آراء
السبت ٢٠ يونيو ٢٠١٥
كيف يمكن القضاء على «داعش»؟ حضر هذا السؤال بقوة خلال الأيام الماضية، بينما يستدعي العالم والمنطقة باستحياء المقصّر الذكرى السنوية الأولى لسقوط الموصل، ثانية كبريات مدن العراق بيدها. مرت الذكرى ببلاد «داعش»، و «دولتها الإسلامية» المزعومة، التي كانت إيذاناً بتحولها الحقيقي من حال «المنظمة الإرهابية البغيضة» إلى «الدولة البغيضة»، من دون احتفالات أو عرض عسكري. لا أعرف ما إذا كان مجلس الحكم عندهم اجتمع ذات ليلة وناقش ما إذا كانوا سيحتفلون للمناسبة ويخصصون «يوماً وطنياً» مثل بقية الدول، لعل أحدهم حاول أن يتقرب إلى «الخليفة» البغدادي فقال إن يوم إعلان «الخلافة» هو ما يستحق التكريم ويكون «اليوم الوطني للدولة»، ولكن حسم الأمر مفتيهم الشرعي، أن «اليوم الوطني» بدعة، ولا يجوز شرعاً، فهز الجميع رؤوسهم معلنين قبولهم برأيه وشكروه لأنه ذكرهم بعدما كادوا يفتتنون ببدع العصر والدول الحديثة. ولكن هذه مشكلتهم، أما «هم» فهم مشكلتنا التي لم نجد لها حلاً بعدما أكملوا عاماً كاملاً يحكمون أكبر دولة جغرافياً في الهلال الخصيب، تحكم وتدير حياة أكثر من 6 ملايين مواطن، يتزوجون ويطلقون ويبيعون ويشترون ويتحاكمون وفق قضائها الشرعي، يتعلم أبناؤهم بمناهج وضعتها، يسافرون بوثائق تصدرها، صكّوا عملة تخصهم، يدعون أبناءنا للنفير والهجرة إليهم كي يعودوا إلينا «فاتحين» يجددون إسلامنا، فشكَّلنا مع الولايات المتحدة، أو شكلت هي معنا (ثمة فرق) تحالفاً للقضاء عليها،…
آراء
الجمعة ١٩ يونيو ٢٠١٥
ذهب وفد السلطة الشرعية اليمنية إلى جنيف للاجتماع إلى الحوثيين وأنصار صالح، كما سبق للمعارضة السورية أن ذهبت إلى جنيف قبل ثلاث سنواتٍ للقاء وفد النظام الذي كان مسيطرًا يومها في البلاد. لكنْ هناك فروقٌ ضخمة بين الحالتين: فالسلطة الشرعية اليمنية بيدها قرار من مجلس الأمن، يعتبر الحوثيين والعفّاشيين متمردين على الشرعية، ويطلبُ منهم الخروجَ من المدن، وإعادة السلاح أو عدم استخدامه ضد الناس. وبالطبع، ورغم أنّ مجلس الأمن وضع قراره تحت الفصل السابع؛ فإنّ الأمم المتحدة ما أُرسلت قواتٍ لا للتنفيذ ولا للفصل بين المتقاتلين وحماية المدنيين. ولذلك، وبحسب منطوق القرار؛ فإنّ قوات عاصفة الحزم هي المكلَّفة أو التي صارت مكلّفة إنفاذ قرار مجلس الأمن. لماذا قبلت الحكومة الشرعية إذن بالذهاب إلى جنيف؟ لسببين: الضغط من جانب الأمين العام للأُمم المتحدة ومن المؤسسات الدولية الإنسانية، ولأنّ الحكومة الشرعية مهتمة بالفعل بأمن المواطنين اليمنيين وسلامهم. فقبل مدة أقرت هدنة لخمسة أيامٍ تحت وطأة الإلحاح الدولي والاحتياجات الإنسانية أيضًا، وما نفع شيء من ذلك، بل زادت الأُمور سوءًا. لأنّ الحوثيين والعفّاشيين استغلُّوا الهدنة لنقل السلاح والذخائر والمقاتلين؛ فازدادت أوضاع تعز وعدن سوءًا، وأثّر ذلك في قوة المقاومة، وفي قدرتها على الإفراج عن محافظات الجنوب والوسط. عندما ذهبت المعارضة السورية إلى جنيف قبل ثلاث سنوات، كانت في موقع قوة، وذلك لأنّ روسيا…
