آراء

آراء

ضوء على «البجيري»

الإثنين ١٣ أبريل ٢٠١٥

تختصر تجربة إنشاء حي البجيري في الدرعية، الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز صيغة مهمة في استلهام التراث وتحويله إلى منتج سياحي واقتصادي يربط الماضي بالحاضر. هذا نموذج مهم، رأيناه في جدة التاريخية، وفي العلا أيضا.. ومواقع أخرى. هذه الصور في جدة التاريخية، وفي الدرعية، تعطي نموذجا لكيفية إعادة صياغة الموجود على أرض الواقع وتأهيله وإتاحته للجمهور. من المؤكد أن هذا المشروع سيغدو نموذجا ملهما، خاصة أن البجيري يمثل العتبة الأولى تواكبها مشاريع أخرى في إطار تطوير الدرعية التاريخية تحمل شعلتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والآثار. الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار عضو اللجنة العلـــيا لتـــطوير الدرعية كشف في كلمته أمام الملك “أن الدرعية سيتبعها مشاريع مماثلة في مواقع التاريخ الإسلامي ومواقع تاريخ الدولة الحديثة والمواقع الأثرية وشواهد العصور المتعاقبة التي تحفظ أهمية موقع بلادنا في التاريخ الإنساني”. من المؤكد أن العاصمة السعودية الرياض محظوظة بوجود هيئة تطوير مدينة الرياض، وهي التي أسسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، عندما كان أميرا على الرياض، فاستطاعت أن تكون ذراعا مهمة، أسهمت في بناء الرياض العاصمة من خلال رؤية تجمع بين الأصالة والمعاصرة. لقد كان جهد هيئة تطوير مدينة الرياض، ملموسا، ويستحق التنويه، خاصة وهي تستحضر الهوية التراثية والعمرانية من…

آراء

ستة عشر يومًا من «الحزم»

الأحد ١٢ أبريل ٢٠١٥

حين اتخذ الملك سلمان القرار بأن تتولى المملكة العربية السعودية قيادة تحالف «عاصفة الحزم» كان مستندًا لطلب من الرئيس هادي، وبناءً عليه تم تحديد أهداف المعركة، وعلى رأسها مساندته في استعادة الشرعية الدستورية التي لم يشكك فيها أحد إلا جماعة الحوثيين التي انضم إليها علانية «المؤتمر الشعبي العام» الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ثم صارا شريكين في الحرب الدائرة على امتداد اليمن. بغض النظر عن الانتقادات التي وجهت لأداء الرئيس هادي ومسؤوليته بحكم موقعه عن جانب كبير من سوء إدارة الفترة الانتقالية، فإن هذا لا يعني بحال من الأحوال القبول بمنطق الذين خرجوا على شرعيته المتوافق عليها منذ 21 فبراير (شباط) 2012، وليس مبررًا ولا معقولاً تلك الإجراءات التي واجهت بها جماعة الحوثيين أغلبية المجتمع اليمني، وصارت تفرض معها قراراتها على الأرض، مستندة إلى قوة السلاح وحده بعد أن أغراها ضعف الآخرين واستكانة الرئيس هادي لكل مطالبهم المتتالية، ما كان مفاجئًا حقًا هو الاتفاق بينهم وبين «المؤتمر الشعبي العام»، وتحديدًا الرئيس السابق صالح الذي وصل إلى حد التماهي، ما جعل الوضع يبدو كأن الفريقين يعملان بقيادة واحدة ولهدف واحد هو الاستيلاء على السلطة مهما كلف الثمن، وأيًا كانت الخسائر البشرية. اليوم، لم يعد غامضًا حجم الخسائر التي سيدفع أثمانها اليمنيون بشريًا ونفسيًا واجتماعيًا وماديًا، ومن المحزن إلى…

