آراء
الجمعة ١٠ يناير ٢٠١٤
حسناً .. بعد عدة أحداث وقعت في السعودية كان آخرها التحرش بطفلة الدمام علت أصوات الشعوب المتوهجة بروح الإباء والكرامة والغضب والـ .. آسف لهذا الحماس، المهم أن هناك فئة تطالب بتشريع قانون لردع التحرش، في دراسة نشرها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني مؤخراً عن آراء 1000 مواطن ومواطنة كعينة عشوائية من مختلف أنحاء السعودية عن التحرش، وُجد أن 76% يرون أن غياب قانون رادع للتحرش يؤدي إلى انتشاره، التحرش كظاهرة تقع في كل مكان وبالتالي فالقانون المقترح يقتضي تعاون وزارات العمل والتربية والتعليم والتعليم العالي والصحة وهيئة الأمر بالمعروف ووزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الثقافة والإعلام وأمارات المناطق ومجلس الشورى وهيئة الخبراء في مجلس الوزراء، ببساطة أن نقتله جميعاً يا عكرمة فيضيع دمه بين القبائل، ليس هناك جهة حكومية واضحة لتشريع قانون التحرش ثم تطبيقه. الوزارات في السعودية عبارة عن أرخبيل جزر معزولة، كل وزارة تسبح وحدها في ملكوت الله، تخيلوا معي هذا المشهد، نحن الآن في صيف عام 2003 في أحد المباني الحكومية في الرياض، هناك رجل من الجنسية السودانية اسمه عبدالمقصود يجلس أمام 12 شاشة كومبيوتر يعود إنتاجها إلى عقد السبعينات الميلادية، وفي زاوية الغرفة يوجد طابعة ماتركس تبدو معطلة ولكنها فجأة تصدر صوت غريب ويخرج منها الورق، هذا ببساطة كيف تتواصل الوزارات السعودية مع بعضها البعض…
آراء
الجمعة ١٠ يناير ٢٠١٤
قبل كل شيء، هنا نصيحة: إذا أردت استكمال دراستك العليا (الدكتوراه) فأنا معك قلباً وقالباً، وأشد على يدك، لكنْ انتبه! فأول شرط أساسي في تحقيق هذا الحلم هو اختيار «المشرف الأكاديمي»، ابحث عن المشرف الإنسان وليس الأكاديمي فقط! فالمشرف الإنسان سيقف معك مادمت عند حسن ظنه، لكن المشرف الأكاديمي قد يتنازل عنك حتى عند أهم لحظات حياتك، وربما يوم المناقشة، لمجرد اختلاف بسيط معه أثناء إعداد البحث. والآن تبدأ القصة.. لم تمضِ أشهر على البدء بدراستي للدكتوراه في بريطانيا حتى ضربت الأزمة المالية العالم، فتأثرت جامعتي، وقرّرَتِ الاستغناء عن مجموعة من الأكاديميين فيها، وكان من ضمنهم البروفيسور جون شارب، مشرف رسالتي، فقمنا بالبحث عن مشرف جديد أواصل معه الرسالة، لا أنْ أبدأ من جديد، فوقع الخيار على الأستاذ ديرك هيل. ديرك لم يكن من حَمَلَةِ الدكتوراه، لكنه كان يملك خبرة تدريسية لأكثر من عقدين من الزمان، والأهم من ذلك كله كان «إنساناً»! مازلت أذكر سؤاله المعتاد مع كل لقاء: Are You Happy? فأرد عليه: اسمي «سعيد»، ولكل امرئ من اسمه نصيب، فلابد أن أكون سعيداً! أجمل ما في ديرك حياتُه العائلية، فهو شديد التواصل مع والدته ــ توفاها الله ــ وأبنائه وأحفاده، عكس الآخرين في المجتمع الغربي. ولن أنسى فضل هذا الرجل؛ لأنه وقف معي حتى في لحظات ضعفي أثناء…
آراء
الجمعة ١٠ يناير ٢٠١٤
