آراء

آراء

هل يمكن إنقاذ الفكر العربي؟

الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠١٤

أصبح واضحا لكل المطلعين أن الفكر العربي لن يستطيع النهوض بإمكاناته الخاصة وحدها، وإنما ينبغي أن نضخ في أوصاله المتكلسة وعروقه المتحجرة جرعات كبيرة من الدم الحي الآتي من الخارج، أي كميات ضخمة من الترجمات المتنوعة. كل من درس في الغرب واطلع على مدى تقدم الفكر الغربي وتأخر الفكر العربي يعرف معنى ما أقوله هنا. بل وحتى لو لم يدرس في الغرب، ولكنه متقن للغة أجنبية حية، كالفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية يستطيع أن يفهم مقصدي؛ لماذا لا نعترف بالحقيقة؟ نحن نكتب بالعربية ونقرأ بالفرنسية أو الإنجليزية. نقطة على السطر. إذا ما أردنا الاطلاع على النظريات العلمية أو الفلسفية، فإننا لا نقرأ بالعربية لسبب بسيط، هو أنها غير موجودة بشكل واف أو دقيق أو موثوق. بل وحتى إذا ما أردنا الاطلاع على تاريخ العرب والإسلام نفسه، فإننا مضطرون لاستشارة المراجع الأجنبية؛ لماذا؟ لأنها تدرس تاريخنا وتراثنا على ضوء أحدث المناهج العلمية. هذا في حين أننا لا نزال سجناء النظرة القديمة التي سادت العصور الوسطى. لتوضيح ذلك، يكفي أن نقارن بين ما يكتبه علماء الاستشراق الأكاديمي عن تراثنا، وما نكتبه نحن. أضيف إليهم البحاثة العرب والمسلمين الذين يدرسون في جامعات الغرب ومعاهده العليا، والذين اعتنقوا المنهجية العلمية في البحث وأتقنوها تماما. مئات الكتب صدرت باللغات الأجنبية ولا تزال تصدر حتى الآن.…

آراء

عزيزي السرطان!

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠١٤

عزيزي السرطان.. بداية وقبل كل شيء.. لعنة الله عليك. ربما حضرتك لا تعرفني جيدا، فلقد التقينا منذ مدة قصيرة فقط. انا لا أحب كثرة الحكي وأكره «اللت والعجن»، فدعني أقولها لك على بلاطة: لست مستعدة للرحيل بعد. مازال عندي الكثير من الضحكات التي سأضحكها والدموع التي سأذرفها، الكثير من الأفراح التي سأحضرها والكثير من الأتراح التي سأقاسم أهلها بها، والكثير الكثير من القبلات التي سأزرعها على وجوه من أحب. لدي الكثير من الأهل والأحباب والـ «الفولورز» الذين يعزون علي ولن أكبدهم عناء الجلوس في عزائي بعد. عزيزي السرطان، بالرغم من تطمين الأطباء أنك «سريطن» تافه «مقدور عليك»، ولكن هل بامكانك تخيل جسامة مهمتي كي أقنع أمي بتفاهتك! ومع يقيني أنك مندحر لا محالة، أنا لست مستعدة أن أضيع وقتي معك، فسأهبه إلى العارف ما في قلبي، مالك الأرواح القادر على كل شيء الذي سيساعدني على قهرك. فهناك الكثير من أطفال اللاجئين في حملة «ليان» بانتظاري كي أسجلهم في المدارس اللبنانية، فلو سمعت توسلاتهم لتأمين تعليمهم «خالة سجليني الله يخليكي»، لأمهلتني عمرا فوق عمري كي أفرحهم بقلم وورقة ومعلم. هناك أيضا العشرات من قدور الـ «ورق عنب والشش برك» التي علي أن أعدها من أجل حملة نداء الياسمين لجمع ما يمكننا جمعه لشراء حليب لأطفال سوريا الذين يموتون جوعا. من الجانب…