آراء

عاصفة الحزم والاتفاق النووي

الأحد ١٢ أبريل ٢٠١٥

هناك ما يشبه الإجماع على أن انطلاق عاصفة الحزم قبل أيام من إعلان الاتفاق النووي مع إيران كان خطوة استباقية محسوبة للإمساك بتداعيات هذا الاتفاق في الجزيرة العربية والخليج العربي قبل أن تفرض مفاعيلها على دول المنطقة ككل. وهذا يؤكد أن القضية المركزية في الاتفاق هي قضية سياسية قبل أن تكون قضية تقنية. لماذا؟ لأسباب ثلاثة. الأول أن الاتفاق يمنع إيران من تصنيع سلاح نووي لمدة تتراوح بين 10 و15 سنة. وهذه فسحة زمنية كافية تسمح للدول العربية بالاندفاع لتطوير البنية التحتية وامتلاك المعرفة والتكنولوجيا النووية ليس فقط لأغراض سلمية، وإنما أيضاً لامتلاك القدرة على تصنيع سلاح نووي في حال تطلب الأمر ذلك. يمكن للدول العربية الاستفادة من النموذج الياباني بأن تكون عند حافة امتلاك خيار تصنيع السلاح النووي، وهو ما بات يعرف بـ «A Nuclear –Threshold State». طبعاً بإمكان السعودية ودول الخليج القبول بدلاً من ذلك بخيار «المظلة النووية» الأميركية. لكن هذا الخيار لم يعد متاحاً كما كان عليه قبل أكثر من ثلاثة عقود، فضلاً عن أنه سيضع قيوداً على حرية الإرادة السياسية للسعودية ودول الخليج، وعلى قدرتها على المناورة خارج إطار الحسابات والمصالح الأميركية. والاستقرار على أي من هذه الخيارات يتطلب قراراً سياسياً قبل أي شيء آخر. السبب الثاني أن التهديد الأخطر الذي تمثله إيران هو مشروعها الطائفي…

آراء

رحم الله الفؤاد

الأحد ١٢ أبريل ٢٠١٥

لا أعتبر نفسي متجاوزا، وأنا أؤكد أن طلاب العلم في مكة المكرمة أصبحوا الخميس الماضي على خبر من أكثر الأخبار حزنا عليهم، ألا وهو انتقال فضيلة الشيخ الدكتور فؤاد بن محمود سندي إلى رحمة الله. الفقيد الراحل يعد أحد العلماء والمربين الكبار، ومن الذين استطاعوا أن يجسدوا للمجتمع وبكل وضوح، كيف أن الإنسان كلما ازداد تمكنا من علمه ازداد تواضعا، وازداد قربا من الناس، وازداد زهدا في عالم الأضواء. كل طلاب الدكتور الذين درسوا على يديه في المدارس يعترفون بفضله عليهم، ويشهدون له بتشجيعه المستمر لهم، وتحبيبه اللغة والأدب إلى قلوبهم، كل ذلك يفعله مع ابتسامة لا تكاد تفارقه. شخصيا عرفت الراحل في مجالس العلم، وأتذكر ارتياده لها، وكانت لي فرصة استضافته مرات عديدة في لقاءات علمية متعددة، وكان دائما ما يترك في الحضور أثرا مستمرا، إن بالفوائد اللغوية التي تنساب منه بكل سلاسة، أو بالطريقة الجميلة التي ينتهجها في الحديث. الدكتور - رحمه الله - بعد مرحلة تقاعده، وتحرره من الروتين لم يركن إلى (القعود)، بل بدأ بعدها، وخلال أربعة عشر عاما مشوارا علميا مميزا، أخرج فيه للمهتمين جل علومه التي نهلها من حلقات المسجد الحرام، والمعهد العلمي السعودي، وجامعة الملك سعود، وجامعة الأزهر التي نال منها درجة الماجستير في النحو والصرف، فالدكتوراه في اللغويات مع مرتبة الشرف قبل…

