آراء
السبت ٢٤ ديسمبر ٢٠١١
بقلم: ياسر حارب للانتظار طعمٌ آخر عندما يكون على رصيف قديم، مزدحم بالناس والمشاعر، تتجاور على صفحته أقدام المارة والحَمَام. يُخيّلُ إليَّ أن بعض المدن بنيت من أجل أرصفتها، حيث يُعد الرصيف فيها الملجأ الذي يرتمي عليه الهاربون من شظف العيش، ومن ثقل المسؤوليات. في تلك المدن، تتزين الأرصفة بالأمنيات، وتتعطر أجواؤها بعبق القهوة التي تُقدّم مع أولى خيوط الشمس وآخرها، تحت ظلال الأغصان المنتشية بالحياة. أحد أجمل الأحاسيس التي تخالجنا هي عندما تمتزج رائحة القهوة الصباحية برائحة أوراق الأشجار المُبللة بأمطار الليلة الماضية. للأرصفة حكايات تنتظر أن تروى؛ حكايات الشحاتين وقصص العاشقين الأبدية، فلا تكاد تخلو الأعمال الروائية العظيمة من رصيف دارت عليه أحداثٌ جسام، تنوّعت بين اللقاء والفراق، وبين سقوط القنابل وتفتح الأزهار. للرصيف مكانٌ في قصص نجيب محفوظ، حيث كان يجلس في مقهى الفيشاوي ويكتب عن المارة ولهم. لقد كان منجماً من الحكايات الإنسانية المتنوعة. وللرصيف مكانةُ عند المنتظرين؛ فانتظار الأحباب يجعل من الأرصفة أحباباً آخرين، لا نعرف قدْرهم حتى نفارقهم. قد ننسى كثيراً من الذكريات، ولكننا لا ننسى الأرصفة التي جمعتنا يوماً بمن نُحب. تخيلوا مدينة تخلو من أرصفة؟ يا لسذاجة الانتظار حينها، ويا لكآبة المكان! رصيف الميناء مسرح من مسارح الحياة، أبطاله العتالون المنهزمون، والربابنة الأباطرة، الظالمون في أغلب الأحيان. الجمهور الوحيد على أرصفة الموانئ…
آراء
السبت ٢٤ ديسمبر ٢٠١١
بدا الحبور على قادة الخليج العربي وهم يتبادلون التحايا والقبل في قاعة الاستقبال الرئيسية وسط قصر الدرعية الفخم على أطراف العاصمة السعودية الرياض، حيث اجتمعوا في قمتهم الـ32 في زمن تعطلت فيه قمم العرب ولقاءاتهم، باستثناء تلك الاجتماعات الطارئة لإطفاء لهيب النيران المشتعلة تارة في ليبيا، وأخرى في اليمن وسورية. ولهم الحق في هذا الحبور، بل شاع حبورهم إلى الوفود والصحافيين وكل مَنْ في ذلك القصر المشيد حديثاً. ذلك أنهم حيثما نظروا حولهم سيرون أنظمة تهاوت وأخرى تتهاوى وثالثة تنتظر أجلها وتقول يارب سلّم.. سلّم. أصعب تحدياتهم في البحرين أو عُمان أو الكويت لا تعدو أن تكون عاصفة في فنجان بالمقارنة مع تلك العواصف التي اقتلعت مبارك والقذافي وبن علي، ولا تزال تخلخل عرش بشار الذي يتعامل مع الحدث وكأنه نصف إله ورث حكماً مقدساً لا يجوز لشعبه أن يثور ويطالب بتنحيته، فلا يجد لهم سياسة غير القتل، وعلي عبدالله صالح الذي يمارس السياسة مثل مقاول البناء كثير الحلف والوعود قليل الإنجاز والفعل، لا يترك العمل لغيره ولا ينهيه بنفسه. ولكن ربيع العرب وخريفه كانا حاضرين معاً. حديث عن الإصلاح والمشاركة والعدل والمساواة في الداخل، بل حتى الوحدة في كيان واحد، كما فاجأ الملك عبدالله مشيراً بذلك إلى أن الوحدة هي لدرء الأطماع وحماية الأوطان. كان من الواضح أن الحبور…