آراء
الجمعة ١٩ يونيو ٢٠١٥
عناصر «داعش» في العراق بعثيون وخليجيون، ونظراؤهم في سورية عراقيون وأجانب. هكذا جاءت الفتوى الجازمة في أصل وفصل «الدواعش» وخلفياتهم وما يمثلون. المجتمعان العراقي والسوري واستطراداً المجتمعات الأخرى التي تنشط «الدولة الإسلامية» فيها، مجتمعات بريئة من الإثم «الداعشي». وهذه ليست إلا مؤامرة دُبرت في ليل أقبية الاستخبارات البعثية- الأسدية- الإيرانية. الروايات الكثيرة عن نشوء التنظيم وتحوله الى همّ وخطر رئيس يهدد ما تبقى من هياكل الدول في المشرق العربي، تغفل في الغالب الأعم عن تناول انتشاره وامتداده بين السكان والولاءات المحلية التي تحميه وترفده بالمال والمقاتلين والمخططين ومنظمي الحياة اليومية في مناطقه المترامية المساحات. تقول الخرافة إنه جهاز أمني هبط من مكان مجهول وفرض سطوته بالقتل والدم والإرهاب. دعونا نقرّ أن في هذه القصة أقل من نصف الحقيقة، وأن أبلسة التنظيم الشاملة وردَّ أفعاله وصعوده ونجاحاته وهزائمه الى فاعلين مجهولين ينطوي على نوع شديد الضحالة من نظريات المؤامرة ومن الروايات البوليسية الرديئة. جداول ضحايا القتل منذ أربع سنوات، تضع «الدولة الإسلامية» في مرتبة متواضعة عددياً مقارنة بنظام بشار الأسد مثلاً، لكنها تتقدم عليه في استعراض العنف وتأطيره «مشهدياً» والترويج له لغايات الدعاية السلبية المطلوبة بشدة من التنظيم. إذا سلمنا أن الآلاف من المقاتلين الأجانب من مشارق الأرض ومغاربها جاؤوا إلى العراق وسورية وانضموا إلى «داعش»، تنهض حينئذ مجموعة من الأسئلة…
آراء
الجمعة ١٩ يونيو ٢٠١٥
.. وقد شارك في بطولة اليولة هذا العام كل من: مصبح عبدالله الغفلي، وحمد سلطان الكتبي، وحمدان سعيد الرميثي، وتامر عبدو بسيوني، وسيف بن سويلم الكتبي، وسعيد باللومية العامري. هل رأيت ملامحك حين قرأت اسم «تامر عبدو بسيوني» بين اليويلة؟! كان هذا بالضبط شعوري يوم أمس وأنا أقرأ الخبر: وقد أعلنت كل من الكويت والبحرين وإندونيسيا واليابان وقطر والأردن أن يوم الأربعاء هو المتمم لشهر شعبان! في المنطقة الخلفية من عقلي هناك من يدندن بأغنية افتح يا سمسم القديمة.. وواحد لا ينتمي.. وتلك كل القصة! أحترم اليابان جداً وأحبها أكثر مما يفعل الشقيري نفسه.. لكن ما الذي تفعله هنا؟! بل حقيقة ما الذي نفعله نحن هنا إذا كان اليابانيون قد أدلوا بدلوهم في الموضوع؟! لا يفتى وشاكوهارو أكيبارا في المدينة.. يا رجل.. حتى أسماؤهم تنم عن ذكاء شديد! لا يمكنني تخيل شخص غبي اسمه «أكيبارا»! هذه البلاد الجميلة التي قدمت لنا أجمل الأدوات الكهربائية (التي لا تخترب).. وأفضل السيارات (التي لا يطيح سعرها بعد الخروج من باب الوكالة).. وأجمل أفلام الرسوم المتحركة (التي لا تخدش الحياء العام ولا تتعرض لحملات شيلها من بيتك).. التي يعرف من زارها أنهم يطبقون كل تعاليمنا، الأهم بكثير من تحري رؤية الهلال.. بدءاً من قبول الآخر.. وليس انتهاء بأجمل الدروس للعالم في التعامل مع الأزمات…
آراء
الجمعة ١٩ يونيو ٢٠١٥
