آراء
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤
كانت مزعجة تلك المشاهد التي نقلها التلفزيون الرسمي لجلسة من مؤتمر الحوار الوطني، تصدى فيها مساعد الأمين العام للحزب الاشتراكي لقراءة بيان تفويض للرئيس هادي بتشكيل لجنة لتحديد عدد الأقاليم وأن يصبح قرارها نافذا (هكذا) ويمكنني القول إنها غير معبرة عن رغبة المواطنين وآمالهم، وكان الأداء تعبيرا عن عقلية «الحزب القائد» وتم أخذ الموافقة بزعيق البعض وتكبير البعض الآخر كل بحسب الانتماء الحزبي، وتحمل الرجل الفوضى التي صنعها البيان وانتقده حزبه ضمنا على فعلته معلنا تمسكه «المؤقت» بلوائح المؤتمر ومن غير المستبعد أن صفقات حيكت وإغراءات تم الاتفاق عليها للخروج بهذا المولود المشوه. اليوم صار واضحا أن الصفقات التي أنجزت كان هدفها السعي لـ«تمرير» ما سمي بوثيقة الضمانات، وهي ملهاة سياسية عجيبة، إذ إن محتواها الفعلي هو تقاسم السلطة تحت دعوى «الشراكة في التنفيذ»، وإسكات كل صوت معارض تحت شعار «تبني سياسة إعلامية وخطاب إعلامي إيجابي» (نفس ما كان يطالب به الرئيس السابق عند اشتداد الحملات الإعلامية على نظامه).. وأعجب النصوص هي التي تدعو إلى إرساء حكم رشيد بينما نص الوثيقة يدعو صراحة لنفي وجود معارضة حقيقية، إذ منح الذين صاغوا الوثيقة لأنفسهم حق تمثيل الوطن دون أن يكون للمواطنين أي رأي فيهم، وتحويل أشخاصهم إلى هيئات شرعية، ومن المستغرب أنهم يطالبون بالتقييم الدائم للأداء والإنجاز وسيقومون هم بذلك. خلاصة…
آراء
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤
في كل إجازة، قصيرة كانت أو طويلة، ترى السعوديين على اختلاف أطيافهم، يقفون بالطوابير الطويلة أمام مكاتب الطيران في المطارات الدولية السعودية، كل يريد قضاء إجازته خارج البلاد، وليس مهما أين يكون هذا الخارج غالبا، بل المهم أن تكون هذه الإجازة خارج الحدود. وعلى الحدود البرية للمملكة، ترى في هذه الإجازات السعوديين وقد تكدسوا أرتالا من السيارات والبشر أمام نقاط الحدود، كل يُريد أن يستغل أيام الإجازة في هذا البلد أو ذاك من البلدان المجاورة، رغم أنها لا تختلف عن بلادهم كثيرا، والكل رغم المعاناة، ترتسم البسمات على وجوههم وتعلو ضحكاتهم، ويشع نور الرضا من عيونهم، فيما تختفي تلك البسمات، وتعبس الوجوه، وتتلاشى الضحكات، ويخفت نور العيون حين التكدس والتزاحم ساعة العودة، والسؤال هنا هو: لماذا كان ذلك؟. البعض من “السائحين ” السعوديين، وأتحفظ على كلمة سائح هذه كثيرا هنا، يبحث عن متعة ممنوعة عليه في بلاده علنا، رغم توفرها سرا، ويتوفر بعضها في البلاد المقصودة، أما الغالبية من السعوديين فهم من المتسكعين في الأسواق، ورواد السينمات وزبائن المطاعم، أي متعة لا يشوبها شائبة حرام أو عيب، ويتوفر أغلبها في بلادهم، ولكنهم يبحثون عنها خارج الحدود لشعور نفسي بالتحرر والانطلاق غالب الأحيان. “هجرة” السعوديين إلى الخارج بحثا عن متعة مباحة في بلادهم أو غير مباحة، تحول إلى ظاهرة لا يمكن…
