آراء
الجمعة ٠١ مايو ٢٠١٥
تصر طهران على تكريس مبدأ خرق القرار الدولي الرقم 2216 المتعلق باليمن، وعدم الالتزام به. فهي تعتبره «بلا قيمة»، كما قال الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله. وهي لن تمل من سعيها إلى نسفه لأنه يتبنى خريطة طريق لمعالجة الأزمة تنطلق من المبادرة الخليجية وشرعية عبد ربه منصور هادي. فمحاولتها إنزال طائرة قالت إنها مدنية محملة بـ «المساعدات الإنسانية» في مطار صنعاء واقتياد بحريتها سفينة ترفع علم جزر مارشال إلى الشواطئ الإيرانية، لمجرد أنها متعاقدة مع الجيش الأميركي على نقل معدات له، دليلان على ذلك مهما كانت التبريرات. في الحادثة الأولى أرادت خرق القرار لجهة حظره توريد السلاح وما يتصل به من معدات ومقاتلين أو خبراء إلى اليمن. وحتى لو لم تكن الطائرة تقل الممنوعات التي وردت في القرار، فإن الجانب الإيراني أراد تكريس مبدأ عدم الامتثال لتوقيت الهبوط، وللأذن المسبق، وللتفتيش في أحد مطارات دول تحالف «عاصفة الحزم» (السعودية)، للاستعاضة عنه بالتفتيش في مطار صنعاء الذي يسيطر عليه الحوثيون وجماعة علي عبد الله صالح. تكريس مبدأ عدم الامتثال يتيح لها إرسال طائرات أخرى قد تحمل تلك الممنوعات باسم تقديم المعونة الإنسانية. ولو كان إرسال الطائرة بريئاً، لكانت طهران قبلت بكل تلك الشروط من أجل تمرير المساعدات التي ادعت أنها ترسلها. في الحادثة الثانية شاءت أن تثبت…
آراء
الخميس ٣٠ أبريل ٢٠١٥
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مكوناً مهما من مكونات حياتنا الاجتماعية والأسرية لا يستطيع معظمنا - إن لم يكن جميعنا - الاستغناء عنها. وأدمنت جميع الفئات الاجتماعية تقريباً، بصورة أو بأخرى تلك الوسائل مثل "تويتر " و"فيسبوك" و"إنستقرام" وغيرها من التطبيقات التي يطلق عليها "اجتماعية" ولكنهم نسوا الاجتماعيات الحقيقية مثل تبادل الزيارات واللقاءات العائلية والأسرية، فأصبح كل فرد من أفراد الأسرة منهمكاً في ذلك العالم الافتراضي، مشغولاً بالتواصل مع أشخاص يعرفهم أو لا يعرفهم، يرصد لهم أنشطته اليوميه، ويبدي آراءه في مختلف القضايا التي تهمه بالدرجة الأولى، حيث يعتبر الكثير من الناس هذه المواقع منبراً للتنفيس عن الضغوطات اليومية التي يتعرضون لها. وبسبب هذه المواقع، أصبح الفرد إنطوائياً منعزلاً عن المجتمع لايتواصل مع أسرته أو أقاربه. وإن تواصل معهم، يكون ذلك أيضاً عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي. وبسببها أيضاً غابت قواعد وأصول الحوار الجيد، وانتشر النقد الهدام، والسباب، والكثير من السلوكيات السلبية الأخرى التي تدخل في نطاق الشتيمة والخوض في أعراض الآخرين، وأصبحنا نسمع عن الكثير من الجرائم الإلكترونية التي تتضمن سباباً وشتيمة من حسابات لا تعرف أو نسيت قواعد وأصول الحوار. وإذا ما تعرض أحدهم لقضية مثيرة للجدل، سرعان ما تجد العشرات يتدخلون ويبدأون بالسب والقذف من دون سبب سوى الاختلاف في الرأي. وقد تعرضت إحدى زميلاتي مؤخراً لهجوم شنيع عبر…
