آراء
الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢
دعونا صديقة سورية إلى العشاء، وبعد الانتهاء من تناول الطعام، أوضحت لنا أنها ستجلس قليلاً، حتى لا ينطبق عليها المثل القائل: «الشرشوح ياكل ويروح»، وقد تذكرت على الفور أن لدينا مثلاً مرتبطاً بقواعد الزيارة مناقضاً تماماً يقول: «ما بعد العود قعود»، والعود هنا هو قطعة الطيب التي توضع في الجمر، كي يتطيب بها الضيوف بعد العشاء مباشرة ثم يمضون. ثم قلت لها إننا صرنا نتحاشى تقديم البخور، حتى لا يفهم الناس أننا نتعجل رحيلهم، لكن تضارب الأمثلة يدل على أننا قد نقع في معنيين مناقضين لو كل منا اعتبر أن ما تحدّده ثقافته هو صواب مطلق. عملت مرة على جمع مادة شعبية من الأمثال الشعبية النجدية، فوجدت أنها اختلطت ببعض المفردات العربية، سواء على مستوى المعنى أو اللفظ، فتجد مفردة ليست نجدية دخلت إليها، أو تجد معنى يتشابه مع معاني الأمثال العربية السائدة الشامية أو المغربية، وأحياناً العالمية، وهذا دليل على أن الأمثال كالبشر تتعارف وتتشابه وتتزاوج. وقد لجأ الإنسان في المجتمعات الشفاهية، وقبل انتشار التعليم والتوثيق والكتابة إلى تسجيل قواعد السلوك والتفكير والقيم في أمثاله وحكاياته وأشعاره الشعبية، إلا أن هناك ضرورة للقول بأن الأمثلة تتناقض في معناها أحياناً، ويحمد استخدامها بحسب الهدف منها، أو بحسب المناسبة، وأحياناً بحسب الهوى الشخصي، ولعل أبرز مثل على ذلك، أننا إذا أردنا…
آراء
الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢
كنت أمشي على أطراف أصابعي وأنا أكتب مقالتي هنا الأسبوع الماضي («حرية التغبير») عن الفيلم المسيء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كنت أخشى أن أندفع بعاطفتي المحبة والمبجلة لرسول الهدى فأصنع كما صنع الغوغاء، أو أتثاقل بعقلانية مصطنعة مميتة للمشاعر فأكون كالذين يدافعون عن حق صنّاع الفيلم في حرية التعبير أكثر من دفاعهم عن حق الرسول صلى الله عليه وسلم في إجلاله وتوقيره، ولا تعارض بينهما إلا لمن أراد أن يصوّب سهام حرية التعبير ضد من يريد ويمنعها عمن يريد! لن أكرر اليوم ما سبق أن قلته عن ملابسات مفهوم حرية التعبير عند الغرب، وخصوصاً في مزلقي: الانتقائية والازدواجيـــة، فقــــــد أشبعــــت هذا الجانب في المقـــال السابق. الــــيوم سأتناول موقف الطرف الآخر: المحتجين على الفيلم. سؤال أساسي كان يجب أن نطرحه على أنفسنا قبل الخروج إلى الشوارع للاحتجاج: إلى ماذا كان يهدف صناع الفيلم أو الرسوم المسيئة، إلى: الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم أو استفزاز المسلمين أو التكسب التجاري والمادي؟! لا تخرج أهداف هؤلاء المسيئين عن هذه الاحتمالات الثلاثة. قد يندرج عنها احتمالات فرعية تعود للأصول الثلاثة. الاحتمال الأول ضئيـــل تَحقّقه بالنظر إلى المستوى الفني والإنتاجـــي الرديء الذي صنــع به الفيلم التافــــه، الذي بالأصح كــــان تافهــــاً ثم أصبح عظيماً بالاحتجاجات التـــي أشغلت العالم لأجله. ويجــــب أن نفـــــرق بيـــــن الإساءة…
