما تراقب أحاديث الناس في الرياض الأسبوع الماضي ستكتشف ظاهرة اسمها "الذهاب إلى معرض الكتاب لأجل الذهاب إلى معرض الكتاب" وليس لشراء الكتب أو الاطلاع على جديد الكتب كما قد يتخيل شخص ما وهو يرى الحشود المجتمعة هناك. معرض الكتاب في الرياض تحول إلى حالة من الحراك الثقافي والفكري، هناك كتب تعلن عن التحدي الفكري والمعلوماتي مستغلة الوضع الاستثنائي لما يسمح ببيعه في المعرض، ومشاهير الشباب والثقافة يتجولون ويوقعون الكتب ويلتقون بمحبيهم، ونظرات الصراع الكامن بين الفئة الغاضبة من الحرية الواسعة في المعرض، والفئة الغاضبة من تدخل هؤلاء وما يمكن أن يقدموا عليه، بناء على ما حصل في أعوام سابقة. أن تحضر لمعرض الكتاب هو أن تكون جزءا من هذا كله، وألا تحضر معناها على الأقل أنك إنسان عادي بعيد عن الحراك الاجتماعي، ولا تستحق الاقتراب من الثقافة وورقها. بالمقابل، من النادر أن تقرأ على الشبكات الاجتماعية أو تسمع بين أحاديث الناس تقييما لجديد الكتب وما تقدمه من فكر. باستثناء النقد الواسع لكثرة الكتب التي تجمع ما يقال عن تويتر، فإن الباقي مجرد عبارات عابرة، وكأن أحدا لا يريد أن يتجاوز عنوان الكتاب القوي الصارخ إلى ما فيه، تماما كما تعودنا أن نقرأ عبارة تويتر القصيرة المثيرة دون أن نحاول التعمق لما بعدها. نحن عموما صرنا نعيش في حالة عشق…

آراء

بعد سقوط يبرود لنتذكر الكويت!

الإثنين ١٧ مارس ٢٠١٤

بحسرة، اعترف أحد المقاتلين السوريين أنهم خسروا معركة يبرود بعد أسابيع من القتال، قال «لم يكن أمامنا، وبأسلحتنا البسيطة، أن نصمد أكثر مما فعلنا، فآلاف من قوات الأسد وحزب الله المجهزة كانت أكبر من قدرتنا». يبرود ربما ليست معركة حاسمة، كما أن القصير لم تكن قاصمة، لكنها مؤشر خطير على اتجاه رياح الحرب. لقد أشغلت «داعش» و«جبهة النصرة» قوات الجيش الحر المعارض، وجرّتها إلى معارك جانبية، في حين وحّد الإيرانيون القوى التي تحت إدارتهم للزحف على المدن، واحدة بعد أخرى. ومهم أن نضع الأمور في نصابها. سقوط يبرود علامة خطر يجب أن تضيء الأنوار الحمراء في مراكز القرار العربية، لأنها تعبر عن نجاح إيران التي تقود الحرب في سوريا. فهي لا ترسل السلاح فحسب، بل تمد النظام بالمقاتلين بعد تجنيدهم من كل مكان، بما في ذلك باكستان والعراق، إضافة إلى الآلاف من حزب الله اللبناني. علينا ألا ننظر إلى حرب سوريا على أنها مجرد مواجهة أخرى في المنطقة، بل هي الحرب الإقليمية الفاصلة، لهذا يستميت الإيرانيون من أجل أن يكسبوها. إذا كسبوا سوريا، يعني أنهم سيطروا عمليا على الشمال العربي، سوريا والعراق ولبنان، ويكون سهلا عليهم تعزيز جبهات مكملة، في اليمن والصومال، إضافة إلى أن نظام البشير في السودان لم يتوقف قط عن خدمة العمل العسكري الإيراني. أما عواقب هذا…