آراء
السبت ١٧ ديسمبر ٢٠١١
بقلم: ياسر حارب قرأت قبل أيام هذا السؤال الفلسفي على تويتر: «إلى أي الضفتين ينتمي الجسر؟ أم أنه ينتمي إلى نفسه؟». كنتُ حينها أقود سيارتي على أحد الجسور في دبي، توقفتُ على كتف الطريق، وحدقتُ في الجسر بضع دقائق، فأدركتُ أن الجسر ينتمي للأشخاص الذين يعبرونه؛ فالهدف من وجوده هو إيصالهم بين الضفتين، ولولاهم لما كانت له حاجة. يُقال إن الإنسان ينتمي إلى من يحتاج إليهم، ولكنه أحياناً ينتمي إلى من يحتاجون إليه أكثر؛ كالأم التي تعطف على أطفالها، لأنها تحتاج إلى ذلك العطف أكثر منهم أحياناً. عندما تعبرنا الأشياء فإننا نشعر بخفة كبيرة، لأنها تحمل معها شيئاً من الثقل الذي يضغط على كواهلنا، ولذلك فإنها تمنحنا عمراً أطول، أو ربما، أقل شقاءً. كل الأشياء الباقية ثقيلة، ولذلك يشعر الإنسان بالراحة عندما يسافر، ولا بد من رحيل من نحب حتى نتعلم الاشتياق إليهم. الاشتياق غريزة وجدانية، لا تثقل إلا عندما تتراكم، مثل القطن، فهو على الرغم من خفته فإنه لا يشكل ثقلاً إلاّ بكميات كبيرة. أما الأشياء الباقية فإنها تشبه الحديد، مهم وحيوي، ولكن كمية قليلة منه قد تقصم ظهورنا. النجاح يشبه الجسر، معلق بين ضفتين، يبدو المنظر من فوقه رائعاً، ولكن إطالة الوقوف عليه تحيل الأشياء الجميلة إلى عادية؛ ولذلك فإن الإنسان في بحث دؤوب عن جسور أخرى، ليس…
آراء
السبت ١٧ ديسمبر ٢٠١١
من الأفضل التعجيل بإسقاط النظام السوري اليوم، قبل أن يتعفن الوضع هناك بحرب أهلية واستقطاب طائفي ومزيد من الكراهية والدم ما يحول سورية إلى عبء على جيرانها كالعراق الحالي. سورية الدولة والشعب لا تزال سليمة متماسكة حتى الآن على رغم الجراح، وعلى رغم التشققات التي بدأ ظهورها، ولو سقط نظامها اليوم يسهل ترميم نظامها السياسي الخرب وانبعاث سورية قوية مفيدة لشعبها ولجيرانها، مثل تونس التي بدأت تتعافى. ولكن الوضع في سورية يتدهور بسرعة، فالعنف ينتشر، وأصبح متبادلاً في بعض المناطق، والمنشقون عن الجيش لا يملكون غير الرد بالسلاح على من سيصفيهم لو وقعوا في يده، والانتقام بات ظاهرة. الجميع يرى أن النظام في دمشق «يشتري الوقت» بلفه ودورانه كما يقول رئيس الوزراء القطري. يوافق على بروتوكول الجامعة العربية اليوم ثم يرسل استفسارات غداً، ثم ننتظر جميعاً رد الجامعة، ثم اجتماعاً لها في الدوحة فاجتماعاً لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة وهكذا... بينما تستمر آلة القتل تحصد الأرواح لعلها تنتصر على انتفاضة الشعب. بقدر ما في ذلك من صحة فإن المعنيين بالحالة السورية من عرب وأتراك ومجتمع دولي هم أيضاً يشترون الوقت. يعلمون أنه لم يبقَ أمامهم غير آخر الدواء، الكي، وهو التدخل المباشر، والذي سيأتي بأسماء عدة، مناطق آمنة، عازلة، حماية المدنيين. ولكن كل تلك الصيغ هي ترجمة ديبلوماسية لتدخل عسكري،…
آراء
السبت ١٠ ديسمبر ٢٠١١
