آراء
الأحد ٠٩ فبراير ٢٠١٤
تعرّفتُ على شاب يمني أثناء توصيله ثلاجة إلى منزلي. بعد أن قرأ عليّ السلام سألني عن المكان الذي أرغب أن أضع الثلاجة فيه. قلت له: لا تقلق، في الطابق السفلي. فرد، وابتسامة كبيرة تكسو وجهه: "سأحملها على كتفي إلى السطح، إذا أحببت. هذا واجبي. مساعدتك مصدر سعادتي. هدفي أن أصنع الأصدقاء ببذل أقصى ما أستطيع". روحه الجميلة ودماثة أخلاقه جعلتنا صديقين سريعا. فتحت نافذة حوار بيننا. تحدثنا طويلا عن طبيعة عمله وعائلته والشركة، التي يعمل لديها. أدهشتني ابتسامته، التي يسكبها كشلال من وجهه. عزز لديّ الإيمان بأن المال وحده لا يصنع الروح الجميلة، إنما الروح الجميلة تصنع كل شيء. بحتُ له بمشاعري تجاه ابتسامته وروحه. فأخبرني أن الابتسامة هي الشيء الوحيد، الذي يسعه أن يقدمه لمن حوله. فلا يملك سواها ليتقاسمه مع الآخرين. شكرت السائق محمد قبل أن يغادر وسألته إذا كان بوسعي مساعدته بأي شكل وطريقة. لم أكن أعلم أن سؤالي سيمدد حوارنا لأشواط إضافية. لقد أجابني محمد قائلا: "ادعو لي أن يديم عليّ نعمة الصحة والعافية؛ لأسدد ديوني وأستمتع بهذه الحياة". دعوتُ له عاليا أن يرزقه المال ويحافظ على صحته. ضحك ثم علق قائلا: "شكرا على دعوتك، لكني تمنيت أن تشير إلى الصحة أولا". فقلت له: كلاهما مهمان. لكن عاد وقال: لا مال ينفع دون صحة تعينك على…
آراء
الأحد ٠٩ فبراير ٢٠١٤
قال وزير الخارجية الإيراني (ظريف) لوزير الخارجية الأميركي (كيري)، في مؤتمر ميونيخ: لا شأن لوزارتي بالملف السوري! وأظنه صادقاً، فقد سمعْتُه بندوة على هامش مؤتمر دافوس يقول: رأينا انسحاب جميع القوات الأجنبية من سوريا! وعندما سُئل عن تدخل «حزب الله» العسكري بسوريا، ارتبك وقال: إنهم عندما تدخلوا لم يستأذنونا! لكنه ما لبث أن أعطى لـ «حزب الله» الحقّ بالتدخل في سوريا من أجل حماية المزارات المقدَّسة! وهو الأمر الذي أثار أحمد داود أوغلو ودفعه للقول (رغم شدة مجاملته لظريف وإيران): لقد هدم بشار الأسد زُهاء الـ1500 مسجد، ومنها مسجد خالد بن الوليد في حمص، فهل يحق لنا التدخل لحماية مساجدنا؟ لا أحد يقبل تعرُّض مزارات إسلامية للتلف أو التخريب، والسوريون السنّة هم الذين بنَوا مقام السيدة زينب في الأصل. وظريف -وأحياناً روحاني- يصرحان من فترة لأخرى باهتمامهما بتحسين العلاقات مع السعودية ثم لا يحدث شيء. و«نصرالله» كان قد قدّم مبادرةً فهمها سعد الحريري إيجاباً، فشجَّع «تمام سلام»، رئيس الحكومة المكلَّف، على السير فيها، لكن «حزب الله» الآن عاد لرفضه الدخول للحكومة الجامعة التي صرخ من أجلها لمدة شهر وأكثر! هناك دلائل كثيرة على أن السياسات الإيرانية القديمة لم تتغير تجاه المشرق العربي، وتجاه الخليج. بل هناك ظواهر لارتفاع منسوب العنف الإيراني في سائر أنحاء المشرق واليمن: فالعنف في سوريا بلغ…
آراء
السبت ٠٨ فبراير ٢٠١٤