آراء
الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢
كان لافتا تحاشي الأردنيين التورط في الأزمة السورية لعام ونصف العام تقريبا، إنما إلى ما قبل بضعة أسابيع تشير كل الدلائل إلى أن الأردن يأخذ دورا مهما في ثورة الجار الشمالي، ربما يفوق الدور التركي الخجول. ولا يفوتنا إدراك مخاوف الأردنيين من الغرق في الرمال السورية. فهم يخشون أن تطول الأزمة فترهقهم تكاليفها وتبعاتها وهم دولة بلا موارد كبيرة. كذلك، يخافون من تجرؤ النظام السوري، الذي لا يخشى عواقب أفعاله، على أن يفاجئهم صباح يوم بقواته، عابرا الحدود، وينقل المعركة على ترابهم، أو يحرك خلاياه النائمة بالتعاون مع حليفه الإيراني فيحدث اضطرابات كبيرة في المملكة. والأردنيون مسكونون بهاجس أخطر، وهو أن إسرائيل ستجد في أي فوضى، نتيجة الأزمة السورية، ذريعة لتحويل «شرق الأردن» إلى فلسطين بديلة، يحكمها فلسطينيون وتصبح بديلا عن الضفة الغربية وغزة. والفوضى قد تكون الفرصة الذهبية لليمين الإسرائيلي المتطرف. ورغم وجاهة هذه المحاذير، يعلم الأردنيون قدرهم جغرافيا، وهو النوم بجوار دول خطرة، من إسرائيل، ونظام بعث سوريا، ونظام بعث العراق من قبل والآن نظام المالكي العراقي الذي لا يقل عن سابقه. وفي مثل هذا الحي من الأشقياء، لا مناص للأردن ألا ينام بعين واحدة خوفا وحذرا، ومن جانب آخر يبقى بعقل يقظ مفتوح على كل الفرص بإمكاناته المحدودة. ولأن ثورة سوريا وتفاقم عذاب أهلها طال أمدهما، لم…
آراء
الأربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٢
شاهدت للتو على اليوتيوب فيلم «الكروة» للمخرج الشاب بدر الحمود وفريقه في «عزبة التائبين». وكنت قبل المشاهدة في اجتماع مع شابين سعوديين قدما من الرياض لعرض فكرة إبداعية جديدة. لعلها مصادفة جميلة أن يحدث اللقاء في ذات اليوم الذي شاهدت فيه «كروة». فالنتيجة واحدة: نحن أمام جيل صنع خطابه المختلف بنفسه. أكاد أسأل أحياناً: من أي كوكب جاء هؤلاء المبدعون؟ أم إن المبدع يفجر طاقاته الإبداعية في أجواء الضغوط وزحمة العقبات؟ لدينا اليوم قائمة طويلة بأسماء شابة في غاية الإبداع. هؤلاء لم يلدوا من رحم حاضنات الدعم الحكومي. لقد أتاحت لهم تقنيات الاتصال الجديدة منابر اكتشفنا من خلالها مواهبهم وقدراتهم الإبداعية. أحياناً أسأل: هل نشكر الجهات الرسمية على تجاهلها هذه المواهبَ الإبداعية؟ ومبرري هنا هو: ظني أن الدعم الرسمي لهذه المواهب قد يخنق إبداعاتها أو يسجنها في قوالب الإنتاج التقليدي التي تجاوزَها شبابنا اليوم. لكن هذا لا يعفي من البحث عن طرق أخرى نضمن عَبرها دعماً حقيقياً لمواهبنا الشابة، على الأقل في بداية ظهورها، دونَ التدخل في إبداعاتها. دعوا هؤلاء الشباب يُطلقون عنان إبداعاتهم دونَ وصاية أو تخويف. ولهذا أقترح تأسيس حاضنة دعم لإبداعات الشباب خارج بيروقراطية الجهاز الرسمي، لعلها تسهم في دعم المواهب الشابة. هذه الحاضنة يمكنها أن تقدم الدعم المالي المطلوب، وتؤسس شبكةَ تعاون بين المبدع والقطاع الخاص،…
