آراء

آراء

السياسات الأميركية… بين إيران وإسرائيل

الأحد ٠٥ يناير ٢٠١٤

قال الرئيس الأميركي في خطابه في الأمم المتحدة، قبل ثلاثة أشهر: إن عمل إدارته خلال الشهور المقبلة سينصبُّ على إنجاز أمرين اثنين: معالجة الملف النووي الإيراني، والتوصل إلى بدايات حل فلسطيني. وما اعتبر أحد هذا التصريح جدياً؛ حتى من المراقبين الإسرائيليين والأميركيين. فقد فشل أوباما في فترة رئاسته الأولى في التقدم خطوةً واحدةً على طريق الحل الإسرائيلي الفلسطيني. وفي الجانب الإيراني، ما كانت المتغيرات واضحة الآثار بعد، بحيث كان هناك من نعى المناشدات الأوبامية أيضاً لإيران طوال عدة سنوات! وفيما يبدو الآن كأنما أوباما حقّق إنجازاً كبيراً مع إيران، فإن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية دخلت شهرها السابع دون أن تحقّق شيئاً، وإنما يكمن «التفاؤل» في استمرارها وحسْب! إنما هناك الآن «مستجدات» في الملفين: في الملف النووي الإيراني هناك مفاوضات تقنية دقيقة للدخول إلى تنفيذ الاتفاق المؤقت بستة أَشْهُر، ولا يبدو أن هناك عقبات حتى الآن من الجانبين. وفي الملف الفلسطيني الإسرائيلي تتكاثر الأخبار بشأن إقدام وزير الخارجية الأميركية قريباً (متى؟) على عرض «اتفاق إطار» على الطرفين. وإنما قبل الدخول في مناقشة مدى جدية هذه المسألة وإمكانياتها الحاضرة والمستقبلية؛ لننظر أولا في مقولة أوباما حول الارتباط بين تراجُع خطر الملف النووي الإيراني، وتصاعد إمكانيات الحل الإسرائيلي الفلسطيني. يبدو الربط بين النووي الإيراني، والحل الفلسطيني الإسرائيلي عملا من أجل أمن إسرائيل. فقد كانت…

آراء

كفاك موتا في عالم الأحياء

الأحد ٠٥ يناير ٢٠١٤

لماذا تكتب دائما ضد القوة؟ ماذا تتوقع من أمة مهزومة أن تفعل؟ أن تمضي في الاستسلام؟ ألم تلاحظ جنابك الفرق؟ أنا لا أكتب ضد القوة، بل ضد العنف. ولا أكتب ضد حماية النفس بل ضد الاعتداء. ولست أريد أن يمضي أبنائي أعمارهم كما أمضيتها أنا، محنيي الرؤوس، كل ما أريد وما أطمح إليه، شعب بكرامة ودولة ذات سيادة. لا أقبل أن تهان دولة مثل مصر في سيناء بعدما حررتها من الاحتلال الإسرائيلي وأبعدت من الذاكرة صورة أرييل شارون يتقدم جنوده فوق رمالها. أريد دولا عربية مثل سويسرا أو السويد، فيها أكبر قوى برية وجوية، لكن لحماية حيادها لا لتهديد جيرانها الضعفاء ولا لاحتلال أراضيهم ولا لإعلانها محافظات تابعة بلغة همجية هولاكوية متعالية. القول إنني أبشر ضد القوة سوء فهم وسوء نية. أنا أعاني من كوني مواطنا في بلد ضعيف يستقوي عليه العدو والأخ وسائر الإخوان وأبناء الأعمام والمخولين وجيرانهم ورفاقهم. كنت أتمنى دولة لا تحتل ولا تضطهد ولا يعيش شعبها مثلا «الهبيين»، على كتفه كيس فيه ثيابه وهو أيضا وسادته، فلا أحد يعرف موعد الهجرة التالية. لو كان العرب أقوياء لما فقدنا فلسطين ولا عدنا ففقدنا كرامتنا في 1967، من سيناء إلى القدس مرورا بالجولان. لا تسئ فهم نيلسون مانديلا. لم ينتصر بالضعف بل بالقوة. لو لم تهزم القوات الكوبية…