توفيت منذ يومين طالبة ماجستير في كلية الدراسات الاجتماعية في جامعة الملك سعود للبنات بسبب أزمة قلبية، لكن الحكاية ليست في السبب الصحي للوفاة، بل في السبب الآيديولوجي لتأخر الإسعاف. فإصابة المرء بأزمة قلبية لا تقود بالضرورة إلى الموت - بمشيئة الله - إذا ما تمّ التدخل السريع لعلاجها، لكن لو تأخر الإسعاف أو انعدم فإن المصاب سيموت، وهذا ما حدث مع طالبة الماجستير آمنة. الإسعاف لم يتأخر، بل جاء بعد الاتصال به، ووقف خارج المبنى ساعتين ينتظر الإذن بالدخول، لأن من في الداخل نساء، والدخول إليهن حتى ولو لإسعاف مصابة، له شروط ومتطلبات. أتخيل أن الإسعاف حين وصل رنّ جرس الباب الموصد بالأقفال، فرد عليه سكان المبنى قائلين: «مين عند الباب؟» فقال: «أنا الإسعاف»، فقالوا: «آسفين ما نقدر نفتح لك لأن البنت المصابة بأزمة قلبية لا تلبس غطاء، ومغمى عليها، فانتظروا حتى تصحو وتتغطى»! أتخيل أن هناك ارتباكاً يحدث عادة حين يتعلق الموضوع بامرأة، ولا بد من أن المسؤولة في الكلية شددت قبل أن تسمح بأن تتلقى الطالبة الإسعاف على ضرورة الاتصال بالمحرم، وأخذ إذنه وأنفه وكل ما يمتّ لأعضاء سلطته، ووصايته الموقرة، بالموافقة على أن يتم إسعاف «حرمته» التابعة له ولإقطاعيته! أذكر مرة وأنا طالبة في الجامعة نفسها أن المصعد توقف وبداخله طالبات، وجاء رجال الدفاع المدني لإخراجهن،…
آراء
السبت ٠٨ فبراير ٢٠١٤
في ورقة بحثية للمفكر العفيف الأخضر حول من هو المثقف العربي جذبتني هذه العبارة: «رقصوا رقصة الهستيريا الجماعية على ألحان الهذيان الجماعي لصدام حسين بعد اتخاذه قراره الانتحاري بضم الكويت. لقد تراءى لهم هذا القرار خطوة عملاقة على طريق الوحدة العربية بقيادة قائد ملهم جاءهم على غير انتظار». والعفيف الأخضر كان يناقش دور المثقف العربي وخلال مناقشته يجر القارئ إلى ملاحظة نكسات بعض المثقفين العرب بمقارنتهم مع أقرانهم في أوروبا. ومن الواضح في التحليل أن عالم الرشد والواقع بعيد عن تفكيرهم، ولذا كان عالم السحر يسيطر على مخيالهم. وينتقل العفيف الأخضر إلى القضية الفلسطينية وكيف كان بعض المثقفين يتسلى بها حتى استنفدت كل الطاقات. وهذه الصورة المستعارة وضعها لنا في عصر المعولماتية الذي غير معالم حياتنا. وعالم الاتصال يقول لنا إن ثمة ما يقرب من مليار مشاهد لبرنامج تلفزيوني، ويستخدم الإنترنت ما يفوق من مليارين، مع علمنا بأن كل أسبوع يخرج علينا فيه ما يقرب من 600 خدمة إلكترونية جديدة حتى تحول الواقع الافتراضي إلى واقع حقيقي نعيشه ولا نملك أن ننفصل عنه. وفي خضم هذا التطور الهائل يفكر بعضنا إن لم نقل أغلبنا في كيفية رفع الحوائط الإسمنتية لوقف موجات المعلوماتية اعتقاداً منهم بأنها تحجب نقل المعلومة، والتفسير بكل بساطة أن المثقف العربي يعيش حالة انفصال عن الواقع، ويعشق…
آراء
السبت ٠٨ فبراير ٢٠١٤