آراء

لا تغلق عينيك

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠١٤

تسأل ابنة عمي صغيرتها ألا تغلق عينيها أمام الآخرين. توبخها عندما تقوم بكتابة الأحرف فوق بعضها. تزجرها لأنها تقضي وقتاً طويلاً في حل واجباتها بعد أن تعيدها غير مرة قبل أن تنجح. تجرها إلى الخلف كأنها قطعة أثاث كلما شاهدتها ملتصقة أمام التلفزيون لمشاهدة مسلسلها الكرتوني المفضل. فشل عنف ابنة عمي في ردع طفلتها من تكرار هذه السلوكيات التي أقضت مضجعها، بل تضاعفت مشكلات الصغيرة. أضحت تكره المدرسة والواجبات وأمها. تستيقظ الصغيرة من نومها بعد بكاء ونحيب طويل. تذهب إلى المدرسة وهي تجر أذيال الحزن. استنفدت قريبتي كل النصائح، التي استقبلتها من زميلاتها وجاراتها بلا فائدة. انهارت الأم والابنة معاً. تدخل الأب أخيراً وعرض الابنة الصغيرة على طبيب نفسي؛ لعله يجد حلاً ناجعاً يُوقف نزيف زوجته وابنته. فور أن استمع الطبيب النفسي إلى معاناة الطفلة قال لأبيها إن حل مشكلته ليس لديه، لكن لدى طبيب العيون. اقترح الطبيب النفسي أن يأخذ الأب ابنته لطبيب عيون؛ ليكشف على نظرها ويرى إذا كانت تحتاج إلى نظارة أو أي علاج آخر؛ لأنه يعتقد أنه سبب المشكلة. صدق الطبيب النفسي. لقد اكتشف الأبوان بعد أن خضعت الابنة لفحص لعينيها أنها تعاني قصر نظر كان خلف هذه الأزمة المشتعلة. ارتدت الصغيرة النظارة وانطفأت المعاناة تدريجياً. لكن تظل معاناتنا مع "قصر النظر" قائمة في مجتمعاتنا. فمع…

آراء

«يا زين.. وش خليت للناس!!»

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠١٤

زين..! طفل من سورية.. هل تذكرونه؟! كأي طفل لدينا، تماماً مثل ابني أو ابنك! كل ذنبه أنه ينتمي للرستن! إنه ينتمي لنا قتل أخواه ومات شقيقه الأصغر متجمداً وغيب والده، حيث لا يعلم أحد في أحد المعتقلات السرية التي لم تستضف إسرائيلياً واحداً في سنوات المواجهة! تناقلت الدنيا صور شقيقه وهو يموت، ثم تناقلت قبل فترة صوره هو نفسه وقد التف بالقماش الأبيض، لا بهذا العلم ولا ذاك، لا يهمه إذا كان الأحمر في الأعلى أم الأسفل، فهو لم يعرف من الأحمر سوى تلك البقع التي كان يراها أسفل كل ذكرى لعزيز رحل في عائلته! لم تهمه النجمتان هل ستكونان خضراوين كعيني قاتله أم حمراوين كما يحبهما الثوار، فالذي ذبح أخاه لم يكن على كتفه أية نجوم، بل كانت عبارات طائفية بحتة، عبارات حق أريد بها باطل! زين..! كل منا لديه «تكنيكه» الخاص ليطرد صورة زين من مخيلته، ويستطيع النوم على ذراع حبيبته دون أفكار تنغصه، سأساعدك في هذا، لنطرد زين وصورته من عقولنا، ألا نردد دائماً.. «ما دمت بخير أنا وناقتي.. ما علي من رباعتي»، فكر في الناقة! لم يجد الأمر! سأعطيك تكنيكاً أذكى! فكر في أفغانستان، ألم ندعمها، ثم صدرت لنا كل الإرهاب؟ إذن فزين إرهابي محتمل! من الأفضل أنه مات إذاً! ألا تشعر بتحسن؟! يبدو أنك لم…

آراء

«طاار المدير»!