هناك إشكاليات فقهية تظهر بين فترة وأخرى، ومن أكثرها حساسية هي مسألة "تكفير الآخر"، فقد ثار جدل ونقاش حول توصيات مجمع الفقه الإسلامي الذي عقد مؤخراً بمدينة الرياض، بشأن الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية، ومن أبرز هذه التوصيات:" تحريم تكفير أي فئة من المسلمين تؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتؤمن بأركان الإسلام، وأركان الإيمان ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة، وحرمة دماء المسلمين باختلاف طوائفهم، وتحريم الاقتتال بينهم مطلقاً". ومن الانتقادات التي وجهت إلى هذه التوصيات من بعض المختصين، هي وجود خطأ علمي يتعلق "بعدم الجرأة على تصحيح أخطاء الماضين"، وهذه التوصيات ما هي إلا تقرير لواقع التكفير في المجتمعات الإسلامية، وذلك بسبب وجود شرط "المنكر للمعلوم من الدين بالضرورة"، الذي يمثل الاستثناء من منع التكفير، حيث إن العديد من علماء المسلمين اختلفوا في قضايا تعتبر من ضروريات الدين، ولذلك اتخذ المتشددون والمتطرفون هذا الشرط في تكفير خصومهم والمخالفين لهم بحجة إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وبالتالي فإن هذه القرارات والتوصيات لن تتحقق على أرض الواقع. وكان رد مجمع الفقه الإسلامي على هذه الانتقادات بالقول بأن "المراد بالمعلوم من الدين بالضرورة هو ما اتفق عليه علماء الأمة وأجمعوا على حكمه، مثل فرضية الصلاة والزكاة وحرمة الزنا والربا.. إلخ، وليس المراد محل خلاف بينهم، وإنه لا يثبت…
آراء
الجمعة ١٠ يناير ٢٠١٤
مع زيادة وتيرة الاحتدام السياسي في المنطقة ودخول المذهبية والدينية إليها مما ينذر باستفحال الصراعات الدينية والمذهبية والتغرير بالبسطاء للدخول في هذا الصراع، فإن الإعلام أمامه مهمة عظمى في إزالة أو تخفيف هذا الصراع، وليس هو الوحيد وإنما الجميع لا بد أن يعمل لوأد هذا الصراع، ولكني أخصه بالذكر هنا كأحد أبرز من توكل إليهم المهمة. ما نحتاجه من إعلامنا أن يقوم بدور المنقذ لمجتمعاتنا من التدهور الحاصل من هذه الصراعات، ولا بد من أن يغير الطريقة التي يعالج فيها هذه الصراعات بدلا من طريقة ترداد وعرض الجرائم الشنيعة التي قاموا بها، أو عرض الفتاوى المحذّرة منها فقط، بل لا بد من عرض فكرة توظيف الدين وكيف يُستغل، والعوامل النفسية والاجتماعية التي تجعل الفرد ينخرط في صراع طائفي والإتيان بمتخصصين في ذلك، وكيف يتلقى من رهبان الطائفة أيا كانت؟ وكيف أصبحت الحياة الحديثة بعيدة عن هذا المتلقي البسيط ولا يقدم أدبياتها عليهم؟ وهل الخطاب الديني عموما في تلك المجتمعات أسهم في ذلك؟ وهل الدول مسؤولة بعرضها لخطاب ديني باهت؟ كل هذه الأسئلة وغيرها لا بد أن يتناولها الإعلام وبكثافة، وأن يكثف من الحوارات مع الأطياف المختلفة فكريا وعقديا وإن لم يكونوا هم جزءا من الصراع، لأن كثرة عرض الحوارات في الأديان والأفكار الدينية عموما تعطي انطباعا بنسبية هذه الأفكار، ولا…
آراء
الخميس ٠٩ يناير ٢٠١٤