آراء
الأربعاء ٢٩ أبريل ٢٠١٥
قبل أسبوع تحدى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الجميع حول مؤتمر دولي لسوريا وأصر على دعوة إيران: «الأمم المتحدة وأنا بنفسي نملك كامل الحق في دعوة الجميع، بما في ذلك إيران». لماذا يا سعادة المبعوث الدولي تدعو إيران وهي ترفض مقررات لقاءي جنيف السابقين؟ يبرر حرصه على إيران بحجة أن لها تأثيرا في سوريا! ونحن نقول له ما دام أن الدعوات توزع بناء على التأثير، ربما على الأمم المتحدة أن تدعو كذلك «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيين، فهذان التنظيمان يملكان من التأثير على الأرض أكثر من إيران وحلفائها! بعد كل هذه الأشهر من الانتظار منذ تعيينه في سبتمبر (أيلول) الماضي، قرر المبعوث الدولي أن يفرض إيران على السوريين في جنيف، إنما رياح الحرب على الأرض لا تسير كما يشتهي وإيران والأسد. فقد حقق الثوار هذه الأيام سلسلة انتصارات لم يُعرف مثلها منذ عامين تقريبا، حيث هُزمت قوات الأسد في إدلب، وجسر الشغور، ومعسكر معمل القرميد، وصار القتال على بعد أربعين كيلومترا من مدينة اللاذقية. وعكس الخوف في العاصمة دمشق سعر صرف الليرة الذي انحدر سريعا من 260 إلى فوق 300 ليرة للدولار الواحد. طبعا، من حق دي ميستورا أن يدعو للعشاء في جنيف من يشاء، كما يقول، لكنه بأسلوب إدارته ولغته الفوقية قتل المؤتمر قبل أن يلتئم. ولن يستطيع أن يفرض…
آراء
الأربعاء ٢٩ أبريل ٢٠١٥
بين ملايين البشر الذين عايشوا تجربة اصطراع الهويات في حياتهم، ثمة عدد ضئيل جدا حوّل هذه التجربة إلى مختبر للتفكير والتأمل العلمي والإبداعي. كان أمين معلوف واحدا من هذه الأقلية. ولد معلوف في جبل لبنان، وحين اندلعت الحرب الأهلية هاجر إلى فرنسا، حيث أصبح واحدا من أعلام الأدب فيها. «كثيرا ما سألني الناس: هل تشعر أنك فرنسي أم لبناني، وكنت أجيب: هذا وذاك». هكذا افتتح معلوف كتابه الشهير «الهويات القاتلة». لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد. بالنسبة لمفكر وأديب مثل معلوف، فالقضية تتجاوز وصف الذات أو تحديد المكان الاجتماعي، إلى التأمل العميق في معنى أن تكون اثنين في واحد، أو أن تنتمي لاثنين في آن واحد. ذلك أن الاثنين مجرد عنوان لسلسلة من التنوعات تختفي أحيانا تحت عباءة الثنائية المدعاة، لكنها تصارعها في أحيان أخرى. وجد معلوف صراعا كامنا في داخل عائلته، التي انقسمت بين من يتبع الديانة الكاثوليكية، ومن اختار نقيضها البروتستانتي، في ظرف الصراع الشديد بين الفريقين. ثم وجد نفسه مثقفا عربيا يستند إلى تاريخ ثقافي يشارك فيه مليار مسلم، لكنه ليس واحدا منهم على وجه الدقة. فلو صادفه أحد هؤلاء أثناء الحرب الأهلية التي أبعدته عن لبنان، فلربما قتله على الهوية. لكن الناس في أوروبا والعالم لا يعرفون هويته المسيحية، قدر ما يعرفونه كمفكر عربي. هذا…
آراء
الأربعاء ٢٩ أبريل ٢٠١٥