بقلم: ياسر حارب كنتُ أشاهدُ برنامجا على إحدى القنوات الإماراتية حضَرَتْ فيه مجموعة من الفتيات للحديث عن مشروع ما. كان الحوار جامدا جدا، وكلما أراد المذيع أن يلطف الأجواء بطرفة أو بتعليق، كانت الفتيات يزددن تزمّتا وتَخَشُّباً على المقاعد؛ في محاولة للسيطرة على مشاعرهن وعدم الضحك. وعلى رغم امتداد البرنامج لساعة تقريباً، فإنهن لم يفقدن «هيبتهن» ورصانتهن أمام المشاهدين، ولم يفتهن أن يلبسن أغلى الساعات وينتعلن آخر الأحذية ذات الماركات العالمية. وفي إحدى المناسبات الوطنية، كان الحضور فيها يزيدون عن ألف إماراتي تقريباً، لم أكد أسمع لهم صوتاً؛ فالكل كان مشغولا بالتأكد من أن لبسه على ما يرام، فالرجال منهمكون في «تضبيط» غترهم، والنساء لا يهدأن يفككن «شيلهن» ويُعِدْنَ لفها حول رؤوسهن، مرة كل بضع دقائق. وقبل أيام زارني صديق خليجي، وفي خضم حديثنا سألني: «ما سرّ الانطوائية عندكم في الإمارات؟» حيث تساءل عن غياب الفرد الإماراتي عن المشاركات الإعلامية والاجتماعية والثقافية في المنطقة، وعندما تكون هناك مناسبة ما فإن نفس الأسماء الإماراتية تتكرر كل مرة. قلتُ له بأن الإمارات تزخر بالمبدعين والمثقفين، ولكن إحجام أبناء وبنات الإمارات عن المشاركة في الحراك الفكري والاجتماعي، داخليا وخارجيا، يعد أزمة اجتماعية حقيقية، سببها، رُبّما، خجل غالبية أفراد المجتمع من إبداء آرائهم أمام الملأ، وربما يكون السبب هو عدم اكتراثهم بالتعبير عن أنفسهم…
آراء
السبت ١٠ ديسمبر ٢٠١١
ما هي أولويات الأحزاب الإسلامية التي تفوز الواحدة تلو الأخرى في أول انتخابات حرة حقيقية تُجرى في بلدانها بعد الاستقلال؟ إذا كنت ممن يسيئون الظن فيهم، ويقلقك انتصارهم ستقول: «البقاء في الحكم»، ستستدعي خطاب التسعينات الذي تداخل فيه الليبرالي مع السلطوي فاجتمعا معاً للتخويف من الإسلاميين ووجد ذلك صدى في الغرب، فانطلق من هناك شعار صحافي جذاب «ناخب واحد، صوت واحد، لمرة واحدة». جمع من الإسلاميين سيصرخ عالياً أن الأولوية يجب أن تكون الدولة الإسلامية وتحرير فلسطين، والبعض يذهب بعيداً إلى الخلافة، وآخر يتواضع إلى منع الاختلاط بين الجنسين. أما الإسلامي الجاد المتمرس فسوف يقاطعهم جميعاً ويقول: «لا... لا، أولوياتنا توفير الوظائف وتحسين الاقتصاد». أعلم إذاً أن «توفير الوظائف وتحسين الاقتصاد» هو الذي سيؤدي إلى البقاء في الحكم، مثلما قال سيء الظن في الإسلام السياسي، ومرة أخرى فهذه هي خريطة الطريق التركية للقادمين الجدد إلى سدة الحكم في دول الربيع العربي من الإسلاميين الذين ينظرون إلى تركيا الأردوغانية كنموذج يحتذى. العام الماضي حقق حزب «العدالة والتنمية» فوزه الثالث في الانتخابات في سلسلة غير مسبوقة في تاريخ تركيا الجمهورية، بل زادت نسبته في كل مرة منذ انتصاره الأول عام 2002. ما يعني أنهم باتوا يكسبون مؤيدين جدداً. بالتأكيد لم يحقق أردوغان وحزبه هذه الانتصارات لمجرد العاطفة الإسلامية عند الناخب التركي، وإنما…