آراء

المسوِّقون للأفكار المضللة

الإثنين ١٧ مارس ٢٠١٤

على مدى العقود الماضية سيطرت الأفكار المضللة على عقول الكثير من شبابنا وبناتنا، وشكلت بيئة مضطربة انشغلت في جدال غير ممنهج اعتمدت على النقل الضعيف وغير المسند، ووجهت بفكرها بعض المجتمعات إلى مجتمع متفرغ لمناقشة قضايا لا قيمة علمية لها ولا تنموية، ومن ثم انقسم المجتمع إلى تحزبات فكرية متشددة ما بين مؤيد ومعارض ولم يصل إلى هذا الحد فحسب، بل إنه بدأ ينعكس سلباً على حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، وبدأ نفوذ هؤلاء على مؤسسات ومرافق الدولة، وبدا واضحاً أنك - إن لم تكن صاحب هذا أو ذاك وموافقاً على أفكاره وآرائه، وإن لم تكن منهم - لن تجد وظيفة أو عملاً، وستتعطل كل أعمالك، وتبقى في صراع مع بقية التجمعات والأفكار والآراء. وفي كثير من الأحيان كانت الخلافات تصل إلى داخل الأسرة بضرورة أن تسلِّم بمبدأ الانتماء الفكري. هذا الأمر الذي شكّله أفراد أو نقله أشخاص كان هدفهم ليس فقط تبني رؤية أحادية إنما هو فرض فكر محدد، وحوّلوها من أفكار خاصة إلى أفكار يجب أن تعمم عنوةً على الآخرين، لهذا تحول هؤلاء المروِّجون إلى ساحة الحرب وإقصاء الآخر من أجل تقديم أجندتهم. على مدى أكثر من 70 عاماً هناك محاولات، إما بفرض أجندات وأفكار لبعض الأحزاب والجماعات الخارجية ومحاولة إدخالها إما عن طريق أشخاص مؤثرين أو من خلال…

آراء

القلعة الحصينة وخطر المذهبية

الإثنين ١٧ مارس ٢٠١٤

قبل الخوض في غمار هذا الموضوع أدعو القارئ ولكي نتلمس معه خطورة هذا الأمر أن يرسم في مخيلته قلعة يحيطها جدار حصين شاهق الارتفاع. يحوُلُ هذا الجدار دون أن تتعرض هذه القلعة ومن فيها إلى أي غزو خارجي أياً كانت صورته. الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو نبينا وقدوتنا. رسولنا الذي نلتمس من نهجه أسلوب حياتنا. فلا يقتصر الأمر على العبادات وإنما يسير ليطال كذلك المعاملات والقيادة وغيرها. وحدة الوطن وضمان سلامته من الأهداف السامية لدى الشعوب وقياداتها. ويأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ليقدم لنا درساً وبراعة قيادة في حفظ الوطن وسلامته. ففي المدينة المنورة عقد صلى الله عليه وسلم اتفاقاً مع اليهود وفق قاعدتين هما: 1- القاعدة الأولى: الآية القرآنية (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ). سورة الكافرون الآية (5)، والآية القرآنية الأخرى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). صدق الله العظيم سورة الممتحنة الآية (8). 2- القاعدة الثانية: الحفاظ على الوطن وسلامته. فجاءت المعاهدات مبنية على تحقيق أمن الوطن وحمايته. واستمر الحال كما هو عليه حتى غدر يهود المدينة ونقضوا عهدهم. فأصبح لزاماً اتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على أمن الوطن وسلامته. وبذلك يلاحظ القارئ الكريم أن ما قام به الرسول صلى…

آراء

هل استنزاف النفط من أهداف المجتمع الدولي؟

الأحد ١٦ مارس ٢٠١٤

لفت نظري وأثار حفيظتي مقطع من جملة وردت ضمن مقال لأحد الكتاب المهتمين بشؤون مصادر الطاقة، كان قد نُشِر أخيرا في إحدى صحفنا المحلية. وربما أنني الوحيد أو من القِلة الذين لديهم حساسية مفرطة عند سماع الحث على ما يشبه الإسراف في استهلاك مصادر الطاقة النفطية القابلة للنضوب، وخصوصًا تلك التي تتميز بتدني تكلفة إنتاجها. وكان الكاتب الفاضل يتحدث عن موضوع مُجمَل الطلب على النفط وارتباطه بمستقبل الأسعار. فأورد الجملة الآتية: "كان نمو الطلب على النفط في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مُخيبًا للآمال على مدى الربع الرابع بالكامل"! وأظن أنه يقصد آمال المنتجين. وهذا يعني بالقول الصريح أنه يجب على المجتمع الدولي بذل أقصى مجهود ممكن من أجل وبهدف استهلاك أكبر كمية ممكنة من النفط. وكأن البشر يستخرجون المواد النفطية من البحار والمحيطات التي لا تنفد، وليس من مكامن محدودة الحجم تقبع في أعماق الأرض، ولا نكتشف وجودها إلا بشق الأنفس وبذل الغالي والرخيص. وهناك حقيقة لا بدَّ من التمعُّن في مضمونها، فبما أن النفط مادة استهلاكية ناضبة، فمن الطبيعي أن يكون كثيره قليلا؛ أي أنه مهما بلغ مقدار الاحتياطي النفطي، فإن مآله إلى الزوال. وليس من الحكمة أن نحاول بشتى السبل المتاحة، إعلاميًّا وماديًّا ومعنويًّا، أن نعمل على تضخيم المخزونات النفطية التي لا تزال لم…