آراء

«الحوثيون».. وتراث اليمن

الأحد ١٢ أبريل ٢٠١٥

دخلت السينما إلى اليمن عام 1918، ولكن البلاد خلت من أي دار سينما عام 2014.. بعد أكثر من قرن. «لا توجد اليوم دار سينما واحدة تعمل في اليمن»، استغاثت وزيرة الثقافة اليمنية «أروى عبده عثمان» شاكية لصحيفة الشرق الأوسط قبل أشهر وأضافت أن الخطوات التي تعمل عليها حالياً هي القيام بعملية إحصاء عدد دور السينما التي دمرت أو التي نهبت أو التي أصبحت في أيدي قوى النفوذ، وتحولت إلى مجمعات ومراكز ليست لها علاقة بالسينما أو الثقافة، وقالت «الدولة ورجال المال والأعمال والدول المانحة ستقوم بمساعدتنا من أجل استنهاض دور السينما من جديد، بعض دور السينما تحولت إلى متاجر لبيع القات أو إلى مأوى للكلاب والمشردين». اشتكت الوزيرة من أن دمار وإغلاق هذه الدور كان بسبب الجماعات المتطرفة وعداء النظام السابق للثقافة عموماً، وقد مُنعت فرق الفنون الشعبية من العمل وأضافت: «على الدولة وقوى المجتمع المدني أن تقف معنا وإلا فسوف نتحول إلى قندهار أخرى وإلى جزء من ظلامية القرون الوسطى، لا يليق باليمن أنه في 2014 تُكفّر الثقافة والتراث الشعبي - ويمنع أو يحرم - حتى المزمار». ولم تسعف الظروف السيدة الوزيرة في تحقيق شيء من مخططها الثقافي الطموح، وزحف الحوثيين على الدولة، واستقالة الحكومة، حيث اتهم مثقفون يمنيون، فيما نقلت الصحافة نائبة وزيرة الثقافة وهي الشاعرة اليمنية هدى…

آراء

لبنان و«حزب الله» والمصائر!

الأحد ١٢ أبريل ٢٠١٥

منذ مقتل الرئيس رفيق الحريري عام 2005، وانسحاب الجيش السوري من لبنان في العام ذاته، اعتبر "حزب الله" نفسه وريثاً لنظام الغَلَبة السوري. وقد حاول الحزب الوصول للاستيلاء بعدة وسائل: أول هذه الوسائل الانتخابات النيابية عام 2005. وقد فشل في الحصول على الأكثرية فيها. ولذلك فقد التفت إلى الغَلَبة في الحكومة وعليها بعدة وسائل أيضاً: خروج الوزراء الشيعة جميعاً من الحكومة بحيث اعتبر نبيه بري رئيس مجلس النواب أنّ الحكومة ما عادت ميثاقية(!) رغم وجود أكثرية في مجلس النواب المنتَخَب داعمة للحكومة. وحسبْنا وقتها أنّ السبب في ذلك منع الحكومة من إقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قَتَلَة الرئيس الحريري. وترجَّح لدينا هذا الظنّ بإقدام نبيه بري على إقفال مجلس النواب لثمانية عشر شهراً لمنْع الأكثرية من الاجتماع واتخاذ أي قرار بما في ذلك إقرار الموازنة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد انقضاء التمديد للجنرال لحود الذي أرغم عليه السوريون عام 2004. وعندما تعذّر عليهم إسقاط الحكومة، عمدوا لاحتلال بيروت بالسلاح بعد محاصرة السراي الحكومي لعامٍ ونصف العام. وهو الاحتلال الذي شاركت فيه إلى جانب ميليشيا الحزب ميليشيات نبيه بري والحزب السوري القومي وميليشيات أصغَر بعضُها لسياسيين سنة "ودروز"، زودهم الحزب بالسلاح والمال. ومعروفٌ ما حصل بعد ذلك. فقد ذهب الجميع للدوحة بقطَر، وجرى اتفاق سياسي وأمني (يشبه اتفاق السلم والشراكة الذي أرغم…

