آراء
الأربعاء ٠٦ مايو ٢٠١٥
ليس من طبائع المجتمعات أن تتوحد «قلبا وقالبا» كما يقال في الأدب. هذا خلاف سنن الحياة الطبيعية. في كل مجتمع، صغيرا كان أو كبيرا، مصالح متفاوتة وتطلعات مختلفة وآراء متباينة وتجارب متنوعة، يمثل كل منها أرضية اختلاف. يتحدث الباحثون في علم الاجتماع عن «دوائر مصالح» متنوعة، كل منها يمثل إطارا يجمع طائفة من الناس حول فكرة أو عاطفة أو مصلحة مادية. تعبير «مصالح» المستعمل هنا تعريب مقرب للأصل الإنجليزي «interests». وقد حرصت على هذه الإشارة لأن لفظة «مصالح» في العربية المتداولة تشير غالبا إلى أمور مادية، بينما يشير التعبير الأجنبي إلى نطاق أوسع، يشمل مثلا كل موضوع يجتذب اهتمام الإنسان أو يحركه. وهو في هذا التعريف الواسع يشمل مختلف العناصر التي تحرك مشاعر الناس أو تدفعهم للاجتماع مع بعضهم أو توحيد نشاطاتهم. هذه إذن طبيعة المجتمعات وهكذا تعيش. ثمة من يجتمعون حول نسب واحد فيشكلون عائلة أو قبيلة. وثمة من يجتمعون حول قضية واحدة فيشكلون شركة تجارية أو نقابة أو جمعية مهنية أو حزبا سياسيا أو جماعة دينية أو ثقافية وهكذا. كل واحد من هذه التجمعات هو دائرة مصالح، اجتمعت فيها شريحة من الناس، طمعا في أن تحقق بعض ما يريدون. بنظرة عامة نستطيع القول إن دوائر المصالح هذه نوعان: أولها عمودي موروث ينضم إليه الإنسان بالولادة لا بالاختيار. فالإنسان…
آراء
الأربعاء ٠٦ مايو ٢٠١٥
في 14 مايو (أيار) يشهد كامب ديفيد ملتقى مفصليًا آخر في تاريخ العرب: الملك سلمان وأمراء الخليج يتدارسون الوضع في الجزيرة العربية مع باراك أوباما. أول قمة جماعية مع رئيس أميركي منذ تأسيس مجلس التعاون، وأول مرة تُطرح فيها قضية واحدة بين الفريقين: إيران. ما هو هذا المكان الذي صار اسمه جزءًا من مفرداتنا؟ معتزل في جبال ميريلاند، تربو مساحته على نصف مليون متر مربع، ويبعد 60 ميلاً عن البيت الأبيض. وكان فرانكلين روزفلت أول رئيس يستخدمه، وقد أطلق عليه اسم «شانغريلا»، وهو مكان متخيل مليء بالهدوء والسعادة. ففي عام 1942، ذروة الحرب العالمية، بحث عن معتزل سري حيث يستطيع النوم في ساعة متأخرة، وينصرف إلى العناية بمجموعة الطوابع التي يملكها، واستضافة بعض زعماء الدول الذين يستسيغ صحبتهم. كان ونستون تشرشل أول أولئك الزعماء عندما حل ضيفًا عام 1943 في قمة أعدت لهجوم النورماندي الكبير على قوات هتلر. وعندما تسربت الأنباء عن وجود شانغريلا، نصح رجال الأمن روزفلت بأن ينقل مقره إلى قادة غوانتانامو خوفًا من التعرض للقصف، غير أن رفض روزفلت كان قاطعًا: «كوبا بلد ملوث بالفوضويين والقتلة وإلى آخره، وأيضا بالمحتالين». عندما وصل دوايت أيزنهاور إلى الرئاسة أعاد تسمية المعتزل على اسم حفيده، ديفيد. استضاف هناك عام 1959 الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف في محادثات تهدف إلى خفض التوتر…
آراء
الثلاثاء ٠٥ مايو ٢٠١٥