آراء
الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢
جاءت ثورة المعلومات لتخلق «القرية العالمية الصغيرة»، بينما الروح الوطنية مرتبطة بالوطن الجغرافي الذي ننتمي إليه، وهذا ما جعل كثيرا من المثقفين حول العالم يتساءلون: هل سيقضي هذا الخروج من حدود الجغرافيا عبر العالم الافتراضي على الروح الوطنية بمعناها الكلاسيكي؟ هذا السؤال ليس عابرا، فهناك جهود ثقافية وأكاديمية مستمرة عبر العقد الماضي للإجابة على هذا السؤال، وهي الجهود التي بررت كثيرا من الميزانيات الحكومية في الدول الغربية للحفاظ على الروح الوطنية في العهد الرقمي. السؤال مهم لأن الوطنية هي تلك الطاقة العاطفية من حب الوطن التي تدفع بالأمة للعمل لأجله، هي ما تحمي الدولة من الفساد، وتدفع السياسيين والموظفين والنشء والمتطوعين والرياضيين للعمل ليكون وطنهم في المقدمة. رفع الروح الوطنية يعني أن يكون لديك بلد قوي يتفانى المنتمون إليه في خدمته، لينعم الجميع بعدها بثمرات النجاح، وضعف المواطنة يعني أن ينشغل كل إنسان بذاته، وينسى الأمة التي ينتمي إليها ومصالحها والأحلام المرتبطة بها. في البداية كانت معظم الدراسات حول هذا الموضوع متفائلة، وذلك لأن الأبحاث العلمية الغربية أثبتت وجود علاقة طردية بين الوطنية واستهلاك المعلومات والأخبار عبر وسائل الإعلام، ولأن الإنترنت تقدم مثل هذه المعلومات والأخبار فكان التوقع أن هذا القرب المكثف منها عبر الإنترنت يعني المزيد من الاهتمام الوطني والتفاعل مع القضايا المحلية. هذا التفاؤل انحدر مع الزمن لثلاثة…
آراء
الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢
لأنك تحب وطنك، وتريد له كل الخير، فأنت تمارس الصدق وأنت تنتقد مواقع الخطأ. وأنت تعتبرها وطنية أن تؤمن بالنقد وبطرح رأي مختلف. وإن كنت ترى أن من الوطنية أن تمتدح المشروعات وتثني على كل شيء في الوطن فليس من حقك أن تختزل الوطنية في فهمك أنت وفي قناعاتك وحدك. في الوطن -ولمصلحة الوطن- تنوع كبير في الآراء والتجارب والرؤى. فأخوك أو أختك في الوطن يرى/ ترى أن من الوطنية أن تحذر من ما يمكن أن يسيء للوطن وأن تنبه للمخاطر وتُذكر بالمسؤوليات. تذكر أن في مجتمعك غالبية “شابة”، تتواصل مع العالم كله في لحظة، وتحلم بما يحلم به أقرانها في العالم كله من أمان في الوظيفة ونمط حياة مريح وفرص حقيقية للإبداع والتميز. وتذكر أن هذه “الغالبية” قد لاتنتمي لخطابك القديم الذي يصنع من الحبة قبة عند إنجاز أصغر مشروع. وتلك الغالبية تعتقد -ومعها كل الحق- أن من حقها (بل ومن واجبها) أن تطمح في الأفضل وأن تكشف عن أقنعة من يسلبها حقها في المستقبل! وإن كنت صدقاً تريد الخير لوطنك فلاتقفز إلى الخلاصات العاجلة والجاهزة في تقييمك لأصوات النقد في محيطك. فليس “حاقداً” على الوطن من يسأل عن أسباب تأخر مشروعاته ويستفسر أين وكيف أُنفقت ميزانياته ويطرح أسئلة حول آلية الإنفاق على برامج التعليم والصحة والنقل. ولو لم…
