منوعات
السبت ١٥ أكتوبر ٢٠١٦
القطة الصغيرة التي ظهرت فجأة أمام عدسة الكاميرا كانت تتثاءب. لعلها استيقظت للتو. لكنها، بالتأكيد خاسرة، فكل السمك بات مفروداً على سطوح خشبية نظيفة، ولن يكون لها حظ التقاط واحدة تنزلق عن عربة التحميل من دون أن ينتبه ناقلها. الساعة الخامسة والنصف صباحاً بتوقيت مدينة دبي: ثمة طائرة "إيرباص" في السماء عليها علامة "طيران الإمارات"، وثمة حمام يطير فوق الأسطح التي لم تبرح مكانها ولا "سكيكها" منذ أكثر من 80 سنة. المحال لم تفتح أبوابها بعد، لكن خلال ساعات قليلة، سوف يصبح هذا المكان في منطقة "ديرة" في قلب دبي التاريخي، مسرحاً لكل أنواع العروضات الصاخبة: باعة ومتجولون ورائحة بهارات فواحة ورطوبة خفيفة تحمل نكهة ملح البحر المقيم في الخور وصوت محركات سيارات وعجلات عربات الحمالين تئز قرب الأرصفة، حتى إن القطة قد تموء كثيراً قبل أن ينبته أحد إلى صوتها، وسط هذا الصخب. قبل الملح والبهار "سوق السمك" يستيقظ قبل ذك كله. السمك قبل البهار والحمام والملح. عشاقه يسعون إليه باكراً، طازجاً وغنياً بفائدة البحر وخيره. لا يمكن التأخر في "حصد" محصول السمك، عن موعد شروق الشمس. السمك هو شمس البحر وأقماره"، يقول العجوز الذي يجلس على "دكته" الخشبية، كما اعتاد أن يفعل طوال الخمسين سنة. يبدو في مزاج رائق هذا الصباح وابتسامته ندية مثل عباءته البيضاء التي تضفي…