آراء

مستقبلنا بين “الفيصل” و”ريجيو إميليا”

الأحد ٠٥ يناير ٢٠١٤

بعد أيام من انتهاء الحرب العالمية الثانية في ربيع 1945، بدأ أهالي قرية "فلا سلا" التي تبعد عدة أميال من مدينة ريجيو إميليا في إيطاليا بعمل خلاق ومبدع، فبعد الخراب الذي خلفته الحرب قرر رجال ونساء القرية بناءَ مدرسة لأطفالهم، فبدؤوا العمل بأموال حصلوا عليها من بيع دبابة وشاحنات وخيول تركها الألمان إبان انسحابهم.. أنجزوها وكتبوا على مدخلها هذا النص المثير :"بعملنا سوياً رجالاً ونساءً، بنينا جدران هذه المدرسة لأننا أردنا مكاناً جديداً ومختلفاً لأطفالنا". وبعد سنوات أصبح "لوريس مالاجوزي" الأب الروحي لهذه المدارس "بقيادته" وتوجيهه لطاقات هؤلاء الأهالي؛ مما أهله لإعداد المعلمات وأخذ دور القائد التربوي ليس في بلدته فقط بل على مستوى إيطاليا والعالم كله!، يقول مالاجوزي: "أنا محظوظ لأنني أذكر القصة كلها بوضوح، لقد كانت الأخبار أن سكان (فلا سلا) بدؤوا بناء مدرسة للأطفال، كانوا يأخذون طوباً من البيوت المهدمة بالقنابل ويستعملونها لبناء جدران المدارس، لقد نُسفت أفكاري؛ ففكرة أن بناء مدرسة ستتجلى لأناس عاديين ونساء وعمال ومزارعين كانت بحق صدمة بالنسبة لي!، أما الصدمة الثانية فإن هؤلاء الناس كانوا يعملون سوياً ويبنون المدرسة طوبةً طوبةً دون مال أومساعدة فنية أوسلطة ولجان ومشرفي مدارس، أو قيادات حزبية. لقد قلب ما فعلوه المنطقَ والتحيز والقواعدَ القديمة للتعليم والثقافة رأساً على عقب، وأعادوا كل شيء إلى المربع الأول، وفتحوا…

آراء

طفلة مبدعة تريد فورد

الأحد ٠٥ يناير ٢٠١٤

كنت منهمكاً في قراءة مجموعة من الأوراق وبجواري طفلتي الصغيرة التي كانت تسألني عن أشياء كثيرة وأنا أحاول أجيبها بأقصر كلمات ممكنة وبتفاعل بارد، ثم قالت لي: بابا ما تبغاني أسأل؟، وعلى الفور أغلقت أوراقي وعدلت جلستي وقلت لها: بالعكس يا بابا الطفلة الحلوة تسأل على طول. الطفل يعيش بعقلية إبداعية جميلة لأنه يتمتع بالخيال الواسع والسؤال الحر والتفكير المفتوح، وعلينا مساعدتهم في الحفاظ على هذه الأشياء، وبعد دخوله للمدرسة نجد أن الطفل تنخفض نسبة الإبداع عنه من ٩٠٪ إلى ٢٪!!، لأن البيئة المدرسية تحارب الخيال بسلاح الواقعية، وتهمش التفكير المفتوح وتستبدله بقاعدة «احفظ تنجح»، وتغتال الحرية بقوانين الانضباط والصرامة، وتقتل ثقافة النقاش لأن الجو المدرسي يشعرك بأن السؤال ليس شيئاً محبباً ويدل على قلة الفهم!. المبدع مستقل عقلياً ولهذا علينا تطوير علاقتنا مع عقول أطفالنا وتساؤلاتهم، وتجنب سلوك الإكراه العقلي على ما نعتقده نحن، والمبدع خياله جامح عادة فلا تقمعوا خيال أطفالكم، فالخيال هو روح الإبداع. نحن بأمس الحاجة لبيئة غير تقليدية تحتضن المبدعين، والصناعي الأمريكي هنري فورد وصله تقرير عن الموظفين في مصنعه الشهير وكان مما كتب فيه أن الموظف س يبدد أموال الشركة ويجلس في مكتبه كل يوم ورجلاه مرفوعتان على طاولته لساعات طويلة دون أن يعمل شيئاً!، فعلق فورد على التقرير بالملاحظة التالية: (قبل سنوات جاءنا…