قبل نحو ستة أشهر، زرت مجلساً لأحد الأصدقاء في الرياض، وكان الحضور متنوعاً والحديث ملتهباً حول قصة تُروى عن حدوث قتال بين سعودي (سني) وآخر (شيعي) في سورية، كل منهما يظن أنه يدافع عن معتقده وعقيدته التي فطره الله عليها. الأول مع تنظيم إسلامي (سني)، يقاتل نظام بشار الأسد، والآخر مع تنظيم إسلامي (شيعي)، يدافع عن هذا النظام. استفزني الخيال القريب - البعيد عندما فكرت في ماهية المشهد في مقبل الأيام، وكيف ستكون حالنا بعد عودة أبنائنا من أرض القتال وهم مدججون بالضغائن والفتن! أمس تداول مغردون كثر على «تويتر» أن سعودياً (سنياً) من جبهة النصرة قتل سعودياً آخر (سنياً) من «داعش»، تذكرت أيضاً القصة الأولى وربطتها بالثانية وبما قبلها. أليست الفتنة تسير على قدميها، وتركض حثيثة، ولن تستثني أحداً في المستقبل القريب لا البعيد، بعد أن جرت تعبئة الرؤوس بالكراهية وتجييشها بالعداوة والحقد ولغة الدم؟ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبداللطيف آل الشيخ رجل جريء صرّح بشجاعة ضد من وصفهم بالغلو والتطرف واستغلال العاطفة الدينية لتحريض الشبان السعوديين على الجهاد وجمع «التبرعات» باسم الدين. الآن يواجه آل الشيخ حملات شعواء من هؤلاء المتطرفين والغلاة، لكشفه زيفهم وأنهم يغرّرون بالشباب، ويعملون على إرسالهم إلى مواطن الفتن والقتال، فيما أبناؤهم ينعمون برغد العيش، ويقضون إجازاتهم في أجمل المنتجعات…
آراء
الخميس ٠٩ يناير ٢٠١٤
إلى أن تجد وزارة المياه والكهرباء أصحاب الآبار المكشوفة عليكم الحذر والحيطة عند خروجكم إلى أي موقع، هناك 130 ألف بئر مكشوفة ومرصودة من الوزارة بحسب تصريح مدير تنمية موارد المياه في وزارة المياه والكهرباء ولا يُعرف أصحابها، وفي لقاء مع «الاقتصادية» ذكر المهندس سعيد الدعير الصعوبات التي تواجهها الوزارة، وهي بصدد البحث عن أصحاب هذه الآبار «غير المرخصة» لردمها على حسابهم. أما الموجود منها في أراضٍ حكومية أو برية فسيردم على حساب الوزارة «متى ما اعتُمدت الموازنة الخاصة بها».الرقم كبير، وهو ما تم رصده بحسب وزارة المياه، وهو ما يعني احتمالاً أكبر بأن هناك كثيراً لم يُرصَد، هذا غير المرخص. ولا شك أن هناك صعوبات في التعرف على أصحاب الآبار وإقناعهم أيضاً بالردم، إلا أن وقوع حوادث سقوط أطفال، ولاسيما في الآبار الارتوازية يستلزم التحرك السريع، وليس انتظار موازنة أو البحث عن أصحاب تلك الآبار. الوزارة ممثلة في مجلس الوزراء تستطيع طرح القضية خاصة والأسى على وفاة الطفلة لمى لا يزال حاضراً وقبل أن يتم نسيانه، يمكن استصدار قرار أو أمر يحسم الإشكالات.أيضاً يمكن للوزارة - بما أنها رصدت كل هذه الآبار المهملة - وضع خريطة لها وإعلانها، وإلى حين الردم أو التسوير تضع وسائل تحذير واضحة للعابرين والمتنزهين. ليس في هذا اختراع، والقضايا التي يجب أن تتجاوز الإجراءات…
آراء
الخميس ٠٩ يناير ٢٠١٤