آراء
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤
عام 1959م علتْ دهشة الفرح وجوه أفراد البعثة الدانماركية في جزيرة أم النار، فثمة شعاع ضوئي تاريخي يخرج من المدى المعتم الغائر والغابر من أسفل أرض الجزيرة المنسية، جزيرة صغيرة واقعة في جنوب شرق العاصمة أبوظبي.. لكن ومن فوق التلة المحفورة خرجت أحجارٌ منحوتة بجمال، ليحفر أفراد البعثة بإصرار وبمزيد من الفرح ولمدة ثلاثة مواسم متتالية لفحص تلك القرية القاحلة، حيث لا آبار أو بساتين، فتضاريس الجزيرة مرسومة بظمأ. تزداد نشوة المعرفة في عيون الباحثين، ليغدو البحث طاغياً، وبحب، تحت سماء مشمسة حتى فحصوا الجزيرة كلها. لتخرج من أسفل الأنقاض المتراكمة مئات المدافن الحجرية المتقنة الصنع والمنقوشة على عمارة مميزة تعود إلى العصر البرونزي (2700 ـ 2000) قبل الميلاد. وبحذر شديد نقبت البعثة بصمت وأزالت الغبار عن مدافن خرجت بأشكال دائرية كبيرة وبقبب حجرية ومقسمة إلى غرف، كل منها بعدة هياكل بشرية، غرف بمداخل خاصة ومنحرفة الشكل في ذلك العراء لتحيا الجزيرة من جديد. كانت مفاجأة بازغة ليقوم الفريق الأثري بالتحري والولوج في حياة المستوطنة التي كانت قائمة على جزيرة لم تخرج منها مؤخراً سوى مصفاة للبترول سميت بمصفاة أم النار، لكنهم الآن أمام مقبرة تلتهمها الشمس، ليجدوا الزخارف على الحجر ورسومات تُعبر عن واقع الكائنات آنذاك والاعتقاد الديني لهؤلاء المستوطنين. رسومات ونقوش لحيوانات كالمها والثيران والجمال والثعابين على جدارن…
آراء
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤
إذا كان مدير عام الخطوط السعودية خالد الملحم قد وجه خطاباً شديد اللهجة لنائبه للتحقيق فيما يقوم به موظفو الخدمات الأرضية من حجب للمقاعد وحرمان المسافرين من الحصول على حجوزات كما ذكرت صحيفة «الوطن» في عددها الصادر بتاريخ 31/ 12/ 2013، فإنني أود أن أهديه هذه القصة التي حدثت قبل أيام، ولا يزال أبطالها يفكون أمتعتهم بعد إتمامهم لرحلة السفر العجيبة. بطل قصتنا سافر للرياض لقضاء بعض أعماله وهو يخطط للبقاء فيها أكثر من أسبوع، لكن ولظروف عائلية استجدت قرر العودة مبكراً قبل موعده بأيام، بالطبع لم يكن لديه حجز للعودة من الرياض إلى جدة، ولم يستطع إيجاد أي مقعد شاغر عندما حاول ذلك عبر موقع الخطوط الإلكتروني وعبر الهاتف، كانت النتيجة دائما هي لا يوجد مقعد، سواء على درجة الضيافة أو الأفق أو الأولى. ولأن صاحبنا مضطر فعلاً للعودة فقد قرر أن يذهب بنفسه للمطار وأن يحاول أن يجد مقعداً عبر خدمة الانتظار حتى لو بقي لساعات إضافية في المطار. وبالفعل ذهب وفوجئ بالأعداد الكبيرة للمنتظرين وبعضهم قد أمضى الليل كله ينتظر رحلة شاغرة دون جدوى، أصيب بالإحباط لكنه لم ييأس، قام بتسجيل بياناته وجلس ينتظر الفرج، مرت الساعات بطيئة ولا أحد يتحرك ولا شيء مبشر حتى مال عليه أحدهم وقال له «هل تريد أن تسافر لجدة؟» ودون أن…