كيف سيكون العالم بعد 50 سنة؟ سؤال طرحته مجلة «دوكيومنتاليست - ساينس دو لانفورماسيون» الفرنسية، على مجموعة من الاختصاصيين في مجالات عدة، لمعرفة تصورهم حول ما ستصبح عليه حياة البشر عام 2063. عدد خاص من المجلة، يعتمد قراءات مستقبلية، تذكر بتلك الملفات المثيرة التي أصدرتها الصحف الكبرى عشية الألفية الثالثة. ولمن يظن أننا نتحدث عن غيبيات نذكّر بأن غالبية ما جرى توقعه منذ 13 سنة، يبدو حقيقيا اليوم، وكان يستحسن منا أخذه على محمل الجد حينها، سواء ما كتب عن الصراعات الدينية التي ستشتعل أو الأموال الطائلة التي سيجنيها تكنولوجيون بمشاريع تبدأ صغيرة، وتتحول عالمية الانتشار على طريقة زوكيربرغ، مؤسس «فيس بوك»، أو حتى اندثار مهن بعينها على مذبح التطور التكنولوجي. وأبرز ما يتوقعه الباحثون للسنوات القليلة المقبلة، بناء على معطيات ملموسة، ومشاريع علمية قيد الإنجاز، أن الشاشات الكومبيوترية بمعناها الحالي ستختفي، لتصبح جزءا من حائط المنزل، أو عدسة لاصقة على بؤبؤ، وربما زجاج نظارة نضعها على أعيننا، أو مدمجة بملابس ذكية نرتديها. هذا ما سيجعل تواصلنا بالشبكة العنكبوتية ومن هم مرتبطون بها في كل أصقاع الدنيا، دائما لا ينقطع، حتى لنشعر بأن المسافة تنعدم بين الواقع المعيش وذاك الافتراضي السيبيري، وهو ما سيغير المفهوم الجغرافي بطبيعة الحال. وهنا يحاول الدارسون فهم ما ستكون عليه الحياة اليومية بحميمياتها، ومجريات الأعمال،…
آراء
السبت ٠٨ فبراير ٢٠١٤
في أمثالنا الخليجية كثير من العِبر وسداد الحكمة! ولقد كان الآباء الأفاضل يردُّون على المواقف التي تواجههم ببيت من شعر الحكمة أو عبارة تحمل معاني الردّ المضاد أو المؤيد للموقف. ووردَ في الأمثال: «جوّع كلبك يتبعك» و«ما حك جلدك إلا ظفرك» و«نوخذايين غرقوا المركب» و«من فوق هالله هالله.. ومن تحت يعلم الله».. وغيرها. ولقد استمعت إلى هذا المثل «غلطان من ربّى جرو غيره» من صديق لم أره منذ أكثر من عشرين عاماً.. حيث إنه ورد على لسان حاكم وجهه لحاكم آخر ضمن موقف معين استوجب هذا المثل. القصد هنا في معنى المثل، وهو عدم جواز تربية «جرو» الآخرين، و«الجرو» هو الكلب الصغير، والمعنى ليس في ظاهر المثل، بل في داخله، وهو أن الأجنبي لن يفيدك، مهما عمل، وأنه ينقلب عليك، أو قد يضرك في المستقبل، بعكس اعتمادك على أبنائك. ولكم عانت شعوب عربية وغير عربية من نيّر وظلم الأجنبي، الذي جاء على هيئة تبشير أو استعمار أو انتداب، وسيطر على مقدرات الشعوب، ورهنَ مستقبلها بمصالحه وأهدافه الأيديولوجية والعسكرية، وصاغ السياسات المحلية ضمن تلك المنطلقات. فصار أن عانت الشعوب من سرقة ثرواتها، وتخلّفت -في بعض المناطق- التفاهمات الوطنية، وتم إقصاء الوطنيين من أبناء البلاد المخلصين إلى المنافي أو الزَّج بهم في السجون. وصار أن وسَمَ الاستعمارُ كل المطالبات بالحقوق وبالتحول المدني…
آراء
السبت ٠٨ فبراير ٢٠١٤