آراء

عن الظواهري مديرا لمدرسة ابني

السبت ٠٤ يناير ٢٠١٤

حين سئلت في مجلس "ألمع" الثقافي، مساء الأربعاء الماضي، فيما إذا كنت أخاف على أطفالي في مدارسهم من مسائل مثل تشتيت "الهوية" وتفتيت الانتماء، أجبت فورا بالنفي الجازم القاطع؛ لأن بنية التعليم للأسف الشديد وصلت إلى درجة مخيفة، لم تعد حتى تسمح لمحمد وخلدون أن يتلقيا شيئا في المدرسة. خذوها على مسؤوليتي: لم يعد التعليم ولا المدرسة وسائل تربية أو تعليم أو بناء معرفي. لم تعد المدرسة ولا التعليم أوكار خطورة على القوام الفكري والبنائي لملايين الأطفال والشباب، مثلما أيضا لم تعد وسائل بناء وتثقيف حتى ولو من أجل الأوراق والمناهج الرسمية التي يحملونها كل صباح إلى المدرسة. سأقول بالفم المليان: لا يخيفني أن تكون "نسخة" من محمد الظواهري هو المدير أو المشرف التربوي في مدرسة "الولدين"، ولا يرعبني أن تذهب "سارة" إلى مدرسة ثالثة تحت إدارة نسخة أخرى من نوال السعداوي. أطفالي مثل كل أطفالكم، ولا نكذب على أنفسنا، أول من يعلم أن الاستيقاظ في الصباح مجرد روتين "عسكري" يبدأ من طابور السابعة حتى الصافرة الأخيرة عند الواحدة بعد الظهر. لا تخافوا ولا تقلقوا من كل ما يحدث في ثنايا هذه الحصص السبع. أطفالكم مثل أطفالي لا يرون فارقا أبدا... أبدا... بين مدرس "لغتي" وبين مدرس "العلوم" وهم... أبدا... أبدا.. لا يلمسون فارقا ما بين المادتين وبين الحصتين. هم…

آراء

ماذا فعلت بنا اللا مذهبية؟

السبت ٠٤ يناير ٢٠١٤

في العام 420هـ ظهر، باسم الخليفة العباسي «القادر بالله»، كتاب وُضِعَت فيه عقيدة (أهل السنة والجماعة) وسُمّي بـ"الاعتقاد القادري". إلا إن ابن تيمية يقول بأن الكتاب من جمع الشيخ أحمد الكرجي القصّاب.. وإنما نُسبت العقيدة إلى القادر لأنه من فرضها على المسلمين، حُيث أمر بأن يقرأ الكتاب على الناس في المساجد والجوامع والتجمعات، وعند حدوث النزاعات بين المذاهب. وكان كل من يُخالف ما جاء فيه يُستتاب، لأنه يعتبر بفعله ذلك كافراً! ويقول الدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف، عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، في دراسة حول الاعتقاد القادري: "فلم يقتصر على مجرد قراءته وإقرار العلماء به، بل أضيف إلى ذلك أن من خالف هذا الاعتقاد، ليس مسلماً، بل هو فاسق كافر". ثم يذكر كلاماً على لسان ابن تيمية يقول فيه: "ولهذا اهتم كثير من الملوك والعلماء بأمر الإسلام، وجهاد أعدائه، حتى صاروا يلعنون الرافضة والجهمية وغيرهم على المنابر، حتى لعنوا كل طائفة رأوا فيها بدعة". وقبل ذلك لم يتوان المهدي والرشيد في جلد أو سجن أو قتل من خالف اعتقادهما الديني، وكان المتسائل في مسائل الإيمان في بلاط الرشيد يُزنْدَق، ثُم يطلق الرشيد أمره الشهير "عَلَيّ بالنّطع والسيف". وعندما اعتلى المأمون كرسي الحُكم فعل في أهل السُنّة ما فعله أبوه وجدّه في…