يبدو أن السفارة السعودية في الكويت ضاقت ذرعًا من تحريض النائب البرلماني المتطرف عبد الحميد دشتي فقدمت شكوى قضائية ضده، ورفع مناصروه أصواتهم بالاحتجاج بأنه تدخل وهيمنة. وهنا، في منطقتنا، ننظر إلى الأمور بنسبية، ونحكم عليها كذلك. الفارق بين دولة مثل إيران والسعودية عند الاختلاف كبير جدًا. إيران ردت على منتقديها في بيروت بخطفهم من بيوتهم، وميليشيات حزب الله الموالية لها تتكفل بإسكات المحتجين عليها، وقد قتلت في وضح النهار أحد المتظاهرين اللبنانيين أمام باب السفارة الإيرانية. وبالتالي، فإن لجوء السفارة السعودية للقضاء عمل قانوني لما اعتبرته تهديدًا مستمرًا من تصريحات الدشتي، الذي يتهمها بأنها خطر على أمن الكويت، وأنها وراء دعم الجماعات الإرهابية، وغيرها، إضافة إلى مواقفه الطائفية. وسواء رفع مجلس الأمة الكويتي الحصانة عن نائبه الدشتي، وسواء قدمته للمحكمة وأدانته بعد ذلك أم لا، فهذا طريق آخر، إنما الالتزام بقوانين الدولة، بدل الخطف والقتل، مسلك محترم في منطقة يحتكم فيها بعض الناس والحكومات إلى مسدساتهم. النائب دشتي يتهم بأنه يلجأ إلى التحريض السياسي والطائفي ربما للتكسب الانتخابي، في بلد مثل الكويت، بكل أسف غلب عليه في العقد الأخير التكتل القبلي والطائفي، بعد أن كان في الماضي التنافس بين المرشحين على مواقف قومية، أو إصلاحية، دستورية، أو خدمية. بسبب الخوف من الفوضى لم يعد هناك الصبر والتحمل الذي ميز…
آراء
الثلاثاء ٠٥ مايو ٢٠١٥
فريق من يدَّعون المقاومة والممانعة، ومن يبيعون هذا الوهم إلى الشعوب العربية، والذين نجحوا في السابق في الضحك على شعوبنا؛ يبدو أنهم الآن وصلوا إلى درجة من إفلاس أخلاقي، فقد انكشفت ألاعيبهم، وسقطت أقنعتهم؛ ففي زمن الثورات التي قامت في بعض الدول العربية انكشف معدن هؤلاء، فالمبادئ، يا هؤلاء، لا تتجزأ إذا كنتم تقفون من حق الشعوب في الحرية والعدالة والحياة الكريمة. الشعب السوري عبر وبطريقة سلمية مطالباً بهذه الحقوق، واستمر في ذلك مدة تزيد على العام، وبسبب وحشية نظام الأسد انزلقت البلاد إلى مشهد دموي، وأصبحت مرتعاً للتنظيمات الإرهابية، بسبب إرهابية النظام نفسه. أين كان هؤلاء وقت سلمية الثورة السورية بالتعبير والوقوف إلى جانب تلك المطالب، أو على الأقل تقديم النصيحة للنظام السوري الذي يساندونه بأن يقدم تنازلات حقيقة تجنب البلاد إلى ما وصلت إليه الآن؟ لقد سكتوا، بل إن بعضهم برر بأن ما يفعله النظام هو من المقاومة والممانعة ضد القوى الاستعمارية وإسرائيل، وكلنا يعرف أن نظام الأسد الأب والابن كان الحارس الأمين على جبهة الجولان، وهذه الجبهة -كما هو معروف للجميع- هي طريق المقاومة الحقيقية، ويملك النظام السوري مشروعية وطنية وسياسية لاستعادتها، لكن كانت قوات الجيش السوري تعبث في مناطق عربية، كما حدث في لبنان، والذي أطبقت على أنفاس شعب لبنان لمدة قاربت 30 عاماً، وخرجت منه…
آراء
الثلاثاء ٠٥ مايو ٢٠١٥