آراء
الإثنين ٠٥ ديسمبر ٢٠١١
جاء الخروج الكبير الاثنين الماضي لعموم الشعب في أول انتخابات حرة في مصر منذ «ثورة» 23 تموز (يوليو)، كجردل ماء هائل صب على الحريق المشتعل في ميدان التحرير. قبل ذلك بيوم كانت كاميرات التلفزيون كلها مصوبة على الميدان. حديث حول تأجيل الانتخابات، أجواء غائمة في سماء مصر، البورصة تنهار، القلق يجتاح العرب، الشباب يصرخون بحماسة شديدة على الفضائيات أنهم ضد الجميع، ضد الجيش، ضد الأحزاب، ضد «الإخوان»، ومع الثورة. هم حماة الثورة، ولكن من هم؟ وما هي الثورة؟ خلال أقل من 24 ساعة تحولت كاميرات التلفزيون من الميدان وشبابه إلى المصري البسيط الذي قدم تعريفه الأفضل للثورة، إنها ورقة كبيرة الحجم عليها بضع وعشرون قائمة انتخابية وعشرات الأسماء وعليه أن يختار من بينهم من يراه الأفضل لقيادة مصر، تعريفه للثورة سريع وملموس، إنها «انتخابات حرة». بالطبع هذا التعريف يمكن ترجمته وتطبيقه، بينما اختفت تعريفات ثوار التحرير. في الأزمنة السابقة كان «الإخوان المسلمون» الذين بدوا أنهم الأحرص على الانتخابات، ذلك أنهم الموعودون بالنصر فيها، يرفعون شعار «الإسلام هو الحل» كان عليهم أن يرفعوا في أزمة ميدان التحرير شعار «الانتخابات هي الحل» ولكن لا بد أن أصابهم ارتباك يومها، فكل المعلقين كانوا «يبشرون» أن «الإخوان» خسروا الانتخابات يوم خسروا ميدان التحرير، ولكن من الواضح أن للمواطن مصري رأياً آخر توقعه استطلاع للرأي…
آراء
السبت ٢٦ نوفمبر ٢٠١١
بقلم: ياسر حارب عندما كان سقراط يطرح الأسئلة المحيرة على الناس في طرقات أثينا وساحاتها، كان (السوفسطائيون) الذين يوصفون بأنهم «محبو الجدل» ويناقشون الناس في كل شيء بهدف تعليمهم، يقولون إن القيم الاجتماعية والأخلاق الإنسانية نسبية، وليست مطلقة، أي أنها تتغير بتغير الوقت والحاجة، فالكذب الذي يعد عملاً منبوذاً، قد يكون محموداً، في عرفهم، عندما تدعو الحاجة إليه. إلا أن سقراط هاجمهم بكل ما أوتي من حكمة قائلاً إن القيم والأخلاق مطلقة في كل الحالات والظروف، ولا يمكن تجييرهما تبعاً لأهواء البشر ونزعاتهم السلطوية، حتى اتُهِمَ بعداوة الآلهة وأُعدم، إلا أن موته كان إيذاناً بولادة فلسفة إنسانية جديدة ما زلنا نقتبس من نورها الكثير. فهل كان سقراط مثالياً في طرحه؟ أم كان السفسطائيون عقلانيين في كلامهم؟ لقد نادى الأنبياء والفلاسفة والمصلحون، عبر التاريخ، بالتمسك بالقيم السماوية التي تجعل المجتمعات أكثر استقراراً وسلاماً، وكان معظم ما نادى به هؤلاء المصلحون يفوق مقدرة البشر على تطبيقه بحذافيره، ففي عهد الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ الذي يوصف بأنه عصر ذهبي، زنت امرأة متزوجة وحملت سفاحاً، في مجتمع صغير جداً، وسرقت امرأة أخرى، وخان المنافقون عهودهم مع المسلمين، حتى وهم يُصلون معهم في مسجد الرسول. كل ذلك والقرآن كان ينزل بين ظهرانيهم تباعاً، والوحي يهبط بين الحين والآخر، أي أن الإيمان كان…