استلم هاتفي على نحو متكرر تسجيلاً مصوراً لمدرس في بلد عربي يصفع تلاميذ صغاراً من الأولاد والبنات، ما بين السادسة والسابعة من العمر، على وجوههم، ويضرب بعضهم بعصا في ساحة مدرسة. لقد بدا الأطفال الذين كانوا ينتظمون في صف طويل مستسلمين، ينتظرون دورهم لتلقي صفعة أو ضربة من العصا من يد هذا المدرس. وبدا هذا (أتردد في وصفه بالمدرس)، وقد شد قناع الجدية على وجهه بقسمات لا تلين، وهو يصفع الصغار والصغيرات واحداً تلو الآخر، وكأنه يفرغ شحنات غضب بداخله. وقبل حوالي شهور، تلقى هاتفي أيضاً، تسجيلاً قصيراً أيضاً لمدرسة في بلد من أميركا الجنوبية يصطف فيه المعلمون لتحية التلاميذ والتلميذات الصغار وهم يصلون إلى المدرسة صباحاً بطريقة «المخاشمة» الشائعة لدينا. ليس غرضي هنا أن أفتح نقاشاً أو مقارنةً بيننا وبينهم (على جاري العادة)، حول أفضل الوسائل في التربية وتنشئة الأطفال. لا ليس هذا غرضي، بل: «رصد اللبنات الأولى للفاشية في مجتمعاتنا». ما الذي يمكن أن يعنيه ذلك المشهد المقزز؟ ما الذي يمكن أن يتعلمه الأطفال ويستقر في نفوسهم من صفعات يتلقونها صباحاً على وجوههم؟ ما الذي يدفع رجلاً عهد إليه بتدريس الأطفال، لصفعهم على هذا النحو المهين والحاط للكرامة؟ لقد جادل جزء العاملين في سلك التعليم لعقود طويلة، أن العصا والضرب ضروريان لتقويم سلوك الأطفال.. وسخروا من نظريات التربية…
آراء
الأربعاء ٢٩ أبريل ٢٠١٥
يبدو أننا أصبحنا على موعد وشيك مع التجوال والسياحة عبر أنحاء المملكة العربية السعودية، من خلال القطارات. والبداية الجادة ـــ بعد القطار العتيق الواصل بين الرياض والدمام ــــ ستكون من خلال قطار الشمال، الذي سوف يبدأ الرحلات التجريبية لنقل الركاب في غضون أسابيع قليلة. وتقول الشركة السعودية للخطوط الحديدية "سار" إن التشغيل التجريبي لقطارات الركاب سوف يبدأ قريبا، ويفترض أن ينطلق هذا القطار الذي يسير بسرعة 200 كيلومتر ابتداء من الرياض مرورا بالمجمعة والقصيم وحائل والجوف وانتهاء بالقريات. ولا شك أن هذا الأمر ستصحبه ثقافة جديدة، تتعلق بالاندماج بشكل أكبر في وسائل النقل البرية العامة. ومن الملاحظ أن هناك زهدا من العائلات في السابق عن التنقل عبر الحافلات العامة بين المدن، ولكن هذا الأمر أقل في التعامل مع القطارات، إذ إن بعض الأسر تلجأ له في التنقل بين الرياض والدمام. وبظهور قطار الشمال وإتاحته للركاب خلال الأسابيع المقبلة، لا شك أن المزيد من الأسر ستتحمس لخوض التجربة، خاصة أن سرعة القطار الجديد معقولة جدا، كما أنه أكثر أمانا من السيارات، وفيه راحة ورحابة تتيحان مرونة في الحركة أثناء السير. كما أنه يمثل خيارا جديدا في ظل الزحام الذي تشهده خطوط الطيران. ومن يدري فقد نشهد يوما، فيلما سعوديا، يتحدث عن رحلة من الرياض إلى قريات الملح، وتتصاعد من خلاله رؤى…
آراء
الأربعاء ٢٩ أبريل ٢٠١٥