آراء
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤
أنا فعلاً سعيد جداً بالتعرف إليك..! أحاول أن أرسم لك صورة نمطية في ذهني لا تتعدى وجه مراهق يملؤه النمش، شعره منكوش! لا يغادر مقعده إلا لإجابة نداء الطبيعة، تغطي أذنيه سماعات تتصل بجهاز ما يبث بعض الأغاني التي تشعره بأنه ينتمي فعلياً إلى الغرب الأميركي! وبالطبع بقايا طعام بجواره وتحت شفته السفلى! والعديد من الأجهزة الإلكترونية تملأ حجرته! لكنني فعلاً أستغرب سبب اختيارك لي على وجه التحديد، هل تبحث عن أرقام بطاقاتي الائتمانية؟! كان يمكنك أن تطلبها مني مباشرة بدلاً من «اللف والدوران»، أو إرسال روابط ما يسمى بالاصطياد الإلكتروني، كلها موقوفة على كل حال..! هل تبحث عن صوري؟ لا أعتقد أن هناك ما يغري فيها، كما أنها موجودة في الصحيفة..! وأنا مقطوع من شجرة، هل تحاول سرقة معلومات أصدقائي؟! أهمهم يعمل مفتشاً على صالونات الحلاقة في شارع العروبة! هل ترغب في معرفة فريقي المفضل أم أغنيتي الأثيرة أم الأكلات التي أعشقها؟! أؤكد لك أنني أنتمي إلى ذوق قديم لن تجد فيه ما يثيرك! على الرغم من هذا كله فأنا أعتبرك صديقاً، كنت دائماً أرى شيئاً من بقاياك، رسالة لم أرسلها، صورة تم نسخها، تسجيل في موقع لا يهمني، خصم إضافي على بطاقة ائتماني، ورغم ذلك فقد عاملتك كما نعامل ضيوفنا، ولأكثر من ثلاثة أيام، لم أضع جداراً نارياً…
آراء
الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤
في مادة "العلوم" لا تستغرب أن تجد أن مجرى البول أصبح في القلب، وأن ضعف الغطاء النباتي بالقرب من البحار سببه خروج الأسماك ليلاً لتأكله، أما في مواد "الدين" فالضفدع يعد من المشروبات المحرمة، والسر في إخفاء ليلة القدر هو الخوف من قريش! أما شروط صلح الحديبية فهي "ألاّ يتهاوشون مرة أخرى"!، وتعريف القتل العمد هو القتل بـ(العامود)، سواء من الخشب أو الحديد، وقتل الخطأ هو أن يقصد قتل رجل فيقتل آخر! وفي "الجغرافيا" تجد أن شروق الشمس على الرياض قبل مكة؛ بسبب أن الرياض هي عاصمة المملكة! وفي "النحو" يعرف النداء فيها بأن تقول لواحد: "تعال"!. ما سبق إجابات "درام_كوميدية" وضعها بعض طلابنا في أوراق إجابة الاختبارات وبارتجال واضح، تناقلته الصحف وقنوات التواصل الاجتماعي وأجهزة المعلمين والطلاب الهاتفية في مشهد مكرور كل موسم "اختباري" خصب لعرض نماذج متنوعة من غرائب ونوادر التعليقات المدونة على أوراق الإجابات بمنأى عن مادة الاختبار لتسلك طرقاً مختلفة تضجراً من صعوبة أسئلة الاختبار، وأخرى يحفها طابع التودد والاستعطاف، وثالثة يائسة من تجاوز الامتحان، أما المنعطف الأهم فيسلك جانباً "درام_كوميدي" يجعلك تبكي فجيعة مما وصلت إليه الإجابات كدليل على مخرجات تعليمنا المستنزف، بدءاً من الاستهتار بالتعليم، وخذلانٍ لطموح الغد، وأخطاء نحو تعليمنا وطرقه ومناهجه حتى قياسه بتلك الورقة البيضاء "الاختبارات" التي جعلنا منها قصةً تتحكم…