ما دام الموت، الذي شغل البشر منذ الإنسان الأول، نهايةً يحتمها قانون بيولوجي لا يُرد، تم التحايل عليه بطرق عدة، فقد نشأت، مثلاً، فكرة «الخلود» بوصفها تهميشاً للموت، أو تحويلاً له إلى مجرد محطة للعبور. وكانت الأهرامات الفرعونية التجسيد النُصبي الأعظم للفكرة هذه. كذلك، وعلى مستوى السلطة في معناها المباشر، نشأ «التوريث» الذي يُراد له أن يُبقي الميت حياً من خلال نجله وأنجال نجله. ولأن الابن، كما قيل، سر أبيه، فهذا التواصل الجيلي يضفي الخلود على «السر» المقدس فيزيده قدسيةً. وهنا، في التوريث، بات الهرم هو الشخص المتواصل نفسه. إنه خوفو الذي من لحم ودم. لكنْ كثيراً ما تصالحت هاتان التقنيتان التاريخيتان، والدراميتان، في ملاعبة الموت، فأقيمت التماثيل والنُصب للحاكم الوريث. والحجرُ، كما هو معروف، لا يُزال ولا يُمحى مع الزمن. هكذا اجتمع الخلود والتوريث في طوطم شبه إنساني، شبه ميثولوجي. وفي سورية، انطوت مفردة «الأبد» على هذه المعاني مجتمعة، وعلى الهامش، وفي اللحظات الصعبة، وُجدت تقنية ثالثة للتحايل على الموت لا صلة لها بتاتاً بالعظمة المزعومة: إنها الوضاعة التي تحمل صاحبها على تقبيل الأيادي واللحى، وطي ما يُفترض أنه مبادئ وقيم متبناة، في سبيل الحفاظ على الحياة. لكنْ في النهاية بقي المبدأ الحاكم يقول: ما دام القائد خالداً، منقوشاً في الصخر ومتواصلاً في الأجيال، فإنه رفيق الأبد، وكلّ ما…
آراء
الثلاثاء ٠٥ مايو ٢٠١٥
أعلن سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، أن الإعفاء من تأشيرة الاتحاد الأوروبي (الشنغن) بات قريباً جداً، لتنطلق بعدها التغريدات والتعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بهذا الإنجاز للدبلوماسية الإماراتية، الذي من شأنه تسهيل تنقل الإماراتيين في دول الاتحاد الأوروبي دون تأشيرة. كانت معظم التغريدات تشيد بهذا الإنجاز، على اعتبار أنه يصب في مصلحة المواطن الإماراتي، الذي يتردد بشكل مستمر على القارة الأوروبية، وكالعادة كشفت بعض التغريدات والآراء توجهات وهوى أصحابها الحزبية، ليقللوا من شأن أي إنجاز لأنهم لا يرون إلا الجانب الأسود من كل شيء، وحتى عندما يكون الثوب ناصع البياض سيبحثون عن نقطة سوداء لا تُرى إلا بالمجهر المكبر، ليجعلوها كبيرة الحجم لا تختلف عن مدى الحقد الذي في صدورهم. إلا أن هناك نوعاً آخر من الأغبياء والجهلة، ذكّرني بشكل أو بآخر بتلك العقلية التي كانت سائدة في عصر الظلمات، والمشكلة عندما تكون هذه العقلية حاضرة في وقتنا هذا، بعد ما وصلت إليه البشرية من تقدم وتحضر في شتى مجالات الحياة، كان من المضحك المبكي أن تأتي التعليقات مثل: الإعفاء هذا وكأنه إعفاء من النار والدخول إلى الجنة، الإعفاء هذا لدخول بلاد الكفار وليس فيه فخر! هؤلاء الأغبياء لو كانوا يعيشون في الكهوف متخلفين عن كل شيء لعذرناهم والتمسنا لهم العذر، إنما التناقض أنهم يستعملون…
أخبار
الثلاثاء ٠٥ مايو ٢٠١٥