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠١٤

أصبحنا وأصبح الملك لله، وإنَّ كلمة «طار» ليست سلبية بالضرورة، بل هي إيجابية بكل معنى الكلمة، سواء كانت ترقيةً لمهمة أعلى، أو انتقالاً لموقع أوسع وأشمل، وأحياناً طار بمعنى «تقاعد» أي شكراً، كفيت ووفيت. مع هذا التغير الموظف على أحوال، فمن الموظفين مَن «طاار» من الفرحة، ومنهم حزين مكلوم، والأغلب خائف مترقب. تقول د. تمار تشانسكي: «إن التغيير في العمل هو واحد من أكبر مسببات القلق والتوتر للفرد!»، ولهذا جمعت لنا جاكلين سميث نصائح مجموعة من خبراء الإدارة للتخلص من قلق التغيير، منها: • اعترف بالتغيير: وقاوم الصدمة واحذر الانهيار أو الانسحاب بقرار متهور، لابد من الاعتراف بوجود التغيير والقبول به، ثم التعامل معه. • اعترف بمخاوفك: دوّنها، ضعْ خطة لمواجهتها بواقعية، افضِ بمخاوفك لبعض المقربين فقد تجد لديهم بعض الحلول. • خصص وقتاً للقلق: فالقلق طبيعي جداً، لكنْ لا تجعله يسيطر على يومك بأكمله، اطرده إذا تكالبَ عليك. • كن مرناً: لا تقْسُ على نفسك وتتحجر عند موقف سلبي، بل واجه التحدي بعقلية منفتحة على الرغم من المخاوف، لتبدو واثقاً وجميلاً أمام نفسك ورائعاً ومنتجاً أمام مديرك الجديد. • شارك في التغيير: تطوع في صنعه وتشكيله، فهذا سيساعدك على فهمه ويبدد مخاوفك منه بشكل كبير. في الختام، قد تكون بداية التغيير غير مريحة، لكن بعد مضي بعض من الوقت…

آراء

الخليج يجب أن يبقى آمناً

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠١٤

بعد الحوادث الأخيرة في المنطقة العربية، وبعد ظهور موجات الغضب والكراهية والتلاسن الحميد وغير الحميد، وبعد تكرار موجات العصبية والتعصب، واللجوء إلى القوة في فضّ الحوار في العديد من البلدان العربية، كان لابد وأن تلتفت «عيون الحقد» إلى منطقة الخليج الآمنة، والتي تعيش شعوبها في رغد من العيش. وكما نقول في المثل الخليجي (كافة وعافة)، تلتفت تلك العيون لتخريب «الهارموني» الجميل الذي درج عليه أهل الخليج في تعاملهم مع قوت يومهم ومع علاقاتهم بحكامهم! ولكأن هذه المنطقة– رغم ما قدّمته للآخرين وقت المحن وما زالت تقدمه – محسودة، ولا بد من تخريبها! لقد عاش أجدادنا هنا أيام العُسر، وعانوا غضبَ الصحراء وعنفَ البحر، وكانوا يعتمدون على الله وحده في أن يحفظ عيالهم وأمنهم، وكان الحاكم الملاذَ لهم عندما يَشجُر بينهم خلاف! وكانوا يرضون بحُكمه، ولم تكن لديهم أحزاب أو جماعات «يُحكّموُنَها» في أمورهم. وكانت عندهم النية الصالحة، ويقدِّمون الكلمة الطيبة، وكانوا بسطاء في التعامل مع بعضهم البعض ومع الآخر. يختارون الكلام الطيب ويؤثرون المعاملة الحسنة، وكانوا بعيدين عن دائرة الاهتمام من الآخرين من الأشقاء حتى جاء النفط، وبدأت الحياة تتغيّر والأمور تترَّتب، فانتشر التعليم وقامت المستشفيات وتعبَّدت الطُرق الصحراوية، واستقرت الجماعات المُرتحلة في بيوت آمنة ونظيفة، وتوافرت أساليب الحياة العصرية، ودخلت الكماليات بشكل واضح في الحياة، وبدأ الخليجيون يجوبون البلاد…

آراء

سعوديون.. للبيع!