عصفت «عاصفة الحزم» بالكثير من الرؤى والآمال والأفكار المسبقة إلى مدى أوسع وأرحب بكثير مما كان يطمح إليه المتطلّعون. كنا نتطلع إلى تفعيل فكرة الإتحاد الخليجي، لكننا تنبهنا، وإن متأخراً، إلى أن أي صيغة للتعاون الخليجي لن تكتسب الاستقرار التام ولن تنخرط في التنمية المستدامة ما دام أن اليمن المجاور سيبقى وحده في هذه الجزيرة العربية كأنه الأخ غير الشقيق لبقية الدول الشقيقة! يجب أن نعترف الآن، أننا في مرحلة تاريخية سابقة، لها ظروفها وملابساتها، انشغلنا في سبيل تكوين وحدة إقليمية تجمعنا وتوحد صفوفنا وهمومنا بقاسم مشترك أصغر عن قاسم مشترك أكبر. الأصغر هو الخليج العربي، والأكبر هو الجزيرة العربية. هذا الخطأ الاستراتيجي في اختيار الرابط الوحدوي الأصح جعلنا نخسر اليمن من وحدتنا الصغرى... حتى كدنا الآن نفقدها من عروبتنا الكبرى. طوال التاريخ الثقافي، لم تتحدث كتب البلدان ومدونات الرحلات عن (الخليج العربي) مثلما تحدثت بإسهاب وشغف عن (الجزيرة العربية) أو (ARABIA) كما تسمّيها الوثائق الأجنبية. ظلّت شبه الجزيرة العربية، وهي بالمناسبة أكبر شبه جزيرة في العالم، مَعبراً دائماً للعديد من خطوط التجارة والثقافة بين الشرق والغرب، ما أكسبها أهمية استراتيجية دائمة، حتى اكتسبت أهميتها القصوى بظهور فجر الإسلام على أرضها، ثم تجددت الأهمية الاستراتيجية لها عند العالم بأسره بتدفق قطرات النفط على أرضها. تقع الجزيرة العربية على مساحة تفوق…
أخبار
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠١٥
لن تخبو نار الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي أبداً، بل على العكس، يتأجج لهيبها أكثر وأكثر. وقريباً جداً، سيصبح أكبر هاجس يؤرقنا كأباء وأمهات هو تشهير أبنائنا لأنفسهم بأنفسهم في مواقع التواصل الاجتماعي. وسنجد من الصعب إقناعهم بتجنب تصوير أنفسهم وتفاصيل حياتهم ونشرها على الملأ ضمن مواقف قد تستخدم ضدهم في المستقبل. وبما أنهم أطفال ومراهقين، فحتماً لا بد أن يرتكبوا حماقات ويأتوا بما نصرّ عليهم بأن يبتعدوا عنه، ولكن في كثير من الحالات، يتم تسجيل هذه المواقف صوتاً وصورة، وتنشر لتبقى في فضاء الإنترنت إلى ما لا نهاية. نحمد الله أن التقنية لم تصل إلى ما هي عليه الآن عندما كنا صغاراً، وإلا لكانت "خوادم" شبكات التواصل الاجتماعي تزدحم اليوم بالعديد من المواقف المحرجة و"الفضائح" لكثير ممن هم بيننا الآن. ويمكننا أن نقول بارتياح كبير أن ما اقترفه جيلنا والأجيال السابقة له من حماقات قد "ذهب مع الريح"، ولا أثر لتلك المواقف سوى ذكريات في رؤوس القلة القليلة التى عايشتها. بل إن الكثير منهم قد نسوا تلك المواقف في خضم مشاغل الحياة، أو بسبب الذاكرة البشرية المتواضعة مقارنة بذاكرة الحاسوب و"الإنترنت" والأجهزة "الذكية" إلى آخر تلك المسميات. لكل زمن سخافاته، ولكن سن حماقاته التي تبدو أكبر مما هي عليه، إذا حكمت عليها بمعايير الزمن اللاحق، أو مرحلة عمرية تالية،…
آراء
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠١٥