"الشداد" من لوازم ركوب البعير ويصنع من الخشب وتربط أجزاؤه بالوتر.. اليوم سأستشهد بمثل بدوي يقول: "مكسر شداده وأرنبه نايمة".. والمثل يلخص قصة رجل يسير في الصحراء فوق بعيره، فأصابه الجوع، فشاهد أرنبا نائمة، فعزم على صيدها.. وشوائها وأكلها.. فنزل عن الجمل.. ثم نزع الشداد.. قام بتكسيره، ثم أوقد منه النار التي يريد أن يشوي الأرنب عليها.. فلما احمرّت النار وأجمرت، أخرج بندقيته، ليفاجأ بأن الأرنب استيقظت وهربت.. فلا هو الذي صادها وأكلها، ولا هو الذي احتفظ بالشداد! الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تبشرنا منذ فترة بمشروع النقل العام.. و"البشارة" على كل حال سلوك بشري حميد لكن شريطة أن تكون حقيقية، لا أن تنقل الإنسان من الواقع نحو الخيال.. قبل يومين عقدت الهيئة العليا اجتماعا ـ وما أكثر اجتماعاتها، وما أكثر ما يصرف على هذه الاجتماعات ـ تتحدث فيه عن "قيمة التذكرة" التي سيدفعها الشخص الذي سيركب المترو المنتظر! لا أبالغ، ـ والخبر منشور في الصحف ـ حيث تقول الهيئة: تعرفة استخدام شبكتي القطار والحافلات في مدينة الرياض، لن تكون مكلفة، باعتباره مشروعا حكوميا خدميا وليس استثماريا! أين هو هذا المشروع الضخم الذي أضعتم وقتكم من الآن بحساب قيمة التذاكر.. مشروع لم تتم ترسية عقوده حتى الآن، ويتم الحديث عن التذاكر والعوائد! كسرت الهيئة الشداد، وبدأت توقد النار تحت أحلام…
آراء
الخميس ٠٩ يناير ٢٠١٤
في الأسابيع الأخيرة من العام المنصرم 2013، أكدت وزارة الاقتصاد في الإمارات استقرار أسعار السلع الاستهلاكية في الدولة، وعدم موافقتها على أية زيادة فيها، باستثناء بعض السلع كالدواجن، وفي بعض أنواعها نتيجة ارتفاع التكلفة الذي يواجهه موردو الدواجن. وأكدت الوزارة رقابتها المحكمة على الأسواق، وحرصها على استقرار الأسعار وعدم ارتفاعها. بدأ العام الجديد، وأصبحت الشكوى من ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية حديث المنازل والمجالس وبرامج البث المباشر، فقوائم المشتريات عند الأسر، في حين أن قيمتها ارتفعت بنسبة لا تقل عن عشرين في المئة. رواتب المواطنين في الإمارات والوافدين في الوزارات الاتحادية لم يطرأ عليها زيادة منذ آخر زيادة كانت في عام 2012، والزيادات في المحلية لم تكن بعد ذلك الوقت، ما يعني عدم وجود تغيير على رواتب الموظفين ومصادر الدخل،وفي أحوال كهذه، تصبح زيادات الأسعار غير المبررة أمراً مرهقاً اقتصادياً وإنسانياً واجتماعياً للأفراد، ويحملهم فوق طاقتهم، فالأسر وإن فضلت بقاء الرواتب على ماهي عليه دون زيادة، فذلك أفضل لها بكثير من أي زيادة تطرأ على الرواتب وتقابلها في الوقت نفسه زيادة طردية في أسعار السلع تتسبب في غلاء المعيشة بشكل عام. لا ننكر أن لدينا في الإمارات بنى تحتية من أفضل البنى، ومشاريع تطويرية مكلفة، ولا ننكر ارتفاع أسعار الشحن والجمرك العالمي الذي نتأثر به شئنا أم أبينا، ولكن في الوقت…
آراء
الخميس ٠٩ يناير ٢٠١٤