أخبار
السبت ١٨ يناير ٢٠١٤
- بعد ظهيرة يوم الأربعاء التاسع و العشرين من أوغست / آب ٢٠١٢ ، طرق البروفيسور ديمتري غوتاس باب حجرة القراءة الخاصة بقسم الدراسات العربية و الإسلامية في الطابق الخامس لمبنى ستيرلينغ ميموريال لايبرري ، المكتبة التي تكمل عمّا قليلٍ عامها الرابع و الثمانين مشكّـلةً أقدم و أضخم مكتبات جامعة ييل و ثاني أكثر المكتبات الأكاديمية في أمريكا الشمالية ثراءً بمصادر المعلومات . - تتوسط الحجرة صورة شخصية محاطة بإطار كلاسيكي ذي لونٍ بني مذهب . صاحب الصورة يمثل الأب المؤسس لتقاليد قسم الدراسات العربية و الإسلامية في ييل : فرانز روزنتال ، مترجم مقدمة ابن خلدون ، أو ” شيخنا ” كما يحب أن يدعوه ديمتري غوتاس ، شيخي أنا و بقية زميلات و زملاء القسم الذين لا يتجاوزون سبعة طلاب يتوزعون على ثلاث قارات ، ينتمون إلى ثلاث ديانات ، يتكلمون أكثر من سبع لغات ، و يـُـطلـَـقُ عليهم لقبٌ واحد : ” المستعربون الجدد ” . - شهدت الحجرة اللقاء الأسبوعي لمادة (مدخل إلى الدراسات العربية و الإسلامية ) التي تــقَــدَّم للمنضمين حديثاً إلى برنامج الدراسات العليا بهدف تزويدهم بنظرة بانورامية عن الثقافة العربية / الإسلامية : لحظاتها التأسيسية ، شخصياتها المحورية ، و أفكارها المركزية ، انطلاقاً من وجهة نظر تقاليد البحث العلمي الغربي التي لا تكف عن التحول الداخلي الخلاق اعتماداً على آليات نقدية تنظر إلى…
آراء
السبت ١٨ يناير ٢٠١٤
حين نزح الفلسطينيّون إلى سوريّة، بعد نكبة 1948، فعوملوا فيها أفضل ممّا عوملوا في أيّ بلد عربيّ آخر، لم يكن حزب البعث يحكم سوريّة. والأمر نفسه حين أقيم مخيّم اليرموك في 1957. بطبيعة الحال كانت القوميّةُ العربيّة الرطانةَ الإيديولوجيّة التي تسود سوريّة والسوريّين، وربّما وفقاً لها اختير اسم المخيّم الفلسطينيّ الأكبر تيمّناً بالمعركة التي حملت الإسلام والمسلمين من شبه جزيرة العرب إلى بلاد الشام ثمّ عرّبت الأخيرة. أغلب الظنّ أنّ حزب البعث ما كان ليفعل شيئاً آخر يختلف عمّا فعلته الأنظمة السابقة عليه في ما خصّ استقبال اللاجئين الفلسطينيّين وإقامة المخيّم وتسميته. فهو إنّما نشأ على الرابطة العروبيّة، بل جعل منها علّة وجوده. فوق هذا، لم يكن «تحرير فلسطين» غريباً عن ترسانته الإيديولوجيّة الطالعة من القصائد. ما اختصّ به البعث الحاكم، على أيّة حال، هو إحداث انقلاب في الوظائف المسمّاة قوميّة: فبدل أن تقاتل الدولة السوريّة، وكلّ دولة عربيّة، لتحرير فلسطين، على ما تقول المقدّمات النظريّة والتعبويّة للحزب، بات الفلسطينيّون مدعوّين للقتال خدمة للدولة السوريّة كما يبنيها البعث ويحتكرها. هكذا، وفي وقت مبكر، أسّس الأخير منظّمة «الصاعقة» التي تأتمر بأمره، كما امتلك اليد الطولى في منظّمات فلسطينيّة الاسم، كـ «الجبهة الشعبيّة – القيادة العامّة» و «جيش التحرير الفلسطينيّ»، قبل أن يشقّ حركة «فتح» ويقدّم «فتح الانتفاضة» بديلاً لها. في موازاة…