من لا يعرفه سيقول: وزير مُحنّك، وسياسيٌّ فذٌّ. ومن يعرفه سيقول، إلى جانب ذلك: مُعلِّمٌ، ومثقفٌ من طراز نادر. شخصية من تلك الشخصيات النادرة التي صفّحت كتب التاريخ الإسلامي والعربي، والتي لا يملك المرء إلا أن يتوقف عند دهائها، وشاعريتها، ولطافة قولها وحزْم فِعْلها. عندما قرأتُ خبر تنحيه عن منصبه كوزير للخارجية، قلتُ لزملائي الذين كنتُ جالسًا معهم إن مَن وصف الأمير سعود الفيصل بأنه كيسنجر السياسة العربية قد ظلمه، فهو سعود السياسة العربية، وسعود السياسة الدولية. ليتني استطعتُ أن أحكي لهم عن مواقفه العظيمة على مرّ أربعة عقود، كان فيها صمام التوازنات السياسية في المنطقة، ورَجُل السّلام الذي تحققت بفضل جهوده – بعد فضل الله تعالى – توافقاتٌ بين أطراف لطالما تناحرت واختلفت لسنوات طويلة. ومن أبرز إنجازاته الكثيرة سعيُه لجمع الفُرقاء في لبنان حول طاولة واحدة، الأمر الذي كُلل باتفاق الطائف في العام 1989. لقد تعلمتُ من هذه القامة العظيمة أشياءَ كثيرة، من أجملها تواضعه الجَمّ، وحرصه على ألا يعرف الناس إنجازاته حتى يبقى عمله خالصًا، وهو ما يتعارض مع شخصية وزراء الخارجية الذين يسعون للظهور الإعلامي، والمشاركة في كل حدث، والتباهي بإنجازاتهم حتى وإن كانت صغيرة. إلا أن مِن أكثر ما كان يسعد سعود الفيصل أن يُنجز مهمة ما، ثم لا يعلم أحد أنه كان مهندسها وأداة…
آراء
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
غريب عجيب هذا الرجل، وأعجب وأغرب تعاملنا معه. فبعد الصفح عن مؤامرته مع آخرين في إنشاء مجالس وروابط معادية للمملكة بعد حرب تحرير الكويت، وابتزازه دول المنطقة سنين طويلة بدعوى حفظ الأمن ومقاومة الإرهاب، وبعد اكتشاف تآمره مع "القاعدة" ضد المملكة، ثم استدراجه الحوثيين نحو مغامرة الاعتداء على حدود المملكة، ثم اكتشافه من قبل قومه وانقلابهم عليه. بعد هذا كله، وبعد أن عالجته المملكة وكان شبه متوفى؛ حسب اعترافه الشخصي، وإعادته واستمرار رفضه من قبل الشعب اليمني، وقفت المملكة معه فأخرجته من كل القضايا التي كانت مرفوعة والتي كانت سترفع عليه مثل "الشعرة من العجينة" آمنا على ماله وأسرته ونفسه قبل هذا كله. انقلب علي صالح على أكبر من تفضلوا عليه، ليثبت نظرية قديمة جديدة هي أن "ذيل الكلب أعوج". كما أثبت قبلها نظرية "أنا وبعدي الطوفان". يعلم المخلوع أن اليمن لن يكون بخير ما دام ضحية للميليشيات وما دام عملاء إيران يعيثون في الأرض الفساد، ويرهنون الوطن، كما فعل سابقوهم للفرس، وهي أرض العرب ومصدر العروبة منذ فجر التاريخ. لكن يبدو أن علي صالح أمعن في استذكائه، واعتقاده أنه لم ينكشف بعد، فانقلب على حلفائه الجدد عندما رأى العين الحمراء، وعرف أن اليمن الجديد لن يتهاون مع الأعداء. أذكِّر المخلوع بمقولة "تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت، وتستطيع…
آراء
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