آراء

«أغنيات» روبرت شومان: من أين تأتي الكآبة في عام الفرح؟

السبت ٠٤ يناير ٢٠١٤

في الثاني عشر من سبتمبر (أيلول) 1840 أذنت محكمة لايبزيغ بزواج روبرت شومان من حبيبته كلارا التي كانت تصغره بعشر سنوات. كان هو في الثلاثين وهي في العشرين. لكن فارق السن لم يكن ليمنع كلارا من ان تكون في ذلك الحين أكثر شهرة منه. فهي كانت فنانة ذات شهرة أوروبية كبيرة، فيما كان هو لا يزال يحاول ان يفرض نفسه على رغم ابداعه، خلال السنوات المنصرمة، عدداً من أعماله المهمة. في ذلك الحين كانت كلارا قد نالت لقب «عازفة غرفة الامبراطورة في فيينا»، وكانت جولات عزفها على البيانو في العواصم الأوروبية تدرّ عليها ثروة كبيرة. وفي البداية لم يكن في هذا ما يضير روبرت. ولكن نعرف ان الامور تدهورت بينهما خلال السنوات التالية، اذ بقدر ما كانا ينجبان من الاطفال (8 أطفال خلال 14 عاماً)، بقدر ما كانت قسوة روبرت تشتد على زوجته وعلى أطفاله، حتى أهملهم تماماً. > وعلى رغم ان كتباً عدة قد وضعت لتسبر اغوار ذلك التحوّل في موقف روبرت من كلارا، فإن من الصعب حقاً تحديد الأسباب الحقيقية لذلك. ولا حتى لموت روبرت في ما يشبه الانتحار بعد الزواج بستة عشر عاماً. طبعاً حين مات شومان كانت شهرته طبقت الآفاق، وكان في وسع كلارا ان تقول لمن بقي من أطفالهما ان «ألمانيا كلها قد لبست الحداد…

آراء

«الأرامل السوداء» والحرب ضد بوتين

السبت ٠٤ يناير ٢٠١٤

أدت الهجمتان الانتحاريتان اللتان وقعتا مؤخرا في مدينة فولغوغراد الروسية إلى جعل روسيا تتصدر عناوين الأخبار مرة أخرى في مشهد ربما كان متوقعا، وذلك قبل أسبوعين من افتتاح فعاليات دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية في سوتشي. نفذت فتاتان انتحاريتان هاتين الهجمتين، مما أودى بحياة 60 شخصا، على الأقل، بالإضافة إلى جرح الكثيرين. وتعتبر هاتان الفتاتان من بين ما يقدر بنحو 10 آلاف أرملة مسلمة في سن الشباب أو في منتصف العمر، واللاتي قتل أزواجهن في العقدين الماضيين خلال الحرب التي شنها فلاديمير بوتين ضد المتمردين في أجزاء من القوقاز. أدى هذان التفجيران اللذان وقعا في فولغوغراد إلى لفت الانتباه بسبب العرض الوشيك لافتتاح دورة الألعاب الأوليمبية في سوتشي. بيد أن الصراع المميت الذي أدى بالفعل إلى حصد أرواح ما يزيد على 200 ألف شخص ما زال مستمرا منذ نبذ بوتين للاتفاق المبرم بين المتمردين الشيشانيين والجنرال ألكسندر ليبيد، مبعوث الرئيس بوريس يلتسين. وبناء على ذلك، ظهر أن الحرب التي افترض الكثيرون أنها ستنسى، ليست أي شيء سوى حرب لا يمكن تناسيها. وقبل أيام فقط من وقوع تفجيري فولغوغراد، قتل حجي مهاشيف، نائب رئيس الوزراء الداغستاني الذي عينته موسكو في جمهورية داغستان التي يقطنها المسلمون بشكل رئيس وجاء منها هاتان المرأتان الانتحاريتان حسبما ورد في الأنباء، في موسكو. وفي هذا الصدد، صار…