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠١٤

كتبت منتصف الشهر الماضي مقالة تتحدث عن ظاهرة ذهاب الشبان السعوديين إلى سورية، وانقسامهم بين تنظيمات متطرفة مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، واستفادة نظام بشار الأسد وغيره منهم، وبيعهم من دوائر المخابرات بأسعار رخيصة في سوق «كناسة» لا تبقي ولا تذر، حتى أصبح السعودي هناك يقاتل ويقتُل ابن جلدته في معارك لا يُعرف من يديرها، ومن يحطب أو يحتطب لها، ولا من يقف وراءها. فكرت في العنونة لتلك المقالة، ولم أشأ إلا أن اختار لها علامتيّ «استفهام وتعجب» كبيرتين، ثم بعد أيام كتب الصديق والزميل عبدالله بن بخيت في صحيفة «الرياض» معلقاً على ما ورد فيها، وطارحاً تساؤلات مهمة. ولم تمض سوى أيام حتى أطلق الأستاذ القدير داود الشريان على قناة «إم بي سي» صرخة مدوية لا يزال صداها يتردد داخل السعودية وخارجها، مطالباً بمحاسبة الرموز المتورطة في تحريض هؤلاء الشبان ومن يحضّهم على النفير إلى المناطق المضطربة. هذا الصوت لا بد من أن يرتفع، لأجل أمن الوطن ومستقبل أجياله، حتى وإن حاول البعض كتم الحقيقة تحت عباءة الحماسة ومشلح العواطف، لكن هناك تساؤلات ضرورية يجب ألا تغيبَ أو تُغيّب، وتجب مناقشتها بصدق، بعد أن أضحى تشدد الشباب السعودي أسئلة قائمة في وسائل الإعلام العالمية، واعتبر ظاهرة غير عابرة، تغذيها جذور راسخة في المجتمع. لا شك في أن القرارات المهمة والجريئة…

آراء

لصوص الحروب

الخميس ٠٦ فبراير ٢٠١٤

مع اندلاع الحروب اعتاد لصوص الآثار أن ينشطوا لنهب أكبر قدر ممكن من آثار الأماكن المضطربة كما حدث في العراق عام 2003، وكما حدث في مصر بعد الثورة، وما يحدث في سورية اليوم وغيرها من بلدان. لا تتوقف أضرار الحرب على تدمير الإنسان بل تقضي على كل شيء، وتكبر المشكلة حين يكون البقاء في الحكم لدى النظام القائم أهم من الإنسان والمكان، فلا يكتفي بالتخلي عن حماية شعبه وتاريخ دولته بل يسهم في تدميرهما بآلته العسكرية، وهذا ما فعله النظام السوري، فاعتقل وقضى على مئات الألوف من البشر وهجر الملايين من بيوتهم، وقصف المواقع الأثرية والأسواق التاريخية، وعندما ظهر ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" ترك لهم جزءا من المهمة غير الأخلاقية. فخلال الشهور الماضية تواترت الأخبار عن نهب الآثار السورية في كثير من المواقع التاريخية، وتفيد المعلومات بأن عناصر "داعش" و"جبهة النصرة" استولوا في بلدة معلولا قرب دمشق على التحف الموجودة فيها وقت سيطرتهم عليها، وأجروا عمليات تنقيب غير قانونية عن الآثار في مواقع أخرى بحسب رئيسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) إيرينا بوكوفا التي حذرت حينها صالات المزادات والمتاحف من هذه المشكلة. "داعش" في كل مكان خضع لسيطرتها في سورية مارست أعمال نهب الآثار، فأصابع الاتهام تتوجه إليها في سلب آثار موقع مملكة…