آراء
السبت ٢٦ نوفمبر ٢٠١١
عين العرب ستكون على مصر هذا الأسبوع، فعلى رغم كل أحداث الأسبوع الماضي السلبية، اتخذ القرار الصحيح بإجراء الانتخابات في موعدها، فهي فاتحة الاستقرار ودليل نجاح الثورة. استقرار مصر يهم العرب، وهذا الاستقرار سيكون في أن يكتسح حزب ما الانتخابات القادمة، شرط أن يكون حكيماً بما فيه الكافية فيمسك العصا من منتصفها، فيقف في وجه الجيش وما تبقى من النظام القديم من دون الاصطدام بهم فيدفعهم إلى حماقة الانقلاب، ويُرضي في الوقت نفسه شباب الثورة فيحتويهم ويخفف من غلوائهم وطلباتهم التي لا تنتهي، ومن ثم يتلقى الدعم الواجب من أشقائه العرب بصفته حكومة مصر، ويعيد مصر إلى ملء موقعها الشاغر في عالم عربي ناهض. هل هناك من يستطيع ذلك؟ كارثة إن لم يكن، فمصر مقبلة على كارثة حقيقية إن استمرت أحوالها المضطربة هكذا عاماً آخر، أقلها الإفلاس .. نعم ستفلس خزائنها وأرصدتها خلال أشهر، مثل اليونان وإيطاليا ولكن من دون حماية الاتحاد الأوروبي واليورو. رغم كل عيوب المجلس العسكري وأخطائه منذ استلامه السلطة في شباط (فبراير) الماضي، فإن النظام الانتخابي الذي اعتمده ودافع عنه هو أفضل خدمة تاريخية لمصر في مرحلتها الانتقالية الحالية. يتعرض هذا النظام لنقد من بعض الأحزاب والقوى في الداخل، وكذلك من الخارج، فهو متهم بمحاباة الأحزاب الكبرى وسيفرز غالبية منها في البرلمان المقبل، وسيهمش الأقليات والمرأة…
آراء
السبت ١٩ نوفمبر ٢٠١١
«هذه الحملة وراءها علي محسن.. لا بل تدعمها قناة الجزيرة بتمويل قطري.. المؤكد إن من قادها مقربين لصالح»... هذا جزء من الاتهامات التي أطلقت ضد حملتنا «رويترز في جيب الحكومة» وبالإنجليزي «Shame on Reuters عيب على رويترز». رأيت أولا خبر التشكيك في نوايا القائمين على الحملة لدى العديد من الصحفيين منهم صديقة عزيزة لي ليس لها أي نشاط في عالم تويتر ولا تعرف بخلفيات القصة.. عندما أجبتها بأن من وراء الحملة ضد عمل مراسل رويترز مترجماً للرئيس صالح وسكرتيراً خاصاً هو أنا وناشطين شباب آخرين على صفحات تويتر .. كانت إجابتها: «لا يمكن ذلك .. لماذا ستلتفت رويترز لليمن؟ منذ متى رويترز تهتم باليمن.. الأكيد إن هناك هدف غير نزيه من وراءها!». طبعاً هذا الرد آلمني كثيراً واعتبرته استخفاف بقدراتنا نحن الشباب.. خاصة أني أعلم تماماً كيف بدأت الحملة من الألف للياء، ومن كان معها ومن ضدها ومن شارك فيها فرداً فرداً.. ورأيت كيف كبرت أمام عيني تغريدة صغيرة في تويتر إلى أن أصبحت خبراً كبيراً على صفحات الواشنطن بوست ونيويورك تايمز الأمريكيتين. هذا الحملة قام بها مجموعة من ناشطي تويتر.. هؤلاء الناشطون ليس لهم علاقة بأي حزب ولا منظمة ولا أي بلد خارجي .. هم مجرد يمنيون يحبون وطنهم من داخل الوطن وخارجه، يسهرون الليل منذ بداية الثورة لإيصال…
آراء
السبت ١٢ نوفمبر ٢٠١١