القرارات الملكية الكريمة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله – وما سبقها من قرارات – في مجملها تهدف إلى تحقيق الكفاءة وتحسين الأداء المؤسسي للجهات الحكومية، وهي بمثابة منعطف تاريخي ومهم في مسيرة التنمية بالمملكة، وهي كفيلة بإحداث نقلة مهمة وكبيرة في الجهاز الإداري للدولة، وجعله أكثر فاعلية، حيث تسعى هذه القرارات إلى إعادة هيكلة بعض أجهزة الدولة وفقاً لرؤية استراتيجية متطورة، وإرادة حاسمة للتخلص من الترهل الإداري والتضخم الهيكلي في بعض الوزارات والمصالح الحكومية. ولكي نفهم بشكل عميق حيثيات القرارات الملكية، وخاصة فيما يتعلق بتأثيرها على تطوير واقع الإدارة الحكومية في المملكة، من الضروري أن نمر على جذور تكوين الإدارة العامة أولاً، لكي نستطيع تلمس أسباب المشكلات التي تعاني منها، ومن ثم الحلول التي طرحتها القرارات الملكية الأخيرة. عندما وحد المملكة المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كانت الإدارة المحلية تتمثل في صورة بسيطة، فكل منطقة كانت تحكم عن طريق أمير يرتبط رأساً بالملك، يتبعه أمراء فرعيون في المدن التابعة لمنطقته، وكان هناك ثلاثة مسؤولين في كل مدينة يتولون الوظائف الإدارية، وهم: الأمير، وهو الحاكم الإداري بالنسبة للمنطقة أو المدينة والقرى المحيطة بها، والقاضي: وهو مسؤول عن الجوانب الدينية في المدينة، ومأمور بيت المال: وهو المسؤول المالي في المدينة (الزكاة، توزيع المخصصات). ولكن…
آراء
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
من الواضح أن الملك سلمان بن عبدالعزيز يعمل بحزم وعزم لافتين على نقل المملكة العربية السعودية من المرحلة الثالثة إلى المرحلة الرابعة في الدولة السعودية الثالثة. بدأت المرحلة الأولى بدخول الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله ورفقاء التأسيس والتوحيد مدينة الرياض عام 1902 واستمرت قرابة الثلاثين عاماً. وكانت فترة عسكرية بامتياز، إذ كان المطلوب من كل سعودي حينها، مدنياً كان أم مجنداً، أن يشارك بما يستطيعه في المجهود الحربي الرامي إلى استعادة الأمن في الجزيرة العربية وتوحيد أقاليمها وأطرافها ومكوناتها البشرية تحت علم واحد. شُدت الأحزمة على البطون في تلك الفترة، ووضع الناس آمالهم وأمنياتهم في «مؤجلات الغيب» لحين تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في استعادة الدولة من يد الفوضى والانفلات الأمني. ثم جاءت المرحلة الثانية بعد اكتمال التوحيد في قلب الملك المؤسس وإعلان اسم المملكة العربية السعودية عام 1932، وتميزت بوضع الأسس المتينة للدولة، وبناء الكيانات السياسية والاقتصادية والخدمية الرئيسة التي ضمنت آنذاك الحد الأدنى من المعيشة الكريمة لمواطني المملكة. وفي العام 1953 بدأ عهد جديد بتسلم الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله مقاليد الحكم بعد وفــــاة أبيه. انتــــــــقل الحكم في هذه المرحلة في شكل رأسي من الأب المؤســـس إلى الابن، وخلال أكثر من ستين عاماً سار الحكم في خط أفقي بين الإخوة أبناء الملك عبدالعزيز في سلام…
آراء