عندما كنتُ صغيراً كُنت أذهب لصلاة العصر في المسجد مع أخي بدر، ثم نجلس مع أصدقائنا أمام دُكّان الحي الصغير. نذهب وفي جيوبنا دراهم قليلة، ولكننا لم نفكّر يوماً أنها قد لا تكفينا. ندخل الدكان الذي لا يتجاوز حجمه خمسة أمتار في أربعة، فتُبسط الأرض أمامنا وكأننا في أحد المراكز التجارية العملاقة. كان صاحب الدكان (نعمةُ الله) يسألنا إن صلينا أم لا، وعندما يتأكد من أننا فعلنا ذلك، يعود لمراجعة حساباته ويترك أحد إخوته لاستلام النقود منا. نذهب للعب الكرة في الملعب الرملي حتى أذان المغرب، فنهرع عندها للوضوء وندخل للصلاة، وعندما نخرج، يكون أحد كبار السن في انتظارنا على عتبات المسجد، فَيُوبّخنا لأننا نؤذي المصلين برائحة العرق، وينهانا عن العودة إلى المسجد بهذه الحال. ثم نعاود الكَرّة في اليوم التالي. نركب دراجاتنا الهوائية وندور في الحي حتى أذان العشاء، وبعد الصلاة يتجه كل واحد منا إلى بيته. لم تكن الهواتف النقّالة موجودة حينها، بل إننا قلّما لبسنا ساعات حول معاصِمنا، وكان الأذان يُحدد مواعيد يومنا بدقة. أذكر أننا اشترينا مرة كمية كبيرة من المبيدات الحشرية من الدكان، ولكي لا يشكّ (نعمة الله) في الأمر؛ قررنا ألا نشتريها في يوم واحد، وفي الحقيقة فإننا لم نكن نمتلك قيمة البضاعة؛ فكنا نقتصد في الصرف كل يوم حتى تتجمع لدينا الكمية المطلوبة.…
آراء
السبت ٠٨ فبراير ٢٠١٤
عاد الاهتمام بالتعليم في السعودية بتعيين وزير جديد لهذه الوزارة الصعبة، والحق أن التعليم لم يختفِ يوماً من رادار اهتمامات المعنيين السعوديين بالشأن العام، ولكن انتابهم يأس من أن هذه الوزارة وموضوعها «التعليم» لا يمكن إصلاحهما، فملّوا من الحديث في أمرهما، ولكن ما إن يكون الحديث حول البطالة والعمل والإرهاب، إلا ويحضر التعليم في المجلس أو بين سطور المقالة. فهل يستطيع الوزير الجديد خالد الفيصل إصلاح ما عجز عنه الآخرون؟ وهو ليس بالتربوي، وإنما بيروقراطي صارم اكتسب خبرته طوال 40 عاماً كحاكم إداري لمنطقتين من أهم مناطق المملكة، فاشتهر بحزمه وانضباطه في العمل. بعضهم يرى أنه لو نجح الفيصل فقط في «ضبط وربط» الجهاز الإداري والتعليمي لوزارته التي تعد أكبر موظفٍ للسعوديين بعد الدفاع والداخلية، فإنه سيحقق إصلاحاً كبيراً، فإدارة أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة مشغولين بحقوقهم ومسيراتهم الوظيفية، ونقلهم من بند إلى آخر أكثر من انشغالهم بوظيفتهم الأساسية، هو جهاد في حد ذاته. منذ أن تبوأ خالد الفيصل منصبه والاقتراحات تنهال عليه من أين يبدأ! المناهج أم مباني المدارس المتهالكة. المعلمون أم رواتبهم، أم أنها الإجازات الكثيرة التي ننفرد بها في المملكة حتى باتت أخبارها تتصدر الصفحات الأولى. ولكن حصل شبه إجماع بين كتاب الأعمدة والمعلقين، على أن المشكلة تكمن في «المناهج» وهي قضية قديمة تنقسم في اتجاهين،…
آراء
الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠١٤