«يأتيكم رجال من قبل المشرق يتعلمون، فإذا جاؤوكم فاستوصوا بهم خيراً» حديث شريف كنت ومازلت أحلم بالسفر مع إحدى الجمعيات الإنسانية، للاطلاع على مشروعاتهم والالتقاء بمن تمت إعالتهم من ذوي الحاجة والفاقة ليخرجوهم من ظلمات الفقر إلى نور العلم والحياة الكريمة بعد توفيق من الله؛ لأكتب قصصهم وتجاربهم. ولكن قدر الله أن ألتقي بأحدهم هنا في الشارقة لنروي قصته، بعد أن أرشدني إليه صديقي أبوحسن «حسن خليل» فله مني كل الشكر. تيجاني شاب من السنغال، يبلغ من العمر 29 عاماً، بدأ حياته من المسجد في حفظ القرآن برعاية والده الذي لم يبقَ معه إلا قليلاً بعد أن سافر إلى ساحل العاج ليكون إماماً لمسجد هناك. حرص الوالد على إدخال ابنه المدرسة النظامية عندما بلغ السن القانونية، وكان عند حسن ظن والديه، حيث أنهى دراسته بتفوق وامتياز. وعند انتقاله إلى المرحلة الإعدادية التحق بالمعهد الإسلامي العالي بمدينة لوقا، بعد نجاحه في اختبار القبول. أكمل تيجاني المرحلتين الإعدادية والثانوية في المعهد نفسه وكان دائماً في المركز الأول، ولهذا بعد أن تخرّج في الثانوية العامة رشّحه مدرّسوه ليكون مدرساً، فعمل معهم سنة واحدة، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في حياته. حدث ذلك في عام 2008 حين قرر تيجاني التقدم بطلب لدراسة الفقه وأصوله في جامعة الشارقة، ونظراً لتفوقه حصل على القبول مباشرة، ولكن…
آراء
الخميس ١٨ يونيو ٢٠١٥
في زمن قصير ظهرت علينا وسائل إعلامية عديدة جديدة تتحدث باسم إيران، أو تدافع عن سياساتها، تلفزيونات وصحف ومواقع إلكترونية، لم تكن موجودة مثلها قبل سنوات قريبة. السر بسيط، فمعظم الإعلام العربي كان من يقوم بمهمة الدعاية والدفاع عن طروحات إيران ويدافع عن مواقفها، حتى ثار ربيع الأزمات العربي في عام 2011، وبسببها استفاق المغيبون. اكتشفوا أن إيران ليست سوى دولة أخرى، لها طموحاتها ومطامعها الإقليمية تحت شعارات الإسلام والعدالة والعداوة مع الغرب، وجندت الإعلام العربي لاستغلاله في كل ما أمكنها استغلاله للهيمنة ومحاربة خصومها العرب من خليجيين ومصريين ولبنانيين. وبدأت الصدمات تتوالى منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في عام 2005، ثم ما تلاه وإلى زلزال سوريا وأفعالها الشنيعة هناك. على أثرها أصابت الصدمة معظم العرب، وانقلب الحب والإعجاب بإيران الإسلام والحقوق الفلسطينية إلى كراهية وعداء شديدين. بعدها لجأت إيران إلى تأسيس منصاتها الإعلامية المختلفة الألسن والهويات، تحاول مقارعة وسائل الإعلام العربية، التي على اختلاف مشاربها تكاد تجمع على رفض نظام طهران آيديولوجيًا ومواقف وشخصيات. ويندر أن نسمع اليوم في الإعلام العربي الواسع ما تردده طهران ضد إسرائيل، فقد أدرك أنها دعاية مضللة، وصار يحرص على حماية الجمهور العربي من الوقوع في حبائل الاستغلال السياسي الإيراني الذي لطالما كان المهيمن لثلاثين عامًا. يندر أن نسمع عن تصريحات…
آراء
الخميس ١٨ يونيو ٢٠١٥