آراء
السبت ١٨ يناير ٢٠١٤
أزمة تعيشها الكثير من البيوت والأسر في بلادنا، وهي على مر السنين أخذت في التفاقم رغم جميع الجهود المبذولة من الدولة، إلا أن حجم الأزمة أكبر إذ أخذ يزداد عدد المرضى النفسانيين في المملكة، ورغم أن هناك أربعة مستشفيات جديدة افتتحت في العامين الماضيين بالإضافة إلى المستشفيات القديمة، وهناك اثنا عشر مستشفى في طور الإنشاء وضمن خطة الدولة في معالجة الأمراض النفسية والأمراض المصاحبة لها إلا أن حجم مشاريع العلاج النفسي لا تتناسب مع المرضى المصابين بهذا المرض. والحقيقة أن معظم الجهود تركز على معالجة المرض، ولا نبحث عن أسبابه وجذوره، ولن نستطيع أن نخفض نسب المصابين بهذا المرض حتى نعالج السبب الرئيسي للإصابة به من الجذور. وتشير بعض التقارير الطبية إلى أن أهم الأسباب هي غياب العدالة الاجتماعية، وسوء المعاملة في المدارس والجامعات وأماكن العمل وفي المجتمع بأكمله. ومن الأسباب الرئيسة سوء التربية في المنزل. وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية عن المرض النفسي والعقلي فإن المرضى يشكلون أكثر من 20% في بعض الدول من إجمالي عدد السكان، وتقارير أخرى تؤكد ارتفاع النسبة إلى 30% في بعض الدول وهي نسبة جداً كبيرة بجميع المقاييس ويكلفون دولهم والدول التي يعيشون فيها مبالغ باهظة جداً، عبر خطط استراتجية علاجية داخل المستشفيات وخارجها وداخل المؤسسات التعليمية، ففي الولايات المتحدة فقط تكلفة معالجة مرض…
آراء
السبت ١٨ يناير ٢٠١٤
لماذا لم يبادر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الشهير بـ «داعش» إلى الاتحاد مع الفصائل الإسلامية الأخرى مثل أحرار الشام وحركة المجاهدين، بل حتى «شقيقته» جبهة النصرة، على رغم أنه يتفق معها في الخلفية السلفية، وهي مثله ترفض الديموقراطية وتنادي بدولة إسلامية؟ الإجابة بسيطة جداً. لأنه هو «الدولة»، فكيف تنضم الدولة إلى تنظيمات؟ بل إنه يرى أن على هذه التنظيمات الدخول تحت مظلة «الدولة»، ومبايعة «أمير المؤمنين» أبو بكر البغدادي على السمع والطاعة في المنشط والمكره. هذه الحقيقة البسيطة مكلفة جداً، فهي تفسر الحرب الأهلية الصغرى في داخل حرب أهلية أكبر، والدائرة رحاها الآن في شمال سورية بين تحالف من كل القوى الإسلامية وبين «داعش»، ذلك أنها بمنطق الدولة علَت وتجبرت، فاعتقلت هذا وأعدمت ذاك في المناطق التي كانت تحت سيطرتها، ويكشف سجل للمعتقلين في سجونها حصل عليه أحد المقاتلين، أن «سبّ الدولة» كان من أسباب الاعتقال، فمن الواضح أنها وإن كانت «إسلامية» فإنها لا تقبل بالرأي الآخر، وسيجد أنصارها تبريراً لذلك بـ «لما له من تفريق لصف المسلمين». فكرتا «الدولة» و «أمير المؤمنين» قديمتان اختصت بهما الحركات السلفية الجهادية، وأحسب أنها تبلورت ما بين أحراش الجزائر وضواحي لندن، فبعدما أوقف انقلاب عسكري المسار الانتخابي في الجزائر في كانون الثاني (يناير) 1992، واعتقل الآلاف من قادة وأنصار «الجبهة الإسلامية…