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
ارتكبت إيران في اليمن مجازفة صعبة. توهّمت أن السعودية لا تملك غير خيار التعايش مع ترسانة صاروخية في عهدة عبد الملك الحوثي. اعتبرت أن تطويق السعودية سيدفعها إلى القبول بنظام إقليمي جديد، تكون إيران اللاعب المهيمن فيه. لم تتوقع أن تستنهض السعودية اللاعب العربي في الإقليم وبغض النظر عن الموقف الأميركي. والحقيقة هي أن إيران تطالب السعودية منذ سنوات بالاعتراف بما تسميه الحقائق الجديدة في الإقليم، أي ثمار الانقلاب الكبير الذي أطلقته إيران، خصوصاً غداة إسقاط نظام صدام حسين. أعادتني التطورات إلى ما سمعته قبل سنوات من سياسي يعرف إيران وأهل القرار فيها. قال: «أعرف أن السعودية دولة مهمة وذات ثقل اقتصادي وسياسي وإسلامي. وأعرف أن المنطقة لن تستقر إذا لم يحصل تفاهم إيراني- سعودي. الحل هو أن تنتهج السعودية سياسة واقعية. أن تتقبّل أن سقوط نظام صدام حسين أدخَلَ تغييراً كبيراً على موازين القوى، لا يمكن الانقلاب عليه. رفْضُ الاعتراف بالوقائع ليس سياسة. أميركا تستعد للانسحاب من العراق وستترك أهل المنطقة يقلعون أشواكهم بأيديهم، ما دام النفط يتدفّق وإسرائيل لا تواجه خطراً وجودياً. لم تعد (أميركا) مهتمة بإدارة الإقليم ولم تعد مستعدة لدفع ثمن هذا الدور. على الدول الأساسية في المنطقة أن تجلس لبلورة نظام إقليمي جديد». وأضاف: «انظر إلى الخريطة والأرقام معاً. إيران والعراق ثقل سكاني ونفطي. اضف…
آراء
الإثنين ٠٤ مايو ٢٠١٥
عِشرة عمر لعقود في تفاصيلها أربعون عاما من الأزمنة عاشها السعوديون على اختلاف الحقب الملكية السياسية وهم لا يكادون يعرفون أكيدا إلا وزير خارجيتهم المتصدر على عرش اللباقة الديبلوماسية حول العالم سمو الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود متعه الله بالعافية والصحة. والاسم بحد ذاته يحمل من الترف والبذخ ما يفوق وصف كل أحبار الزمن ومواهب الرسامين في التعبير عن الجودة والفخامة الوصفية لبانوراما الشعور والإحساس العظيم في دواخلهم. شعرت كسعودية بحزن وفراغ نفسي كبير عندما استيقظت مشدوهة تملؤني حسرة ليس من سبيل إلا تقبلها على خبر إعفاء الفيصل بناء على طلبه ولظرفه الصحي، علامة حاسمة في وجدان كل سعودي وسعودية لو كان للناس خيار ضامن للفيصل بقاءه مزيدا من الزمن على المنصة الديبلوماسية لما ترددوا. هكذا سنة الحياة تتقلب الصفحات بناء على رغباتنا أو رغما عنها. المقالات والأخبار والتغريدات والتقارير والعالم بأسره حديثه الأبرز عن الفيصل، أغلب هذا الجيل من أبناء وبنات الوطن لم يعاصروا البدايات المبكرة للأمير سعود الفيصل في شموخ الوطن به سياسيا في كل المحافل الدولية، ولكننا نشأنا وبعضنا استيقظ على أمجاد مشرقة في صفحات الزمان رسمت للسعودية توجها سياسيا رصينا هادئا حصيفا فخما له وقع السيف ودقة الرمح ووثبة الضرغام وحكمة الشيوخ الذين لا يستغني عنهم الزمن. لا يوجد في سجل السياسة الخارجية السعودية…