آراء

جعجعة خامنئي

السبت ١١ أبريل ٢٠١٥

هجوم المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي على السعودية متوقع ومنتظر، وما شتائم وكيله اللبناني حسن نصر الله المتكررة إلا تمهيد لسيده في طهران، وحتى الألفاظ غير الدبلوماسية والاتهامات الخطيرة التي أطلقها خامنئي، مثل: «جريمة وإبادة جماعية»، و«مرغ أنف السعودية في التراب»، وتشبيه «عاصفة الحزم» بإسرائيل، لا تصدر ممن يقدم نفسه زعيمًا سياسيًا لدولة ويفترض أنها كبرى. الحقيقة أن إيران بنظامها وبمرشدها الأعلى لا تملك إلا رفع الصوت عاليًا، أما على الأرض، فليس لهم تأثير عسكري مباشر ممكن أن يقلق «عاصفة الحزم»؛ العكس هو الصحيح، فالدول المتحالفة ضد الحوثيين هي من تقلق المشروع الإيراني في المنطقة.. كثيرًا. لماذا هجوم المرشد الأعلى جعجعة لا أكثر؟ لأن إيران - ومنذ أول وآخر حرب قامت بها، وهي الحرب العراقية الإيرانية التي انتهت عام 1988، والتي استمرت ثماني سنوات بين كر وفر لم يتفوق فيها طرف على الآخر - لم تشارك لا في حرب ولا معركة تمنح قواتها الخبرات العسكرية اللازمة، بخلاف دول الخليج التي شاركت في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي، كما شاركت مؤخرًا في التحالف الدولي ضد الإرهاب في العراق وسوريا، بل حتى المناورات العسكرية التي ترفع بها مستويات قواتها العسكرية عندما تقيم مناورات مع دول أقوى منها عسكريًا.. إيران وحدها التي تجريها بين قواتها دون مشاركة دول كبرى، ولا حتى…

آراء

عاصفة غيّرت واقعًا وتكتب تاريخًا!

السبت ١١ أبريل ٢٠١٥

عندما يتحدث باراك أوباما عن الاتفاق النووي مع إيران، واصفًا إيّاه بأنه «فرصة العمر»، فإنه يلحس كل ما قاله منذ بداية ولايته الأولى، عن أن حل أزمة الشرق الأوسط عبر إقامة الدولة الفلسطينية هو فرصته التاريخية لترجمة شعار «التغيير» الذي حمله إلى البيت الأبيض. صحيح، الاتفاق هو «فرصة العمر»، لكن للإيرانيين لا لأوباما ولا للمنطقة ودول الإقليم، التي تتمادى إيران في التلاعب بشؤونها الداخلية، وقد وصل بها الأمر إلى حدّ المباهاة بأنها باتت تسيطر على أربع عواصم اختارت منها بغداد لتكون عاصمة إمبراطوريتها! ومع رفع العقوبات ستحصل إيران على 150 مليارًا من الدولارات التي احتجزتها العقوبات، ومع تهافت الشركات النفطية وانفتاح السوق ستتعرض إلى غزو كثيف من الاستثمارات ورجال الأعمال، وكل هذا سيخلق بيئة مستجدة تفرض التنفس في بلد مخنوق، ولهذا كان الملالي يستشيطون غضبًا وهم يتابعون المظاهرات الحاشدة التي خرجت لاستقبال محمد جواد ظريف ورفاقه العائدين من لوزان، والتي لا تعكس حماسة لظريف، بل تعكس أملاً في تغيير جدي يفتح الأبواب المغلقة على هواء جديد وعلى الحرية. الحشود الشبابية الصاخبة التي خرجت إلى الشوارع في طهران ذكّرتني بما حدث في شهر أغسطس (آب) من عام 1969، عندما قام الرئيس ريتشارد نيكسون بزيارة الرئيس الروماني تشاوشيسكو، يومها خرج أكثر من 300 ألف روماني لاستقباله، وعندها سأل نيكسون: إلى هذا الحدّ…