آراء

من لجنة الأقاليم إلى لجنة صياغة الدستور.. ماذا بعد؟

الأحد ١٦ مارس ٢٠١٤

كان من أهم مبادئ مؤتمر الحوار الوطني عند انطلاق أعماله، الشفافية كي يتعرف المواطنون على طبيعة ما يجري في قاعات فندق «الموفينبيك» الذي احتضن المشاركين الـ565 لما يقارب العام، وبمرور الوقت تحولت اللقاءات في نظر غالبية المواطنين إلى ما يشبه المتاهات والأحجية، ورأينا جولات من المزايدات والمبالغات بين المشاركين غير المنتمين وعديمي التجربة في العمل السياسي، وتمكنت القوى ذات الخبرة والباع الطويلين من امتصاص حماسة هؤلاء وحولتهم مع مرور الوقت إلى متابعين منضبطين ينتظرون التوجيهات وكذلك البدل النقدي المجزي الذي استنزف مبالغ باهظة ظهرت علاماتها سريعا على البعض، وفطن كثيرون إلى أن ما يجري في قاعات المنتجع لا علاقة له بما يدور خارجه من مفاوضات ومساومات وإغواء وإغراء، وكانت عصا السيد جمال بن عمر، التي يلوح بها، وما زال، مرفوعة على كل من يعترض طريقه أو يوجه انتقادا لأسلوبه في التعامل، وشكلت عاملا حاسما في التوصل إلى مقررات الخاتمة التي لا علاقة لها بما يجري عمليا على الأرض بين القوى القادرة على الحصول على ما تريده بعيدا عن الصياغات المبهمة والنصوص المتناقضة والبيانات المملوءة بالألغاز. قبل أيام قليلة تشكلت لجنة جديدة صارت تعرف بلجنة الـ17 لصياغة الدستور الجديد وضمت في صفوفها عددا من القانونيين المتميزين على المستوى اليمني وخلت من فقهاء دستوريين، وإن كان بين صفوفها من عرف بمهارتهم في…

آراء

سورية: الحرب الأهلية مرحلة في تاريخ الثورة

الأحد ١٦ مارس ٢٠١٤

اكتملت أمس ثلاثة أعوام على انطلاق الثورة السورية. مرت هذه الثورة بتحولات ومنعرجات ونجاحات وانكسارات عدة، وفي كل ذلك كان الشعب السوري هو الذي يدفع أثماناً، ويتحمل آلام ما يحصل. تبلورت على مدى هذه الأعوام الثلاثة صورة الشعب في مقابل النظام. ليس في هذا شيء جديد إلا أمر واحد، وهو أن هذا التقابل لم يتعمد من قبل بمثل هذا الكم الهائل من الدماء والآلام والدمار. أراد النظام بدمويته المعروفة أن يضع الشعب أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الدم، أو الخضوع لإرادته. كيف يمكن أن تكون النتيجة النهائية لمعركة يتقابل فيها الشعب مع النظام على هذا النحو؟ سيقول بعضهم إن التنظيمات الإرهابية المنخرطة لا تمثل الشعب. وهذا صحيح، لكن النظام هو الذي أدخل هذه التنظيمات في المعركة ابتداء. كان بإمكانه أن يختار طريق الحوار والاحتواء، لكن تاريخه وطبيعته وتحالفاته الطائفية لم تسمح له بذلك، لا من قبل ولا من بعد. قيل أيضاً إن الثورة أخطأت عندما انجرت إلى معركة كان يريدها النظام. وهذا ليس صحيحاً، وليس دقيقاً. يشبه النظام السوري بتركيبته وأهدافه النظام الإسرائيلي. تغتصب أقلية طائفية الحكم وسط غالبية ساحقة، فتتحصن داخل عقلية «الماسادا»، وهي عقلية لا تعرف ولا تعترف بشيء اسمه الحق أو الشرعية أو الحوار. لا تعرف ولا تطمئن إلا لتصفية المعارض، أو الانتحار إذا فشلت في…