كلفتني الجامعة بإجراء بحث يهدف إلى تدريب الطالب كأخصائي اجتماعي ميدانيا في المستوى الماضي، وقد خصصت لنا 3 مجالات: طبية وتعليمية واجتماعية، ومن المؤسف أن القطاع التعليمي شبه منعدم من دعم الخدمة الاجتماعية، لا سيما أن هذا يتزامن مع الظواهر السلبية في الحياة العامة، التي من الممكن أن تستجيب لها الخدمة الاجتماعية كمهنة، وتسهم في تجاوزها، وهذا إذا نظرنا إليها بصفتها نظاما ضروريا ومتخصصا لقيادة وتوجيه وإحداث التغير الاجتماعي، إذ إن من أهم أهدافها تأمين مستوى معيشي مناسب من الحياة لكافة أفراد المجتمع، إضافة إلى أن الرعاية الاجتماعية ـ بمختلف الاتجاهات التي يمكن أن تتبناها من خلال منظور ديناميكي ـ تعد أساسا لإيجاد التوازن والاستقرار الاجتماعي، ومدى نجاح سياساتها يُقاس بمقدار تجنب الوقوع في الأخطاء الناتجة عن التقصير والتخاذل وسوء التخطيط، خاصة في السياسة التعليمية، التي تعد واحدة من أهم قطاعات السياسة الاجتماعية. ما زال التعليم يشكل حركة محورية غير ناجزة بالشكل المرضي، ولا زلنا نبحث عن طرق مجدية للجوء إلى سياسة واقعية مدروسة لإعادة وترتيب نظم التعليم، سواء بالتغيير، أم إعادة الصياغة، أم البحث عن الإصلاح؛ لأجل تجاوز واقع التخلف الذي يعتري مدارسنا وجامعاتنا، وحين نسلط الضوء على الوضع الناتج عن القصور الوظيفي الذي يفترض أن تقدمه الأسرة أو المدرسة، سنجد الكثير من شكليات الانحراف أو المخالفات أو الجنوح…
آراء
الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠١٤
«دولة الشام والعراق الإسلاميّة»، التي باتت تُعرف بـ «داعش»، صارت، بين ليلة وضحاها، طرفاً يُحسب له كلّ الحساب. إنّها الحركة المتزمّتة، العنفيّة والبطّاشة، التي تتجاوز الحدود الوطنيّة لدولتي العراق وسوريّة وتزعم دمجهما في دولة واحدة ذات أفق إسلاميّ. إنّها، بالتالي، وحدويّة، نافية لما تواضع عليه سايكس وبيكو. صعود «داعش»، هذا الحدث الذي شهده العام 2013 الفائت، ولا يزال يئنّ تحت وطأته العام 2014 الجاري، عرف ما يشبهه قبل ستين عاماً، حين استولى «حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ» على السلطة في العراق وسوريّة بفاصل شهر واحد فحسب (8 شباط/ فبراير و8 آذار/ مارس). طبعاً، الفوارق بين حزب «البعث» ومنظّمة «داعش» كبيرة ونوعيّة. فالأوّل وصل إلى السلطة عبر الانقلاب العسكريّ وكان يقول بالعروبة إيديولوجيّةً له، أمّا الثانية فتسمّي نفسها مشروعاً جهاديّاً وتقول بالإسلام مرجعاً إيديولوجيّاً وحيداً حاكماً لها. مع هذا، فالبعث حكم البلدين في 1963، و «داعش» تحاول اليوم قضم البلدين، أو سنّتهما على الأقلّ، مهدّدةً غير السنّة فيهما في وجودهم ذاته. والبلدان المعنيّان، في الحالتين، هما العراق وسوريّة اللذان حاول البعث النظريّ توحيدهما، وتعاملهما اليوم «داعش» بوصفهما بلداً واحداً. ومثلما وصل البعث إلى السلطة في البلدين بالعنف والقهر، تحاول «داعش» بالعنف والقهر الإمساك بما تيسّر منهما. لكنّ البعث يومذاك كان، في جانب منه، اعتراضاً على التيّار القوميّ العريض الذي مثّلته الناصريّة، بينما…