لم يتفـــاعل «التجمع اليمني للإصلاح» مع «عاصفة الحزم» إلا في الثاني من نيسان (أبريل)، بعد أن حسم تردده في التعامل مع الوضع المستجد، ووجد أن الخيار الوحيد هو الاصطفاف مـع السعودية، يقيناً بأن حملة التحالف ستغير المشهد، وستعيد ترتيب التحالفات الداخلية بصورة مغايرة، خصوصاً أن الصمت لم يعد مقبولاً، إذ يندرج في طور التأييد للحوثي وصالح. منذ اقتحام الحوثي صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر)، كان تدمــير «الإصلاح» من أبرز أهدافه، ولم يتوقف عن ملاحقة قياداته، ودهم مراكزه المختلفة. حينها راجت مقولات أن السعودية تريد القضاء على «الإصلاح»، وأن تأييد مجلس التعاون اتفاق السلم والشراكة كان من أجل منح الحوثي مزيداً من الحركة. لا حاجـــة للاستفاضة في ذلك، لأن مجلس التعاون دعم الخيار اليمني وقتها حرصاً على أمنه وتماسكه، ولم يكن «الإصلاح» مصدر قلق أو هماً بأي شكل، لذلك فإن هذه التبريرات كانت تغطية لضعف واضح وارتباك حاد داخل الحزب نفسه. منذ أن أعلن الحزب دعمه «عاصفة الحزم» لم يقم بأي نشاط ميداني سوى الاستعراض بأسماء المعتقلين من قياداته، وتكرار أن السبب موقفه الإيجابي من العاصفة، بينما الاعتقالات لم تنقطع ولم تتوقف، وإن كانت وتيرتها ربما زادت بعد إعلان التأييد. ما سبب صـمت الحزب وانكفاؤه حتى الآن؟ هل يخشى على كوادره مزيداً من الاعتقالات، أم أنه لا يملك قدرة على تحريك…
آراء
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠١٥
انتهت «عاصفة الحزم» بعدما حققت أهدافها وانتصرت للشرعية وأعادت الهيبة للإنسان العربي والمواطن الخليجي، من المعروف أن الأنظمة الخليجية مقارنة بغيرها من الدول تسعى دائماً إلى وحدة الصف العربي والتآلف الإقليمي والتعاون مع المجتمع الدولي؛ لتحقيق السلام والأمن العالميين، ولكن مثل هذا التعامل يفسر من بعضهم بأن دول الخليج دول ضعيفة، وهذا التأويل هو القشة التي قصمت ظهر البعير الفارسي، بل إن العجرفة الإيرانية دفعت دول مجلس التعاون إلى ركوب الأسِنَّة، فحينما يتمادى نظام الملالي في تهديده للأمن القومي الخليجي والعربي، ويندفع في استباحة كرامة المواطن العربي في العراق وسورية واليمن، هنا وَجَبَ على دول الخليج العربي بقيادة المملكة التصدي لهذا الخطر وهذه العدوانية. ولكن السؤال القائم الآن: هل انتهت الحرب؟ أقول هنا: انتهت الحرب العسكرية محققة أهدافها، وستظل الحرب الإعلامية قائمة والتي لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية، بل يجب أن تتبنى دول الخليج بمؤسساتها الرسمية والأهلية مشروعاً ثقافياً وإعلامياً؛ لنقل المعركة الناعمة إلى الداخل الإيراني؛ لأن التأثير الفكري والثقافي أكثر خطراً في النظام الإيراني؛ بسبب المكونات الاجتماعية المكونة للمجتمع الإيراني، والتي تتكون من أقليات وطوائف وعرقيات متعددة، قد لا تكون جميعها منصهرة في النسق الوطني الإيراني، بل إن بعضها تطالب بحقوقها والتي قد تصل إلى المطالبة بالانفصال، ولكننا -للأسف- لا نعمل بشكل منهجي لمعرفة التفاصيل والتوجهات لتلك الأقليات…
آراء