لماذا لا توجد إذاعة أو محطة تلفزيون لأم كلثوم؟ ثمة جمهور عربي عريض من المحيط إلى الخليج، يختلف في السياسة، بل حتى يقتل بعضه بعضا، ولكنهم جميعاً يطربون لسماع كوكب الشرق وهي تغني لهم عن الحب والشوق والحرمان.. والأمل، ليتها غنتهم عن السلام والتعددية والتداول السلمي للسلطة. اكتشفت مؤخراً مجموعة في الواتس أب معنية بأم كلثوم، تتبادل نوادر أغانيها، وتسجيلات خاصة لجلسات طرب في بيوت علية القوم لم تذَع، أمثال هؤلاء سيكونون نواة جمهور ملتزم لإذاعة أم كلثوم، والتي يمكن ألا تقتصر على بث أغانيها الرائعة على مدار الساعة، وإنما أيضاً تشجع مواهب جديدة تقلد كوكب الشرق في فنها وإبداعها فتسهم في وقف حالة التردي والتجريف التي تتعرض له الموسيقى العربية. عزز من قناعتي بالجدوى التجارية لإذاعة ومحطة «كوكب الشرق» تجربة أخرى، إذ دعيت لعشاء من قبل نخبة مثقفة من رجال الأعمال والمال والمسؤولين الحكوميين البحرينيين بفيلا صديق في درة البحرين، كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة عندما ذكّر أحدهم صاحبه أن يتحول نحو روتانا طرب، فهي تبث سهرة مع أم كلثوم كل ليلة في نفس الوقت، أضفت «الست» جواً بديعاً على سهرتنا لليلتها، يضاف إلى هواء درة البحرين العليل، شعرت كأننا من ذلك الجيل الذي كان يجتمع حول الراديو آخر خميس من كل شهر ليستمع إلى حفلتها الشهرية، بالتأكيد…
آراء
الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠١٤
الإجابة عن السؤال أعلاه لن تكون تخمينية، وإنما هي يقينية مثبتة علميا وعلى أرض الواقع. من الغباء أن نسأل هذا السؤال الآن؛ ولكن كان يمكن أن يكون من حسن الفطنة أن نسأل هذا السؤال في بداية استنفار شبابنا وثرواتنا لأفغانستان في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم، ولم نفعل ذلك؛ ولذا فقد حان الوقت لأن نسأله ونجيب عنه ولو من باب ما فات جله، لا يترك كله. لقد تم استنفار شبابنا لأول مرة في الثمانينيات من القرن المنصرم، للقتال في أفغانستان، تحت راية الجهاد. لا شك بأنه ليس كل من شارك في استنفار شبابنا للقتال في أفغانستان، كانت نواياهم سيئة، بل منهم من كانت نواياهم سليمة، ولو من حيث المبدأ لا الفعل والنتيجة. وذلك نتيجة لحداثة التجربة والحماس الشديد حينها لنصرة الشعب الأفغاني أمام الغزو السوفيتي الغاشم. وكانت النتيجة كارثية، على من مات هناك أو أصيب بتشوهات جسدية أو نفسية؛ ناهيك عن أم الكوارث، عندما رجع جزء من شبابنا هناك، وهم يحملون معهم أجندات تكفيرية ومخططات انقلابية تدميرية عن طريق الإرهاب، تكفيراً وتفجيراً. وقد عانت بلادنا ويلات الإجرام الإرهابي الذي أتانا بعد عودة شبابنا من ساحات القتال في أفغانستان؛ حيث سحقت البراءة في دواخلهم وغسلت أدمغتهم ودمرت نفسياتهم وشوهت عقائدهم وتحولوا إلى ذئاب بشرية، لا تعرف إلا القتل والتخريب والتدمير؛ وباسم…
آراء
الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠١٤