لن يصدقني أحد عندما أقول إن خطاب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» بعد اكتساحها أول انتخابات حرة في الجزائر عام 1990 وآخرها، لم يختلف كثيراً عن خطاب حركة «النهضة» التونسية، الذي أثار إعجاب الجميع بعد انتصارها الأخير، إلا بالقدر الذي تختلف فيه الجزائر ثقافياً عن تونس، وهو اختلاف لا يزال قائماً بعد عقدين من الزمان منذ مذبحة الديموقراطية في الأولى. سيقول أحدهم إن «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» أخافت عموم الجزائريين بعد فوزها، وتوعدتهم انه حان الوقت أن يغيروا حتى عاداتهم في المأكل والمشرب. إنه زعم غير صحيح نتج عن حملة تضليل تعرض لها العقل العربي حان الوقت أن نفرز بروح حرة خبيثها من طيِّبها. كنت في الجزائر وقتها أغطي انتخابات غير عادية في زمن كاد أن يطلق ربيعاً عربياً مبكراً، وتحرّيت عما تناقلته وكالات الأنباء فثبت لي عدم صدقيته. نعم، كانت الجبهة خليطاً من شتى التيارات الإسلامية، سلف وإخوان وجزأرة ومستقلين، ولكن نجح شيخها عباسي مدني في ضبط إيقاعها بقدر ما يستطيع. كانت هناك آراء متشددة، لكنها لم تكن تستدعي انقلاب العسكر وإلغاء الديموقراطية والحريات وإقامة معسكرات صحراوية لحماية حربة لم تكن أصلاً موجودة. تونس كانت دوماً متقدمة إسلامياً وسط الحركات الإسلامية، وبالتالي لا حاجة لأن يفغر وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه فمه دهشة وإعجاباً أن مسؤولي حزب «النهضة» يقولون: «نريد بلداً يكون…
آراء
السبت ٠٥ نوفمبر ٢٠١١
«لنفترض أن النظام السوري أوقف العنف، هل أنتم مستعدون لقبول مبادرة الجامعة العربية والتفاوض معه؟»، سألت مذيعة نشرة الأخبار على محطة «العربية» عضو المجلس الوطني السوري المعارض محيي الدين اللاذقاني، فأجاب بسرعة وحيرة معاً «افتراض صعب، الآن هو يقصف حي بابا عمرو في حمص، تصلنا أنباء عن سقوط شهداء ولم يجفّ حبر المبادرة بعد...»، تقاطعه المذيعة: «ولكن لنفترض انه أوقف العنف، هل ستقبلون بالتفاوض؟»، شعر القيادي المحاصر ان عليه أن يجد جواباً محدداً بنعم أم لا، فأجاب: «سنجتمع... نعم، لا أحد يريد حمام دم، إذا أوقف العنف يمكن حينها...» لم يستطع أن يلفظ كلمة «التفاوض» فالثقة مفقودة، والدم سيّال. ولكن لنفترض، مجرد افتراض، أن النظام السوري يوقف العنف ويسحب الدبابات ويسمح بالتظاهر السلمي وللإعلام الأجنبي ومراقبين من الجامعة العربية بدخول سورية... إلى آخر خريطة الطريق التي أعلنها رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم ودعا النظام إلى تطبيقها «من دون لفّ أو دوران»!! من الصعب التفاؤل، ولكن تحليل ردّ فعل وأسباب كل طرف يساعد للوصول إلى توقّع موضوعي للمستقبل. تابعت إعلان خطة الجامعة مساء الأربعاء الماضي من على التلفزيون السوري الرسمي. نقلها مباشرة على الهواء بكل عبارات حمد بن جاسم القاسية على النظام: وقف القمع، الحوار مع المعارضة، نفس المعارضة التي قال الرئيس بشار الأسد قبل أيام انه لا يعرف من…