أبدأ بالقول: "رمضان كريم وكل عام وأنتم جميعا في أتم صحة وعافية"، وأذكّر نفسي وإياكم بأننا لسنا الوحيدين الذين نصوم الشهر الفضيل، فكل مسلم على وجه المعمورة يواجه ويعيش في هذه اللحظة الشعور ذاته الذي تواجهه أنت الآن، من عطش وتعب ورغبة قوية في الاستمتاع بوجبة شهية، وكأس خاثر من التمر هندي أو بارد من الفيمتو. نتحجج ويتحجج كثير منا -كل في مكانه- بأن سوء أدائه وانخفاض إنتاجيته تعود إلى أنه صائم، وأن نفسيته المتوترة وردوده الجافة وأخلاقه التجارية كما يقال تعود إلى أنه صائم، فحروب المركبات تدور رحاها في الشوارع العامة، وأصوات المتذمرين تعلو في المؤسسات الحكومية، والكل يمضي باتجاه "مقاتلة ذباب وجهه" جارا وراءه أكواما من شتائم المتضررين من كلامه، وأرتالا من ذنوب تنوع مرتكبوها. لن أتطرق إلى شرح المكانة الروحانية التي يعنيها رمضان لكل مسلم، فهذا أمر لا أعتقد أن أحدا منا يجهله، ولكني أود أن أركز على مسألة أن التجربة التي يمر بها الجميع مهما كانت شاقة لا تعطي الفرد الحق في أن يستخدمها ذريعةً في تحوله إلى غول متحرك، أو متذمر بائس يصبغ بسلبيته كل ما -وكل من- يحيط به. سنجد أن الموظف في مكتبه سيتأخر عن الحضور، وسيقوم بالتهرب من أداء عمله لأنه منهك من طول نهار رمضان، فينظر إلى المراجعين على أنهم أعداء…
آراء
الخميس ١٨ يونيو ٢٠١٥
لاحظنا في الآونة الأخيرة تورط عدد غير قليل من الشباب الخليجي بالالتحاق بتنظيمات إرهابية، كتنظيم »داعش«، وبعض المتهمين في هذه القضايا تتم محاكمته حالياً في دولة الإمارات. الشباب الملتحقون بهذه التنظيمات لم يتبعوها من فراغ، والموضوع له أسباب، وتم التمهيد والبناء له فكرياً من قبل جماعات متمرسة تعتبر نفسها جهادية، برعت في أسلوب الخطاب، وكرست وقتها وجهودها لتبث أفكارها وتقنع بها الشباب، فكانت المحاضرات الدينية الملغمة بأفكار الجهاد والإرهاب إحدى البوابات لهؤلاء ليلتحق كثير منهم بداعش وغيرها، وكانت بعض الاجتماعات وسيلة أخرى . الجماعات الإرهابية في بحث دائم لكل ما يبرر أعمالها وترفع شعارات الدين، وقد عمدت إلى أساليب منها المواقع الإلكترونية، وللأسف هذه المواقع أكثر ما يشغل هذا الجيل اليوم. لم يتوقف الأمر عند المواقع، المساجد كانت سابقاً مقراً للمحاضرات الدينية لأبناء الحي، وقد كانت تؤتي ثمارها الطيبة في تربية الأبناء، ولكننا اليوم وسط هذا الشتات والتباين الفكري، وإساءة البعض للدين أصبح من الواجب التيقظ من قبلنا كأولياء أمور لكل من يسيء استخدام هذه المحاضرات، والتيقظ لكل تجمعات يشارك فيها الأبناء بشكل منتظم قبل أن نجدهم متهمين خلف القضبان في قضايا أمنية تمس دولهم.. أو تتهمهم بالالتحاق في تنظيمات إرهابية تستهدف أمن الدولة التي ينتمون إليها ودولاً أخرى. تحصين فكر الأبناء وحمايتهم من الوقوع متهمين في قضايا أمنية لا…
آراء
الخميس ١٨ يونيو ٢٠١٥