آراء

هواجس شباب نجران

السبت ١١ أبريل ٢٠١٥

كنا نتكئ على ظهر جبل يستقر جانبه الآخر في اليمن والليل يوشك أن ينتصف، كان الحديث صاخباً مع نخبة من شباب نجران لا يقطعه سوى أزيز طائرة تعبر من فوقنا. لم يكن الحديث عن الجانب الآخر من الجبل أو الحرب وتداعياتها، بل كيف يجب أن تكون نجران المستقبل؟ وماذا ينقصها لتصبح أكثر اكتمالاً وحيوية؟ الشباب كانوا مزيجاً فريداً من أصحاب الأعمال والمثقفين والصحافيين والموظفين، يفتحون سجالات رشيقة الحركة كثيرة التنوع، ما يرسخ الطبيعة المتناغمة لهذه المنطقة، وحيويتها الثقافية القائمة على قابلية الاختلاف واحترامه، والقادرة على احتواء الجميع بروح تسامحية عالية تحوي كل الشرائح المختلفة المتدفقة إلى نجران عملاً وطلب رزق، والمستقرة فيها حباً واستئناساً بأخلاق أهلها وضيافتهم الغامرة. جامعة نجران الفتية والجميلة ضخّت إلى السوق دفعتها الأولى من الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة، وقبل ذلك نحو ثلاث دفعات من خريجي التمريض في فعل يتجاوز عمرها القصير، يريدها هؤلاء الشباب أن تنشط في المجال الاجتماعي، وأن تكون أكثر اقتراباً منهم وصلة بهم، يريدونها مركزاً ثقافياً مفتوحاً يبرز الطاقات الثقافية الفياضة للشباب حتى تنال حنجرة الإبداع ما تستحقه من مدى مكان وفضاء زمن. أين الخوف؟ لا يعرفونه حتى كأن مساكن بعضهم التي لا تبعد سوى كيلومتر واحد عن الحدود تبدو لفرط الثقة والتفاؤل نائية عن الأحداث مسافة الشرق عن الغرب، لولا جولات الطائرات…

آراء

أميركا بين إيران والعرب

السبت ١١ أبريل ٢٠١٥

كان واضحاً من صور المستقبلين والمستقبلات في إيران، وزير الخارجية محمد جواد ظريف وأعضاء الوفد المفاوض العائد من «لوزان» إلى طهران، أنّ هؤلاء لا يشبهون الجموع التي تحتشد في العادة لتحيّة المرشد علي خامنئي أو الرئيس السابق أحمدي نجاد، هاتفة بما وسعها من قوّة: «الموت لأميركا». بل كان واضحاً، في المقابل تماماً، أن هؤلاء الذين نقلت التلفزيونات صورهم وحماستهم، هم جمهور «الثورة الخضراء» التي قامت وقُمعت في 2009، وقبلها جمهور الرئيس السابق محمد خاتمي. فهم مرتخو الأعصاب، زاهون وملوّنون وبعيدون عن التشنّج. وإذا صحّ أن هؤلاء متلهفون بكل تأكيد لرفع العقوبات الاقتصادية الغربية عن بلدهم وشعبهم، فأبعد من هذا أن مسألة العقوبات هنا لا تعدو كونها رمزاً لمسألة أكبر عنوانها العلاقة بالغرب، ليس سياسة فحسب، بل أساساً في الثقافة والقيم والتقنية، لا سيما الجانب الاتصالي منها. فكما أشار أكثر من كاتب ومعلق في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي خارجهما، تعبت قطاعات واسعة من الإيرانيين من الحصار ومن العزلة، ولكنها تعبت، فوق ذلك، من نظام يسحق فردية الفرد الإيراني وحريته وبعض حقوقه الأساسية، فارضاً عليه إيديولوجية لا يد له فيها، بل فارضاً عليه أعباء مادية باهظة التكلفة في مواجهات وحروب إقليمية لا تثير شهيته. وحتى أكثر هؤلاء انزعاجاً من السياسة الأميركية حيال إيران، يرون أن المسألة استنفدت أغراضها، وأنه حان الوقت كي…