آراء

بين خيام اللاجئين… «سايكس بيكو» العجوز يموت وشرق عربي جديد يولد

السبت ٠٤ يناير ٢٠١٤

«ما يجري في العراق اليوم هو امتداد لما يحصل في سورية» جملة صحيحة، لولا أن رئيس وزراء العراق الذي اختار أن يكون زعيم طائفة لا شعب، يريد أن يفسرها كإرهاب، وهو في «حرب على الإرهاب» مثلما يردد نظراؤه في غير مكان، بينما الحقيقة أن كل شيء يتغير في عالمنا عدا الزعماء، فالمشرق العربي كله يمر بتغيرات سياسية وديموغرافية حادة، ترقى إلى ولادة عالم جديد مختلف تماماً عما تشكل في «العراق وسورية ولبنان والأردن» بعد سقوط الدولة العثمانية عام 1918، وتأطر باستقلال هذه الدول بعد الحرب الثانية. في الزمانات الماضية، كانت القوى الاستعمارية تدعو لمؤتمر دولي بحضور ممثلي تلك الأقاليم، فترتب أمورها، وترسم حدودها، وتتقاسم النفوذ القوى فيها. بالطبع لن يجرؤ أحد على الدعوة الى مؤتمر كهذا، ولا حتى الجامعة العربية على أساس أنها باتت قضية عربية خالصة لدول متحققة الاستقلال، فلا هي قادرة، ولا الدول الغربية مهتمة، كما أن أنظمة تلك الدول لم تسقط تماماً، ومعاركها لم تنتهِ بعد، ولكن تحولاتها حاصلة ولن يستطيع أحد إيقافها. إنها تفرض نفسها بنفسها في زمن الحرب والفوضى. من الواضح أن نظام «سايكس بيكو» الذي شكّل المنطقة بعد الحرب الأولى انتهت صلاحيته واقترب من إكمال عامه المئة، ولكن حدوده ستبقى قائمة، على الأقل باعتراف المجتمع الدولي، فالحدود مسألة متفجرة ولا يحب أحد فتح ملفاتها…

آراء

التطرف ضد أم رقيبة

السبت ٠٤ يناير ٢٠١٤

حتى تتخلص من عبء التطرف، من الضروري إعادة بناء صورة المتطرف في ذهنك. هذه الصياغة يفترض أن تتخلص من عبء الصورة الذهنية السابقة التي كرستها الأحداث المتلاحقة. من يمارس الإرهاب في مجتمعاتنا هو متطرف حتما. هناك تطرف لا علاقة له بالغلو في الدين. هو تطرف قد يتلبس أي إنسان. ويأخذ أشكالا عدة، بعضها ظاهريا جميل، ولكن المغالاة فيه تجعله يأخذ منحى شديد الضرر. الوطنية سلوك جميل، والتحفيز عليها مسألة ضرورية، لكن من المهم أن تتسامى عن فخ العنصرية والاستعلاء المنبوذ. إن ممارسات هتلر التي لبست رداء الوطنية، وأدت إلى إعادة صياغة نظرية العرق الآري، جعلت العالم يدفع ثمنا باهظا لمثل هذه الخيبة الوطنية. تطرف الفكرة التي تستحوذ على عقل الإنسان، تجعله أسيرا لها، ولا يمكنه الخلاص من أثر هذا التطرف. وهو في سبيل فكرته يمارس الاستعداء والتهييج ضد كل الناس. وغالبا ما تكون النتائج التي يطالب باتخاذها سلبية للغاية. تابعت في الأيام الماضية دعوات تطالب بإلغاء مهرجان أم رقيبة. بداية أنا لم يسبق لي الذهاب إلى هناك، ولا ناقة ولا جمل لي في كل هذه القصة. لكن ما لفتني أن من يتبنون فكرة الإلغاء يتوخون من خلال هذا الطرح أهدافا سامية. هم في سبيل ذلك، يرجحون رؤيتهم للمشهد ويطأون في طريقهم على جزء من الترفيه المجتمعي المتوارث. إن وجود بعض…