آراء
الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢
الصيدلانية بشرى حافظ الأسد، وظيفيا لم تعرف إلا باثنتين، كانت بنت الرئيس الراحل حافظ، وأخت الرئيس الحالي بشار. كانت تلك شهرتها، والآن شهرتها أنها صارت خارج سوريا، بعيدا عن سلطة أخيها وشبيحته وخارج حدوده. بشرى في دبي، موناكو الشرق وسويسرا العرب، على نفس الرصيف الذي يعج بالكارهين لنظام أخيها، رافعي الأكف الداعين لإسقاطه. دبي الواحة الوحيدة في المنطقة التي يلجأ إليها الجميع، الفارون من الثورات، والقانعون بالتقاعد مع الحالمين بالملايين، مع الفارين اجتماعيا من الباحثين عن مطعم بيتزا أو سينما مع عائلاتهم. لكل قصته في هذه المدينة، لكن لبشرى قصة مختلفة. هل نسميها هاربة من الجحيم، منشقة على نظام مجنون، متمردة عائليا، أم أرملة محطمة مع أولادها الخمسة، أو أنها سيدة في إجازة مثل مئات الآلاف الذين هبطوا على دبي هذين الأسبوعين؟ طبعا لا تستطيع أن تقول إن خروج الأخت الوحيدة، للرئيس بشار، هتلر العرب، من بلدها في محنة حرب حقيقية مجرد نزهة، أو شجار عائلي. بل هو عمل سياسي حتى لو اكتفت بشرب قهوة في أحد مقاهي ممشى الـ«جي بي آر»، وهذا اسم الحي وليس أحد أسماء الأسلحة الروسية. كنا ندري عن الأخت عندما فرت مرة من قبل، قبل ثلاث سنوات، إلى دبي أيضا، ثارت على أخيها قبل ثورة درعا ودمشق بنحو عام. وعرفت بأنها صلبة الرأس، تمردت على…
آراء
الإثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٢
جمال صديق وسياسي مخضرم ورئيس تحرير سابق. في مقالين في جريدة الحياة: مقال (الأجنبي والثري اللذان أكلا الطبقة الوسطى بتاريخ 01/09/2012 م) ومقال (نعمة السعوديين وتآكل الطبقة الوسطى بتاريخ 25/08/2012 م) عرج فيهما على الاقتصاد السعودي وقضاياه. يطرح أسئلة ويثير أموراً، يجيب أحياناً ويحوم حول الحمى أحياناً كثيرة. محوره الذى انطلق منه هو «الطبقة السعودية الوسطى» كيف تآكلت حسب قوله انطلاقاً من دراسة للدكتور فهد القحطاني أستاذ الاقتصاد في جامعة البترول بهذا الخصوص. لا أريد في هذا المقال مناقشة الخلاصة التي وصلت إليها دراسة الدكتور القحطاني ولا الأسس الإحصائية أو الاقتصادية التي بنيت عليها فهذا أمر مكانه ليس هنا. الأخ جمال وزع نقده وملاحظاته على عدة جهات وفي عدة اتجاهات فلامَ الأجانب ولامَ الأثرياء وتحدث عن الضرائب وعن اعتماد الدولة على الإيرادات النفطية. وسأل لماذا لم تعلق وزارة المالية ووزارة التخطيط على ما وصلت إليه الدارسة؟ وعاد وشكر المسؤولين الذين طلبوا من الدكتور فهد والجامعة إعداد دراسة أخرى بهذا الخصوص. أخي جمال حام حول الحمى لكنه لم يقع فيه. وفي هذا المقال أريد أن ألج إلى مركز الدائرة في حمى الاقتصاد السعودي كما أراه وكما كتبت عنه على مدى أربعة عقود. أبدأ أولاً بتعريف المصطلح الذي نتحدث عنه وهذه ضرورة منهجية ومنطقية، ماذا نعني بالطبقة الوسطى في المجال الاقتصادي؟ وما…