مبارحة الأمكنة هي التي تزحزح بوصلة الرتابة وتضعها على صهوة الأمل مع آبائه وأمهاته الجميلات، وكم هي سعيدة تلك المرأة التي تستطيع الرحيل إلى عالم جديد لا يتثاءب في وجهها، ولا يصيبه الكساح حينما يلمحها أو يسمعها أو يصغي لوجدها، وتأملوا في حال المسافرات إلى بلاد الفرنجة -التي نلعنها ونعيش على خيراتها- حينما يجدن أناساً يرحبون بأدب جم، ويشرعون الأبواب لكل موهبة تمتلك القدرة على صناعة الفارق، ولو بالصوت. قدر المرأة العربية أن تعيش في مجتمعها على ضفاف الوقت، وأن تجمع أحلام عمرها تحت وسادة مُوشاة بالدموع ما لم تنحت في الصخر، وتفض بكارة النمطية، وترفع عن كاهلها ستائر النسيان والعته المبكر، وقد فعلت هدى الرشيد في كفاحها كل ذلك وما هو أكثر، وحينما استوى صوتها النابض بالحياة على دقات ساعة «بيج بن» لم تعلم نصف نساء البلد أنها الشقيقة وبنت المكان إلا في وقت متأخر جداً، والسبب أن الرجال لم يكونوا يعرفون أيضاً، وقد كانوا هم مصدر المعلومة في ذلك الوقت، وفلترها الذي لا يترك الأشياء للصدفة!! لكي تعرفوا روعة هدى الرشيد ركبوا الصورة التالية من عصر السبعينيات في القرن الماضي: شابة سعودية تقدم نشرة الأخبار من إذاعة لندن قبل ميلاد الحضارة في بلدها الأم، وقبل تمدد سواعد الإسفلت، وفي بدايات عصر الكهرباء والتليفونات وطفرة النفط.. فمن أين خرجت…
آراء
الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠١٤
الولايات المتحدة ليست في حاجة لنشر بوارجها في منطقة الشرق الأوسط لبيع تليفونات «آيفون»، أو سيارات «شيفروليه»، أو فرض مقاهي «ستاربكس». فأسواقنا أقل قيمة لبضائعها، وأصغر من أن تخوض حروبا لها. إنما هناك ثلاثة أسباب جيدة ستبقي على الولايات المتحدة في منطقتنا، مهما شعر البيت الأبيض بالملل، أو الإحباط، أو الفشل. ثلاثية: النفط، وإسرائيل، والإرهاب أقوى من كل الدوافع الداعية لحزم الحقائب، والهروب من هذه المنطقة المشتعلة باستمرار. في 30 أبريل (نيسان) عام 1975 سقطت العاصمة سايغون، ورحل الأميركيون من فيتنام الجنوبية، فكان وداعا طويلا. ولم يعودوا إليها بعد ثلاثة عقود إلا تجارا وسياحا. كانت حربا وخسرها الأميركيون، وبدلا من الإصرار والقتال قبلوا بالهزيمة، وطووا صفحة من تاريخهم، ولم يعد يرد اسم فيتنام إلا في أفلام هوليوود وذكريات متقاعدي الحرب وجرحاها. الآن، الأميركيون يعدون لمغادرة أفغانستان، وسبق أن رحلوا من العراق، ورفضوا الدخول في سوريا، واكتفوا بالحرب على «القاعدة» من خلال أسطول طائرات الدرون اللابشرية. فهل تستطيع الحكومة الأميركية حقا أن تطفئ النور، وتغادر، وتعيش بسلام؟ الفوارق كبيرة بين حروب فيتنام وكمبوديا، وبين معارك العراق وأفغانستان وإيران و«القاعدة». أهمها أن الهروب لن ينهي الحرب كما أنهاها في سايغون، إلا في حالة واحدة، عندما توجد ترتيبات شرق أوسطية تنهي الصراعات، وهذا أمر عسير المنال في منطقة صراعاتها كوكتيل متفجر، ما بين…