آراء

إيران من أربكان إلى أردوغان

الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠١٤

نسجت طهران منذ الثورة الايرانية عام 1979م علاقات متميزة مع حركات الإسلام السياسي التركي وخاصة مع رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، وفي بداية فبراير 1997م مولت إيران احتفالية ضخمة قُرب أنقرة وبحضور السفير الايراني لاحياء ليلة القدس، وأُطلقت فيها شعارات ثورية فأنزل الجيش التركي بعض دباباته مُستعرضا، وفي 28 فبراير 1997م صدرت قرارات مجلس الأمن القومي والتي تضمنت 18 مادة كانت بمثابة إعلان نهاية لحياة اربكان السياسية واجباره على الاستقالة، وبعد تولي حزب العدالة والتنمية الحكم في 18 نوفمبر ٢٠٠٢م اتجهت العلاقات التركية الايرانية للمزيد من الدفء والفهم المشترك، واستمرت هذه العلاقات تتطور ووصلت أوجها السياسي في رعاية تركيا مع البرازيل لاتفاق طهران في مايو ٢٠١٠م، ثم التصويت التركي في مجلس الأمن ضد قرار يفرض عقوبات على إيران. مع بدء الأزمة السورية حصل اختلاف في وجهات النظر بين البلدين، إلا أن الحقائق تؤكد أن واقع العلاقات لم يتأثر كثيرا، ففي لقاء مع السفير الإيراني /علي رضا بيكديلي مع صحيفة «حريت»، في 4 نوفمبر 2013م أكد على أن العلاقات الإيرانية-التركية عميقة ومتجذرة إلى حد أنها لا يمكن أن تتأثر بسوريا، ولا تقف عندها، بل لها إطارات واسعة وشدد على أن التواصل السياسي لم ينقطع، ووصف السفير العلاقات على المستوى الاستخباري بأنها جيدة جدا.. وفي المستوى اللازم الذي يجب أن تكون…

آراء

لماذا يحاربون العالم من سوريا إلى بورما؟!

الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠١٤

في السعودية، وفي عدد من دول المنطقة هنا، تجري مطاردة فكرية، سياسية، أمنية، منذ عشر سنوات تقريبا تلاحق الجماعات المتطرفة التي تتبنى العنف، مع هذا الرقم يزيد. فقد أثبتت «القاعدة»، الفكرة، والتنظيم، والنشاطات، والأفراد، أنها حالة مرض معدية في كثير من أنحاء المنطقة. وسيطول الشرح حول كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه، بين تحليل اجتماعي سياسي يصفها بحالة تمرد، ومن يجزم بأنها نتيجة طبيعية لمآسي المنطقة، وهناك فريق يعتبرها نتاج فكر محلي متطرف يقتات على ما حوله. الأكيد، أننا أمام ظاهرة تتضخم، بمقاييس «القاعدة» نفسها عندما هدمت برجي التجارة في نيويورك عام 2001. كانت حينها بضع مئات وفي دولة واحدة، أفغانستان، واليوم صارت جيوشا بعشرات الآلاف من المقاتلين. كبرت جغرافيا من بلد إلى نحو عشر دول يقاتلون فيها يوميا. وبالتالي، السبب ليس كما كان يقال، الوجود الأجنبي أو الظلم الديني، بل هي حالة مرض تنتشر، والعلاج ليس بالملاحقة الأمنية، بل في التربية والثقافة. وعندما قررت الحكومة السعودية أن تسير خطوة جديدة بتجريم الانخراط في حروب المنطقة، أو التحريض أو الدعم، حسمت جزءا مهما من الجدل الثقافي. هل ما يفعله نظام مجرم مثل الأسد في سوريا يبيح للشاب السعودي الغاضب أن يركب الطائرة وينضم للمقاتلين ضد النظام، نصرة للمظلومين؟ استطاعت الجماعات المتطرفة إقناع الكثيرين بأنه واجب الفرد، لا الدولة، وخطفت عواطف…

آراء

القرضاوي وتشويه الحقائق!

الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠١٤

يبدو أن المدعو يوسف القرضاوي، أحد المحسوبين على دولة قطر الشقيقة وكذلك على تيار «الإخوان المسلمين»، قد استهوته لعبة الإساءة إلى دولة الإمارات وحكامها، وذلك بإطلاق الخرافات واختلاق الأكاذيب باعتبارها حقائق. الكثيرون من أبناء الإمارات والخليج شعروا بالاستغراب والأسى من الموقف الرسمي «الباهت» لدولة قطر، والذي عبّر عنه وزير خارجيتها خالد بن محمد العطية، بشأن تطاول القرضاوي على الإمارات وحكامها، فتم استدعاء السفير القطري في أبوظبي وتسليمه رسالة احتجاج في سابقة خليجية لم تكن الإمارات ترغب فيها. ولم يكن تبرؤ وزير الخارجية القطري، هو التصرف الذي ننتظره ممن نفترض أنه تربطنا به علاقات عائلية وسياسية لا تسمح لأي شخص كان بأن يمسها. وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة إلى قطر، فإننا في الإمارات لا يمكننا وصف ما قاله القرضاوي إلا بأنه أسلوب رخيص يحاول من خلاله تكريس أوهامه على أنها حقائق، وبالتالي يجب على دولة قطر ألا تسمح له باستخدام منابرها الإعلامية والدينية في الإساءة إلى أشقائها. لم تُواجه تصريحات القرضاوي التي جاءت قبل أسبوعين على منبر الجمعة، والتي زعم فيها أن «الإمارات تقف ضد كل حكم إسلامي» أي تصعيد من قبل الإمارات، انتظاراً لموقف حكومة دولة قطر، لكن جاءت تصريحات وزير خارجيتها بعيداً عما كان متوقعاً في حده الأدنى. ولم تلق تصريحاته أي اهتمام؛ لأن الإماراتيين وكثيراً من المسلمين وغيرهم…

آراء

الإرهاب في لبنان

الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠١٤

أثبتت التجربة في كل البلدان التي ضربها الإرهاب، بأشكاله المختلفة، أن الإجراءات الأمنية وحدها، مهما كانت شديدة، لم تمنع الظاهرة. لقد تمكنت أجهزة قوية في دول عدة من الحد من تنفيذ عمليات إرهابية إلى مستويات دنيا، سواء عبر العمل الاستخباراتي والرصد أو سواء عبر الضربات الاستباقية. لكن مثل هذه الظروف ليست متوافرة في كل البلدان، خصوصاً تلك التي تعاني ضعفاً في بنيتها الوطنية وخلافات أهلية وأجهزة يشوب الغموض مرجعياتها. لكن الظاهرة في لبنان الذي بات ساحة مكشوفة للإرهاب المتجول الذي يضرب عشوائياً، وبوتيرة متزايدة، لا تكشف الضعف في البنية المؤسساتية للدولة والخلافات الأهلية وتماهي هذا الإرهاب مع الانشطار الأهلي - الطائفي، وإنما أيضاً تؤكد أن الوطن اللبناني بات على فوهة البركان المندلع في الإقليم، وجبهة في المعركة المندلعة من باكستان، مروراً بالخليج واليمن، وصولاً إلى العراق وسورية. الإرهابيون والانتحاريون القادمون من الخارج، المسلحون بفكر تكفيري اختزالي للحياة والآخرة، والذين يفترضون أن «أبواب الجنة» تفتح لهم في لبنان، ما كانوا يحققون أغراضهم بهذه السهولة لولا انخراطهم في تضاريس الانشطار الأهلي اللبناني الذي يجعل لبنانيين يشعرون بأنهم جزء من هذه المعركة العابرة لحدود الدول. لقد تخلى لبنانيون طوعاً، ولأسباب أيديولوجية، عن وطنهم من اجل معركة دموية تدور خارج حدوده. هذا الانحياز الأهلي، خصوصاً كما تمثل في سورية، ادخل تعقيدات كثيرة على الحياة…