آراء
السبت ١٨ يناير ٢٠١٤
كنا نتناقش مع أحد المسؤولين بوزارة الخارجية الكويتية بحضور السيدة أرينا بوكوفا مديرة منظمة اليونسكو حول دور المنظمة في الأزمة السورية، وكان الحديث يتركز حول ضياع كبير يواجه اللاجئين السوريين، وأن قضيتهم تكبر ككرة الثلج وتتدحرج وقد تنتقل إلى أماكن مختلفة في العالم. فهم يعيشون الحرمان في كل لحظة، ويعيشون لحظات اضطراب كبيرة خصوصاً إذا ما عرفنا أن الإنسان في مثل هذه الظروف يفقد معنى الحياة، ولا تعود تشكل بالنسبة له أي معنى، ومن ثم فإن بعض هؤلاء قد يتحولون إلى قنابل موقوتة ربما تنفجر في أية لحظة. كما أنهم قد يشكلون الوقود للمنظمات الإرهابية سواء أكانت «داعش» أو غيرها، ومن ثم فإن ما يحدث يمسّ العالم بأكمله. وكنت أقول لبوكوفا مديرة اليونسكو إننا نتحمل مسؤولية كبيرة في هذه المنظمة لكونها هي المعنية ببناء العقول وقيم السلام العالمي إلا أنها لم تخرج إلى السطح في هذه المرحلة الحرجة. ويستمر النقاش حول العبث الكبير الذي تمثله المنظمات الإرهابية في سوريا وكيف تمكنت من بناء قوتها واستطاعت أن تعيد بناء مخزونها من التطرف والعنف. وهي أسئلة محيرة وعلينا التفكير في أساليب مختلفة لفهم خلفياتها، فالمواجهة مع أمثال هؤلاء لن تحلها المدافع بقدر ما يحلها فهم طبيعة الخلل الذي أصاب بعض العقول. وهؤلاء يعيشون ما نسميه بالاغتراب، ولا تعني الحياة بالنسبة لهم أي…
آراء
السبت ١٨ يناير ٢٠١٤
قرأتُ مقالاً لشاب أميركي بدأه بقصة عن مُدربة تمثيل تستيقظ كل صباح فتُعد القهوة ذاتها وتأكل كعكة صغيرة. تلبس ثياباً شبيهة بثياب اليوم الماضي، تخرج من شقتها وتركب المصعد ذاته، تخرج من العمارة وتتجه إلىزاوية الشارع نفسها كل يوم، تلوح لسيارة أجرة، تستقلها متجهة إلى المسرح، تدخل من الباب، تعتلي الخشبة، تنظر إلى طلبتها، ثم تتخذ أول قرار في يومها عندما تبدأ بتدريبهم. لا تتخذ هذه المرأة أي قرار حيوي قبل دخولها المسرح، تماماً مثلما يفعل باراك أوباما كل صباح في البيت الأبيض، حسب كاتب المقال، الذي يستيقظ في السابعة، يدخل الصالة الرياضية في السابعة والنصف، يبدأ تمرينه اليومي حتى الثامنة والنصف، يستحم، ثم يلبس إحدى بذلتين: زرقاء أو رمادية. حتى ان زوجته ميشيل تسخر منه أحياناً مستنكرة كيف صارت حياته روتينية إلى هذا الحد! إلا أن الرئيس الأمريكي يُدرِك أنه يحتاج إلى الاحتفاظ بجودة قراراته للمهام الكبيرة، فللإنسان طاقة محدودة في اتخاذ القرار، تماماً كما هو حاله في التمارين الرياضية، وعليه أن يدخر قوته للمراحل والمواقف الصعبة. ولكي يُحقق أحدنا ذلك، فإنه يحتاج إلى أن "يُرَتْوِنَ" أكبر قدر من الأعمال في حياته حتى يتفرّغ للمهمة منها.قد تبدو كلمة "روتين" سلبية، وهي كذلك إذا ما تعلقت بإجراءات العمل الحكومي، ولكنها ليست كذلك على صعيد الحياة الشخصية. فمع كثرة انشغالنا، ولشدة…