آراء
الإثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٢
عندنا في السعودية قضية، غير عادية، طُرح فيها السؤال، وطال الجدال، وكثر فيها القيل والقال، وهي هل تقود المرأة السيارة، وتخرج بها ديّارة، فصار الناس فريقين يختصمون، والباقي يتفرّجون، فمن قائل بالتحريم، لحظر الحريم، وفتنة كل ريم، ولا يقبلها كريم، كيف تجلس خلف المقود بحجابها، وتمسك «الدركسون» بجلبابها، وتلف القير باليمين، وتضغط بالقدم على البنـزين، وتحرّك المسّاحات بالأنامل، وتدوس على الفرامل، أين الستر والعفاف؟ والبعد عن الاستشراف، والسلامة من الأرجاف، والمرأة السعودية لا تُقاس بغيرها من النساء، ولا تشبه الحصباء بالجوزاء، أما تعلم أن السعودية أبهى من الشمس في ضحاها، وأجمل من القمر إذا تلاها وأحسن من النهار إذا جلاها، فسبحان من زين عيونها بالدعج، وأسنانها بالفلج، فلو ساقت بهذا الجمال السّيارة، وسارت بها في الحارة، لفتنت الناظرين، وسحرت المشاهدين، فالسلامة أن لا تقود، وخير من الدوران القعود، وعارضهم أقوام، أهل أقلام، فقالوا: كيف تمنع المرأة من القيادة يا سادة، وهذه ليست عبادة، بل عادة، أما ركبت الخيل والبغال والحمير، من غير نكير، فكانت تقطع الآفاق، وتهبط الأسواق، فما الفرق بين الكدلك، والجمل المحنك، وما البون بين الفورد والقعود، والبنـز السريع، والفرس البديع، كلها وسائل، والكل ناقل، ومحصولها تحصيل حاصل، فدعوها تقود المركبة، بلا مغضبة، ولا مشغبة، أليس الأحسن أن تقود بمفردها، وتمسك سيارتها بمقودها، من أن يخلو بها سائق…
آراء
الإثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٢
وضعت رابط خبر قديم على حسابي في «تويتر» عن زواج قاصرة، فاحتج البعض بأن الخبر مرت عليه أربع سنوات، لكن لم ينتبه أحد بأن السنوات التي مرت لم تسفر بحال من الأحوال عن نظام يحمي حقوق القاصرات. الخبر يقول إن والدة طفلة في الثامنة من عمرها تقدمت إلى المحكمة تعترض على تزويج طفلتها من رجل كبير، فوالدها الذي طلّق الزوجة وترك طفلته في رعاية والدتها وأخوالها، تذكّرها حين جاءه دائن يطالبه بديْنٍ قدره 30 ألف ريال، فعرض عليه أن يأخذ ابنته مقابل الدين فوافق الدائن. حتى هنا سنعتبر أن ما حدث يحدث في كل مكان؛ لكننا نعرف أنه لا يحدث إلا عندنا، حين قرر القاضي أن يؤجل فكّ العقد حتى تبلغ الفتاة، وتقرر هي هل تقبل أم لا، بدلاً من أن يحرر الفتاة من العقد، فإن كانت موافقتها شرطاً لتمام العقد، فلمَ يبقيه القاضي والعقد تم من دونه؟ وهل يرى القاضي أن مقايضة الفتيات لقاء الديون، والتفريط في حق النفقة، ورعاية الابنة، من المروءة التي تخول حق الولاية أم لا؟ لكن العرف يبقي حق الأب غير منقوص مهما فعل، بينما ثغرة صغيرة يمكن النفاذ منها، تسقط حق المرأة في تقرير مصيرها وحق حضانتها ونفقة أبنائها. هذه الحكاية ذكرتني بحكاية «الفتاة والوانيت»، فقد بادل رجل ابنته القاصر بـ «وانيت»، لكن الرجل…