آراء

الاتفاق الإطاري والمطالب الإيرانية

السبت ١١ أبريل ٢٠١٥

تمكنت دول ما درج على تسميتها بـ(5+1) التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية من التوصل إلى اتفاق إطاري مع إيران بشأن برنامجها النووي يتم على أساسه استمرار التفاوض بين هذه الأطراف في سبيل التوصل إلى اتفاق نهائي حول هذا البرنامج المثير للجدل في الصيف المقبل. ومن حيث المبدأ رحب العالم أجمع، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن بحذر شديد، بهذا الاتفاق على أساس أنه خطوة جيدة قد تقود في المستقبل إلى أن تستوعب إيران بأن سعيها إلى تصنيع الأسلحة النووية أمر غير مرحب به على الإطلاق ويرفضه العالم. وفي تقديرنا أن الطريقة التي تم الإعلان بها عن هذا الاتفاق الإطاري بأنه تم على عجل وبأي ثمن، خاصة من قبل الإدارة الأميركية التي تسير ولايتها نحو الانتهاء بعد عدة أشهر، وتريد أن تترك لنفسها نجاحاً في المنطقة العربية وجوارها الجغرافي. إن السؤال المهم في هذا المقام هو: ما الثمن الذي تريده إيران في مقابل تغيير وجهة نظرها حيال إقدامها على تصنيع الأسلحة النووية؟ وهل بإمكان المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة دفع هذا الثمن مع العلم بأن قائمة المطالب الإيرانية طويلة جداً؟ وقد يستغرب القارئ من القول بأن قائمة المطالب الإيرانية طويلة جداً، وربما أن البعض منها ليس في يد الولايات المتحدة والدول الغربية مجتمعة تقديمها لإيران في مقابل تخليها عن…

آراء

الدرعية: الرمز الحضاري والمسيرة الوطنية

الجمعة ١٠ أبريل ٢٠١٥

الحديث عن أحداث مفصلية أسهمت في تغيير ملامح التاريخ المعاصر لا بد أن يصاحبه حديث عن المكان الذي احتضنها، وأكتب اليوم بمناسبة انطلاق المرحلة الأولى من مشروع تطوير الدرعية، المدينة الوادعة بمحاذاة وادي حنيفة، شريان الحياة الذي تشكلت على ضفتيه أغلب المستوطنات البشرية في قلب الجزيرة العربية. في هذه البلدة تكونت الدولة السعودية الأولى، وانطلقت على يد مؤسسها الإمام محمد بن سعود منذ نحو ثلاثة قرون، لتكون المبادئ الأساسية التي قامت عليها وحدة المملكة، ولا تزال، فتَجَدُّد هذه الدولة لثلاث مرات على ذات القيم والمبادئ التي شكلت هذه البلاد هو الأساس المتين الذي تقوم عليه المملكة في الوقت المعاصر. في الدرعية كانت بداية الوحدة، ونحن اليوم مع قائد هذه الأمة المباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفيد مؤسس الدولة الأولى وابن مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة الملك عبد العزيز، رحمه الله، نحتفل بإطلاق المرحلة الأولى من مشروع تطوير الدرعية في حي البجيري، الذي ستعقبه مراحل مهمة، أهمُّها افتتاح حي الطريف، موقع التراث العالمي، بعد إعادة تأهيله ليكون مكانًا يعيش فيه المواطنون تاريخ تأسيس وطنهم، خاصة الشباب منهم والزوار، المكان الذي بدأت منه انطلاقة هذه الدولة المباركة المستقرة، التي تبوأت موقعًا في الصدارة بين أمم العالم. ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - اهتمامات…