قبل حوالي عقدين، دفعني شغفي بالمأكولات البحرية لطلب طبق من الروبيان في مطعم فخم بأحد الفنادق الكبرى. شجعني على ذلك الشرح المكتوب اسفل اسم الطبق والذي جاء فيه: "روبيان الخليج المميز يقدم مع الطماطم الحمراء اللامعة (وكأن هناك طماطم زرقاء مثلاً)، مع رشة من الفلفل الاستوائي (وكأن الفلفل يزرع في ثلوج سيبيريا) والملح النقي والاعشاب التايلندية الخاصة بخلطة سرية من يد الشيف العالمي...". انتهت هذه البلاغة اللفظية بطبق كبير تكومت في طرفه خمس قطع من الروبيان المسلوق موضوعة على قليل من الخس (الحزمة بدرهم ونصف) يتوسطها عود بقدونس ومن حولها ثلاث ثمار طماطم صغيرة فيما ثلاثة ارباع الطبق الخالي مزين بصلصة بيضاء على شكل خط متعرج. أما الفاتورة: قسط سيارة . اذا وصلكم المغزى الذي تترجمه هذه الايام نكت متداولة، فإن الأمر بالنسبة لي يذهب الى ما هو ابعد من السخرية. يستفزني في الامر هذا الخيال المحدود الذي مازال مستمرا لدى الكثير منهم لأنه ينطوي على تذاكي (مقابل مخفف لمفردة استخفاف). أما تقادم الزمن على هذا النوع من الحيل الكلامية فمن شأنه ان يزيدني استفزازاً حيال من لا يزال يتذاكى على المستهلكين بمثل هذه الحيل الكلامية. لكن تقادم الزمن يبرهن أيضا ان مثال "التذاكي/الاستخفاف" هذا صار يقدم على نحو متزايد مجازاً بليغاً لحالة عامة نعيشها حتى اليوم. هل هو جزء…
آراء
الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠١٥
صون القيم الإسلامية وتعزيز الوحدة الوطنية هما الهدف الأول لخطة التنمية العاشرة «2015 – 2019» كما يظهر من نصها المنشور على موقع وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية. لكن المسارات التي تقترحها الخطة لتحقيق هذا الهدف ليست أكثر من عناوين إنشائية لا علاقة لها أصلا باهتمامات خطة التنمية، فكأنها وضعت كي لا يقال إن الوزارة أغفلت هذا الهدف المحوري. ليس غرضي معاتبة الوزارة. الحق أن مسألة الوحدة الوطنية والهوية الجامعة ليست موضوع نقاش جدي في بلادنا، رغم اتفاق الجميع على أنه لم يعد بوسعنا تأجيل المسألة أو التسويف فيها. هذه القضية الحرجة لا تناقش بجدية، لسبب بسيط، وهو أن الجميع يبدو متفقا على ما أراه توهما خلاصته أن ترسيخ الوحدة الوطنية يتم بزيادة «كمية» الكلام والكتابة عن الوطن ووحدة أطيافه والولاء له، وتجريم أي قول أو فعل يؤدي إلى إضعافه. هذا هو مجمل العلاج الذي يتحدث عنه إداريو الدولة وكتاب الصحافة وبقية المتحدثين في المجال العام. وللإنصاف، فالكلام «حول» الهوية والوحدة الوطنية مفيد بالتأكيد، على فرض وضوح هذين المبدأين واتفاقنا على مفهوم واحد لكل منهما. وأرى أن هذا الفرض غير متحقق. نحن بصراحة غير متفقين على مضمون الهوية، لا سيما في التناسب بينها وبين الهويات الموازية أو المزاحمة، ولا متفقين على مفهوم الوحدة، لا سيما في ما يترتب عليها من التزامات، وما…
آراء
الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠١٥