آراء
الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠١٤
عنوان المقال على وزن اسم للدراسة الشهيرة للأكاديمي الأمريكي والمتخصص في الشؤون الخليجية د. غريغورى غوس (ملوكٌ لجميع الفصول، كيف اجتازت الأنظمة الملكية في الشرق الأوسط عاصفة الربيع العربي) الذي استضافته قبل يومين جريا على العادة السنوية، حيث يزور الرياض كل شتاء لحضور ملتقى سياسي يتلقي فيه بنخبة من الأكاديميين من دول عدة، ويكون نقاشاً صريحاً وشبيهاً بالعصف الذهني. حديث طويل ونقاش صريح مع الضيف حول الأوضاع الدولية والاقليمية ومستقبل المنطقة في ظل قراءة الأوضاع الملتهبة، لكن أهم وأول حديث للضيف الامريكي قوله: «رغم كثافة المقالات التى تتحدث عن وجود أزمة في العلاقات السعودية الأمريكية، إلا أنني لم ألاحظ في واشنطن أية بوادر لأزمة حقيقية في العلاقات السعودية الامريكية على المستوى السياسي والاقتصادي والتعليمي والشعبي «واتفقت معه على أن الخيال ذهب بعيداً بالعديد لإظهار ان العلاقات السعودية الامريكية تمر بمرحلة صعبة وحرجة، ولعل هذا الوصف لا يوجد إلا في خيال من يتمنى ذلك». صحيح أن واشنطن تراجع سياساتها وتعود أكثر للمحافظية السياسية ولكن هذا الأمر طبيعي حتى اللحظة. كما أن إحجام واشنطن عن التدخل في بعض الملفات الشائكة جاء نتيجة براغماتية سياسية، وفيما يتعلق بالأزمة السورية والمصرية فواشنطن ترى أن الرياض ودول الخليج لم تتشاور معها بما فيه الكفاية قبل البدء باتخاذ مواقف مصيرية، لذا فلا يُتوقع منها أن تغضب،…
آراء
الأربعاء ٠٨ يناير ٢٠١٤
لا نعرف أي مئوية سوف تبدأ مع هذا العام. ما نعرفه عن المئوية التي انتهت، مريع. شاب يُطلق النار على أرشيدوق النمسا فرانز فرديناند في ساراييفو، 28 حزيران 1914، فإذا هي رصاصة الانطلاق: تحوّل العالم برمَّته إلى مطحنة بشر. إذا أردت أن تُحصي أهم أحداث القرن الذي انتهى، يجب أن تبحث في سجلات الجحيم. هذا العالم يتغيّر كل خمس دقائق، قال ريزارد كابوشنسكي، أهم مراسلي العصر. دعك من أرنست همنغواي ومن جورج أورويل في باريس أو الحرب الأهلية الإسبانية. لم يلتقط أحد روح القرن الماضي، مثل ذلك البولوني الذي جعل الرسالة الصحافية أهم من الرواية الكبرى. كأن تقول مارسيل بروست الصحافة، التي منها تدرَّج الروائيّون الكبار في أي حال، همنغواي، غبريال غارسيا ماركيز، ديكنز، وصفٍّ طويل قد يَعنيك أن تضع فيه أمين معلوف. وقد لا تعرف أن المحرر الشاب في "النهار" هذا، كان أحد آخر المراسلين الذين شهدوا آخر أيام سايغون. سألته يومها، لماذا لم تنتظر أكثر؟ قال، متلعثماً بنفسه كالعادة: خفتُ. كان هذا قرن الخوف الأكبر. حربان عالميتان، وهذه الأسماء: موسوليني، هتلر، ستالين، ماو تسي تونغ، بول بوت، فرانكو، هاري ترومان، تشان كاي تشيك. ما بين محاولات هؤلاء السادة لإنقاذ العالم وإعادة بنائه، قُتل عشرات الملايين من البشر. ما بين القتَلَة في اليسار والقتَلَة في اليمين، انتقل هولاكو سعيداً…