آراء

لماذا أنا لست بطائفي؟

الجمعة ٠٣ يناير ٢٠١٤

كنت في مناسبة، فسألني قريبي متعجباً: لماذا أنت لست بطائفي؟ فقلت له: شكراً على حسن ظنك بي، وهذا من فضل ربي عليّ. فتعجب من جوابي قائلاً: كيف تقول هذا من فضل ربي؟! فقلت له: كل خير يصدر مني أعتبره فضلا من ربي عليّ، وكل شر يصدر مني أعتبره من نفسي والشيطان. فتعجب قريبي من جوابي هذا أيضاً وقال مندهشاً: أتعتبر الطائفية شرًا؟! وهنا انتقلت الدهشة منه لي، وسألته: إذا تعتقد بأن الطائفية ليست بشر؛ إذاً فما هو الشر؟! فقال الشر هو ألا تقف بصف طائفتك على الخير والشر. فقلت له: الشر هو عندما لا أفرق بين الخير والشر، وأقف مع طائفتي على الخير والشر. وهذا مبدأ جاهلي نسفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً.." ومعاونته ظالماً هو بمنعه عن الظلم. ولذلك فأنا ضد الظلم الواقع على أي أحد سواء من طائفتي أو من أي طائفة أخرى. وأنا بصف المظلوم سواء كان من طائفتي أو من أي طائفة أو دين أو جنس آخر. أي أنا من طائفة الحق، إن كان للحق طائفة، وطائفي وعنصري ضد الظلم، إن كان للعنصرية والظلم طائفة، أو هكذا أحسب نفسي على طائفة الإنسان الخير كائنا من كان. قبل أن ندخل في صلب نقاشنا أنا وقريبي، تمت دعوتنا لتناول العشاء، وتفرقنا…

آراء

حوادث القتل في بيروت تنذر بتحول جديد دنيء في لبنان

الجمعة ٠٣ يناير ٢٠١٤

في مدينة تسودها حالة من المنافسة السياسية مثل بيروت، تتعرض الشخصيات العامة للاغتيال، في حين يعد الآخرون آمنين من خلال تحليهم بالاعتدال والوسطية. وفي هذا الصدد، فإن حادث اغتيال وزير المالية السابق محمد شطح، الذي وقع في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من خلال استهدافه بسيارة مفخخة في منطقة راقية بمدينة بيروت، يثير الشكوك والتساؤلات بشأن قواعد اللعبة السياسية القذرة التي صارت تهيمن على الحياة في لبنان. لم يكن شطح قائدا عسكريا أو أحد أعضاء الميليشيات، بل كان عالما اقتصاديا تكنوقراطيا وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة تكساس. وشغل شطح منصب سفير بلاده في واشنطن، كما عمل في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وعندما كان شطح في بداية سن الستينات، كان مسلما سنيا وكانت مسيرته السياسية مقيدة ومرتبطة برفيق الحريري، رجل الأعمال الثري الذي تجرأ على طرح مسألة الهيمنة السورية على بلاده، ثم تعرض للاغتيال من خلال تفجير سيارة مفخخة منذ تسع سنوات. ولا بد أن منفذي اغتيال شطح كانوا يقصدون وجود صلة بين حادثي الاغتيال: حيث اغتيل عالم الاقتصاد على بعد مئات قليلة من الأمتار من موقع استهداف موكب الحريري. وعلى العكس من الحريري، لم يكن لدى شطح تفاصيل أمنية كثيرة وكان يتجول بحرية نسبيا. وكان لديه حارس شخصي واحد صغير السن، الذي لقي حتفه معه في حادث الاغتيال.…