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠١٥
من السهل أن يقتنص الشرير الشخصية الضعيفة ويخضعها تحت سيطرته، ومن السهل أيضا أن يبرمجها على العنف والعدوان، حتى تتهاوى داخلها كل القيم الدينية والإنسانية، فلا تصبح لديها قيمة لأي محرم أو مقدس، بل تصبح شخصية مختلة رسميا لا تعرف سوى الحقد والكراهية، يعدم داخلها كل مظاهر للحياة الطبيعية، وهذه الشخصية الإرهابية يرمز لها هذه الأيام بالشخصية "الداعشية"، التي تعكس النفس الشاذة المصابة بمرض الإجرام البربري الذي حول صاحبها إلى مسخ يقتل الإنسان داخل جسده ويحتفل على جثته. وهؤلاء الأشخاص لا ينبتون من الأرض فجأة بل يعيشون بيننا، وتظهر لديهم علامات الجنوح في سن مبكرة عادة ما يقلل من أهميتها المحيطون بهم من آباء وأقارب، مطمئنين أنفسهم بأنهم حين يكبرون سيعقلون، ولكن ما حدث في الرياض كان عكس ذلك حين خرج علينا المجرمون الذين أطلقوا النار على الدوريات الأمنية ليودوا بحياة جنديين مخلصين من رجال هذا الوطن كانا يسهران على حمايتنا "نسأل الله أن يتقبلهما من الشهداء". في الشهر الماضي ردت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض دعوى لإدانة متهم بعد ورود تقرير طبي يتضمن إعفاءه من المسؤولية الجنائية عما قام به من جرائم مثل "اعتناق فكر ومنهج تنظيم القاعدة الإرهابي وتكفير الدولة والاعتداء على أحد رجال الأمن وإطلاق النار على عدد من الدوريات الأمنية ورجال الأمن في القنصلية الأمريكية والصينية…
آراء
الثلاثاء ٢٨ أبريل ٢٠١٥
شكلت هزيمة الشاه إسماعيل الصفوي في واقعة شالديران 1514 أمام السلطان العثماني سليم الأول، الحد الفاصل بين نهاية إمبراطورية وولادة أمة، هذه الأمة التي تكونت من مجموعات عرقية مختلفة لكل واحدة منها عمقها الجغرافي وامتداداتها الثقافية والدينية وتقاليدها الاجتماعية، والتي شكلت مجتمعة أهم عوامل استقواء الأطراف على المركز، ومنبعا للكثير من الثورات على السلطة الحاكمة، كما كانت معبرا شبه آمن للغزاة، منذ سيطرة السلاجقة الأتراك السنة على الهضبة الإيرانية، حتى وصول الأسرة الصفوية التركية، التي اعتنقت المذهب الشيعي، إلى الحكم. أدى التشييع الصفوي لإيران الذي بدأ سنة 1502 إلى توحيد هذه المجموعات العرقية في الدولة الواحدة، فتغلب بذلك طابع التماسك المذهبي على التعصب القومي، مشفوعا بعدم وجود أغلبية قومية مطلقة. فغدت وحدة اللغة الرسمية للدولة على الأقل ثم وحدة المذهب على مساحة أقل امتدادا من قبل شالديران، حاجة ضرورية لتحجز هذه الأمة الوليدة، مكانا لها على خريطة العالم، وقدرا لا مهرب منه لإبراز إرادتها والدفاع عن تميزها وسط عالم تركي مترامي الأطراف من هضاب الأناضول إلى آسيا الوسطى، وعالم عربي على طول حدودها الغربية، وعمق هندي على حدودها الشرقية. إلا أن وحدة اللغة والمذهب لم تكف لتبدد الهواجس الناشئة عن اختلاف الجوار لغة ومذهبا، وتماسكه القومي بعكسها، فاعترتها أعراض القلق من الآخر والتوجس من الند مما أدى إلى دخولها في…