آراء

السلم والمصالحة في المجتمعات الإسلامية

الأحد ١٦ مارس ٢٠١٤

برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، انعقد يوما 9 و10 مارس (2014) بأبوظبي منتدى لتعزيز التضامن في مجتمعات المسلمين. وقد ترأس لجنته العلمية الشيخ عبدالله بن بيه العالِم المعروف، وحضره زُهاء مائتين وخمسين عالماً وأستاذاً ورجل فكر، وكان من ضمنهم شيخ الأزهر، ورئيس جامعة القرويين، ورئيس جامعة الزيتونة، ورئيس رابطة علماء المغرب، ومفتي مصر، ووزير الأوقاف فيها، إضافة لوزراء أوقاف آخرين من الدول العربية، وعلماء ومسؤولين مسلمين من دول آسيا وأفريقيا. لقد كانت لهذا الاجتماع قدرات تمثيلية بارزة، بالنظر للهدف أو المقصد الذي يسعى إليه، وهو مكافحة العنف باسم الدين في المجتمعات والدول الإسلامية. لقد تنوعت الآراء في أسباب ظواهر العنف ومآلاته، لكنّ الباحثين عملوا تحت مظلة أربعة محاور: القيم الإنسانية والعيش المشترك، وتصحيح المفاهيم، وإشكاليات الفتوى في زمن الفتن، وإسهام الإسلام في السلم العالمي. وهكذا فهناك ملفّان نقديان، وملفان إيجابيان أو فيهما مبادرة إذا صح التعبير. الملفان النقديان هما: إشكاليات الفتوى، وتصحيح المفاهيم. وقد سمّى صاحب الخطة العلمية للمؤتمر الموضوع الأول: الفتوى في زمن الفتن. وقصد بذلك إلى أن الفتوى التي تُعنى بالمستجدات، وتحلُّ الإشكاليات لا ينبغي أن تتحول إلى دعوى تفرقة ونزاع بين المسلمين، بيد أن الأمر تجاوز ذلك، إلى ما هو أخطَر. بمعنى أنّ الأخطار في الفتاوى ما كانت…

آراء

الحرية في توحيد التعبد لله

السبت ١٥ مارس ٢٠١٤

سألني أستاذ الفلسفة في احدى الجامعات الامريكية: اين كان المسلمون علميا قبل ألف عام وأين صاروا اليوم وأين كانت أوروبا وأين صارت؟ ولم توقف انتشار الإسلام وأصبحت النصرانية أعظم انتشارا وأكثر أتباعا؟ قلت له: تنحرف الأديان عن أصولها فتفسد دين الناس ودنياهم، اذا ما تدخل رجال الدين بين العباد وبين ربهم. وهذا هو جوهر الفرق بين النصرانية والإسلام، الذي به تقدم المسلمون ابتداء وبه تخلفوا انتهاء. فاحتكارية العلاقة بين الله والعباد من خلال رجال الدين متمركزة في الكنيسة عند النصارى. فعندما أبعدت أوروبا الكنيسة عن التدخل في حياتها العامة، انطلقت في عالم الفكر والعلم. ووجد كثير من الناس في النصرانية اليوم خلاصا من تسلط رجل الدين على حياتهم العامة، فأصبحت هي الأكثر انتشارا بين الأديان. وأما الإسلام فقد قام على أساس مفهوم الحرية ومن اهم عوامل الحرية تجريد التوحيد في علاقة العبد بربه، ولذا لم يكن لرجل الدين بمفهومه اليوم وجود في القرون الإسلامية الأولى. وقد نتج عن هذه الحرية الانسانية، أن تحفزت عقول المسلمين في التفكير في أغوار علوم ملكوت السموات والأرض فتقدمت النهضة العلمية بقفزات ضوئية نسبة إلى ما كان عليه العرب من الجهل والأمية. وقد كان ظهور المتكلمين من المعتزلة والفلاسفة نتيجة طبيعية لانطلاق الفكر في المجتمع الإسلامي. وهو فكر جيد وله فوائد، إلا أنه عقيم المنفعة…