آراء
الإثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٢
في كلمته بمناسبة اليوم الوطني، نبّه سمو وزير الداخلية على ضرورة ألا تُستغل مناسبة اليوم الوطني لإثارة الفوضى أو ما هو غير لائق. هذا التنبيه يأتي بعد تجارب غير إيجابية في مناسبات وطنية ورياضية كثيرة. فكيف نفهم أن يعبر شاب عن فرحته بإثارة الفوضى وتكسير واجهات المحلات والإساءة للآخرين؟ مع أجهزة الأمن كل الحق -بل هو واجبها– في حماية الأسواق والشوارع من عبث العابثين في اليوم الوطني أو في المناسبات الرياضية الكبيرة.هذا العبث أصبح سلوكاً يستوجب سن قوانين واضحة ضد مماريسه ليس فقط لما فيه من تعدٍّ على الآخرين ولكن لأنه أيضاً قد يتحول، مع الوقت، إلى “عادة” عند المراهقين في شوارعنا. اليوم الوطني، بمعانيه الوطنية المهمة، هو فرصة ثمينة للاحتفال بمنجز وطني ضخم توحّدت عبره بلادنا وأقامت دولة تشكل اليوم رقماً فارقاً في السياسة والاقتصاد. وهو فرصة للاحتفال بمنجزات الوطن وتذكير بأهمية الحفاظ على تلك المنجزات والفخر بها. أما ممارسة الفوضى في الشوارع فهي أصلاً خطأ يجب تصحيحه بالتوجيه حيناً وبالعقاب أحياناً أخرى. لا يمكن أن نترك هذه الظاهرة تتفشى في مدننا من دون سن قوانين صريحة تعاقب من يتعدى على الآخرين أو يتسبب في أذاهم. وحينما يتعمد بعض شبابنا إغلاق الطريق أو إبطاء سرعته فإنهم يمارسون مخالفة صريحة قد لا يدركون حجم ضررها. ألا يمكن أن تكون خلفهم…
آراء
الأحد ٢٣ سبتمبر ٢٠١٢
نحن بالتأكيد لسنا مجتمعاً ملائكياً، وكل بئر تحتوي على رملها وحصاها، ولذلك من الطبيعي أن نجد في كل جماعة وعصر مخطئين ومذنبين، وعليه جاء الحديث الشريف «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، ومن يأخذ حالة تقع في مجتمع أو بيئة معينة ويحاول تعميمها على الجميع ويبني على تعميمه أحكاماً ويستخلص من أحكامه مطالبات مسبقة، هو إنسان لديه أجندته الخاصة التي يسعى من خلال أحكامه المتعسفة وتهويلاته المرعبة إلى الوصول إلى أمور في ذهنه ليس من بينها بالتأكيد حسن الظن، والنظرة الواقعية للأمور، والرغبة الحقيقية الصادقة في الإصلاح، ولم يخل حتى مجتمع النبوة الزاهر والقرون الخيرة من مذنبين ومخطئين ووالغين في المشكلات، ولهذا السبب نزلت الشرائع ووضعت التنظيمات، وهذا هو حال المجتمعات الإنسانية بما هي إنسانية. وحين تقول الدكتورة موضي الخلف نائب الملحق الثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين في واشنطن للشؤون الثقافية والاجتماعية للمدينة، إن إجمالي مشكلات المبتعثين في الولايات المتحدة لا تزيد على 1600 حالة من إجمالي عدد المبتعثين الذين يقدر عددهم بحوالي 80 ألف مبتعث، فإن هذا يعني أن اثنين فقط من كل مائة مبتعث يقعون في المشكلات، وهي نسبة ضئيلة جداً إذا أخذنا في الاعتبار الفئة العمرية التي ينتمي إليها المبتعثون، وهم من جيل الشباب الذين يمتازون بفورة الحماس والاندفاع مقارنة بالكهول والشيوخ الذين يميلون أكثر…