الوباء الإرهابي كالمرض السرطاني، في خبثه ومقاومته للعلاج، وفي ضرورة مواجهته بكافة أنواع العلاجات الأمنية والثقافية والدينية، بهدف قطع دابره واجتثاث جذوره، هكذا حال الإرهاب الخبيث في مراوغته واستعصائه على العلاج، ومن ثم تسلله لاصطياد ضحاياه من الشباب الغر، فبعد أن أحكم المجتمع الدولي الخناق على الإرهاب وتنظيماته ودعاته، عبر الملاحقة الأمنية -دولياً- وإصدار دول عديدة تشريعات تجرِّم دعاة الإرهاب والمحرضين وتبعدهم عن منابر التوجيه والتثقيف والتعليم والإعلام بهدف حماية الشباب من أفكارهم الضالة، استثمروا الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة «تويتر»، لنشر أفكارهم المسمومة، لتجنيد الشباب ممن يستهويهم هذا النوع من الفكر المريض، بسبب «القابلية» النفسية والعقلية لديهم، وبسبب ضعف تحصينهم دينياً وثقافياً. لذلك بدأ المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة التحرك لسد هذه الثغرة الإلكترونية الخطيرة في جبهة مكافحة الإرهاب عبر العديد من الإجراءات. ومن ذلك دعوة «اليونسكو» لعقد مؤتمر يوميْ 16 و17 من هذا الشهر، في باريس، لدراسة السبل الكفيلة بمكافحة التطرف والتشدد لدى الشباب في المجال الإلكتروني، وجاء في بيانها الإعلامي: أن الإنترنت باتت تشكل جزءاً أساسياً من حياة الشباب اليوم، من التنشئة الاجتماعية والترفيه، إلى أداء الواجبات المنزلية، وهي تتيح فرصاً جديدة واسعة النطاق للاتصال والتعليم، وفي الوقت نفسه توفر الشبكة الإلكترونية للمتطرفين والمتشددين أدوات فعالة لنشر الكراهية والعنف واصطياد المجندين المحتملين، وإعدادهم للتحرك، مما يؤدي…
آراء
الأربعاء ١٧ يونيو ٢٠١٥
«إنها حربٌ مثالية… الجميع يجنون الأموال الطائلة»، تعليق ضابط استخبارات أميركي عن الحرب في أفغانستان. «هذا المكان (العراق) هو آلة لصنع المال… هناك الكثير من المال. يدهشني حقاً: كيف تصنع الحرب مالاً، وكيف يمكن أن تصبح للحرب فائدة!»، جون كوت، طالب جامعي التحق بشركة «كريسنت» في العراق ووُجد مقتولاً بعد خطابه هذا بأسبوع. بهذين الاقتباسين سأمهّد لمطالبة أكثر من صديق وقارئ أن لو ألحقت مقالتي السابقة (http://alhayat.com/Opinion/Ziad-Aldrees/9470968/ انتهازيون-بلا-حدود) التي تناولت فيها فصائل الانتهازيين الذين يديرون الحروب والصراعات في هذا العالم عموماً، وفي عالمنا الأوسط في شكل خاص، بنماذج استدلالية من تلك الفصائل. كانت مصادفة عجيبة أن يُنشر في نفس يوم مقالتي تلك تقرير موسع عن الشركات الحربية الخاصة، أي تلك التي يمكن وصفها ببشاعة بأنها (جيوش قطاع خاص)! في الاستطلاع الموسع الذي نشرته صحيفة «التقرير» تحت عنوان: جيوش الظل، لعبة الحرب والمال والسياسة http://altagreer.com/ جيوش-الظل-لعبة-الحرب-والمال-والسياسة-ل/ تناولت معدّة التقرير، بسمة حجازي، تفاصيل وأرقاماً وأسراراً مقززة ومخيفة عن الرأسمالية المتوحشة التي تدير الصراعات في المناطق المتأزمة، لا بوصفها مهمات وطنية أو إنسانية كما يروّج السياسيون والإعلاميون من ورائهم، بل بوصفها مهاماً استثمارية وتربّحية لشركات تجارية ومقاتلين مرتزقة لا غير. سيتكئ مقالي هذا كثيراً على مقاطع من ذلك التقرير الوافي عمن يُسمَّون جيوش الظل باعتبارهم سنداً للجيوش النظامية المعلنة، ويمكن تسميتهم أيضاً بوحوش…