آراء

عودة إلى جهيمان

السبت ١٥ مارس ٢٠١٤

ما زالت حكاية جهيمان وحادثة احتلال الحرم كذروة وخاتمة لها، حاضرتين وبقوة في جل التحليلات التي تناولت التغيرات التي مرت بها الثقافة السعودية، ولاسيما الحركات الإسلامية، سواء أكانت تلك التحليلات لمراقبين أجانب وعرب أم في الكتابات المحلية التي غالباً ما ابتسرت سرد الحكاية - بسبب ندرة المصادر- وبالغت في التحليل، على رغم قلة المعطيات، فوقعت في الكثير من الخلط والخطأ. أكثر مغالطة ربما في موضوع جهيمان هو المبالغة في آثارها في المجتمع السعودي. فهي - على أهميتها - جاءت في سياق تحولات ضخمة إقليمية وعالمية، يجعل اعتبارها نقطة محورية في تاريخ المملكة بشكل منفرد أمراً بحاجة إلى مراجعة. فلا يمكن الحديث عن تأثير لاحتلال الحرم كحدث مجرد من سياقاته، فقد توازت لحظة جهيمان مع حدثين هائلين، الأول: الثورة الإسلامية في إيران، كأول ثورة دينية إسلامية بهذه الصيغة في التاريخ المعاصر التي صعّدت اللغة الطائفية في المنطقة. الثاني: احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان الذي خلق جيلاً جديداً من المقاتلين السلفيين. هذان الحدثان سيؤثران في السعودية لاحقاً أضعاف ما أثرت فيه حادثة احتلال الحرم. كشفت حادثة احتلال الحرم في 1-1-1400هـ عن ممكنات التطرف والتشدد، حيث تتضاءل المحرمات والممنوعات عندما تُعتنَق فكرةٌ ما بصورة عميقة، في مجتمع كان آنذاك حديث عهد بالتنمية، التي بدأت قبل أقل من عقد من ذلك التاريخ. وفي الوقت ذاته…

آراء

ثمانون نجمة في سماء جازان.. شكرا “عادلة”

السبت ١٥ مارس ٢٠١٤

مساء غد الأحد، ستحتفل درة الجامعات السعودية، جامعة جازان، بقطاف الثمرة الأولى لأكثر من ثمانين طالبة في كليتي الطب والصيدلة من بناتنا في خريجات الدفعة الأولى في هذه التخصصات النوعية. نعم.. سيكون عتبي على الرقم الذي كان يفترض أن يكون بالضعف، عطفاً على ما أراه في وطني من الإمكانيات والموارد ولكن: لكم أن تعلموا أن جامعة جازان كانت أول جامعة سعودية تبدأ برامج التعاون الدولي المشترك، ولكم أن تعلموا أيضاً أن كل فتاة سعودية من خريجات الدفعة الأولى كان لها الخيار في الذهاب للدراسة والتدريب الطبي في أرقى جامعات الكون لفترات من برنامج تأهيلها الدراسي. كانت جامعة جازان أول جامعة ناشئة تفتح كل برامجها الدراسية للجنسين عند اليوم لإقرار أي قسم أو برنامج أكاديمي دراسي دون أولوية أو تمييز. مساء غد ستكون، أو ستعود الأميرة، عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز، إلى ذات الحقل الزراعي الإنساني الذي وقفت معه منذ اليوم الأول. إذ قبل ما يقرب من ست سنوات راهنت "عادلة" على البذرة وظلت لأسبوع كامل تداوم في القاعات والمعامل في جامعة جازان وتنتظم مع أخواتها وبناتها في جداولهن الدراسية. وقد لا يعرف الكثير مع زحمة الأخبار أنها كانت "الأم الروحي" لكل مناشط الجامعة النسائية، وأنها نفسها من قال في اليوم لدراسة هؤلاء البنات: إن طبيبة واحدة من جازان أو الجوف…